حديث أم معبد - الأحاديث الصحيحة
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الكتب الستة
باب حديث أم معبد
يتساوكن هزلًا ضحى مخّهنّ قليل، فلما رأى أبو معبد اللبن عجب، وقال: من أين لك هذا يا أم معبد والشاء عازب حبلى ولا حلوب في البيت؟ قالت: لا والله إلا أنه مر بنا رجل مبارك من حاله كذا وكذا، قال: صفيه لي يا أم معبد، قالت: رأيت رجلًا ظاهر الوضاءة أبلج الوجه، حسن الخلق، لم يعبه ثجلة، ولم تزريه صعلة، وسيمًا، قسيمًا في عينه دعج، وفي أشفاره غطف، وفي صوته صهل، وفي عنقه سطع، وفي لحيته كثاثة، أزج، أقرن، إن صمت فعليه الوقار، وإن تكلم سماه وعلاه البهاء، أجمل الناس وأبهاه من بعيد، وأحسنه وأجمله من قريب، حلو المنطق، فضل، لا نزر ولا هذر، كأن منطقه نظم يتحدرن ربعته، لا باين من طول ولا تقتحمه عين من قصر، غصن بين اثنين، فهو أنضر الثلاثة منظرًا وأحسنهم قدرًا، له رفقاء يحفون به، إن قال أنصتوا لقوله، وإن أمر تبادروا إلى أمره، محفود محشود، لا عابس ولا مفند.
قال أبو معبد: هو والله صاحب قريش الذي ذكر لنا من أمره ما ذكر بمكة، ولقد شئت أن أصحبه، ولأفعلنّ إن وجدت إلى ذلك سبيلًا، فأصبح صوت بمكة عاليًا يسمعون الصوت ولا يدرون من صاحبه وهو يقول:
جزى الله رب الناس خير جزائه ... رفيقين قال خيمتي أم معبد
هما نزلاها بالهدى فاهتدت به ... فقد فاز من أمسى رفيق محمد
فيا ل قصي ما زوى الله عنكم ... به من فعال لا تُجارى وسؤدد
ليهن بني كعب مقام فتاتهم ... ومقعدها للمؤمنين بمرصد
سلوا أختكم عن شاتها وإنائها ... فإنكم إن تسألوا الشاة تشهد
دعاها بشاة حائل فتحلبت ... عليه صريحًا ضرة الشاة مزيد
فغادرها رهنًا لديها لحالب ... يرددها في مصدر ثم مورد
ولما سمع بذلك حسان بن ثابت الأنصاري شاعر النبي ﷺ شبب يجاوب الهاتف فقال:
لقد خاب قوم زال عنهم نبيهم ... وقدس من يسري إليهم ويفتدي
ترحل عن قوم فضلت عقولهم ... وحل على قوم بنور مجدد
هداهم به بعد الضلالة ربهم ... وأرشدهم من يتبع الحق يرشد
وهل يستوي ضلال قوم تسفهوا ... عمايتهم هاد به كل مهتد
وقد نزلت منه على أهل يثرب ... ركاب هدى حلت عليهم بأسعد
نبي يرى ما لا يرى الناس حوله ... ويتلو كتاب الله في كل مشهد
وإن قال في يوم مقالة غائب فتـ ... صديقها في اليوم أو في ضحى الغد
ليهن أبا بكر سعادة جده ... بصحبته من يُسعِدُ الله يَسعَد
ليهن بني كعب مقام فتاتهم ... ومقعدها للمؤمنين بمرصد
حسن: رواه البغوي في معجم الصحابة في ترجمة حبيش بن خالد الخزاعي، وكذا البيهقي في الدلائل (١/ ٢٧٧) وابن عبد البر في الاستيعاب في ترجمة حبيش بن خالد، وكذا الطبراني في الكبير (٤/ ٤٨) والحاكم في المستدرك (٣/ ٩).
