تفسير الطبري تفسير الصفحة 521 من المصحف

 تفسير الطبري - صفحة القرآن رقم 521
522
520
 الآية : 7-9
القول فـي تأويـل قوله تعالى: {وَالسّمَآءِ ذَاتِ الْحُبُكِ * إِنّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مّخْتَلِفٍ * يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ }.
يقول تعالى ذكره: والسماء ذات الخَلْق الحسن. وعنى بقوله: ذَاتِ الحُبُكِ: ذات الطرائق, وتكسير كل شيء: حُبُكُه, وهو جمع حِباك وحَبيكة يقال لتكسير الشعرة الجعدة: حُبك وللرملة إذا مرّت بها الريح الساكنة, والماء القائم, والدرع من الحديد لها: حُبُك ومنه قول الراجز:
كأنّمَا جَلّلَهَا الحَوّاكُطِنْفِسَةً فِي وَشْيِها حِباكُ
(أذْهَبها الخُفُوقُ والدّرَاكُ )
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل, وإن اختلفت ألفاظ قائليه فيه. ذكر من قال ذلك:
24801ـ حدثني أبو حصين عبد الله بن أحمد بن يونس, قال: حدثنا عَبَثْر, قال: حدثنا حصين, عن عكرِمة, عن ابن عباس, قوله: والسّماءِ ذَاتِ الحُبُكِ قال: ذات الخَلْق الحسن.
حدثنا ابن بشار, قال: حدثنا عبد الرحمن, قال: حدثنا سفيان, عن عطاء بن السائب, عن سعيد بن جُبير عن ابن عباس وَالسّماءِ ذَاتِ الحُبُكِ قال: حُسنها واستواؤها.
24802ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا حكام, عن عمرو, عن عطاء, عن سعيد بن جُبَير والسّماءِ ذَاتِ الحُبُكِ قال: حبكها: حسنها واستواؤها.
24803ـ قال: ثنا حكام, قال: حدثنا عمرو, عن عمر بن سعيد بن مسروق أخي سفيان, عن خصيف, عن سعيد بن جُبَير والسّماءِ ذَاتِ الحُبُكِ قال: ذات الزينة.
24804ـ حدثنا محمد بن عبد الله بن بزيع, قال: حدثنا بشر بن المفضل, عن عوف, عن الحسن, قوله: والسّماءِ ذَاتِ الحُبُكِ قال: حبكت بالخلق الحسن, حبكت بالنجوم.
حدثنا ابن بشار, قال: حدثنا هوذة, قال: حدثنا عوف, عن الحسن, في قوله: والسّماءِ ذَاتِ الحُبُكِ قال: حبكت بالخلق الحسن, حبكت بالنجوم.
حدثنا ابن بشار, قال: حدثنا عثمان بن الهيثم, قال: حدثنا عوف, عن الحسن, في قوله: والسّماءِ ذَاتِ الحُبُكِ قال: ذات الخَلْق الحَسَن, حُبِكَت بالنجوم.
24805ـ حدثني يعقوب, قال: حدثنا ابن علية, قال: حدثنا عمران بن حُدَير, قال: سُئل عكرِمة, عن قوله: والسّماءِ ذَاتِ الحُبُكِ قال: ذات الخلْق الحسن, ألم تر إلى النساج إذا نسج الثوب قال: ما أحسن ما حبكه.
24806ـ حدثني يعقوب بن إبراهيم, قال: حدثنا ابن عُلَية, قال: حدثنا أيوب, عن أبي قِلابة, عن رجل من أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إنّ مِنْ وَرَائِكُمْ الكَذّابّ المُضِلّ, وَإنّ رأسَهُ مِنْ وَرَائهِ حُبُكٌ حُبُكٌ» يعني بالحبك: الجعودة.
حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا مهران, عن سفيان, عن عطاء بن السائب, عن سعيد بن جُبَير, عن ابن عباس والسّماءِ ذَاتِ الحُبُكِ قال: استواؤها: حسنها.
24807ـ قال: ثنا مهران, عن عليّ بن جعفر, عن الربيع بن أنس والسّماءِ ذَاتِ الحُبُكِ قال: ذات الخلْق الحسن.
24808ـ قال: ثنا مهران, عن سعيد, عن قتادة, قال: حُبُكها نجومها. وكان ابن عباس يقول: الْحُبُكِ ذات الخَلْق الحَسن.
24809ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, قوله: والسّماءِ ذَاتِ الحُبُكِ: أي ذات الخَلْق الحسن. وكان الحسن يقول: حبكها: نجومها.
حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: حدثنا محمد بن ثور عن معمر عن قتادة ذَاتِ الْحُبُك قال: ذات الخَلْق الحَسَن.
24810ـ حدثني محمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثني الحارث, قال: حدثنا الحسن, قال: حدثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله: والسّماءِ ذَاتِ الحُبُكِ قال: المتقن البنيان.
24811ـ حُدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: والسّماءِ ذَاتِ الحُبُكِ يقول: ذات الزينة, ويقال أيضا: حبكها مثل حبك الرمل, ومثل حبك الدرع, ومثل حبك الماء إذا ضربته الريح, فنسجته طرائق.
24812ـ حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: ذَاتِ الْحُبُكِ قال: الشدة حُبِكَت شُدّت. وقرأ قول الله تبارك وتعالى: وَبَنَيْنا فَوْقَكُمْ سَبْعا شِدَادا.
حدثني عليّ, قال: حدثنا أبو صالح, قال: ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس, قوله: والسّماءِ ذَاتِ الْحُبُكِ قال: ذات الخَلْق الحسن ويقال: ذات الزينة.
وقيل: عنى بذلك السماء السابعة. ذكر من قال ذلك:
24813ـ حدثنا ابن بشار, قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي وأبو داود, قالا: حدثنا عمران القطان, عن قتادة, عن سالم بن أبي الجعد, عن معدان بن أبي طلحة, عن عمرو البكاليّ, عن عبد الله بن عمرو والسّماءِ ذَاتِ الْحُبُكِ قال: السماء السابعة.
حدثني القاسم بن بشير بن معروف, قال: حدثنا أبو داود, قال: حدثنا عمران القطان, عن قتادة, عن سالم بن أبي الجعد, عن معدان, عن عمرو البكاليّ, هكذا قال القاسم, عن عبد الله بن عمرو نحوه.
وقوله: إنّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ يقول: إنكم أيها الناس لفي قول مختلف في هذا القرآن, فمن مصدّق به ومكذّب. كما:
24814ـ حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: حدثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة إنّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ قال: مصدّق بهذا القرآن ومكذّب.
24815ـ حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: إنّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ قال: يتخرّصون يقولون: هذا سحر, ويقولون: هذا أساطير, فبأيّ قولهم يؤخذ, قتل الخرّاصون هذا الرجل, لا بدّ له من أن يكون فيه أحد هؤلاء, فما لكم لا تأخذون أحد هؤلاء, وقد رميتموه بأقاويل شتى, فبأيّ هذا القول تأخذون, هذا الرجل الاَن فهو قول مختلف. قال: فذكر أنه تخرّص منهم ليس لهم بذلك علم قالوا: فما منع هذا القرآن أن ينزل باللسان الذي نزلت به الكتب من قبلك, فقال الله: أعجميّ وعربيّ؟ لو جعلنا هذا القرآن أعجميا لقلتم نحن عرب وهذا القرآن أأعجميّ, فكيف يجتمعان.
وقوله: يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أَفِكَ يقول: يصرف عن الإيمان بهذا القرآن من صرف, ويدفع عنه من يُدْفع, فيُحْرَمه. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
24816ـ حدثني محمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثني الحارث, قال: حدثنا الحسن, قال: حدثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله: يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ قال ابن عمرو في حديثه: يوفى, أو يُؤْفَن, أو كلمة تشبهها. وقال الحارث: يُؤْفَن, بغير شك.
24817ـ حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: حدثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة, عن الحسن يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ قال: يُصرف عنه من صُرف.
24818ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ فالمأفوك عنه اليوم, يعني كتابَ الله.
