الاعتكاف في المساجد كلها - الأحاديث الصحيحة

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الكتب الستة

باب الاعتكاف في المساجد كلّها

قال الله تعالى: ﴿وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ﴾ [سورة البقرة: ١٨٧].
إنّ الله ﷿ قيّد الاعتكاف بالمساجد؛ لأنّه لا يجوز في غير المساجد.
وقوله: ﴿الْمَسَاجِدِ﴾ «فيه إشارة إلى أنه لا يختص بمسجد دون مسجد، وأفضله المساجد الثلاثة بالترتيب ثم غيرها.
وأمّا ما رُوي عن حذيفة، قال لعبد الله -يعني ابن مسعود-: عكوف بين دارك ودار أبي موسى، لا تغيِّر؟ ! وقد علمتَ أنّ رسول الله ﷺ قال: «لا اعتكاف إلّا في المساجد الثلاثة: المسجد الحرام، ومسجد النبيّ ﷺ، ومسجد بيت المقدس».
قال عبد الله: لعلّك نسيت وحفظوا، وأخطأت وأصابوا».
فهو حديث مختلف في رفعه ووقفه، والصّواب أنه موقوف.
رواه الطّحاوي في «مشكله» (٢٧٧١) عن محمد بن سنان الشيرازيّ، قال: حدّثنا هشام بن عمّار، قال: حدّثنا سفيان بن عيينة، عن جامع بن أبي راشد، عن أبي وائل، قال: قال حذيفة (فذكره).
ورواه البيهقي (٤/ ٣١٦) من وجه آخر عن محمود بن آدم المروزي، ثنا سفيان بن عيينة، بإسناده، وقال: إنّ رسول الله ﷺ قال: «لا اعتكاف إلّا في المسجد الحرام» أو قال: «إلّا في المساجد الثلاثة».
فقال عبد الله: لعلّك نسيت وحفظوا، وأخطأت وأصابوا - الشكّ مني.
ورواه سعيد بن منصور، عن سفيان بن عيينة، بإسناده وجاء فيه: إنّ رسول الله ﷺ قال: «لا اعتكاف إلا في المساجد الثلاثة» أو قال: «مسجد جماعة».
رواه ابن حزم في «المحلي» (٥/ ٢٨٨) من طريق سعيد بن منصور، وقال: هذا شك من حذيفة أو ممن دونه، ولا يقطع على رسول الله ﷺ بشك، ولو أنه عليه السلام قال: «لا اعتكاف إلّا في المساجد الثلاثة» لحفظه الله علينا ولم يدخل فيه شكًا، فصحّ يقينًا أنه ﷺ لم يقله قطّ».
ثم جاء موقوفًا أيضًا، وهو ما رواه عبد الرزاق (٨٠١٦) عن ابن عيينة، عن جامع بن أبي راشد، قال: سمعت أبا وائل يقول: قال حذيفة لعبد الله: قوم عكوف بين دارك ودار أبي موسى لا تنهاهم؟ فقال له عبد الله: لعلّهم أصابوا وأخطأت، وحفظوا ونسيت. فقال حذيفة: لا اعتكاف إلّا
في هذه المساجد الثلاثة: مسجد المدينة، ومسجد مكة، ومسجد إيلياء.
وكذلك رواه أيضًا عبد الرزاق (٨٠١٤) عن الثوري، عن واصل الأحدب، عن إبراهيم، قال: جاء حذيفة إلى عبد الله، فقال: ألا أعجبك من ناس عكوف بين دارك ودار الأشعري؟ قال عبد الله: فلعلهم أصابوا وأخطأت. فقال حذيفة: ما أبالي أفيه أعتكف، أو في بيوتكم هذه؟ إنما الاعتكاف في هذه المساجد الثلاثة، مسجد الحرام، ومسجد المدينة، والمسجد الأقصى. وكان الذين اعتكفوا -فعاب عليهم حذيفة- في مسجد الكوفة الأكبر.
وكذلك رواه أبو عوانة، عن مغيرة، عن إبراهيم، أنّ حذيفة قال لابن مسعود: ألا تعجب من قوم بين دارك ودار أبي موسى يزعمون أنهم معتكفون؟ قال: فلعلّهم أصابوا وأخطأت؟ أو حفظوا ونسيت! . قال: أما أنا فقد علمتُ أنه لا اعتكاف إلا في مسجد جماعة.
رواه الطبراني في الكبير (٩/ ٣٠١) عن علي بن عبد العزيز البغوي، حدّثنا الحجاج بن منهال، حدثنا أبو عوانة، فذكره.
فهؤلاء الذين رووه موقوفًا على حذيفة أوثق من هشام بن عمار وهو الدمشقي الذي قال فيه ابن حجر في التقريب: «صدوق مقرئ، كبر فصار يتلقن، فحديثه القديم أصح».
وكذلك من محمود بن آدم المروزيّ وهو وإن كان روي عنه جمعٌ منهم البخاري إلا أني لم أقف على من وثّقه غير ابن حبان. فمثله إذا خولف لا يقبل.
ثم وقوع الشك في قوله: «المسجد الحرام» أو «في المساجد الثلاثة» أو «في مسجد الجماعة» فمثله لا يصدر عن النبيّ ﷺ، فهو من حذيفة أو من دونه. فالظاهر أن الراوي لم يضبط لفظ النبيّ ﷺ وهذا مما يضُعّف الاحتجاج به، ثم لو كان حذيفة حدّث به عن النبيّ ﷺ فما كان من عبد الله أن يخالفه.
ثم إنّ ابن مسعود يؤكد أن حذيفة أخطأ في قوله هذا، وأصاب من اعتكف في مسجد الكوفة.
وقد يكون وقع فيه النسخ وهو لا يدري. مال إليه الطحاوي في «مشكله».
وقد يكون من اجتهاده أيضًا مستشهدًا بقول النبيّ ﷺ: «لا تشدّ الرحال إلّا إلى ثلاثة مساجد». ولكن الرواة أخطأوا فرفعوه.
والخلاصة فيه أن هذا الحديث لا يصح بوجه من الوجوه.
وترك العمل بهذا الحديث من جمهور السلف من الصحابة والتابعين ومن بعدهم في القرون المفضلة، وعدم اشتهاره فيما بينهم دليل على عدم صحته، ولو كان هذا الحديث معروفًا لنقُل في الكتب المعتمدة من السنن والمسانيد المشهورة، وإنّما عُرف في القرون المتأخرة في عصر الطحاوي. وأما ما نُقل في سنن سعيد بن منصور فهو مشكوك في لفظه.
وأما ما جاء في المصنفات مثل ابن أبي شيبة، وعبد الرزاق فهو موقوف على حذيفة، وهو محمول على أنه اجتهاد منه.
وما رُوي عن سعيد بن المسيب: «لا اعتكاف إلا في مسجد نبي» أي مسجد بناه نبيٌ. وقد روي عنه أيضًا بلفظ: «مسجد النبي» يعني مسجد المدينة.
كما رُوي عن عطاء: «لا يجاور إلا في مسجد مكة ومسجد المدينة» ولم ير الاعتكاف في مسجد إيلياء (بيت المقدس) كما رواه عبد الرزاق في «مصنفه» (٨٠٢٠).
وفي هذا وفي الرواية الثانية عن سعيد أنهما لم يعملا بحديث حذيفة، ولعلهما اعتمدا على الحديث المشهور: «لا تشد الرحال إلا إلى المساجد الثلاثة» سدَّا للذريعة لئلا يسافر أحدٌ للاعتكاف في غير المساجد الثلاثة كالمساجد الكبيرة في بعض المدن المشهورة آنذاك.
وأما المساجد التي يجوز فيها الاعتكاف ففي أصح أقوال أهل العلم: المسجد الجامع الذي تقام فيه الجماعة والجمعة حتى لا يحتاج المعتكف إلى تكرار الخروج مرة بعد أخرى إلا لحاجة لا بد منها. والله أعلم بالصواب.

أبواب الكتاب (عرض 50 باباً حول الباب الحالي)

الباب الحالي في المركز 142 من أصل 158 باباً

معلومات عن حديث: الاعتكاف في المساجد كلها

  • 📜 حديث عن الاعتكاف في المساجد كلها

    أحاديث نبوية شريفة تتعلق بـ الاعتكاف في المساجد كلها من مصادر موثوقة.

  • 🔍 صحة حديث الاعتكاف في المساجد كلها

    تحقق من درجة أحاديث الاعتكاف في المساجد كلها (صحيح، حسن، ضعيف).

  • 📖 تخريج حديث الاعتكاف في المساجد كلها

    تخريج علمي لأسانيد أحاديث الاعتكاف في المساجد كلها ومصادرها.

  • 📚 أحاديث عن الاعتكاف في المساجد كلها

    مجموعة شاملة من الأحاديث النبوية في موضوع الاعتكاف في المساجد كلها.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Friday, August 22, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب