سورة النمل | للقراءة من المصحف بخط كبير واضح
استماع mp3 | الجلالين&الميسر | تفسير الشوكاني |
إعراب الصفحة | تفسير ابن كثير | تفسير القرطبي |
التفسير المختصر | تفسير الطبري | تفسير السعدي |
تفسير الطبري تفسير الصفحة 379 من المصحف
تفسير الطبري - صفحة القرآن رقم 379
380
378
الآية : 23 - 24
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {إِنّي وَجَدتّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِن كُلّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ * وَجَدتّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشّمْسِ مِن دُونِ اللّهِ وَزَيّنَ لَهُمُ الشّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدّهُمْ عَنِ السّبِيلِ فَهُمْ لاَ يَهْتَدُونَ }.
يقول تعالـى مخبرا عن قـيـل الهدهد لسلـيـمان مخبرا بعذره فـي مغيبه عنه: إنّـي وَجَدْتُ امْرأةً تَـمْلِكُهُمْ يعنـي تـملك سبأ, وإنـما صار هذا الـخبر للهدهد عذرا وحجة عند سلـيـمان, درأ به عنه ما كان أُوعد به, لأن سلـيـمان كان لا يرى أن فـي الأرض أحدا له مـملكة معه, وكان مع ذلك صلى الله عليه وسلم رجلاً جُبّب إلـيه الـجهاد والغزو, فلـما دله الهدهد علـى ملك بـموضع من الأرض هو لغيره, وقوم كفرة يعبدون غير الله, له فـي جهادهم وغزوهم الأجر الـجزيـل, والثواب العظيـم فـي الاَجل, وضمّ مـملكة لغيره إلـى ملكه, حقّت للهدهد الـمعذرة, وصحّت له الـحجة فـي مغيبه عن سلـيـمان.
وقوله: وأُوتِـيَتْ مِنْ كُلّ شَيْءٍ يقول: وأوتـيت من كلّ شيء يؤتاه الـملك فـي عاجل الدنـيا مـما يكون عندهم من العتاد والاَلة. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:
20483ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي حجاج, عن أبـي عُبَـيدة البـاجي, عن الـحسن, قوله: وأُوتِـيَتْ مِنْ كُلّ شَيْءٍ يعنـي: من كل أمر الدنـيا.
وقوله ولَهَا عَرْشٌ عَظيـمٌ يقول: ولها كرسي عظيـم. وعُنـي بـالعظيـم فـي هذا الـموضع: العظيـم فـي قدره, وعظم خطره, لا عظمه فـي الكبر والسعة. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:
20484ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي حجاج, عن ابن جُرَيج, عن عطاء الـخراسانـي, عن ابن عبـاس, قوله وَلهَا عَرْشٌ عَظِيـمٌ قال: سرير كريـم, قال: حَسن الصنعة, وعرشها: من ذهب قوائمه من جوهر ولؤلؤ.
20485ـ قال: ثنـي حجاج, عن أبـي عُبـيدة البـاجي, عن الـحسن, قوله: ولَهَا عَرْشٌ عَظيـمٌ: يعنـي سرير عظيـم.
وقوله: وَجَدْتُها وَقَوْمَها يَسْجُدُونَ للشّمْس مِنْ دُونِ اللّهِ يقول: وجدت هذه الـمرأة ملكة سبأ, وقومها من سبأ, يسجدون للشمس فـيعبدونها من دون الله. وقوله: وَزَيّنَ لَهُمُ الشّيْطانُ أعمالَهُمْ يقول: وحسّن لهم إبلـيس عبـادتهم الشمس, وسجودهم لها من دون الله, وحبّب ذلك إلـيهم فَصّدّهُمْ عَنِ السّبِـيـلِ يقول: فمنعهم بتزيـينه ذلك لهم أن يتبعوا الطريق الـمستقـيـم, وهو دين الله الذي بعث به أنبـياءه, ومعناه: فصدّهم عن سبـيـل الـحقّ فَهُمْ لا يَهْتَدُونَ يقول: فهم لـما قد زين لهم الشيطان ما زين من السجود للشمس من دون الله والكفر به لا يهتدون لسبـيـل الـحقّ ولا يسلكونه, ولكنهم فـي ضلالهم الذي هم فـيه يتردّدون.
الآية : 25 -26
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {أَلاّ يَسْجُدُواْ للّهِ الّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ * اللّهُ لاَ إِلَـَهَ إِلاّ هُوَ رَبّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ }.
اختلف القرّاء, فـي قراءة قوله ألاّ يَسْجُدُوا لِلّهِ فقرأ بعض الـمكيـين وبعض الـمدنـيـين والكوفـيـين «ألاَ» بـالتـخفـيف, بـمعنى: ألا يا هؤلاء اسجدوا, فأضمروا «هؤلاء» اكتفـاء بدلاة «يا» علـيها. وذكر بعضهم سماعا من العرب: ألا يا ارحمنا, ألا يا تصدّق علـينا واستشهد أيضا ببـيت الأخطل:
ألا يا اسْلَـمي يا هِنْدُ هنْدَ نَبِـي بَدرِوَإنْ كانَ حَيّانا عِدا آخِرَ الدّهْرِ
فعلـى هذه القراءة اسجدوا فـي هذا الـموضع جزم, ولا موضع لقوله «ألا» فـي الإعراب. وقرأ ذلك عامة قرّاء الـمدينة والكوفة والبصرة ألاّ يَسْجُدوا بتشديد ألاّ, بـمعنى: وزيّن لهم الشيطان أعمالهم لئلا يسجدوا لله «ألاّ» فـي موضع نصب لـما ذكرت من معناه أنه لئلا, ويسجدوا فـي موضع نصب بأن.
والصواب من القول فـي ذلك أنهما قراءتان مستفـيضتان فـي قراءة الأمصار قد قرأ بكلّ واحدة منهما علـماء من القرّاء مع صحة معنـيـيهما.
واختلف أهل العربـية فـي وجه دخول «يا» فـي قراءة من قرأه علـى وجه الأمر, فقال بعض نـحويـي البصرة: من قرأ ذلك كذلك, فكأنه جعله أمرا, كأنه قال لهم: اسجدوا, وزاد «يا» بـينهما التـي تكون للتنبـيه, ثم أذهب ألف الوصل التـي فـي اسجدوا, وأذهبت الألف التـي فـي «يا» لأنها ساكنة لقـيت السين, فصار ألا يسجدوا. وقال بعض نـحويـي الكوفة: هذه «يا» التـي تدخـل للنداء يكتفـي بها من الاسم, ويكتفـي بـالاسم منها, فتقول: يا أقبل, وزيد أقبل, وما سقط من السواكن فعلـى هذا.
ويعنـي بقوله: يُخْرِجُ الـخَبْءَ يخرج الـمخبوء فـي السموات والأرض من غيث فـي السماء, ونبـات فـي الأرض ونـحو ذلك. وبـالذي قلنا فـي ذلك, قال أهل التأويـل, وإن اختلفت عبـارتهم عنه. ذكر من قال ذلك:
20486ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا ابن الـمبـارك, عن ابن جُرَيج, قراءة عن مـجاهد يُخْرِجُ الـخَبْءَ فـي السّمَوَات قال: الغيث.
حدثنـي مـحمد بن عمر, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحارث, قال: حدثنا الـحسن, قال: حدثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد, قوله يُخْرِجُ الـخَبْءَ قال: الغيث.
20487ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, فـي قوله الّذِي يُخْرِجُ الـخَبْءَ فِـي السّمَوَاتِ والأرْضِ قال: خبء السماء والأرض: ما جعل الله فـيها من الأرزاق, والـمطر من السماء, والنبـات من الأرض, كانتا رتقا, لا تـمطر هذه ولا تنبت هذه, ففتق السماء, وأنزل منها الـمطر, وأخرج النبـات.
20488ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: حدثنا عيسى بن يونس, عن إسماعيـل بن أبـي خالد, عن حكيـم ابن جابر, فـي قوله: ألاّ يَسْجُدُوا لِلّه الّذِي يُخْرِجُ الـخَبْءَ فِـي السّمَوَاتِ والأرْضِ ويعلـم كلّ خفـية فـي السموات والأرض.
20489ـ حدثنـي مـحمد بن عمارة, قال: حدثنا عبـيد الله بن موسى, قال: أخبرنا أُسامة بن زيد, عن معاذ بن عبد الله, قال: رأيت ابن عبـاس علـى بغلة يسأل تبعا ابن امرأة كعب: هل سألت كعبـا عن البذر تنبت الأرضُ العامَ لـم يصب العام الاَخر؟ قال: سمعت كعبـا يقول: البذر ينزل من السماء ويخرج من الأرض, قال: صدقت.
قال أبو جعفر: إنـما هو تبـيع, ولكن هكذا قال مـحمد. وقـيـل: يخرج الـخَبْءَ فـي السموات والأرض, لأن العرب تضع «مِن» مكان «فـي» و «فـي» مكان «من» فـي الاستـخراج ويَعَلَـمُ ما تُـخْفُونَ ومَا تُعْلِنُونَ يقول: ويعلـم السرّ من أمور خـلقه, هؤلاء الذين زين لهم الشيطان أعمالهم والعلانـية منها, وذلك علـى قراءة من قرأ ألاّ بـالتشديد. وأما علـى قراءة من قرأ بـالتـخفـيف فإن معناه: ويعلـم ما يسره خـلقه الذين أمرهم بـالسجود بقوله: «ألا يا هؤلاء اسجدوا». وقد ذكر أن ذلك فـي قراءة أُبـيّ: «وألاّ تَسْجُدُوا لِلّهِ الّذِي يَعْلَـمُ سرّكُمْ ومَا تُعْلِنُونَ».)
وقوله: اللّهُ لا إلَهَ إلاّ هُوَ رَب العَرْشِ العَظِيـمِ يقول تعالـى ذكره: الله الذي لا تصلـح العبـادة إلا له, لا إله إلا هو, لا معبود سواه تصلـح له العبـادة, فأخـلصوا له العبـادة, وأفردوه بـالطاعة, ولا تشركوا به شيئا رَبّ العَرْشِ العَظِيـمِ يعنـي بذلك: مالك العرش العظيـم الذي كل عرش, وإن عظم, فدونه, لا يُشبهه عرش ملكة سبأ ولا غيره.
20490ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد فـي قوله: أحَطْتُ بِـمَا لَـمْ تُـحِطْ بِهِ إلـى قوله لا إلَه إلاّ هُوَ رَبّ العَرْشِ العَظِيـمِ هذا كله كلام الهدهد.
20491ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا سلـمة, عن ابن إسحاق بنـحوه.
الآية : 27-28
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {قَالَ سَنَنظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ * اذْهَب بّكِتَابِي هَـَذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمّ تَوَلّ عَنْهُمْ فَانْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ }.
يقول تعالـى ذكره: قالَ سلـيـمان للهدهد: سَنَنْظُرُ فـيـما اعتذرت به من العذر, واحتـججت به من الـحجة لغيبتك عنا, وفـيـما جئتنا به من الـخير أصَدَقْتَ فـي ذلك كله أمْ كُنْتَ مِنَ الكاذِبِـينَ فـيه اذْهَبْ بكِتابِـي هذَا فأَلْقْهِ إِلَـيْهِمْ ثُمّ تَوَلّ عَنْهُمْ فـانْظُرْ ماذَا يَرْجِعُونَ.
فـاختلف أهل التأويـل فـي تأويـل ذلك فقال بعضهم: معناه: اذهب بكتابـي هذا, فألقه إلـيهم, فـانظر ماذا يَرْجِعون, ثم تولّ عنهم منصرفـا إلـيّ, فقال: هو من الـمؤخّر الذي معناه التقديـم. ذكر من قال ذلك:
20492ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد: فأجابه سلـيـمان, يعنـي أجاب الهدهد لَـمّا فرغ: قالَ سَنَنْظُرُ أصَدَقْتَ أمْ كُنْتَ مِنَ الكاذِبِـينَ. اذْهَبْ بكِتابِـي هَذَا فَألْقِهْ إلَـيْهِمْ وانظر ماذا يرجعون, ثم تولّ عنهم منصرفـا إلـيّ. وقال: وكانت لها كَوّة مستقبلةُ الشمس, ساعة تطلع الشمس تطلع فـيها فتسجد لها, فجاء الهدهد حتـى وقع فـيها فسدّها, واستبطأت الشمس, فقامت تنظر, فرمى بـالصحيفة إلـيها من تـحت جناحه, وطار حتـى قامت تنظر الشمس.
قال أبو جعفر: فهذا القول من قول ابن زيد يدلّ علـى أن الهدهد تولـى إلـى سلـيـمان راجعا, بعد إلقائه الكتاب, وأن نظره إلـى الـمرأة ما الذي ترجع وتفعل كان قبل إلقائه كتاب سلـيـمان إلـيها.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: اذهب بكتابـي هذا فألقه إلـيهم, ثم تولّ عنهم, فكن قريبـا منهم, وانظر ماذا يرجعون قالوا: وفعل الهدهد, وسمع مراجعة الـمرأة أهل مـملكتها, وقولها لهم: إنّـي أُلْقِـيَ إلـيّ كِتابٌ كَرِيـمٌ, إنّهُ مِنْ سُلَـيْـمانَ, وَإنّهُ بِسْمِ اللّهِ الرّحْمَنِ الرّحِيـمِ وما بعد ذلك من مراجعة بعضهم بعضا. ذكر من قال ذلك:
20493ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا سلـمة, عن ابن إسحاق, عن بعض أهل العلـم, عن وهب بن منبه, قوله: فَأَلْقِهْ إلَـيْهمْ ثُمّ تَوَلّ عَنْهُمْ: أي كن قريبـا فـانْظُرْ ماذَا يَرْجِعُونَ. وهذا القول أشبه. بتأويـل الاَية, لأن مراجعة الـمرأة قومها, كانت بعد أن ألقـي إلـيها الكتاب, ولـم يكن الهدهد لـينصرف وقد أُمر بأن ينظر إلـى مراجعة القوم بـينهم ما يتراجعونه قبل أن يفعل ما أمره به سلـيـمان.
الآية : 29 - 31
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {قَالَتْ يَأَيّهَا الْمَلاُ إِنّيَ أُلْقِيَ إِلَيّ كِتَابٌ كَرِيمٌ * إِنّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنّهُ بِسْمِ اللّهِ الرّحْمَـَنِ الرّحِيمِ * أَلاّ تَعْلُواْ عَلَيّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ }.
يقول تعالـى ذكره: فذهب الهدهد بكتاب سلـيـمان إلـيها, فألقاه إلـيها فلـما قرأته قالت لقومها: يا أيّها الـمَلأُ إنّـي أُلْقِـيَ إلـيّ كِتابٌ كَرِيـمٌ. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:
20494ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا سلـيـمة, عن ابن إسحاق, عن بعض أهل العلـم, عن وهب بن منبه, قال: كتب, يعنـي سلـيـمان بن داود مع الهدهد: بسم الله الرحمن الرحيـم, من سلـيـمان بن داود, إلـى بلقـيس بنت ذي سرح وقومها, أما بعد, فلا تعلوا علـيّ وأتونـي مسلـمين, قال: فأخذ الهدهد الكتاب برجله, فـانطلق به حتـى أتاها, وكانت لها كوّة فـي بـيتها إذا طلعت الشمس نظرت إلـيها, فسجدت لها, فأتـى الهدهد الكوّة فسدّها بجناحيه حتـى ارتفعت الشمس ولـم تعلـم, ثم ألقـى الكتاب من الكوّة, فوقع علـيها فـي مكانها الذي هي فـيه, فأخذته.
20495ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: حدثنا أبو سفـيان, عن معمر, عن قَتادة, قال: بلغنـي أنها امرأة يقال لها بلقـيس, أحسبه قال: ابنة شراحيـل, أحد أبويها من الـجنّ, مؤخر أحد قدميها كحافر الدابة, وكانت فـي بـيت مـملكة, وكان أولو مشورتها ثلاث مئة واثنـي عشر كلّ رجل منهم علـى عشرة آلاف, وكانت بأرض يقال لها مأرب, من صنعاء علـى ثلاثة أيام فلـما جاء الهدهد بخبرها إلـى سلـيـمان بن داود, كتب الكتاب وبعث به مع الهدهد, فجاء الهدهد وقد غَلّقت الأبواب, وكانت تغلّق أبوابها وتضع مفـاتـيحها تـحت رأسها, فجاء الهدهد فدخـل من كوّة, فألقـى الصحيفة علـيها, فقرأتها, فإذا فـيها: إنّهُ مِنْ سُلَـيْـمانَ وَإنّهُ بِسْمِ اللّهِ الرّحْمَنِ الرّحِيـمِ أَلاّ تَعْلُوا عَلـيّ وأتُونِـي مُسْلِـمِينَ وكذلك كانت تكتب الأنبـياء لا تطنب, إنـما تكتب جملاً.
20496ـ قال: ثنا الـحسين, قال: ثنـي حجاج, عن ابن جُرَيج, قال: لـم يزد سلـيـمان علـى ما قصّ الله فـي كتابه: إنه وإنه.
20497ـ حُدثت عن الـحسين, قال: سمعت أبـا معاذ يقول: أخبرنا عبـيد, قال: سمعت الضحاك يقول فـي قوله: اذْهَبْ بكِتابِـي هَذَا فأَلْقه إلَـيْهِمْ: فمضى الهدهد بـالكتاب, حتـى إذا حاذى الـملكة وهي علـى عرشها ألقـى إلـيها الكتاب.
وقوله: قالَتْ يا أيّها الـمَلأُ إنّـي أُلْقِـيَ إلـيّ كِتابٌ كَرِيـمٌ والـملأ: أشراف قومها. يقول تعالـى ذكره: قالت ملكة سبأ لأشراف قومها: يا أيّها الـمَلأُ إنّـي ألْقِـيَ إلـيّ كِتابٌ كَرِيـمٌ.
واختلف أهل العلـم فـي سبب وصفها الكتاب بـالكريـم, فقال بعضهم: وصفته بذلك لأنه كان مختوما: وقال آخرون: وصفته بذلك لأنه كان من ملك فوصفته بـالكرم لكرم صاحبه. ومـمن قال ذلك ابن زيد.
20498ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, فـي قوله: إنّـي أُلْقِـيَ إلـيّ كِتابٌ كَرِيـمٌ قال: هو كتاب سلـيـمان حيث كتب إلـيها.