وكذا ابن شاهين وابن السكن وابن مندة كما قال الحافظ في الإصابة في ترجمة حبيش، كلهم من طرق عن حبيش بن خالد.
واللفظ للبغوي، وعند غيره خلاف في بعض ألفاظها وذكر بعض هذه الاختلافات الذهبي في السيرة النبوية ص ٤٣٧ - ٤٣٩ ثم سكت.
قال الحاكم: صحيح الإسناد، وأطال في تصحيحه.
وقال الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية (٤/ ٤٧٢).
«وقصتها مشهورة مروية من طرق يشد بعضها بعضًا».
ثم ذكر له شاهدين - عن جابر، وعبد الرحمن بن أبي ليلى عن أبي بكر.
وأما حديث جابر فرواه البزار - كشف الأستار (١٧٤٢) عن محمد بن معمر، حدثنا يعقوب بن محمد، حدثنا عبد الرحمن بن عقبة بن عبد الرحمن بن جابر بن عبد الله، ثنا أبي، عن أبيه، عن جابر قال: لما خرج رسول الله ﷺ وأبو بكر مهاجرين فدخلا الغار، إذا في الغار جحر، فألقمه أبو بكر عقبه حتى أصبح، مخافة أن يخرج على رسول الله ﷺ منه شيءٌ، فأقاما في الغار ثلاث ليال ثم خرجا، حتى نزلا بخيمات أم معبد، فأرسلت إليه أم معبد: إني أرى وجوها حسانًا، وإن الحي أقوى على كرامتكم مني، فلما أمسوا عندها، بعثت مع ابن لها صغير بشفرة وشاة، فقال رسول الله ﷺ: «اردد الشفرة وهات لي فرقًا» - يعني القدح - فأرسلت إليه أن لا لبن فيها ولا ولد، قال: «هات لي فرقًا» فجاءت بفرق، فضرب ظهرها، فاجترّت ودرّت فحلب فملأ القدح، فشرب وسقى أبا بكر، ثم حلب فبعث به إلى أم معبد. ثم قال البزار: لا نعلمه يروى إلا بهذا الإسناد، وعبد الرحمن بن عقبة لا نعلم أحدًا حدّث عنه إلا يعقوب بن محمد، وإن كان معروفًا في النسب.
وقوله مشعر بأن عبد الرحمن بن عقبة مجهول الحال.
وأما حديث عبد الرحمن بن أبي ليلى فرواه البيهقي في الدلائل (٢/ ٤٩١ - ٤٩٢) من طريقين عن يحيى بن زكريا بن أبي زائدة قال: حدثنا محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: حدثنا عبد الرحمن بن الأصبهاني قال: سمعت عبد الرحمن بن أبي ليلى يحدت عن أبي بكر الصديق قال: خرجت مع رسول الله ﷺ من مكة، فانتهينا إلى حي من أحياء العرب، فنظر رسول الله ﷺ إلى بيت منتحيًا، فقصد إليه، فلما نزلنا لم يكن فيه إلا امرأة فقالت: يا عبد الله! إنما أنا امرأة وليس معي أحد، فعليكما بعظيم الحي إن أردتم القرى، قال: فلم يجبها، وذلك عند المساء، فجاء ابن لها بأعنز يسوقها فقالت: يا بنيّ، انطلق بهذه العنزة والشفرة إلى هذين الرجلين فقل لهما: تقول لكما أمي: اذبحا هذه وكلا وأطعمانا، فلما جاء قال له النبي ﷺ: «انطلق بالشفرة وجئني بالقدح» قال: إنها قد عزبت وليس بها لبن، قال: «انطلق» فجاء بقدح فمسح النبي ﷺ ضرعها، ثم حلب حتى ملأ القدح، ثم قال: «انطلق به إلى أمك» فشربت حتى رويت، ثم جاء به فقال: «انطلق بهذه وجئني بأخرى» ففعل بها كذلك ثم سقى أبا بكر، تم جاء بأخرى ففعل بها كذلك، ثم شرب النبي ﷺ، فبتنا ليلتنا ثم انطلقنا، فكانت تسميه المبارك، وكثرت غنمها حتى جلبت جلبًا إلى المدينة، فمرّ أبو بكر فرآه ابنها فعرفه فقال: يا أمه، هذا الرجل الذي كان مع المبارك. فقامت إليه فقالت: يا عبد الله! من الرجل الذي كان معك؟ قال: أو ما تدرين من هو! قالت: لا، قال: هو نبي الله. قالت: فأدخلني عليه. قال: فأدخلها، فأطعمها رسول الله ﷺ وأعطاها. زاد ابن عبدان في روايته: قالت: فدلني عليه. فانطلقت معي، وأهدت لرسول الله ﷺ شيئًا من أقط ومتاع الأعراب، قال: فكساها وأعطاها. قال: ولا أعلمه إلا قال: وأسلمت.
