تفسير الطبري تفسير الصفحة 324 من المصحف

 تفسير الطبري - صفحة القرآن رقم 324
325
323
الآية : 25
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: { وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رّسُولٍ إِلاّ نُوحِيَ إِلَيْهِ أَنّهُ لآ إِلَـَهَ إِلاّ أَنَاْ فَاعْبُدُونِ }.
يقول تعالـى ذكره: وما أرسلنا يا مـحمد من قبلك من رسول إلـى أمة من الأمـم إلا نوحي إلـيه أنه لا معبود فـي السموات والأرض تصلـح العبـادة له سواي فـاعْبُدُونِ يقول: فأخـلصوا لـي العبـادة, وأفردوا لـي الألوهة.
وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:
18526ـ حدثنا بِشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, قوله: وَمَا أرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسولٍ إلاّ نُوحِي إِلَـيْهِ أنّه لا إلَهَ إلاّ أنا فـاعْبُدُونِ قال: أرسلت الرسل بـالإخلاص والتوحيد, لا يقبل منهم قال أبو جعفر: أظنه أنا قال عمل حتـى يقولوه ويقرّوا به والشرائع مختلفةٌ, فـي التوراة شريعة وفـي الإنـجيـل شريعة وفـي القرآن شريعة حلال وحرام. وهذا كله فـي الإخلاص لله والتوحيد له.
الآية : 26 و 27
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: { وَقَالُواْ اتّخَذَ الرّحْمَـَنُ وَلَداً سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مّكْرَمُونَ * لاَ يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ }.
يقول تعالـى ذكره: وقال هؤلاء الكافرون بربهم: اتـخذ الرحمن ولدا من ملائكته فقال جلّ ثناؤه استعظاما مـما قالوا وتبرّيا مـما وصفوه به سبحانه, يقول تنزيها له عن ذلك: ما ذلك من صفته بَلْ عِبـادٌ مُكْرَمُونَ يقول: ما الـملائكة كما وصفهم به هؤلاء الكافرون من بنـي آدم, ولكنهم عبـاد مكرمون يقول: أكرمهم الله. كما:
18527ـ حدثنا بِشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, قوله: وَقالُوا اتّـخَذَ الرّحْمَنُ وَلَدا سُبْحانَهُ بَلْ عِبـادٌ مُكْرَمُونَ قال: قالت الـيهود: إن الله تبـارك وتعالـى صاهر الـجنّ, فكانت منهم الـملائكة. قال الله تبـارك وتعالـى تكذيبـا لهم وردّا علـيهم: بَلْ عِبَـادٌ مُكْرَمُونَ وإن الـملائكة لـيس كما قالوا, إنـما هم عبـاد أكرمهم بعبـادته.
حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى, قال: حدثنا مـحمد بن ثور, عن معمر, عن قتادة. وحدثنا الـحسن, قال: أخبرنا عبد الرزاق, قال: أخبرنا معمر, عن قَتادة: وقَالُوا اتّـخَذَ الرّحْمَنُ وَلَدا قالت الـيهود وطوائف من الناس: إن الله تبـارك وتعالـى خاتن إلـى الـجنّ والـملائكة من الـجنّ قال الله تبـارك وتعالـى: سُبْحانَهُ بَلْ عِبـادٌ مُكْرَمُونَ.
وقوله: لا يَسْبِقُونَهُ بـالقَوْلِ يقول جلّ ثناؤه: لا يتكلـمون إلا بـما يأمرهم به ربهم, ولا يعملون عملاً إلا به.
18528ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, قال: قال الله: لا يَسْبِقُونَهُ بِـالْقَوْلِ يُثْنـي علـيهم» وَهُمْ بأمْرِهِ يَعْمَلُونَ.

الآية : 28
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: { يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يَشْفَعُونَ إِلاّ لِمَنِ ارْتَضَىَ وَهُمْ مّنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ }.
يقول تعالـى ذكره: يعلـم ما بـين أيدي ملائكته ما لـم يبلغوه ما هو وما هم فـيه قائلون وعاملون, وَمَا خَـلْفَهُمْ يقول: وما مضى من قبل الـيوم مـما خـلفوه وراءهم من الأزمان والدهور ما عملوا فـيه, قالوا: ذلك كله مُـحْصًى لهم وعلـيهم, لا يخفـى علـيه من ذلك شيء.
وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:
18529ـ حدثنـي مـحمد بن سعد, قال: ثنـي أبـي, قال: ثنـي عمي, قال: ثنـي أبـي, عن أبـيه, عن ابن عبـاس, قوله: يَعْلَـمُ ما بـينَ أيْدِيهمْ ومَا خَـلْفَهُمْ يقول: يعلـم ما قدّموا وما أضاعوا من أعمالهم.
وَلا يَشْفَعُونَ إلاّ لِـمَنِ ارْتَضَى يقول: ولا تشفع الـملائكة إلا لـمن رضي الله عنه.
وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:
18530ـ حدثنـي علـيّ, قال: حدثنا أبو صالـح, قال: ثنـي معاوية, عن علـيّ, عن ابن عبـاس, قوله: وَلا يَشْفَعُونَ إلاّ لِـمَنِ ارْتَضَى يقول: الذين ارتضى لهم شهادة أن لا إله إلا الله.
18531ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحارث, قال: حدثنا الـحسن, قال: حدثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد, قوله: إلاّ لِـمَنِ ارْتَضَى قال: لـمن رضي عنه.
حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي حجاج, عن ابن جريج, عن مـجاهد, مثله.
18532ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قَتادة, قوله: وَلا يَشْفَعُونَ إلاّ لِـمَنِ ارْتَضَى يوم القـيامة, وَهُمْ منْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ.
حدثنا الـحسن, قال: أخبرنا عبد الرزاق, قال أخبرنا معمر, عن قتادة يقول: ولا يشفعون يوم القـيامة.
حدثنا ابن عبد الأعلـى, قال: حدثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة, مثله.
وقوله: وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ يقول: وهم من خوف الله وحذار عقابه أن يحلّ بهم مشفقون, يقول: حذرون أن يعصوه ويخالفوا أمره ونهيه.
الآية : 29
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: { وَمَن يَقُلْ مِنْهُمْ إِنّيَ إِلَـَهٌ مّن دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الظّالِمِينَ }.
يقول تعالـى ذكره: ومن يقل من الـملائكة إنـي إله من دون الله, فَذَلِكَ الذي يقول ذلك منهم نَـجْزِيهِ جَهَنّـمَ يقول: نثـيبه علـى قـيـله ذلك جهنـم. كَذلِكَ نَـجْزِي الظّالِـمينَ يقول: كما نـجزي من قال من الـملائكة إنـي إله من دون الله جهنـم, كذلك نـجزي ذلك كل من ظلـم نفسه فكفر بـالله وعبد غيره. وقـيـل: عنـي بهذه الاَية إبلـيس. وقال قائلو ذلك: إنـما قلنا ذلك, لأنه لا أحد من الـملائكة قال إنـي إله من دون الله سواه ذكر من قال ذلك:
18533ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي حجاج, عن ابن جُرَيج: وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ قال: قال ابن جُرَيج: من يقل من الـملائكة إنـي إله من دونه فلـم يقله إلا إبلـيس دعا إلـى عبـادة نفسه, فنزلت هذه فـي إبلـيس.
18534ـ حدثنا بِشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قَتادة: وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إنّـي إلَهٌ منْ دُونِهِ فَذَلكَ نـجْزِيهِ جَهَنّـمَ كَذلكَ نَـجْزِي الظّالِـمينَ وإنـما كانت هذه الاَية خاصة لعدوّ الله إبلـيس لـما قال ما قال لعنه الله وجعله رجيـما, فقال: فَذلكَ نَـجْزِيهِ جَهَنّـمَ كَذلكَ نَـجزِي الظّالِـمينَ.
18535ـ حدثنا ابن عبد الأعلـى, قال: حدثنا ابن ثور, عن معمر, عن قَتادة: وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إنّـي إلَهٌ منْ دُونِهِ فَذلكَ نَـجْزِيهِ جَهَنّـمَ قال: هي خاصة لإبلـيس.
