تفسير الطبري تفسير الصفحة 347 من المصحف

 تفسير الطبري - صفحة القرآن رقم 347
348
346
 الآية : 74 - 75
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: { وَإِنّ الّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالاَخِرَةِ عَنِ الصّرَاطِ لَنَاكِبُونَ * وَلَوْ رَحِمْنَاهُمْ وَكَشَفْنَا مَا بِهِمْ مّن ضُرّ لّلَجّواْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ }.
يقول تعالـى ذكره: الذين لا يصدّقون بـالبعث بعد الـمـمات, وقـيام الساعة, ومـجازاة الله عبـاده فـي الدار الاَخرة عَنِ الصّراطِ لَناكِبُونَ يقول: عن مَـحَجّة الـحق وقصد السبـيـل, وذلك دين الله الذي ارتضاه لعبـاده لَعادِلُونَ, يقال منه: قد نكب فلان عن كذا: إذا عدل عنه, ونكّب عنه: أي عدل عنه.
وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:
19398ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي حجاج, عن ابن جُرَيج, عن عطاء الـخراسانـيّ, عن ابن عبـاس, قوله: عَنِ الصّرَاطِ لَناكِبُونَ قال: لعادلون.
حدثنـي علـيّ, قال: حدثنا أبو صالـح, قال: ثنـي معاوية, عن علـيّ, عن ابن عبـاس, قوله: وَإنّ الّذِينَ لا يُؤمِنُونَ بـالاَخِرَةِ عَنِ الصّراطِ لَناكِبُونَ يقول: عن الـحقّ عادلون.
وقوله: وَلَوْ رَحِمْناهُمْ وكَشَفْنا ما بِهِمْ مِنْ ضُرَ يقول تعالـى: ولو رحمنا هؤلاء الذين لا يؤمنون بـالاَخرة, ورفعنا عنهم ما بهم من القحط والـجدب وضرّ الـجوع والهزال لَلَـجّوا فِـي طُغْيانهِمْ يعنـي فـي عتوّهم وجرأتهم علـى ربهم. يَعْمَهُونَ يعنـي: يتردّدون كما:
19399ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي حجاج, عن ابن جُرَيج, فـي قوله: وَلَوْ رَحِمْناهُمْ وكَشَفْنا ما بِهِمْ مِنْ ضُرَ قال: الـجوع.

الآية : 76
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: { وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُواْ لِرَبّهِمْ وَمَا يَتَضَرّعُونَ }.
يقول تعالـى ذكره: ولقد أخذنا هؤلاء الـمشركين بعذابنا, وأنزلنا بهم بأسنا, وسخطنا وضيّقنا علـيهم معايشهم, وأجدبنا بلادهم, وقتلنا سراتهم بـالسيف. فَمَا اسْتَكانُوا لِرَبّهِمْ يقول: فما خضعوا لربهم فـينقادوا لأمره ونهيه ويُنـيبوا إلـى طاعته. وَما يَتَضَرّعُونَ يقول: وما يتذللون له.
وذُكر أن هذه الاَية نزلت علـى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أخذ الله قريشا بسنـي الـجدب, دعا علـيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم. ذكر من قال ذلك:
19400ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا أبو تـميـلة, عن الـحسن, عن يزيد, عن عكرِمة, عن ابن عبـاس, قال: جاء أبو سفـيان إلـى النبـيّ صلى الله عليه وسلم, فقال: يا مـحمد, أَنْشُدُكَ الله والرحم, فقد أكلنا العِلْهِز يعنـي الوبر والدم. فأنزل الله: وَلَقَدْ أخَذْناهُمْ بـالعَذَابِ, فَمَا اسْتَكانُوا لِرَبّهِمْ وَما يَتَضَرّعُونَ.
19401ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا يحيى بن واضح, قال: حدثنا عبد الـمؤمن, عن عِلبـاء بن أحمر, عن عِكرمة, عن ابن عبـاس: أن ابن أُثالٍ الـحنفـيّ لـما أتـى النبـيّ صلى الله عليه وسلم وهو أسير, فخـلّـى سبـيـله, فلـحق بـمكة, فحال بـين أهل مكة وبـين الـمِيرة من الـيـمامة, حتـى أكلت قريش العِلْهِزَ, فجاء أبو سفـيان إلـى النبـيّ صلى الله عليه وسلم, فقال: ألـيس تزعم بأنك بُعثت رحمة للعالـمين؟ فقال: «بَلـى» فقال: قد قتلت الاَبـاء بـالسيف والأبناء بـالـجوع فأنزل الله: وَلَقَدْ أخَذْناهُمْ بـالعَذَابِ... الاَية.