24819ـ حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ قال: يُؤْفَك عنه المشركون.
الآية : 10-13
القول فـي تأويـل قوله تعالى: {قُتِلَ الْخَرّاصُونَ * الّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ سَاهُونَ * يَسْأَلُونَ أَيّانَ يَوْمُ الدّينِ * يَوْمَ هُمْ عَلَى النّارِ يُفْتَنُونَ }.
يقول تعالى ذكره: لُعِن المتكهنون الذين يتخرّصون الكذب والباطل فيتظننونه.
واختلف أهل التأويل في الذين عُنُوا بقوله قُتِلَ الخَرّاصُونَ فقال بعضهم: عُنَي به المرتابون. ذكر من قال ذلك:
24820ـ حدثني عليّ, قال: حدثنا أبو صالح, قال: ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس, قوله: قُتِلَ الخَرّاصُونَ يقول: لعن المُرتابون.
وقال آخرون في ذلك بالذي قلنا فيه. ذكر من قال ذلك:
24821ـ حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قوله: قُتِلَ الخَرّاصُونَ قال: الكهنة.
24822ـ حدثني محمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثني الحارث, قال: حدثنا الحسن, قال: حدثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد قُتِلَ الخَرّاصُونَ قال: الذين يتخرّصون الكذب كقوله في عبس قُتِلَ الإنْسانُ, وقد حدثني كل واحد منهما بالإسناد الذي ذكرت عنه, عن مجاهد, قوله: قُتِلَ الخَرّاصُونَ قال: الذين يقولون: لا نُبْعَث ولا يُوقِنون.
24823ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة قُتِلَ الخَرّاصُونَ: أهل الظنون.
24824ـ حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: قُتِلَ الخَرّاصُونَ قال: القوم الذين كانوا يتخرّصون الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم, قالت طائفة: إنما هو ساحر, والذي جاء به سحر. وقالت طائفة: إنما هو شاعر, والذي جاء به شعر وقالت طائفة: إنما هو كاهن, والذي جاء به كهانة وقالت طائفة أساطِيرُ الأوّلِينَ اكْتَتَبَها فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وأصِيلاً يتخرّصون على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقوله: وَالّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ ساهُونَ يقول تعالى ذكره: الذين هم في غمرة الضلالة وغَلَبتها عليهم متمادون, وعن الحقّ الذي بعث الله به محمدا صلى الله عليه وسلم ساهون, قد لَهُوا عنه. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل وإن اختلفت ألفاظهم في البيان عنه. ذكر من قال ذلك:
24825ـ حدثني عليّ, قال: حدثنا أبو صالح, قال: ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس, قوله: الّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ ساهُونَ يقول: في ضلالتهم يتمادَون.
24826ـ حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قوله: الّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ ساهُونَ قال: في غفلة لاهون.
24827ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة الّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ ساهُونَ يقول: في غمرة وشُبهة.
24828ـ حدثنا ابن حُمَيد, قال: حدثنا مهران, عن سفيان غَمْرَةٍ ساهُونَ قال: في غفلة.
24829ـ حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: فِي غَمْرَةٍ ساهُونَ قال: ساهون عما أتاهم, وعما نزل عليهم, وعما أمرهم الله تبارك وتعالى, وقرأ قول الله جلّ ثناؤه بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ مِنْ هَذَا... الاَية, وقال: ألا ترى الشيء إذا أخذته ثم غمرته في الماء.
24830ـ حدثني الحارث, قال: حدثنا الحسن, قال: حدثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد فِي غَمْرَةٍ ساهُونَ: قلبه في كِنانة.
وقوله: يَسأَلُونَ أيّانَ يَوْمُ الدّينِ؟ يقول تعالى ذكره: يسأل هؤلاء الخرّاصون الذين وصف صفتهم متى يوم المجازاة والحساب, ويوم يُدِينُ الله العباد بأعمالهم. كما:
24831ـ حدثنا يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: أيّانَ يَوْمُ الدّينِ قال: الذين كانوا يجحدون أنهم يُدانون, أو يُبعثون.
24832ـ حدثني محمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثني الحارث, قال: حدثنا الحسن, قال: حدثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله: يَسأَلُونَ أيّانَ يَوْمُ الدّينِ قال: يقولون: متى يوم الدين, أو يكون يوم الدين.
وقوله: يَوْمَ هُمْ على النّارِ يُفْتَنُونَ يقول تعالى ذكره: يوم هم على نار جهنم يفتنون.
واختلف أهل التأويل في معنى قوله يُفْتَنُونَ في هذا الموضع, فقال بعضهم: عنى به أنهم يعذّبون بالإحراق بالنار. ذكر من قال ذلك:
24833ـ حدثني عليّ, قال: حدثنا أبو صالح, قال: ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس, في قوله: يَوْمَ هُمْ على النّارِ يُفْتَنُونَ يقول: يعذّبون.
24834ـ حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قوله: يَسأَلُونَ أيّانَ يَوْمُ الدّينِ يَوْمَ هُمْ على النّارِ يُفْتَنُونَ قال: فتنتهم أنهم سألوا عن يوم الدين وهم موقوفون على النار ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ هَذَا الّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ فقالوا حين وقفوا: يَا وَيْلَنَا هَذَا يَوْمُ الدّينِ, وقال الله تبارك وتعالى هَذَا يَوْمُ الفَصْلِ الّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذّبُونَ.
24835ـ حدثني محمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثني الحارث, قال: حدثنا الحسن, قال: حدثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد قوله: يُفْتَنُونَ قال: كما يفتن الذهب في النار.
24836ـ حدثني يعقوب, قال: ثني هشيم, قال: أخبرنا حصين, عن عكرِمة, في قوله: يَوْمَ هُمْ عَلى النّارِ يُفْتَنُونَ قال: يعذّبون في النار يحرقون فيها, ألم تر أن الذهب إذا ألقي في النار قيل فتن.
حدثني سليمان بن عبد الجبار, قال: حدثنا محمد بن الصلت, قال: حدثنا أبو كدينة, عن حصين, عن عكرِمة يَوْمَ هُمْ على النّارِ يُفْتَنُونَ قال: يعذّبون.
حدثنا يحيى بن طلحة اليربوعي, قال: حدثنا فضيل بن عياض, عن منصور, عن مجاهد يَوْمَ هُمْ على النّارِ يُفْتَنُونَ يقول: يُنْضَجون بالنار.
حدثنا ابن حُمَيد, قال: حدثنا مهران, عن سفيان, عن الحصين, عن عكرِمة يَوْمَ هُمْ على النّارِ يُفْتَنُونَ قال: يحرقون.
24837ـ حدثنا ابن حُمَيد, قال: حدثنا مهران, عن سفيان يَوْمَ هُمْ على النّارِ يُفْتَنُونَ يقول: يحرقون.
24838ـ حُدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول في يَوْمَ هُمْ على النّارِ يُفْتَنُونَ قال: يطبخون, كما يفتن الذهب بالنار.
24839ـ حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: يَوْمَ هُمْ على النّارِ يُفْتَنُونَ قال: يحرقون بالنار.
حدثنا ابن حُمَيد, قال: حدثنا جرير, عن منصور, عن مجاهد يَوْمَ هُمْ على النّارِ يُفْتَنُونَ قال: يحرقون.
وقال آخرون: بل عنى بذلك أنهم يكذبون. ذكر من قال ذلك:
24840ـ حُدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: يَوْمَ هُمْ على النّارِ يُفْتَنُونَ يقول: يطبخون, ويقال أيضا يُفْتَنُونَ يكذّبون كل هذا يقال.
واختلف أهل العربية في وجه نصب اليوم في قوله: يَوْمَ هُمْ على النّارِ يُفْتَنُونَ فقال بعض نحويي البصرة: نصبت على الوقت والمعنى في أيّانَ يَوْمُ الدّينِ: أي متى يوم الدين, فقيل لهم: في يَوْمَ هُمْ على النّارِ يُفْتَنُونَ, لأن ذلك اليوم يوم طويل فيه الحساب, وفيه فتنتهم على النار.
