الاعتكاف في المساجد كلها - الأحاديث الصحيحة
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الكتب الستة
باب الاعتكاف في المساجد كلّها
إنّ الله ﷿ قيّد الاعتكاف بالمساجد؛ لأنّه لا يجوز في غير المساجد.
وقوله: ﴿الْمَسَاجِدِ﴾ «فيه إشارة إلى أنه لا يختص بمسجد دون مسجد، وأفضله المساجد الثلاثة بالترتيب ثم غيرها.
قال عبد الله: لعلّك نسيت وحفظوا، وأخطأت وأصابوا».
فهو حديث مختلف في رفعه ووقفه، والصّواب أنه موقوف.
رواه الطّحاوي في «مشكله» (٢٧٧١) عن محمد بن سنان الشيرازيّ، قال: حدّثنا هشام بن عمّار، قال: حدّثنا سفيان بن عيينة، عن جامع بن أبي راشد، عن أبي وائل، قال: قال حذيفة (فذكره).
ورواه البيهقي (٤/ ٣١٦) من وجه آخر عن محمود بن آدم المروزي، ثنا سفيان بن عيينة، بإسناده، وقال: إنّ رسول الله ﷺ قال: «لا اعتكاف إلّا في المسجد الحرام» أو قال: «إلّا في المساجد الثلاثة».
فقال عبد الله: لعلّك نسيت وحفظوا، وأخطأت وأصابوا - الشكّ مني.
ورواه سعيد بن منصور، عن سفيان بن عيينة، بإسناده وجاء فيه: إنّ رسول الله ﷺ قال: «لا اعتكاف إلا في المساجد الثلاثة» أو قال: «مسجد جماعة».
رواه ابن حزم في «المحلي» (٥/ ٢٨٨) من طريق سعيد بن منصور، وقال: هذا شك من حذيفة أو ممن دونه، ولا يقطع على رسول الله ﷺ بشك، ولو أنه عليه السلام قال: «لا اعتكاف إلّا في المساجد الثلاثة» لحفظه الله علينا ولم يدخل فيه شكًا، فصحّ يقينًا أنه ﷺ لم يقله قطّ».
ثم جاء موقوفًا أيضًا، وهو ما رواه عبد الرزاق (٨٠١٦) عن ابن عيينة، عن جامع بن أبي راشد، قال: سمعت أبا وائل يقول: قال حذيفة لعبد الله: قوم عكوف بين دارك ودار أبي موسى لا تنهاهم؟ فقال له عبد الله: لعلّهم أصابوا وأخطأت، وحفظوا ونسيت. فقال حذيفة: لا اعتكاف إلّا
في هذه المساجد الثلاثة: مسجد المدينة، ومسجد مكة، ومسجد إيلياء.
وكذلك رواه أيضًا عبد الرزاق (٨٠١٤) عن الثوري، عن واصل الأحدب، عن إبراهيم، قال: جاء حذيفة إلى عبد الله، فقال: ألا أعجبك من ناس عكوف بين دارك ودار الأشعري؟ قال عبد الله: فلعلهم أصابوا وأخطأت. فقال حذيفة: ما أبالي أفيه أعتكف، أو في بيوتكم هذه؟ إنما الاعتكاف في هذه المساجد الثلاثة، مسجد الحرام، ومسجد المدينة، والمسجد الأقصى. وكان الذين اعتكفوا -فعاب عليهم حذيفة- في مسجد الكوفة الأكبر.
وكذلك رواه أبو عوانة، عن مغيرة، عن إبراهيم، أنّ حذيفة قال لابن مسعود: ألا تعجب من قوم بين دارك ودار أبي موسى يزعمون أنهم معتكفون؟ قال: فلعلّهم أصابوا وأخطأت؟ أو حفظوا ونسيت! . قال: أما أنا فقد علمتُ أنه لا اعتكاف إلا في مسجد جماعة.
رواه الطبراني في الكبير (٩/ ٣٠١) عن علي بن عبد العزيز البغوي، حدّثنا الحجاج بن منهال، حدثنا أبو عوانة، فذكره.
فهؤلاء الذين رووه موقوفًا على حذيفة أوثق من هشام بن عمار وهو الدمشقي الذي قال فيه ابن حجر في التقريب: «صدوق مقرئ، كبر فصار يتلقن، فحديثه القديم أصح».
وكذلك من محمود بن آدم المروزيّ وهو وإن كان روي عنه جمعٌ منهم البخاري إلا أني لم أقف على من وثّقه غير ابن حبان. فمثله إذا خولف لا يقبل.
ثم وقوع الشك في قوله: «المسجد الحرام» أو «في المساجد الثلاثة» أو «في مسجد الجماعة» فمثله لا يصدر عن النبيّ ﷺ، فهو من حذيفة أو من دونه. فالظاهر أن الراوي لم يضبط لفظ النبيّ ﷺ وهذا مما يضُعّف الاحتجاج به، ثم لو كان حذيفة حدّث به عن النبيّ ﷺ فما كان من عبد الله أن يخالفه.
ثم إنّ ابن مسعود يؤكد أن حذيفة أخطأ في قوله هذا، وأصاب من اعتكف في مسجد الكوفة.
وقد يكون وقع فيه النسخ وهو لا يدري. مال إليه الطحاوي في «مشكله».
وقد يكون من اجتهاده أيضًا مستشهدًا بقول النبيّ ﷺ: «لا تشدّ الرحال إلّا إلى ثلاثة مساجد». ولكن الرواة أخطأوا فرفعوه.
والخلاصة فيه أن هذا الحديث لا يصح بوجه من الوجوه.
وترك العمل بهذا الحديث من جمهور السلف من الصحابة والتابعين ومن بعدهم في القرون المفضلة، وعدم اشتهاره فيما بينهم دليل على عدم صحته، ولو كان هذا الحديث معروفًا لنقُل في الكتب المعتمدة من السنن والمسانيد المشهورة، وإنّما عُرف في القرون المتأخرة في عصر الطحاوي. وأما ما نُقل في سنن سعيد بن منصور فهو مشكوك في لفظه.
وأما ما جاء في المصنفات مثل ابن أبي شيبة، وعبد الرزاق فهو موقوف على حذيفة، وهو محمول على أنه اجتهاد منه.
وما رُوي عن سعيد بن المسيب: «لا اعتكاف إلا في مسجد نبي» أي مسجد بناه نبيٌ. وقد روي عنه أيضًا بلفظ: «مسجد النبي» يعني مسجد المدينة.
كما رُوي عن عطاء: «لا يجاور إلا في مسجد مكة ومسجد المدينة» ولم ير الاعتكاف في مسجد إيلياء (بيت المقدس) كما رواه عبد الرزاق في «مصنفه» (٨٠٢٠).
وفي هذا وفي الرواية الثانية عن سعيد أنهما لم يعملا بحديث حذيفة، ولعلهما اعتمدا على الحديث المشهور: «لا تشد الرحال إلا إلى المساجد الثلاثة» سدَّا للذريعة لئلا يسافر أحدٌ للاعتكاف في غير المساجد الثلاثة كالمساجد الكبيرة في بعض المدن المشهورة آنذاك.
وأما المساجد التي يجوز فيها الاعتكاف ففي أصح أقوال أهل العلم: المسجد الجامع الذي تقام فيه الجماعة والجمعة حتى لا يحتاج المعتكف إلى تكرار الخروج مرة بعد أخرى إلا لحاجة لا بد منها. والله أعلم بالصواب.