19402ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا الـحكم بن بشير, قال: أخبرنا عمرو, قال: قال الـحسن: إذا أصاب الناس من قبل الشيطان بلاء فإنـما هي نقمة, فلا تستقبلوا نقمة الله بـالـحَمِيّة ولكن استقبلوها بـالاستغفـار, وتضرّعوا إلـى الله. وقرأ هذه الاَية: وَلَقَدْ أخَذْناهُمْ بـالعَذَابِ فَمَا اسْتَكانُوا لِرَبّهِمْ وَما يَتَضَرّعونَ.
19403ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي حجاج, عن ابن جُرَيج, قوله: وَلَقَد أخَذْناهُمْ بـالعَذَابِ قال: الـجوع والـجدب. فَمَا اسْتَكانُوا لرَبّهِمْ فصبروا. وما اسْتَكانُوا لرَبّهِم وَما يَتَضَرّعُونَ.
الآية : 77
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: { حَتّىَ إِذَا فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَاباً ذَا عَذَابٍ شَدِيدٍ إِذَا هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ }.
اختلف أهل التأويـل فـي تأويـل ذلك, فقال بعضهم: معناه: حتـى إذا فتـحنا علـيهم بـاب القتال فقتلوا يوم بدر. ذكر من قال ذلك:
19404ـ حدثنـي إسحاق بن شاهين, قال: حدثنا خالد بن عبد الله, عن داود بن أبـي هند, عن علـيّ بن أبـي طلـحة, عن ابن عبـاس, فـي قوله: حتـى إذَا فَتَـحْنا عَلَـيْهِمْ بـابـا ذَا عَذَابٍ شَدِيدٍ قد مضى, كان يوم بدر.
حدثنا ابن الـمثنى, قال: ثنـي عبد الأعلـى, قال: حدثنا داود, عن علـيّ بن أبـي طلـحة, عن ابن عبـاس مثله.
19405ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي حجاج, عن ابن جُرَيج: حتـى إذَا فَتَـحْنا عَلَـيْهِمْ بـابـا ذَا عَذَابٍ شَدِيدٍ قال: يوم بدر.
وقال آخرون: معناه: حتـى إذا فتـحنا علـيهم بـاب الـمـجاعة والضرّ, وهو البـاب ذو العذاب الشديد. ذكر من قال ذلك:
19406ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحارث, قال: حدثنا الـحسن قال: حدثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد, قوله: حتـى إذَا فَتَـحْنا عَلَـيْهِمْ بـابـا ذَا عَذَابٍ شَدِيدٍ قال: لكفـار قريش الـجوع, وما قبلها من القصة لهم أيضا.
حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مـجاهد, بنـحوه, إلاّ أنه قال: وما قبلها أيضا.
وهذا القول الذي قاله مـجاهد: أولـى بتأويـل الاَية, لصحة الـخبر الذي ذكرناه قبل عن ابن عبـاس, أن هذه الاَية نزلت علـى رسول الله صلى الله عليه وسلم فـي قصة الـمـجاعة التـي أصابت قريشا بدعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم علـيهم, وأمر ثمامة بن أثال وذلك لا شكّ أنه كان بعد وقعة بدر.
وقوله: إذَا هُمْ فِـيهِ مُبْلِسُونَ يقول: إذا هؤلاء الـمشركون فـيـما فتـحنا علـيهم من العذاب حَزَانَى نادمون علـى ما سلف منهم فـي تكذيبهم بآيات الله, فـي حين لا ينفعهم الندم والـحزن.
الآية : 78
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: { وَهُوَ الّذِيَ أَنْشَأَ لَكُمُ السّمْعَ وَالأبْصَارَ وَالأفْئِدَةَ قَلِيلاً مّا تَشْكُرُونَ }.
يقول تعالـى ذكره: والله الذي أحدث لكم أيها الـمكذّبون بـالبعث بعد الـمـمات, السمع الذي تسمعون به, والأبصار التـي تبصرون بها, والأفئدة التـي تفقهون بها, فكيف يتعذّر علـى من أنشأ ذلك ابتداء عادته بعد عدمه وفقده, وهو الذي يوجد ذلك كله إذا شاء ويفنـيه إذا أراد. قَلِـيلاً ما تَشْكُرُونَ يقول: تشكرون أيها الـمكذّبون خبر الله من عطائكم السمع والأبصار والأفئدة قلـيلاً.
الآية : 79
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: { وَهُوَ الّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الأرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ }.
يقول تعالـى ذكره: والله الذي خـلقكم فـي الأرض وإلـيه تُـحْشَرون من بعد مـماتكم, ثم تُبعثون من قبوركم إلـى موقـف الـحساب.
الآية : 80
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: { وَهُوَ الّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ وَلَهُ اخْتِلاَفُ اللّيْلِ وَالنّهَارِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ }.
