تفسير الطبري تفسير الصفحة 238 من المصحف

 تفسير الطبري - صفحة القرآن رقم 238
239
237
 الآية : 23
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {وَرَاوَدَتْهُ الّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نّفْسِهِ وَغَلّقَتِ الأبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللّهِ إِنّهُ رَبّيَ أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنّهُ لاَ يُفْلِحُ الظّالِمُونَ }.
يقول تعالـى ذكره: وراودت امرأة العزيز وهي التـي كان يوسف فـي بـيتها (يوسُفَ) عن نفسه أن يواقعها. كما:
14601ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا سلـمة, عن ابن إسحاق: ولـما بلغ أشدّه راودته التـي هو فـي بـيتها عن نفسه: امرأة العزيز.
14602ـ حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا عمرو, قال: حدثنا أسبـاط, عن السديّ: وَرَاوَدَتْهُ التـي هُوَ فِـي بَـيْتِها عَنْ نَفْسِهِ قال: أحبته.
14603ـ قال: ثنـي أبـي, عن إسرائيـل, عن أبـي حصين, عن سعيد بن جبـير, قال: قالت تعاله.
وقوله: وَغَلّقَتِ الأبْوَابَ يقول: وغلّقت الـمرأة أبواب البـيوت, علـيها وعلـى يوسف لـما أرادت منه وراودته علـيه, بـابـا بعد بـاب.
وقوله: وَقالَتْ هَيْتَ لَكَ اختلفت القرّاء فـي قراءة ذلك, فقرأته عامة قرّاء الكوفة والبصرة: هَيْتَ لَكَ بفتـح, الهاء والتاء, بـمعنى: هلـمّ لك وادن وتقرّب, كما قال الشاعر لعلـيّ بن أبـي طالب رضي الله عنه:
أبْلِغْ أمِيرَ الـمُؤْمِنِـينَأخا العِراقِ إذَا أتَـيْتا
أنّ العِرَاقَ وأهْلَهُ عُنُقٌ إلـيكَ فهَيْتَ هَيْتا
يعنـي: تعال واقرب.
وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك تأولّه من قرأه كذلك:
14604ـ حدثنـي مـحمد بن عبد الله الـمخرمي, قال: حدثنا أبو الـجوّاب, قال: حدثنا عمار بن زريق, عن الأعمش, عن سعيد بن جبـير, عن ابن عبـاس: هَيْتَ لَكَ قال: هلـمّ لك.
حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا عبد الله بن صالـح, قال: ثنـي معاوية, عن علـيّ, عن ابن عبـاس, قوله: هَيْتَ لَكَ قال: هلـمّ لك.
حدثنـي مـحمد بن سعد, قال: ثنـي أبـي, قال: ثنـي عمي, قال: ثنـي أبـي, عن أبـيه, عن ابن عبـاس, قال: هَيْتَ لَكَ تقول: هلـمّ لك.
14605ـ حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا حجاج, قال: حدثنا حماد, عن عاصم بن بهدلة, عن زرّ بن حبـيش, أنه كان يقرأ هذا الـحرف: هَيْتَ لَكَ نصبـا: أي هلـمّ لك.
حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي حجاج, قال: قال ابن جريج, قال ابن عبـاس, قوله: هَيْتَ لَكَ قال: تقول: هلـمّ لك.
14606ـ حدثنـي أحمد بن سهيـل الواسطي, قال: حدثنا قرة بن عيسى, قال: حدثنا النضر بن علـيّ الـجزري, عن عكرمة, مولـى ابن عبـاس, فـي قوله: هَيْتَ لَكَ قال: هلـمّ لك. قال: هي بـالـحورانـية.
14607ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, قوله: وَقالَتْ هَيْتَ لَكَ قال: كان الـحسن يقول: هلـمّ لك.
حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى, قال: حدثنا مـحمد بن ثور, عن معمر, عن قتادة, عن الـحسن: هَيْتَ لَكَ يقول بعضهم: هلـمّ لك.
14608ـ حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا عمرو بن مـحمد, عن أسبـاط, عن السديّ: وَقالَتْ هَيْتَ لَكَ قال: هلـمّ لك. وهي بـالقبطية.
حدثنا الـحسن بن مـحمد, قال: حدثنا عبد الوهاب بن عطاء, عن عمرو, عن الـحسن: هَيْتَ لَكَ قال: كلـمة بـالسريانـية: أي علـيك.
حدثنا الـحسن بن مـحمد, قال: حدثنا عبد الوهاب, عن سعيد, عن قتادة, عن الـحسن: هَيْتَ لَكَ قال: هلـمّ لك.
حدثنا الـحسن بن مـحمد, قال: حدثنا خـلف بن هشام, قال: حدثنا مـحبوب, عن قتادة, عن الـحسن: هَيْتَ لَكَ قال: هلـمّ لك.
قال: حدثنا عفـان, قال: حدثنا حماد, عن عاصم, عن زر: هَيْتَ لَكَ: أي هلـمّ.
14609ـ حدثنـي الـحرث, قال: حدثنا عبد العزيز, قال: حدثنا الثوري, قال: بلغنـي فـي قوله: هَيْتَ لَكَ قال: هلـمّ لك.
14610ـ حدثنا أحمد بن يوسف, قال: حدثنا أبو عبـيد, قال: حدثنا علـيّ بن عاصم, عن خالد الـحذاء, عن عكرمة عن ابن عبـاس أنه قرأ: هَيْتَ لَكَ وقال: تدعوه إلـى نفسها.
14611ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد, فـي قول الله تعالـى: هَيْتَ لَكَ قال: لغة عربـية تدعوه بها.
حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا أبو حذيفة, قال: حدثنا شبل, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد, مثله, إلا أنه قال: لغة بـالعربـية تدعوه بها إلـى نفسها.
حدثنا الـحسن, قال: حدثنا شبـابة, عن ورقاء, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد, مثل حديث مـحمد بن عمرو سواء.
حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي حجاج, عن ابن جريج, عن مـجاهد, مثله.
حدثنا أحمد بن يوسف, قال: حدثنا القاسم, قال: حدثنا هشيـم, عن يونس, عن الـحسن: هَيْتَ لَكَ بفتـح الهاء والتاء, وقال: تقول: هلـمّ لك.
14612ـ حدثنـي الـحرث, قال أبو عبـيدة: كان الكسائيّ يحكيها, يعنـي: هَيْتَ لَكَ قال: وقال: وهي لغة لأهل حوران وقعت إلـى الـحجاز, معناها: «تعال». قال: وقال أبو عبـيد: سألت شيخا عالـما من أهل حوران, فذكر أنها لغتهم يعرفها.
14613ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا سلـمة, عن ابن إسحاق: هَيْتَ لَكَ قال: تعال.
14614ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, فـي قوله: وَقالَتْ هَيْتَ لَكَ قال: هلـمّ لك إلـيّ.
وقرأ ذلك جماعة من الـمتقدمين: «وَقالَتْ هَيْتَ لَكَ» بكسر الهاء وضمّ التاء والهمز, بـمعنى: تهيأت لك, من قول القائل: هئت للأمر أهيء هيئة. ومـمن رُوي ذلك عنه ابن عبـاس وأبو عبد الرحمن السُلـمِي وجماعة غيرهما.
14615ـ حدثنا أحمد بن يوسف, قال: حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحجاج, عن هارون, عن أبـان العطار, عن قتادة: أن ابن عبـاس قرأها كذلك مكسورة الهاء مضمومة التاء. قال أحمد: قال أبو عبـيد: لا أعلـمها إلا مهموزة.
14616ـ حدثنا الـحسن بن مـحمد, قال: حدثنا عبد الوهاب, عن أبـان العطار, عن عاصم, عن أبـي عبد الرحمن السلـمي: «هِئْتُ لَكَ» أي تهيأت لك.
14617ـ قال: حدثنا عبد الوهاب, عن سعيد, عن قتادة, عن عكرمة, مثله.
حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, قال: كان عكرمة يقول: تهيأت لك.
حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى, قال: حدثنا مـحمد بن ثور, عن معمر, عن قتادة, قال: «هِئْتُ لَكَ» قال عكرمة: تهيأت لك.
14618ـ حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا الـحجاج, قال: حدثنا حماد, عن عاصم بن بهدلة, قال: كان أبو وائل يقول: «هِئْتُ لَكَ»: أي تهيأت لك.
وكان أبو عمرو بن العلاء والكسائي ينكران هذه القراءة.
14619ـ حُدثت عن علـيّ بن الـمُغيرة, قال: قال أبو عبـيدة معمر بن الـمثنى, شهدت أبـا عمرو وسأله أبو أحمد, أو أحمد, وكان عالـما بـالقرآن, عن قول من قال: «هِئْتُ لَكَ» بكسر الهاء وهمز الـياء, فقال: أبو عمرو. ينسي أي بـاطل جعلها, «فعِلت» من «تهيأت», فهذا الـخندق, فـاستعرض حتـى تنتهِي إلـى الـيـمن, هل تعرف أحدا يقول هئت لك؟
14620ـ حدثنـي الـحرث, قال: حدثنا القاسم, قال: لـم يكن الكسائي يحكي هِئْتُ لَكَ عن العرب.
وقرأ ذلك عامة قرّاء أهل الـمدينة: «هِيتَ لَكَ» بكسر الهاء وتسكين الـياء وفتـح التاء.
وقرأه بعض الـمكيـين: «هَيْتُ لَكَ» بفتـح الهاء وتسكين الـياء وضمّ التاء.
وقرأه بعض البصريـين, وهو عبد الله بن إسحاق: «هَيْتِ لَكَ» بفتـح الهاء وكسر التاء. وقد أنشد بعض الرواة بـيتا لطرفة بن العبد فـي «هَيْتُ» بفتـح الهاء وضم التاء, وذلك:
لَـيْسَ قَوْمي بـالأَبْعَدِينَ إذَا ماقالَ دَاعٍ مِنَ العَشِيرَةِ هَيْتُ
وأولـى القراءة فـي ذلك, قراءة من قرأه: هَيْتَ لَكَ بفتـح الهاء والتاء, وتسكين الـياء, لأنها اللغة الـمعروفة فـي العرب دون غيرها, وأنها فـيـما ذكر قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
14621ـ حدثنا الـحسن بن يحيى, قال: أخبرنا عبد الرزاق, قال: أخبرنا الثوري, عن الأعمش, عن أبـي وائل, قال ابن مسعود: قد سمعتُ القرأة فسمعتهم متقاربـين, فـاقرءوا كما علـمتـم, وإياكم والتنطع والاختلاف, فإنـما هو كقول أحدكم: هلـمّ وتعال. ثم قرأ عبد الله: هَيْتَ لَكَ فقلت: يا أبـا عبد الرحمن إن ناسا يقرءونها: «هِيتَ لَكَ» فقال عبد الله: إنـي أقرؤها كما علـمت أحبّ إلـيّ.
حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا جرير, عن الأعمش, عن أبـي وائل, قال: سمعت عبد الله بن مسعود يقرأ هذه الآية: وَقالَتْ هَيْتَ لَكَ قال: فقالوا له: ما كنا نقرؤها إلا «هِيتَ لَكَ». فقال عبد الله إنـي أقرؤها كما علـمت أحبّ إلـيّ.
حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا ابن عيـينة, عن منصور, عن أبـي وائل, قال: قال عبد الله: هَيْتَ لَكَ فقال له مسروق: إن ناسا يقرءونها: «هِيتَ لَكَ» فقال: دعونـي, فإنـي أقرأ كما أقرئت أحبّ إلـيّ.
14622ـ حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا آدم العسقلانـي, قال: حدثنا شعبة, عن الأعمش, عن شقـيق, عن ابن مسعود قال: هَيْتَ لَكَ بنصب الهاء والتاء وبلا همز.
وذكر أبو عبـيدة معمر بن الـمثنى, أن العرب لا تثنـي هَيتَ لَكَ ولا تـجمع ولا تؤنث, وأنها تصوّره فـي كلّ حال, وإنـما يتبـين العدد بـما بعد, وكذلك التأنـيث والتذكير, وقال: تقول للواحد: هيت لك, وللاثنـين: هيت لكما, وللـجمع: هيت لكم, وللنساء: هيت لكن.
وقوله: قالَ مَعاذَ اللّهُ يقول جلّ ثناؤه: قال يوسف إذ دعته الـمرأة إلـى نفسها وقالت له هلـمّ إلـيّ: أعتصم بـالله من الذي تدعونـي إلـيه وأستـجير به منه.
وقوله: إنّهُ رَبّـي أحْسَنَ مَثْوَايَ يقول: إن صاحبك وزوجك سيدي. كما:
14623ـ حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا عمرو بن مـحمد, عن أسبـاط, عن السديّ: مَعاذَ اللّهِ إنّهُ رَبّـي قال: سيدي.
14624ـ قال: حدثنا ابن نـمير, عن ورقاء, عن ابن أبـي نـجيح: إنّهُ رَبّـي قال: سيدي.
14625ـ حدثنا الـحسن بن مـحمد, قال: حدثنا شبـابة, عن ورقاء, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد, مثله.
حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد, مثله.
حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا أبو حذيفة, قال: حدثنا شبل, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد, مثله.
حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي حجاج, عن ابن جريج, عن مـجاهد: قالَ مَعاذَ اللّهَ إنّهُ رَبّـي أحْسَنَ مَثْوَايَ قال: سيدي. يعنـي: زوج الـمرأة.
14626ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا سلـمة, عن ابن إسحاق: قالَ مَعاذَ اللّهِ إنّهُ رَبـي يعنـي: إطفـير, يقول: إنه سيدي.
وقوله: أحْسَنَ مَثْوَايَ يقول: أحسن منزلتـي وأكرمنـي وائتـمننـي, فلا أخونه. كما:
14627ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا سلـمة, عن ابن إسحاق, قال: أحْسَنَ مَثْوَايَ أمننـي علـى بـيته وأهله.
14628ـ حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا عمرو, قال: حدثنا أسبـاط, عن السديّ: أحْسَنَ مَثْوَايَ فلا أخونه فـي أهله.
14629ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي حجاج, عن ابن جريج, عن مـجاهد: أحْسَنَ مَثْوَايَ قال: يريد يوسف سيده زوج الـمرأة.
وقوله: إنّهُ لا يُفْلِـحُ الظّالُـمِونَ يقول: إنه لا يدرك البقاء, ولا ينـجح مَن ظلـم ففعل ما لـيس له فعله, وهذا الذي تدعونـي إلـيه من الفجور ظلـم وخيانة لسيدي الذي ائتـمننـي علـى منزله. كما:
14630ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا سلـمة, عن ابن إسحاق: إنّهُ لا يُفْلِـحُ الظّالُـمِونَ قال: هذا الذي تدعونـي إلـيه ظلـم, ولا يفلـح من عمل به.
الآية : 24
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {وَلَقَدْ هَمّتْ بِهِ وَهَمّ بِهَا لَوْلآ أَن رّأَى بُرْهَانَ رَبّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السّوَءَ وَالْفَحْشَآءَ إِنّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ }.
ذُكر أن امرأة العزيز لـما همّت بـيوسف وأرادت مراودته, جعلت تذكر له مـحاسن نفسه, وتشوّقه إلـى نفسها. كما:
14631ـ حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا عمرو بن مـحمد, قال: حدثنا أسبـاط, عن السديّ: وَلَقَدْ هَمّتْ بهِ وَهَمّ بِها قال: قالت له: يا يوسف ما أحسن شعرك قال: هو أوّل ما ينتثر من جسدي. قالت: يا يوسف ما أحسن وجهك قال: هو للتراب يأكله. فلـم تزل حتـى أطمعته, فهمت به وهمّ بها. فدخلا البـيت, وغلقت الأبواب, وذهب لـيحلّ سراويـله, فإذا هو بصورة يعقوب قائما فـي البـيت قد عضّ علـى أصبعه يقول: يا يوسف تواقعها فإنـما مَثَلُكَ ما لـم تواقعها مثل الطير فـي جوّ السماء لا يطاق, ومثلك إذا واقعتها مثلَه إذا مات ووقع إلـى الأرض لا يستطيع أن يدفع عن نفسه ومثلك ما لـم تواقعها مثل الثور الصعب الذي لا يُعمل علـيه, ومثلك إن واقعتها مثل الثور حين يـموت فـيدخـل النـمل فـي أصل قرنـيه لا يستطيع أن يدفع عن نفسه. فربط سراويـله, وذهب لـيخرج يشتدّ, فأدركْته, فأخذت بـمؤخر قميصه من خـلفه, فخرقته حتـى أخرجته منه, وسقط, وطرحه يوسف, واشتدّ نـحو البـاب.
14632ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا سلـمة, عن ابن إسحاق, قال: أكبت علـيه يعنـي الـمرأة تطمعه مرّة وتـخيفه أخرى, وتدعوه إلـى لذّة من حاجة الرجال فـي جمالها وحسنها ومُلكها, وهو شاب مستقبل يجد من شبق الرجال ما يجد الرجل حتـى رقّ لها مـما يرى من كلفها به, ولـم يتـخوّف منها حتـى همّ بها وهمت به, حتـى خَـلَوَا فـي بعض بـيوته.
ومعنى الهمّ بـالشيء فـي كلام العرب: حديث الـمرء نفسه بـمواقعته, ما لـم يواقع.
فأما ما كان من همّ يوسف بـالـمرأة وهمها به, فإن أهل العلـم قالوا فـي ذلك ما أنا ذاكره, وذلك ما:
14633ـ حدثنا أبو كريب وسفـيان بن وكيع, وسهل بن موسى الرازي, قالوا: حدثنا ابن عيـينة, عن عثمان بن أبـي سلـيـمان, عن ابن أبـي ملـيكة, عن ابن عبـاس, سئل عن همّ يوسف ما بلغ؟ قال: حلّ الهِمْيان, وجلس منها مـجلس الـخاتن. لفظ الـحديث لأبـي كُريب.
حدثنا أبو كريب, وابن وكيع, قالا: حدثنا ابن عيـينة, قال: سمع عبـيد الله بن أبـي يزيد ابن عبـاس فـي: وَلَقَدْ همّتْ بِه وَهَمّ بِهَا قال: جلس منها مـجلس الـخاتن, وحلّ الهِمْيان.
حدثنا زياد بن عبد الله الـحسانـي, وعمرو بن علـيّ, والـحسن بن مـحمد, قالوا: حدثنا سفـيان بن عيـينة, عن عبد الله بن أبـي يزيد, قال: سمعت ابن عبـاس سئل: ما بلغ من همّ يوسف؟ قال: حلّ الهميان, وجلس منها مـجلس الـخاتن.
حدثنـي زياد بن عبد الله, قال: حدثنا مـحمد بن أبـي عديّ, عن ابن جريج, عن ابن أبـي ملـيكة, قال: سألت ابن عبـاس: ما بلغ من همّ يوسف؟ قال: استلقت له, وجلس بـين رجلـيها.
14634ـ حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا يحيى بن يـمان, عن ابن جريج, عن ابن أبـي ملـيكة: وَلَقَدْ هَمّتْ بِهِ وَهَمّ بِها قال: استلقت له, وحلّ ثـيابه.
حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا قبـيصة بن عقبة, قال: حدثنا سفـيان, عن ابن جريج, عن ابن أبـي ملـيكة, عن ابن عبـاس: وَلَقَدْ هَمّتْ بِهِ وَهَمّ بِها ما بلغ؟ قال: استلقت له وجلس بـين رجلـيها, وحلّ ثـيابه, أو ثـيابها.
حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا إسحاق, قال: حدثنا يحيى بن سعيد, عن ابن جريج, عن ابن أبـي ملـيكة, قال: سألت ابن عبـاس: ما بلغ من همّ يوسف؟ قال: استلقت علـى قـفـاها, وقعد بـين رجلـيها لـينزع ثـيابه.
حدثنا أبو كريب, قال: حدثنا وكيع, وحدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا أبـي, عن نافع, عن ابن عمر, عن ابن أبـي ملـيكة, قال: سئل ابن عبـاس, عن قوله: وَلَقَدْ هَمّتْ بِهِ وَهَمّ بِها ما بلغ من همّ يوسف؟ قال: حلّ الهِيـمان, يعنـي السراويـل.
14635ـ حدثنا أبو كريب وابن وكيع, قالا: حدثنا ابن إدريس, قال: سمعت الأعمش, عن مـجاهد, فـي قوله: وَلَقَدْ هَمّتْ بِهِ وَهَمّ بِها قال: حلّ السراويـل حتـى التّبـان, واستلقت له.
حدثنا زياد بن عبد الله الـحسانـي, قال: حدثنا مالك بن سعير, قال: حدثنا الأعمش, عن مـجاهد, فـي قوله: وَلَقَدْ هَمّتْ بِهِ وَهَمّ بِها قال: حلّ سراويـله, حتـى وقع علـى التّبـان.
14636ـ حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى, قال: حدثنا مـحمد بن ثور, عن معمر, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد: وَلَقَدْ هَمّتْ بِهِ وَهَمّ بِها قال: جلس منها مـجلس الرجل من امرأته.
14637ـ حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا أبو حذيفة, قال: حدثنا شبل, قال: ثنـي القاسم بن أبـي بزة: وَلَقَدْ هَمّتْ بِهِ وَهَمّ بِها قال: أما هَمّها به, فـاستلقت له, وأما همه بها: فإنه قعد بـين رجلـيها ونزع ثـيابه.
حدثنا الـحسن بن مـحمد, قال: ثنـي حجاج بن مـحمد, عن ابن جريج, قال: أخبرنـي عبد الله بن أبـي ملـيكة, قال: قلت لابن عبـاس: ما بلغ من همّ يوسف؟ قال: استلقت له, وجلس بـين رجلـيها ينزع ثـيابه.
14638ـ حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا الـحمانـي, قال: حدثنا يحيى بن الـيـمان, عن سفـيان, عن علـيّ بن بذيـمة, عن سعيد بن جبـير وعكرمة, قالا: حلّ السراويـل, وجلس منها مـجلس الـخاتن.
حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا عمرو بن مـحمد العنقزي, عن شريك, عن جابر, عن مـجاهد: وَلَقَدْ هَمّتْ بِهِ وَهَمّ بِها قال: استلقت, وحلّ ثـيابه حتـى بلغ التبـان.
14639ـ حدثنـي الـحرث, قال: حدثنا عبد العزيز, قال: حدثنا قـيس, عن أبـي حصين, عن سعيد بن جبـير: وَلَقَدْ هَمّتْ بِهِ وَهَمّ بِها قال: أطلق تكة سراويـله.
حدثنا الـحسن بن يحيى, قال: أخبرنا عبد الرزاق, قال: أخبرنا ابن عيـينة, عن عثمان بن أبـي سلـيـمان, عن ابن أبـي ملكية, قال: شهدت ابن عبـاس سئل عن همّ يوسف ما بلغ؟ قال: حلّ الهميان, وجلس منها مـجلس الـخاتن.
فإن قال قائل: وكيف يجوز أن يوصف يوسف بـمثل هذا وهو لله نبـيّ؟ قـيـل: إن أهل العلـم اختلفوا فـي ذلك, فقال بعضهم: كان مـمن ابتلـي من الأنبـياء بخطيئة, فإنـما ابتلاه الله بها لـيكون من الله عزّ وجلّ علـى وَجَل إذا ذكرها, فـيجدّ فـي طاعته إشفـاقا منها, ولا يتكل علـى سعة عفو الله ورحمته.
وقال آخرون: بل ابتلاهم الله بذلك لـيعرّفهم موضع نعمته علـيهم, بصفحة عنهم وتركه عقوبته علـيه فـي الاَخرة.
وقال آخرون: بل ابتلاهم بذلك لـيجعلهم أئمة لأهل الذنوب فـي رجاء رحمة الله, وترك الإياس من عفوه عنه إذا تابوا.
وأما آخرون مـمن خالف أقوال السلف وتأوّلوا القرآن بآرائهم, فأنهم قالوا فـي ذلك أقوالاً مختلفة, فقال بعضهم: معناه: ولقد همت الـمرأة بـيوسف, وهمّ بها يوسف أن يضربها أو ينالها بـمكروه لهمها به مـما أرادته من الـمكروه, لولا أن يوسف رأى برهان ربه, وكفه ذلك عما همّ به من أذاها, لا أنها ارتدعت من قِبلَ نفسها. قالوا: والشاهد علـى صحة ذلك قوله: كذلكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السّوءَ والفَحْشاءَ قالوا: فـالسوء: هو ما كان همّ به من أذاها, وهو غير الفحشاء.
وقال آخرون منهم: معنى الكلام: ولقد همت به. فتناهى الـخبر عنها, ثم ابتدىء الـخبر عن يوسف, فقـيـل: وهمّ بها يوسف, لولا أن أرى برهان ربه. كأنهم وجهوا معنى الكلام إلـى أن يوسف لـم يهمّ بها, وأن الله إنـما أخبر أن يوسف لولا رؤيته برهان ربه لهمّ بها, ولكنه رأى برهان ربه فلـم يهمّ بها, كما قـيـل: وَلَوْلا فَضْلُ اللّهِ عَلَـيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاتّبَعْتُـمُ الشّيْطانَ إلاّ قَلـيلاً. ويفسد هذين القولـين أن العرب لا تقدم جواب «لولا» قبلها, لا تقول: لقد قمت لولا زيد, وهي تريد: لولا زيد لقد قمت, هذا مع خلافهما جميع أهل العلـم بتأويـل القرآن الذين عنهم يؤخذ تأويـله.
وقال آخرون منهم: بل قد همّت الـمرأة بـيوسف وهمّ يوسف بـالـمرأة, غير أن همهما كان تـمثـيلاً منهما بـين الفعل والترك, لا عزما ولا إرادة قالوا: ولا حرج فـي حديث النفس ولا فـي ذكر القلب إذا لـم يكن معهما عزم ولا فعل. وأما البرهان الذي رآه يوسف فترك من أجله مواقعة الـخطيئة, فإن أهل العلـم مختلفون فـيه, فقال بعضهم: نودي بـالنهي عن مواقعة الـخطيئة. ذكر من قال ذلك:
14640ـ حدثنا أبو كريب, قال: حدثنا ابن عيـينة, عن عثمان بن أبـي سلـيـمان, عن ابن أبـي ملكية, عن ابن عبـاس: لَوْلا أنْ رأى بُرْهانَ رَبّه قال: نودي: يا يوسف أتزنـي, فتكون كالطير وقع ريشه فذهب يطير فلا ريش له.
قال: حدثنا ابن عيـينة, عن عثمان بن أبـي سلـيـمان, عن ابن أبـي ملكية, عن ابن عبـاس, قال: لـم يتعظ علـى النداء حتـى رأى برهان ربه, قال: تـمثال صورة وجه أبـيه قال سفـيان: عاضّا علـى أصبعه فقال: يا يوسف تزنـي, فتكون كالطير ذهب ريشة؟.
حدثنـي زياد بن عبد الله الـحسانـي, قال: ثنـي مـحمد بن أبـي عديّ, عن ابن جريج, عن ابن أبـي ملـيكة, قال: قال ابن عبـاس: نودي: يا ابن يعقوب لا تكن كالطائر له ريش, فإذا زنى ذهب ريشه أو قعدَ لا ريش له قال: فلـم يتعظ علـى النداء, فلـم يزد علـى هذا, قال ابن جريج: وحدثنـي غير واحد, أنه رأى أبـاه عاضّا علـى أصبعه.
حدثنـي أبو كريب, قال: حدثنا وكيع, قال: حدثنا أبـي, عن نافع عن ابن عمر, عن ابن أبـي ملكية, قال: قال ابن عبـاس: لَوْلا أنْ رأى بُرْهانَ رَبّه قال: نودي فلـم يسمع, فقـيـل له: يا ابن يعقوب تريد أن تزنـي. فتكون كالطير نُتِف فلا ريش له؟
14641ـ حدثنا ابن حميد. قال: حدثنا سلـمة, عن طلـحة, عن عمرو الـحضرميّ, عن ابن أبـي ملـيكة, قال: بلغنـي أن يوسف لـما جلس بـين رجلـي الـمرأة فهو يحلّ هميانه. نودي: يا يوسف بن يعقوب لا تزن, فإن الطير إذا زنى تناثر ريشه فأعرض. ثم نودي فأعرض. فتـمثل له يعقوب عاضّا علـى أصبعه, فقام.
حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا قبـيصة بن عقبة, قال: حدثنا سفـيان, عن ابن جريج, عن ابن أبـي ملـيكة, عن ابن عبـاس, قال: نودي: يا ابن يعقوب لا تكن كالطير إذا زنى ذهب ريشه وبقـي لا ريش له فلـم يتعظ علـى النداء, ففزع.
حدثنا الـحسن بن مـحمد, قال: حدثنا حجاج بن مـحمد, عن ابن جريج, قال: أخبرنـي عبد الله بن أبـي ملكية, قال: قال ابن عبـاس: نودي: يا ابن يعقوب لا تكوننّ كالطائر له ريش, فإذا زنى ذهب ريشه قال: أو قعد لا ريش له فلـم يتعظ علـى النداء شيئا, حتـى رأى برهان ربه, ففَرِق ففرّ.
حدثنا الـحسن بن يحيى, قال: أخبرنا عبد الرزاق, قال: أخبرنا ابن عيـينة, عن عثمان بن أبـي سلـمان, عن ابن أبـي ملـيكة, قال: قال ابن عبـاس: نودي: يا ابن يعقوب أتزنـي فتكون كالطير وقع ريشه فذهب يطير فلا ريش له؟
14642ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: أخبرنـي نافع بن يزيد, عن همام بن يحيى, عن قتادة قال: نودي يوسف فقـيـل: أنت مكتوب فـي الأنبـياء تعمل عمل السفهاء
14643ـ حدثنا ابن وكيع, قال: يحيى بن يـمان. عن ابن جريج, عن ابن أبـي ملكية, قال: نودي: يوسف بن يعقوب تزنـي, فتكون كالطير نتف فلا ريش له؟
وقال آخرون: البرهان الذي رأى يوسف فكفّ عن مواقعة الـخطيئة من أجله صورة يعقوب علـيهما السلام يتوعدّه. ذكر من قال ذلك:
14644ـ حدثنا الـحسن بن مـحمد, قال: حدثنا عمرو بن مـحمد العَنْقزيّ, قال: أخبرنا إسرائيـل, عن أبـي حصين, عن سعيد بن جبـير, عن ابن عبـاس فـي قوله: لَوْلا أنْ رأى بُرْهانَ رَبّه قال: رأى صورة أو تـمثال وجه يعقوب عاضّا علـى أصبعه, فخرجت شهوته من أنامله.
حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا عمرو بن العَنْقزي, عن إسرائيـل, عن أبـي حصين, عن سعيد بن جبـير, عن ابن عبـاس: لَوْلا أنْ رأى بُرْهانَ رَبّه قال: مثل له يعقوب,فضرب فـي صدره, فخرجت شهوته من أنامله.
14645ـ حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا مـحمد بن بشر, عن مسعر, عن أبـي حصين, عن سعيد بن جبـير: لَوْلا أنْ رأى بُرْهانَ رَبّه قال: رأى تـمثال وجه أبـيه قائلاً بكفه, هكذا وبسط كفه, فخرجت شهوته من أنامله.
حدثنا أبو كريب, قال: حدثنا وكيع, وحدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا أبـي, عن سفـيان, عن أبـي حصين, عن سعيد بن جبـير: لَوْلا أنْ رأى بُرْهانَ رَبّه قال: مُثّل له يعقوب عاضّا علـى أصابعه, فضرب صدره, فخرجت شهوته من أنامله.
حدثنا يونس بن عبد الأعلـى, قال: حدثنا عبد الله بن وهب, قال: أخبرنـي ابن جريج, عن ابن أبـي ملـيكة, عن ابن عبـاس, فـي قوله: لَوْلا أنْ رأى بُرْهانَ رَبّه قال: رأى صورة يعقوب واضعا أنـملته علـى فـيه يتوعده, ففرّ.
حدثنا الـحسن بن مـحمد, قال: حدثنا يحيى بن عبـاد, قال: حدثنا جرير بن حازم, قال سمعت عبد الله بن أبـي ملـيكة يحدّث, عن ابن عبـاس, فـي قوله: وَلَقَدْ هَمّتْ بِهِ وَهَمّ بِها قال: حين رأى يعقوب فـي سقـف البـيت, قال: فنزعت شهوته التـي كان يجدها حتـى خرج يسعى إلـى بـاب البـيت, فتبعته الـمرأة.
14646ـ حدثنا أبو كريب, قال: حدثنا وكيع. وحدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا أبـي, عن قرة بن خالد السدوسي, عن الـحسن, قال: زعموا والله أعلـم أن سقـف البـيت انفرج, فرأى يعقوب عاضّا علـى أصابعه.
حدثنـي يعقوب, قال: حدثنا ابن علـية, عن يونس, عن الـحسن, فـي قوله: لَوْلا أنْ رأى بُرْهانَ رَبّه قال: رأى تـمثال يعقوب عاضّا علـى أصبعه يقول: يوسف, يوسف
حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا ابن علـية, عن يونس, عن الـحسن, نـحوه.
حدثنا الـحسن بن مـحمد, قال: حدثنا عمرو العنقزي, قال: أخبرنا سفـيان الثوري, عن أبـي حصين, عن سعيد بن جبـير: لَوْلا أنْ رأى بُرْهانَ رَبّه قال: رأى تـمثال وجه يعقوب, فخرجت شهوته من أنامله.
14647ـ حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا يحيى بن يـمان, عن سفـيان, عن علـيّ بن بذيـمة, عن سعيد بن جبـير, قال: رأى صورة فـيها وجه يعقوب عاضّا علـى أصابعه, فدفع فـي صدره, فخرجت شهوته من أنامله. فكلّ ولد يعقوب ولد له اثنا عشر رجلاً إلا يوسف, فإنه نقص بتلك الشهوة ولـم يولد له غير أحد عشر.
14648ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: أخبرنـي يونس بن زيد, عن ابن شهاب, أن حميد بن عبد الرحمن أخبره: أن البرهان الذي رأى يوسف يعقوب.
حدثنا الـحسن بن مـحمد, قال: حدثنا عيسى بن الـمنذر, قال: حدثنا أيوب بن سويد, قال: حدثنا يونس بن يزيد الإيـلـي, عن الزهري, عن حميد بن عبد الرحمن, مثله.
14649ـ حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا جرير, عن منصور, عن مـجاهد: لَوْلا أنْ رأى بُرْهانَ رَبّه قال: مثل له يعقوب.
حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا حكام, عن عمرو, عن منصور, عن مـجاهد, مثله.
حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد: لَوْلا أنْ رأى بُرْهانَ رَبّه قال: يعقوب.
حدثنا الـحسن بن مـحمد, قال: حدثنا شبـابة, قال: حدثنا ورقاء, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد, مثله.
حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا أبو حذيفة, قال: حدثنا شبل, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد, مثله.
حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا أبو حذيفة, وحدثنا الـحسن بن يحيى, قال: أخبرنا عبد الرزاق, قال: أخبرنا الثوري, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد, قال: مثل له يعقوب.
حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى, قال: حدثنا مـحمد بن ثور, عن معمر, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد أنه قال: جلس منها مـجلس الرجل من امرأته حتـى رأى صورة يعقوب فـي الـجدار.
حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا جرير, عن منصور, عن مـجاهد, فـي قوله: لَوْلا أنْ رأى بُرْهانَ رَبّه قال: مُثّل له يعقوب.
14650ـ حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا أبو حذيفة, قال: حدثنا شبل, عن القاسم بن أبـي بزة, قال: نودي: يا ابن يعقوب, لا تكوننّ كالطير له ريش فإذا زنى قعد لـيس له ريش فلـم يعرض للنداء وقعد, فرفع رأسه, فرأى وجه يعقوب عاضّا علـى أصبعه, فقام مرعوبـا استـحياء من الله تعالـى ذكره. فذلك قول الله سبحانه وتعالـى: لَوْلا أنْ رأى بُرْهانَ رَبّه وجه يعقوب.
14651ـ حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا أبـي, عن النضر بن عربـي, عن عكرمة, قال: مثل له يعقوب عاضّا علـى أصابعه.
حدثنا أبو كريب, قال: حدثنا وكيع, عن نضر بن عربـيّ, عن عكرمة, مثله.
حدثنـي الـحارث, قال: حدثنا عبد العزيز, قال: حدثنا قـيس, عن أبـي حصين, عن سعيد بن جبـير, قال: مثل له يعقوب, فدفع فـي صدره, فخرجت شهوته من أنامله.
14652ـ قال: حدثنا عبد العزيز, قال: حدثنا سفـيان, عن علـيّ بن بذيـمة, قال: كان يولد لكلّ رجل منهم اثنا عشر ابنا إلا يوسف, ولد له أحد عشر من أجل ما خرج من شهوته.
14653ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا: ابن وهب, قال: قال أبو شريح: سمعت عبـيد الله بن أبـي جعفر يقول: بلغ من شهوة يوسف أن خرجت من بنانه.
14654ـ حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا يعلـي بن عبـيد, عن مـحمد الـخراسانـيّ, قال: سألت مـحمد بن سيرين, عن قوله: لَوْلا أنْ رأى بُرْهانَ رَبّه قال: مثل له يعقوب عاضّا علـى أصابعه يقول: يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيـم خـلـيـل الله, اسمك فـي الأنبـياء وتعمل عمل السفهاء؟
حدثنـي مـحمد بن عبد الأعلـى, قال: حدثنا يزيد بن زريع, عن يونس, عن الـحسن, فـي قوله: لَوْلا أنْ رأى بُرْهانَ رَبّه قال: رأى يعقوب عاضّا علـى أصبعه يقول: يوسف
14655ـ حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى, قال: حدثنا مـحمد بن ثور, عن معمر, قال: قال قتادة: رأى صورة يعقوب, فقال: يا يوسف تعمل عمل الفجار, وأنت مكتوب فـي الأنبـياء؟ فـاستـحيا منه.
14656ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة: لَوْلا أنْ رأى بُرْهانَ رَبّه رأى آية من آيات ربه, حجزه الله بها عن معصيته ذُكر لنا أنه مُثّلَ له يعقوب حتـى كلـمه, فعصمه الله ونزع كلّ شهوة كانت فـي مفـاصله.
قال: حدثنا سعيد عن قتادة, عن الـحسن: أنه مثل له يعقوب وهو عاضّ علـى أصبع من أصابعه.
14657ـ حدثنـي يعقوب, قال: حدثنا هشيـم, قال: أخبرنا إسماعيـل بن أبـي سالـم, عن أبـي صالـح, قال: رأى صورة يعقوب فـي سقـف البـيت عاضّا علـى إصبعه يقول: يا يوسف يعنـي قوله: لَوْلا أنْ رأى بُرْهانَ رَبّه.
حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا عمرو بن عون, قال: أخبرنا هشيـم, عن منصور ويونس عن الـحسن, فـي قوله: لَوْلا أنْ رأى بُرْهانَ رَبّه قال: رأى صورة يعقوب فـي سقـف البـيت عاضّا علـى أصبعه.
حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا عمرو بن عون, قال: أخبرنا هشيـم, عن إسماعيـل بن أبـي سالـم, عن أبـي صالـح مثله, وقال عاضّا علـى أصبعه يقول: يوسف, يوسف
14658ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا يعقوب القمى, عن حفص بن حميد, عن شمر بن عطية, قال: نظر يوسف إلـى صورة يعقوب عاضّا علـى أصبعه يقول: يا يوسف فذاك حيث كفّ, وقام فـاندفع.
حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا الـحمانـي, قال: حدثنا شريك, عن سالـم وأبـي حصين, عن سعيد بن جبـير: لَوْلا أنْ رأى بُرْهانَ رَبّه قال: رأى صورة فـيها وجه يعقوب عاضّا علـى أصابعه, فدفع فـي صدره فخرجت شهوته من بـين أنامله.
حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا أبو نعيـم, قال: حدثنا مسعر, عن أبـي حصين, عن سعيد بن جبـير: لَوْلا أنْ رأى بُرْهانَ رَبّه قال: رأى تـمثال وجه أبـيه, فخرجت الشهوة من أنامله.
حدثنا الـحسن بن مـحمد, قال: حدثنا يحيى بن عبـاد, قال: حدثنا أبو عوانة, عن إسماعيـل بن سالـم, عن أبـي صالـح: لَوْلا أنْ رأى بُرْهانَ رَبّه قال: تـمثال صورة يعقوب فـي سقـف البـيت.
حدثنا الـحسن بن يحيى, قال: أخبرنا جعفر بن سلـيـمان, عن يونس بن عبـيد, عن الـحسن, قال: رأى يعقوب عاضّا علـى يده.
قال: أخبرنا عبد الرزاق, قال: أخبرنا الثوريّ, عن أبـي حصين, عن سعيد بن جبـير, فـي قوله: لَوْلا أنْ رأى بُرْهانَ رَبّه قال: يعقوب ضرب بـيده علـى صدره, فخرجت شهوته من أنامله.
14659ـ حُدثت عن الـحسين بن الفرج, قال: سمعت أبـا معاذ قال: أخبرنا عبـيد بن سلـيـمان, قال: سمعت الضحاك يقول فـي قوله: لَوْلا أنْ رأى بُرْهانَ رَبّه آية من ربه يزعمون أنه مثل له يعقوب, فـاستـحيا.
وقال آخرون: بل البرهان الذي رأى يوسف ما أوعد الله عزّ وجلّ علـى الزنا أهله.
ذكر من قال ذلك:
14660ـ حدثنا أبو كريب, قال: حدثنا وكيع, عن أبـي مودود, قال: سمعت مـحمد بن كعب القرظي, قال: رفع يوسف رأسه إلـى سقـف البـيت, فإذا كتاب فـي حائط البـيت: لا تَقْرَبُوا الزّنا إنّهُ كانَ فـاحِشَةً وَساءَ سَبِـيلاً.
حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا أبـي, عن مودود, عن مـحمد بن كعب, قال: رفع يوسف رأسه إلـى سقـف البـيت حين همّ, فرأى كتابـا فـي حائط البـيت: لا تَقْرَبُوا الزّنا إنّهُ كانَ فَـاحِشَةً وَساءَ سَبِـيلاً.
14661ـ قال: حدثنا زيد بن الـحبـاب, عن أبـي معشر, عن مـحمد بن كعب: لَوْلا أنْ رأى بُرْهانَ رَبّه قال: لولا ما رأى فـي القرآن من تعظيـم الزنا.
14662ـ حدثنا يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: أخبرنـي نافع بن يزيد, عن أبـي صخر, قال: سمعت القرظي يقول فـي البرهان الذي رأى يوسف: ثلاث آيات من كتاب الله: إنّ عَلَـيْكُمْ لـحَافِظينَ... الآية, وقوله: ومَا تَكُونُ فِـي شأنٍ... الآية, وقوله: أفَمَنْ هُوَ قائمٌ علـى كُلّ نَفْسٍ بِـمَا كَسَبَتْ. قال نافع: سمعت أبـا هلال يقول مثل قول القُرَظيْ, وزاد آية رابعة: وَلا تَقْرَبُوا الزّنا.
حدثنا الـحسن بن مـحمد, قال: حدثنا عمرو بن مـحمد, قال: أخبرنا أبو معشر, عن مـحمد بن كعب القُرَظيّ لَوْلا أنْ رأى بُرْهانَ رَبّه فقال: ما حرّم الله علـيه من الزنا.
وقال آخرون: بل رأى تـمثال الـملك. ذكر من قال ذلك:
14663ـ حدثنـي مـحمد بن سعد, قال: ثنـي أبـي, قال: ثنـي عمي, قال: ثنـي أبـي, عن أبـيه, عن ابن عبـاس: وَلَقَدْ هَمّتْ بِهِ وَهَمّ بها لَوْلا أنْ رأى بُرْهانَ رَبّهِ يقول: آيات ربه أرى تـمثال الـملك.
14664ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا سلـمة, عن ابن إسحاق, قال: كان بعض أهل العلـم فـيـما بلغنـي يقول: البرهان الذي رأى يوسف فصرف عنه السوء والفحشاء: يعقوب عاضّا علـى أصبعه, فلـما رآه انكشف هاربـا. ويقول بعضهم: إنـما هو خيال إطفـير سيده حين دنا من البـاب, وذلك أنه لـما هرب منها واتبعه ألفـياه لدى البـاب.
وأولـى الأقوال فـي ذلك بـالصواب أن يقال: إن الله جلّ ثناؤه أخبر عن همّ يوسف وامرأة العزيز كلّ واحد منهما بصاحبه, لولا أن رأى يوسف برهان ربه, وذلك آية من آيات الله, زجرته عن ركوب ما همّ به يوسف من الفـاحشة. وجائز أن تكون تلك الآية صورة يعقوب, وجائز أن تكون صورة الـملك, وجائز أن يكون الوعيد فـي الاَيات التـي ذكرها الله فـي القرآن علـى الزنا, ولا حجة للعذر قاطعة بأيّ ذلك من أيّ. والصواب أن يقال فـي ذلك ما قاله الله تبـارك وتعالـى, والإيـمان به, وترك ما عدا ذلك إلـى عالـمِه.
وقوله: كذلكَ لِنَصْرفَ عَنْهُ السّوءَ والفَحْشاءَ يقول تعالـى ذكره: كما رأينا يوسف برهاننا علـى الزجر عما همّ به من الفـاحشة, كذلك نسبب له فـي كل ما عرض له من همّ يهمّ به فـيـما لا يرضاه ما يزجره ويدفعه عنه كي نصرف عنه ركوب ما حرّمنا علـيه وإتـيان الزنا, لنطهره من دنس ذلك.
وقوله: إنّهُ مِنْ عِبـادِنا الـمُخْـلَصِينَ اختلف القرّاء فـي قراءة ذلك, فقرأته عامة قرّاء الـمدينة والكوفة: إنّهُ مِنْ عِبـادِنا الـمُخْـلَصِينَ بفتـح اللام من «الـمخـلصين», بتأويـل: إن يوسف من عبـادنا الذين أخـلصناهم لأنفسنا واخترناهم لنبوّتنا ورسالتنا. وقرأ ذلك بعض قرّاء البصرة: «إنّهُ مِنْ عِبـادِنا الـمُخْـلَصِينَ» بكسر اللام, بـمعنى: أن يوسف من عبـادنا الذين أخـلصوا توحيدنا وعبـادتنا, فلـم يشركوا بنا شيئا, ولـم يعبدوا شيئا غيرنا.
والصواب من القول فـي ذلك أن يقال: إنهما قراءتان معروفتان قد قرأ بهما جماعة كثـيرة من من القرّاء, وهما متفقتا الـمعنى وذلك أن من أخـلصه الله لنفسه فـاختاره, فهو مخـلص لله التوحيد والعبـادة, ومن أخـلص توحيد الله وعبـادته فلـم يشرك بـالله شيئا, فهو مـمن أخـلصه الله, فبأيتهما قرأ القارىء فهو الصواب مصيب.
الآية : 25
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {وَاسُتَبَقَا الْبَابَ وَقَدّتْ قَمِيصَهُ مِن دُبُرٍ وَأَلْفَيَا سَيّدَهَا لَدَى الْبَابِ قَالَتْ مَا جَزَآءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوَءًا إِلاّ أَن يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }.
يقول جلّ ثناؤه: واستبق يوسف وامرأة العزيز بـاب البـيت. أما يوسف ففرارا من ركوب الفـاحشة لـما رأى برهان ربه فزجره عنها. وأما الـمرأة فطلبها يوسف لتقضي حاجتها منه التـي راودته علـيها, فأدركته فتعلقت بقميصه, فجذبته إلـيها مانعة له من الـخروج من البـاب, فقدّته من دبر, يعنـي: شقته من خـلف لا من قدّام, لأن يوسف كان هو الهارب وكانت هي الطالبة. كما:
14665ـ حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى, قال: حدثنا مـحمد بن ثور, عن معمر, عن قتادة: وَاسْتَبَقَا البـابَ قال: استبق هو والـمرأة البـاب, وَقَدّتْ قَمِيصَهُ مِنْ دُبُرِ.
14666ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا سلـمة, عن ابن إسحاق, قال: لـما رأى برهان ربه, انكشف عنها هاربـا, واتبعته, فأخذت قميصه من دبر فشقّته علـيه.
وقوله: وألْفَـيا سَيّدَها لَدَى البـابِ يقول جلّ ثناؤه: وصادفـا سيدها وهو زوج الـمرأة لدى البـاب, يعنـي: عند البـاب. كالذي:
14667ـ حدثنـي الـحارث, قال: حدثنا عبد العزيز, قال: حدثنا الثوري, عن رجل, عن مـجاهد: وألْفَـيا سَيّدَها قال: سيدها: زوجها, لَدَى البـابِ قال: عند البـاب.
14668ـ حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا إسحاق, قال: حدثنا يحيى بن سعيد, عن أشعث, عن الـحسن, عن زيد بن ثابت, قال: السيد: الزوج.
14669ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, قوله: وألْفَـيا سَيّدَها لَدَى البـابِ أي عند البـاب.
14670ـ حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا عمرو بن مـحمد, عن أسبـاط, عن السديّ: وألْفَـيا سَيّدَها لَدَى البـابِ قال: جالسا عند البـاب وابن عمها معه. فلـما رأته قالَتْ ما جَزَاءُ مَنْ أرَادَ بأهْلكَ سُوءا إنه راودنـي عن نفسي, فدفعته عن نفسي, فشققت قميصه قال يوسف: بل هي راودتنـي عن نفسي, وفررت منها فأدركتنـي, فشقّ قميصي فقال ابن عمها: تبـيان هذا فـي القميص, فإن كان القميص قُدّ من قبل فصدقت وهو من الكاذبـين, وإن كان قميصه قُدّ من دبر فكذبت وهو من الصادقـين. فأتـي بـالقميص, فوجده قدّ من دبر قالَ إنّهُ مِنْ كَيْدِكُنّ إنّ كَيْدَكُنّ عَظِيـمٌ يِوسِفُ أعْرِضْ عَنْ هَذَا وَاسْتَغْفِرِي لذَنْبِك أنّكِ كُنْتِ مِنَ الـخاطِئِينَ.
14671ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا سلـمة, عن ابن إسحاق: وألْفَـيا سَيّدَها لَدَى البـابِ إطفـير قائما علـى بـاب البـيت. فقالَتْ وهابته: ما جَزَاءُ مَنْ أرَادَ بأهْلِكَ سُوءا إلاّ أنْ يُسْجَنَ أوْ عَذَابٌ ألِـيـمٌ ولطخته مكانها بـالسيئة فرقا ن أن يتهمها صاحبها علـى القبـيح. فقال هو, وصدقة الـحديث: هِيَ رَاودَتْنـي عَنْ نَفْسِي.
وقوله: قالَتْ ما جَزَاءُ مَنْ أرَادَ بأهْلِكَ سُوءا يقول تعالـى ذكره: قالت امرأة العزيز لزوجها لـما ألفـياه عند البـاب, فخافت أن يتهمها بـالفجور: ما ثواب رجل أراد بـامرأتك الزنا إلا أن يسجن فـي السجن أو إلا عذاب ألـيـم؟ يقول: موجع وإنـما قال: إلاّ أنْ يُسْجَنَ أوْ عَذَابٌ ألـيـمٌ لأن قوله: إلاّ أنْ يُسْجَنَ بـمعنى إلا السجن, فعطف العذاب علـيه وذلك أنّ «أن» وما عملت فـيه بـمنزلة الاسم.
الآية : 26-28
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَن نّفْسِي وَشَهِدَ شَاهِدٌ مّنْ أَهْلِهَآ إِن كَانَ قَمِيصُهُ قُدّ مِن قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الكَاذِبِينَ * وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدّ مِن دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِن الصّادِقِينَ * فَلَمّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدّ مِن دُبُرٍ قَالَ إِنّهُ مِن كَيْدِكُنّ إِنّ كَيْدَكُنّ عَظِيمٌ }.
يقول تعالـى ذكره: قال يوسف لـما قذفته امرأة العزيز بـما قذفته من إرداته الفـاحشة منها مكذّبـا لها فـيـما قذفته به ودفعا لـما نُسِب إلـيه: ما أنا راودتها عن نفسها, بل هي راودتنـي عن نفسي. وقد قـيـل: إن يوسف لـم يرد ذكر ذلك لو لـم تقذفه عند سيدها بـما قذفته به. ذكر من قال ذلك:
14672ـ حدثنـي مـحمد بن عمارة, قال: حدثنا عبـيد الله بن موسى, قال: أخبرنا شيبـان, عن أبـي إسحاق, عن نوف الشامي, قال: ما كان يوسف يريد أن يذكره حتـى قالَتْ ما جَزَاءُ مَنْ أرَادَ بأهْلِكَ سُوءا... الآية, قال: فغضب فقال: هي راودتنـي عن نفسي.
وأما قوله: وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ أهْلها فإن أهل العلـم اختلفوا فـي صفة الشاهد, فقال بعضهم: كان صبـيّا فـي الـمهد. ذكر من قال ذلك:
14673ـ حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا أبو العلاء بن عبد الـجبـار, عن حماد بن سلـمة, عن عطاء بن السائب, عن سعيد بن جبـير, عن ابن عبـاس, قال: تكلـم أربعة فـي الـمهد وهم صغار: ابن ماشطة بنت فرعون, وشاهد يوسف, وصاحب جُريج, وعيسى ابن مريـم علـيه السلام.
14674ـ حدثنا أبو كريب, قال: حدثنا وكيع, عن أبـي بكر الهُذَلـيّ, عن شَهرْ بن حَوْشب, عن أبـي هريرة, قال: عيسى, وصاحب يوسف, وصاحب جُريج. يعنـي تكلـموا فـي الـمهد.
14675ـ حدثنا ابن بشار, قال: حدثنا عبد الرحمن, قال: حدثنا زائدة, عن أبـي حصين, عن سعيد بن جبـير: وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ أهْلها قال: صبـيّ.
حدثنا ابن بشار, قال: حدثنا عبد الرحمن, قال: حدثنا إسرائيـل, عن أبـي حصين, عن سعيد بن جبـير: وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ أهْلها قال: كان فـي الـمهد صبـيّا.
حدثنـي مـحمد بن عبـيد الـمـحاربـيّ, قال: حدثنا أيوب بن جابر, عن أبـي حصين, عن سعيد بن جبـير, فـي قوله: وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ أهْلها قال: صبـيّ.
حدثنـي يحيى بن طلـحة البربوعي, قال: حدثنا أبو بكر بن عياش, عن أبـي حصين, عن سعيد بن جبـير, بـمثله.
حدثنا أبو كريب, قال: حدثنا وكيع وحدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا أبـي, عن شريك, عن سالـم, عن سعيد بن جبـير, قال: كان صبـيّا فـي مهده.
14676ـ حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا إدريس, عن حصين, عن هلال بن يساف: وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ أهْلها قال: صبـيّ فـي الـمهد.
14677ـ حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا عمرو بن مـحمد, عن أبـي مزوق, عن جويبر, عن الضحاك: وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ أهْلها قال: صبـيّ أنطقه الله. ويقال: ذو رأي برأيه.
14678ـ حدثنا الـحسن بن مـحمد, قال: أخبرنا عفـان, قال: حدثنا حماد, قال: أخبرنـي عطاء بن السائب, عن سعيد بن جبـير, عن ابن عبـاس, عن النبـيّ صلى الله عليه وسلم قال: «تَكَلّـمَ أرْبَعَةٌ وَهُمْ صِغَارٌ» فذكر فِـيهمْ شاهِدَ يُوسُفَ.
14679ـ حُدثت عن الـحسين بن الفرج. قال: سمعت أبـا معاذ يقول: حدثنا عبـيد بن سلـيـمان, قال: سمعت الضحاك يقول فـي قوله: وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ أهْلها يزعمون أنه كان صبـيّا فـي الدار.
14680ـ حدثنـي مـحمد بن سعد, قال: ثنـي أبـي, قال: حدثنا عمي. قال: ثنـي أبـي, عن أبـيه, عن ابن عبـاس, قوله: وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ أهْلها قال: كان صبـياّ فـي الـمهد.
وقال آخرون: كان رجلاً ذا لـحية. ذكر من قال ذلك:
14681ـ حدثنا أبو كريب, قال: حدثنا وكيع وحدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا أبـي, عن إسرائيـل, عن سماك, عن عكرمة, عن ابن عبـاس, قال: كان ذا لـحية.
14682ـ حدثنا أبو كريب, قال: حدثنا وكيع وحدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا أبـي, عن سفـيان, عن جابر, عن ابن أبـي ملـيكة, عن ابن عبـاس: وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ أهْلها قال: كان من خاصة الـملك.
14683ـ وبه قال: حدثنا أبـي, عن عمران بن حدير, سمع عكرمة يقول: وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ أهْلها قال: ما كان يصبـيّ, ولكن رجلاً حكيـما.
حدثنا سَوّار بن عبد الله, قال: حدثنا عبد الـملك بن الصبـاح, قال: حدثنا عمران بن حدير, عن عكرمة, وذكره عنده: وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ أهْلها فقالوا: كان صبـيّا, فقال: إنه لـيس بصبـيّ ولكنه رجل حكيـم.
14684ـ حدثنا أبو كريب, قال: حدثنا وكيع وحدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا أبـي, عن سفـيان, عن منصور, عن مـجاهد: وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ أهْلها قال: كان رجلاً.
حدثنا ابن بشار, قال: حدثنا عبد الرحمن, قال: حدثنا سفـيان, عن منصور, عن مـجاهد: وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ أهْلها قال: رجل.
حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا جرير, عن منصور, عن مـجاهد, فـي قوله: وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ أهْلها قال: رجل.
14685ـ حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا أبو بكر بن عياش, عن أبـي حصين, عن سعيد بن جبـير: وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ أهْلها قال: رجل.
حدثنا الـحسن بن مـحمد, قال: حدثنا عمرو بن مـحمد, قال: أخبرنا إسرائيـل, عن سماك, عن عكرمة عن ابن عبـاس: وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ أهْلها قال: ذو لـحية.
14686ـ حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا عمرو بن مـحمد, قال: حدثنا أسبـاط, عن السديّ, قال: ابن عمها كان الشاهد من أهلها.
حدثنا الـحسن بن يحيى, قال: أخبرنا عبد الرزاق, قال: أخبرنا إسرائيـل, عن سماك, عن عكرمة عن ابن عبـاس: وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ أهْلها قال: ذو لـحية.
حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا أبو غسان, قال: حدثنا إسرائيـل, عن سماك, عن عكرمة, عن ابن عبـاس, قال: كان ذا لـحية.
14687ـ حدثنـي الـحارث, قال: حدثنا عبد العزيز, قال: حدثنا قـيس, عن جابر, عن ابن أبـي ملـيكة: وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ أهْلها قال: كان من خاصة الـملك.
14688ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, قوله: وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ أهْلها قال: رجل حكيـم كان من أهلها.
حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى, قال: حدثنا مـحمد بن ثور, عن معمر, عن قتادة, قوله: وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ أهْلها قال: رجل حكيـم من أهلها.
حدثنا الـمثنى, قال: حدثنا أبو نعيـم, قال: حدثنا سفـيان, عن منصور, عن مـجاهد: وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ أهْلها قال: كان رجلاً.
14689ـ حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا عمرو بن عون, قال: أخبرنا هشيـم, عن بعض أصحابه, عن الـحسن, فـي قوله: وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ أهْلها قال رجل له رأي أشار برأيه.
14690ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا سلـمة, عن ابن إسحاق: وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ أهْلها قال: يقال: إنـما كان الشاهد مشيرا رجلاً من أهل إطفـير, وكان يستعين برأيه. إلا أنه قال: أشهد إن كان قميصه قدّ من قبل لقد صدقت وهو من الكاذبـين.
وقـيـل: معنى قوله: وَشَهِدَ شاهِدٌ: حكم حاكم.
14691ـ حدثت بذلك عن الفراء, عن معلـي بن هلال, عن أبـي يحيى, عن مـجاهد.
وقال آخرون: إنـما عنـي بـالشاهد القميص الـمقدود. ذكر من قال ذلك:
14692ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد, فـي قول الله: وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ أهْلها قال: قميصه مشقوق من دبر, فتلك الشهادة.
حدثنا الـحسن بن مـحمد, قال: حدثنا شبـابة, قال: حدثنا ورقاء, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد, قوله: وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ أهْلها قميصه مشقوق من دُبُر, فتلك الشهادة.
14693ـ حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا الـمـحاربـي, عن لـيث, عن مـجاهد: وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ أهْلها لـم يكن من الإنس.
قال: حدثنا حفص, عن لـيث, عن مـجاهد: وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ أهْلها قال: كان من أمر الله, ولـم يكن إنسيا.
والصواب من القول فـي ذلك, قول من قال: كان صبـيّا فـي الـمهد للـخبر الذي ذكرناه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه ذكر من تكلـم فـي الـمهد, فذكر أن أحدهم صاحب يوسف. فأما ما قاله مـجاهد من أنه القميص الـمقدود فما لا معنى له لأن الله تعالـى ذكره أخبر عن الشاهد الذي شهد بذلك أنه من أهل الـمرأة فقال: وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ أهْلها ولا يقال للقميص هو من أهل الرجل ولا الـمرأة.
وقوله: إنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدّ مِنْ قُبُلً فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الكاذِبِـينَ لأن الـمطلوب إذا كان هاربـا فإنـما يؤتـى من قبل دبره, فكان معلوما أن الشقّ لو كان من قُبُل لـم يكن هاربـا مطلوبـا, ولكن كان يكون طالبـا مدفوعا, وكان ذلك شهادة علـى كذبه.
14694ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا سلـمة, عن ابن إسحاق, قال: قال: أشهد إن كان قميصه قُدّ من قُبل لقد صدقت وهو من الكاذبـين, وذلك أن الرجل إنـما يريد الـمرأة مقبلاً. إنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدّ مِنْ دُبُرٍ وَهُوَ مِنَ الصّادِقِـينَ وذلك أن الرجل لا يأتـي الـمرأة من دبر. وقال: إنه لا ينبغي أن يكون فـي الـحقّ إلا ذاك. فلـما رأى إطفـير قميصه قُدّ من دبر عرف أنه من كيدها, فقال: إنّهُ مِنْ كَيْدِكُنّ إنّ كَيْدَكُنّ عَظِيـمٌ.
14695ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, قال: قال: يعنـي الشاهد من أهلها: القميص يقضي بـينهما إنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدّ مِنْ قُبُلً فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الكاذِبِـينَ وإنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصّادِقِـينَ فَلَـمّا رأى قَمِيصَهُ قُدّ مِنْ دُبُرٍ قَالَ إنّهُ مِنْ كَيْدَكُنّ إنّ كَيْدَكُنّ عَظِيـمٌ.
وإنـما حذفت «أن» التـي تتلقـى بها الشهادة, لأنه ذهب بـالشهادة إلـى معنى القول, كأنه قال: وقال قائل من أهلها: إن كان قميصه, كما قـيـل: يُوصِيكُمُ اللّهُ فِـي أوْلادِكُمْ للذّكَرِ مِثلُ حَظّ الأُنْثَـيَـيْنِ لأنه ذهب بـالوصية إلـى القول.
وقوله: فَلَـمّا رأى قَمِيصَهُ قُدّ مِنْ دُبُرٍ خبر عن زوج الـمرأة, وهو القائل لها: إن هذا الفعل من كيدكنّ: أي صنـيعكنّ, يعنـي من صنـيع النساء, إن كيدكنّ عظيـم. وقـيـل: إنه خبر عن الشاهد أنه القائل ذلك.
الآية : 29
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَـَذَا وَاسْتَغْفِرِي لِذَنبِكِ إِنّكِ كُنتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ }.
وهذا فـيـما ذكر ابن عبـاس, خبر من الله تعالـى ذكره عن قـيـل الشاهد أنه قال للـمرأة ولـيوسف, يعنـي بقوله: يُوسُفُ يا يوسف أعْرِضْ عَنْ هَذَا يقول: أعرض عن ذكر ما كان منها إلـيك فـيـما راودتك علـيه فلا تذكره لأحد. كما:
14696ـ حدثنا يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد فـي قوله: يُوسُفُ أعْرِضْ عَنْ هَذَا قال: لا تذكره, واسْتَغْفِري أنت زوجك, يقول: سلـيه أن لا يعاقبك علـى ذنبك الذي أذنبت, وأن يصفح عنه فـيستره علـيك.
إنّكِ كُنْتِ مِنَ الـخَاطِئينَ, يقول: إنك كنت من الـمذنبـين فـي مراودة يوسف عن نفسه, يقال منه: خطىء فـي الـخطيئة يخْطَأُ خَطَأً وَخِطْأً, كما قال جلّ ثناؤه: «إنّهُ كانَ خِطْأً كَبـيرا» والـخطأ فـي الأمر, وحكى فـي الصواب أيضا الصّوْب, والصوب كما قال: الشاعر:
لَعَمْرُكِ إنّـمَا خَطَئِي وَصَوْبِـيعلـيّ وإِنّ ما أهْلَكْتُ مالُ
وينشد بـيت أمية:
عبـادُكَ يُخْطِئُونَ وأنْتَ رَبٌبكَفّـيْكَ الـمَنايا والـحُتُومُ
من خَطِىء الرجل. وقـيـل: إنّكِ كُنْتِ مِنَ الـخَاطِئينَ لـم يقل: من الـخاطئات, لأنه لـم يقصد بذلك قصد الـخبر عن النساء, وإنـما قصد به الـخبر عمن يفعل ذلك فـيخطىء.
الآية : 30
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَن نّفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبّاً إِنّا لَنَرَاهَا فِي ضَلاَلٍ مّبِينٍ }.
يقول تعالـى ذكره: وتـحدّث النساء بأمر يوسف وأمر امرأة العزيز فـي مدينة مصر, وشاع من أمرهما فـيها ما كان, فلـم ينكتـم, وقلن: امرأة العزيز تراود فتاها, عبدها, عن نفسه: كما:
14697ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا سلـمة, عن ابن إسحاق, قال: وشاع الـحديث فـي القرية,. وتـحدّث النساء بأمره وأمرها, وقلن: امْرأةُ العَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتاها عَنْ نَفْسِهِ أي عبدها.
وأما العزيز فإنه الـملك فـي كلام العرب ومنه قول أبـي دؤاد:
دُرّةٌ غاصَ عَلَـيْها تاجِرٌجُلِـيَتْ عنْدَ عَزِيزٍ يَوْمَ طَلّ
يعنـي بـالعزيز: الـملك, وهو من العزّة.
وقوله: قَدْ شَغَفَها حُبّـا يقول قد وصل حثّ يوسف إلـى شغاف قلبها, فدخـل تـحته حتـى غلب علـى قلبها. وشغاف القلب: حجابه وغلافه الذي هو فـيه, وإياه عَنى النابغة الذبـيانـي بقوله:
وَقَدْ حالَ هَمّ دُونَ ذلكَ داخِـلٌدُخُولَ شُغافٍ تَبْتَغِيهِ الأصَابِعُ
وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:
14698ـ حدثنا الـحسن بن مـحمد, قال: حدثنا حجاج بن مـحمد, عن ابن جريج, قال: أخبرنـي عمرو بن دينار, أنه سمع عكرمة يقول فـي قوله: شَغَفَها حُبّـا قال: دخـل حبه تـحت الشغاف.
14699ـ حدثنا الـحسن بن مـحمد, قال: حدثنا شبـابة, قال: حدثنا ورقاء, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد قوله: قَدْ شَغَفَها حُبّـا قال: دخـل حبه فـي شغافها,
حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد: قَدْ شَغَفَها حُبّـا قال: دخـل حبه فـي شغافها.
حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا أبو حذيفة, قال: حدثنا شبل, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد: قَدْ شَغَفَها حُبّـا قال: كان حبه فـي شغافها.
قال: حدثنا إسحاق, قال: حدثنا عبد الله, عن ورقاء, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد, مثل حديث الـحسن بن مـحمد, عن شبـابة.
14700ـ حدثنـي مـحمد بن سعد, قال: حدثنا أبـي, قال: ثنـي عمي, قال: ثنـي أبـي, عن أبـيه, عن ابن عبـاس, قوله: قَدْ شَغَفَها حُبّـا يقول: علقها حبّـا.
حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا عبد الله بن صالـح, قال: ثنـي معاوية, عن علـيّ, عن ابن عبـاس, قوله: قَدْ شَغَفَها حُبّـا قال: غلبها.
14701ـ حدثنا أبو كريب, قال: حدثنا وكيع وحدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا أبـي, عن أبـيه عن أيوب بن عائذ الطائي عن الشعبـي: قَدْ شَغَفَها حُبّـا قال: الـمشغوف: الـمـحبّ, والـمشعوف: الـمـجنون.
14702ـ وبه قال: حدثنا أبـي, عن أبـي الأشهب, عن أبـي رجاء والـحسن: قَدْ شَغَفَها حُبّـا قال: أحدهما: قد بطنها حبـا, وقال الاَخر: قد صدقها حبـا.
حدثنـي يعقوب, قال: حدثنا ابن علـية, عن أبـي رجاء, عن الـحسن, فـي قوله: قَدْ شَغَفَها حُبّـا قال: قد بطنها حبّـا. قال يعقوب: قال أبو بشر: أهل الـمدينة يقولون: قد بطنها حبّـا.
حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا ابن علـية, عن أبـي رجاء, عن الـحسن, قال: سمعته يقول فـي قوله: قَدْ شَغَفَها حُبّـا قال: بطنها حبّـا. وأهل الـمدينة يقولون ذلك.
حدثنا الـحسن بن مـحمد, قال: حدثنا عبد الوهاب, عن قرة, عن الـحسن: قَدْ شَغَفَها حُبّـا قال: قد بطن بها حبّـا.
حدثنا الـحسن, قال: حدثنا أبو قطن, قال: حدثنا أبو الأشهب, عن الـحسن: قَدْ شَغَفَها حُبّـا قال: بطنها حبه.
حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة. عن الـحسن: قَدْ شَغَفَها حُبّـا قال: بطن بها.
14703ـ حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى, قال: حدثنا مـحمد بن ثور, عن معمر, عن قتادة: قَدْ شَغَفَها حُبّـا قال: استبطنا حبها إياه.
14704ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, قوله: قَدْ شَغَفَها حُبّـا أي قد علقها.
14705ـ حدثنـي الـحارث, قال: حدثنا عبد العزيز, قال: حدثنا إسرائيـل, عن أبـي يحيى, عن مـجاهد: قَدْ شَغَفَها حُبّـا قال: قد علقها حبّـا.
14706ـ حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا الـمـحاربـيّ, عن جويبر, عن الضحاك, قال: هو الـحبّ اللازق بـالقلب.
14707ـ حُدثت عن الـحسين, قال: سمعت أبـا معاذ يقول: حدثنا عبـيد, قال: سمعت الضحاك, فـي قوله: قَدْ شَغَفَها حُبّـا يقول: هلكت علـيه حبّـا, والشّغَاف: شَغاف القلب.
14708ـ حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا عمرو بن مـحمد, قال: حدثنا أسبـاط, عن السديّ: قَدْ شَغَفَها حُبّـا قال: والشغاف: جلدة من علـى القلب يقال لها: لسان القلب, يقول: دخـل الـحبّ الـجلد حتـى أصاب القلب.
وقد اختلفت القرّاء فـي قراءة ذلك, فقرأته عامة قرّاء الأمصار بـالغين: قَدْ شَغَفَها علـى معنى ما وصفت من التأويـل. وقرأ ذلك أبو رجاء: «قَدْ شَعَفَها» بـالعين.
14709ـ حدثنا الـحسين بن مـحمد, قال: حدثنا أبو قطن, قال: حدثنا أبو الأشهب, عن أبـي رجاء: «قَدْ شَعَفَها».
قال: حدثنا خـلف, قال: حدثنا هشيـم, عن أبـي الأشهب, أو عوف عن أبـي رجاء: «قَدْ شَعَفَها حُبّـا» بـالعين.
14710ـ قال: حدثنا خـلف, قال: حدثنا مـحبوب, قال: قرأه عوف: «قَدْ شَعَفَها».
14711ـ قال: حدثنا عبد الوهاب, عن هارون, عن أسيد, عن الأعرج: «قَدْ شَعَفَها حُبّـا» وقال: شعفها إذا كان هو يحبها.
ووجّه هؤلاء معنى الكلام إلـى أن الـحبّ قد عمها.
وكان بعض أهل العلـم بكلام العرب من الكوفـيـين يقول: هو من قول القائل: قد شُعِفَ بها, كأنه ذهب بها كلّ مذهب من شغف الـجبـال, وهي رؤوسها.
ورُوي عن إبراهيـم النـخعي أنه قال: الشغف: شغف الـحبّ. والشّعفَ: شَعَف الدابة حين تذعر.
14712ـ حدثنـي بذلك الـحارث, عن القاسم, أنه قال: يُروى ذلك عن أبـي عوانة, عن مغيرة عنه.
قال الـحارث: قال القاسم, يذهب إبراهيـم إلـى أنّ أصل الشغف: هو الذعر. قال: وكذلك هو كما قال إبراهيـم فـي الأصل, إلا أن العرب ربـما استعارت الكلـمة فوضعتها فـي غير موضعها قال امرؤ القـيس:
أتَقْتُلِنـي وَقَدْ شَعَفْتُ فُؤَادَهاكمَا شَعَفَ الـمَهْنُوءَةَ الرّجلُ الطّالـي
قال: وشعف الـمرأة. من الـحبّ, وشعف الـمهنوءة من الذّعر, فشبه لوعة الـحبّ وجواه بذلك.
وقال ابن زيد فـي ذلك ما:
14713ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال: ابن زيد, فـي قوله: قَدْ شَغَفَها حُبّـا قال: أن الشّغْف والشّعَف مختلفـان, والشعْف فـي البغض, والشغْف فـي الـحبّ. وهذا الذي قاله ابن زيد لا معنى له, لأن الشعْف فـي كلام العرب بـمعنى عموم الـحبّ أشهر من أن يجهله ذو علـم بكلامهم.
والصواب فـي ذلك عندنا من القراءة: قَدْ شَغَفَها بـالغين لإجماع الـحجة من القرّاء علـيه.
وقوله: إنّا لَنَراها فِـي ضَلالٍ مُبِـينٍ قلن: إنا لنرى امرأة العزيز فـي مراودتها فتاها عن نفسه وغلبة حبه علـيها لفـي خطأ من الفعل وجور عن قصد السبـيـل مبـين لـمن تأمله وعلـمه أنه ضلال وخطأ غير صواب ولا سداد. وإنـما كان قـيـلهنّ ما قلن من ذلك وتـحدّثهنّ بـما تـحدّثن به من شأنها وشأن يوسف مكرا منهنّ فـيـما ذكر لتريهنّ يوسف