الآية : 30
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: { أَوَلَمْ يَرَ الّذِينَ كَفَرُوَاْ أَنّ السّمَاوَاتِ وَالأرْضَ كَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَآءِ كُلّ شَيْءٍ حَيّ أَفَلاَ يُؤْمِنُونَ }.
يقول تعالـى ذكره: أو لـم ينظر هؤلاء الذي كفروا بـالله بأبصار قلوبهم, فـيروا بها, ويعلـموا أن السموات والأرض كانتا رَتْقا: يقول: لـيس فـيهما ثقب, بل كانتا ملتصقتـين يقال منه: رتق فلان الفتق: إذا شدّه, فهو يرتقه رَتْقا ورتوقا ومن ذلك قـيـل للـمرأة التـي فرجها ملتـحم: رتقاء. ووحد الرّتقْ, وهو من صفة السماء والأرض, وقد جاء بعد قوله: كانَتا لأنه مصدر, مثل قول الزّور والصوم والفطر.
وقوله: فَفَتَقْناهُما يقول: فصدعناهما وفرجناهما.
ثم اختلف أهل التأويـل فـي معنى وصف الله السموات والأرض بـالرتق, وكيف كان الرتق, وبأيّ معنى فتق؟ فقال بعضهم: عَنَى بذلك أن السموات والأرض كانتا ملتصقتـين ففصل الله بـينهما بـالهواء. ذكر من قال ذلك:
18536ـ حدثنـي علـيّ, قال: حدثنا أبو صالـح, قال: ثنـي معاوية, عن علـيّ, عن ابن عبـاس, قوله: أوَ لَـمْ يَرَ الّذِينَ كَفَرُوا أنّ السَمَوَاتِ والأرْضَ كانَتا رَتْقا يقول: ملتصقتـين.
18537ـ حدثنـي مـحمد بن سعد, قال: ثنـي أبـي, قال: ثنـي عمي, قال: ثنـي أبـي, عن أبـيه, عن ابن عبـاس, قوله: أوَ لَـمْ يَرَ الّذِينَ كَفَرُوا أنّ السّمَوَاتِ والأرْضَ كانَتا رتْقا فَفَتَقْناهما... الاَية, يقول: كانتا ملتصقتـين, فرفع السماء ووضع الأرض.
18538ـ حدثت عن الـحسين, قال: سمعت أبـا معاذ يقول: أخبرنا عبـيد بن سلـيـمان, قال: سمعت الضحاك يقول فـي قوله: أنّ السّمَوَاتِ والأرْضَ كانتا رَتْقا فَفَتَقْناهُما كان ابن عبـاس يقول: كانتا ملتزقتـين, ففتقهما الله.
18539ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة: أنّ السّمَوَاتِ والأرْضَ كانَتا رَتْقا فَفَتَقْناهُما قال: كان الـحسن وقَتادة يقولان: كانتا جميعا, ففصل الله بـينهما بهذا الهواء.
وقال آخرون: بل معنى ذلك أن السموات كانت مرتتقة طبقة, ففتقها الله فجعلها سبع سموات. وكذلك الأرض كانت كذلك مرتتقة, ففتقها فجعلها سبع أرضين ذكر من قال ذلك:
18540ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى, وحدثنـي الـحارث, قال: حدثنا الـحسن, قال: حدثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد, فـي قول الله تبـارك وتعالـى: رَتْقا فَفَتَقْناهُما من الأرض ستّ أرضين معها فتلك سبع أرضين معها, ومن السماء ستّ سموات معها فتلك سبع سموات معها. قال: ولـم تكن الأرض والسماء متـماسّتـين.
18541ـ حدثنا ابن عبد الأعلـى, قال: حدثنا مـحمد بن ثور, عن معمر, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد: رَتْقا فَفَتَقْناهُما قال: فتقهنّ سبع سموات بعضهنّ فوق بعض, وسبع أرضين بعضهنّ تـحت بعض.
حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مـجاهد نـحو حديث مـحمد بن عمرو, عن أبـي عاصم.
18542ـ حدثنا عبد الـحميد بن بـيان, قال: أخبرنا مـحمد بن يزيد, عن إسماعيـل, قال: سألت أبـا صالـح عن قوله: كانَتا رَتْقا فَفَتَقْناهُما قال: كانت الأرض رتقا والسموات رتقا, ففتق من السماء سبع سموات, ومن الأرض سبع أرضين.