يقول تعالـى ذكره: والله الذي يحيـي خـلقه يقول: يجعلهم أحياء بعد أن كانوا نُطَفـا أمواتا, بنفخ الروح فـيها بعد التارات التـي تأتـي علـيها. ويُـمِيتُ يقول: ويـميتهم بعد أن أحياهم. وَلَهُ اخْتِلافُ اللّـيْـلِ والنّهارِ يقول: وهو الذي جعل اللـيـل والنهار مختلفـين, كما يقال فـي الكلام: لك الـمنّ والفضل, بـمعنى: إنك تَـمُنّ وتُفْضِلْ. وقوله: أفَلا تَعْقِلُونَ يقول: أفلا تعقلون أيها الناس أن الذي فعل هذه الأفعال ابتداء من غير أصل لا يـمتنع علـيه إحياء الأموات بعد فنائهم وإنشاء ما شاء إعدامه بعد إنشائه.
الآية : 81 - 82
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: { بَلْ قَالُواْ مِثْلَ مَا قَالَ الأوّلُونَ * قَالُوَاْ أَإِذَا مِتْنَا وَكُنّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَإِنّا لَمَبْعُوثُونَ }.
يقول تعالـى ذكره: ما اعتبر هؤلاء الـمشركون بآيات الله ولا تَدَبّروا ما احتـجّ علـيهم من الـحجج والدلالة علـى قدرته علـى فعل كلّ ما يشاء ولكن قالوا مثل ما قال أسلافهم من الأمـم الـمكذّبة رسلها قبلهم. قالُوا أئِذَا مِتْنا وكُنّا تُرَابـا وَعِظاما يقول: أئذا متنا وعدنا ترابـا قد بلـيت أجسامنا وبرأت عظامنا من لـحومنا, أئِنّا لَـمَبْعُوثُونَ يقول: إنا لـمبعوثون من قبورنا أحياء كهيئتنا قبل الـمـمات؟ إن هذا لشيء غير كائن.
الآية : 83
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: { لَقَدْ وُعِدْنَا نَحْنُ وَآبَآؤُنَا هَـَذَا مِن قَبْلُ إِنْ هَـَذَآ إِلاّ أَسَاطِيرُ الأوّلِينَ }.
يقول تعالـى ذكره: قالوا: لقد وعدنا هذا الوعد الذي تعدنا يا مـحمد, ووعد آبـاءنا من قبلنا قوم ذكروا أنهم لله رسل من قبلك, فلـم نره حقـيقة أن هذا يقول: ما هذا الذي تعدنا من البعث بعد الـمـمات إلاّ أساطِيرُ الأوّلِـينَ يقول: ما سطّره الأوّلون فـي كتبهم من الأحاديث والأخبـار التـي لا صحة لها ولا حقـيقة.
الآية : 84 - 85
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: { قُل لّمَنِ الأرْضُ وَمَن فِيهَآ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ * سَيَقُولُونَ لِلّهِ قُلْ أَفَلاَ تَذَكّرُونَ }.
يقول تعالـى ذكره لنبـيه مـحمد صلى الله عليه وسلم: قل يا مـحمد لهؤلاء الـمكذّبـين بـالاَخرة من قومك: لـمن ملك الأرض ومن فـيها من الـخـلق إن كنتـم تعلـمون مَنْ مالكها؟ ثم أعلـمه أنهم سيقرّون بأنها لله ملكا, دون سائر الأشياء غيره. قُلْ أفَلا تَذَكّرُونَ يقول: فقل لهم إذا أجابوك بذلك كذلك: أفلا تذكرون فتعلـمون أن من قدر علـى خـلق ذلك ابتداء فهو قادر علـى إحيائهم بعد مـماتهم وإعادتهم خـلقا سويّا بعد فنائهم؟
الآية : 86 - 87
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: { قُلْ مَن رّبّ السّمَاوَاتِ السّبْعِ وَرَبّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ * سَيَقُولُونَ لِلّهِ قُلْ أَفَلاَ تَتّقُونَ }.
