حديث: لا اعتكاف إلا في المساجد الثلاثة
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب الاعتكاف في المساجد كلّها
قال عبد الله: لعلّك نسيت وحفظوا، وأخطأت وأصابوا».
فهو حديث مختلف في رفعه ووقفه، والصّواب أنه موقوف.
ضعيف: رواه الطّحاوي في «مشكله» (٢٧٧١) عن محمد بن سنان الشيرازيّ، قال: حدّثنا هشام بن عمّار، قال: حدّثنا سفيان بن عيينة، عن جامع بن أبي راشد، عن أبي وائل، قال: قال حذيفة (فذكره).

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن ينفعنا بما نسمع ونقرأ. هذا الحديث الذي ذكر يحكي قصةً طريفة بين صحابيين جليلين، وهما حذيفة بن اليمان وعبد الله بن مسعود رضي الله عنهما، فيه درس عظيم في أدب الخلاف وطريقة مناقشة المسائل الفقهية.
أولاً. شرح مفردات الحديث:
● عكوف بين دارك ودار أبي موسى: أي جلوسك واعتكافك في مكان بين دارك ودار أبي موسى الأشعري (وهو مسجد الكوفة آنذاك).
● لا تغيّر؟ !: استفهام تعجيب وتوبيخ من حذيفة لابن مسعود، بمعنى: ألا تترك هذا الفعل وتتوب منه؟!
● لا اعتكاف إلّا في المساجد الثلاثة: أي لا يصح الاعتكاف شرعًا إلا في أحد هذه المساجد الثلاثة.
● لعلّك نسيت وحفظوا: أي لعل الخطأ منك أنت حيث نسيت الصواب، وهم الذين حفظوا الحديث على وجهه الصحيح.
● وأخطأت وأصابوا: أي أنت المخطئ في فهمك أو في روايتك للحديث، وهم المصيبون.
ثانيًا. شرح الحديث وقصته:
● القصة: كان عبد الله بن مسعود رضي الله عنه يعتكف في مسجد الكوفة (الذي كان يقع بين داره ودار أبي موسى الأشعري). فأنكر عليه حذيفة بن اليمان هذا الاعتكاف، واستدل بحديث سمعه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لَا اعْتِكَافَ إِلَّا فِي الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ».
● رد ابن مسعود: لم يغضب أو يتهجم، بل أجاب بأدب جمٍّ وعلم غزير، قائلاً: «لعلّك نسيت وحفظوا، وأخطأت وأصابوا». وهذا يعني أنه يرى صحة الاعتكاف في أي مسجد، وأن الحديث الذي استدل به حذيفة إما أنه غير ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم بالرفع (أي أنه من كلام الصحابة وليس حديثًا نبوياً)، أو أنه منسوخ، أو له فهم آخر.
ثالثًا. الدروس المستفادة والعبر:
1- أدب الخلاف وعدم التسرع في الإنكار: رد ابن مسعود هو نموذج راقٍ في كيفية الرد على المخالف، حيث لم يقل له "أنت جاهل" أو "أنت مخطئ"، بل احتمل أن يكون الصواب معه هو والخطأ من نفسه، مع ثقته بعلمه. وهذا من كمال أدبه وعلمه رضي الله عنه.
2- الاجتهاد واختلاف الفقهاء: القصة تظهر أن الاجتهاد كان موجودًا بين الصحابة، وأنهم كانوا يختلفون في فهم النصوص وتطبيقها، وهذا الاختلاف هو مصدر richness وغنى للأمة الإسلامية في فقهها.
3- التمييز بين الحديث المرفوع والموقوف: الإشارة في akhir النص إلى أن هذا الحديث "مختلف في رفعه ووقفه" يعلمنا أهمية التثبت في النقل. فليس كل ما يُنسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم ثابت عنه. والصواب هنا أنه موقوف على حذيفة، أي من كلامه هو وليس حديثًا مرفوعًا للنبي صلى الله عليه وسلم. وهذا يعني أن حذيفة فهم ذلك فهمًا شخصيًا، وليس فيه نص قاطع من النبي صلى الله عليه وسلم بتحريم الاعتكاف في غير المساجد الثلاثة.
4- الحكم الفقهي المستفاد: جمهور العلماء على خلاف ما فهمه حذيفة، وأن الاعتكاف يصح في أي مسجد تقام فيه صلاة الجماعة، واستدلوا بأدلة أخرى من السنة والإجماع. وقول ابن مسعود هو الراجح الذي عليه العمل.
رابعًا. معلومات إضافية مفيدة:
● حكم الاعتكاف: الاعتكاف سنة في أي وقت، ويستحب في رمضان، ويتأكد في العشر الأواخر منه.
● شروط صحة الاعتكاف: يشترط أن يكون في مسجد تقام فيه صلاة الجماعة (للرجال)، ولا يشترط أن يكون في المساجد الثلاثة فقط، خلافًا للرأي الذي فهمه حذيفة.
● الموقوف والمرفوع: المرفوع هو ما أضيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم، والموقوف هو ما أضيف إلى الصحابي. والتثبت من هذا مهم جدًا لمعرفة حكم الشرع.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
تخريج الحديث
ورواه البيهقي (٤/ ٣١٦) من وجه آخر عن محمود بن آدم المروزي، ثنا سفيان بن عيينة، بإسناده، وقال: إنّ رسول الله ﷺ قال: «لا اعتكاف إلّا في المسجد الحرام» أو قال: «إلّا في المساجد الثلاثة».
فقال عبد الله: لعلّك نسيت وحفظوا، وأخطأت وأصابوا - الشكّ مني.
ورواه سعيد بن منصور، عن سفيان بن عيينة، بإسناده وجاء فيه: إنّ رسول الله ﷺ قال: «لا اعتكاف إلا في المساجد الثلاثة» أو قال: «مسجد جماعة».
رواه ابن حزم في «المحلي» (٥/ ٢٨٨) من طريق سعيد بن منصور، وقال: هذا شك من حذيفة أو ممن دونه، ولا يقطع على رسول الله ﷺ بشك، ولو أنه عليه السلام قال: «لا اعتكاف إلّا في المساجد الثلاثة» لحفظه الله علينا ولم يدخل فيه شكًا، فصحّ يقينًا أنه ﷺ لم يقله قطّ».
ثم جاء موقوفًا أيضًا، وهو ما رواه عبد الرزاق (٨٠١٦) عن ابن عيينة، عن جامع بن أبي راشد، قال: سمعت أبا وائل يقول: قال حذيفة لعبد الله: قوم عكوف بين دارك ودار أبي موسى لا تنهاهم؟ فقال له عبد الله: لعلّهم أصابوا وأخطأت، وحفظوا ونسيت. فقال حذيفة: لا اعتكاف إلّا
في هذه المساجد الثلاثة: مسجد المدينة، ومسجد مكة، ومسجد إيلياء.
وكذلك رواه أيضًا عبد الرزاق (٨٠١٤) عن الثوري، عن واصل الأحدب، عن إبراهيم، قال: جاء حذيفة إلى عبد الله، فقال: ألا أعجبك من ناس عكوف بين دارك ودار الأشعري؟ قال عبد الله: فلعلهم أصابوا وأخطأت. فقال حذيفة: ما أبالي أفيه أعتكف، أو في بيوتكم هذه؟ إنما الاعتكاف في هذه المساجد الثلاثة، مسجد الحرام، ومسجد المدينة، والمسجد الأقصى. وكان الذين اعتكفوا -فعاب عليهم حذيفة- في مسجد الكوفة الأكبر.
وكذلك رواه أبو عوانة، عن مغيرة، عن إبراهيم، أنّ حذيفة قال لابن مسعود: ألا تعجب من قوم بين دارك ودار أبي موسى يزعمون أنهم معتكفون؟ قال: فلعلّهم أصابوا وأخطأت؟ أو حفظوا ونسيت! . قال: أما أنا فقد علمتُ أنه لا اعتكاف إلا في مسجد جماعة.
رواه الطبراني في الكبير (٩/ ٣٠١) عن علي بن عبد العزيز البغوي، حدّثنا الحجاج بن منهال، حدثنا أبو عوانة، فذكره.
فهؤلاء الذين رووه موقوفًا على حذيفة أوثق من هشام بن عمار وهو الدمشقي الذي قال فيه ابن حجر في التقريب: «صدوق مقرئ، كبر فصار يتلقن، فحديثه القديم أصح».
وكذلك من محمود بن آدم المروزيّ وهو وإن كان روي عنه جمعٌ منهم البخاري إلا أني لم أقف على من وثّقه غير ابن حبان. فمثله إذا خولف لا يقبل.
ثم وقوع الشك في قوله: «المسجد الحرام» أو «في المساجد الثلاثة» أو «في مسجد الجماعة» فمثله لا يصدر عن النبيّ ﷺ، فهو من حذيفة أو من دونه. فالظاهر أن الراوي لم يضبط لفظ النبيّ ﷺ وهذا مما يضُعّف الاحتجاج به، ثم لو كان حذيفة حدّث به عن النبيّ ﷺ فما كان من عبد الله أن يخالفه.
ثم إنّ ابن مسعود يؤكد أن حذيفة أخطأ في قوله هذا، وأصاب من اعتكف في مسجد الكوفة.
وقد يكون وقع فيه النسخ وهو لا يدري. مال إليه الطحاوي في «مشكله».
وقد يكون من اجتهاده أيضًا مستشهدًا بقول النبيّ ﷺ: «لا تشدّ الرحال إلّا إلى ثلاثة مساجد». ولكن الرواة أخطأوا فرفعوه.
والخلاصة فيه أن هذا الحديث لا يصح بوجه من الوجوه.
وترك العمل بهذا الحديث من جمهور السلف من الصحابة والتابعين ومن بعدهم في القرون المفضلة، وعدم اشتهاره فيما بينهم دليل على عدم صحته، ولو كان هذا الحديث معروفًا لنقُل في الكتب المعتمدة من السنن والمسانيد المشهورة، وإنّما عُرف في القرون المتأخرة في عصر الطحاوي. وأما ما نُقل في سنن سعيد بن منصور فهو مشكوك في لفظه.
وأما ما جاء في المصنفات مثل ابن أبي شيبة، وعبد الرزاق فهو موقوف على حذيفة، وهو محمول على أنه اجتهاد منه.
وما رُوي عن سعيد بن المسيب: «لا اعتكاف إلا في مسجد نبي» أي مسجد بناه نبيٌ. وقد روي عنه أيضًا بلفظ: «مسجد النبي» يعني مسجد المدينة.
كما رُوي عن عطاء: «لا يجاور إلا في مسجد مكة ومسجد المدينة» ولم ير الاعتكاف في مسجد إيلياء (بيت المقدس) كما رواه عبد الرزاق في «مصنفه» (٨٠٢٠).
وفي هذا وفي الرواية الثانية عن سعيد أنهما لم يعملا بحديث حذيفة، ولعلهما اعتمدا على الحديث المشهور: «لا تشد الرحال إلا إلى المساجد الثلاثة» سدَّا للذريعة لئلا يسافر أحدٌ للاعتكاف في غير المساجد الثلاثة كالمساجد الكبيرة في بعض المدن المشهورة آنذاك.
وأما المساجد التي يجوز فيها الاعتكاف ففي أصح أقوال أهل العلم: المسجد الجامع الذي تقام فيه الجماعة والجمعة حتى لا يحتاج المعتكف إلى تكرار الخروج مرة بعد أخرى إلا لحاجة لا بد منها. والله أعلم بالصواب.
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 404 من أصل 428 حديثاً له شرح
- 379 اطلبوا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر
- 380 التمسوها في تسع بقين أو سبع أو خمس أو ثلاث
- 381 اطلبوا ليلة القدر في سبع يبقين أو ثلاث يبقين
- 382 التمسوا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان
- 383 اجاوروا العشر الأواخر من رمضان وابتغوا ليلة القدر.