قال البيهقي: «وهذه القصة وإن كانت تنقص عما روينا في قصة أم معبد ويزيد في بعضها فهي قريبة منها، ويشبه أن يكونا واحدة، وقد ذكر محمد بن إسحاق بن يسار من قصة أم معبد شيئًا يدل على أنها وهذه واحدة، والله أعلم».
قال ابن كثير في البداية والنهاية (٢/ ٤٧٥): «والظاهر أنها هي».
وقال: وإسناده حسن.
قال الأعظمي: ولكن فيه انقطاع بأن ابن أبي ليلى لم يدرك أبا بكر الصديق، فما كان هذا سبيله فهو لا ينزل عن درجة الحسن عند أكثر أهل العلم وخاصة أن شهرة هذه القصة واستفاضتها عند علماء أهل السير تفيد بأن لها أصلًا.
ونقل ابن كثير عن أبي نعيم وغيره أن أبا معبد أسلم وهاجر إلى النبي ﷺ، وكذلك أم معبد هاجرت وأسلمت ولحقتْ برسول الله ﷺ.
وأم معبد اسمها عاتكة بنت خالد وهو أخو حبيش بن خالد صاحب رسول الله ﷺ قتيل البطحاء
يوم الفتح.
شرح الألفاظ الغريبة:
ويربض الرهط: يرويهم حتى يثقلوا فيربضوا، والرهط من الثلاثة إلى العشرة.
والثج: السيل.
والبهاء: وبيض رغوة اللبن، فشربوا حتى أراضوا، أي رووا. كذا جاء في بعض طرقه.
وتساوكن: تمايلن من الضعف، ويروى: تشاركن: أي عمهن الهزال.
والشاء عازب: بعيد في المرعى.
وأبلج الوجه: مشرق الوجه مضيئة.
والثجلة: عظم البطن مع استرخاء أسفله.
والصعلة: صغر الرأس، ويروى (صقلة) وهي الدقة والضمرة، والصقل: منقطع الأضلاع من الخاصرة.
والوسيم: المشهور بالحسن، كأنه صار الحسن له سمة.
والقسيم: الحسن قسمة الوجه.
والوطف والغطف: الطول.
والصحل والصهل: شبه البحة.
والسطع: طول العنق.
لا تقتحمه عين من قصر: أي لا تزدريه لقصره فتجاوز إلى غيره، بل تهابه وتقبله.
والمحفود: المخدوم.
والمحشود: الذي يجمتع الناس حوله.