وقال بعض نحويي الكوفة: إنما نصبت يَوْمَ هُمْ لأنك أضفته إلى شيئين, وإذا أضيف اليوم والليلة إلى اسم له فعل, وارتفعا نصب اليوم, وإن كان في موضع خفض أو رفع إذا أضيف إلى فَعَل أو يَفْعَلُ أو إذا كان كذلك, ورفعه في موضع الرفع, وخفضه في موضع الخفض يجوز: فلو قيل يَوْمَ هُمْ على النّارِ يُفْتَنُونَ فرفع يومُ, لكان وجها, ولم يقرأ به أحد من القرّاء.
وقال آخر منهم: إنها نصب يَوْمَ هُمْ على النّارِ يُفْتَنُونَ لأنه إضافة غير محضة فنصبّ, والتأويل رفع, ولو رفع لجاز لأنك تقول: متى يومك؟ فتقول: يوم الخميس, ويوم الجمعة, والرفع الوجه, لأنه اسم قابل اسما فهذا الوجه.
وأولى القولين بالصواب في تأويل قوله: يَوْمَ هُمْ على النّارِ يُفْتَنُونَ قول من قال: يعذّبون بالإحراق, لأن الفتنة أصلها الاختبار, وإنما يقال: فتنت الذهب بالنار: إذا طبختها بها لتعرف جودتها, فكذلك قوله: يَوْمَ هُمْ على النّارِ يُفْتَنُونَ يحرقون بها كما يحرق الذهب بها, وأما النصب في اليوم فلأنها إضافة غير محضة على ما وصفنا من قول قائل ذلك.
الآية : 14-16
القول فـي تأويـل قوله تعالى: {ذُوقُواْ فِتْنَتَكُمْ هَـَذَا الّذِي كُنتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ * إِنّ الْمُتّقِينَ فِي جَنّاتٍ وَعُيُونٍ * آخِذِينَ مَآ آتَاهُمْ رَبّهُمْ إِنّهُمْ كَانُواْ قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ }.
يعني تعالى ذكره بقوله: ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ يقال لهم: ذوقوا فتنتكم وترك يقال لهم لدلالة الكلام عليها.
ويعني بقوله: فِتْنَتَكُمْ: عذابكم وحريقكم. واختلف أهل التأويل في ذلك, فقال بعضهم بالذي قلنا فيه. ذكر من قال ذلك:
24841ـ حدثني محمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثني الحارث, قال: حدثنا الحسن, قال: حدثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله: فِتْنَتَكُمْ قال: حريقكم.
24842ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ: ذوقوا عذابكم هَذَا الّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ.
حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: حدثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة, في قوله: ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ يقول: يوم يعذّبون, فيقول: ذوقوا عذابكم.
24843ـ حُدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ يقول: حريقكم.
24844ـ حدثنا ابن حُمَيد, قال: حدثنا مهران, عن سفيان ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ يقول: احتراقكم.
24845ـ حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ قال: ذوقوا عذابكم.
وقال آخرون: عنى بذلك: ذوقوا تعذيبكم أو كذبكم. ذكر من قال ذلك:
24846ـ حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قوله: ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ يقول: تكذيبكم.
24847ـ حُدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ يقول: حريقكم, ويقال: كذبكم.
وقوله: هَذَا الّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ يقول تعالى ذكره: يقال لهم: هذا العذاب الذي تُوفّوْنَهُ اليوم, هو العذاب الذي كنتم به تستعجلون في الدنيا.
وقوله: إنّ المُتّقِينَ فِي جَنّاتٍ وَعُيُونٍ يقول تعالى ذكره: إن الذين اتقوا الله بطاعته, واجتناب معاصيه في الدنيا في بساتين وعيون ماءٍ في الاَخرة.
وقوله: آخِذِينَ ما آتاهُمْ رَبّهُمْ يقول تعالى ذكره: عاملين ما أمرهم به ربهم مؤدّين فرائضه. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
24848ـ حدثنا ابن حُمَيد, قال: حدثنا مهران, عن سفيان, عن أبي عمر, عن مسلم البطين, عن ابن عباس, في قوله: آخِذِينَ ما آتاهُمْ رَبّهُمْ قال: الفرائض.
وقوله: إنّهُمْ كانُوا قَبْلَ ذلكَ مُحْسِنِينَ يقول: إنهم كانوا قبل أن يفرض عليهم الفرائض محسنين, يقول: كانوا لله قبل ذلك مطيعين. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
24849ـ حدثنا ابن حُمَيد, قال: حدثنا مهران, عن سفيان, عن أبي عمر, عن مسلم البطين, عن ابن عباس إنّهُمْ كانُوا قَبْلَ ذلكَ مُحْسِنِينَ قال: قبل الفرائض محسنين يعملون.
الآية : 17-19
القول فـي تأويـل قوله تعالى: {كَانُواْ قَلِيلاً مّن اللّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالأسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ * وَفِيَ أَمْوَالِهِمْ حَقّ لّلسّآئِلِ وَالْمَحْرُومِ }.
اختلف أهل التأويل في تأويل قوله: كانُوا قَلِيلاً مِنَ اللّيْلِ ما يَهْجَعُونَ قال بعضهم: معناه كانوا قليلا من الليل لا يهجعون, وقالوا: «ما» بمعنى الجحد. ذكر من قال ذلك:
24850ـ حدثنا ابن بشار وابن المثنى, قالا: حدثنا يحيى بن سعيد وابن أبي عدي, عن سعيد بن أبي عروبة, عن قتادة, عن أنس بن مالك كانُوا قَلِيلاً مِنَ اللّيْلِ ما يَهْجَعُونَ قال: يتيقظون يصلون ما بين هاتين الصلاتين, ما بين المغرب والعشاء.
حدثني زريق بن الشحب, قال: حدثنا عبد الوهاب بن عطاء, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, عن أنس, بنحوه.
24851ـ حدثنا ابن بشار وابن المثنى, قالا: حدثنا أبو داود, قال: حدثنا بكير بن أبي السمط, عن قتادة, عن محمد بن عليّ, في قوله: كانُوا قَلِيلاً مِنَ اللّيْلِ ما يَهْجَعُونَ قال: كانوا لا ينامون حتى يصلوا العتمة.
24852ـ قالا: ثنا محمد بن جعفر, قال: حدثنا شعبة, عن قتادة, عن مطرف, في قوله: كانُوا قَلِيلاً مِنَ اللّيْلِ ما يَهْجَعُونَ قال: قلّ ليلة أتت عليهم إلا صلوا فيها.
حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, قال: قال مطرف بن عبد الله في قوله: كانُوا قَلِيلاً مِنَ اللّيْلِ ما يَهْجَعُونَ قلّ ليلة تأتي عليهم لا يصلون فيها الله. إما من أوّلها, وإما من وسطها.
24853ـ حدثنا أبو كُرَيب, قال: حدثنا ابن يمان, قال: حدثنا ابن أبي ليلى, عن المنهال, عن سعيد بن جُبَير, عن ابن عباس كانُوا قَلِيلاً مِنَ اللّيْلِ ما يَهْجَعُونَ قال لم يكن يمضي عليهم ليلة إلا يأخذون منها ولو شيئا.
24854ـ قال: ثنا ابن يمان, عن أبي جعفر الرازي, عن الربيع بن أنس, عن أبي العالية, قال: كانوا يصيبون فيها حظا.
24855ـ حدثني عليّ بن سعيد الكنديّ, قال: حدثنا حفص بن عاصم, عن أبي العالية, في قوله: كانُوا قَلِيلاً مِنَ اللّيْلِ ما يَهْجَعُونَ قال: لا ينامون بين المغرب والعشاء.
24856ـ حدثنا ابن حُمَيد, قال: حدثنا حكام ومهران, عن أبي جعفر, عن الربيع كانُوا قَلِيلاً مِنَ اللّيْلِ ما يَهْجَعُونَ قال: كانوا يصيبون من الليل حظا.
حدثني يعقوب, قال: حدثنا ابن علية, عن سعيد بن أبي عروبة, عن مطرّف, في قوله: كانُوا قَلِيلاً مِنَ اللّيْلِ ما يَهْجَعُونَ قال: قلّ ليلة أتت عليهم هجعوها كلها.
24857ـ حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: حدثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة كانُوا قَلِيلاً مِنَ اللّيْلِ ما يَهْجَعُونَ قال: كان لهم قليل من الليل ما يهجعون, كانوا يصلونه.
24858ـ حدثني يعقوب, قال: حدثنا ابن علية, قال: سمعت ابن أبي نجيح, يقول في قوله: كانُوا قَلِيلاً مِنَ اللّيْلِ ما يَهْجَعُونَ قال: كانوا قليلاً ما ينامون ليلة حتى الصباح.
24859ـ حدثني محمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثني الحارث, قال: حدثنا الحسن, قال: حدثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, في قوله: كانُوا قَلِيلاً مِنَ اللّيْلِ ما يَهْجَعُونَ قال: قليل ما يرقدون ليلة حتى الصباح لا يتهجدون.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: كانوا قليلاً من الليل يهجعون, ووجهوا ما التي في قوله: ما يَهْجَعُونَ إلى أنها صلة. ذكر من قال ذلك:
24860ـ حدثنا ابن المثنى, قال: حدثنا محمد بن جعفر, قال: حدثنا شعبة, عن قتادة, في قوله: كانُوا قَلِيلاً مِنَ اللّيْلِ ما يَهْجَعُونَ قال: قال الحسن: كابدوا قيام الليل.
حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, قال: كان الحسن يقول: لا ينامون منه إلا قليلاً.
حدثني يعقوب بن إبراهيم, قال: حدثنا ابن علية, عن بعض أصحابنا, عن الحسن, في قوله: كانُوا قَلِيلاً مِنَ اللّيْلِ ما يَهْجَعُونَ قال: لا ينامون من الليل إلا أقله.
24861ـ حدثنا ابن بشار, قال: حدثنا عبد الوهاب, قال: حدثنا عوف, عن سعيد بن أبي الحسن, في قوله: كانُوا قَلِيلاً مِنَ اللّيْلِ ما يَهْجَعُونَ قال: قلّ ليلة أتت عليهم هجوعا.
24862ـ حدثنا ابن بشار, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, قال: قال الأحنف بن قيس, في قوله: كانُوا قَلِيلاً مِنَ اللّيْلِ ما يَهْجَعُونَ قال: كانوا لا ينامون إلا قليلاً.
24863ـ حدثنا ابن بشار, قال: حدثنا أبو داود, قال: حدثنا الحكم بن عطية, عن قتادة, قال: قال الأحنف بن قَيس, وقرأ هذه الاَية كانُوا قَلِيلاً مِنَ اللّيْلِ ما يَهْجَعُونَ قال: لست من أهل هذه الاَية.
حدثنا ابن بشار, قال: حدثنا ابن أبي عديّ, عن سعيد, عن قتادة, عن الحسن, في قوله: كانُوا قَلِيلاً مِنَ اللّيْلِ ما يَهْجَعُونَ قال: قيام الليل.
24864ـ حدثنا أبو كُرَيب, قال: حدثنا ابن يمان, عن سفيان, عن يونس, عن الحسن, قال: نشطوا فمدّوا إلى السحر.
حدثنا ابن حُمَيد, قال: حدثنا مهران, عن سفيان, عن يونس بن عبيد, عن الحسن, قال: مدّوا في الصلاة ونشطوا, حتى كان الاستغفار بسحر.
قال: ثنا مهران, عن سعيد بن أبي عروبة, عن قتادة, عن الحسن قال: كانوا لا ينامون من الليل إلا قليلاً.
24865ـ حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: حدثنا ابن ثور, عن معمر, في قوله: كانُوا قَلِيلاً مِنَ اللّيْلِ ما يَهْجَعُونَ قال: كان الحسن والزهري يقولان: كانوا كثيرا من الليل ما يصلون. وقد يجوز أن تكون ما على هذا التأويل في موضع رفع, ويكون تأويل الكلام: كانوا قليلاً من الليل هجوعهم وأما من جعل ما صلة, فإنه لا موضع لها ويكون تأويل الكلام على مذهبه كانوا يهجعون قليل الليل, وإذا كانت ما صلة كان القليل منصوبا بيهجعون.
24866ـ حدثنا ابن حُمَيْد, قال: حدثنا جرير, عن منصور عن إبراهيم كانُوا قَلِيلاً مِنَ اللّيْلِ ما يَهْجَعُونَ قال: ما ينامون.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: كانوا يصلون العتمة, وعلى هذا التأويل ما في معنى الجحد. ذكر من قال ذلك:
24867ـ حدثنا ابن بشار وابن المثنى, قالا: حدثنا محمد بن جعفر, قال: حدثنا شعبة, عن قتادة, في قوله: كانُوا قَلِيلاً مِنَ اللّيْلِ ما يَهْجَعُونَ قال: قال رجل من أهل مكة: سماه قتادة, قال: صلاة العتمة.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: كان هؤلاء المحسنون قبل أن تفرض عليهم الفرائض قليلاً من الناس, وقالوا الكلام بعد قوله إنّهُمْ كانُوا قَبْلَ ذلكَ مُحْسِنِين كانوا قليلاً مستأنف بقوله: مِنَ اللّيْلِ ما يَهْجَعُونَ فالواجب أن تكون ما على هذا التأويل بمعنى الجحد. ذكر من قال ذلك:
24868ـ حدثنا ابن حُمَيد, قال: حدثنا يحيى بن واضح, قال: حدثنا عبيد, عن الضحاك, في قوله: كانُوا قَلِيلاً مِنَ اللّيْلِ ما يَهْجَعُونَ يقول: إن المحسنين كانوا قليلاً, ثم ابتدىء فقيل مِنَ اللّيْلِ ما يَهْجَعُونَ وبالأسْحارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ كما قال: وَالّذِينَ آمَنُوا باللّهِ وَرُسُلِهِ أُولَئِكَ هُمُ الصّدّيقُونَ ثم قال: والشّهَدَاءُ عِنْدَ رَبّهِمْ لَهُمْ أجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ.
حدثنا ابن بشار, قال: حدثنا عبد الرحمن, قال: حدثنا سفيان, عن الزبير, عن الضحاك بن مزاحم كانُوا قَلِيلاً مِنَ اللّيْلِ ما يَهْجَعُونَ قال: كانوا من الناس قليلاً.
حدثنا أبو كُرَيب, قال: حدثنا ابن يمان, عن سفيان, عن الزبير بن عديّ, عن الضحاك بن مزاحم, في قوله: كانُوا قَلِيلاً مِنَ اللّيْلِ ما يَهْجَعُونَ قال: كانوا قليلاً من الناس من يفعل ذلك.
حدثنا ابن حُمَيد, قال: حدثنا مهران, عن سفيان, عن الزبير بن عديّ, عن الضحاك بن مزاحم كانُوا قَلِيلاً مِنَ اللّيْلِ ما يَهْجَعُونَ قال: كانوا قليلاً من الناس إذ ذاك.
حُدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: كانُوا قَلِيلاً مِنَ اللّيْلِ ما يَهْجَعُونَ قال الله: إن المُتّقِينَ فِي جَنّاتٍ وَعُيُونٍ... إلى مُحْسِنِينَ كانوا قليلاً, يقول: المحسنون كانوا قليلاً, هذه مفصولة, ثم استأنف فقال: مِنَ اللّيْلِ ما يَهْجَعُونَ.
وأما قوله: يَهْجَعُونَ فإنه يعني: ينامون, والهجوع: النوم. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
24869ـ حدثني عليّ, قال: حدثنا أبو صالح, قال: ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس كانُوا قَلِيلاً مِنَ اللّيْلِ ما يَهْجَعُونَ يقول: ينامون.
24870ـ حدثنا ابن بشار, قال: حدثنا عبد الرحمن, قال: حدثنا سفيان, عن منصور, عن إبراهيم كانُوا قَلِيلاً مِنَ اللّيْلِ ما يَهْجَعُونَ قال: ينامون.
حدثنا ابن حُمَيد, قال: حدثنا مهران, عن سفيان, عن منصور, عن إبراهيم, مثله.
24871ـ حُدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ, يقول: حدثنا عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: مِنَ اللّيْلِ ما يَهْجَعُونَ الهجوع: النوم.
24872ـ حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: كانُوا قَلِيلاً مِنَ اللّيْلِ ما يَهْجَعُونَ قال: كانوا قليلاً ما ينامون من الليل, قال: ذاك الهجع. قال: والعرب تقول: إذا سافرت اهجع بنا قليلاً. قال: وقال رجل من بني تميم لأبي: يا أبا أُسامة صفة لا أجدها فينا, ذكر الله تبارك وتعالى قوما فقال: كانُوا قَلِيلاً مِنَ اللّيْلِ ما يَهْجَعُونَ ونحن والله قليلاً من الليل ما نقوم قال: فقال أبي طُوَبى لمن رقد إذا نعس وأتقى الله إذا استيقظ.
وأولى الأقوال بالصحة في تأويل قوله: كانُوا قَلِيلاً مِنَ اللّيْلِ ما يَهْجَعُونَ قول من قال: كانوا قليلاً من الليل هجوعهم, لأن الله تبارك وتعالى وصفهم بذلك مدحا لهم, وأثنى عليهم به, فوصفهم بكثرة العمل, وسهر الليل, ومكابدته فيما يقرّبهم منه ويرضيه عنهم أولى وأشبه من وصفهم من قلة العمل, وكثرة النوم, مع أن الذي اخترنا في ذلك هو أغلب المعاني على ظاهر التنزيل.
وقوله: وَبالأسْحارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ اختلف أهل التأويل في تأويله, فقال بعضهم: معناه: وبالأسحار يصلون. ذكر من قال ذلك:
24873ـ حُدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: وَبالأسْحارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ يقول: يقومون فيصلون, يقول: كانوا يقومون وينامون, كما قال الله لمحمد صلى الله عليه وسلم: إنّ رَبّكَ يَعْلَمُ أنّكَ تَقُومُ أدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللّيْلِ وَنِصْفَهُ فهذا نوم, وهذا قيام وَطائِفَةٌ مِنَ الّذِينَ مَعَكَ كذلك يقومون ثلثا ونصفا وثلثين: يقول: ينامون ويقومون.
24874ـ حدثنا ابن حَميد, قال: حدثنا مهران, عن سفيان, عن جبلة بن سحيم, عن ابن عمر, قوله: وَبالأسَحارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ قال: يصلون.
24875ـ حدثني محمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثني الحارث, قال: حدثنا الحسن, قال: حدثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد وَبالأسَحارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ قال: يصلون.
وقال آخرون: بل عنى بذلك أنهم أخروا الاستغفار من ذنوبهم إلى السحر. ذكر من قال ذلك:
24876ـ حدثنا ابن حُمَيد, قال: حدثنا مهران, عن سفيان, عن يونس بن عبيد, عن الحسن, قال: مدّوا في الصلاة ونَشِطوا, حتى كان الاستغفار بسحر.
24877ـ حدثنا يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: وَبالأسَحارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ قال: هم المؤمنون, قال: وبلغنا أن نبيّ الله صلى الله عليه وسلم يعقوب حين سألوه أن يستغفر لهم قالوا يا أبانا استْغَفِرْ لَنا ذُنُوبَنا قالَ سَوْفَ أسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبّي قال: قال بعض أهل العلم: إنه أخرّ الاستغفار إلى السحر. قال: وذكر بعض أهل العلم أن الساعة التي تفتح فيها أبواب الجنة: السحر.
24878ـ حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: سمعت ابن زيد يقول: السحر: هو السدس الأخير من الليل.
وقوله: وفِي أمْوَالِهِمْ حَقّ للسّائِلِ والمَحْرُومِ يقول تعالى ذكره: وفي أموال هؤلاء المحسنين الذين وصف صفتهم حقّ لسائلهم المحتاج إلى ما في أيديهم والمحروم. وبنحو الذي قلنا في معنى السائل, قال أهل التأويل, وهم في معنى المحروم مختلفون, فمن قائل: هو المحارَف الذي ليس له في الإسلام سهم. ذكر من قال ذلك:
24879ـ حدثنا ابن حُمَيد, قال: حدثنا مهران, عن سفيان, عن أبي إسحاق, عن قيس بن كركم, عن ابن عباس سألته عن السائل والمحروم, قال: السائل: الذي يسأل الناس, والمحروم: الذي ليس له في الإسلام سهم وهو محارَف.
حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه عن ابن عباس, قوله: وفِي أمْوَالهمْ حَقّ للسّائِلِ والمَحْرُومِ قال: المحروم: المحارف.
حدثنا سهل بن موسى الرازي, قال: حدثنا وكيع, عن إسرائيل, عن أبي إسحاق, عن قيس بن كركم, عن ابن عباس, قال: السائل: السائل. والمحروم: المحارف الذي ليس له في الإسلام سهم.
حدثنا سهل بن موسى, قال: حدثنا وكيع, عن سفيان, عن أبي إسحاق, عن قيس بن كركم, عن ابن عباس, قال: المحروم: المحارف الذي ليس له في الإسلام سهم.
حدثنا حُمَيد بن مسعدة, قال: حدثنا يزيد بن زريع, قال: حدثنا شعبة عن أبي إسحاق, عن قيس بن كركم, عن ابن عباس في هذه الاَية للسّائِلِ والمَحْرُومِ قال: السائل: الذي يسأل, والمحروم: المحارَف.
حدثنا ابن المثنى, قال: حدثنا محمد بن جعفر, قال: حدثنا شعبة, قال: سمعت أبا إسحاق يحدّث عن قيس بن كركم, عن ابن عباس, بنحوه.
24880ـ حدثني محمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, في قول: الله تبارك وتعالى: المحروم, قال: المحارف.
وحدثني الحارث, قال: حدثنا الحسن, قال: حدثنا ورقاء, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, مثله.
24881ـ حُدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: وَالمَحْرُومِ: هو الرجل المحارف الذي لا يكون له مال إلا ذهب, قضى الله له ذلك.
حدثنا ابن بشار, قال: حدثنا عبد الرحمن, قال: حدثنا سفيان, عن أبي إسحاق, عن قيس بن كركم, قال: سألت ابن عباس عن قوله: للسائل وَالمَحْرُومِ قال: السائل: الذي يسأل, والمحروم: المحارف الذي ليس له في الإسلام سهم.
24882ـ حدثني محمد بن عمرو المقدمي, قال: حدثنا قريش بن أنس, عن سليمان, عن قتادة, عن سعيد بن المسيب: المحروم: المحارَف.
24883ـ حدثنا ابن المثنى, قال: حدثنا محمد بن جعفر, قال: حدثنا شعبة, عن منصور, عن إبراهيم, قال في المحروم: هو المحارف الذي ليس له أحد يعطف عليه, أو يعطيه شيئا.
24884ـ حدثني ابن المثنى, قال: ثني وهب بن جرير, قال: حدثنا شعبة, عن عاصم, عن أبي قِلابة, قال: جاء سيل باليمامة, فذهب بمال رجل, فقال رجل من أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم: هذا المحروم.
24885ـ حدثني يعقوب, قال: حدثنا ابن علية, قال: أخبرنا أيوب, عن نافع, قال: المحروم: المحارف.
حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: ثني مسلم بن خالد, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, عن ابن عباس, قال: المحروم: المحارف.
حدثني يعقوب بن إبراهيم, قال: حدثنا هشيم, قال: أخبرنا حجاج, عن الوليد بن العيزار عن سعيد بن جُبَير, عن ابن عباس أنه قال: المحروم: هو المحارف.
24886ـ حدثني يعقوب بن إبراهيم, قال: حدثنا هشيم, عن أبي بشر, قال: سألت سعيد بن جُبَير, عن المحروم, فلم يقل فيه شيئا, فقال عطاء: هو المحدود المحارف.
ومن قائل: هو المتعفف الذي لا يسأل الناس شيئا. ذكر من قال ذلك:
حدثنا يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: أخبرني نافع بن يزيد, عن عمرو بن الحارث, عن بكير بن الأشجّ, عن سعيد بن المسيب, أنه سُئل عن المحروم فقال: المحارف.
24887ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, قوله: وفي أمْوَالِهمْ حَقّ للسَائل وَالمَحْرُومِ هذان فقيرا أهل الإسلام, سائل يسأل في كفّه, وفقير متعفّف, ولكليهما عليك حقّ يا ابن آدم.
24888ـ حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: حدثنا محمد بن ثور, عن معمر, عن الزهري للسّائلِ وَالمَحْرُومِ قال: السائل: الذي يسأل, والمحروم: المتعفف الذي لا يسأل.
24889ـ حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: حدثنا ابن ثور, قال: قال معمر, وحدثني الزهريّ, أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «لَيْسَ المِسْكينُ الّذِي تَرُدّهُ التّمْرَةُ والتّمْرَتانِ والأكْلَةُ والأكْلَتانِ», قالوا فمن المسكين يا رسول الله؟ قال: «الّذِي لا يَجِدُ غِنًى, وَلا يُعْلَمُ بِحاجَتِهِ فَيُتَصَدّقُ عَلَيْهِ فَذلكَ المَحْرُومُ».
24890ـ حدثنا ابن بشار, قال: حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, في قوله: للسّائِل والمَحْرُومِ قال: السائل الذي يسأل بكفه, والمحروم: المتعفف, ولكليهما عليك حقّ يا ابن آدم.
وقائل: هو الذي لا سهم له في الغنيمة. ذكر من قال ذلك:
24891ـ حدثنا ابن بشار, قال: حدثنا عبد الرحمن, قال: حدثنا سفيان, عن قيس بن مسلم, عن الحسن بن محمد, إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث سرية, فغنموا, فجاء قوم يشهدون الغنيمة, فنزلت هذه الاَية: وفِي أمْوَالِهِمْ حَقّ للسّائِلِ وَالمَحْرُومِ.
حدثنا أبو كُرَيب, قال: حدثنا ابن أبي زائدة, عن سفيان, عن قيس بن مسلم الجدلي, عن الحسن بن محمد, قال: بعثت سرية فغنموا, ثم جاء قوم من بعدهم, قال: فنزلت للسّائِل وَالمَحْرُومِ.
24892ـ حدثنا ابن المثنى, قال: حدثنا محمد بن جعفر, قال: حدثنا شعبة, عن الحكم, عن إبراهيم أن أُناسا قدموا على عليّ رضي الله عنه الكوفة بعد وقعة الجمل, فقال: اقسموا لهم, قال: هذا المحروم.
حدثنا أبو كُرَيب, قال: حدثنا أبو نعيم, عن سفيان, عن قيس بن مسلم, عن الحسن بن محمد أن قوما في زمان النبيّ صلى الله عليه وسلم أصابوا غنيمة, فجاء قوم بعد, فنزلت وفِي أمْوَالِهِمْ حَقّ للسّائِلِ وَالمَحْرُومِ.
24893ـ حدثنا ابن حُمَيد, قال: حدثنا حكام, قال: حدثنا عمرو, عن منصور, عن إبراهيم, قال: المحروم: الذي لا فيء له في الإسلام, وهو محارف من الناس.
قال: ثنا جرير, عن منصور, عن إبراهيم, قوله: للّسائِلِ وَالمَحْرُومِ قال: المحروم: الذي لا يجري عليه شيء من الفيء, وهو محارف من الناس.
وقائل: هو الذي لا ينمى له مال. ذكر من قال ذلك:
24894ـ حدثني أبو السائب, قال: حدثنا ابن إدريس, عن حصين, قال: سألت عكرِمة, عن السائل والمحروم؟ قال: السائل: الذي يسألك, والمحروم: الذي لا ينمى له مال.
وقائل: هو الذي قد ذهب ثمره وزرعه. ذكر من قال ذلك:
24895ـ حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: وفِي أمْوَالِهِمْ حَقّ للسّائِلِ والمَحْرُومِ قال: المحروم: المصاب ثمره وزرعه, وقرأ أفرأيْتُمْ ما تَحْرُثُون أأنْتُم تَزْرَعُونَهُ حتى بلغ بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ وقال أصحاب الجنة: إنّا لَضَالّونَ بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ.
24896ـ حدثنا يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: أخبرني عبد الله بن عياش, قال: قال زيد بن أسلم في قوله: وَفِي أمْوَالِهِمْ حَقّ للسّائِلِ وَالمَحْرُومِ قال: ليس ذلك بالزكاة, ولكن ذلك مما ينفقون من أموالهم بعد إخراج الزكاة, والمحروم: الذي يُصاب زرعه أو ثمره أو نسل ماشيته, فيكون له حقّ على من لم يصبه ذلك من المسلمين, كما قال لأصحاب الجنة حين أهلك جنتهم قالُوا بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ وقال أيضا: لَوْ نَشاءُ لجَعَلْناهُ حُطاما فَظَلْتُمْ تَفَكّهُونَ إنّا لَمَغْرَمُونَ بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ.
وكان الشعبيّ يقول في ذلك ما.
24897ـ حدثني يعقوب, قال: حدثنا ابن علية, عن ابن عون, قال: قال الشعبيّ: أعياني أن أعلم ما المحروم.
والصواب من القول في ذلك عندي أنه الذي قد حُرم الرزق واحتاج, وقد يكون ذلك بذهاب ماله وثمره, فصار ممن حرمه الله ذلك, وقد يكون بسبب تعففه وتركه المسألة, ويكون بأنه لا سهم له في الغنيمة لغيبته عن الوقعة, فلا قول في ذلك أولى بالصواب من أن تعمّ, كما قال جلّ ثناؤه: وفي أمْوَالِهِمْ حَقّ للسّائِلِ وَالمَحْرُومِ.
الآية : 20-22
القول فـي تأويـل قوله تعالى: {وَفِي الأرْضِ آيَاتٌ لّلْمُوقِنِينَ * وَفِيَ أَنفُسِكُمْ أَفَلاَ تُبْصِرُونَ * وَفِي السّمَآءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ }.
يقول تعالى ذكره: وفي الأرض عِبر وعظات لأهل اليقين بحقيقة ما عاينوا ورأوا إذا ساروا فيها. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
24898ـ حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: حدثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة, في قوله: وفي الأرْضِ آياتٌ للْمُوقِنِينَ قال: يقول: معتبر لمن اعتبر.
24899ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, قوله: وفي الأرْضِ آياتٌ للْمُوقِنِينَ إذا سار في أرض الله رأى عِبرا وآيات عظاما.
وقوله: وفي أنْفُسِكُمْ أفَلا تُبْصِرُونَ اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك, فقال بعضهم: معنى ذلك: وفي سبيل الخلاء والبول في أنفسكم عِبرة لكم, ودليل لكم على ربكم, أفلا تبصرون إلى ذلك منكم. ذكر من قال ذلك:
24900ـ حدثنا أحمد بن عبد الصمد الأنصاريّ, قال: حدثنا أبو أُسامة, عن ابن جُرَيج, عن ابن المرتفع, قال: سمعت ابن الزّبير يقول: وفي أنْفُسِكُمْ أفَلا تُبْصِرُونَ قال: سبيل الغائط والبول.
حدثنا ابن حُمَيد, قال: حدثنا مهران, عن سفيان, عن ابن جُرَيج, عن محمد بن المرتفع, عن عبد الله بن الزّبير وفي أنْفُسِكُمْ أفَلا تُبْصِرُونَ قال: سبيل الخلاء والبول.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: وفي تسوية الله تبارك وتعالى مفاصل أبدانكم وجوارحكم دلالة لكم على أن خلقتم لعبادته. ذكر من قال ذلك:
24901ـ حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: وفي أنْفُسِكُمْ أفَلا تُبْصِرُونَ, وقرأ قول الله تبارك وتعالى وَمِنْ آياتِهِ أنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمّ إذَا أنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ قال: وفينا آيات كثيرة, هذا السمع والبصر واللسان والقلب, لا يدري أحد ما هو أسود أو أحمر, وهذا الكلام الذي يتلجلج به, وهذا القلب أيّ شيء هو, إنما هو مضغة في جوفه, يجعل الله فيه العقل, أفيدري أحد ما ذاك العقل, وما صفته, وكيف هو؟.
