الإسراء والمعراج - الأحاديث الصحيحة
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الكتب الستة
باب ما جاء في الإسراء والمعراج
قال الزهري: أسري برسول الله ﷺ إلى بيت المقدس قبل خروجه إلى المدينة بسنة، هكذا ذكر موسى بن عقبة عن ابن شهاب وهو قول عروة أيضًا، الدلائل للبيهقي (٢/ ٣٥٤ - ٣٥٥) هذا هو الصحيح ومنهم من حدد أنه ليلة سبع وعشرين من ربيع الأول قبل الهجرة. وكان الإسراء والمعراج في ليلة واحدة ومرة واحدة بالروح والجسد يقظة لا منامًا على رأي جمهور العلماء.
قال القرطبي: «عليه يدل ظاهر الكتاب، وصحيح الأخبار، ومبادرة قريش لإنكار ذلك وتكذيبه، ولو كان منامًا لما أنكروه، ولما افتتن به من افتتن، إذ كثيرًا ما يُرى في المنام أمور عجيبة وأهوال هائلة. فلا يستبعد ذلك في النوم، وإنما يستبعد في اليقظة» المفهم (١/ ٣٨٥).
فقال أنس بن مالك: فذكر أنه وجد في السماوات آدم وإدريس وعيسى وموسى وإبراهيم صلوات الله عليهم أجمعين، ولم يُثْبِتْ كيف منازِلُهم غير أنه ذكر أنه قد وجد آدم عليه السلام في السّماء الدّنيا وإبراهيم في السماء السّادسة. قال: فلمّا مرّ جبريل ورسول الله ﷺ بإدريس صلوات الله عليه، قال: مرحبًا بالنّبيّ الصّالح، والأخ الصّالح قال: ثم مرَّ فقلت: من هذا؟ فقال: هذا إدريس. قال: ثم مررت بموسى عليه
السلام، فقال: مرحبًا بالنّبي الصّالح والأخ الصالح. قال: قلت من هذا؟ قال: هذا موسى. قال: ثم مررتُ بعيسى، فقال: مرحبًا بالنّبي الصّالح والأخ الصّالح. قلت: من هذا؟ قال: هذا عيسى ابن مريم. قال: ثم مررتُ بإبراهيم عليه السلام، فقال: مرحبًا بالنّبي الصّالح والابن الصّالح. قال: قلت من هذا؟ قال: هذا إبراهيم».
قال ابنُ شهاب: وأخبرني ابنُ حزم أنّ ابن عباس وأبا حَبَّة الأنصاريَّ كانا يقولان قال رسول الله ﷺ: «ثم عرج بي حتى ظهرْتُ لمستوًى أسمعُ فيه صريفَ الأقلام».
قال ابنُ حزم، وأنس بن مالك: قال رسول الله ﷺ: «ففرض الله على أمّتي خمسين صلاة». قال: «فرجعت بذلك حتى أمر بموسى فقال موسى عليه السلام: ماذا فرض ربُّك على أمّتك؟ قال: قلت: فرض عليهم خمسين صلاة قال لي موسى عليه السلام: فراجِعْ ربَّك فإنَّ أمَّتَك لا تطيق ذلك. قال: فراجعت ربّي، فوضع شطرها. قال: فرجعت إلى موسى عليه السلام فأخبرته، قال: راجع ربك فإن أمتك لا تطيق ذلك قال فراجعت ربي فقال هي خمس وهي خمسون لا يبدل القول لدي قال: فرجعت إلى موسى فقال: راجع ربَّك فقلت: قد استحييت من ربي. قال: ثم انطلق بي جبريل حتى نأتي سدرةَ المنتهى فغشيها ألوانٌ لا أدري ما هي. قال: ثم أُدخلتُ الجنّةَ فإذا فيها جَنابذُ اللؤلؤ وإذا ترابُها المسك».
متفق عليه: رواه البخاريّ في الصلاة (٣٤٩)، ومسلم في الإيمان (١٦٣) كلاهما من حديث يونس، عن ابن شهاب، عن أنس بن مالك، قال: «كان أبو ذرّ يحدّث». فذكر الحديث مثله، واللّفظ لمسلم، ولفظ البخاريّ قريب منه.
وساق الحديث بقصته وذكر أنه لقي في السّماء الثّانية عيسى ويحيى عليهما السلام، وفي الثالثة يوسف، وفي الرّابعة، إدريس، وفي الخامسة هارون صلوات الله عليهم وسلّم. قال: ثم انطلقنا حتَّى انتهينا إلى السّماء السّادسة، فأتيت على موسى عليه السلام فسلّمتُ عليه، فقال: مرحبًا بالأخ الصالح والنّبي الصالح، فلما جاوزته بكى فنودي ما يبكيك؟ قال ربِّ هذا غلامٌ بعثته بعدي يدخل من أمّتِه الجنّة أكثرُ مِمّا يدخل من أمّتي! قال: ثم انطلقنا حتى انتهينا إلى السّماء السّابعة، فأتيت على إبراهيم.
وقال في الحديث: وحدّث نبي الله ﷺ أنّه رأى أربعة أنهار يخرج من أصلها نهران ظاهران ونهران باطنان، فقلت: يا جبريل ما هذه الأنهار؟ قال: أمّا النّهران الباطنان فنهران في الجنة، وأما الظّاهران فالنيل والفرات، ثم رُفع لي البيتُ المعمور. فقلت: يا جبريل، ما هذا؟ قال: هذا البيت المعمور يدخله كلَّ يوم سبعون ألف ملك إذا خرجوا منه لم يعودوا فيه آخر ما عليهم. ثم أتيتُ بإناءين أحدُهما خمرٌ والآخر لَبَنٌ فَعُرِضَا عليَّ فاخترتُ اللَّبنَ، فقيل: أصبتَ أصاب الله بك أمَّتَك على الفطرة، ثم فُرِضَتْ عليَّ كل يوم خمسون صلاةً ثم. ذكر قصتها إلى آخر الحديث».
متفق عليه: رواه البخاريّ في كتاب المناقب (٣٨٨٧)، ومسلم في الإيمان (١٦٤) كلاهما من حديث قتادة، قال: حدّثنا أنس بن مالك، عن مالك بن صعصعة، فذكره، واللّفظ لمسلم.
وفي لفظ البخاريّ بعد قوله: «لم يعودوا فيه آخر ما عليهم». «ورفعت لي سدرة المنتهى، فإذا نَبِقُها كأنّه قلال هَجَر، وورقها كأنّه آذان الفيول».
وقوله: «ثم فرضت عليّ كل يوم خمسون صلاة» ثم ذكر قصتها إلى آخر الحديث. وهو قوله ﷺ - كما في صحيح البخاريّ -: «فأقبلت حتى جئتُ موسى فقال: ما صنعتَ؟ قلتُ: فُرضتْ عليَّ خمسون صلاةً. قال: أنا أعلم بالنّاس منك، عالجتُ بني إسرائيل أشدَّ المعالجة، وإنَّ أمَّتك لا تطيق، فارْجِعْ إلى ربِّك فَسَلْه. فرجعتُ فسألته فجعلها أربعين، ثم مثله ثم ثلاثين، ثم مثله، فجعل عشرين، ثم مثله فجعل عشرًا، فأتيتُ موسى فقال: مثله، فجعلها خمسًا فأتيت موسى فقال: ما صنعت؟ قلت: جعلها خمسةً فقال: مثله. قلت: سلَّمت بخير فنُودي أنّي قد أمضيت فريضتي وخففت عن عبادي وأجزي الحسنة عشرا».
لبن فاخترت اللّبن. فقال جبريل ﷺ: اخترتَ الفِطْرةَ، ثم عَرَجَ بنا إلى السّماء فاستفتح جبريلُ، فقيل: من أنت؟ قال: جبريل. قيل: ومن معك؟ قال محمّد. قيل: وقد بُعث إليه؟ قال: قد بعث إليه ففتح لنا، فإذا أنا بآدم فرحب بي ودعا لي بخير، ثم عَرجَ بنا إلى السّماء الثّانية، فاستفتح جبريل عليه السلام، فقيل: مَنْ أنت؟ قال: جبريل. قيل: ومن معك؟ قال محمّد. قيل: وقد بُعث إليه؟ قال: قد بعث إليه، ففتح لنا، فإذا أنا بابني الخالة عيسى ابن مريم ويحيى بن زكريا صلوات الله عليهما فرحبا ودعوا لي بخير، ثم عرج بي إلى السماء الثالثة فاستفتح جبريل، فقيل: من أنت؟ قال: جبريل. قيل: ومن معك؟ قال: محمد ﷺ. قيل: وقد بُعث إليه؟ قال: قد بُعث إليه. ففتح لنا، فإذا أنا بيوسف ﷺ إذا هو قد أعطي شطر الحسن. فرحب ودعا لي بخير، ثم عرج بنا إلى السّماء الرّابعة فاستفتح جبريل عليه السلام، قيل: من هذا؟ قال: جبريل. قيل: ومن معك؟ قال: محمّد. قال: وقد بعث إليه؟ قال: قد بعث إليه، ففتح لنا، فإذا أنا بإدريس فرحّب ودعا لي بخير، قال الله عز وجل: ﴿وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا (٥٧)﴾ [مريم: ٥٧]، ثم عرج بنا إلى السّماء الخامسة، فاستفتح جبريل، قيل: من هذا؟ قال: جبريل. قيل: ومن معك؟ قال: محمّد. قيل: وقد بعث إليه؟ قال: قد بعث إليه. ففتح لنا فإذا أنا بهارون ﷺ فرحّب ودعا لي بخير، ثم عرج بنا إلى السماء السادسة، فاستفتح جبريل عليه السلام قيل: من هذا؟ قال: جبريل. قيل: ومن معك؟ قال: محمّد. قيل: وقد بعث إليه؟ قال: قد بعث إليه، ففتح لنا فإذا أنا بموسى ﷺ فرحّب ودعا لي بخير، ثم عرج إلى السماء السّابعة، فاستفتح جبريل، فقيل: من هذا؟ قال: جبريل. قيل: ومن معك؟ قال: محمّد ﷺ. قيل: وقد بُعث إليه؟ قال: قد بعث إليه. ففتح لنا فإذا أنا بإبراهيم ﷺ مسندًا ظهره إلى البيت المعمور وإذا هو يدخله كلّ يوم سبعون ألف ملك لا يعودون إليه، ثم ذهب بي إلى السّدرة المنتهى وإذا ورقها كآذان الفيلة وإذا ثمرها كالقلال. قال: فلما غشيها من أمر الله ما غشي تغيّرت فما أحد من خلق الله يستطيع أن ينعتها من حُسنها، فأوحى الله إليَّ ما أوحى ففرض عليَّ خمسين صلاةً في كلِّ يوم وليلة، فنزلت إلى موسى ﷺ فقال: ما فرض ربُّك على أمَّتِك؟ قلت: خمسين صلاة. قال: ارجع إلى ربِّك فاسأله التّخفيف؛ فإنّ أمَّتك لا يطيقون ذلك، فإنّي قد بلوت بني إسرائيل وخبرتهم، قال: فرجعت إلى ربّي، فقلت: يا ربّ! خَفِّفْ على أمَّتي، فحطَّ عنّي خمسًا، فرجعت إلى موسى، فقلت حطّ عنّي
خمسًا. قال: إنّ أمّتك لا يطيقون ذلك فارجع إلى ربِّك فاسأله التّخفيف، قال: فلم أزل أرجع بين ربي تبارك وتعالى وبين موسى عليه السلام حتى قال: يا محمّد إنّهنّ خمسُ صلوات كل يوم وليلة لكل صلاة عشر فذلك خمسون صلاة، ومن همَّ بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة، فإن عملها كتبتْ له عشرًا، ومن هم بسيئة فلم يعملها لم تكتب شيئًا فإن عملها كتبت سيئة واحدة، قال: فنزلت حتى انتهيت إلى موسى ﷺ فأخبرتُه، فقال: ارجع إلى ربّك فاسأله التّخفيف. فقال رسول الله ﷺ فقلت: قد رجعت إلى ربي حتى استحييت منه».
صحيح: رواه مسلم في الإيمان (١٦٢) عن شيبان بن فروخ، حدّثنا حمّاد بن سلمة، حدّثنا ثابت البنانيّ، عن أنس بن مالك، فذكره.