أبواب الكتاب (عرض 50 باباً حول الباب الحالي)
الباب الحالي في المركز 88 من أصل 659 باباً
- 63 باب ما جاء في الإسراء والمعراج
- 64 باب تجلية بيت المقدس وغيره من الأشياء للنّبيّ ﷺ عند سؤال قريش عن الإسراء
- 65 باب ذكر سدرة المنتهى
- 66 عرض النبي ﷺ نفسه على القبائل طلبًا للنصرة منهم
- 67 حرب بعاث بين الأوس والخزرج ثم جمعهم الله تحت راية الإسلام
- 68 تهيؤ الأنصار لقبول الإسلام
- 69 باب بيعة العقبة الأولى في السنة الثانية عشرة من البعثة
- 70 بيعة العقبة الثانية في السنة الثالثة عشرة من البعثة
- 71 باب صفة الأرض التي يهاجر إليها رسول الله ﷺ -
- 72 باب دعاء النبي ﷺ لأصحابه بالهجرة وإمضائها لهم
- 73 باب بدء الهجرة من مكة إلى المدينة
- 74 هجرة عمرو بن عياش بن أبي ربيعة
- 75 المدينة دار هجرة وسُنَّة
- 76 دعاء النبي ﷺ لنفسه بالهجرة
- 77 باب أن مكة خير أرض الله
- 78 باب أن النبي ﷺ وأصحابه اضطروا للخروج من مكة
- 79 باب آل أبي بكر في إعداد العدة للهجرة
- 80 أسماء بنت أبي بكر ذات النطاقين
- 81 أسماء هاجرت إلى النبي ﷺ وهي حبلى
- 82 باب اجتماع قريش لاغتيال النبي ﷺ قبل الخروج
- 83 باب النبي ﷺ وصاحبه في الغار في جبل ثور
- 84 باب ما رُويَ في قصة نسج العنكبوت على الغار
- 85 باب استعمال أبي بكر التورية في سفر الهجرة
- 86 قصة الهجرة واتباع سراقة بن مالك أثر رسول الله ﷺ -
- 87 باب حلب أبي بكر الشاة في الطريق للنبي ﷺ -
- 88 باب حديث أم معبد
- 89 طريق الهجرة من مكة إلى المدينة
- 90 نزول النبي ﷺ قباء وبناء المسجد الذي أسس على التقوى، ثم توجهه إلى المدينة
- 91 أول جمعة صلاها رسول الله ﷺ
- 92 استقبال أهل المدينة رسول الله ﷺ بكل حفاوة وتكريم
- 93 راحلة النبي ﷺ كانت مأمورة
- 94 نزول النبي ﷺ في دار أبي أيوب
- 95 باب بناء مسجد رسول الله ﷺ -
- 96 باب حضور عبد الله بن سلام عند النبي ﷺ -
- 97 المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار
- 98 باب الإذن بالقتال
- 99 باب عدد غزوات النَّبِيّ ﷺ -
- 100 باب غزوة الأبواء وهي الودان
- 101 باب أول سرية بعثها رسول الله ﷺ سرية عبيدة بن الحارث
- 102 باب سرية حمزة بن عبد المطلب إلى سيف البحر
- 103 باب غزوة بواط
- 104 باب غزوة العشيرة
- 105 باب سرية سعد بن أبي وقَّاص إلى الخزاز
- 106 باب غزوة صفوان وهي غزوة بدر الأوّلى أو الصغرى
- 107 باب سرية عبد الله بن جحش
- 108 باب لم يكن خروج النَّبِيّ ﷺ إلى بدر للقتال، وإنما كان خروجه للحصار الاقتصادي على العدو بسلب أموالهم
- 109 باب استنفار من كان ظهره حاضرًا
- 110 رؤيا عاتكة بنت عبد المطلب
- 111 باب مشورة النبي ﷺ في الصورة الراهنة
- 112 باب بعث العين لاستخبار أحوال القافلة من المحاربين
معلومات عن حديث: حديث أم معبد
📜 حديث عن حديث أم معبد
أحاديث نبوية شريفة تتعلق بـ حديث أم معبد من مصادر موثوقة.
🔍 صحة حديث حديث أم معبد
تحقق من درجة أحاديث حديث أم معبد (صحيح، حسن، ضعيف).
📖 تخريج حديث حديث أم معبد
تخريج علمي لأسانيد أحاديث حديث أم معبد ومصادرها.
📚 أحاديث عن حديث أم معبد
مجموعة شاملة من الأحاديث النبوية في موضوع حديث أم معبد.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Sunday, August 24, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب