تفسير الطبري تفسير الصفحة 74 من المصحف

 تفسير الطبري - صفحة القرآن رقم 74
075
073
 الآية : 181-182
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {لّقَدْ سَمِعَ اللّهُ قَوْلَ الّذِينَ قَالُوَاْ إِنّ اللّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَآءُ سَنَكْتُبُ مَا قَالُواْ وَقَتْلَهُمُ الأنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقّ وَنَقُولُ ذُوقُواْ عَذَابَ الْحَرِيقِ * ذَلِكَ بِمَا قَدّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنّ اللّهَ لَيْسَ بِظَلاّمٍ لّلْعَبِيدِ }.
ذكر أن هذه الاَية وآيات بعدها نزلت فـي بعض الـيهود, الذين كانوا علـى عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. ذكر الاَثار بذلك:
6736ـ حدثنا أبو كريب, قال: حدثنا يونس بن بكير, قال: حدثنا مـحمد بن إسحاق, قال: حدثنا مـحمد بن أبـي مـحمد مولـى زيد بن ثابت, عن عكرمة, أنه حدثه, عن ابن عبـاس, قال: دخـل أبو بكر الصديق رضي الله عنه بـيت الـمدارس, فوجد من يهود ناسا كثـيرا قد اجتـمعوا إلـى رجل منهم يقال له فنـحاص, كان من علـمائهم وأحبـارهم, ومعه حبر يقال له: أشيع. فقال أبو بكر رضي الله عنه لفنـحاص: ويحك يا فنـحاص, اتق الله وأسلـم! فوالله إنك لتعلـم أن مـحمدا رسول الله, قد جاءكم بـالـحق من عند الله, تـجدونه مكتوبـا عندكم فـي التوراة والإنـجيـل! قال فنـحاص: والله يا أبـا بكر ما بنا إلـى الله من فقر, وإنه إلـينا لفقـير, وما نتضرع إلـيه كما يتضرع إلـينا, وإنا عنه لأغنـياء, ولو كان عنا غنـيا ما استقرض منا كما يزعم صاحبكم, ينهاكم عن الربـا ويعطيناه, ولو كان غنـيا عنا ما أعطانا الربـا. فغضب أبو بكر, فضرب وجه فنـحاص ضربة شديدة, وقال: والذي نفسي بـيده, لولا العهد الذي بـيننا وبـينك لضربت عنقك يا عدو الله, فأكذبونا ما استطعتـم إن كنتـم صادقـين! فذهب فنـحاص إلـى رسول الله صلى الله عليه وسلم, فقال: يا مـحمد انظر ما صنع بـي صاحبك! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبـي بكر: «ما حَمَلَكَ علـى ما صَنَعْتَ؟» فقال: يا رسول الله إن عدو الله قال قولاً عظيـما, زعم أن الله فقـير, وأنهم عنه أغنـياء, فلـما قال ذلك غضبت لله مـما قال, فضربت وجهه. فجحد ذلك فنـحاص, وقال: ما قلت ذلك. فأنزل الله تبـارك وتعالـى فـيـما قال فنـحاص ردّا علـيه وتصديقا لأبـي بكر: {لَقَدْ سَمِعَ اللّهُ قَوْلَ الّذِينَ قالُوا إنّ اللّهَ فَقِـيرٌ وَنـحْنُ أغنِـياءُ سَنَكْتُبُ ما قالُوا وَقَتْلَهُمُ الأنْبِـيَاءَ بِغَيْرِ حَقّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الـحَرِيقِ} وفـي قول أبـي بكر وما بلغه فـي ذلك من الغضب: {لتَسْمَعُنّ مِنَ الّذِينَ أُوتُوا الكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنْ الّذِينَ أشْرَكُوا أذًى كَثِـيرا وَإنْ تَصْبِرُوا وَتَتّقُوا فإنّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ}.
حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا سلـمة, عن ابن إسحاق, عن مـحمد بن أبـي مـحمد, مولـى زيد بن ثابت, عن عكرمة مولـى ابن عبـاس, قال: دخـل أبو بكر, فذكر نـحوه, غير أنه قال: وإنا عنه لأغنـياء, وما هو عنا بغنـيّ, ولو كان غنـيا¹ ثم ذكر سائر الـحديث نـحوه.
6737ـ حدثنا مـحمد بن الـحسين, قال: حدثنا أحمد بن مفضل, قال: حدثنا أسبـاط, عن السدي: {لَقَدْ سَمِعَ اللّهُ قَوْلَ الّذِينَ قالُوا إنّ اللّهَ فَقِـيرٌ وَنَـحْنُ أغْنِـيَاءُ} قالها فنـحاص الـيهودي من بنـي مرثد, لقـيه أبو بكر فكلـمه, فقال له: يا فنـحاص, اتق الله وآمن وصدق, وأقرض الله قرضا حسنا! فقال فنـحاص: يا أبـا بكر, تزعم أن ربنا فقـير, يستقرضنا أموالنا, وما يستقرض إلا الفقـير من الغنـي, إن كان ما تقول حقا, فإن الله إذا لفقـير. فأنزل الله عزّ وجلّ هذا, فقال أبو بكر: فلولا هدنة كانت بـين النبـيّ صلى الله عليه وسلم وبـين بنـي مرثد لقتلته.
حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, عن عيسى, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد, قال: صكّ أبو بكر رجلاً منهم الذين قالوا: إن الله فقـير ونـحن أغنـياء لـمَ يستقرضنا وهو غنـيّ وهم يهود.
6738ـ حدثنا الـمثنى, قال: حدثنا أبو حذيفة, قال: حدثنا شبل, عن ابن أبـي نـجيح, قال الذين قالوا: إن الله فقـير ونـحن أغنـياء, لـم يستقرضنا وهو غنـيّ؟ قال شبل: بلغنـي أنه فنـحاص الـيهودي, وهو الذي قال: إن الله ثالث ثلاثة, ويد الله مغلولة.
6739ـ حدثنا ابن حميد, قال: ثنـي يحيـى بن واضح, قال: حدثت عن عطاء, عن الـحسن, قال: لـما نزلت: {مَنْ الّذِي يُقْرِضُ اللّهَ قَرْضا حَسَن} قالت الـيهود: إن ربكم يستقرض منكم! فأنزل الله: {لَقَدْ سَمِعَ اللّهُ قَوْلَ الّذِينَ قالُوا إنّ اللّهَ فَقِـيرٌ وَنـحْنُ أغْنِـياء}.
حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا حكام, عن عمرو, عن عطاء, عن الـحسن البصري, قال: لـما نزلت: {مَنْ ذَا الّذِي يُقْرِضُ اللّهَ قَرْضا حَسَن} قال: عجبت الـيهود فقالت: إن الله فقـير يستقرض, فنزلت: {لَقَدَ سَمِعَ اللّهُ قوْلَ الّذِينَ قالُوا إنّ اللّهَ فَقِـيرٌ وَنـحْنُ أغْنِـياءُ}.
6740ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, قوله: {الّذِينَ قالُوا إنّ اللّهَ فَقِـيرٌ ونـحْنُ أغْنِـياءُ} ذكر لنا أنها نزلت فـي حيـي بن أخطب لـما أنزل الله: {مَنْ ذَا الّذِي يُقْرِضُ اللّهَ قَرْضا حَسَنا فَـيُضَاعِفَهُ لَهُ أضْعافـا كَثِـيرَةً} قال: يستقرضنا ربنا, إنـما يستقرض الفقـير الغنـيّ.
حدثنا الـحسن بن يحيـى, قال: أخبر نا عبد الرزاق, قال: أخبرنا معمر, عن قتادة, قال: لـما نزلت: {مَنْ ذَا الّذِي يُقْرِضُ اللّهَ قَرْضا حَسَن} قالت الـيهود: إنـما يستقرض الفقـير من الغنـيّ, قال: فأنزل الله: {لَقَدْ سَمِعَ اللّهُ قَوْلَ الّذِينَ قالُوا إنّ اللّهَ فَقِـيرٌ وَنْـحنُ أغْنِـياءُ}.
6741ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: سمعت ابن زيد يقول فـي قوله: {لَقَدْ سَمِعَ اللّهُ قَوْلَ الّذِينَ قالُوا إنّ اللّهَ فَقِـيرٌ ونـحْنُ أغْنِـياءُ} قال: هؤلاء الـيهود.
فتأويـل الاَية إذا: لقد سمع الله قول الذين قالوا من الـيهود: إن الله فقـير إلـينا ونـحن أغنـياء عنه, سنكتب ما قالوا من الإفك والفرية علـى ربهم وقتلهم أنبـياءهم بغير حقّ.
واختلفت القراء فـي قراءة قوله: {سَنَكْتُبُ ما قالُوا وَقَتْلَهُمْ} فقرأ ذلك قراء الـحجاز وعامة قراء العراق: {سَنَكْتُبُ ما قَالُو} بـالنون, {وَقَتْلَهُمْ الأنْبِـيَاءَ بِغَيْر حَقّ} بنصب القتل. وقرأ ذلك بعض قراء الكوفـيـين: «سَيُكْتَبُ ما قالُوا وَقَتْلُهُمُ الأنْبِـيَاءَ بِغَيْرِ حَقّ» بـالـياء من سيكتب, وبضمها ورفع القتل علـى مذهب ما لـم يسمّ فـاعله, اعتبـارا بقراءة يذكر أنها من قراءة عبد الله فـي قوله: «ونقول ذوقوا», يذكر أنها فـي قراءة عبد الله: «ويقال»¹ فأغفل قارىء ذلك وجه الصواب فـيـما قصد إلـيه من تأويـل القراءة التـي تنسب إلـى عبد الله, وخالف الـحجة من قراء الإسلام. وذلك أن الذي ينبغي لـمن قرأ: «سيُكْتَبُ ما قالوا وَقَتْلُهُمُ الأنْبِـياء» علـى وجه ما لـم يسمّ فـاعله, أن يقرأ: ويقال, لأن قوله: «ونقول» عطف علـى قوله: «سنكتب».
فـالصواب من القراءة أن يوفق بـينهما فـي الـمعنى بأن يقرأ جميعا علـى مذهب ما لـم يسمّ فـاعله, أو علـى مذهب ما يسمى فـاعله, فأما أن يقرأ أحدهما علـى مذهب ما لـم يسمّ فـاعله, والاَخر علـى وجه ما قد سمي فـاعله من غير معنى ألـجأه علـى ذلك, فـاختـيار خارج عن الفصيح من كلام العرب.
والصواب من القراءة فـي ذلك عندنا: {سَنَكْتُبُ} بـالنون {وَقَتْلَهُمُ} بـالنصب لقوله: «ونقول», ولو كانت القراءة فـي «سَيُكْتَبُ» بـالـياء وضمها, لقـيـل: «ويقال», علـى ما قد بـينا.
فإن قال قائل: كيف قـيـل: {وَقَتْلَهُمُ الأنْبِـياءَ بِغَيْرِ حَقّ} وقد ذكرت الاَثار التـي رويت, أن الذين عنوا بقوله: {لَقَدْ سَمِعَ اللّهُ قَوْلَ الّذِينَ قالُوا إنّ اللّهَ فَقِـيرٌ} بعض الـيهود الذين كانوا علـى عهد نبـينا مـحمد صلى الله عليه وسلم, ولـم يكن من أولئك أحد قتل نبـيا من الأنبـياء, لأنهم لـم يدركوا نبـيا من أنبـياء الله فـيقتلوه؟ قـيـل: إن معنى ذلك علـى غير الوجه الذي ذهبت إلـيه, وإنـما قـيـل ذلك كذلك لأن الذين عنى الله تبـارك وتعالـى بهذه الاَية كانوا راضين بـما فعل أوائلهم من قتل من قتلوا من الأنبـياء, وكانوا منهم, وعلـى منهاجهم, من استـحلال ذلك واستـجازته. فأضاف جلّ ثناؤه فعل ما فعله من كانوا علـى منهاجه وطريقته إلـى جميعهم, إذ كانوا أهل ملة واحدة, ونـحلة واحدة, وبـالرضا من جميعهم فعل ما فعل فـاعل ذلك منهم علـى ما بـينا من نظائره فـيـما مضى قبل.
القول فـي تأويـل قوله: {وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الـحَرِيقِ ذَلِكَ بِـمَا قَدّمَتْ أيْدِيكُمْ وأنّ اللّهَ لَـيْسَ بِظلاّمٍ للْعَبـيِد}.
يعنـي بذلك جلّ ثناؤه: ونقول للقائلـين بأن الله فقـير ونـحن أغنـياء, القاتلـين أنبـياء الله بغير حقّ يوم القـيامة: ذوقوا عذاب الـحريق, يعنـي بذلك: عذاب نار مـحرقة ملتهبة, والنار اسم جامع للـملتهبة منها وغير الـملتهبة, وإنـما الـحريق صفة لها, يراد أنها مـحرقة, كما قـيـل: «عَذَاب ألِـيـمٌ» يعنـي: مؤلـم, و«وجيع» يعنـي: موجع.
وأما قوله: {ذَلِكَ بِـمَا قَدّمَتْ أيْدِيكُمْ}: أي قولنا لهم يوم القـيامة: ذوقوا عذاب الـحريق بـما أسلفت أيديكم, واكتسبتها أيام حياتكم فـي الدنـيا, وبأن الله عدل لا يجور, فـيعاقب عبدا له بغير استـحقاق منه العقوبة, ولكنه يجازي كلّ نفس بـما كسبت, ويوفـي كل عامل جزاء ما عمل, فجازى الذين قال لهم يوم القـيامة من الـيهود الذين وصف صفتهم, فأخبر عنهم أنهم قالوا: إن الله فقـير ونـحن أغنـياء, وقتلوا الأنبـياء بغير حقّ, بـما جازاهم به من عذاب الـحريق, بـما اكتسبوا من الاَثام, واجترحوا من السيئات, وكذبوا علـى الله بعد الإعذار إلـيهم بـالإنذار, فلـم يكن تعالـى ذكره بـما عاقبهم به من إذاقتهم عذاب الـحريق ظالـما ولا واضعا عقوبته فـي غير أهلها, وكذلك هو جلّ ثناؤه غير ظلام أحدا من خـلقه, ولكنه العادل بـينهم, والـمتفضل علـى جميعهم بـما أحبّ من فواضله ونعمه.
الآية : 183
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {الّذِينَ قَالُوَاْ إِنّ اللّهَ عَهِدَ إِلَيْنَا أَلاّ نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتّىَ يَأْتِيَنَا بِقُرْبَانٍ تَأْكُلُهُ النّارُ قُلْ قَدْ جَآءَكُمْ رُسُلٌ مّن قَبْلِي بِالْبَيّنَاتِ وَبِالّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ }.
يعنـي بذلك جلّ ثناؤه: لَقَدْ سَمِعَ اللّهُ قَوْلَ الّذِينَ قالُوا إنّ اللّهَ عَهِدَ إلَـيْنا أنْ لا نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ. وقوله: {الّذِينَ قالوا إنّ اللّهَ} فـي موضع خفص ردّا علـى قوله: {الّذِينَ قالُوا إنّ اللّهَ فَقِـيرٌ} ويعنـي بقوله: {قالُوا إنّ الله عَهِدَ إلَـيْنَا أن لا نُؤْمِنَ لرَسُولٍ} أوصانا وتقدّم إلـينا فـي كتبه وعلـى ألسن أنبـيائه, أن لا نؤمن لرسول. يقول: أن لا نصدّق رسولاً فـيـما يقول إنه جاء به من عند الله, من أمر ونهي وغير ذلك {حَتّـى يَأْتِـينَا بُقْرَبـانٍ تَأْكُلُهُ النّارُ} يقول: حتـى يجيئنا بقربـان, وهو ما تقرّب به العبد إلـى ربه من صدقة, وهو مصدر مثل العدوان والـخسران من قولك: قرّبت قربـانا. وإنـما قال: «تأكله النار», لأن أكل النار ما قرّبه أحدهم لله فـي ذلك الزمان كان دلـيلاً علـى قبول الله منه ما قرّب له, ودلالة علـى صدق الـمقرب فـيـما ادّعى أنه مـحقّ فـيـما نازع أو قال. كما:
6742ـ حدثنا مـحمد بن سعد, قال: ثنـي أبـي, قال: ثنـي عمي, قال: ثنـي أبـي, عن أبـيه, عن ابن عبـاس قوله: {حتـى يأتـينا بقُرْبـانٍ تأْكُلُهُ النّارُ} كان الرجل يتصدّق, فإذا تقبل منه أنزلت علـيه نار من السماء فأكلته.
6743ـ حُدثت عن الـحسين, قال: سمعت أبـا معاذ, يقول: أخبرنا عبـيد, قال: سمعت الضحاك يقول فـي قوله: {بُقْربَـانٍ تَأْكُلُهُ النّارُ} كان الرجل إذا تصدق بصدقة, فتقبلت منه بعث الله نارا من السماء, فنزلت علـى القربـان فأكلته.
فقال الله تعالـى لنبـيه مـحمد صلى الله عليه وسلم: {أن لا نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حتـى يَأْتِـينَا بِقُرْبـانِ تَأْكُلُهُ النّارُ قُلْ قَدْ جاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلـي بـالبَـيّنَاتِ} يعنـي: بـالـحجج الدالة علـى صدق نبوتهم وحقـيقة قولهم¹ {وَبـالّذِي قُلْتُـمْ} يعنـي: وبـالذي ادّعيتـم أنه إذا جاء به لزمكم تصديقه, والإقرار بنبوّته من أكل النار قربـانه إذا قرّب لله دلالة علـى صدقه¹ {فَلـمَ قَتَلْتُـمُوهُمْ إنْ كُنْتُـمْ صَادِقِـينَ} يقول له: قل لهم: قد جاءتكم الرسل الذي كانوا من قبلـي بـالذي زعمتـم أنه حجة لهم علـيكم, فقتلتـموهم, فلـم قتلتـموهم وأنتـم مقرّون بأن الذي جاءوكم به من ذلك كان حجة لهم علـيكم إن كنتـم صادقـين فـي أن الله عهد إلـيكم أن تؤمنوا بـمن أتاكم من رسله بقربـان تأكله النار حجة له علـى نبوته؟
وإنـما أعلـم الله عبـاده بهذه الاَية, أن الذين وصف صفتهم من الـيهود الذين كانوا علـى عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم, لن يفرّوا, وأن يكونوا فـي كذبهم علـى الله, وافترائهم علـى ربهم, وتكذيبهم مـحمدا صلى الله عليه وسلم وهم يعلـمونه صادقا مـحقا, وجحودهم نبوّته, وهم يجدونه مكتوبـا عندهم فـي عهد الله تعالـى إلـيهم أنه رسوله إلـى خـلقه, مفروضة طاعته إلا كمن مضى من أسلافهم الذين كانوا يقتلون أنبـياء الله بعد قطع الله عذرهم بـالـحجج التـي أيديهم الله بها, والأدلة التـي أبـان صدقهم بها, افتراءً علـى الله, واستـخفـافـا بحقوقه.
الآية : 184
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {فَإِن كَذّبُوكَ فَقَدْ كُذّبَ رُسُلٌ مّن قَبْلِكَ جَآءُوا بِالْبَيّنَاتِ وَالزّبُرِ وَالْكِتَابِ الْمُنِيرِ }.
وهذا تعزية من الله جلّ ثناؤه نبـيه مـحمدا صلى الله عليه وسلم علـى الأذى الذي كان يناله من الـيهود وأهل الشرك بـالله من سائر أهل الـملل. يقول الله تعالـى له: لا يحزنك يا مـحمد كذب هؤلاء الذين قالوا: إن الله فقـير, وقالوا: إن الله عهد إلـينا أن لا نؤمن لرسول حتـى يأتـينا بقربـان تأكله النار, وافتراؤهم علـى ربهم اغترارا بإمهال الله إياهم, ولا يعظمنّ علـيك تكذيبهم إياك, وادّعاؤهم الأبـاطيـل من عهود الله إلـيهم, فإنهم إن فعلوا ذلك بك فكذّبوك, كذبوا علـى الله, فقد كذبت أسلافهم من رسل الله قبلك من جاءهم بـالـحجج القاطعة العذر, والأدلة البـاهرة العقل, والاَيات الـمعجزة الـخـلق, وذلك هو البـينات. وأما الزبر: فإنه جمع زبور: وهو الكتاب, وكل كتاب فهو زبور, ومنه قول امرىء القـيس:
لَـمِنْ طَلَلٌ أبْصَرْتُهُ فَشَجانِـيكَخَطّ زَبُورٍ فِـي عَسِيبِ يَـمَانِـي
ويعنـي بـالكتاب: التوراة والإنـجيـل, وذلك أن الـيهود كذّبت عيسى وما جاء به وحرّفت ما جاء به موسى علـيه السلام من صفة مـحمد صلى الله عليه وسلم, وبدلت عهده إلـيهم فـيه, وأن النصارى جحدت ما فـي الإنـجيـل من نعته وغيرت ما أمرهم به فـي أمره.
وأما قوله: {الـمُنِـيرِ} فإنه يعنـي: الذي ينـير فـيبـين الـحقّ لـمن التبس علـيه ويوضحه, وإنـما هو من النور والإضاءة, يقال: قد أنار لك هذا الأمر, بـمعنى: أضاء لك وتبـين, فهو ينـير إنارة, والشيء الـمنـير. وقد:
6744ـ حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا إسحاق, قال: حدثنا أبو زهير, عن جويبر, عن الضحاك: {فإنْ كَذّبوكَ فَقَدْ كُذّبَ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ} قال: يعزّى نبـيه صلى الله عليه وسلم.
6745ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي حجاج, عن ابن جريج, قوله: {فإنْ كَذّبُوكَ فَقَدْ كُذّبَ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ} قال: يعزّي نبـيه صلى الله عليه وسلم.
وهذا الـحرف فـي مصاحف أهل الـحجاز والعراق: «والزّبُرِ» بغير بـاء, وهو فـي مصاحف أهل الشام: «وبـالزبر» بـالبـاء مثل الذي فـي سورة فـاطر.
الآية : 185
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {كُلّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنّمَا تُوَفّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنّةَ فَقَدْ فَازَ وَما الْحَيَاةُ الدّنْيَا إِلاّ مَتَاعُ الْغُرُورِ }.
يعنـي بذلك تعالـى ذكره: أن مصير هؤلاء الـمفترين علـى الله من الـيهود الـمكذبـين برسوله, الذين وصف صفتهم, وأخبر عن جراءتهم علـى ربهم, ومصير غيرهم من جميع خـلقه تعالـى ذكره, ومرجع جميعهم إلـيه, لأنه قد حتـم الـموت علـى جميعهم, فقال لنبـيه صلى الله عليه وسلم: لا يحزنك تكذيب من كذّبك يا مـحمد من هؤلاء الـيهود وغيرهم, وافتراء من افترى علـيّ, فقد كذّب قبلك رسل جاءوا من الاَيات والـحجج من أرسلوا إلـيه بـمثل الذي جئت من أرسلت إلـيه, فلك فـيهم أسوة تتعزّى بهم, ومصير من كذّبك, وافترى علـيّ وغيرهم, ومرجعهم إلـيّ, فأوفـي كل نفس منهم جزاء عمله يوم القـيامة, كما قال جلّ ثناؤه: {وإنّـمَا تُوَفّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ القِـيامَةِ} يعنـي أجور أعمالكم إن خيرا فخير, وإن شرّا فشرّ. {فمنْ زُحزِحَ عن النارِ}, يقول: فمن نـحي عن النار وأبعد منها, {فقَدْ فـازَ} يقول: فقد نـجا وظفر بحاجته, يقال منه: فـاز فلان بطلبته يفوز فوزا ومفـازا ومفـازة: إذا ظفر بها.
وإنـما معنى ذلك: فمن نُـحّـي عن النار فأبعد منها, وأدخـل الـجنة, فقد نـجا وظفر بعظيـم الكرامة. {وَما الـحَياةُ الدّنْـيا إلاّ مَتاعُ الغُرُورِ} يقول: وما لذات الدنـيا وشهواتها, وما فـيها من زينتها وزخارفها, إلا متاع الغرور, يقول: إلا متعة يـمتعكموها الغرور والـخداع الـمضمـحل, الذي لا حقـيقة له عند الامتـحان, ولا صحة له عند الاختبـار, فأنتـم تلتذّون بـما متعكم الغرور من دنـياكم, ثم هو عائد علـيكم بـالفجائع والـمصائب والـمكاره, يقول تعالـى ذكره: لا تركنوا إلـى الدنـيا فتسكنوا إلـيها, فإنـما أنتـم منها فـي غرور تـمتعون, ثم أنتـم عنها بعد قلـيـل راحلون. وقد رُوي فـي تأويـل ذلك ما:
6746ـ حدثنـي به الـمثنى, قال: حدثنا إسحاق, قال: حدثنا جرير, عن الأعمش, عن بكير بن الأخنس, عن عبد الرحمن بن سابط فـي قوله: {وَما الـحَياةُ الدّنـيْا إلاّ مَتاعٌ الغُرُورِ} قال: كزاد الراعي, تزوده الكف من التـمر, أو الشيء من الدقـيق, أو الشيء يشرب علـيه اللبن.
فكأن ابن سابط ذهب فـي تأويـله هذا إلـى أن معنى الاَية: وما الـحياة الدنـيا إلا متاع قلـيـل, لا يبلغ من تـمتعه ولا يكفـيه لسفره.
وهذا التأويـل وإن كان وجها من وجوه التأويـل, فإن الصحيح من القول فـيه هو ما قلنا, لأن الغرور إنـما هو الـخداع فـي كلام العرب, وإذ كان ذلك كذلك فلا وجه لصرفه إلـى معنى القلة, لأن الشيء قد يكون قلـيلاً وصاحبه منه فـي غير خداع ولا غرور¹ وأما الذي هو فـي غرور فلا القلـيـل يصح له ولا الكثـير مـما هو منه فـي غرور. والغرور مصدر من قول القائل: غرنـي فلان, فهو يغرنـي غرورا بضم الغين¹ وأما إذا فتـحت الغين من الغرور فهو صفة للشيطان الغرور الذي يغر ابن آدم حتـى يدخـله من معصية الله فـيـما يستوجب به عقوبته. وقد:
6747ـ حدثنا أبو كريب, قال: حدثنا عبدة وعبد الرحيـم, قالا: حدثنا مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو وسلـمة, عن أبـي هريرة, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَوْضعُ سَوْطٍ فِـي الـجَنّة خَيْرٌ مِنَ الدّنْـيا وَما فِـيها, وَاقْرَءُوا إنْ شِئْتُـمْ {وَما الـحَياةُ الدّنـيْا إلاّ مَتاعُ الغرُورِ
الآية : 186
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {لَتُبْلَوُنّ فِيَ أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنّ مِنَ الّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ الّذِينَ أَشْرَكُوَاْ أَذًى كَثِيراً وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتّقُواْ فَإِنّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الاُمُورِ }.
يعنـي بذلك تعالـى ذكره: {لُتبْلَوُنّ فِـي أمْوَالِكُمْ} لتـختبرن بـالـمصائب فـي أموالكم وأنفسكم, يعنـي: وبهلاك الأقربـاء والعشائر من أهل نصرتكم وملتكم, {وَلَتَسْمَعُنّ مِنَ الّذِينَ أُوتُوا الكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ} يعنـي: من الـيهود وقولهم {إنّ اللّهَ فَقِـيرٌ وَنـحْنُ أغْنِـياءُ} وقولهم {يَدُ اللّهِ مَغْلُولَةٌ} وما أشبه ذلك من افترائهم علـى الله. {وَمِنَ الّذِين أشْرَكُو} يعنـي النصارى, {أذًى كَثِـير} والأذى من الـيهود ما ذكرنا, ومن النصارى قولهم: الـمسيح ابن الله, وما أشبه ذلك من كفرهم بـالله. {وَإنْ تَصْبِرُوا وَتَتّقُو} يقول: وإن تصبروا لأمر الله الذي أمركم به فـيهم وفـي غيرهم من طاعته وتتقوا, يقول: وتتقوا الله فـيـما أمركم ونهاكم, فتعملوا فـي ذلك بطاعته. {فإنّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ} يقول: فإن ذلك الصبر والتقوى مـما عزم الله علـيه وأمركم به. وقـيـل إن ذلك كله نزل فـي فنـحاص الـيهودي سيد بنـي قـينقاع. كالذي:
6748ـ حدثنا به القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: حدثنا حجاج, عن ابن جريج, قال: قال عكرمة فـي قوله: {لَتُبْلَوُنّ فِـي أمْوَالِكُمْ وَأنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنّ مِنَ الّذِينَ أُوتُوا الكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الّذِينَ أشْرَكُوا أذًى كَثـير} قال: نزلت هذه الاَية فـي النبـي صلى الله عليه وسلم, وفـي أبـي بكر رضوان الله علـيه, وفـي فنـحاص الـيهودي سيد بنـي قـينقاع, قال: بعث النبـي صلى الله عليه وسلم أبـا بكر الصديق رحمه الله إلـى فنـحاص يستـمدّه, وكتب إلـيه بكتاب, وقال لأبـي بكر: «لا تَفْتَاتَنّ علـيّ بِشَيْءٍ حتـى تَرْجِعَ» فجاء أبو بكر وهو متوشح بـالسيف, فأعطاه الكتاب, فلـما قرأه قال: قد احتاج ربكم أن نـمده! فهمّ أبو بكر أن يضربه بـالسيف, ثم ذكر قول النبـي صلى الله عليه وسلم: «لا تَفْتاتَنّ عَلـيّ بِشَيْءٍ حتـى تَرْجعَ» فكف¹ ونزلت: {وَلا تَـحْسَبنّ الّذِينَ يَبْخَـلُونَ بِـمَا آتاهُمُ اللّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرّ لَهُمْ} وما بـين الاَيتـين إلـى قوله: {لَتُبْلَوْنّ فِـي أمْوَالِكُمْ وأنْفُسِكُمْ} نزلت هذه الاَيات فـي بنـي قـينقاع, إلـى قوله: {فإنْ كَذّبُوكَ فَقَدْ كُذّبَ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ}. قال ابن جريج: يعزي نبـيه صلى الله عليه وسلم, قال: {لَتُبْلَوُنّ فِـي أمْوَالِكُمْ وأنْفُسِكُمْ} قال: أعلـم الله الـمؤمنـين أنه سيبتلـيهم فـينظر كيف صبرهم علـى دينهم, ثم قال: {وَلَتَسْمَعُنّ مِنَ الّذِينَ أُؤتُوا الكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ} يعنـي: الـيهود والنصارى, {وَمِنَ الّذِينَ أشْرَكُوا أذًى كَثِـير} فكان الـمسلـمون يسمعون من الـيهود قولهم: عزير ابن الله, ومن النصارى: الـمسيح ابن الله, فكان الـمسلـمون ينصبون لهم الـحرب, ويسمعون إشراكهم, فقال الله: {وَإنْ تَصْبِرُوا وَتَتّقُوا فإنّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ} يقول: من القوة مـما عزم الله علـيه وأمركم به.
وقال آخرون: بل نزلت فـي كعب بن الأشرف, وذلك أنه كان يهجو رسول الله صلى الله عليه وسلم ويتشبب بنساء الـمسلـمين. ذكر من قال ذلك:
6749ـ حدثنا الـحسن بن يحيـى, قال: أخبرنا عبد الرزاق, قال: أخبرنا معمر, عن الزهري فـي قوله: {وَلَتَسْمَعُنّ مِنَ الّذِينَ أُوتُوا الكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الّذِينَ أشْرَكُوا أذًى كَثِـير} قال: هو كعب بن الأشرف, وكان يحرض الـمشركين علـى النبـي صلى الله عليه وسلم وأصحابه فـي شعره, ويهجو النبـي صلى الله عليه وسلم, فـانطلق إلـيه خمسة نفر من الأنصار فـيهم مـحمد بن مسلـمة, ورجل يقال له أبو عبس. فأتوه وهو فـي مـجلس قومه بـالعوالـي¹ فلـما رآهم ذعر منهم, فأنكر شأنهم, وقالوا: جئناك لـحاجة, قال: فلـيدن إلـيّ بعضكم, فلـيحدثنـي بحاجته! فجاءه رجل منهم فقال: جئناك لنبـيعك أدراعا عندنا لنستنفق بها, فقال: والله لئن فعلتـم لقد جهدتـم منذ نزل بكم هذا الرجل! فواعدوه أن يأتوه عشاء حين هدأ عنهم الناس. فأتوه, فنادوه, فقالت امرأته: ما طرقك هؤلاء ساعتهم هذه لشيء مـما تـحب! قال: إنهم حدثونـي بحديثهم وشأنهم. قال معمر: فأخبرنـي أيوب عن عكرمة أنه أشرف علـيهم فكلـمهم, فقال: أترهنونـي أبناءكم؟ وأرادوا أن يبـيعهم تـمرا, قال: فقالوا إنا نستـحيـي أن تعير أبناؤنا فـيقال هذا رهينة وَسْق, وهذا رهينة وسقـين! فقال: أترهنونـي نسائكم؟ قالوا: أنت أجمل الناس, ولا نأمنك, وأي امرأة تـمتنع منك لـجمالك؟ ولكنا نرهنك سلاحنا, فقد علـمت حاجتنا إلـى السلاح الـيوم. فقال: ائتونـي بسلاحكم, واحتـملوا ما شئتـم! قالوا: فـانزل إلـينا نأخذ علـيك, وتأخذ علـينا. فذهب ينزل, فتعلقت به امرأته وقالت: أرسل إلـى أمثالهم من قومك يكونوا معك. قال: لو وجدنـي هؤلاء نائما ما أيقظونـي. قالت: فكلـمهم من فوق البـيت, فأبى علـيها, فنزل إلـيهم يفوح ريحه, قالوا: ما هذه الريح يا فلان؟ قال: هذا عطر أم فلان! امرأته. فدنا إلـيه بعضهم يشم رائحته, ثم اعتنقه, ثم قال: اقتلوا عدو الله! فطعنه أبو عبس فـي خاصرته, وعلاه مـحمد بن مسلـمة بـالسيف, فقتلوه, ثم رجعوا. فأصبحت الـيهود مذعورين, فجاءوا إلـى النبـي صلى الله عليه وسلم, فقالوا: قتل سيدنا غيـلة! فذكرهم النبـي صلى الله عليه وسلم صنـيعه, وما كان يحض علـيهم, ويحرض فـي قتالهم, ويؤذيهم, ثم دعاهم إلـى أن يكتب بـينه وبـينهم صلـحا, فقال: فكان ذلك الكتاب مع علـيّ رضوان الله علـيه