قال: نعم. قالوا: مرحبًا به وأهلًا، ثم عُرِج به إلى السّماء الثّالثة، وقالوا له مثل ما قالت الأولى والثانية، ثم عرج به إلى الرابعة، فقالوا له مثل ذلك، ثم عرج به إلى السماء الخامسة فقالوا مثل ذلك، ثم عرج به إلى السّماء السّادسة فقالوا له مثل ذلك، ثم عرج به إلى السماء السّابعة فقالوا له مثل ذلك كلّ سماء فيها أنبياء قد سمّاهم فوعيت منهم إدريس في الثانية، وهارون في الرّابعة، وآخر في الخامسة لم أحفظ اسمه، وإبراهيم في السّادسة وموسى في السّابعة بتفضيل كلام الله فقال موسى: ربّ لم أظن أن ترفع عليَّ أحدًا، ثم علا به فوق ذلك بما لا يعلمه إلا الله، حتى جاء سدرة المنتهى، ودنا الجبار ربّ العزة فتدلى حتى كان منه قاب قوسين أو أدنى، فأوحى الله فيما أوحى إليه خمسين صلاة على أمَّتِك كلّ يوم وليلة، ثم هبط حتى بلغ موسى فاحتبسه موسى فقال: يا محمد ماذا عهد إليك ربك؟ قال: عهد إليّ خمسين صلاةً كلّ يوم وليلة. قال: إنّ أمّتك لا تستطيع ذلك فارجع فليخفف عنك ربّك وعنهم، فالتفت النبي ﷺ إلى جبريل كأنه يستشيره في ذلك فأشار إليه جبريل: أنْ نعم إنْ شئتَ، فعلا به إلى الجبار، فقال: وهو مكانه يا رب! خفِّفْ عنا فإنّ أمتي لا تستطيع هذا فوضع عنه عشر صلوات، ثم رجع إلى موسى فاحتبسه فلم يزل يردده موسى إلى ربّه حتى صارت إلى خمس صلوات، ثم احتبسه موسى عند الخمس، فقال: يا محمد! والله! لقد راودت بني إسرائيل قومي على أدنى من هذا فضعفوا فتركوه فأمتك أضعف أجسادًا وقلوبًا وأبدانًا وأبصارًا وأسماعًا فارجع فليخفف عنك ربّك كل ذلك يلتفت النبيّ ﷺ إلى جبريل ليشير عليه ولا يكره ذلك جبريل، فرفعه عند الخامسة فقال: يا ربّ! إنّ أمتي ضعفاء أجسادهم وقلوبهم وأسماعهم وأبدانهم فخفف عنّا. فقال الجبار: يا محمد! قال: لبيك وسعديك. قال: إنّه لا يبدل القول لديّ كما فرضت عليك في أمِّ الكتاب، قال: فكلُّ حسنةٍ بعشر أمثالِها فهي خمسون في أم الكتاب وهي خمس عليك، فرجع إلى موسى فقال: كيف فعلت؟ فقال: خفف عنّا أعطانا بكل حسنة عشر أمثالها. قال موسى: قد والله! راودت بني إسرائيل على أدنى من ذلك فتركوه ارجع إلى ربّك فليخفف عنك أيضًا. قال رسول الله ﷺ يا موسى! قد والله! استحييت من ربّي ممّا اختلفت إليه. قال: فاهبطْ باسم الله. قال: واستيقظ وهو في مسجد الحرام».
متفق عليه: رواه البخاريّ في التوحيد (٧٥١٧)، ومسلم في الإيمان (١٦٢) كلاهما من حديث
سليمان بن بلال، عن شريك بن عبد الله أنه قال: سمعت ابن مالك يقول: فذكر الحديث بطوله، واللّفظ للبخاريّ.
ولفظ مسلم مختصر وقال: «وساق الحديث بقصته نحو حديث ثابت البنانيّ. وقدّم فيه شيئًا وأخّر، وزاد ونقص». انتهى.
والذي يظهر أن مسلمًا لم يسق لفظ الحديث كاملًا لما وقع فيه من الأوهام من شريك بن عبد الله، وهو ابن أبي نمر، وإنما أحال على حديث ثابت البنانيّ، وليس في حديث ثابت البناني الأوهام التي في حديث شريك، وأما البخاريّ رحمه الله تعالى ساق حديث شريك بن عبد الله كما سمعه.
فمن الأوهام التي وقعت في حديث شريك بن عبد الله قوله: «ودنا الجبّار ربُّ العزّة فتدلّى حتى كان منه قاب قوسين أو أدنى».
وهذا لم يذكره ثابتٌ، وقد ثبت في الصحيحين عن عائشة وابن مسعود أنّ قوله تعالى: ﴿ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى (٨) فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى (٩)﴾ [سورة النجم: ٨، ٩] قالا: ذاك جبريل، كان يأتيه في صورة الرّجل، وإنّما أتى هذه المرة في صورته فسدَّ الأفق».
وقد جمع الحافظ ابن حجر في «الفتح» (١٣/ ٤٨٠) المخالفات التي وقعت في حديث شريك فأجاب عن البعض واعترف عن البعض الآخر، ومن المخالفات في هذا الحديث قوله: «قبل أن يوحى إليه». فقد أنكر العلماء على شريك بن عبد الله في رواية هذه اللّفظة، لأنّ الإسراء وقع بعد مبعثه ﷺ بخمسة عشر شهرًا، بل قال الزهريّ كان ذلك بعد خمس سنين من مبعثه فهذه من الأوهام التي وقعت من شريك بن عبد الله، لم يوافق عليه أحد.
ولذا قال الحافظ ابن القيم في «زاد المعاد»: «هذا مما عُدَّ من أغلاط شريك الثمانية».
صحيح: رواه أبو داود (٤٨٧٨) وأحمد (٣٣٤٠) ومن طريقه الضياء في المختارة (٢٢٨٥) كلهم من طريق أبي المغيرة الخولاني، حدثنا صفوان السكسكي، حدثني راشد بن سعد وعبد الرحمن بن جبير، عن أنس، فذكره. وإسناده صحيح.
صحيح: رواه أبو يعلى (٤٠٦٩)، والبيهقيّ في شعب الإيمان (٤٩٦٥) من طريق معتمر بن سليمان، وأبو نعيم في الحلية (٨/ ١٧٢) من طريق ابن المبارك - كلاهما عن سليمان التّيميّ، عن
أنس. وهذا الإسناد صحيح.
ورواه الإمام أحمد (١٢٢١١) من وجه آخر عن علي بن زيد، عن أنس.
وعلي بن زيد هو ابن جدعان ضعيف، إلّا أنّه توبع في الإسناد الأوّل. وصحّحه ابنُ حبان (٥٣)، ورواه من وجه آخر عن أنس بن مالك، فذكر مثله.
صحيح: رواه عبد الرزّاق في «تفسيره» (١٥٣٣)، وعنه الإمام أحمد (١٢٦٧٢)، والتّرمذيّ (٣١٣١) من طريق عبد الرّزاق، عن معمر، عن قتادة، عن أنس، فذكر الحديث. وإسناده صحيح.
قال الترمذيّ: «هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلّا من حديث عبد الرّزاق».
وقوله: «فارفضَّ» أي سال.
متفق عليه: رواه البخاريّ في أحاديث الأنبياء (٣٤٣٧)، ومسلم في الإيمان (١٦٨) كلاهما من حديث عبد الرزّاق، أخبرنا معمر، عن الزهريّ، قال: أخبرني سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، فذكر الحديث.
قوله: «ربعة» يقال: رجل ربعة ومربوع - أي بين الطّويل والقصير.
وقوله: «ديماس» قال الجوهريّ في صحاحه في هذا الحديث، قوله: «خرج من ديماس» يعني في نضارته، وكثرة ماء وجهه، كأنّه خرج من كِنٍّ لأنّه قال في وصفه: كأنّ رأسه يقطر ماءً.
وفي البخاريّ (٤٧٠٩) من وجه آخر عن يونس، عن ابن شهاب، بإسناده وفيه: قال أبو هريرة: «أتي رسول الله ﷺ ليلة أسري به بإيلياء بقدَحين من خمر ولبن، فنظر إليهما، فأخذ اللّبن. قال جبريل: الحمد لله الذي هداك للفطرة، لو أخذت الخمر غوتْ أمَّتُك».
والبياض سبْط الرّأس، ورأيتُ مالكًا خازن النّار والدّجال، في آيات أراهنّ الله إيّاه قال تعالى: ﴿فَلَا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَائِهِ﴾ [السجدة: ٢٣]».
متفق عليه: رواه البخاريّ في بدء الخلق (٣٢٣٩)، ومسلم في الإيمان (١٦٥) كلاهما عن محمد بن بشّار، حدّثنا غندر (وهو محمد بن جعفر)، حدّثنا شعبة، عن قتادة، عن أبي العالية، حدّثنا ابنُ عمّ نبيّكم - يعني ابن عباس، فذكره.
واللّفظ للبخاريّ، ولفظ مسلم مختصر، ولكن رواه مسلم من وجه آخر عن قتادة بإسناده مثل لفظ البخاريّ.
قوله: «طُوالًا» أي طويل، وهما لغتان.
