تفسير الطبري تفسير الصفحة 259 من المصحف

 تفسير الطبري - صفحة القرآن رقم 259
260
258
 الآية : 26
القول فـي تأويـل قوله تعالـى:
{وَمَثلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثّتْ مِن فَوْقِ الأرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ }.
يقول تعالـى ذكره: ومثل الشرك بـالله, وهي الكلـمة الـخبـيثة, كشجرة خبـيثة.
اختلف أهل التأويـل فـيها أيّ شجرة هي؟ فقال أكثرهم: هي الـحنظل. ذكر من قال ذلك:
15696ـ حدثنا مـحمد بن الـمثنى, قال: حدثنا مـحمد بن جعفر, قال: حدثنا شعبة, عن معاوية بن قرة, قال: سمعت أنس بن مالك, قال فـي هذا الـحرف: وَمَثَلُ كَلِـمَةٍ خَبِـيثَةٍ كَشَجَرةٍ خَبِـيثَةٍ قال: الشريان فقلت: ما الشريان؟ قال رجل عنده: الـحنظل. فأقرّ به معاوية.
حدثنا الـحسن بن مـحمد, قال: حدثنا شبـابة, قال: أخبرنا شعبة, عن معاوية بن قرة, قال: سمعت أنس بن مالك يقول: وَمَثَلُ كَلِـمَةٍ خَبِـيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِـيثَةٍ قال: الـحنظل.
حدثنا الـحسن, قال: حدثنا عمرو بن الهيثم, قال: حدثنا شعبة, عن معاوية بن قرة, عن أنس بن مالك, قال: الشريان: يعنـي الـحنظل.
حدثنا أحمد بن منصور, قال: حدثنا نعيـم بن حماد, قال: حدثنا مـحمد بن ثور, عن ابن جريج, عن الأعمش, عن حبـان بن شعبة, عن أنس بن مالك, فـي قوله: كَشَجَرَة خَبِـيثَةٍ قال: الشريان, قلت لأنس: ما الشريان؟ قال: الـحنظل.
حدثنـي يعقوب, قال: حدثنا ابن علـية, قال: حدثنا شعيب, قال: خرجت مع أبـي العالـية, نريد أنس بن مالك, فأتـيناه, فقال: وَمَثَلُ كَلِـمَةٍ خَبِـيثَةٍ كَشَجَرةٍ خَبِـيثَةٍ تلكم الـحنظل.
حدثنا الـحسن, قال: حدثنا إسماعيـل بن إبراهيـم, عن شعيب بن الـحَبْحاب, عن أنس, مثله.
حدثنا الـمثنى قال: حدثنا آدم العسقلانـيّ, قال: حدثنا شعبة, قال: حدثنا أبو إياس, عن أنس بن مالك, قال: الشجرة الـخبـيثة: الشريان, فقلت: وما الشريان؟ قال: الـحنظل.
حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا الـحجاج, قال: حدثنا حماد, عن شعيب, عن أنس, قال: تلكم الـحنظل.
حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا الـحجاج, قال: حدثنا مهدي بن ميـمون, عن شعيب, قال: قال أنس: وَمَثَلُ كَلَـمَةٍ خَبِـيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِثَةٍ... الاَية, قال: تلكم الـحنظل, ألـم تروا إلـى الرياح كيف تصفّقها يـمينا وشمالاً؟.
15697ـ حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا أبو حذيفة, قال: حدثنا شبل, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد: كَشَجَرَةٍ خَبِـيثَةٍ: الـحنظلة.
وقال آخرون: هذه الشجرة لـم تـخـلق علـى الأرض. ذكر من قال ذلك:
15698ـ حدثنا الـحسن بن مـحمد الزعفرانـي, قال: حدثنا أبو كدينة, قال: حدثنا قابوس, عن أبـيه, عن ابن عبـاس: وَمَثَلُ كَلـمَةٍ خَبِـيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِثَةٍ اجْتُثّتْ مِنْ فَوْقِ الأرْضِ ما لَهَا مِنْ قَرَارٍ قال: هذا مثل ضربه الله, ولـم تُـخـلق هذه الشجرة علـى وجه الأرض.
وقد رُوي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بتصحيح قول من قال: هي الـحنظلة خبرٌ, فإن صحّ فلا قول يجوز أن يقال غيره, وإلا فإنها شجرة بـالصفة التـي وصفها الله بها. ذكر الـخبر الذي ذكرناه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:
15699ـ حدثنا سوار بن عبد الله, قال: حدثنا أبـي, قال: حدثنا حماد بن سلـمة, عن شعيب بن الـحبحاب, عن أنس بن مالك, أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «وَمَثَلُ كَلِـمَةٍ خَبِـيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِـيثَةٍ اجْتُثّتْ مِنْ فَوْقِ الأرْضِ ما لَهَا مِنْ قَرَارٍ هي الـحنظلة». قال شعيب: وأخبرت بذلك أبـا العالـية, فقال: كذلك كانوا يقولون.
وقوله: اجْتُثّتْ مِنْ فَوْقِ الأرْضِ يقول: استؤصلت, يقال منه: اجتثثت الشيء أجتثه اجتثاثا: إذا استأصلته.
وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:
15700ـ حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى, قال: حدثنا مـحمد بن ثور, عن معمر, عن قتادة: اجْتُثّتْ مِنْ فَوْقِ الأرْضِ قال: استؤصلت من فوق الأرض. ما لَهَا مِنْ قَرَارٍ يقول: ما لهذه الشجرة من قرار ولا أصل فـي الأرض تنبت علـيه وتقوم.
وإنـما ضربت هذه الشجرة التـي وصفها الله بهذه الصفة لكفر الكافر وشركه به مثلاً, يقول: لـيس لكفر الكافر وعمله الذي هو معصية الله فـي الأرض ثبـات, ولا له فـي السماء مصعد, لأنه لا يصعد إلـى الله منه شيء.
وبنـحو ما قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:
15701ـ حدثنـي مـحمد بن سعد, قال: ثنـي أبـي, قال: ثنـي عمي, قال: ثنـي أبـي, عن أبـيه, عن ابن عبـاس, قوله: وَمَثَلُ كَلِـمَةٍ خَبِـيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِـيثَةٍ اجْتُثّتْ مِنْ فَوْقِ الأرْضِ ما لَهَا مِنْ قَرَارٍ ضرب الله مثل الشجرة الـخبـيثة كمثل الكافر, يقول: إن الشجرة الـخبـيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار: يقول: الكافر لا يقبل عمله ولا يصعد إلـى الله, فلـيس له أصل ثابت فـي الأرض ولا فرع فـي السماء, يقول: لـيس له عمل صالـح فـي الدنـيا ولا فـي الاَخرة.
15702ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, قوله: وَمَثَلُ كَلِـمَةٍ خَبِـيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِـيثَةٍ اجْتُثّتْ مِنْ فَوْقِ الأرْضِ ما لَهَا مِنْ قَرارٍ قال قتادة: إن رجلاً لقـي رجلاً من أهل العلـم, فقال: ما تقول فـي الكلـمة الـخبـيثة؟ فقال: ما أعلـم لها فـي الأرض مستقرّا ولا فـي السماء مصعدا إلا أن تلزم عنق صاحبها, حتـى يوافـي بها يوم القـيامة.
15703ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, عن أبـي العالـية: أن رجلاً خالـجت الريح رداءه فلعنها, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تَلْعَنْها فإنّها مَأْمُورَةٌ, وَإنّهُ مَنْ لَعَنَ شَيْئا لَـيْسَ لَهُ بأهْلٍ رَجَعَتِ اللّعْنَةُ علـى صَاحِبها».
15704ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي حجاج, عن أبـي جعفر, عن الربـيع بن أنس: وَمَثَلُ كَلِـمَةٍ خَبِـيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِـيثَةٍ قال: هذا الكافر لـيس له عمل فـي الأرض وذكرٌ فـي السماء. اجْتُثّتْ مِنْ فَوْقِ الأرْضِ ما لَهَا مِنْ قَرَارٍ قال: لا يصعد عمله إلـى السماء ولا يقوم علـى الأرض. فقـيـل: فأين تكون أعمالهم؟ قال: يحملون أوزارهم علـى ظهورهم.
15705ـ حدثنا أحمد بن إسحاق, قال: حدثنا أبو أحمد, قال: حدثنا فضيـل بن مرزوق, عن عطية العوفـي: وَمَثَلُ كَلِـمَةٍ خَبِـيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِـيثَةٍ اجْتُثّتْ مِنْ فَوْقِ الأرْضِ قال: مثل الكافر لا يصعد له قول طيب ولا عمل صالـح.
15706ـ حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا عبد الله بن صالـح, قال: ثنـي معاوية, عن علـيّ, عن ابن عبـاس, قال: وَمَثَلُ كَلِـمَةٍ خَبِـيثَةٍ وهي الشرك, كَشَجَرَةٍ خَبِـيثَةٍ يعنـي الكافر. قال: اجْتُثّتْ مِنْ فَوْقِ الأرْضِ ما لَهَا مِنْ قَرارٍ يقول: الشرك لـيس له أصل يأخذ به الكافر ولا برهان, ولا يقبل الله مع الشرك عملاً.
حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا إسحاق, قال: حدثنا عبد الله بن أبـي جعفر, عن أبـيه, عن الربـيع: وَمَثَلُ كَلِـمَةٍ خَبِـيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِـيثَةٍ قال: مثل الشجرة الـخبـيثة مثل الكافر, لـيس لقوله ولا لعمله أصل ولا فرع, ولا قوله ولا عمله يستقرّ علـى الأرض ولا يصعد إلـى السماء.
15707ـ حُدثت عن الـحسين, قال: سمعت أبـا معاذ, يقول: أخبرنا عبـيد بن سلـيـمان, قال: سمعت الضحاك يقول: ضرب الله مثل الكافر كشجرة خبـيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار, يقول: لـيس لها أصل ولا فرع, ولـيست لها ثمرة, ولـيس فـيها منفعة, كذلك الكافر لـيس يعمل خيرا ولا يقوله, ولـم يجعل الله فـيه بركة ولا منفعة.
الآية : 27
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {يُثَبّتُ اللّهُ الّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدّنْيَا وَفِي الاَخِرَةِ وَيُضِلّ اللّهُ الظّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللّهُ مَا يَشَآءُ }.
يعنـي تعالـى ذكره بقوله: يُثَبّتُ اللّهُ الّذِينَ آمَنُوا يحقق الله أعمالهم وإيـمانهم بـالقَوْلِ الثّابِتِ يقول: بـالقول الـحقّ, وهو فـيـما قـيـل: شهادة أن لا إله إلا الله وأن مـحمدً رسول الله.
وأما قوله: فِـي الـحَياةِ الدّنـيْا فإن أهل التأويـل اختلفوا فـيه, فقال بعضهم: عنـي بذلك أن الله يثبتهم فـي قبورهم قبل قـيام الساعة. ذكر من قال ذلك:
15708ـ حدثنـي أبو السائب سلـم بن جنادة, قال: حدثنا أبو معاوية, عن الأعمش, عن سعد بن عبـيدة, عن البراء بن عازب, فـي قوله: يُثَبّتُ اللّهُ الذِينَ آمَنُوا بـالقَوْلِ الثّابِتِ فِـي الـحَياةِ الدّنـيْا قال: التثبـيت فـي الـحياة الدنـيا إذا أتاه الـملكان فـي القبر, فقالا له: من ربك؟ فقال: ربـي الله, فقالا له: ما دينك؟ قال: دينـي الإسلام, فقالا له: من نبـيك؟ قال نبـيـي مـحمد صلى الله عليه وسلم. فذلك التثبـيت فـي الـحياة الدنـيا.
حدثنا أبو كريب, قال: حدثنا جابر بن نوح, عن الأعمش, عن سعد بن عبـيدة, عن البراء بن عازب, بنـحو منه فـي الـمعنى.
15709ـ حدثنـي عبد الله بن إسحاق الناقد الواسطي, قال: حدثنا وهب بن جرير, قال: حدثنا شعبة, عن علقمة بن مرثد, عن سعد بن عبـيدة, عن البراء, قال: ذكر النبـيّ صلى الله عليه وسلم الـمؤمن والكافر, فقال: «إنّ الـمُؤْمِنَ إذا سُئِلَ فِـي قَبْرِهِ قال: رَبّـيَ اللّهُ, فذلك قوله: يُثَبّتُ اللّهُ الّذِينَ آمَنُوا بـالقَوْلِ الثّابِتِ فِـي الـحَياةِ الدّنـيْا وَفِـي الاَخِرَةِ».
حدثنا مـحمد بن الـمثنى, قال: حدثنا هشام بن عبد الـملك, قال: حدثنا شعبة, قال: أخبرنـي علقمة بن مرثد قال: سمعت سعد بن عبـيدة, عن البراء بن عازب, أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إنّ الـمُسْلِـمَ إِذَا سُئِلَ فِـي القَبْرِ يَشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلاّ اللّهُ, وأنّ مُـحَمّدا رَسُولُ اللّهِ» قال: «فذلك قَوْلُهُ يُثَبّتُ الله الّذِينَ آمَنُوا بـالقَوْلِ الثّابِتِ فِـي الـحَياةِ الدّنـيْا وفِـي الاَخرَةِ».
15710ـ حدثنـي الـحسن بن سلـمة بن أبـي كبشة, ومـحمد بن معمر البحرانـي, واللفظ لـحديث ابن أبـي كبشة, قالا: حدثنا أبو عامر عبد الـملك بن عمرو, قال: حدثنا عبـاد بن راشد, عن داود بن أبـي هند, عن أبـي نضرة, عن أبـي سعيد, قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فـي جنازة, فقال: «يا أيّها النّاسُ إنّ هَذِهِ الأُمّةَ تُبْتَلَـى فِـي قُبُورِها, فإذَا الإنْسانُ دُفنَ وتَفَرّقَ عَنْهُ أصحَابُهُ, جاءَهُ مَلَكٌ بـيَدِهِ مِطْرَاقٌ فأَقْعَدَهُ, فَقالَ: ما تَقولُ فِـي هذَا الرّجُلِ؟ فإنْ كانَ مُؤمِنا قالَ: أشْهَدُ أنْ لا إلهَ إلاّ اللّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ وأنّ مُـحَمّدا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ فَـيَقُولُ لَهُ: صَدَقْتَ فـيُفْتَـحُ لَهُ بـابٌ إلـى النّارِ, فَـيُقالُ: هذَا مَنْزِلُكَ لَوْ كَفَرْتَ بِرَبّكَ فَأمّا إذْ آمَنْتَ بِهِ, فإنّ اللّهَ أبْدَلَكَ بِهِ هَذَا. ثُمّ يُفْتَـحُ لَهُ بـابٌ إلـى الـجَنّةِ, فَـيُرِيدُ أنْ يَنْهَضَ لَهُ, فَـيُقالُ لَهُ: اسْكُنْ ثُمّ يُفْسَحُ لَهُ فِـي قَبْرِهِ. وأمّا الكافِرُ أوِ الـمُنافِقُ, فَـيُقالُ لَهُ ما تَقُولُ فِـي هذَا الرّجُلِ؟ فَـيَقُولُ: ما أدْرِي, فَـيُقالُ لَهُ: لادَرَيْتَ وَلا تَلَـيْتَ وَلا اهْتَدَيْتَ ثُمّ يُفْتَـحُ لَهُ بـابٌ إلـى الـجَنّةِ, فَـيُقالُ لَهُ: هذَا كانَ مَنْزِلَكَ لَوْ آمَنْتَ بِرَبّكَ فأمّا إذْ كَفَرْتَ فإنّ اللّهَ أبْدَلَكَ هَذَا. ثُمّ يُفْتَـحُ لَهُ بـابٌ إلـى النّارِ, ثُمّ يَقْمَعُهُ الـمَلَكُ بـالـمِطْرَاقِ قَمْعَةً يَسْمَعُهُ خَـلْقُ اللّهِ كُلّهُمْ إلاّ الثّقَلَـيْنِ». قال بعض أصحابه: يا رسول الله ما منا أحد يقوم علـى رسه ملك بـيده مطراق إلا هيـل عند ذلك؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يُثَبّتُ اللّهُ الّذِيَنَ آمَنُوا بـالقَوْلِ الثّابِتِ فِـي الـحَياةِ الدّنـيْا وَفِـي الاَخِرَةِ وَيُضِلّ اللّهُ الظّالِـمِينَ وَيَفْعَلُ اللّهُ ما يَشاءُ».
15711ـ حدثنا أبو كريب, قال: حدثنا أبو بكر بن عياش, عن الأعمش, عن الـمنهال, عن زاذان, عن البراء: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال, وذكر قبض روح الـمؤمن: «فَتُعادُ رُوحُهُ فِـي جَسَدِهِ وَيَأْتِـيهِ مَلَكانِ فَـيُجْلِسانِهِ فِـي قَبْرِهِ, فَـيَقُولانِ مَنْ رَبّكَ؟ فَـيَقُولُ: رَبّـيَ اللّه, فَـيَقُولانِ: ما دِينُكَ؟ فَـيَقُولُ دِينِـيَ الإسْلامُ, فَـيَقُولانِ لَهُ: ما هذَا الرّجُلُ الّذِي بُعِثَ فـيكُمْ؟ فَـيَقُولُ: هُوَ رَسُولُ اللّهِ, فَـيَقُولانِ: ما يُدْرِيكَ؟ فَـيَقُولُ: قَرأتُ كتابَ اللّهِ فَآمَنْتُ بِهِ, وَصَدّقْتُ. فَـيُنادِي مُنادٍ مِنَ السّماءِ: أنْ صَدَقَ عَبْدِي» قال: «فذلكَ قَوْلُ اللّهِ عَزّ وَجَلّ يُثَبّتُ اللّهُ الّذِينَ آمَنُوا بـالقَوْلِ الثّابِتِ فِـي الـحَياةِ الدّنـيْا وفِـي الاَخِرَةِ».
حدثنـي أبو السائب, قال: حدثنا أبو معاوية, قال: حدثنا الأعمش, عن الـمنهال, عن زاذان, عن البراء, عن النبـيّ صلى الله عليه وسلم, بنـحوه.
حدثنا ابن حميد وابن وكيع, قالا: حدثنا جرير, عن الأعمش, عن الـمنهال, عن زاذان, عن البراء, عن النبـيّ صلى الله عليه وسلم, بنـحوه.
حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا ابن نـمير, قال: حدثنا الأعمش, قال: حدثنا الـمنهال بن عمرو, عن زاذان, عن البراء, عن النبـيّ صلى الله عليه وسلم, بنـحوه.
حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا الـحكم بن بشير, قال: حدثنا عمرو بن قـيس, عن يونس بن خَبّـاب, عن الـمنهال, عن زاذان, عن البراء بن عازب, عن النبـيّ صلى الله عليه وسلم, نـحوه.
حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى, قال: حدثنا مـحمد بن ثور, عن معمر وحدثنا الـحسن بن مـحمد, قال: حدثنا سعيد بن منصور, قال: حدثنا مهدي بن ميـمون جميعا, عن يونس بن خبـاب, عن الـمنهال بن عمرو, عن زاذان, عن البراء بن عازب, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم, وذكر قبض روح الـمؤمن, قال: «فَـيَأْتِـيهِ آتٍ فِـي قَبْرِهِ فَـيَقُولُ: مَنْ رَبّكَ وَما دِينُكَ وَمَنْ نَبِـيّكَ؟ فَـيَقُولُ: رَبّـيَ اللّهُ وَدِينِـي الإسْلامُ وَنَبِـيّـي مُـحَمّدٌ صَلـى اللّهُ علـيهِ وسلّـمَ. فَـيَنْتهِرُهُ, فَـيَقُولُ: مَنْ رَبّكَ, وَما دِينُكَ؟ فَهِيَ آخِرُ فِتْنَةٍ تُعْرَضُ علـى الـمُؤْمِنِ, فذلكَ حِينَ يَقُولُ اللّهُ عَزّ وَجَلّ: يُثَبّتُ اللّهُ الّذِينَ آمَنُوا بـالقَوْلِ الثّابِتِ فِـي الـحَياةِ الدّنـيْا وفِـي الاَخِرَةِ, فَـيَقُولُ: رَبّـيَ اللّهُ, وَدِينِـي الإسْلامُ, وَنَبِـيّـي مُـحَمّدٌ صَلـى اللّهُ علـيهِ وسلّـمَ. فَـيُقالُ لَهُ: صَدَقْتَ». واللفظ لـحديث ابن عبد الأعلـى.
15712ـ حدثنا مـحمد بن خـلف العسقلانـي, قال: حدثنا آدم, قال: حدثنا حماد بن سلـمة, عن مـحمد بن عمرو, عن أبـي سلـمة, عن أبـي هريرة, قال: تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم: يُثَبّتُ الّذِينَ آمَنُوا بـالقَوْلِ الثّابِتِ فِـي الـحَياةِ الدّنـيْا وفِـي الاَخِرَةِ قالَ: «ذَاكَ إذَا قِـيـلَ فِـي القَبْرِ: مَنْ رَبّكَ؟ وَما دِينُكَ؟ فَـيَقُولُ: رَبّـيَ اللّهُ, وَدِينِـي الإسْلامُ, وَنَبِـيّـي مُـحَمّدٌ صَلـى اللّهُ عَلَـيهِ وسلّـمَ, جاءَ بـالبَـيّنَاتِ مِنْ عِنْدِ اللّهِ, فَآمَنْتُ بِهِ وَصَدّقْتُ فَـيُقالُ لَهُ: صَدَقْتَ علـى هَذَا عِشْتَ وَعَلَـيْهِ مِتّ, وَعَلَـيْهِ تُبْعَثُ».
15713ـ حدثنا مـجاهد بن موسى, والـحسن بن مـحمد, قالا: حدثنا يزيد, قال: أخبرنا مـحمد بن عمرو, عن أبـي سلـمة, عن أبـي هريرة, قال: «إنّ الـمَيّتَ لَـيَسْمَعُ خَفْقَ نِعالِهِمْ حِينَ يُوَلّونَ عَنهُ مُدْبِرِين فإذَا كانَ مُؤْمِنا, كانَتِ الصّلاةُ عنْدَ رأسهِ والزّكاةُ عَنْ يَـمِينـيهِ, وكانَ الصّيامُ عَنْ يَسارِهِ, وكانَ فعْلُ الـخَيْرَاتِ منَ الصّدَقَةِ والصّلَةِ والـمَعْرُوفِ والإحْسانِ إلـى النّاسِ عِنْدَ رِجْلَـيْهِ, فَـيُؤْتَـى مِنْ عِنْدِ رأسِهِ, فَتَقُولُ الصّلاةُ: ما قِبَلِـي مَدْخَـلٌ فَـيُؤْتَـى عَنْ يَـمِينِهِ, فَتَقُولُ الزّكاةُ: ما قِبَلِـي مَدْخَـلٌ فَـيُؤْتَـى عَنْ يَسارِهِ, فَـيَقُولُ الصّيامُ: ما قِبَلِـي مَدْخَـلٌ فَـيُؤْتَـى مِنْ عِنْدِ رِجْلَـيْهِ, فَـيَقُولُ فِعْلُ الـخَيْرَاتِ مِنَ الصّدَقَةِ والصّلَةِ والـمَعْرُوفِ والإحْسانِ إلـى النّاسِ: ما قِبَلِـي مَدْخَـلٌ فَـيُقالُ لَهُ: اجْلِسْ فَـيَجْلِسُ, قَدْ مُثّلِتْ لَهُ الشّمْسُ قَدْ دَنَتْ للغروبِ, فَـيُقالُ لَهُ: أخْبِرْنا عَما نَسْألُكَ فَـيَقُولُ: دَعُونِـي حتـى أُصلـيَ فَـيَقُولُ: إنّكَ سَتَفْعَلُ فَأخْبِرْنا عمّا نَسْألُكَ عَنْهُ. فَـيَقُولُ: وَعَمّ تَسألُونَ؟ فَـيُقالُ: أرأيْتَ هذَا الرّجُلَ الّذِي كانَ فِـيكُمْ؟ ماذَا تَقُولُ فِـيهِ وَماذَا تَشْهَدُ بِهِ عَلَـيْهِ؟ فَـيَقُولُ: أمـحَمّدٌ؟ فَـيُقالُ لَهُ: نَعَمْ. فَـيَقُولُ: أشْهَدُ أنّهُ رَسُولُ اللّهِ, وأنّهُ جاءَ بـالبَـيّناتِ مِنْ عِنْدِ اللّهِ, فَصَدّقْناهُ فَـيُقالُ لَهُ: علـى ذلكَ حَيِـيتَ وَعلـى ذلك مِتّ وَعلـى ذلكَ تُبْعَثُ إنْ شاءَ اللّهُ. ثُمّ يُفْسَحُ لَهُ فِـي قَبْرِهِ سَبْعُونَ ذِرَاعا, وَيُنّوّرُ لَهُ فِـيهِ, ثُمّ يُفْتَـحُ لَهُ بـابٌ إلـى الـجَنّةِ, فَـيُقالُ لَهُ: انْظُرْ إلَـى ما أعَدّ اللّهُ لَكَ فِـيها فَـيزْدَادُ غِبْطَةً وَسُرُورًا. ثُمّ يُفْتَـحُ لَهُ بـابٌ إلـى النّارِ, فَـيُقالُ لَهُ: انْظُرْ ما صَرَفَ اللّهُ عَنْكَ لَوْ عَصَيْتَهُ فَـيزْدَادُ غِبْطَةً وَسُرُورا. ثُمّ يَجْعَلُ نَسَمُهُ فِـي النّسَمِ الطّيّبِ, وَهِيَ طَيْرٌ خُضْرٌ تُعَلّقُ بِشَجَرِ الـجَنّةِ ويُعادُ جَسَدُهُ إلـى ما بُدِىءَ مِنْهُ مِنَ التّرَابِ, وَذلك قَوْلُ اللّهُ تَعالـى: يُثَبّتُ اللّهُ الّذِينَ آمَنُوا بـالقَوْلِ الثابِتِ ف2 الـحَياةِ الدّنْـيا وفِـي الاَخِرَةِ».
15714ـ حدثنا الـحسن بن مـحمد, قال: حدثنا أبو قطن, قال: حدثنا الـمسعودي, عن عبد الله بن مخارق, عن أبـيه عن عبد الله, قال: إن الـمؤمن إذا مات أجلس فـي قبره, فـيقال له: من ربك, وما دينك, ومن نبـيك؟ فـيثبته الله, فـيقول: ربـي الله, ودينـي الإسلام, ونبـي مـحمد. قال: فقرأ عبد الله: يُثَبّتُ اللّهُ الّذِينَ آمَنُوا بـالقَوْلِ الثّابِتِ فـي الـحَياةِ الدّنْـيا وفِـي الاَخِرَةِ.
15715ـ حدثنا الـحسن, قال: حدثنا أبو خالد القرشي, عن سفـيان, عن أبـيه وحدثنا أحمد, قال: حدثنا أبو أحمد, قال: حدثنا سفـيان, عن أبـيه, عن خيثمة, عن البراء, فـي قوله: يُثَبّتُ اللّهُ الّذِينَ آمَنُوا بـالقَوْلِ الثّابتِ فِـي الـحَياةِ الدّنْـيا قال: عذاب القبر.
15716ـ حدثنا الـحسن, قال: حدثنا عفـان, قال: حدثنا شعبة, عن علقمة بن مرثد, عن سعد بن عبـيدة, عن البراء, عن النبـيّ صلى الله عليه وسلم, فـي قول الله تعالـى: يُثَبّتُ اللّهُ الّذِينَ آمَنُوا بـالقَوْلِ الثابتِ فِـي الـحَياةِ الدّنـيا وفِـي الاَخِرَةِ قال شعبة: شيئا لـم أحفظه, قال: «فـي القَبْرِ».
15717ـ حدثنـي مـحمد بن سعد, قال: ثنـي أبـي, قال: ثنـي عمي, قال: ثنـي أبـي, عن أبـيه, عن ابن عبـاس, قوله: يُثَبّتُ اللّهُ الّذِينَ آمَنُوا بـالقَوْلِ الثّابِتِ... إلـى قوله: وَيُضِلّ اللّهُ الظّالِـمِينَ قال: إن الـمؤمن إذا حضره الـموت شهدته الـملائكة فسلـموا علـيه وبشّروه بـالـجنة, فإذا مات مشوا فـي جنازته, ثم صَلّوا علـيه مع الناس, فإذا دفن فـي قبره, فـيقال له: من ربك؟ فـيقول: ربـي الله, ويقال له: من رسولك؟ فـيقول مـحمد, فـيقال له: ما شهادتك؟ فـيقول: أشهد أن لا إله إلاّ الله, وأن مـحمدا رسول الله. فـيوسع له فـي قبره مدّ بصره.
15718ـ حدثنا الـحسن, قال: حدثنا حجاج, قال: قال ابن جريج, سمعت ابن طاوس يخبر عن أبـيه, قال: لا أعلـمه إلاّ قال: هي فـي فتنة القبر فـي قوله: يُثَبّتُ اللّهُ الّذِينَ آمَنُوا بـالقَوْلِ الثّابِتِ.
15719ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا جرير عن العلاء بن الـمسيب, عن أبـيه, أنه كان يقول فـي هذه الاَية: يُثَبّتُ اللّهُ الّذِينَ آمَنُوا بـالقَوْلِ الثّابِتِ فِـي الـحَياةِ الدّنْـيا وفِـي الاَخِرَةِ: هي فـي صاحب القبر.
حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا عمرو بن عون, قال: أخبرنا هشيـم, عن العوّام, عن الـمسيب بن رافع: يُثَبّتُ اللّهُ الّذِينَ آمَنُوا بـالقَوْلِ الثّابِتِ فِـي الـحَياةِ الدّنْـيا وفِـي الاَخِرَةِ قال: نزلت فـي صاحب القبر.
حدثنا أحمد, قال: حدثنا أبو أحمد, قال: حدثنا عبـاد بن العوّام, عن العلاء بن الـمسيب, عن أبـيه الـمسيب بن رافع نـحوه.
15720ـ حدثنـي الـمثنى, قال: أخبرنا إسحاق, قال: حدثنا عبد الرحمن بن سعد, قال: أخبرنا أبو جعفر الرازي, عن الربـيع, فـي قول الله تعالـى: يُثَبّتُ اللّهُ الّذِينَ آمَنُوا بـالقَوْلِ الثّابِتِ فِـي الـحَياةِ الدّنْـيا وفِـي الاَخِرَةِ قال: بلغنا أن هذه الأمة تُسْأل فـي قبورها, فـيثبّت الله الـمؤمن فـي قبره حين يُسْأل.
حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا أبو ربـيعة فهد, قال: حدثنا أبو عوانة, عن الأعمش, عن الـمنهال بن عمرو, عن زاذان, عن البراء بن عازب, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم, وذكر قبض روح الـمؤمن, قال: «فَترْجِعُ رُوحُهُ فِـي جَسَدِهِ, وَيَبْعَثُ اللّهُ إلَـيْهِ مَلَكَيْنِ شَدِيدَيِ الاِنْتِهارِ, فَـيُجْلِسانِهِ وَيَنْتَهِرَانِهِ, يَقُولانِ: مَنْ رَبّكَ؟ قال: فَـيَقُولُ: اللّهُ, وَما دِينُكَ؟ قال: الإسْلامُ, قال: فَـيَقُولانِ لَهُ: ما هذَا الرّجُلُ أوِ النّبِـيّ الّذِي بُعِثَ فِـيكُمْ؟ فَـيَقُولُ مُـحَمّدٌ رَسُولُ اللّهِ, قالَ: فَـيَقُولانِ لَهُ: وَما يُدْرِيكَ؟ قال: فَـيَقُولُ: قَرأتُ كتابَ اللّهِ فآمَنْتُ بِهِ وَصَدّقْتُ, فَذلكَ قَوْلُ اللّهِ يُثَبّتُ اللّهُ الّذِينَ آمَنُوا بـالقَوْلِ الثّابِتِ فِـي الـحَياةِ الدّنْـيا وفِـي الاَخِرَةِ».
15721ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, فـي قوله: يُثَبّتُ اللّهُ الّذِينَ آمَنُوا بـالقَوْلِ الثّابِتِ فِـي الـحَياةِ الدّنْـيا وفِـي الاَخِرَةِ قال: نزلت فـي الـميت الذي يُسئل فـي قبره عن النبـيّ صلى الله عليه وسلم.
15722ـ حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى, قال: حدثنا مـحمد بن ثور, عن معمر, عن قتادة: فـي قول الله: يُثَبّتُ اللّهُ الّذِينَ آمَنُوا بـالقَوْلِ الثّابِتِ فِـي الـحَياةِ الدّنْـيا وفِـي الاَخِرَةِ قال: بلغنا أن هذه الأمة تُسئل فـي قبورها, فـيثبت الله الـمؤمن حيث يُسئل.
15723ـ حدثنا أحمد, قال: حدثنا أبو أحمد, قال: حدثنا شريك, عن إبراهيـم بن مهاجر, عن مـجاهد: يُثَبّتُ اللّهُ الّذِينَ آمَنُوا بـالقَوْلِ الثّابِتِ فِـي الـحَياةِ الدّنْـيا قال: هذا فـي القبر مخاطبته وفِـي الاَخِرَةِ مثل ذلك.
وقال آخرون: معنى ذلك: يثبت الله الذين آمنوا بـالإيـمان فـي الـحياة الدنـيا, وهو القول الثابت, وفـي الاَخرة: الـمسألة فـي القبر. ذكر من قال ذلك:
15724ـ حدثنا الـحسن بن يحيى, قال: أخبرنا عبد الرزاق, قال: أخبرنا معمر, عن ابن طاوس, عن أبـيه: يُثَبّتُ اللّهُ الّذِينَ آمَنُوا بـالقَوْلِ الثّابِتِ فِـي الـحَياةِ الدّنْـيا قال: لا إله إلاّ الله. وفِـي الاَخِرةِ الـمسألة فـي القبر.
15725ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, قوله: يُثَبّتُ اللّهُ الّذِينَ آمَنُوا بـالقَوْلِ الثّابِتِ فِـي الـحَياةِ الدّنْـيا أما الـحياة الدنـيا, فـيثبتهم بـالـخير والعمل الصالـح. وقوله: فِـي الاَخِرَةِ أي فـي القبر.
والصواب من القول فـي ذلك ما ثبت به الـخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فـي ذلك, وهو أن معناه: يثبت الله الذين آمنوا بـالقول الثابت فـي الـحياة الدنـيا, وذلك تثبـيته إياهم فـي الـحياة الدنـيا بـالإيـمان بـالله وبرسوله مـحمد صلى الله عليه وسلم, وفـي الاَخرة بـمثل الذِي ثبتهم به فـي الـحياة الدنـيا, وذلك فـي قبورهم حين يُسألون عن الذي هم علـيه من التوحيد والإيـمان برسوله صلى الله عليه وسلم.
وأما قوله: وَيُضِلّ اللّهُ الظّالِـمِينَ فإنه يعنـي أن الله لا يوفق الـمنافق والكافر فـي الـحياة الدنـيا وفـي الاَخرة عند الـمسألة فـي القبر لـما هدي له من الإيـمان الـمؤمن بـالله ورسوله صلى الله عليه وسلم.
وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:
15726ـ حدثنا مـحمد بن سعد, قال: ثنـي أبـي, قال: ثنـي عمي, قال: ثنـي أبـي, عن أبـيه, عن ابن عبـاس, قال: أما الكافر فتنزل الـملائكة إذا حضره الـموت, فـيبسطون أيديهم والبسط: هو الضرب يضربون وجوههم وأدبـارهم عند الـموت. فإذا أدخـل قبره أقعد, فقـيـل له: من ربك؟ فلـم يرجع إلـيهم شيئا, وأنساه الله ذكر ذلك, وإذا قـيـل له: من الرسول الذي بعث إلـيك؟ لـم يهتد له ولـم يرجع إلـيه شيئا. يقول: وَيُضِلّ اللّهُ الظّالِـمِينَ.
15727ـ حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا فهد بن عوف أبو ربـيعة, قال: حدثنا أبو عوانة, عن الأعمش, عن الـمنهال بن عمرو, عن زاذان, عن البراء, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم, وذكر الكافر حين تُقبض روحه, قال: «فَتُعادُ رُوحُهُ فِـي جَسَدِهِ», قالَ: «فَـيَأْتِـيهِ مَلَكانِ شَدِيدَا الاِنْتِهارِ, فَـيُجْلِسانِهِ فَـيَنْتَهِرَانِهِ, فَـيَقُولانِ لَهُ: مَنْ رَبّكَ؟ فَـيَقُولُ: لا أدْرِي, قالَ: فـيَقُولانِ لَهُ: ما دينك؟ فـيقول: لا أدري, قال: فـيقال له: ما هذَا النّبِـيّ الّذِي بُعِثَ فِـيكُمْ؟ قال: فَـيَقُولُ: سَمِعْتُ النّاسَ يَقُولُونَ ذلكَ, لا أدْرِي, قال: فَـيَقُولانِ: لا دَرَيْتَ قالَ: وذلكَ قولُ اللّهِ وَيُضِلّ اللّهُ الظّالِـمِينَ, وَيَفْعَلُ اللّهُ ما يَشاءُ».
وقوله: وَيَفْعَلُ الله ما يَشاءُ يعنـي تعالـى ذكره بذلك: وبـيد الله الهداية والإضلال, فلا تنكروا أيها الناس قُدرته ولا اهتداء من كان منكم ضالاّ ولا ضَلاَل من كان منكم مهتديا, فإن بـيده تصريف خـلقه وتقلـيب قلوبهم, يفعل فـيها ما يشاء.
الآية : 28-29
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الّذِينَ بَدّلُواْ نِعْمَةَ اللّهِ كُفْراً وَأَحَلّواْ قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ * جَهَنّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَارُ }
.
يقول تعالـى ذكره: ألـم تنظر يا مـحمد إلـى الّذِينَ بَدّلُوا نِعْمَةَ اللّهِ كُفْرًا يقول: غيروا ما أنعم الله به علـيهم من نعمه, فجعلوها كُفرا به. وكان تبديـلهم نعمة الله كفرا فـي نبـيّ الله مـحمد صلى الله عليه وسلم, أنعم الله به علـى قريش, فأخرجه منهم وابتعثه فـيهم رسولاً, رحمة لهم ونعمة منه علـيهم, فكفروا به, وكذّبوه, فبدّلوا نعمة الله به كفرا. وقوله: وأحَلّوا قَوْمَهُمْ دَارَ البَوَارِ يقول: وأنزلوا قومهم من مُشركي قريش دار البوار, وهي دار الهلاك, يقال منه: بـار الشيء يَبُورُ بَوْرا: إذا هلك وبطل ومنه قول ابن الزّبعري, وقد قـيـل إنه لأبـي سفـيان بن الـحرث بن عبد الـمطلب:
يا رَسُولَ الـمَلِـيكِ إنّ لِسانِـيرَاتِقٌ ما فَتَقْتُ إذْ أنا بُورُ
ثم ترجم عن دار البوار وما هي, فقـيـل: جَهَنّـمَ يَصْلَوْنَهاوَبئْسَ القَرَارِ يقول: وبئس الـمستقرّ هي جهنـم لـمن صلاها. وقـيـل: إن الذين بدّلوا نعمة الله كفرا: بنو أمية, وبنو مخزوم. ذكر من قال ذلك:
15728ـ حدثنا ابن بشار وأحمد بن إسحاق, قالا: حدثنا أبو أحمد, قال: حدثنا سفـيان, عن علـيّ بن زيد, عن يوسف بن سعد, عن عمر بن الـخطاب, فـي قوله: ألَـمْ تَرَ إلـى الّذِينَ بَدّلُوا نِعْمَةَ اللّهِ كُفْرًا وَأحَلّوا قَوْمَهُمْ دَارَ البَوَارِ جَهَنّـمَ قال: هما الأفجران من قريش: بنو الـمغيرة, وبنو أمية فأما بنو الـمغيرة فكُفـيتُـمُوهم يوم بدر, وأما بنو أمية فمتّعوا إلـى حين.
حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا أبو نعيـم الفضل بن دكين, قال: أخبرنا حمزة الزيات, عن عمرو بن مرّة, قال: قال ابن عبـاس لعمر رضي الله عنهما: يا أمير الـمؤمنـين, هذه الاَية: الّذِينَ بَدّلُوا نِعْمَةَ اللّهِ كُفْرًا وأحَلّوا قَوْمَهُمْ دَارَ البَوَارِ؟ قال: هم الأفجران من قريش أخوالـي وأعمامك, فأما أخوالـي فـاستأصلهم الله يوم بدر, وأما أعمامك فأملـى الله لهم إلـى حين.
15729ـ حدثنا مـحمد بن بشار, قال: حدثنا عبد الرحمن, قال: حدثنا سفـيان, عن أبـي إسحاق, عن عمرو ذي مرّ, عن علـيّ: وأحَلّوا قَوْمَهُمْ دَارَ البَوَارِ قال: الأفجران من قريش.
حدثنا ابن بشار, قال: حدثنا عبد الرحمن, قال: حدثنا شعبة, عن أبـي إسحاق, عن عمرو ذي مرّ, عن علـيّ, مثله.
15730ـ حدثنا أحمد بن إسحاق, قال: حدثنا أبو أحمد, قال: حدثنا سفـيان وشريك, عن أبـي إسحاق, عن عمرو ذي مرّ, عن علـيّ, قوله: ألَـمْ تَرَ إلـى الّذِينَ بَدّلُوا نعْمَةَ اللّهِ كُفْرًا وأحَلّوا قَوْمَهُمْ دَارَ البَوَارِ قال: بنو الـمغيرة وبنو أمية فأما بنو الـمغيرة فقطع الله دابرهم يوم بدر وأما بنو أمية فمُتّعوا إلـى حين.
حدثنا مـحمد بن الـمثنى, قال: حدثنا مـحمد بن جعفر, قال: حدثنا شعبة, عن أبـي إسحاق, قال: سمعت عمرا ذا مرّ, قال: سمعت علـيّا يقول فـي هذه الاَية: ألَـمْ تَرَ إلـى الّذِينَ بَدّلُوا نعْمَةَ اللّهِ كُفْرًا وأحَلّوا قَوْمَهُمْ دَارَ البَوَارِ قال: الأفجران من بنـي أسد وبنـي مخزوم.
حدثنا ابن الـمثنى, قال: حدثنا عبد الرحمن, قال: حدثنا شعبة, عن القاسم بن أبـي بزّة, عن أبـي الطفـيـل, عن علـيّ, قال: هم كفـار قريش. يعنـي فـي قوله: وأحَلّوا قَوْمَهُمْ دَارَ البَوَارِ جَهَنّـمَ.
حدثنا ابن الـمثنى, قال: حدثنا مـحمد بن جعفر, قال: حدثنا شعبة, عن القاسم بن أبـي بزّة, عن أبـي الطفـيـل أنه سمع علـيّ بن أبـي طالب, وسأله ابن الكوّاء عن هذه الاَية: ألَـمْ تَرَ إلـى الّذِينَ بَدّلُوا نِعْمَةَ اللّهِ كُفْرًا وأحَلّوا قَوْمَهُمْ دَارَ البَوَارِ قال: هم كفـار قريش يوم بدر.
حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا أبو النضر هاشم بن القاسم, عن شعبة, عن القاسم بن أبـي بزّة, قال: سمعت أبـا الطفـيـل, قال: سمعت علـيّا, فذكر نـحوه.
حدثنا أبو السائب, قال: حدثنا أبو معاوية, عن إسماعيـل بن سميع, عن مسلـم البطين, عن أبـي أرطأة, عن علـيّ فـي قوله: ألَـمْ تَرَ إلـى الّذِينَ بَدّلُوا نِعْمَةَ اللّهِ كُفْرًا قال: هم كفّـار قريش. هكذا قال أبو السائب مسلـم البطين عن أبـي أرطأة.
حدثنا الـحسن بن مـحمد الزعفرانـي, قال: حدثنا أبو معاوية الضرير, قال: حدثنا إسماعيـل بن سميع, عن مسلـم بن أرطأة, عن علـيّ, فـي قوله تعالـى: الّذِينَ بَدّلُوا نِعْمَةَ اللّهِ كُفْرًا قال: كفـار قريش.
حدثنا الـحسن بن مـحمد, قال: حدثنا يعقوب بن إسحاق, قال: حدثنا شعبة, عن القاسم بن أبـي بزة, عن أبـي الطفـيـل, عن علـيّ, قال فـي قول الله: ألَـمْ تَرَ إلـى الّذِينَ بَدّلُوا نِعْمَةَ اللّهِ كُفْرًا وأحَلّوا قَوْمَهُمْ دَارَ البَوَارِ قال: هم كفـار قريش.
حدثنا الـحسن بن مـحمد, قال: حدثنا شبـابة, قال: حدثنا شعبة, عن القاسم بن أبـي بَزة, قال: سمعت أبـا الطفـيـل يحدّث, قال: سمعت علـيّا يقول فـي هذه الاَية: أَلَـمْ تَرَ إلـى الّذِينَ بَدّلُوا نِعْمَةَ اللّهِ كُفْرًا وأحَلّوا قَوْمَهُمْ دَارَ البَوَارِ قال: كفـار قريش يوم بدر.
15731ـ حدثنا الـحسن, قال: حدثنا الفضل بن دكين, قال: حدثنا بسام الصّيرفـيّ, قال: حدثنا أبو الطفـيـل عامر بن واثلة, ذكر أن علـيّا قام علـى الـمنبر فقال: سلونـي قبل أن لا تسألونـي, ولن تسألوا بعدي مثلـي فقام ابن الكوّاء فقال: من الّذِينَ بَدّلُوا نِعْمَةَ اللّهِ كُفْرًا وأحَلّوا قَوْمَهُمْ دَارَ البَوَارِ؟ قال: منافقو قريش.
حدثنا الـحسن, قال: حدثنا مـحمد بن عبـيد, قال: حدثنا بسام, عن رجل قد سماه الطنافسيّ, قال: جاء رجل إلـى علـيّ, فقال: يا أمير الـمؤمنـين: من الّذِينَ بَدّلُوا نِعْمَةَ اللّهِ كُفْرًاوأحَلّوا قَوْمَهُمْ دَارَ البَوَارِ؟ قال: فـي قريش.
حدثنا أحمد بن إسحاق, قال: حدثنا أبو أحمد, قال: حدثنا بسام الصيرفـيّ, عن أبـي الطفـيـل, عن علـيّ أنه سئل عن هذه الاَية: الّذِينَ بَدّلُوا نِعْمَةَ اللّهِ كُفْرًا قال: منافقو قريش.
15732ـ حدثنا الـحسن بن مـحمد, قال: حدثنا عفـان, قال: حدثنا حماد, قال: حدثنا عمرو بن دينار, أن ابن عبـاس قال فـي قوله: وأحَلّوا قَوْمَهُمْ دَارَ البَوَارِ قال: هم الـمشركون من أهل بدر.
15733ـ حدثنا الـحسن بن مـحمد, قال: حدثنا عبد الـجبـار, قال: حدثنا سفـيان, عن عمرو, قال: سمعت عطاء يقول: سمعت ابن عبـاس يقول: هم والله أهل مكة الّذِينَ بَدّلُوا نِعْمَةَ اللّهِ كُفْرًا وأحَلّوا قَوْمَهُمْ دَارَ البَوَارِ.
حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: حدثنا صالـح بن عمر, عن مطرف بن طريف, عن أبـي إسحاق قال: سمعت عمرا ذا مرّ يقول: سمعت علـيّا يقول علـى الـمنبر, وتلا هذه الاَية: ألَـمْ تَرَ إلـى الّذِينَ بَدّلُوا نِعْمَةَ اللّهِ كُفْرًا وأحَلّوا قَوْمَهُمْ دَارَ البَوَارِ. قال: هما الأفجران من قريش فأما أحدهما فقطع الله دابرهم يوم بدر وأما الاَخر فمُتّعوا إلـى حين.
15734ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحارث, قال: حدثنا الـحسن قال: حدثنا ورقاء وحدثنا الـحسن, قال: حدثنا شبـابة, قال: حدثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد قوله: بَدّلُوا نِعْمَةَ اللّهِ كُفْرًا قال: كفـار قريش.
حدثنا أحمد بن إسحاق, قال: حدثنا أبو أحمد, قال: حدثنا عبد الوهاب, عن مـجاهد, قال: كفـار قريش.
حدثنا الـمثنى, قال: حدثنا أبو حُذيفة, قال: حدثنا شبل, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد: بَدّلُوا نِعْمَةَ اللّهِ كُفْرًا كفـار قريش.
حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي حجاج, عن ابن جريج, عن مـجاهد, مثله.
حدثنا الـحسن بن يحيى, قال: أخبرنا عبد الرزاق, قال: أخبرنا ابن عيـينة, عن عمرو بن دينار, عن عطاء, قال: سمعت ابن عبـاس يقول: هم والله الّذِينَ بَدّلُوا نِعْمَةَ اللّهِ كُفْرًا وأحَلّوا قَوْمَهُم دَارَ البَوَارِ قريش. أو قال: أهل مكة.
15735ـ حدثنا ابن وكيع وابن بشار, قالا: حدثنا غُنْدر, عن شعبة, عن أبـي بشر, عن سعيد بن جبـير فـي هذه الاَية: الّذِينَ بَدّلُوا نِعْمَةَ اللّهِ كُفْرًا وأحَلّوا قَوْمَهُمْ دَارَ البَوَارِ قال: قتلـى يوم بدر.
15736ـ حدثنا ابن الـمثنى, قال: ثنـي عبد الصمد, قال: حدثنا شعبة, عن أبـي بشر, عن سعيد بن جبـير: الّذِينَ بَدّلُوا نِعْمَةَ اللّهِ كُفْرًا وأحَلّوا قَوْمَهُمْ دَارَ البَوَارِ قال: هم كفـار قريش.
15737ـ حدثنا مـحمد بن بشار ومـحمد بن الـمثنى, قالا: حدثنا عبد الرحمن, قال: حدثنا هشيـم, عن حُصَين, عن أبـي مالك وسعيد بن جبـير, قالا: هم قتلـى بدر من الـمشركين.
حدثنا أبو كريب, قال: حدثنا ابن عيـينة, عن عمرو, عن عطاء, عن ابن عبـاس فـي: الّذِينَ بَدّلُوا نِعْمَةَ اللّهِ كُفْرًا وأحَلّوا قَوْمَهُمْ دَارَ البَوَارِ قال: هم والله أهل مكة. قال: أبو كريب: قال سفـيان: يعنـي كفـارهم.
حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا الـحجاج, قال: حدثنا حماد, عن عمرو بن دينار, عن ابن عبـاس, فـي قوله: وأحَلّوا قَوْمَهُمْ دَارَ البَوَارِ قال: هم الـمشركون من أهل بدر.
حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا عمرو بن عون, قال: أخبرنا هشيـم, عن إسماعيـل بن أبـي خالد, عن أبـي إسحاق, عن بعض أصحاب علـيّ, عن علـيّ, فـي قوله: ألَـمْ تَرَ إلـى الّذِينَ بَدّلُوا نعْمَةَ اللّهِ كُفْرًا قال: هم الأفجران من قريش من بنـي مخزوم وبنـي أمية أما بنو مخزوم فإن الله قطع دابرهم يوم بدر وأما بنو أمية فمُتّعوا إلـى حين.
15738ـ حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا معلـى بن أسد, قال: أخبرنا خالد, عن حصين, عن أبـي مالك, فـي قول الله: ألَـمْ تَرَ إلـى الّذِينَ بَدّلُوا نعْمَةَ اللّهِ كُفْرًا قال: هم القادة من الـمشركين يوم بدر.
حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا عمرو بن عون, قال: أخبرنا هشيـم, عن حصين, عن أبـي مالك وسعيد بن جبـير, قالا: هم كفـار قريش من قُتل ببدر.
15739ـ حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا عمرو بن عون, قال: أخبرنا هشيـم, عن جويبر, عن الضحاك, قال: هم كفـار قريش, من قُتل ببدر.
حُدثت عن الـحسين, قال: سمعت أبـا معاذ يقول: أخبرنا عبـيد بن سلـيـمان, قال: سمعت الضحاك, يقول فـي قوله: ألَـمْ تَرَ إلـى الّذِينَ بَدّلُوا نعْمَةَ اللّهِ كُفْرًا... الاَية, قال: هم مشركو أهل مكة.
15740ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا سلـمة بن الفضل, قال: أخبرنـي مـحمد بن إسحاق, عن بعض أصحابه, عن عطاء بن يسار, قال: نزلت هذه الاَية فـي الذين قُتلوا من قريش: ألَـمْ تَرَ إلـى الّذِينَ بَدّلُوا نعْمَةَ اللّهِ كُفْرًا وأحَلّوا قَوْمَهُمْ دَارَ البَوَارِ... الاَية.
15741ـ حدثنا بشر بن معاذ, قال: حدثنا يزيد بن زريع, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, قوله: ألَـمْ تَرَ إلـى الّذِينَ بَدّلُوا نعْمَةَ اللّهِ كُفْرًا وأحَلّوا قَوْمَهُمْ دَارَ البَوَارِ كنا نـحدّث أنهم أهل مكة: أبو جهل وأصحابه الذين قتلهم الله يوم بدر, قال الله: جَهَنّـمَ يَصْلَوْنَها وَبئْس القَرَارُ.
حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى, قال: حدثنا مـحمد بن ثور, عن معمر, عن قتادة, فـي قوله: وأحَلّوا قَوْمَهُمْ دَارَ البَوَارِ قال: هم قادة الـمشركين يوم بدر, أحلوا قومهم دار البوار جَهَنّـمَ يَصْلَوْنَها.
15742ـ حدثنا يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, فـي قوله: الّذِينَ بَدّلُوا نعْمَةَ اللّهِ كُفْرًا وأحَلّوا قَوْمَهُمْ دَارَ البَوَارِ قال: هؤلاء الـمشركون من أهل بدر.
وقال آخرون فـي ذلك, بـما:
15743ـ حدثنـي به مـحمد بن سعد, قال: ثنـي أبـي, قال: ثنـي عمي, قال: ثنـي أبـي عن ابن عبـاس, قوله: ألَـمْ تَرَ إلـى الّذِينَ بَدّلُوا نعْمَةَ اللّهِ كُفْرًا وأحَلّوا قَوْمَهُمْ دَارَ البَوَارِ جَهَنّـمَ يَصْلَوْنَها فهو جبلة بن الأيهم, والذين اتبعوه من العرب فلـحقوا بـالروم.
وبنـحو الذي قلنا فـي معنى قوله: وأحَلّوا قَوْمَهُمْ دَارَ البَوَارِ قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:
15744ـ حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا عمرو بن عون, قال: أخبرنا هشيـم, عن جويبر, عن الضحاك: وأحَلّوا قَوْمَهُمْ دَارَ البَوَارِ قال: أحلوا من أطاعهم من قومهم.
15745ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي حجاج, عن ابن جريج, عن ابن عبـاس: دَارَ البَوَارِ قال: الهلاك. قال ابن جريج, قال مـجاهد: وأحَلّوا قَوْمَهُمْ دَارَ البَوَارِ قال: أصحاب بدر.
15746ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, فـي قوله: دَارَ البَوَارِ النار. قال: وقد بَـيّن الله ذلك وأخبرك به, فقال: جَهَنّـمَ يَصْلَوْنَها وَبِئْسَ القَرَارُ.
15747ـ حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى, قال: حدثنا مـحمد بن ثور, عن معمر, عن قتادة: دَارَ البَوَارِ جَهَنّـمَ يَصْلَوْنَها هي دارهم فـي الاَخرة.
الآية : 30
القول فـي تأويـل قوله تعالـى:{وَجَعَلُواْ للّهِ أَندَاداً لّيُضِلّواْ عَن سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتّعُواْ فَإِنّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النّارِ }.
يقول تعالـى ذكره: وجعل هؤلاء الذين بدّلوا نعمة الله كفرا لربهم أندادا, وهي جماع نِدّ, وقد بـيّنت معنى الندّ فـيـما مضى بشواهده بـما أغنى عن إعادته, وإنـما أراد أنهم جعلوا لله شركاء كما:
15748ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة: قوله: وَجَعَلُوا لِلّهِ أنْدَادًا والأنداد: الشركاء.
وقوله: لِـيُضِلّوا عَنْ سَبِـيـلِهِ اختلفت القرّاء فـي قراءة ذلك, فقرأته عامّة قرّاء الكوفـيـين: لِـيُضِلّوا بـمعنى: كي يضلوا الناس عن سبـيـل الله بـما فعلوا من ذلك. وقرأته عامة قرّاء أهل البصرة: «لَـيَضِلّوا» بـمعنى: كي يضلّ جاعلو الأنداد لله عن سبـيـل الله. وقوله: قُلْ تَـمَتّعُوا يقول تعالـى ذكره لنبـيه مـحمد صلى الله عليه وسلم: قل يا مـحمد لهم: تـمتعوا فـي الـحياة الدنـيا وعيدا من الله لهم لا إبـاحَة لهم التـمتع بها ولا أمرا علـى وجه العبـادة, ولكن توبـيخا وتهددا ووعيدا, وقد بَـيّن ذلك بقوله: فإنّ مَصِيرَكُمْ إلـى النّارِ يقول: استـمتعوا فـي الـحياة الدنـيا, فإنها سريعة الزوال عنكم, وإلـى النار تصيرون عن قريب, فتعلـمون هنالك غبّ تـمتعكم فـي الدنـيا بـمعاصي الله وكفركم فـيها به.
الآية : 31
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {قُل لّعِبَادِيَ الّذِينَ آمَنُواْ يُقِيمُواْ الصّلاَةَ وَيُنْفِقُواْ مِمّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلانِيَةً مّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاّ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خِلاَلٌ }.
يقول تعالـى ذكره لنبـيه مـحمد صلى الله عليه وسلم: قُلْ يا مـحمد لِعبـادِيَ الّذِينَ آمَنُوا بك وصدّقوا أن ما جئتهم به من عندي يُقـيـمُوا الصّلاةَ يقول: قل لهم: فلـيقـيـموا الصلوات الـخمس الـمفروضة علـيهم بحدودها, ولـينفقوا مـما رزقناهم فخوّلناهم من فضلنا سرّا وعلانـية, فلـيؤدّوا ما أوجبت علـيهم من الـحقوق فـيها سرّا وإعلانا. مِنْ قَبْلِ أنْ يَأْتِـيَ يَوْمٌ لا بَـيْعٌ فِـيهِ يقول: لا يقبل فـيه فدية وعوض من نفس وجب علـيها عقاب الله بـما كان منها من معصية ربها فـي الدنـيا, فـيقبل منها الفدية, وتترك فلا تعاقب. فسمى الله جلّ ثناؤه الفدية عوضا, إذ كان أخذ عوض من معتاض منه. وقوله: وَلا خِلالٌ يقول: ولـيس هناك مُخالّة خـلـيـل, فـيصفح عمن استوجب العقوبة عن العقاب لـمخالته, بل هنالك العدل والقسط, فـالـخلال مصدر من قول القائل: خاللت فلانا فأنا أخالّه مُخَالّة وخِلالاً ومنه قول امرىء القـيس:
صرفْتُ الهَوَى عَنْهُنّ مِنْ خَشْيَةِ الرّدَىوَلَسْتُ بِـمَقْلِـيّ الـخِلالِ ولا قالـي وجزم
قوله: يُقِـيـمُوا الصّلاةَ بتأويـل الـجزاء ومعناه الأمر, يراد: قل لهم لـيقـيـموا الصلاة.
15749ـ حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا عبد الله, قال: ثنـي معاوية, عن علـيّ, عن ابن عبـاس: قُلْ لِعِبـادِيَ الّذِينَ أمَنُوا يُقِـيـمُوا الصّلاةَ يعنـي الصلوات الـخمس. وَيُنْفِقُوا مِـمّا رَزَقْناهُمْ سِرّا وَعَلانِـيَةً: يقول: زكاة أموالهم.
15750ـ حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا إسحاق, قال: حدثنا هشام, عن عمرو, عن سعيد, عن قتادة, فـي قوله: مِنْ قَبْلِ أنْ يَأْتِـيَ يَوْمٌ لا بَـيْعٌ فِـيهِ وَلا خِلالٌ قال قتادة: إن الله تبـارك وتعالـى قد علـم أن فـي الدنـيا بـيوعا وخلالاً يتـخالّون بها فـي الدنـيا, فـينظر رجل من يخالل وعلام يصاحب, فإن كان لله فلـيداوم, وإن كان لغير الله فإنها ستنقطع.
الآية : 32
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {اللّهُ الّذِي خَلَقَ السّمَاوَاتِ وَالأرْضَ وَأَنزَلَ مِنَ السّمَآءِ مَآءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثّمَرَاتِ رِزْقاً لّكُمْ وَسَخّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخّرَ لَكُمُ الأنْهَارَ }.
يقول تعالـى ذكره: الله الذي أنشأ السموات والأرض من غير شيء أيها الناس, وأنزل من السماء غيثا أحيا به الشجر والزرع, فأثمرت رزقا لكم تأكلونه, وسَخّرَ لَكُمُ الفُلْكَ وهي السفن لِتَـجْرِيَ فِـي البَحْرِ بأمْرِهِ لكم تركبونها, وتـحملون فـيها أمتعتكم من بلد إلـى بلد وسَخّرَ لَكُمُ الأنهَارَ ماؤُها شراب لكم, يقول تعالـى ذكره: الذي يستـحقّ علـيكم العبـادة وإخلاص الطاعة له, مَنْ هذه صفته, لا من لا يقدر علـى ضرّ ولا نفع لنفسه ولا لغيره من أوثانكم أيها الـمشركون وآلهتكم.
15751ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحارث, قال: حدثنا الـحسن قال حدثنا ورقاء وحدثنا الـحسن بن مـحمد, يعنـي الزعفرانـيّ, قال: حدثنا شبـابة, قال: حدثنا ورقاء وحدثنـي الـمثنى, قال: أخبرنا إسحاق, قال: حدثنا عبد الله وحدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا أبو حذيفة, قال: حدثنا شبل جميعا, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد, فـي قوله: وَسَخّرَ لَكُمُ الأنهارَ قال: بكلّ بلدة.
الآية : 33
القول فـي تأويـل قوله تعالـى:
{وَسَخّر لَكُمُ الشّمْسَ وَالْقَمَرَ دَآئِبَينَ وَسَخّرَ لَكُمُ الْلّيْلَ وَالنّهَارَ }.
يقول تعالـى ذكره: اللّهُ الذِي خـلقَ السموَاتِ وَالأرْضَ وفعل الأفعال التـي وصف. وَسَخّرَ لَكُمُ الشّمْسَ والقَمَرَ يتعاقبـان علـيكم أيها الناس بـاللـيـل والنهار لصلاح أنفسكم ومعاشكم. دَائِبَـيْنِ فـي اختلافهما علـيكم. وقـيـل: معناه: أنهما دائبـان فـي طاعة الله.
15752ـ حدثنا خـلف بن واصل, عن رجل, عن مقاتل بن حيان, عن عكرمة, عن ابن عبـاس, فـي قوله: وَسَخّرَ لَكُمُ الشّمْسَ والقَمَرَ دَائِبَـيْنِ قال: دؤُوبهما فـي طاعة الله.
وقوله: وَسَخّرَ لَكُمُ اللّـيْـلَ والنّهارَ يختلفـان علـيكم بـاعتقاب, إذا ذهب هذا جاء هذا بـمنافعكم وصلاح أسبـابكم, فهذا لكم لتصرّفكم فـيه لـمعاشكم, وهذا لكم للسكن تسكنون فـيه, ورحمة منه بكم