أبواب الكتاب (عرض 50 باباً حول الباب الحالي)
الباب الحالي في المركز 142 من أصل 158 باباً
- 109 باب استحباب الفطر في السفر إذا عجز عن خدمة نفسه
- 110 باب المفطر أعظم أجرا من الصائم إذا تولى عملًا
- 111 باب الصوم في السفر لمن قوي عليه، والفطر لمن ضعف عنه
- 112 باب الإفطار أفضل لمن شقَّ عليه الصَّوم
- 113 باب ما جاء في إفطار الحامل والمرضع
- 114 باب إذا أفطر الصائم ظانًا غروب الشّمس ثمّ طلعت الشّمس، هل يجب عليه قضاء ذلك اليوم أو لا؟
- 115 باب الحائض تترك الصيام وعليها القضاء
- 116 باب تأخير قضاء رمضان
- 117 باب قضاء الصيام عن الميت
- 118 الترهيب من الغيبة والرّفث وقول الزّور للصَّائم
- 119 باب ما روي في السواك للصّائم
- 120 باب الصائم يصبُّ عليه الماء من العطش
- 121 باب كراهية المبالغة في الاستنشاق للصائم
- 122 باب الترغيب في قيام الليل في رمضان
- 123 الترغيب في قيام الليل في رمضان من غير عزيمة
- 124 باب ما جاء في عدم استمرار رسول الله ﷺ في صلاة التراويح بالجماعة خشية أن تفرض على الأمّة
- 125 باب صلاة التراويح جماعة في صدر خلافة عمر قبل جمعهم على إمام واحد
- 126 باب في بيان عدد الركعات في قيام الليل في رمضان
- 127 باب من صلّي مع الإمام حتى ينصرف حُسِبَ له قيام ليلة
- 128 باب فضل قيام ليلة القدر
- 129 باب اجتهاد النبيّ ﷺ في العشر الأواخر
- 130 باب ما جاء من علامات ليلة القدر
- 131 باب ما يقال إذا وافق ليلة القدر
- 132 باب ما جاء في ليلة القدر أنها في العشر الأواخر
- 133 باب تحرّي ليلة القدر في أوتار العشر الأواخر
- 134 باب ما جاء في ليلة القدر أنها كانت ليلة إحدى وعشرين
- 135 باب ما جاء في ليلة القدر أنها كانت في ثلاث وعشرين
- 136 باب ما جاء في ليلة القدر أنها في إحدى وعشرين وثلاث وعشرين وخمس وعشرين
- 137 باب إنّها في ثلاث وعشرين أو سبع وعشرين
- 138 باب تحري ليلة القدر في السّبع الأواخر
- 139 باب من قال ليلة القدر في السابع والعشرين من رمضان
- 140 باب ما رُوي أنها في ليلة سبع عشرة
- 141 باب من قال: هي في كلّ رمضان
- 142 باب الاعتكاف في المساجد كلّها
- 143 اعتكاف النبيّ ﷺ عند أسطوانة التوبة
- 144 باب اعتكاف النبيّ ﷺ شهر رمضان كاملًا طلبًا لليلة القدر
- 145 باب اعتكاف العشرين الأخيرة طلبًا لليلة القدر
- 146 باب ما جاء في الاعتكاف في العشر الوسط، ثم نقله في العشر الأواخر من أجل طلب ليلة القدر
- 147 باب اعتكاف العشر الأواخر من رمضان
- 148 باب ضمّ العشر الوسط إلى الأخير لزيادة الأجر
- 149 باب قضاء النبيّ ﷺ اعتكاف رمضان في شوال
- 150 باب قضاء الاعتكاف بضمّه للعام المقبل
- 151 باب دخول الاعتكاف بعد صلاة الصبح
- 152 باب اعتكاف النساء في المسجد
- 153 باب اعتكاف المستحاضة
- 154 باب هل يُشترط الصوم في الاعتكاف
- 155 باب خروج المعتكف من المسجد لحوائجه دون غيرها، من زيارة المريض واتباع الجنازة ونحو ذلك
- 156 باب زيارة المعتكِف في اعتكافه
- 157 باب ما رُوي في ثواب الاعتكاف
- 158 باب كراهية رفع الصوت بالقرآن في الليل والناس معتكفون
معلومات عن حديث: الاعتكاف في المساجد كلها
📜 حديث عن الاعتكاف في المساجد كلها
أحاديث نبوية شريفة تتعلق بـ الاعتكاف في المساجد كلها من مصادر موثوقة.
🔍 صحة حديث الاعتكاف في المساجد كلها
تحقق من درجة أحاديث الاعتكاف في المساجد كلها (صحيح، حسن، ضعيف).
📖 تخريج حديث الاعتكاف في المساجد كلها
تخريج علمي لأسانيد أحاديث الاعتكاف في المساجد كلها ومصادرها.
📚 أحاديث عن الاعتكاف في المساجد كلها
مجموعة شاملة من الأحاديث النبوية في موضوع الاعتكاف في المساجد كلها.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Friday, August 22, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب