تفسير الطبري تفسير الصفحة 394 من المصحف

 تفسير الطبري - صفحة القرآن رقم 394
395
393
 الآية : 71
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ اللّهُ عَلَيْكُمُ الْلّيْلَ سَرْمَداً إِلَىَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَـَهٌ غَيْرُ اللّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَآءٍ أَفَلاَ تَسْمَعُونَ }.
يقول تعالـى ذكره: قل يا مـحمد لهؤلاء الـمشركين بـالله: أيها القوم أرأيتـم إن جعل الله علـيكم اللـيـل دائما لا نهار إلـى يوم القـيامة يعقبه. والعرب تقول لكلّ ما كان متصلاً لا ينقطع من رخاء أو بلاء أو نعمة هو سرمد. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:
20990ـ حدثنـي الـحارث, قال: حدثنا الـحسن, قال: حدثنا ورقاء, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد قوله: سَرْمَدا: دائما لا ينقطع.
حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مـجاهد, مثله.
20991ـ حدثنـي علـيّ, قال: حدثنا عبد الله, قال: ثنـي معاوية, عن علـيّ, عن ابن عبـاس, قوله إنْ جَعَلَ اللّهُ عَلَـيْكُمُ اللّـيْـلَ سَرْمَدا يقول: دائما.
وقوله: مَنْ إلَهٌ غيرُ اللّهِ يَأْتِـيكُمْ بِضِياءٍ يقول: من معبود غير الـمعبود الذي له عبـادة كل شيء يأتـيكم بضياء النهار, فتستضيئون به أفَلا تَسْمَعُونَ يقول: أفلا تُرْعُون ذلك سمعكم, وتفكرون فـيه فتتعظون, وتعلـمون أن ربكم هو الذي يأتـي بـاللـيـل ويذهب بـالنهار إذا شاء, وإذا شاء أتـى بـالنهار وذهب بـاللـيـل, فـينعم بـاختلافهما كذلك علـيكم.
الآية : 72
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ اللّهُ عَلَيْكُمُ النّهَارَ سَرْمَداً إِلَىَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَـَهٌ غَيْرُ اللّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفلاَ تُبْصِرُونَ }.
يقول تعالـى ذكره لنبـيه مـحمد صلى الله عليه وسلم: قُلْ يا مـحمد لـمشركي قومك أرأيْتُـمْ أيها القوم إنْ جَعَلَ اللّهُ عَلَـيْكُمُ النّهارَ سَرْمَدا دائما لا لـيـل معه أبدا إلـى يَوْمِ القِـيامَةِ مَنْ إلَهٌ غيرُ اللّهِ من معبود غير الـمعبود الذي له عبـادة كلّ شيء يَأْتِـيكُمْ بِلَـيْـلٍ تَسْكُنُونَ فِـيهِ فتستقرّون وتهدءون فـيه أفَلا تُبْصِرُونَ يقول: أفلا ترون بأبصاركم اختلاف اللـيـل والنهار علـيكم, رحمة من الله لكم, وحجة منه علـيكم, فتعلـموا بذلك أن العبـادة لا تصلـح إلاّ لـمن أنعم علـيكم بذلك دون غيره, ولـمن له القُدرة التـي خالف بها بـين ذلك.
الآية : 73
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {وَمِن رّحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ الْلّيْلَ وَالنّهَارَ لِتَسْكُنُواْ فِيهِ وَلِتَبتَغُواْ مِن فَضْلِهِ وَلَعَلّكُمْ تَشْكُرُونَ }.
يقول تعالـى ذكره: وَمِنْ رَحْمَتِهِ بكم أيها الناس جَعَلَ لَكُمُ اللّـيْـلَ والنّهارَ فخالف بـينهما, فجعل هذا اللـيـل ظلاما لِتَسْكُنُوا فِـيهِ وتهدءوا وتستقرّوا لراحة أبدانكم فـيه من تعب التصرّف الذي تتصرّفون نهارا لـمعايشكم. وفـي الهاء التـي فـي قوله: لِتَسْكُنُوا فـيه وجهان: أحدهما: أن تكون من ذكر اللـيـل خاصة, ويضمر للنهار مع الابتغاء هاء أخرى. والثانـي: أن تكون من ذكر اللـيـل والنهار, فـيكون وجه توحيدها وهي لهما وجه توحيد العرب فـي قولهم: إقبـالك وإدبـارك يؤذينـي, لأن الإقبـال والإدبـار فعل, والفعل يوحّدُ كثـيره وقلـيـله. وجعل هذا النهار ضياء تبصرون فـيه, فتتصرّفون بأبصاركم فـيه لـمعايشكم, وابتغاء رزقه الذي قسمه بـينكم بفضله الذي تفضل علـيكم.
وقوله: وَلَعَلّكُمْ تَشْكُرُونَ يقول تعالـى ذكره: ولتشكروه علـى إنعامه علـيكم بذلك, فعل ذلك بكم لتفردوه بـالشكر, وتـخـلصوا له الـحمد, لأنه لـم يشركه فـي إنعامه علـيكم بذلك شريك, فلذلك ينبغي أن لا يكون له شريك فـي الـحمد علـيه.
الآية : 74 -75
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَآئِيَ الّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ * وَنَزَعْنَا مِن كُلّ أُمّةٍ شَهِيداً فَقُلْنَا هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ فَعَلِمُوَاْ أَنّ الْحَقّ لِلّهِ وَضَلّ عَنْهُمْ مّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ }.
يعنـي تعالـى ذكره: ويوم ينادي ربك يا مـحمد هؤلاء الـمشركين فـيقول لهم: أيْنَ شُرَكائيَ الّذِينَ كُنْتُـمْ تَزْعُمُونَ أيها القوم فـي الدنـيا أنهم شركائي.
وقوله: وَنَزَعْنا مِنْ كُلّ أُمّةٍ شَهِيدا وأحضرنا من كلّ جماعة شهيدها وهو نبـيها الذي يشهد علـيها بـما أجابته أمته فـيـما أتاهم به عن الله من الرسالة. وقـيـل: ونزعنا من قوله: نزع فلان بحجة كذا, بـمعنى: أحضرها وأخرجها.وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك, قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:
20992ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قَتادة, قوله: وَنَزَعْنا مِنْ كُل أُمّةٍ شَهيدا وشهيدُها: نبـيها, يشهد علـيها أنه قد بَلّغ رسالة ربه.
20993ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحارث, قال: حدثنا الـحسن, قال: حدثنا ورقاء جميعا عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد قوله: وَنَزَعْنا مِنْ كُلّ أُمّةِ شَهِيدا قال: رسولاً.
حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مـجاهد, بنـحوه.
وقوله: فَقُلْنا هاتُوا بُرْهانَكُمْ يقول: فقلنا لأمة كلّ نبـيّ منهم التـي ردّت نصيحته, وكذّبت بـما جاءها به من عند ربهم, إذ شهد نبـيها علـيها بإبلاغه إياها رسالة الله: هاتُوا بِرْهانَكُمْ يقول: فقال لهم: هاتوا حجتكم علـى إشراككم بـالله ما كنتـم تشركون مع إعذار الله إلـيكم بـالرسل وإقامته علـيكم بـالـحجج. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك, قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:
20994ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قَتادة فَقُلْنا هاتُوا بُرْهانَكُمْ أي بـينتكم.
20995ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحارث, قال: حدثنا الـحسن, قال: حدثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد, قوله: فَقُلْنا هاتُوا بُرْهانَكُمْ قال: حجتكم لـما كنتـم تعبدون وتقولون.
حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مـجاهد فَقُلْنا هاتُوا بُرْهانَكُمْ قال: حجتكم بـما كنتـم تعبدون.
وقوله: فَعَلِـمُوا أنّ الـحَقّ لِلّهِ يقول: فعلـموا حينئذٍ أن الـحجة البـالغة لله علـيهم, وأن الـحقّ لله, والصدق خبره, فأيقنوا بعذاب من الله لهم دائم وَضَلّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ يقول: واضمـحلّ فذهب الذي كانوا يُشركون بـالله فـي الدنـيا, وما كانوا يتـخرّصون, ويكذبون علـى ربّهم, فلـم ينفعهم هنالك بل ضرّهم وأصلاهم نار جهنـم.

الآية : 76
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {إِنّ قَارُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَىَ فَبَغَىَ عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَآ إِنّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُوْلِي الْقُوّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لاَ تَفْرَحْ إِنّ اللّهَ لاَ يُحِبّ الْفَرِحِينَ }.
يقول تعالـى ذكره: إنّ قارُونَ وهو قارون بن يصهر بن قاهث بن لاوي بن يعقوب كانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى يقول: كان من عشيرة موسى بن عمران النبـيّ صلى الله عليه وسلم, وهو ابن عمه لأبـيه وأمه, وذلك أن قارون هو قارون بن يصهر بن قاهث, وموسى: هو موسى بن عمران بن قاهث, كذا نسبه ابن جُرَيج.
20996ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي حجاج, عن ابن جُرَيج, قوله: إنّ قارُونَ كانَ مِنْ قَومِ مُوسَى قال: ابن عمه ابن أخي أبـيه, فإن قارون بن يصفر, هكذا قال القاسم, وإنـما هو يصهر بن قاهث, وموسى بن عومر بن قاهث, وعومر بـالعربـية: عمران. وأما ابن إسحاق فإن ابن حميد.
20997ـ حدثنا, قال: حدثنا سلـمة عنه, أن يصهر بن قاهث تزوّج سميت بنت بتاويت بن بركنا بن بقشان بن إبراهيـم, فولدت له عمران بن يصهر, وقارون بن يصهر, فنكح عمران بخنت بنت شمويـل بن بركنا بن بقشان بن بركنا, فولدت له هارون بن عمران, وموسى بن عمران صفـيّ الله ونبـيه فموسى علـى ما ذكر ابن إسحاق ابن أخي قارون, وقارون هو عمه أخو أبـيه لأبـيه ولأمه. وأكثر أهل العلـم فـي ذلك علـى ما قاله ابن جُرَيج. ذكر من قال ذلك:
20998ـ حدثنا أبو كُرَيب, قال: حدثنا جابر بن نوح, قال: أخبرنا إسماعيـل بن أبـي خالد, عن إبراهيـم, فـي قوله: إنّ قارُونَ كانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى قال: كان ابن عمّ موسى.
20999ـ حدثنا ابن بشار, قال: حدثنا عبد الرحمن, قال: حدثنا سفـيان, عن سماك بن حرب, قال: حدثنا سعيد عن قَتادة إنّ قارُونَ كانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى: كنا نـحدّث أنه كان ابن عمه أخي أبـيه, وكان يسمى الـمنوّر من حُسن صوته بـالتوراة, ولكن عدوّ الله نافق, كما نافق السامريّ, فأهلكه البغي.
حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا أبـي, عن سفـيان, عن سماك, عن إبراهيـم إنّ قارُونَ كانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى قال كان ابن عمه فبغى علـيه.
قال: ثنا يحيى القطان, عن سفـيان, عن سماك, عن إبراهيـم, قال: كان قارون ابن عمّ موسى.
قال: ثنا أبو معاوية, عن ابن أبـي خالد, عن إبراهيـم إنّ قارُونَ كانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى قال: كان ابن عمه.
21000ـ حدثنـي بشر بن هلال الصوّاف, قال: حدثنا جعفر بن سلـيـمان الضّبَعِيّ, عن مالك بن دينار, قال: بلغنـي أن موسى بن عمران كان ابن عمّ قارون.
وقوله: فَبَغَى عَلَـيْهِمْ يقول: فتـجاوز حدّه فـي الكبر والتـجبر علـيهم.
وكان بعضهم يقول: كان بغيه علـيهم زيادة شبر أخذها فـي طول ثـيابه. ذكر من قال ذلك:
21001ـ حدثنـي علـيّ بن سعيد الكنديّ وأبو السائب وابن وكيع قالوا: حدثنا حفص بن غياث, عن لـيث, عن شَهِر بن حَوْشب إنّ قارُونَ كانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَـيْهِمْ قال: زاد علـيهم فـي الثـياب شبرا.
وقال آخرون: كان بغيه علـيهم بكثرة ماله. ذكر من قال ذلك:
21002ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قَتادة, قال: إنـما بغى علـيهم بكثرة ماله.
وقوله: وآتَـيْناهُ مِنَ الكُنُوزِ ما إنّ مَفـاتِـحَهُ لَتَنُوءُ بـالعُصْبَةِ أُولـى القُوّةِ يقول تعالـى ذكره: وآتـينا قارون من كنوز الأموال ما إن مفـاتـحه, وهي جمع مفتـح, وهو الذي يفتـح به الأبواب.
وقال بعضهم: عنى بـالـمفـاتـح فـي هذا الـموضع: الـخزائن لتُثْقِل العصبة. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ما قلنا فـي معنى مفـاتـح:
21003ـ حدثنا أبو كُرَيب, قال: حدثنا جابر بن نوح, قال: أخبرنا الأعمش, عن خيثمة, قال: كانت مفـاتـح قارون تـحمل علـى ستـين بغلاً, كلّ مفتاح منها بـاب كنز معلوم مثل الأُصبُع من جلود.
21004ـ حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا أبـي, عن الأعمش, عن خيثمة, قال: كانت مفـاتـح كنوز قارون من جلود كل مفتاح مثل الأصبع, كل مفتاح علـى خزانة علـى حدة, فإذا ركب حملت الـمفـاتـيح علـى ستـين بغلاً أغرّ مـحّجل.
حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا جرير, عن منصور, عن خيثمة, فـي قوله ما إنّ مَفـاتِـحَهُ لَتَنُوء بـالعُصْبَةِ أُولـى القُوّةِ قال: نـجد مكتوبـا فـي الإنـجيـل مفـاتـح قارون وِقر ستـين بغلاً غرّا مـحجلة, ما يزيد كل مفتاح منها علـى أصبع, لكل مفتاح منها كنز.
21005ـ حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا ابن عيـينة, عن حميد, عن مـجاهد, قال: كانت الـمفـاتـح من جلود الإبل.
حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مـجاهد وآتَـيْناهُ مِن الكُنُوزِ ما إنّ مَفـاتِـحَهُ لَتَنُوءُ بـالعُصْبَةِ قال: مفـاتـح من جلود كمفـاتـح العيدان.
وقال قوم: عنى بـالـمفـاتـح فـي هذا الـموضع: خزائنه. ذكر من قال ذلك:
21006ـ حدثنا أبو كُرَيت, قال: حدثنا هشيـم, قال: أخبرنا إسماعيـل بن سالـم, عن أبـي صالـح, فـي قوله: ما إنّ مَفـاتِـحَهُ لَتَنُوءُ بـالعُصْبَةِ قال: كانت خزائنه تـحمل علـى أربعين بغلاً.
21007ـ حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا أبـي, عن أبـي حجيرَ, عن الضحاك ما إنّ مَفـاتِـحَهُ قال: أوعيته.
وبنـحو الذي قلنا فـي معنى قوله: لَتَنُوءُ بـالعُصْبَةِ قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:
21008ـ حدثنا أبو كُرَيب, قال: حدثنا جابر بن نوح, قال: حدثنا أبو رَوْق, عن الضحاك عن ابن عبـاس, فـي قوله: لَتَنُوء بـالعُصْبَةِ قال: لتثقل بـالعصبة.
حدثنـي علـيّ, قال: حدثنا أبو صالـح, قال: ثنـي معاوية, عن علـيّ, عن ابن عبـاس, قوله لَتَنُوءُ بـالعُصْبَةِ يقول: تَثْقُل. وأما العُصبة فإنها الـجماعة.
واختلف أهل التأويـل فـي مبلغ عددها الذي أريد فـي هذا الـموضع فأما مبلغ عدد العصبة فـي كلام العرب فقد ذكرناه فـيـما مضى بـاختلاف الـمختلفـين فـيه, والرواية فـي ذلك, والشواهد علـى الصحيح من قولهم فـي ذلك بـما أغنـي عن إعادته فـي هذا الـموضع, فقال بعضهم: كانت مفـاتـحه تنوء بعصبة مبلغ عددها أربعون رجلاً. ذكر من قال ذلك:
21009ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: حدثنا هشيـم, عن إسماعيـل بن سالـم, عن أبـي صالـح, قوله: لَتَنُوءُ بـالعُصْبَةِ قال: أربعون رجلاً.
21010ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد عن قَتادة لَتَنُوءُ بـالعُصْبَةِ قال: ذكر لنا أن العصبة ما بـين العشرة إلـى الأربعين.
21011ـ حُدثت عن الـحسين, قال: سمعت أبـا معاذ يقول: أخبرنا عبـيد, قال: سمعت الضحاك يقول فـي قوله: لَتَنُوءُ بـالعُصْبَةِ أُولـى القُوّةِ: يزعمون أن العصبة أربعون رجلاً, ينقلون مفـاتـحه من كثرة عددها.
21012ـ حدثنـي مـحمد بن سعد, قال: ثنـي أبـي, قال: ثنـي عمي, قال: ثنـي أبـي, عن أبـيه, عن ابن عبـاس, قوله: وآتَـيْناهُ مِنَ الكُنُوزِ ما إنّ مَفـاتِـحَهُ لَتَنُوءُ بـالعُصْبَةِ أُولـى القُوّةِ قال: أربعون رجلاً.
وقال آخرون: ستون, وقال: كانت مفـاتـحه تـحمل علـى ستـين بغلاً.
21013ـ حدثنا كذلك ابن وكيع, قال: حدثنا أبـي, عن الأعمش, عن خيثمة.
وقال آخرون: كانت تـحمل علـى ما بـين ثلاثة إلـى عشرة. ذكر من قال ذلك:
21014ـ حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا جابر بن نوح, عن أبـي روق, عن الضحاك, عن ابن عبـاس لَتَنُوءُ بـالعُصْبَةِ قال: العصبة: ثلاثة.
21015ـ حدثنا أبو كُرَيب, قال: حدثنا جابر بن نوح, قال: حدثنا أبو روق, عن الضحاك, عن ابن عبـاس لَتَنُوءُ بـالعُصْبَةِ قال: العصبة: ما بـين الثلاثة إلـى العشرة.
وقال آخرون: كانت تـحمل ما بـين عشرة إلـى خمسة عشرة. ذكر من قال ذلك:
21016ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحارث, قال: حدثنا الـحسن, قال: حدثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد, فـي قول الله: ما إنّ مَفـاتِـحَهُ لَتَنُوءُ بـالعُصْبَةِ قال: العُصْبة: ما بـين العشرة إلـى الـخمسة عشر.
21017ـ حدثنا القاسم قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مـجاهد لَتَنُوءُ بـالعُصْبَة قال: العصبة: خمسة عشر رجلاً.
وقوله: أُولـى القُوّةِ يعنـي: أولـى الشدّة. وقال مـجاهد فـي ذلك ما:
حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى, عن ابن أبـي نـجيح عن مـجاهد أُولـى القُوّةِ قال: خمسةَ عَشَر.
فإن قال قائل: وكيف قـيـل وآتَـيْناهُ مِنَ الكُنُوزِ ما إنّ مَفـاتِـحَهُ لَتَنُوءُ بـالعُصْبَةِ وكيف تنوء الـمفـاتـح بـالعصبة, وإنـما العصبة هي التـي تنوء بها؟ قـيـل: اختلف فـي ذلك أهل العلـم بكلام العرب, فقال بعض أهل البصرة: مـجاز ذلك: ما إن العصبة ذوي القوّة لتنوء بـمفـاتـح نعمه. قال: ويقال فـي الكلام: إنها لتنوء بها عجيزتها, وإنـما هو: تنوء بعجيزتها كما ينوء البعير بحمله, قال: والعرب قد تفعل مثل هذا. قال الشاعر:
فَدَيْتُ بِنَفْسِهِ نَفْسِي وَمالـيوما آلُوكَ إلاّ ما أُطِيقُ
والـمعنى: فديت بنفسي وبـمالـي نفسه.
وقال آخر:
وَتَرْكَبُ خَيْلاً لا هَوَادَةَ بَـيْنَهاوَتَشْقَـى الرّماحُ بـالضّياطِرَةِ الـحُمْرِ
وإنـما تشقـى الضياطرة بـالرماح. قال: والـخيـل هاهنا: الرجال.
وقال آخر منهم ما إنّ مَفـاتِـحَهُ قال: وهذا موضع لا يكاد يبتدأ فـيه «إن», وقد قال: إن الـموت الذي تفرّون منه فإنه ملاقـيكم. وقوله: لَتَنُوءُ بـالعُصْبَةِ إنـما العصبة تنوء بها وفـي الشعر:
(تَنُوءُ بِها فَتُثْقِلُها عَجِيزَتُها )
ولـيست العجيزة تنوء بها, ولكنها هي تنوء بـالعجيزة وقال الأعشى:
ما كُنْتَ فِـي الـحَرْبِ العَوَانِ مُغَمّرَاإذْ شَبّ حَرّ وَقُودِها أجْذَالَهَا
وكان بعض أهل العربـية من الكوفـيـين يُنكر هذا الذي قاله هذا القائل, وابتداء إن بعد ما, ويقول: ذلك جائز مع وما من, وهو مع ما ومَنْ أجود منه مع الذي, لأن الذي لا يعمل فـي صلته, ولا تعمل صلته فـيه, فلذلك جاز, وصارت الـجملة عائد «ما», إذ كانت لا تعمل فـي «ما», ولا تعمل «ما» فـيها قال: وحَسُن مع «ما» و «من», لأنهما يكونان بتأويـل النكرة إن شئت, والـمعرفة إن شئت, فتقول: ضربت رجلاً لـيقومنّ, وضربت رجلاً إنه لـمـحسن, فتكون «مَنْ و ما» تأويـل هذا, ومع «الذي» أقبح, لأنه لا يكون بتأويـل النكرة.
وقال آخر منهم فـي قوله: لَتَنُوءُ بـالعُصْبَةِ: نَوْءُها بـالعصبة: أن تُثْقلهم وقال: الـمعنى: إن مفـاتـحه لتنـيءُ العصبة: تـميـلهن من ثقلها, فإذا أدخـلت البـاء قلت: تَنُوء بهم, كما قال: آتُونِـي أُفْرِغْ عَلَـيْهِ قِطْرَا قال والـمعنى: آتونـي بقطر أفرغ علـيه فإذا حُذفت البـاء, زدت علـى الفعل ألفـا فـي أوّله ومثله: فأجاءَها الـمَخاضُ معناه: فجاء بها الـمخاض وقال: قد قال رجل من أهل العربـية: ما إن العصبة تَنُوء بـمفـاتـحه, فحوّل الفعل إلـى الـمفـاتـح, كما قال الشاعر:
إنّ سِرَاجا لَكَرِيـمٌ مَفْخَرُهْتَـحْلَـى بهِ العَيْنُ إذَا ما تَـجْهَرُهْ
وهو الذي يحلَـى بـالعين, قال: فإن كان سمع أثرا بهذا, فهو وجه, وإلاّ فإن الرجل جهل الـمعنى. قال: وأنشدنـي بعض العرب:
حتـى إذَا ما الْتَأَمَتْ مَوَاصِلُهْونَاءَ فِـي شِقّ الشّمالِ كاهِلُهْ
يعنـي: الرامي لِـما أخذ القوس, ونزع مال علـيها. قال: ونرى أن قول العرب: ما ساءك, وناءك من ذلك, ومعناه: ما ساءك وأناءك من ذلك, إلاّ أنه ألقـى الألف لأنه متبع لساءك, كما قالت العرب: أكلت طعاما فهنأنـي ومرأنـي, ومعناه: إذا أفردت: وأمرأنـي فحذفت منه الألف لـما أتبع ما لـيس فـيه ألف.
وهذا القول الاَخر فـي تأويـل قوله: لَتَنُوءُ بـالعُصْبَةِ: أولـى بـالصواب من الأقوال الأُخَر, لـمعنـيـين: أحدهما: أنه تأويـل موافق لظاهر التنزيـل. والثانـي: أن الاَثار التـي ذكرنا عن أهل التأويـل بنـحو هذا الـمعنى جاءت, وأن قول من قال: معنى ذلك: ما إن العصبة لتنوء بـمفـاتـحه, إنـما هو توجيه منهم إلـى أن معناه: ما إن العصبة لتنهض بـمفـاتـحه وإذا وجه إلـى ذلك لـم يكن فـيه من الدلالة علـى أنه أريد به الـخبر عن كثرة كنوزه, علـى نـحو ما فـيه, إذا وجه إلـى أن معناه: إن مفـاتـحه تثقل العصبة وتـميـلها, لأنه قد تنهض العصبة بـالقلـيـل من الـمفـاتـح وبـالكثـير. وإنـما قصد جلّ ثناؤه الـخبر عن كثرة ذلك, وإذا أريد به الـخبر عن كثرته, كان لا شكّ أن الذي قاله من ذكرنا قوله, من أن معناه: لتنوء العصبة بـمفـاتـحه, قول لا معنى له, هذا مع خلافه تأويـل السلف فـي ذلك.
وقوله: إذْ قالَ لَهُ قَوْمُهُ لا تَفْرَحْ, إنّ اللّهَ لا يُحِبّ الفَرِحِينَ يقول: إذ قال قومه: لا تبغ ولا تَبْطَر فرحا, إن الله لا يحبّ من خـلقه الأَشِرِين البَطِرِين. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:
21018ـ حدثنـي علـي, قال: حدثنا أبو صالـح, قال: ثنـي معاوية, عن علـيّ, عن ابن عبـاس, قوله إنّ اللّهَ لا يُحِبّ الفَرِحِينَ يقول: الـمَرِحِين.
21019ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا حكام, عن عنبسة, عن مـحمد بن عبد الرحمن, عن القاسم بن أبـي بَزّة, عن مـجاهد, فـي قوله: لا تَفْرَحْ إنّ اللّهَ لاَ يُحِبّ الفَرِحِينَ قال: الـمتبذّخين الأَشِرين البَطِرين, الذين لا يشكرون الله علـى ما أعطاهم.
حدثنا مـحمد بن بشار, قال: حدثنا مـحمد بن جعفر, قال: حدثنا شعبة, عن جابر, قال: سمعت مـجاهدا يقول فـي هذه الاَية إن اللّهَ لا يُحِبّ الفَرِحِينَ قال: الأَشِرين البَطِرِين البَذِخين.
21020ـ حدثنـي يعقوب, قال: حدثنا هشيـم, قال: أخبرنا العوّام, عن مـجاهد, فـي قوله لا تَفْرَحْ إنّ اللّهَ لا يُحِبّ الفَرِحِينَ قال: يعنـي به البغي.
حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد, فـي قول الله: لا تَفْرَحْ إنّ اللّهَ لا يُحِبّ الفَرِحِينَ قال: الـمتبذّخين الأشرين, الذين لا يشكرون الله فـيـما أعطاهم.
حدثنـي الـحارث, قال: حدثنا الـحسن, قال: حدثنا ورقاء, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد, مثله إلاّ أنه قال: الـمتبذّخين.
حدثنا مـحمد بن عبد الله الـمُخَرّميّ, قال: ثنـي شَبَـابة, قال: ثنـي ورقاء, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد لا تَفْرَحْ إنّ اللّهَ لا يُحِبّ الفَرِحِينَ قال: الأشِرينَ البَطِرِين.
21021ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قَتادة, إذ قال له قومه لا تَفْرَحْ: أي لا تـمرح إنّ اللّهَ لا يُحِبّ الفَرِحِينَ: أي إن الله لا يحبّ الـمَرِحين.
حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مـجاهد لا تَفْرَحْ إنّ لا يُحِبّ الفَرِحِينَ قال: الأَشِرِين البطرين, الذين لا يشكرون الله فـيـما أعطاهم.
حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: حدثنا هشيـم, قال: أخبرنا العوّام, عن مـجاهد, فـي قوله إذْ قالَ لَهُ قَوْمُهُ لا تَفْرَحْ, إنّ اللّهَ لا يُحِبّ الفَرِحِينَ قال: هو فَرَح البَغْي.
الآية : 77
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {وَابْتَغِ فِيمَآ آتَاكَ اللّهُ الدّارَ الاَخِرَةَ وَلاَ تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدّنْيَا وَأَحْسِن كَمَآ أَحْسَنَ اللّهُ إِلَيْكَ وَلاَ تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الأرْضِ إِنّ اللّهَ لاَ يُحِبّ الْمُفْسِدِينَ }.
يقول تعالـى ذكره, مخبرا عن قـيـل قوم قارون له: لا تبغ يا قارون علـى قومك, بكثرة مالك, والتـمس فـيـما آتاك الله من الأموال خيرات الاَخرة, بـالعمل فـيها بطاعة الله فـي الدنـيا. وقوله: وَلا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدّنْـيا يقول: ولا تترك نصيبك وحظك من الدنـيا, أن تأخذ فـيها بنصيبك من الاَخرة, فتعمل فـيه بـما ينـجيك غدا من عقاب الله. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:
21022ـ حدثنـي علـيّ, قال: حدثنا عبد الله, قال: ثنـي معاوية, عن علـيّ, عن ابن عبـاس, قوله: وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدّنْـيا, وأحْسِنْ كمَا أحْسَنَ اللّهُ إلَـيْكَ يقول: لا تترك أن تعمل لله فـي الدنـيا.
حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا يحيى بن آدم, عن سفـيان, عن الأعمش, عن ابن عبـاس وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدّنْـيا قال: أن تعمل فـيها لاَخرتك.
21023ـ حدثنا ابن بشار, قال: حدثنا عبد الرحمن, قال: حدثنا قرة بن خالد, عن عون بن عبد الله وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدّنْـيا قال: إن قوما يضعونها علـى غير موضعها. ولا تنس نصيبك من الدنـيا: تعمل فـيها بطاعة الله.
21024ـ حدثنا ابن بشار, قال: حدثنا عبد الرحمن, قال: حدثنا عبد الله بن الـمبـارك, عن معمر, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدّنْـيا قال: العمل بطاعته.
حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا يحيى بن يـمان, عن ابن جُرَيج, عن مـجاهد, قال: تعمل فـي دنـياك لاَخرتك.
حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحارث, قال: حدثنا الـحسن, قال: حدثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد, قوله وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدّنْـيا قال: العمل فـيها بطاعة الله.
حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مـجاهد, مثله.
حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا أبـي, عن سفـيان, عن عيسى الـجُرَشِيّ, عن مـجاهد وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدّنْـيا قال: أن تعمل فـي دنـياك لاَخرتك.
حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: حدثنا أبو سفـيان, عن معمر, عن مـجاهد, قال: العمل بطاعة الله: نصيبه من الدنـيا, الذي يُثاب علـيه فـي الاَخرة.
21025ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, فـي قوله: وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدّنْـيا قال: لا تنس أن تقدّم من دنـياك لاَخرتك, فإِنـما تـجد فـي آخرتك ما قدّمت فـي الدنـيا, فـيـما رزقك الله.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: لا تترك أن تطلب فـيها حَظّك من الرزق. ذكر من قال ذلك:
21026ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قَتادة وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدّنْـيا: قال الـحسن: ما أحلّ الله لك منها, فإن لك فـيه غِنًى وكفـاية.
حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا مـحمد بن حميد الـمَعْمَريّ, عن مَعْمر, عن قَتادة: وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدّنْـيا قال: طَلَب الـحَلال.
21027ـ حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا حفص, عن أشعث, عن الـحسن وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدّنْـيا: قال: قدّم الفضل, وأمسك ما يبلغك.
21028ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي حجاج, عن ابن جُرَيج, قال: الـحلال فـيها.
وقوله: وأحْسِنْ كمَا أحْسَنَ اللّهُ إلَـيْكَ يقول: وأحسن فـي الدنـيا إنفـاق مالك الذي آتاكه الله, فـي وجوهه وسبُله, كما أحسن الله إلـيك, فوسع علـيك منه, وبسط لك فـيها. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:
21029ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, فـي قوله: وأحْسِنْ كمَا أحْسَنَ اللّهُ إلَـيْكَ قال: أحسن فـيـما رزقك الله وَلا تَبْغِ الفَسادَ فِـي الأرْضِ يقول: ولا تلتـمس ما حرّم الله علـيك من البغي علـى قومك إنّ اللّهَ لا يُحِبّ الـمُفْسِدِينَ يقول: إن الله لا يحبّ بُغاة البغي والـمعاصي