يقول تعالـى ذكره لنبـيه مـحمد صلى الله عليه وسلم: قل لهم يا مـحمد: من ربّ السموات السبع, وربّ العرش الـمـحيط بذلك؟ سيقولون: ذلك كله لله, وهو ربه. فقل لهم: أفلا تتقون عقابه علـى كفركم به وتكذيبكم خبره وخبر رسوله؟
وقد اختلفت القرّاء فـي قراءة قوله: سَيَقُولُونَ لِلّهِ فقرأ ذلك عامة قرّاء الـحجاز والعراق والشام: سَيَقُولُونَ لِلّهِ سوى أبـي عمرو, فإنه خالفهم فقرأه: «سَيَقُولُونَ اللّهُ» فـي هذا الـموضع, وفـي الاَخر الذي بعده, اتبـاعا لـخط الـمصحف, فإن ذلك كذلك فـي مصاحف الأمصار إلاّ فـي مصحف أهل البصرة, فإنه فـي الـموضعين بـالألف, فقرءوا بـالألف كلّها اتبـاعا لـخط مصحفهم. فأما الذين قرءوه بـالألف فلا مؤنة فـي قراءتهم ذلك كذلك, لأنهم أجروا الـجواب علـى الابتداء وردّوا مرفوعا علـى مرفوع. وذلك أن معنى الكلام علـى قراءتهم: قل من ربّ السموات السبع وربّ العرش العظيـم؟ سيقولون ربّ ذلك الله. فلا مؤنة فـي قراءة ذلك كذلك. وأما الذين قرءوا ذلك فـي هذا والذي يـلـيه بغير ألف, فإنهم قالوا: معنى قوله قُلْ مَنْ رَبّ السّمَوَاتِ لـمن السموات؟ لـمن ملك ذلك؟ فجعل الـجواب علـى الـمعنى, فقـيـل: لله لأن الـمسألة عن ملك ذلك لـمن هو؟ قالوا: وذلك نظير قول قائل لرجل: مَن مولاك؟ فـيجيب الـمـجيب عن معنى ما سئل, فـيقول: أنا لفلان لأنه مفهوم بذلك من الـجواب ما هو مفهوم بقوله: مولاي فلان. وكان بعضهم يذكر أن بعض بنـي عامر أنشده:
وأعْلَـمُ أنّنِـي سأكُونُ رَمْساإذَا سارَ النّوَاجِعُ لا يَسِيرُ
فَقالَ السّائِلُونَ لَـمِنْ حَفَرْتُـمْفَقالَ الـمُخْبِرُونَ لَهُمْ: وَزِيرُ
فأجاب الـمخفوض بـمرفوع, لأن معنى الكلام: فقال السائلون: من الـميت؟ فقال الـمخبرون: الـميت وزير فأجابوا عن الـمعنى دون اللفظ.
والصواب من القراءة فـي ذلك أنهما قراءتان قد قرأ بهما علـماء من القرّاء, متقاربتا الـمعنى, فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب. غير أنـي مع ذلك أختار قراءة جميع ذلك بغير ألف, لإجماع خطوط مصاحف الأمصار علـى ذلك سوى خط مصحف أهل البصرة.

الآية : 88 - 89
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: { قُلْ مَن بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجْيِرُ وَلاَ يُجَارُ عَلَيْهِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ * سَيَقُولُونَ لِلّهِ قُلْ فَأَنّىَ تُسْحَرُونَ }.
يقول تعالـى ذكره لنبـيه مـحمد صلى الله عليه وسلم: قل يا امـحمد: من بـيده خزائن كلّ شيء؟ كما:
19407ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحارث, قال: حدثنا الـحسن قال: حدثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد, فـي قول الله: مَلَكُوتُ كُلّ شَيْءٍ قال: خزائن كلّ شيء.
حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي حجاج, عن مـجاهد, فـي قول الله: قُلْ مَنْ بِـيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلّ شَيْءٍ قال: خزائن كلّ شيء.
وقوله: وَهُوَ يُجِيرُ من أراد مـمن قصده بسوء. وَلا يُجارُ عَلَـيْهِ يقول: ولا أحد يـمتنع مـمن أراده هو بسوء فـيدفع عنه عذابه وعقابه. إنْ كُنْتُـمْ تَعْلَـمُونَ من ذلك صفته, فإنهم يقولون: إن ملكوت كلّ شيء والقدرة علـى الأشياء كلها لله. فقل لهم يا مـحمد: فَأنّى تُسْحَرُونَ يقولون: فمن أيّ وجه تُصْرَفون عن التصديق بآيات الله والإقرار بأخبـاره وأخبـار رسوله والإيـمان بأن الله القادر علـى كل ما يشاء وعلـى بعثكم أحياء بعد مـماتكم, مع علـمكم بـما تقولون من عظيـم سلطانه وقدرته؟
وكان ابن عبـاس فـيـما ذُكر عنه يقول فـي معنى قوله تُسْحَرُونَ ما:
19408ـ حدثنـي به علـيّ, قال: حدثنا عبد الله قال: ثنـي معاوية, عن علـيّ, عن ابن عبـاس, قوله: فَأنّى تُسْحَرُونَ يقول: تكذبون.
وقد بـيّنت فـيـما مضى السّحْر: أنه تـخيـيـل الشيء إلـى الناظر أنه علـى خلاف ما هو به من هيئته, فذلك معنى قوله: فَأنّى تُسْحَرُونَ إنـما معناه: فمن أيّ وجه يُخَيـلّ إلـيكم الكذب حقّا والفـاسد صحيحا, فتصرفون عن الإقرار بـالـحقّ الذي يدعوكم إلـيه رسولنا مـحمد صلى الله عليه وسلم