تفسير الطبري تفسير الصفحة 395 من المصحف

 تفسير الطبري - صفحة القرآن رقم 395
396
394
 الآية : 78
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {قَالَ إِنّمَآ أُوتِيتُهُ عَلَىَ عِلْمٍ عِندِيَ أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنّ اللّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِن قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدّ مِنْهُ قُوّةً وَأَكْثَرُ جَمْعاً وَلاَ يُسْأَلُ عَن ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ }.
يقول تعالـى ذكره: قال قارون لقومه الذين وعظوه: إنـما أوتـيتُ هذه الكنوز علـى فضل علـم عندي, علـمه الله منـي, فرضي بذلك عنـي, وفَضلنـي بهذا الـمال علـيكم, لعلـمه بفضلـي علـيكم. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:
21030ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: حدثنا أبو سفـيان, عن معمر, عن قَتادة قالَ إنّـمَا أُوتِـيتُهُ عَلـى عِلْـمٍ عِنْدِي قال: علـى خبر عندي.
21031ـ قال: حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد فـي قوله إنّـمَا أُوتـيتُهُ عَلـى عِلْـمٍ عِنْدِي قال: لولا رضا الله عنـي ومعرفته بفضلـي ما أعطانـي هذا, وقرأ: أوَ لَـمْ يَعْلَـمْ أنّ اللّهَ قَدْ أهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ القُرُونِ مَنْ هُوَ أشَدّ مِنْهُ قُوّةً وأكْثَرُ جَمْعا... الاَية.
وقد قـيـل: إن معنى قوله: عِنْدِي بـمعنى: أرَى, كأنه قال: إنـما أوتـيته لفضل علـمي, فـيـما أرَى.
وقوله: أوَ لَـمْ يَعْلَـمْ أنّ اللّهَ قَدْ أهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ القُرُونِ مَنْ هُوَ أشَدّ مِنْهُ قُوّةً وأكْثَرُ جَمْعا يقول جلّ ثناؤه: أو لـم يعلـم قارون حين زعم أنه أوتـي الكنوز لفضل علـم عنده علـمته أنا منه, فـاستـحقّ بذلك أن يُؤتـى ما أُوتـي من الكنوز, أن الله قد أهلك من قبله من الأمـم من هو أشدّ منه بطشا, وأكثر جمعا للأموال ولو كان الله يؤتـي الأموال من يؤتـيه لفضل فـيه وخير عنده, ولرضاه عنه, لـم يكن يهلك من أهلك من أربـاب الأموال الذين كانوا أكثر منه مالاً, لأن من كان الله عنه راضيا, فمـحال أن يهلكه الله, وهو عنه راض, وإنـما يهلك من كان علـيه ساخطا.
وقوله: وَلا يُسْئَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الـمُـجْرِمُونَ قـيـل: إن معنى ذلك أنهم يدخـلون النار بغير حساب. ذكر من قال ذلك:
21032ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: حدثنا سفـيان, عن عمر, عن قتادة وَلا يُسْئَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الـمُـجْرِمُونَ قال: يُدْخَـلون النار بغير حساب.
وقـيـل: معنى ذلك: أن الـملائكة لا تسأل عنهم, لأنهم يعرفونهم بسيـماهم. ذكر من قال ذلك:
21033ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحارث, قال: حدثنا الـحسن, قال: حدثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد وَلا يُسْئَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الـمُـجْرِمُونَ كقوله: يُعْرَفُ الـمُـجْرِمُونَ بِسِيـماهُمْ زرقا سود الوجوه, والـملائكة لا تسأل عنهم قد عرفتهم.
وقـيـل معنى ذلك: ولا يُسأل عن ذنوب هؤلاء الذين أهلكهم الله من الأمـم الـماضية الـمـجرمون فـيـم أهلكوا. ذكر من قال ذلك:
21034ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا موسى بن عبـيدة, عن مـحمد بن كعب وَلا يُسْئَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الـمُـجْرِمُونَ قال: عن ذنوب الذين مضوا فـيـم أهلكوا, فـالهاء والـميـم فـي قوله عَنْ ذُنُوبِهِم علـى هذا التأويـل لـمن الذي فـي قوله: أوَ لَـمْ يَعْلَـمْ أنّ اللّهَ قَدْ أهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ القُرُونِ مَنْ هُوَ أشَدّ مِنْهُ قُوّةً. وعلـى التأويـل الأوّل الذي قاله مـجاهد وقَتادة للـمـجرمين, وهي بأن تكون من ذكر الـمـجرمين أولـى, لأن الله تعالـى ذكره غير سائل عن ذنوب مذنب غير من أذنب, لا مؤمن ولا كافر. فإذ كان ذلك كذلك, فمعلوم أنه لا معنى لـخصوص الـمـجرمين, لو كانت الهاء والـميـم اللتان فـي قوله عَنْ ذُنُوبِهم لـمن الذي فـي قوله مَنْ هُوَ أشَدّ مِنْهُ قُوّةً من دون الـمؤمنـين, يعنـي لأنه غير مسؤول عن ذلك مؤمن ولا كافر, إلاّ الذين ركبوه واكتسبوه.
الآية : 79
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {فَخَرَجَ عَلَىَ قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدّنْيَا يَلَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَآ أُوتِيَ قَارُونُ إِنّهُ لَذُو حَظّ عَظِيمٍ }.
يقول تعالـى ذكره: فخرج قارون علـى قومه فـي زينته, وهي فـيـما ذكر ثـياب الأُرْجُوان. ذكر من قال ذلك:
21035ـ حدثنا ابن بشار, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا طلـحة بن عمرو, عن أبـي الزبـير, عن جابر فخَرَجَ عَلـى قَوْمِهِ فِـي زِينَتِهِ قال: فـي القِرْمز.
21036ـ قال: ثنا عبد الرحمن, قال: حدثنا سفـيان, عن عثمان بن الأسود, عن مـجاهد فَخَرَجَ عَلـى قَوْمِهِ فِـي زِينَتِهِ قال: فـي ثـياب حُمْر.
21037ـ حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا أبو خالد الأحمر, عن عثمان بن الأسود, عن مـجاهد فخَرَجَ عَلـى قَوْمِهِ فِـي زِينَتِهِ قال: علـى بَراذين بِـيض, علـيها سروج الأُرْجُوان, علـيهم الـمعصفرات.
حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مـجاهد فخَرَجَ عَلـى قَوْمِهِ فِـي زِينَتِهِ قال: علـيه ثوبـان مُعَصْفران.
وقال ابن جُرَيج: علـى بغلة شهبـاء علـيها الأُرجوان, وثلاث مِئة جارية علـى البغال الشّهْب, علـيهنّ ثـياب حمر.
21038ـ حدثنا ابن وكيع, قال: ثنـي أبـي ويحيى بن يـمان, عن مبـارك, عن الـحسن فَخَرَجَ عَلـى قَوْمِهِ فِـي زِينَتِهِ قال: فـي ثـياب حُمر وصُفر.
21039ـ حدثنا ابن الـمثنى, قال: حدثنا مـحمد بن جعفر, قال: حدثنا شعبة, عن سماك, أنه سمع إبراهيـم النـخَعِيّ, قال فـي هذه الاَية فَخَرَجَ عَلـى قَوْمِهِ فِـي زِينَتِهِ قال: فـي ثـياب حمر.
حدثنا ابن بشار, قال: حدثنا عبد الرحمن, قال: حدثنا شعبة, عن سماك, عن إبراهيـم النـخعيّ, مثله.
حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا غندر, قال: حدثنا شعبة, عن سماك, عن إبراهيـم مثله.
21040ـ حدثنا مـحمد بن عمرو بن علـيّ الـمقدمي, قال: حدثنا إسماعيـل بن حكيـم, قال: دخـلنا علـى مالك بن دينار عشية, وإذا هو فـي ذكر قارون, قال: وإذا رجل من جيرانه علـيه ثـياب مُعَصفرة, قال: فقال مالك: فَخَرَجَ عَلـى قَوْمِهِ فِـي زِينَتِهِ قال: فـي ثـياب مثل ثـياب هذا.
21041ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قَتادة فَخَرَجَ عَلـى قَوْمِهِ فِـي زِينَتِهِ: ذُكر لنا أنهم خرجوا علـى أربعة آلاف دابة, علـيهم وعلـى دوابهم الأُرجُوان.
21042ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, فـي قوله فَخَرَجَ عَلـى قَوْمِهِ فِـي زِينَتِهِ قال: خرج فـي سبعين ألفـا, علـيهمُ الـمعصفرات, فـيـما كان أبـي يذكر لنا.
قالَ الّذِينَ يُرِيدُونَ الـحَياةَ الدّنْـيا: يا لَـيْتَ لَنا مِثْلَ ما أُوتِـيَ قارُونُ يقول تعفالـى ذكره: قال الذين يريدون زينة الـحياة الدنـيا من قوم قارون: يا لـيتنا أُعطينا مثل ما أعطى قارون من زينتها إنّهُ لَذُو حَظَ عَظِيـمٍ يقول: إن قارون لذو نصيب من الدنـيا.
الآية : 80
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {وَقَالَ الّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللّهِ خَيْرٌ لّمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً وَلاَ يُلَقّاهَآ إِلاّ الصّابِرُونَ }.