وقوله إنّهُ مِن سُلَـيْـمانَ وَإنّهُ بِسْمِ اللّهِ الرّحْمَنِ الرّحِيـمِ كُسِرت إن الأولـى والثانـية علـى الردّ علـى «إنـي» من قوله: إنّـي أُلْقِـيَ إلـيّ كِتابٌ كَرِيـمٌ. ومعنى الكلام: قالت: يا أيها الـملأ إنـي ألقـي إلـيّ كتاب, وإنه من سلـيـمان.خ
وقوله أَلاّ تَعْلُوا عَلـيّ وأْتُونِـي مُسْلِـمِينَ يقول: ألقـي إلـيّ كتاب كريـم ألا تعلوا علـيّ.
ففـي «أنْ» وجهان من العربـية: إن جعلت بدلاً من الكتاب كانت رفعا بـما رفع به الكتاب بدلاً منه وإن جعل معنى الكلام: إنى ألقـى إلـيّ كتاب كريـم أن لا تعلو علـيّ كانت نصبـا بتعلق الكتاب بها.
وعنى بقوله: أَلاّ تَعْلُوا عَلَـيّ: أن لا تتكبروا ولا تتعاظموا عما دعوتكم إلـيه. كما:
20499ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, فـي قوله: أَلاّ تَعْلُوا عَلـيّ: أن لا تتـمنعوا من الذي دعوتكم إلـيه إن امتنعتـم جاهدتكم. فقلت لابن زيد: أنْ لا تَعْلُوا عَلـيّ أن لا تتكبروا علـيّ؟ قال: نعم قال: وقال ابن زيد: أَلاّ تَعْلوا عَلـيّ وأْتُونِـي مُسْلِـمِينَ ذلك فـي كتاب سلـيـمان إلـيها. وقوله: وأْتُونِـي مُسْلِـمِينَ يقول: وأقبلوا إلـيّ مذعنـين لله بـالوحدانـية والطاعة.
الآية : 32 -33
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {قَالَتْ يَأَيّهَا الْمَلاُ أَفْتُونِي فِيَ أَمْرِي مَا كُنتُ قَاطِعَةً أَمْراً حَتّىَ تَشْهَدُونِ * قَالُواْ نَحْنُ أُوْلُو قُوّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالأمْرُ إِلَيْكِ فَانظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ }.
يقول تعالـى ذكره: قالت ملكة سبأ لأشراف قومها: يا أيّها الـمَلأ أَفْتُونِـي فِـي أمْرِي تقول: أشيروا علـيّ فـي أمري الذي قد حضرنـي من أمر صاحب هذا الكتاب الذي ألقـي إلـيّ, فجعلت الـمشورة فتـيا.
وقوله: ما كُنْتُ قاطِعَةً أمْرا حتـى تَشْهَدُونِ تقول: ما كنت قاضية أمرا فـي ذلك حتـى تشهدون, فأشاوركم فـيه. كما:
20500ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد: دعت قومها تشاورهم أيّها الـمَلأُ أفْتُونِـي فـي أمْرِي, ما كُنْتُ قاطِعَةً أمْرا حتـى تَشْهَدُونِ يقول فـي الكلام: ما كنت لأقطع أمرا دونك ولا كنت لأقضي أمرا, فلذلك قالت: ما كُنْتُ قاطِعَةً أمْرا بـمعنى: قاضية.
وقوله: قالُوا نَـحْنُ أُولُو قُوّةٍ وأُولُو بأْسٍ شَدِيدٍ يقول تعالـى ذكره: قال الـملأ من قوم مَلِكة سبأ, إذ شاورتهم فـي أمرها وأمر سلـيـمان: نـحن ذوو القوّة علـى القتال, والبأس الشديد فـي الـحرب, والأمر أيتها الـملكة إلـيك فـي القتال وفـي تركه, فـانظري من الرأي ما ترين, فَمُرِينا نأتـمرْ لأمرك. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:
20501ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد: قالُوا نَـحْنُ أُولُو قُوّةٍ وأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ عرضوا لها القتال, يقاتلون لها, والأمر إلـيك بعد هذا, فـانْظُرِي ماذَا تَأْمُرِينَ.
20502ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: حدثنا أبو معاوية, عن الأعمش, عن مـجاهد, قال: كان مع ملكة سبأ اثنا عشر ألف قـيول, مع كلّ قـيول مئة ألف.
20503ـ حدثنا عمرو بن علـيّ, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا سفـيان, عن عطاء بن السائب, عن مـجاهد, عن ابن عبـاس, قال: كان مع بلقـيس مئة ألف قَـيْـل, مع كل قَـيْـل مئة ألف.
قال: ثنا وكيع, قال: حدثنا الأعمش, قال: سمعت مـجاهدا يقول: كانت تـحت يد ملكة سبأ اثنا عشر ألف قـيول والقـيول بلسانهم: الـملك تـحت يد كلّ مَلِكٍ مئة ألف مقاتل.
الآية : 34
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {قَالَتْ إِنّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُواْ قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوَاْ أَعِزّةَ أَهْلِهَآ أَذِلّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ }.
يقول تعالـى ذكره: قالت صاحبة سبأ للـملأ من قومها, إذا عرضوا علـيها أنفسهم لقتال سلـيـمان, إن أَمَرَتَهم بذلك: إنّ الـمُلُوكَ إذَا دَخَـلُوا قَرْيَةً عَنْوةً وغَلَبةً أفْسَدُوها يقول: خرّبوها وَجَعَلُوا أعِزّةَ أهْلِها أذِلّةً وذلك بـاستعبـادهم الأحرار, واسترقاقهم إياهم وتناهى الـخبر منها عن الـملوك فـي هذا الـموضع, فقال الله: وكذلكَ يَفْعَلُونَ يقول تعالـى ذكره: وكما قالت صاحبة سبأ تفعل الـملوك, إذا دخـلوا قرية عَنْوة. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:
20504ـ حدثنا أبو كُرَيب, قال: حدثنا أبو بكر, فـي قوله: وَجَعَلُوا أعِزّةَ أهْلِها أذِلّةً قال أبو بكر: هذا عَنْوَة.
20505ـ حدثنا أبو هشام الرفـاعي, قال: حدثنا أبو بكر, قال: حدثنا الأعمش, عن مسلـم, عن ابن عبـاس, فـي قوله: إنّ الـمُلُوكَ إذَا دَخَـلُوا قَرْيَةً أفْسَدُوها قال: إذا دخـلوها عَنْوَة خرّبوها.
20506ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي حجاج, عن ابن جُرَيج, قال: قال ابن عبـاس قالَتْ إنّ الـمُلُوكَ إذَا دَخَـلُوا قَرْيَةً أفْسَدُوها وَجَعَلُوا أعِزّةَ أهْلِها أذِلّةً قال ابن عبـاس: يقول الله: وكذلكَ يَفْعَلُونَ
380
378
الآية : 23 - 24
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {إِنّي وَجَدتّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِن كُلّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ * وَجَدتّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشّمْسِ مِن دُونِ اللّهِ وَزَيّنَ لَهُمُ الشّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدّهُمْ عَنِ السّبِيلِ فَهُمْ لاَ يَهْتَدُونَ }.
يقول تعالـى مخبرا عن قـيـل الهدهد لسلـيـمان مخبرا بعذره فـي مغيبه عنه: إنّـي وَجَدْتُ امْرأةً تَـمْلِكُهُمْ يعنـي تـملك سبأ, وإنـما صار هذا الـخبر للهدهد عذرا وحجة عند سلـيـمان, درأ به عنه ما كان أُوعد به, لأن سلـيـمان كان لا يرى أن فـي الأرض أحدا له مـملكة معه, وكان مع ذلك صلى الله عليه وسلم رجلاً جُبّب إلـيه الـجهاد والغزو, فلـما دله الهدهد علـى ملك بـموضع من الأرض هو لغيره, وقوم كفرة يعبدون غير الله, له فـي جهادهم وغزوهم الأجر الـجزيـل, والثواب العظيـم فـي الاَجل, وضمّ مـملكة لغيره إلـى ملكه, حقّت للهدهد الـمعذرة, وصحّت له الـحجة فـي مغيبه عن سلـيـمان.
وقوله: وأُوتِـيَتْ مِنْ كُلّ شَيْءٍ يقول: وأوتـيت من كلّ شيء يؤتاه الـملك فـي عاجل الدنـيا مـما يكون عندهم من العتاد والاَلة. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:
20483ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي حجاج, عن أبـي عُبَـيدة البـاجي, عن الـحسن, قوله: وأُوتِـيَتْ مِنْ كُلّ شَيْءٍ يعنـي: من كل أمر الدنـيا.
وقوله ولَهَا عَرْشٌ عَظيـمٌ يقول: ولها كرسي عظيـم. وعُنـي بـالعظيـم فـي هذا الـموضع: العظيـم فـي قدره, وعظم خطره, لا عظمه فـي الكبر والسعة. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:
20484ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي حجاج, عن ابن جُرَيج, عن عطاء الـخراسانـي, عن ابن عبـاس, قوله وَلهَا عَرْشٌ عَظِيـمٌ قال: سرير كريـم, قال: حَسن الصنعة, وعرشها: من ذهب قوائمه من جوهر ولؤلؤ.
20485ـ قال: ثنـي حجاج, عن أبـي عُبـيدة البـاجي, عن الـحسن, قوله: ولَهَا عَرْشٌ عَظيـمٌ: يعنـي سرير عظيـم.
وقوله: وَجَدْتُها وَقَوْمَها يَسْجُدُونَ للشّمْس مِنْ دُونِ اللّهِ يقول: وجدت هذه الـمرأة ملكة سبأ, وقومها من سبأ, يسجدون للشمس فـيعبدونها من دون الله. وقوله: وَزَيّنَ لَهُمُ الشّيْطانُ أعمالَهُمْ يقول: وحسّن لهم إبلـيس عبـادتهم الشمس, وسجودهم لها من دون الله, وحبّب ذلك إلـيهم فَصّدّهُمْ عَنِ السّبِـيـلِ يقول: فمنعهم بتزيـينه ذلك لهم أن يتبعوا الطريق الـمستقـيـم, وهو دين الله الذي بعث به أنبـياءه, ومعناه: فصدّهم عن سبـيـل الـحقّ فَهُمْ لا يَهْتَدُونَ يقول: فهم لـما قد زين لهم الشيطان ما زين من السجود للشمس من دون الله والكفر به لا يهتدون لسبـيـل الـحقّ ولا يسلكونه, ولكنهم فـي ضلالهم الذي هم فـيه يتردّدون.
الآية : 25 -26
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {أَلاّ يَسْجُدُواْ للّهِ الّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ * اللّهُ لاَ إِلَـَهَ إِلاّ هُوَ رَبّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ }.
اختلف القرّاء, فـي قراءة قوله ألاّ يَسْجُدُوا لِلّهِ فقرأ بعض الـمكيـين وبعض الـمدنـيـين والكوفـيـين «ألاَ» بـالتـخفـيف, بـمعنى: ألا يا هؤلاء اسجدوا, فأضمروا «هؤلاء» اكتفـاء بدلاة «يا» علـيها. وذكر بعضهم سماعا من العرب: ألا يا ارحمنا, ألا يا تصدّق علـينا واستشهد أيضا ببـيت الأخطل:
ألا يا اسْلَـمي يا هِنْدُ هنْدَ نَبِـي بَدرِوَإنْ كانَ حَيّانا عِدا آخِرَ الدّهْرِ
فعلـى هذه القراءة اسجدوا فـي هذا الـموضع جزم, ولا موضع لقوله «ألا» فـي الإعراب. وقرأ ذلك عامة قرّاء الـمدينة والكوفة والبصرة ألاّ يَسْجُدوا بتشديد ألاّ, بـمعنى: وزيّن لهم الشيطان أعمالهم لئلا يسجدوا لله «ألاّ» فـي موضع نصب لـما ذكرت من معناه أنه لئلا, ويسجدوا فـي موضع نصب بأن.
والصواب من القول فـي ذلك أنهما قراءتان مستفـيضتان فـي قراءة الأمصار قد قرأ بكلّ واحدة منهما علـماء من القرّاء مع صحة معنـيـيهما.
واختلف أهل العربـية فـي وجه دخول «يا» فـي قراءة من قرأه علـى وجه الأمر, فقال بعض نـحويـي البصرة: من قرأ ذلك كذلك, فكأنه جعله أمرا, كأنه قال لهم: اسجدوا, وزاد «يا» بـينهما التـي تكون للتنبـيه, ثم أذهب ألف الوصل التـي فـي اسجدوا, وأذهبت الألف التـي فـي «يا» لأنها ساكنة لقـيت السين, فصار ألا يسجدوا. وقال بعض نـحويـي الكوفة: هذه «يا» التـي تدخـل للنداء يكتفـي بها من الاسم, ويكتفـي بـالاسم منها, فتقول: يا أقبل, وزيد أقبل, وما سقط من السواكن فعلـى هذا.
ويعنـي بقوله: يُخْرِجُ الـخَبْءَ يخرج الـمخبوء فـي السموات والأرض من غيث فـي السماء, ونبـات فـي الأرض ونـحو ذلك. وبـالذي قلنا فـي ذلك, قال أهل التأويـل, وإن اختلفت عبـارتهم عنه. ذكر من قال ذلك:
20486ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا ابن الـمبـارك, عن ابن جُرَيج, قراءة عن مـجاهد يُخْرِجُ الـخَبْءَ فـي السّمَوَات قال: الغيث.
حدثنـي مـحمد بن عمر, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحارث, قال: حدثنا الـحسن, قال: حدثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد, قوله يُخْرِجُ الـخَبْءَ قال: الغيث.
20487ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, فـي قوله الّذِي يُخْرِجُ الـخَبْءَ فِـي السّمَوَاتِ والأرْضِ قال: خبء السماء والأرض: ما جعل الله فـيها من الأرزاق, والـمطر من السماء, والنبـات من الأرض, كانتا رتقا, لا تـمطر هذه ولا تنبت هذه, ففتق السماء, وأنزل منها الـمطر, وأخرج النبـات.
20488ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: حدثنا عيسى بن يونس, عن إسماعيـل بن أبـي خالد, عن حكيـم ابن جابر, فـي قوله: ألاّ يَسْجُدُوا لِلّه الّذِي يُخْرِجُ الـخَبْءَ فِـي السّمَوَاتِ والأرْضِ ويعلـم كلّ خفـية فـي السموات والأرض.
20489ـ حدثنـي مـحمد بن عمارة, قال: حدثنا عبـيد الله بن موسى, قال: أخبرنا أُسامة بن زيد, عن معاذ بن عبد الله, قال: رأيت ابن عبـاس علـى بغلة يسأل تبعا ابن امرأة كعب: هل سألت كعبـا عن البذر تنبت الأرضُ العامَ لـم يصب العام الاَخر؟ قال: سمعت كعبـا يقول: البذر ينزل من السماء ويخرج من الأرض, قال: صدقت.
قال أبو جعفر: إنـما هو تبـيع, ولكن هكذا قال مـحمد. وقـيـل: يخرج الـخَبْءَ فـي السموات والأرض, لأن العرب تضع «مِن» مكان «فـي» و «فـي» مكان «من» فـي الاستـخراج ويَعَلَـمُ ما تُـخْفُونَ ومَا تُعْلِنُونَ يقول: ويعلـم السرّ من أمور خـلقه, هؤلاء الذين زين لهم الشيطان أعمالهم والعلانـية منها, وذلك علـى قراءة من قرأ ألاّ بـالتشديد. وأما علـى قراءة من قرأ بـالتـخفـيف فإن معناه: ويعلـم ما يسره خـلقه الذين أمرهم بـالسجود بقوله: «ألا يا هؤلاء اسجدوا». وقد ذكر أن ذلك فـي قراءة أُبـيّ: «وألاّ تَسْجُدُوا لِلّهِ الّذِي يَعْلَـمُ سرّكُمْ ومَا تُعْلِنُونَ».)
وقوله: اللّهُ لا إلَهَ إلاّ هُوَ رَب العَرْشِ العَظِيـمِ يقول تعالـى ذكره: الله الذي لا تصلـح العبـادة إلا له, لا إله إلا هو, لا معبود سواه تصلـح له العبـادة, فأخـلصوا له العبـادة, وأفردوه بـالطاعة, ولا تشركوا به شيئا رَبّ العَرْشِ العَظِيـمِ يعنـي بذلك: مالك العرش العظيـم الذي كل عرش, وإن عظم, فدونه, لا يُشبهه عرش ملكة سبأ ولا غيره.
20490ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد فـي قوله: أحَطْتُ بِـمَا لَـمْ تُـحِطْ بِهِ إلـى قوله لا إلَه إلاّ هُوَ رَبّ العَرْشِ العَظِيـمِ هذا كله كلام الهدهد.
20491ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا سلـمة, عن ابن إسحاق بنـحوه.
الآية : 27-28
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {قَالَ سَنَنظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ * اذْهَب بّكِتَابِي هَـَذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمّ تَوَلّ عَنْهُمْ فَانْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ }.
يقول تعالـى ذكره: قالَ سلـيـمان للهدهد: سَنَنْظُرُ فـيـما اعتذرت به من العذر, واحتـججت به من الـحجة لغيبتك عنا, وفـيـما جئتنا به من الـخير أصَدَقْتَ فـي ذلك كله أمْ كُنْتَ مِنَ الكاذِبِـينَ فـيه اذْهَبْ بكِتابِـي هذَا فأَلْقْهِ إِلَـيْهِمْ ثُمّ تَوَلّ عَنْهُمْ فـانْظُرْ ماذَا يَرْجِعُونَ.
فـاختلف أهل التأويـل فـي تأويـل ذلك فقال بعضهم: معناه: اذهب بكتابـي هذا, فألقه إلـيهم, فـانظر ماذا يَرْجِعون, ثم تولّ عنهم منصرفـا إلـيّ, فقال: هو من الـمؤخّر الذي معناه التقديـم. ذكر من قال ذلك:
20492ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد: فأجابه سلـيـمان, يعنـي أجاب الهدهد لَـمّا فرغ: قالَ سَنَنْظُرُ أصَدَقْتَ أمْ كُنْتَ مِنَ الكاذِبِـينَ. اذْهَبْ بكِتابِـي هَذَا فَألْقِهْ إلَـيْهِمْ وانظر ماذا يرجعون, ثم تولّ عنهم منصرفـا إلـيّ. وقال: وكانت لها كَوّة مستقبلةُ الشمس, ساعة تطلع الشمس تطلع فـيها فتسجد لها, فجاء الهدهد حتـى وقع فـيها فسدّها, واستبطأت الشمس, فقامت تنظر, فرمى بـالصحيفة إلـيها من تـحت جناحه, وطار حتـى قامت تنظر الشمس.
قال أبو جعفر: فهذا القول من قول ابن زيد يدلّ علـى أن الهدهد تولـى إلـى سلـيـمان راجعا, بعد إلقائه الكتاب, وأن نظره إلـى الـمرأة ما الذي ترجع وتفعل كان قبل إلقائه كتاب سلـيـمان إلـيها.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: اذهب بكتابـي هذا فألقه إلـيهم, ثم تولّ عنهم, فكن قريبـا منهم, وانظر ماذا يرجعون قالوا: وفعل الهدهد, وسمع مراجعة الـمرأة أهل مـملكتها, وقولها لهم: إنّـي أُلْقِـيَ إلـيّ كِتابٌ كَرِيـمٌ, إنّهُ مِنْ سُلَـيْـمانَ, وَإنّهُ بِسْمِ اللّهِ الرّحْمَنِ الرّحِيـمِ وما بعد ذلك من مراجعة بعضهم بعضا. ذكر من قال ذلك:
20493ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا سلـمة, عن ابن إسحاق, عن بعض أهل العلـم, عن وهب بن منبه, قوله: فَأَلْقِهْ إلَـيْهمْ ثُمّ تَوَلّ عَنْهُمْ: أي كن قريبـا فـانْظُرْ ماذَا يَرْجِعُونَ. وهذا القول أشبه. بتأويـل الاَية, لأن مراجعة الـمرأة قومها, كانت بعد أن ألقـي إلـيها الكتاب, ولـم يكن الهدهد لـينصرف وقد أُمر بأن ينظر إلـى مراجعة القوم بـينهم ما يتراجعونه قبل أن يفعل ما أمره به سلـيـمان.
الآية : 29 - 31
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {قَالَتْ يَأَيّهَا الْمَلاُ إِنّيَ أُلْقِيَ إِلَيّ كِتَابٌ كَرِيمٌ * إِنّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنّهُ بِسْمِ اللّهِ الرّحْمَـَنِ الرّحِيمِ * أَلاّ تَعْلُواْ عَلَيّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ }.
يقول تعالـى ذكره: فذهب الهدهد بكتاب سلـيـمان إلـيها, فألقاه إلـيها فلـما قرأته قالت لقومها: يا أيّها الـمَلأُ إنّـي أُلْقِـيَ إلـيّ كِتابٌ كَرِيـمٌ. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:
20494ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا سلـيـمة, عن ابن إسحاق, عن بعض أهل العلـم, عن وهب بن منبه, قال: كتب, يعنـي سلـيـمان بن داود مع الهدهد: بسم الله الرحمن الرحيـم, من سلـيـمان بن داود, إلـى بلقـيس بنت ذي سرح وقومها, أما بعد, فلا تعلوا علـيّ وأتونـي مسلـمين, قال: فأخذ الهدهد الكتاب برجله, فـانطلق به حتـى أتاها, وكانت لها كوّة فـي بـيتها إذا طلعت الشمس نظرت إلـيها, فسجدت لها, فأتـى الهدهد الكوّة فسدّها بجناحيه حتـى ارتفعت الشمس ولـم تعلـم, ثم ألقـى الكتاب من الكوّة, فوقع علـيها فـي مكانها الذي هي فـيه, فأخذته.
20495ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: حدثنا أبو سفـيان, عن معمر, عن قَتادة, قال: بلغنـي أنها امرأة يقال لها بلقـيس, أحسبه قال: ابنة شراحيـل, أحد أبويها من الـجنّ, مؤخر أحد قدميها كحافر الدابة, وكانت فـي بـيت مـملكة, وكان أولو مشورتها ثلاث مئة واثنـي عشر كلّ رجل منهم علـى عشرة آلاف, وكانت بأرض يقال لها مأرب, من صنعاء علـى ثلاثة أيام فلـما جاء الهدهد بخبرها إلـى سلـيـمان بن داود, كتب الكتاب وبعث به مع الهدهد, فجاء الهدهد وقد غَلّقت الأبواب, وكانت تغلّق أبوابها وتضع مفـاتـيحها تـحت رأسها, فجاء الهدهد فدخـل من كوّة, فألقـى الصحيفة علـيها, فقرأتها, فإذا فـيها: إنّهُ مِنْ سُلَـيْـمانَ وَإنّهُ بِسْمِ اللّهِ الرّحْمَنِ الرّحِيـمِ أَلاّ تَعْلُوا عَلـيّ وأتُونِـي مُسْلِـمِينَ وكذلك كانت تكتب الأنبـياء لا تطنب, إنـما تكتب جملاً.
20496ـ قال: ثنا الـحسين, قال: ثنـي حجاج, عن ابن جُرَيج, قال: لـم يزد سلـيـمان علـى ما قصّ الله فـي كتابه: إنه وإنه.
20497ـ حُدثت عن الـحسين, قال: سمعت أبـا معاذ يقول: أخبرنا عبـيد, قال: سمعت الضحاك يقول فـي قوله: اذْهَبْ بكِتابِـي هَذَا فأَلْقه إلَـيْهِمْ: فمضى الهدهد بـالكتاب, حتـى إذا حاذى الـملكة وهي علـى عرشها ألقـى إلـيها الكتاب.
وقوله: قالَتْ يا أيّها الـمَلأُ إنّـي أُلْقِـيَ إلـيّ كِتابٌ كَرِيـمٌ والـملأ: أشراف قومها. يقول تعالـى ذكره: قالت ملكة سبأ لأشراف قومها: يا أيّها الـمَلأُ إنّـي ألْقِـيَ إلـيّ كِتابٌ كَرِيـمٌ.
واختلف أهل العلـم فـي سبب وصفها الكتاب بـالكريـم, فقال بعضهم: وصفته بذلك لأنه كان مختوما: وقال آخرون: وصفته بذلك لأنه كان من ملك فوصفته بـالكرم لكرم صاحبه. ومـمن قال ذلك ابن زيد.
20498ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, فـي قوله: إنّـي أُلْقِـيَ إلـيّ كِتابٌ كَرِيـمٌ قال: هو كتاب سلـيـمان حيث كتب إلـيها.
وقوله إنّهُ مِن سُلَـيْـمانَ وَإنّهُ بِسْمِ اللّهِ الرّحْمَنِ الرّحِيـمِ كُسِرت إن الأولـى والثانـية علـى الردّ علـى «إنـي» من قوله: إنّـي أُلْقِـيَ إلـيّ كِتابٌ كَرِيـمٌ. ومعنى الكلام: قالت: يا أيها الـملأ إنـي ألقـي إلـيّ كتاب, وإنه من سلـيـمان.خ
وقوله أَلاّ تَعْلُوا عَلـيّ وأْتُونِـي مُسْلِـمِينَ يقول: ألقـي إلـيّ كتاب كريـم ألا تعلوا علـيّ.
ففـي «أنْ» وجهان من العربـية: إن جعلت بدلاً من الكتاب كانت رفعا بـما رفع به الكتاب بدلاً منه وإن جعل معنى الكلام: إنى ألقـى إلـيّ كتاب كريـم أن لا تعلو علـيّ كانت نصبـا بتعلق الكتاب بها.
وعنى بقوله: أَلاّ تَعْلُوا عَلَـيّ: أن لا تتكبروا ولا تتعاظموا عما دعوتكم إلـيه. كما:
20499ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, فـي قوله: أَلاّ تَعْلُوا عَلـيّ: أن لا تتـمنعوا من الذي دعوتكم إلـيه إن امتنعتـم جاهدتكم. فقلت لابن زيد: أنْ لا تَعْلُوا عَلـيّ أن لا تتكبروا علـيّ؟ قال: نعم قال: وقال ابن زيد: أَلاّ تَعْلوا عَلـيّ وأْتُونِـي مُسْلِـمِينَ ذلك فـي كتاب سلـيـمان إلـيها. وقوله: وأْتُونِـي مُسْلِـمِينَ يقول: وأقبلوا إلـيّ مذعنـين لله بـالوحدانـية والطاعة.
الآية : 32 -33
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {قَالَتْ يَأَيّهَا الْمَلاُ أَفْتُونِي فِيَ أَمْرِي مَا كُنتُ قَاطِعَةً أَمْراً حَتّىَ تَشْهَدُونِ * قَالُواْ نَحْنُ أُوْلُو قُوّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالأمْرُ إِلَيْكِ فَانظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ }.
يقول تعالـى ذكره: قالت ملكة سبأ لأشراف قومها: يا أيّها الـمَلأ أَفْتُونِـي فِـي أمْرِي تقول: أشيروا علـيّ فـي أمري الذي قد حضرنـي من أمر صاحب هذا الكتاب الذي ألقـي إلـيّ, فجعلت الـمشورة فتـيا.
وقوله: ما كُنْتُ قاطِعَةً أمْرا حتـى تَشْهَدُونِ تقول: ما كنت قاضية أمرا فـي ذلك حتـى تشهدون, فأشاوركم فـيه. كما:
20500ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد: دعت قومها تشاورهم أيّها الـمَلأُ أفْتُونِـي فـي أمْرِي, ما كُنْتُ قاطِعَةً أمْرا حتـى تَشْهَدُونِ يقول فـي الكلام: ما كنت لأقطع أمرا دونك ولا كنت لأقضي أمرا, فلذلك قالت: ما كُنْتُ قاطِعَةً أمْرا بـمعنى: قاضية.
وقوله: قالُوا نَـحْنُ أُولُو قُوّةٍ وأُولُو بأْسٍ شَدِيدٍ يقول تعالـى ذكره: قال الـملأ من قوم مَلِكة سبأ, إذ شاورتهم فـي أمرها وأمر سلـيـمان: نـحن ذوو القوّة علـى القتال, والبأس الشديد فـي الـحرب, والأمر أيتها الـملكة إلـيك فـي القتال وفـي تركه, فـانظري من الرأي ما ترين, فَمُرِينا نأتـمرْ لأمرك. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:
20501ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد: قالُوا نَـحْنُ أُولُو قُوّةٍ وأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ عرضوا لها القتال, يقاتلون لها, والأمر إلـيك بعد هذا, فـانْظُرِي ماذَا تَأْمُرِينَ.
20502ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: حدثنا أبو معاوية, عن الأعمش, عن مـجاهد, قال: كان مع ملكة سبأ اثنا عشر ألف قـيول, مع كلّ قـيول مئة ألف.
20503ـ حدثنا عمرو بن علـيّ, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا سفـيان, عن عطاء بن السائب, عن مـجاهد, عن ابن عبـاس, قال: كان مع بلقـيس مئة ألف قَـيْـل, مع كل قَـيْـل مئة ألف.
قال: ثنا وكيع, قال: حدثنا الأعمش, قال: سمعت مـجاهدا يقول: كانت تـحت يد ملكة سبأ اثنا عشر ألف قـيول والقـيول بلسانهم: الـملك تـحت يد كلّ مَلِكٍ مئة ألف مقاتل.
الآية : 34
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {قَالَتْ إِنّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُواْ قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوَاْ أَعِزّةَ أَهْلِهَآ أَذِلّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ }.
يقول تعالـى ذكره: قالت صاحبة سبأ للـملأ من قومها, إذا عرضوا علـيها أنفسهم لقتال سلـيـمان, إن أَمَرَتَهم بذلك: إنّ الـمُلُوكَ إذَا دَخَـلُوا قَرْيَةً عَنْوةً وغَلَبةً أفْسَدُوها يقول: خرّبوها وَجَعَلُوا أعِزّةَ أهْلِها أذِلّةً وذلك بـاستعبـادهم الأحرار, واسترقاقهم إياهم وتناهى الـخبر منها عن الـملوك فـي هذا الـموضع, فقال الله: وكذلكَ يَفْعَلُونَ يقول تعالـى ذكره: وكما قالت صاحبة سبأ تفعل الـملوك, إذا دخـلوا قرية عَنْوة. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:
20504ـ حدثنا أبو كُرَيب, قال: حدثنا أبو بكر, فـي قوله: وَجَعَلُوا أعِزّةَ أهْلِها أذِلّةً قال أبو بكر: هذا عَنْوَة.
20505ـ حدثنا أبو هشام الرفـاعي, قال: حدثنا أبو بكر, قال: حدثنا الأعمش, عن مسلـم, عن ابن عبـاس, فـي قوله: إنّ الـمُلُوكَ إذَا دَخَـلُوا قَرْيَةً أفْسَدُوها قال: إذا دخـلوها عَنْوَة خرّبوها.
20506ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي حجاج, عن ابن جُرَيج, قال: قال ابن عبـاس قالَتْ إنّ الـمُلُوكَ إذَا دَخَـلُوا قَرْيَةً أفْسَدُوها وَجَعَلُوا أعِزّةَ أهْلِها أذِلّةً قال ابن عبـاس: يقول الله: وكذلكَ يَفْعَلُونَ
الصفحة رقم 379 من المصحف تحميل و استماع mp3