والصواب من القول في ذلك أن يقال: معنى ذلك: وفي أنفسكم أيضا أيها الناس آيات وعِبر تدلّكم على وحدانية صانعكم, وأنه لا إله لكم سواه, إذ كان لا شيء يقدر على أن يخلق مثل خلقه إياكم أفَلا تُبْصِرُونَ يقول: أفلا تنظرون في ذلك فتتفكروا فيه, فتعلموا حقيقة وحدانية خالقكم.
وقوله: وفي السّماءِ رِزْقُكُمْ يقول تعالى ذكره: وفي السماء: المطر والثلج اللذان بهما تخرج الأرض رزقكم, وقوتكم من الطعام والثمار وغير ذلك. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال بعض أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
24902ـ حدثني محمد بن عبد الله بن بزيع, قال: حدثنا النضر, قال: حدثنا جُوَيبر, عن الضحاك, في قوله: وفي السّماءِ رِزْقُكُمْ قال: المطر.
24903ـ حدثنا أبو كُرَيب, قال: حدثنا ابن يمان, عن أشعث, عن جعفر, عن سعيد, في قوله: وفي السماءِ رِزْقُكُمْ وَما تُوعَدُونَ قال: الثلج, وكلّ عين ذائبة من الثلج لا تنقص.
24904ـ حدثنا يونس بن عبد الأعلى, قال: حدثنا سفيان, عن عبد الكريم, عن الحسن, قال: في السحاب فيه والله رزقكم, ولكنكم تُحْرَمونه بخطاياكم وأعمالكم.
24905ـ قال: أخبرنا سفيان, عن إسماعيل بن أمية, قال: أحسبه أو غيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع رجلاً ومطروا, يقول: ومطرنا ببعض عثانين الأسد, فقال: «كَذَبْتَ, بَلْ هُوَ رِزْقُ اللّهِ».
24906ـ حدثنا ابن حُمَيد, قال: حدثنا مهران, عن سفيان, عن مجاهد وفي السّماءِ رِزْقُكُمْ وَما تُوعَدُونَ قال: رزقكم المطر.
24907ـ قال: ثنا مهران, عن سفيان وفي السّماءِ رِزْقُكُمْ قال: رزقكم المطر.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: ومن عند الله الذي في السماء رزقكم, وممن تأوّله كذلك واصل الأحدب.
24908ـ حدثنا ابن حُمَيد, قال: حدثنا هارون بن المُغيرة من أهل الرأي, عن سفيان الثوري, قال: قرأ واصل الأحدب هذه الاَية وفي السّماءِ رِزْقُكُمْ وَما تُوعَدُونَ فقال: ألا إن رزقي في السماء وأنا أطلبه في الأرض, فدخل خرِبة فمكث ثلاثا لا يصيب شيئا, فلما كان اليوم الثالث إذا هو دوخلّة رطب, وكان له أخ أحسن نية منه, فدخل معه, فصارتا دوخلّتين, فلم يزل ذلك دأبهما حتى فرّق الموت بينهما.
واختلف أهل التأويل في تأويل, قوله: وَما تُوعَدُونَ فقال بعضهم: معنى ذلك: وما توعدون من خير, أو شرّ. ذكر من قال ذلك:
24909ـ حدثنا ابن حُمَيد, قال: حدثنا مهران, عن سفيان, عن مجاهد وَما تُوعَدُونَ قال: وما توعدون من خير أو شرّ.
حدثني الحارث, قال: حدثنا الحسن, قال: حدثنا ورقاء, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد وفي السّماءِ رِزْقُكُمْ وَما تُوعَدُونَ يقول: الجنة في السماء, وما توعدون من خير أو شرّ.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: وما توعدون من الجنة والنار. ذكر من قال ذلك:
24910ـ حدثني محمد بن عبد الله بن بزيع, قال: حدثنا النضر, قال: أخبرنا جويبر, عن الضحاك, في قوله: وَما تُوعَدُونَ قال: الجنة والنار.
24911ـ حدثنا ابن حُمَيد, قال: حدثنا مهران, عن سفيان وَما تُوعَدُونَ من الجنة.
وأولى القولين بالصواب في ذلك عندي, القول الذي قاله مجاهد, لأن الله عمّ الخبر بقوله: وَما تُوعَدُونَ عن كلّ ما وعدنا من خير أو شرّ, ولم يخصص بذلك بعضا دون بعض, فهو على عمومه كما عمه الله جلّ ثناؤه.
الآية : 23
القول فـي تأويـل قوله تعالى: {فَوَرَبّ السّمَآءِ وَالأرْضِ إِنّهُ لَحَقّ مّثْلَ مَآ أَنّكُمْ تَنطِقُونَ }.
يقول تعالى ذكره مقسما لخلقه بنفسه: فوربّ السماء والأرض, إن الذي قلت لكم أيها الناس: إن في السماء رزقكم وما توعدون لحقّ, كما حقّ أنكم تنطقون. وقد:
24912ـ حدثنا محمد بن بشار, قال: حدثنا ابن أبي عديّ, عن عوف, عن الحسن, في قوله: فَوَرَبّ السّماءِ والأرْضِ إنّهُ لَحَقّ مِثْلَ ما أنّكُمْ تَنْطِقُونَ قال: بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «قاتل الله أقواما أقسم لهم ربهم بنفسه فلم يصدّقوه» وقال الفرّاء: للجمع بين «ما» و«إنّ» في هذا الموضع وجهان: أحدهما: أن يكون ذلك نظير جمع العرب بين الشيئين من الأسماء والأدوات, كقول الشاعر في الأسماء:
مِنَ النّفَرِ اللاّئِي الّذِينَ إذَا هُمُيَهابُ اللّئامُ حَلْقَةَ الباب قَعْقَعُوا
فجمع بين اللائي والذين, وأحدهما مجزيء من الاَخر وكقول الاَخر في الأدوات:
ما إنْ رأيْتُ وَلا سَمِعْتُ بِهِكالْيَوْمِ طالِيَ أَيْنُقٍ جُرْبِ
فجمع بين «ما» وبين «إن», وهما جحدان يجزيء أحدهما من الاَخر. وأما الاَخر: فهو لو أن ذلك أفرد بما, لكان خبرا عن أنه حقّ لا كذب, وليس ذلك المعنيّ به. وإنما أُريد به: إنه لحقّ كما حقّ أن الاَدميّ ناطق. ألا ترى أن قولك: أحقّ منطقك, معناه: أحقّ هو أم كذب, وأن قولك أحق أنك تنطق معناه للاستثبات لا لغيره, فأدخلت «أن» ليفرّق بها بين المعنيين, قال: فهذا أعجب الوجهين إليّ.
واختلفت القرّاء في قراءة قوله: مِثْلَ ما أنّكُمْ فقرأ ذلك عامة قرّاء المدينة والبصرة مِثْلَ ما نصبا بمعنى: إنه لحقّ حقا يقينا كأنهم وجهوها إلى مذهب المصدر. وقد يجوز أن يكون نصبها من أجل أن العرب تنصبها إذا رفعت بها الاسم, فتقول: مثل من عبد الله, وعبد الله مثلك, وأنت مثلُه, ومثلَهُ رفعا ونصبا. وقد يجوز أن يكون نصبها على مذهب المصدر, إنه لحقّ كنطقكم. وقرأ ذلك عامة قرّاء الكوفة, وبعض أهل البصرة رفعا «مِثْلُ ما أنّكُمْ» على وجه النعت للحقّ.
والصواب من القول في ذلك عندي أنهما قراءتان مستفيضتان في قرأة الأمصار, متقاربتا المعنى, فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب.
الآية : 24-26
القول فـي تأويـل قوله تعالى: {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ * إِذْ دَخَلُواْ عَلَيْهِ فَقَالُواْ سَلاَماً قَالَ سَلاَمٌ قَوْمٌ مّنكَرُونَ * فَرَاغَ إِلَىَ أَهْلِهِ فَجَآءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ }.
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم, يخبره أنه محلّ بمن تمادى في غيه, وأصرّ على كفره, فلم يتب منه من كفار قومه, ما أحلّ بمن قبلهم من الأمم الخالية, ومذكرا قومه من قريش بإخباره إياهم أخبارهم وقصصهم, وما فعل بهم, هل أتاك يا محمد حديث ضيف إبراهيم خليل الرحمن المكرمين.
يعني بقوله: المُكْرَمِينَ أن إبراهيم عليه السلام وسارّة خدماهم بأنفسهما.
وقيل: إنما قيل المُكْرَمِينَ كما:
24913ـ حدثني محمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثني الحارث, قال: حدثنا الحسن, قال: حدثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله: ضَيْفُ إبْرَاهِيمَ المُكْرَمِينَ قال: أكرمهم إبراهيم, وأمر أهله لهم بالعجل حينئذ.
وقوله: إذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ يقول: حين دخل ضيف إبراهيم عليه, فقالوا له سلاما: أي أسلموا إسلاما, قال سلام.
واختلفت القرّاء في قراءة ذلك, فقرأته عامة قرّاء المدينة والبصرة, قال: سَلامٌ بالألف بمعنى قال: إبراهيم لهم سلام عليكم. وقرأ ذلك عامة قرّاء الكوفة «سِلْمٌ» بغير ألف, بمعنى, قال: أنتم سلم.
وقوله: قَوْمٌ مُنْكَرُونَ يقول: قوم لا نعرفكم, ورفع «قوم منكرون» باضمار أنتم.
وقوله: فَرَاغَ إلى أهْلِهِ يقول: عدل إلى أهله ورجع. وكان الفرّاء يقول: الروغ وإن كان على هذا المعنى فإنه لا ينطق به حتى يكون صاحبه مخفيا ذهابه أو مجيئه, وقال: ألا ترى أنك تقول قد راغ أهل مكة وأنت تريد رجعوا أو صدروا, فلو أخفى راجع رجوعه حسنت فيه راغ ويروغ.
وقوله: فَجاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ يقول: فجاء ضيفَه بعجل سمين قد أنضجه شيّا.
24914ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, قوله: فَرَاغَ إلى أهْلِهِ فَجاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ قال: كان عامة مال نبيّ الله إبراهيم عليه السلام البقر.
الآية : 27-29
القول فـي تأويـل قوله تعالى: {فَقَرّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلاَ تَأْكُلُونَ * فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُواْ لاَ تَخَفْ وَبَشّرُوهُ بِغُلاَمٍ عَلَيمٍ * فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرّةٍ فَصَكّتْ وَجْهَهَا وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ }.
وقوله: فَقَرّبهُ إلَيْهِمْ قالَ ألا تَأْكُلُونَ؟ وفي الكلام متروك استغني بدلالة الظاهر عليه منه وهو فقرّبه إليهم, فأمسكوا عن أكله, فقال: ألا تأكلون؟ فأوجس منهم, يقول: فأوجس في نفسه إبراهيم من ضيفه خيفة وأضمرها قالُوا لا تَخَفْ وَبَشرُوهُ بغُلامٍ عَلِيمٍ يعني: بإسحاق, وقال: عليم بمعنى عالم إذا كبر, وذكر الفراء أن بعض المشيخة كان يقول: إذا كان للعلم منتظرا قيل: إنه لعالم عن قليل وغاية, وفي السيد سائد, والكريم كارم. قال: والذي قال حسن. قال: وهذا أيضا كلام عربيّ حسن قد قاله الله في عليم وحكيم وميت. وروي عن مجاهد في قوله: بغُلامٍ عليمٍ ما:
24915ـ حدثني محمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثني الحارث, قال: حدثنا الحسن, قال: حدثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, في قوله: بِغُلامٍ عَلِيمٍ قال: إسماعيل.
وإنما قلت: عنى به إسحاق, لأن البشارة كانت بالولد من سارّة, وإسماعيل لهاجرَ لا لسارّة.
قوله: فأَقْبَلَتِ امْرأتُهُ فِي صَرّةٍ يعني: سارّة, وليس ذلك إقبال نقلة من موضع إلى موضع, ولا تحوّل من مكان إلى مكان, وإنما هو كقول القائل: أقبل يشتمني, بمعنى: أخذ في شتمي. وقوله: فِي صَرّةٍ يعني: في صيحة. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
24916ـ حدثني عليّ, قال: حدثنا أبو صالح, قال: ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس, قوله: فِي صَرّةٍ يقول: في صيحة.
حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قوله: فأَقْبَلَتِ امْرأتُهُ فِي صَرّةٍ فَصَكّتْ وَجْهَها يعني بالصرّة: الصيحة.
24917ـ حدثني محمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثني الحارث, قال: حدثنا الحسن, قال: حدثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد فِي صَرّةٍ قال: صيحة.
24918ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, قوله: فأَقْبَلَتِ امْرأتُهُ فِي صَرّةٍ: أي أقبلت في رنة.
حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: حدثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة, في قوله: صَرّةٍ قال: أقبلت ترنَ.
24919ـ حدثنا ابن حُمَيد, قال: حدثنا مهران, عن سفيان, عن العلاء بن عبد الكريم اليامي, عن ابن سابَط, قوله: فأَقْبَلَتِ امْرأتُهُ فِي صَرّةٍ قال: في صيحة.
24920ـ حدثنا يونس,قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: فأَقْبَلَتِ امْرأتُهُ فِي صَرّةٍ قال: الصرّة: الصيحة.
24921ـ حُدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد, قال سمعت الضحاك يقول في قوله: فِي صَرّةٍ يعني: صيحة. وقد قال بعضهم: إنّ تلك الصيحة أوّه مقصورة الألف.
وقوله: فَصَكّتْ وَجْهَها اختلف أهل التأويل في معنى صكها, والموضع الذي ضربته من وجهها, فقال بعضهم: معنى صكها وجهها: لَطْمِها إياه. ذكر من قال ذلك:
24922ـ حدثني عليّ, قال: حدثنا أبو صالح, قال: ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس, قوله: فَصَكّتْ وَجْهَها يقول: لَطَمت.
وقال آخرون: بل ضربت بيدها جبهتها تعجبا. ذكر من قال ذلك:
24923ـ حدثني موسى بن هارون, قال: حدثنا عمرو بن حماد, قال: حدثنا أسباط, عن السديّ, قال: لما بَشّر جبريل سارَة بإسحاق, ومن وراء إسحاق يعقوب, ضربت جبهتها عجبا, فذلك قوله: فَصَكّتْ وَجْهَها.
24924ـ حدثني محمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثني الحارث, قال: حدثنا الحسن, قال: حدثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله: فَصَكّتْ وَجْهَها قال: جبهتها.
24925ـ حدثني ابن حُمَيد, قال: حدثنا مهران, عن سفيان, عن العلاء بن عبد الكريم الياميّ, عن ابن سابَط, قوله: فَصَكّتْ وَجْهَها قال: قالت هكذا وضرب سفيان بيده على جبهته.
24926ـ قال: ثنا مهران عن سفيان فَصَكّتْ وَجْهَها وضعت يدها على جبهتها تعجبا, والصكّ عند العرب: هو الضرب. وقد قيل: إن صكها وجهها, أن جمعت أصابعها, فضربت بها جبهتها وَقالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ يقول: وقالت: أتلد وحذفت أتلد لدلالة الكلام عليه, وبضمير أتلد رفعت عجوز عقيم, وعنى بالعقيم: التي لا تلد. ذكر من قال ذلك:
24927ـ حدثنا ابن المثنى, قال: حدثنا سليمان, أبو داود, قال: حدثنا شعبة, عن مشاش, قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: عَجُوزٌ عَقِيمٌ قال: لا تلد.
حدثني يعقوب بن إبراهيم, قال: حدثنا هشيم, قال: أخبرنا رجل من أهل خراسان من الأزد, يكنى أبا ساسان, قال: سألت الضحاك, عن قوله: عَقِيمٌ قال: التي ليس لها ولد