يقول تعالـى ذكره: وقال الذين أوتوا العلـم بـالله, حين رأوا قارون خارجا علـيهم فـي زينته, للذين قالوا يا لـيت لنا مثل ما أوتـي قارون: ويـلكم اتقوا الله وأطيعوه, فثواب الله وجزاؤه لـمن آمن به وبرسله, وعمل بـما جاءت به رسله من صالـحات الأعمال فـي الاَخرة, خير مـما أوتـي قارون من زينته وماله لقارون. وقوله: وَلا يُـلَقّاها إلاّ الصّابِرُونَ يقول: ولا يـلقاها: أي ولا يوفّق لقـيـل هذه الكلـمة, وهي قوله: ثَوَابُ اللّهِ خَيْرٌ لِـمَنْ آمَنَ وعَمِلَ صَالِـحا والهاء والألف كناية عن الكلـمة. وقال: إلاّ الصّابِرُونَ يعنـي بذلك: الذين صبروا عن طلب زينة الـحياة الدنـيا, وآثروا ما عند الله من جزيـل ثوابه علـى صالـحات الأعمال علـى لذّات الدنـيا وشهواتها, فجدّوا فـي طاعة الله, ورفضوا الـحياة الدنـيا.
الآية : 81
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الأرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنتَصِرِينَ }.
يقول تعالـى ذكره: فخسفنا بقارون وأهل داره. وقـيـل: وبداره, لأنه ذكر أن موسى إذ أمر الأرض أن تأخذه أمرها بأخذه, وأخذ من كان معه من جلسائه فـي داره, وكانوا جماعة جلوسا معه, وهم علـى مثل الذي هو علـيه من النفـاق والـمؤازرة علـى أذى موسى. ذكر من قال ذلك:
21043ـ حدثنا أبو كُرَيب, قال: حدثنا جابر بن نوح, قال: أخبرنا الأعمش, عن الـمنهال بن عمرو, عن عبد الله بن الـحارث, عن ابن عبـاس, قال: لـما نزلت الزكاة أتـى قارون موسى, فصالـحه علـى كلّ ألف دينار دينارا, وكلّ ألف شيء شيئا, أو قال: وكلّ ألف شاة شاة «الطبريّ يشكّ», قال: ثم أتـى بـيته فحسبه فوجده كثـيرا, فجمع بنـي إسرائيـل, فقال: يا بنـي إسرائيـل إن موسى قد أمركم بكلّ شيء فأطعتـموه, وهو الاَن يريد أن يأخذ من أموالكم, فقالوا: أنت كبـيرنا وأنت سيدنا, فمرنا بـما شئت, فقال: آمركم أن تـجيئوا بفلانة البغيّ, فتـجعلوا لها جُعلاً, فتقذفه بنفسها, فدعوها فجعل لها جُعلاً علـى أن تقذفه بنفسها, ثم أتـى موسى, فقال لـموسى: إن بنـي إسرائيـل قد اجتـمعوا لتأمرهم ولتنهاهم, فخرج إلـيهم وهم فـي براح من الأرض, فقال: يا بنـي إسرائيـل من سرق قطعنا يده, ومن افترى جلدناه, ومن زنى ولـيس له امرأة جلدناه مئة, ومن زنى وله امرأة جلدناه حتـى يـموت, أو رجمناه حتـى يـموت «الطبري يشكّ», فقال له قارون: وإن كنت أنت؟ قال: وإن كنت أنا قال: فإن بنـي إسرائيـل يزعمون أنك فجرت بفلانة. قال: ادعوها, فإن قالت, فهو كما قالت فلـما جاءت قال لها موسى: يا فلانة, قالت: يا لَبّـيك, قال: أنا فعلت بك ما يقول هؤلاء؟ قالت: لا, وكذبوا, ولكن جعلوا لـي جُعْلاً علـى أن أقذفك بنفسي فوثب, فسجد وهو بـينهم, فأوحى الله إلـيه: مُرِ الأرض بـما شئت, قال: يا أرض خذيهم فأخذتهم إلـى أقدامهم. ثم قال: يا أرض خذيهم, فأخذتهم إلـى ركبهم. ثم قال: يا أرض خذيهم, فأخذتهم إلـى حِقِـيّهم, ثم قال: يا أرض خذيهم, فأخذتهم إلـى أعناقهم قال: فجعلوا يقولون: يا موسى يا موسى, ويتضرّعون إلـيه. قال: يا أرض خذيهم, فـانطبقت علـيهم, فأوحى الله إلـيه: يا موسى, يقول لك عبـادي: يا موسى, يا موسى, فلا ترحمهم؟ أما لو إياي دَعَوا, لوجدونـي قريبـا مـجيبـا قال: فذلك قول الله: فَخَرَجَ عَلـى قَوْمِهِ فِـي زِينَتِهِ وكانت زينته أنه خرج علـى دوابّ شُقْر علـيها سُروج حُمْر, علـيهم ثـياب مُصَبّغة بـالبَهْرَمان. قالَ الّذِينَ يُرِيدُونَ الـحَياةَ الدّنْـيا: يا لَـيْتَ لَنا مِثْلَ ما أُوتِـيَ قارُونُ... إلـى قوله إنّه لا يُفْلِـحُ الكافِرُونَ يا مـحمد تِلْكَ الدّارُ الاَخِرَةُ نَـجْعَلُها للّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوّا فِـي الأرْضِ وَلا فَسادا, والعاقِبَةُ لِلْـمُتّقِـينَ.
حدثنا أبو كُرَيب, قال: حدثنا يحيى بن عيسى, عن الأعمش, عن الـمنهال, عن رجل, عن ابن عبـاس قال: لـما أمر الله موسى بـالزكاة, قال: رَمَوه بـالزنا, فجزع من ذلك, فأرسلوا إلـى امرأة كانت قد أعطوها حكمها, علـى أن ترميه بنفسها فلـما جاءت عظم علـيها, وسألها بـالذي فلق البحر لبنـي إسرائيـل, وأنزل التوراة علـى موسى إلاّ صَدَقت. قالت: إذ قد استـحلفتَنـي, فإنـي أشهد أنك بريء, وأنك رسول الله, فخرّ ساجدا يبكي, فأوحى الله تبـارك وتعالـى: ما يبكيك؟ قد سلطناك علـى الأرض, فمرها بـما شئت, فقال: خذيهم, فأخذتهم إلـى ما شاء الله, فقالوا: يا موسى, يا موسى فقال: خذيهم, فأخذتهم إلـى ما شاء الله, فقالوا: يا موسى, يا موسى فخسفتهم. قال: وأصاب بنـي إسرائيـل بعد ذلك شدّة وجوع شديد, فأتَوا موسى, فقالوا: ادع لنا ربك قال: فدعا لهم, فأوحى الله إلـيه: يا موسى, أتكلـمنـي فـي قوم قد أظلـم ما بـينـي وبـينهم خطاياهم, وقد دعوك فلـم تـجبهم, أما إيّاي لو دَعَوا لأجبتهم.
حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا أبـي, عن الأعمش, عن الـمنهال, عن سعيد بن جُبَـير, عن ابن عبـاس فَخَسَفْنا بِهِ وَبِدارِهِ الأرْضَ قال: قـيـل للأرض خذيهم, فأخذتهم إلـى أعقابهم ثم قـيـل لها: خذيهم, فأخذتهم إلـى ركبهم ثم قـيـل لها: خذيهم, فأخذتهم إلـى أحْقائهم ثم قـيـل لها: خذيهم, فأخذتهم إلـى أعناقهم ثم قـيـل لها: خذيهم, فَخُسِف بهم, فذلك قوله: فَخَسَفْنا بِهِ وَبِدَارِهِ الأرْضَ.
حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: حدثنا علـيّ بن هاشم بن البريد, عن الأعمش, عن الـمنهال, عن سعيد بن جُبَـير, عن ابن عبـاس, فـي قوله إنّ قارُونَ كانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى قال: كان ابن عمه, وكان موسى يقضي فـي ناحية بنـي إسرائيـل, وقارون فـي ناحية, قال: فدعا بَغِيّة كانت فـي بنـي إسرائيـل, فجعل لها جُعْلاً علـى أن ترمي موسى بنفسها, فتركته إذا كان يوم تـجتـمع فـيه بنو إسرائيـل إلـى موسى, أتاه قارون فقال: يا موسى ما حدّ من سرق؟ قال: أن تنقطع يده, قال: وإن كنتَ أنت؟ قال: نعم قال: فما حَدّ مَن زنى؟ قال: أن يُرجم, قال: وإن كنت أنت؟ قال: نعم قال: فإنك قد فعلت, قال: وَيْـلَك بـمن؟ قال: بفلانة فدعاها موسى, فقال: أنْشُدك بـالذي أنزل التوراة, أَصَدقَ قارون؟ قالت: اللهمّ إذ نَشَدْتنـي, فإنـي أشهد أنك برىء, وأنك رسول الله, وأن عدوّ الله قارون جعل لـي جُعْلاً علـى أن أرميَك بنفسي قال: فوثب موسى, فخرّ ساجدا لله, فأوحى الله إلـيه أنِ ارفعْ رأسك, فقد أمرت الأرض أن تطيعك, فقال موسى: يا أرضُ خذيهم, فأخذتهم حتـى بلغوا الـحِقْو, قال: يا موسى قال: خذيهم, فأخذتهم حتـى بلغوا الصدور, قال: يا موسى, قال: خذيهم, قال: فذهبوا. قال: فأوحى الله إلـيه يا موسى: استغاث بك فلـم تغثه, أما لو استغاث بـي لأجبته ولأغثته.
21044ـ حدثنا بشر بن هلال الصوّاف, قال: حدثنا جعفر بن سلـيـمان الضبعيّ, قال: حدثنا علـيّ بن زيد بن جدعان, قال: خرج عبد الله بن الـحارث من الدار, ودخـل الـمقصورة فلـما خرج منها, جلس وتساند علـيها, وجلسنا إلـيه, فذكر سلـيـمانَ بنِ داود وَقالَ يا أيّها الـمَلأُ أيّكُمْ يَأْتِـينِـي بعَرْشِها قَبْلَ أنْ يَأْتُونِـي مُسْلِـمِينَ... إلـى قوله إنّ رَبّـي غَنِـيّ كَرِيـمٌ ثم سكت عن ذكر سلـيـمان, فقال: إنّ قارُونَ كانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَـيْهِمْ وكان قد أوتـي من الكنوز ما ذكر الله فـي كتابه ما إنّ مَفـاتِـحَهُ لَتَنُوءُ بـالْعُصْبَةِ أُولـى القُوّةِ, قالَ إنّـما أُوتِـيتُهُ عَلـى عِلْـمٍ عِنْدِي قال: وعادى موسى, وكان مؤذيا له, وكان موسى يصفح عنه ويعفو, للقرابة, حتـى بنى دارا, وجعل بـاب داره من ذهب, وضرب علـى جدرانه صفـائح الذهب, وكان الـملأ من بنـي إسرائيـل يَغْدُون علـيه ويروحون, فـيطعمهم الطعام, ويحدّثونه ويضحكونه, فلـم تدعْه شِقوته والبلاء, حتـى أرسل إلـى امرأة من بنـي إسرائيـل مشهورة بـالـخَنَا, مشهورة بـالسّبّ, فأرسل إلـيها فجاءته, فقال لها: هل لك أن أُموّلك وأعطيَك, وأخـلطَك فـي نسائي, علـى أن تأتـينـي والـملأ من بنـي إسرائيـل عندي, فتقولـي: يا قارون, ألا تنهى عَنّـي موسى قالت: بلـى. فلـما جلس قارون, وجاء الـملأ من بنـي إسرائيـل, أرسل إلـيها, فجاءت فقامت بـين يديه, فقلب الله قلبها, وأحدث لها توبة, فقالت فـي نفسها: لاَءَن أُحْدِث الـيوم توبة, أفضل من أن أوذي رسول الله صلى الله عليه وسلم, وأكذّب عدوّ الله له. فقالت: إن قارون قال لـي: هل لك أن أمَوّلك وأعطيَك, وأخـلِطك بنسائي, علـى أن تأتِـينـي والـملأ من بنـي إسرائيـل عندي, فتقولـي: يا قارون ألاَ تنهى عنـي موسى, فلـم أجد توبة أفضل من أن لا أُوذِي رسول الله صلى الله عليه وسلم, وأكذّب عدوّ الله فلـما تكلـمت بهذا الكلام, سُقِط فـي يدي قارون, ونكّس رأسه, وسكت الـملأ, وعرف أنه قد وَقَع فـي هَلَكة, وشاع كلامها فـي الناس, حتـى بلغ موسى فلـما بلغ موسى اشتدّ غضبه, فتوضأ من الـماء, وصلّـى وبكى, وقال: يا ربّ عدوّك لـي مؤذ, أراد فضيحتـي وشَيْنـي, يا ربّ سلطنـي علـيه. فأوحى الله إلـيه أن مُرِ الأرض بـما شئت تطعك. فجاء موسى إلـى قارون فلـما دخـل علـيه, عرف الشرّ فـي وجه موسى له, فقال: يا موسى ارحمنـي قال: يا أرض خذيهم, قال: فـاضطربت داره, وساخت بقارون وأصحابه إلـى الكعبـين, وجعل يقول: يا موسى, فأخذتهم إلـى رُكَبهم, وهو يتضرّع إلـى موسى: يا موسى ارحمنـي قال: يا أرض خذيهم, قال: فـاضطربت داره وساخت, وخُسف بقارون وأصحابه إلـى سُرَرِهم, وهو يتضرّع إلـى موسى: يا موسى ارحمنـي قال: يا أرض خذيهم, فخُسِف به وبداره وأصحابه. قال: وقـيـل لـموسى صلى الله عليه وسلم: يا موسى ما أفظّك. أما وعزّتـي لو إيايَ نادى لأجبته.
21045ـ حدثنـي بشر بن هلال, قال: حدثنا جعفر بن سلـيـمان, عن أبـي عِمران الـجَوْنـيّ, قال: بلغنـي أنه قـيـل لـموسى: لا أُعَبّدُ الأرض لأحد بعدك أبدا.
21046ـ حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهديّ, وعبد الـحميد الـحِمّانـي, عن سفـيان, عن الأغرّ بن الصبـاح, عن خـلـيفة بن حُصين, قال: عبد الـحميد, عن أبـي نصر, عن ابن عبـاس, ولـم يذكر ابن مهدي أبـا نصر فَخَسَفنا بِهِ وَبِدَارِهِ الأرْضَ قال: الأرض السابعة.
21047ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي حجاج, عن ابن جُرَيج, قال: بلغنا أنه يخسف به كلّ يوم مِئَة قامة, ولا يبلغ أسفل الأرض إلـى يوم القـيامة, فهو يتـجَلْـجَل فـيها إلـى يوم القـيامة.
21048ـ حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا زيد بن حبـان, عن جعفر بن سلـيـمان, قال: سمعت مالك بن دينار, قال: بلغنـي أن قارون يُخْسَف به كلّ يوم مِئَة قامة.
21049ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قَتادة فَخَسَفْنا بِهِ وَبِدَارِهِ الأرْضَ ذُكر لنا أنه يُخسَف به كلّ يوم قامة, وأنه يتـجلـجل فـيها, لا يبلغ قعرها إلـى يوم القـيامة.
وقوله: فَمَا كانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللّهِ يقول: فلـم يكن له جند يرجع إلـيهم, ولا فئة ينصرونه لـما نزل به من سخطه, بل تبرّءوا منه وَما كانَ مِنَ الـمُنْتَصِرِينَ يقول: ولا كان هو مـمن ينتصر من الله إذا أحلّ به نقمته, فـيـمتنع لقوّته منها. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك, قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:
21050ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قَتادة فَمَا كانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ أي جند ينصرونه, وما عنده منعة يـمتنع بها من الله.
وقد بـيّنا معنى الفئة فـيـما مضى, وأنها الـجماعة من الناس, وأصلها الـجماعة التـي يفـيء إلـيها الرجل عند الـحاجة إلـيهم, للعون علـى العدوّ, ثم تستعمل ذلك العرب فـي كلّ جماعة كانت عونا للرجل, وظَهْرا له ومنه قول خفـاف:
فَلَـمْ أرَ مِثْلَهُمْ حَيّا لَقاحا وَجَدّكَ بـينَ نَاضِحَةٍ وحَجْرِ
أشَدّ علـى صُرُوفِ الدّهْرِ آداو أكبرَ منهُمُ فِئَةً بِصَبْرِ

الآية : 82
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {وَأَصْبَحَ الّذِينَ تَمَنّوْاْ مَكَانَهُ بِالأمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنّ اللّهَ يَبْسُطُ الرّزْقَ لِمَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلآ أَن مّنّ اللّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنّهُ لاَ يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ }. يقول تعالـى ذكره: وأصبح الذين تـمنّوا مكانه بـالأمس من الدنـيا, وغناه وكثرة ماله, وما بسط له منها بـالأمس, يعنـي قبل أن ينزل به ما نزل من سخط الله وعقابه, يقولون: ويْكأنّ الله...
اختلف فـي معنى وَيْكَأنّ اللّهَ فأما قَتادة, فإنه رُوي عنه فـي ذلك قولان: أحدهما ما:
21051ـ حدثنا به ابن بشار, قال: حدثنا مـحمد بن خالد بن عَثْمة, قال: حدثنا سعيد بن بشير, عن قَتادة, قال فـي قوله وَيْكأنّهُ قال: ألـم تر أنه.
حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قَتادة وَيْكأَنّهُ: أوَ لاَ تَرى أنه.
وحدثنـي إسماعيـل بن الـمتوكل الأشجعي, قال: حدثنا مـحمد بن كثـير, قال: ثنـي معمر, عن قَتادة: وَيْكأنّهُ قال: ألـم تَرَ أنه. والقول الاَخر, ما:
21052ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: حدثنا أبو سفـيان, عن معمر, عن قَتادة, فـي قوله: وَيْكأَنّ اللّهَ يَبْسُطُ الرّزْقَ قال: أو لـم يعلـم أن الله وَيْكأنّهُ: أوَ لا يَعلـمُ أنه.
وتأوّل هذا التأويـل الذي ذكرناه عن قَتادة فـي ذلك أيضا بعض أهل الـمعرفة بكلام العرب من أهل البصرة, واستشهد لصحة تأويـله ذلك كذلك, بقول الشاعر:
سألَتانِـي الطّلاقَ أنْ رَأَتانِـيقَلّ مالـي, قَدْ جِئْتُـما بِنُكْرِ
وَيْكأنْ مَنْ يَكُنْ لَهُ نَشَب يُحْبَبْ ومَن يفْتَقِرْ يعِشْ عَيْشَ ضُرّ
وقال بعض نـحويّـي الكوفة: «ويكأنّ» فـي كلام العرب: تقرير, كقول الرجل: أما ترى إلـى صُنع الله وإحسانه وذكر أنه أخبره من سمع أعرابـية تقول لزوجها: أين ابننا؟ فقال: ويكأنه وراء البـيت. معناه: أما ترينه وراء البـيت قال: وقد يَذْهَب بها بعض النـحويـين إلـى أنها كلـمتان, يريد: وَيْكَ أَنه, كأنه أراد: ويْـلَك, فحذف اللام, فتـجعل «أَنّ» مفتوحة بفعل مضمر, كأنه قال: ويْـلَك اعلـمْ أنه وراء البـيت, فأضمر «اعلـم». قال: ولـم نـجد العرب تُعْمِل الظنّ مضمرا, ولا العلـم وأشبـاهه فـي «أَنّ», وذلك أنه يبطل إذا كان بـين الكلـمتـين, أو فـي آخر الكلـمة, فلـما أضمر جرى مـجرى الـمتأخر ألا ترى أنه لا يجوز فـي الابتداء أن يقول: يا هذا, أنك قائم, ويا هذا أَنْ قمت, يريد: علـمت, أو اعلـم, أو ظننت, أو أظنّ. وأما حذف اللام من قولك: ويْـلَك حتـى تصير: ويْك, فقد تقوله العرب, لكثرتها فـي الكلام, قال عنترة:
وَلَقَدْ شَفَـى نَفْسي وأبْرأَ سُقْمَهاقَوْلُ الفَوَارِسِ وَيْكَ عَنْتَرَ أقْدِم
قال: وقال آخرون: إن معنى قوله وَيْكأَنّ: «وي» منفصلة من كأنّ, كقولك للرجل: وَيْ أما ترى ما بـين يديك؟ فقال: «وي» ثم استأنف, كأن الله يبسط الرزق, وهي تعجب, وكأنّ فـي معنى الظنّ والعلـم, فهذا وجه يستقـيـم. قال: ولـم تكتبها العرب منفصلة, ولو كانت علـى هذا لكتبوها منفصلة, وقد يجوز أن تكون كُثّر بها الكلام, فوُصِلت بـما لـيست منه.
وقال آخر منهم: إن «وَيْ»: تنبـيه, وكأن حرف آخر غيره, بـمعنى: لعلّ الأمر كذا, وأظنّ الأمر كذا, لأن كأنّ بـمنزلة أظنّ وأحسب وأعلـم.
وأولـى الأقوال فـي ذلك بـالصحة: القول الذي ذكرنا عن قَتادة, من أن معناه: ألـم تَرَ, ألـم تعلَـمْ, للشاهد الذي ذكرنا فـيه من قول الشاعر, والرواية عن العرب وأنّ «ويكأنّ» فـي خطّ الـمصحف حرف واحد. ومتـى وجه ذلك إلـى غير التأويـل الذي ذكرنا عن قَتادة, فإِنه يصير حرفـين, وذلك أنه إن وجه إلـى قول من تأوّله بـمعنى: وَيْـلَك اعلـم أن الله, وجب أن يفصل «وَيْكَ» من «أَنّ», وذلك خلاف خطّ جميع الـمصاحف, مع فساده فـي العربـية, لـما ذكرنا. وإن وُجّه إلـى قول من يقول: «وَيْ» بـمعنى التنبـيه, ثم استأنف الكلام بكأن, وجب أن يُفْصَل «وَيْ» من «كأن», وذلك أيضا خلاف خطوط الـمصاحف كلها.
فإذا كان ذلك حرفـا واحدا, فـالصواب من التأويـل: ما قاله قَتادة, وإذ كان ذلك هو الصواب, فتأويـل الكلام: وأصبح الذين تـمنوا مكان قارون وموضعه من الدنـيا بـالأمس, يقولون لَـمّا عاينوا ما أحلّ الله به من نقمته, ألـم تر يا هذا أن الله يبسط الرزق لـمن يشاء من عبـاده, فـيُوسّع علـيه, لا لفضل منزلته عنده, ولا لكرامته علـيه, كما كان بسط من ذلك لقارون, لا لفضله ولا لكرامته علـيه وَيَقُدِرُ يقول: ويضيق علـى من يشاء من خـلقه ذلك, ويقتّر علـيه, لا لهوانه, ولا لسُخْطه عمله.
وقوله: لَوْلا أنْ مَنّ اللّهُ عَلَـيْنا يقول: لولا أن تفضل علـينا, فصرف عنا ما كنا نتـمناه بـالأمس, لَـخَسَفَ بِنا.
واختلفت القرّاء فـي قراءة ذلك, فقرأته عامة قرّاء الأمصار سوى شيبة: «لَـخُسِفَ بِنا» بضم الـخاء, وكسر السين وذُكر عن شيبة والـحسن: لـخَسَفَ بِنَا بفتـح الـخاء والسين, بـمعنى: لـخسف اللّهُ بنا.
وقوله: وَيْكأنّهُ لا يُفْلِـحُ الكافِرُونَ يقول: ألـم تعلـم أنه لا يفلـح الكافرون, فتُنْـجِح طَلِبـاتهم.
الآية : 83
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {تِلْكَ الدّارُ الاَخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلّذِينَ لاَ يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الأرْضِ وَلاَ فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتّقِينَ }.
يقول تعالـى ذكره: تلك الدار الاَخرة نـجعل نعيـمها للذين لا يريدون تكبرا عن الـحقّ فـي الأرض وتـجبرا عنه ولا فسادا. يقول: ولا ظلـم الناس بغير حقّ, وعملاً بـمعاصي الله فـيها. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:
21053ـ حدثنا ابن بشار, قال: حدثنا عبد الرحمن, قال: حدثنا عبد الله بن الـمبـارك, عن زياد بن أبـي زياد, قال: سمعت عكرِمة يقول لا يُرِيدُونَ عُلُوّا فِـي الأرْض وَلا فَسادا قال: العلوّ: التـجّبر.
21054ـ حدثنا ابن بشار, قال: حدثنا عبد الرحمن, قال: حدثنا سفـيان, عن منصور, عن مسلـم البطين تِلكَ الدّارُ الاَخِرَةُ نَـجْعَلُها لِلّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوّا فِـي الأرْضِ وَلا فَسادا قال: العلوّ: التكبر فـي الـحقّ, والفساد: الأخذ بغير الـحقّ.
حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا أبـي, عن سفـيان, عن منصور, عن مسلـم البطين لِلّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوّا فِـي الأرْضِ قال: التكبر فـي الأرض بغير الـحقّ وَلا فَسادا أخذ الـمال بغير حقّ.
21055ـ قال: ثنا ابن يـمان, عن أشعث, عن جعفر, عن سعيد بن جبَـير لِلّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوّا فِـي الأرْضِ قال: البغي.
21056ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي حجاج, عن ابن جُرَيج, قوله لِلّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوّا فِـي الأرْضِ قال: تعظّما وتـجبرا, ولا فسادا: عملاً بـالـمعاصي.
21057ـ حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا أبـي, عن أشعث السمان, عن أبـي سلـمان الأعرج, عن علـيّ رضي الله عنه قال: إن الرجل لـيعجبه من شراك نعله أن يكون أجود من شراك صاحبه, فـيدخـل فـي قول تِلكَ الدّارُ الاَخِرَةُ نَـجْعَلُها لِلّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوّا فِـي الأرْضِ وَلا فَسادا, والعاقِبَةُ للْـمُتّقِـينَ.
وقوله: وَالعاقِبَةُ للْـمُتّقِـينَ يقول تعالـى ذكره: والـجنة للـمتقـين, وهم الذين اتقوا معاصي الله, وأدّوا فرائضه. وبنـحو الذي قلنا فـي معنى العاقبة قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:
21058ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قَتادة والعاقِبَةُ للْـمُتّقِـينَ أي الـجنة للـمتقـين.
الآية : 84
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {مَن جَآءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مّنْهَا وَمَن جَآءَ بِالسّيّئَةِ فَلاَ يُجْزَى الّذِينَ عَمِلُواْ السّيّئَاتِ إِلاّ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ }.
يقول تعالـى ذكره: من جاء الله يوم القـيامة بإخلاص التوحيد, فله خير, وذلك الـخير هو الـجنة والنعيـم الدائم, ومن جاء بـالسيئة, وهي الشرك بـالله. كما:
21059ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد قال حدثنا سعيد, عن قَتادة, قوله مَنْ جاءَ بـالـحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها: أي له منها حظّ خير, والـحسنة: الإخلاص, والسيئة: الشرك.
وقد بـيّنا ذلك بـاختلاف الـمختلفـين, ودللنا علـى الصواب من القول فـيه.
وقوله: فَلا يُجْزَى الّذِين عَمِلُوا السّيّئاتِ يقول: فلا يثاب الذين عملوا السيئات علـى أعمالهم السيئة إلاّ ما كانُوا يَعْمَلُونَ يقول: إلاّ جزاء ما كانوا يعملون