- 384 أراني صبحها أسجد في ماء وطين
- 385 ليلة القدر ليلة ثلاث وعشرين
- 386 ليلة القدر في تاسعة تبقى، في سابعة تبقى، في خامسة...
- 387 التمسوا ليلة القدر في السبع والتسع والخمس
- 388 التمسوا ليلة القدر في التاسعة والسابعة والخامسة
- 389 ليلة القدر: التمسوها في التاسعة، والسابعة والخامسة
- 390 طلب ليلة القدر في السبع او الثلاث الاواخر
- 391 من كان متحرّيها فليتحرّها في السّبع الأواخر
- 392 إنها في السبع في العشر الأواخر
- 393 تحري ليلة القدر في السبع البواقي من رمضان
- 394 ليلة القدر ليلة سبع وعشرين تطلع لا شعاع لها
- 395 حين طلع القمر وهو مثل شق جفنة
- 396 ليلة القدر سابعة أو تاسعة وعشرين والملائكة أكثر من الحصى
- 397 نظرت إلى القمر صبيحة ليلة القدر
- 398 ليلة القدر ليلة سبع وعشرين
- 399 تحروها ليلة سبع وعشرين
- 400 عليك بالسابعة من رمضان ليلة القدر.
- 401 التماس ليلة القدر في العشر الاواخر من رمضان
- 402 اطلبوها ليلة سبع عشر من رمضان وإحدى وعشرين وثلاث وعشرين
- 403 هي في كل رمضان
- 404 لا اعتكاف إلا في المساجد الثلاثة
- 405 إذا اعتكف طرح له فراشه وسريره إلى أسطوانة التوبة
- 406 اعتكف رسول الله عشر الأول من رمضان واعتكفنا معه
- 407 اعتكفوا العشر الأواخر فإنها ليلة القدر
- 408 التمسوا ليلة القدر في العشر الأواخر وفي كل وتر
- 409 اجاور هذه العشر الأواخر فمن اعتكف معي فليثبت
- 410 رسول الله ﷺ يعتكف العشر الأواخر من رمضان
- 411 اعتكاف النبي في العشر الأواخر من رمضان حتى وفاته
- 412 كان النبي يعتكف في كل رمضان عشرة أيام
- 413 الرسول يعود من الاعتكاف لما رأى أبنية زوجاته
- 414 كان يعتكف في العشر الأواخر من رمضان
- 415 كان النبي يعتكف في العشر الأواخر من رمضان
- 416 صلى الفجر ثم دخل معتكفه
- 417 كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله
- 418 الرسول ﷺ يعتكف عشرًا من شوال بعد أن رأى أبنية...
- 419 امرأة مستحاضة تصلي وتضع الطست تحتها في اعتكافها
- 420 ترك النبي الاعتكاف في رمضان حتى اعتكف في شوال
- 421 أوف بنذرك
- 422 كان رسول الله إذا اعتكف يدني إلي رأسه فأرجله
- 423 المعتكف لا يدخل البيت إلا لحاجة
- 424 صفيّة تزور النبي في اعتكافه ويقول: إن الشيطان يبلغ من...
- 425 المعتكف يعكف الذنوب ويجري له من الحسنات كعامل الحسنات كلها
- 426 لا تجهروا بالقرآن على بعض في الصلاة
- 427 لا يؤذين بعضكم بعضًا في القراءة
- 428 لا تجهر بعضكم على بعض بالقراءة في الصلاة
معلومات عن حديث: لا اعتكاف إلا في المساجد الثلاثة
📜 حديث: لا اعتكاف إلا في المساجد الثلاثة
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: لا اعتكاف إلا في المساجد الثلاثة
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: لا اعتكاف إلا في المساجد الثلاثة
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: لا اعتكاف إلا في المساجد الثلاثة
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Wednesday, November 19, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