18543ـ حدثنا موسى, قال: حدثنا عمرو, قال: حدثنا أسبـاط, عن السديّ, قال: كانت سماء واحدة ثم فتقها, فجعلها سبع سموات فـي يومين, فـي الـخميس والـجمعة, وإنـما سُمي يوم الـجمعة لأنه جمع فـيه خـلق السموات والأرض, فذلك حين يقول: خَـلَقَ السّمَوَاتِ وَالأرْضِ فـي سِتّةِ أيّامٍ يقول: كانَتا رَتْقا فَفَتَقْناهُما.
وقال آخرون: بل عُنـي بذلك أن السموات كانت رتقا لا تـمطر والأرض كذلك رتقا لا تنبت, ففتق السماء بـالـمطر والأرض بـالنبـات. ذكر من قال ذلك:
18544ـ حدثنا هناد, قال: حدثنا أبو الأحوص, عن سماك, عن عكرمة: أوَ لَـمْ يَرَ الّذِينَ كَفَرُوا أنّ السّمَوَاتِ والأرْضَ كانَتا رَتْقا فَفَتَقْناهُما قال: كانتا رتقا لا يخرج منهما شيء, ففتق السماء بـالـمطر وفتق الأرض بـالنبـات. قال: وهو قوله: والسّماءِ ذَاتِ الرّجْعِ والأرْضِ ذَاتِ الصّدْعِ.
18545ـ حدثنـي الـحسين بن علـيّ الصدائي, قال: حدثنا أبـي, عن الفضيـل بن مرزوق, عن عطية, فـي قوله: أوَ لَـمْ يَرَ الّذِينَ كَفَرُوا أنّ السّمَوَاتِ والأرْضَ كانَتا رَتْقا فَفَتَقْناهُما قال: كانت السماء رتقا لا تـمطر والأرض رتقا لا تنبت, ففتق السماء بـالـمطر وفتق الأرض بـالنبـات وجعل من الـماء كلّ شيء حيّ, أفلا يؤمنون؟
18546ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد فـي قوله: أوَ لَـمْ يَرَ الّذِينَ كَفَرُوا أن السّمَوَاتِ والأرْضَ كانَتا رَتْقا فَفَتَقْناهُما قال: كانت السموات رتقا لا ينزل منها مطر, وكانت الأرض رتقا لا يخرج منها نبـات, ففتقهما الله, فأنزل مطر السماء, وشقّ الأرض فأخرج نبـاتها. وقرأ: فَفَتَقْناهُما وَجَعَلْنا مِنَ الـماء كلّ شَيْءٍ حَيّ أفَلا يُؤْمِنُونَ.
وقال آخرون: إنـما قـيـل فَفَتَقْناهُما لأن اللـيـل كان قبل النهار, ففتق النهار. ذكر من قال ذلك:
18547ـ حدثنا الـحسن, قال: أخبرنا عبد الرزاق, قال: أخبرنا الثوري, عن أبـيه, عن عكرِمة, عن ابن عبـاس, قال: خـلق اللـيـل قبل النهار. ثم قال: كانَتا رَتْقا فَفَتَقْنَاهُما.
قال أبو جعفر: وأولـى الأقوال فـي ذلك بـالصواب قول من قال: معنى ذلك: أو لـم ير الذي كفروا أن السموات والأرض كانتا رتقا من الـمطر والنبـات, ففتقنا السماء بـالغيث والأرض بـالنبـات.
وإنـما قلنا ذلك أولـى بـالصواب فـي ذلك لدلالة قوله: وجَعَلْنا مِنَ الـماءِ كُلّ شَيْءٍ حَيّ علـى ذلك, وأنه جلّ ثناؤه لـم يعقب ذلك بوصف الـماء بهذه الصفة إلا والذي تقدمه من ذكر أسبـابه.
فإن قال قائل: فإن كان ذلك كذلك, فكيف قـيـل: أو لـم ير الذين كفروا أن السموات والأرض كانتا رتقا, والغيث إنـما ينزل من السماء الدنـيا؟ قـيـل: إن ذلك مختلف فـيه, قد قال قوم: إنـما ينزل من السماء السابعة, وقال آخرون: من السماء الرابعة, ولو كان ذلك أيضا كما ذكرت من أنه ينزل من السماء الدنـيا, لـم يكن فـي قوله: أنّ السّمَوَاتِ والأرْضَ دلـيـل علـى خلاف ما قلنا, لأنه لا يـمتنع أن يقال «السموات» والـمراد منها واحدة فتـجمع, لأن كل قطعة منها سماء, كما يقال: ثوب أخلاق, وقميص أسمال.
فإن قال قائل: وكيف قـيـل إن السموات والأرض كانتا, فـالسموات جمع, وحكم جمع الإناث أن يقال فـي قلـيـلة كنّ, وفـي كثـيره كانت؟ قـيـل: إنـما قـيـل ذلك كذلك لأنهما صنفـان, فـالسموات نوع, والأرض آخر وذلك نظير قول الأسود بن يعفر:
إنّ الـمَنِـيّةَ والـحتُوُفَ كِلاهُماتُوفِـي الـمَخارِمَ يَرْقُبـانِ سَوَادِي
فقال: «كلاهما», وقد ذكر الـمنـية والـحتوف لِـما وصفت من أنه عنى النوعين. وقد أُخبرت عن أبـي عبـيدة معمر بن الـمثنـي, قال: أنشدنـي غالب النفـيـلـي للقطامي:
ألَـمْ يحْزُنْكَ أنّ حِبـالَ قَـيْسٍوَتَغْلِبَ قَدْ تَبـايَنَتا انْقِطاعَا
فجعل حبـال قـيس وهي جمع وحبـال تغلب وهي جمع اثنـين.
وقوله: وَجَعَلْنا مِنَ الـمَاءِ كُلّ شَيْءٍ حَيّ يقول تعالـى ذكره: وأحيـينا بـالـماء الذي ننزله من السماء كلّ شيء. كما:
18548ـ حدثنا ابن عبد الأعلـى, قال: حدثنا مـحمد بن ثور, عن معمر, عن قتادة: وَجَعَلْنا مِنَ الـمَاء كُلّ شَيْءٍ حَيّ قال: كلّ شيء حيّ خُـلق من الـماء.
فإن قال قائل: وكيف خصّ كل شيء حيّ بأنه جعل من الـماء دون سائر الأشياء غيره, فقد علـمت أنه يحيا بـالـماء الزروع والنبـات والأشجار وغير ذلك مـما لا حياة له, ولا يقال له حيّ ولا ميت؟ قـيـل: لأنه لا شيء من ذلك إلا وله حياة وموت, وإن خالف معناه فـي ذلك معنى ذوات الأرواح فـي أنه لا أرواح فـيهنّ وأن فـي ذوات الأرواح أرواحا فلذلك قـيـل: وَجَعَلْنا مِنَ الـمَاءِ كُلّ شَيْءٍ حَيّ.
وقوله: أفَلا يُؤْمِنُون يقول: أفلا يصدّقون بذلك, ويقرّون بألوهة من فعل ذلك ويفردونه بـالعبـادة؟

الآية : 31
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: { وَجَعَلْنَا فِي الأرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِهِمْ وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجاً سُبُلاً لّعَلّهُمْ يَهْتَدُونَ }.
يقول تعالـى ذكره: أو لـم ير هؤلاء الكفـار أيضا من حججنا علـيهم وعلـى جميع خـلقنا, أنا جعلنا فـي الأرض جبـالاً راسية؟ والرواسي: جمع راسية, وهي الثابتة كما:
18549ـ حدثنا بِشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قَتادة, قوله: وَجَعَلْنا فِـي الأرْضِ رَوَاسِيَ أي جبـالاً.
وقوله: أنْ تَـمِيدَ بِهِمْ يقول: أن لا تتكفأ بهم. يقول جلّ ثناؤه: فجعلنا فـي هذه الأرض هذه الرواسي من الـجبـال, فثبتناها لئلا تتكفأ بـالناس, ولـيقدروا بـالثبـات علـى ظهرها. كما:
18550ـ حدثنا بِشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, قال: كانوا علـى الأرضِ تـمور بهم لا تستقرّ, فأصبحوا وقد جعل الله الـجبـال وهي الرواسي أوتادا للأرض وجَعَلْنَا فـيها فِجَاجا سُبُلاً يعنـي مسالك, واحدها فجّ. كما:
18551ـ حدثنا بِشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, قوله: وَجَعَلْنا فِـيها فِجاجا: أي أعلاما. وقوله: سُبُلاً أي طرقا, وهي جمع السبـيـل.
وكان ابن عبـاس فـيـما ذَكر عنه يقول: إنـما عنى بقوله: وَجَعَلْنا فِـيها فِجاجا وجعلنا فـي الرواسي, فـالهاء والألف فـي قوله: وَجَعَلْنا فِـيها من ذكر الرواسي.
18552ـ حدثنا بذلك القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي حجاج, عن ابن جُرَيج, قال: قال ابن عبـاس, قوله: وَجَعَلْنا فِـيها فِجاجا سبلاً, قال: بـين الـجبـال.
وإنـما اخترنا القول الاَخر فـي ذلك وجعلنا الهاء والألف من ذكر الأرض, لأنها إذا كانت من ذكرها دخـل فـي ذلك السهل والـجبل وذلك أن ذلك كله من الأرض, وقد جعل الله لـخـلقه فـي ذلك كله فجاجا سبلاً. ولا دلالة تدلّ علـى أنه عنى بذلك فجاج بعض الأرض التـي جعلها لهم سبلاً دون بعض, فـالعموم بها أولـى.
وقوله: لَعَلّهُمْ يَهْتَدُونَ يقول تعالـى ذكره: جعلنا هذه الفجاج فـي الأرض لـيهتدوا إلـى السير فـيها.

الآية : 32 و 33
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: { وَجَعَلْنَا السّمَآءَ سَقْفاً مّحْفُوظاً وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ * وَهُوَ الّذِي خَلَقَ الْلّيْلَ وَالنّهَارَ وَالشّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ }.
يقول تعالـى ذكره: وَجَعَلْنا السّمَاءَ سَقْـفـا للأرض مسموكا. وقوله: مَـحْفُوظا يقول: حفظناها من كلّ شيطان رجيـم.
وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:
18553ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحارث, قال: حدثنا الـحسن, قال: حدثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد, فـي قوله: سَقْـفـا مَـحْفُوظا قال: مرفوعا.
حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مـجاهد, مثله.
18554ـ حدثنا بِشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قَتادة, قوله: وَجَعَلْنا السّماءَ سَقْـفـا مَـحْفُوظا... الاَية: سقـفـا مرفوعا, وموجا مكفوفـا.
وقوله: وَهُمْ عَنْ آياتِها مُعْرِضُونَ يقول: هؤلاء الـمشركون عن آيات السماء, ويعنـي بآياتها: شمسها وقمرها ونـجومها. مُعْرِضُونَ يقول: وهؤلاء الـمشركون عن آيات السماء, ويعنـي بآياتها: شمسها وقمرها ونـجومها. مُعْرِضُونَ: يقول: يعرضون عن التفكر فـيها وتدبر ما فـيها من حجج الله علـيهم ودلالتها علـى وحدانـية خالقهَا, وأنه لا ينبغي أن تكون العبـادة إلا لـمن دبرها وسوّاها, ولا تصلـح إلا له.
وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:
18555ـ حدثنا مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحارث, قال: حدثنا الـحسن, قال: حدثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد: وَهُمْ عن آياتِها مُعْرِضُونَ قال: الشمس والقمر والنـجوم آيات السماء.
حدثنا القاسم قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مـجاهد, مثله. وقوله: وَهُوَ الّذِي خَـلَقَ اللّـيْـلَ والنّهارَ والشّمْسَ والقَمَرَ كُلّ فِـي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ يقول تعالـى ذكره: والله الذي خـلق لكم أيها الناس اللـيـل والنهار, نعمة منه علـيكم وحجة ودلالة علـى عظيـم سلطانه وأن الألوهة له دون كلّ ما سواه فهما يختلفـان علـيكم لصلاح معايشكم وأمور دنـياكم وآخرتكم, وخـلق الشمس والقمر أيضا كلّ فـي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ يقول: كلّ ذلك فـي فلك يسبحون.
واختلف أهل التأويـل فـي معنى الفلك الذي ذكره الله فـي هذه الاَية, فقال بعضهم: هو كهيئة حديدة الرّحَى. ذكر من قال ذلك:
18556ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحارث, قال: حدثنا الـحسن, قال: حدثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد, قوله: كُلّ فِـي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ قال: فلك كهيئة حديدة الرحى.
18557ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي حجاج, قال: قال ابن جريج: كُلّ فِـي فَلَكٍ قال: فلك كهيئة حديدة الرحى.
18558ـ حدثنا ابن حميد, قال: ثنـي جرير, عن قابوس بن أبـي ظَبـيان, عن أبـيه, عن ابن عبـاس: كُلّ فِـي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ قال: فلك السماء.
وقال آخرون: بل الفلك الذي ذكره الله فـي هذا الـموضع سرعة جري الشمس والقمر والنـجوم وغيرها. ذكر من قال ذلك:
18559ـ حُدثت عن الـحسين, قال: سمعت أبـا معاذ, قال: أخبرنا عبـيد, قال: سمعت الضحاك يقول قـي قوله: كُلّ فِـي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ الفلك: الـجري والسرعة.
وقال آخرون: الفلك موج مكفوف تـجري الشمس والقمر والنـجوم فـيه.
وقال آخرون: بل هو القطب الذي تدور به النـجوم. واستشهد قائل هذا القول له هذا بقول الراجز:
بـاتَتْ تُناجِي الفَلَكَ الدّوّارَاحتـى الصّبـاحِ تعمَل الأَقْتارَا
وقال آخرون فـي ذلك, ما:
18560ـ حدثنا به بِشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, قوله: كُلّ فِـي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ: أي فـي فلك السماء.
حدثنا ابن عبد الأعلـى, قال: حدثنا مـحمد بن ثور, عن معمر, عن قتادة: كُلّ فِـي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ قال: يجري فـي فلك السماء كما رأيت.
18561ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد, فـي قوله: كُلّ فِـي فَلَكٍ يسْبَحُونَ قال: الفلك الذي بـين السماء والأرض من مـجاري النـجوم والشمس والقمر. وقرأ: تَبـارَكَ الّذِي جَعَلَ فِـي السّماءِ بُرُوجا وَجَعَلَ فِـيها سِرَاجا وَقَمَرا مُنِـيرا وقال: تلك البروج بـين السماء والأرض ولـيست فـي الأرض. كلّ فـي فَلكٍ يَسْبَحُونَ قال: فـيـما بـين السماء والأرض: النـجوم والشمس والقمر.
وذُكر عن الـحسن أنه كان يقول: الفلك طاحونة كهيئة فَلْكَة الـمغزل.
والصواب من القول فـي ذلك أن يقال كما قال الله عزّ وجلّ: كُلّ فِـي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ وجائز أن يكون ذلك الفلك كما قال مـجاهد كحديدة الرّحَى, وكما ذُكر عن الـحسن كطاحونة الرّحَى, وجائز أن يكون موجا مكفوفـا, وأن يكون قطب السماء. وذلك أن الفلك فـي كلام العرب هو كل شيء دائر, فجمعه أفلاك, وقد ذكرت قول الراجز:
بـاتَتْ تُناجِي الفُلْكَ الدّوّارَا
وإذ كان كل ما دار فـي كلامها, ولـم يكن فـي كتاب الله ولا فـي خبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا عمن يُقطع بقوله العذُر, دلـيـلٌ يدل علـى أيّ ذلك هو من أيَ كان الواجب أن نقول فـيه ما قال ونسكت عما لا علـم لنا به.
فإذا كان الصواب فـي ذلك من القول عندنا ما ذكرنا, فتأويـل الكلام: والشمس والقمر, كلّ ذلك فـي دائر يسبحون.
وأما قوله: يَسْبَحُونَ فإن معناه: يَجْرُون. ذكر من قال ذلك:
18562ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحارث, قال: حدثنا الـحسن, قال: حدثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد, فـي قوله: كُلّ فِـي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ قال: يجرون.
حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي حجاج, عن ابن جريج, عن مـجاهد, مثله.
18563ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, فـي قوله: يَسْبَحُونَ قال: يجرون. وقـيـل: كُلّ فِـي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ فأخرج الـخبر عن الشمس والقمر مخرج الـخبر عن بنـي آدم بـالواو والنون, ولـم يقل: «يسبحن» أو «تسبح», كما قـيـل: والشّمْسَ والقَمَرَ رَأيْتُهُمْ لـي ساجِدِينَ لأن السجود من أفعال بنـي آدم, فلـما وصفت الشمس والقمر بـمثل أفعالهم أجرى الـخبر عنهما مـجرى الـخبر عنهم.

الآية : 34 و35
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: { وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مّن قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مّتّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ * كُلّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُم بِالشّرّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ }.
يقول تعالـى ذكره لنبـيه مـحمد صلى الله عليه وسلم: وما خَـلّدنا أحدا من بنـي آدم يا مـحمد قبلك فـي الدنـيا فنـخـلدك فـيها, ولا بد لك من أن تـموت كما مات من قبلك رُسُلُنا. أفإنْ مِتّ فَهُمُ الـخالِدُونَ يقول: فهؤلاء الـمشركون بربهم هم الـخالدون فـي الدنـيا بعدك؟ لا, ما ذلك كذلك, بل هم ميتون بكلّ حال عشت أو متّ فأدخـلت الفـاء فـي «إن» وهي جزاء, وفـي جوابه لأن الـجزاء متصل بكلام قبله, ودخـلت أيضا فـي قوله «فهم» لأنه جواب للـجزاء, ولو لـم يكن فـي قوله «فهم» الفـاء جاز علـى وجهين: أحدهما: أن تكون مـحذوفة وهي مرادة, والاَخر أن يكون مرادا تقديـمها إلـى الـجزاء, فكأنه قال: أفهم الـخالدون إن متّ.
وقوله: كُلّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الـمَوْتِ يقول تعالـى ذكره: كل نفس منفوسة من خـلقه, معالـجة غصص الـموت ومتـجرّعة كأسها.
وقوله: وَنَبْلُوكُمْ بـالشّرّ والـخَيْرِ فِتْنَةً يقول تعالـى ذكره: ونـختبركم أيها الناس بـالشرّ وهو الشدّة نبتلـيكم بها, وبـالـخير وهو الرخاء والسعة العافـية فنفتنكم به.
وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:
18564ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين: قال: ثنـي حجاج, عن ابن جُرَيج, قال: قال ابن عبـاس, قوله: ونَبْلُوكُمْ بـالشّرّ والـخَيْرِ فِتْنَةً قال: بـالرخاء والشدة, وكلاهما بلاء.
18565ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, قوله: وَنَبْلُوكُمْ بـالشّرّ والـخَيْرِ فِتْنَةً يقول: نبلوكم بـالشرّ بلاء, والـخير فتنة وَإلَـيْنَا تُرْجَعُونَ.
18566ـ حدثنا يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, فـي قوله: وَنَبْلُوكُمْ بـالشّرّ والـخَيْرِ فِتْنَةً وَإلَـيْنا تُرْجَعُونَ قال: نبلوهم بـما يحبون وبـما يكرهون نـختبرهم بذلك لننظر كيف شكرهم فـيـما يحبون, وكيف صبرهم فـيـما يكرهون.
18567ـ حدثنـي علـيّ, قال: حدثنا أبو صالـح, قال: ثنـي معاوية, عن علـيّ, عن ابن عبـاس, قوله: وَنَبْلُوكمْ بـالشّرّ والـخَيْرِ يقول: نبتلـيكم بـالشدة والرخاء, والصحة والسقم, والغنى والفقر, والـحلال والـحرام, والطاعة والـمعصية, والهدى والضلالة.
وقوله: وَإلَـيْنا تُرْجَعُونَ يقول: وإلـينا يردّون فـيجازون بأعمالهم, حسنها وسيّئها.