قوله: «جعدًا» المراد بالجعد هنا جعودة الجسم، وهو اجتماعه واكتنازه، وليس المراد جعودة الشّعر.
وقوله: «شنوءة» وهي قبيلة معروفة في اليمن، ومنه أزد شنوءة وهم حي من اليمن.
صحيح. رواه مسلم في الإيمان (١٦٦: ٢٧٠) عن محمد بن المثنى، حدّثنا ابن أبي عدي، عن ابن عون، عن مجاهد، قال: كنّا عند ابن عباس، فذكره.
قال ابن حنبل في حديثه: قال هشيم: يعني ليفًا «وهو يلبي». كذا في المسند.
صحيح: رواه مسلم في الإيمان (١٦٦) عن أحمد بن حنبل، وسريج بن يونس، قالا: حدّثنا هُشيم، أخبرنا داود بن أبي هند، عن أبي العالية، عن ابن عباس، فذكره. وهو في مسند الإمام أحمد (١٨٥٤).
قوله: «الجؤار» رفع الصّوت والاستغاثة.
ورواه أيضًا مسلم من وجه آخر عن داود بإسناده وفيه قال ابن عباس:
«سرنا مع رسول الله ﷺ بين مكة والمدينة».
وفيه أيضًا: «خطام ناقته ليفٌ خُلْبة».
صحيح: رواه الإمام أحمد (٢٨١٩)، والبزّار - كشف الأستار (٥٦) -، والطبرانيّ (١٢٧٨٢) كلهم من طريق عوف بن أبي جميلة، عن زرارة بن أوفى، عن ابن عباس، فذكره، واللّفظ لأحمد. وإسناده صحيح.
لي إليك حاجة، قال: وما حاجتك؟ قالت: أحب أن تجمع عظامي وعظام ولدي في ثوب واحد، وتدْفنّا. قال: ذلك لك علينا من الحق، قال: فأمر بأولادها فألقوا بين يديها، واحدًا واحدًا، إلى أن انتهى ذلك إلى صبي لها مرضع، كأنها تقاعست من أجله، قال: يا أمه، اقتحمي، فإن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة. فاقتحمت».
قال: قال ابن عباس: تكلم أربعة صغار: عيسى ابن مريم عليه السلام، وصاحب جريج، وشاهد يوسف، وابن ماشطة ابنة فرعون.
صحيح: رواه الإمام أحمد (٢٨٢١) عن أبي عمر الضرير، أخبرنا حماد بن سلمة، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، فذكره.
وإسناده صحيح، عطاء بن السائب ثقة، وثّقه الأئمة إلا أنه اختلط في آخر عمره لكن حماد بن سلمة سمع منه قبل الاختلاط. انظر تخريجه بالتفصيل في كتاب الإيمان , باب إثبات العلو لله تعالى.
وأما ما رواه ابن ماجه (٤٠٣٠) عن ابن عباس، عن أبي بن كعب نحوه ففيه سعيد بن بشير ضعيف.
حسن: نحن نصدّق محمّدًا بما يقول، فارتدُّوا كفّارًا، فضرب الله أعناقهم مع أبي جهل، وقال: أبو جهل: يُخوفنا محمّدٌ بشجرة الزّقوم! هاتُوا تَمرًا وزُبْدًا فتزَقَّمُوا. ورأى الدَّجال في صورته رؤيا عين ليس رؤيا منام، وعيسى، وموسى، وإبراهيم صلوات الله عليهم، فسُئل النّبيُّ ﷺ عن الدّجّال؟ فقال: «أقمرُ هِجانٌ - قال حسنٌ: قال: رأيته فيلمانيًّا أقمر هِجانًا - إحدى عينيه قائمةٌ كأنها كوكب دُريّ، كأن شعرَ رأسه أغصانُ شجرة، ورأيت عيسى شابًا أبيض جعد الرّأس، حديد البصر، مُبَطَّن الخلق، ورأيتُ موسى أَسْحَمَ آدم، كثير الشَّعر - قال حسن: الشَّعْرة - شديدَ الخلق، ونظرت إلى إبراهيم فلا أنظر إلى إرْبٍ من آرابه إلا نظرت إليه منّي كأنّه صاحبكم، فقال جبريل عليه السلام: سلِّم على مالك فسلمتُ عليه».
حسن: رواه الإمام أحمد (٣٥٤٦)، وأبو يعلى (٢٧٢٠) كلاهما من حديث الحسن بن موسى، حدّثنا ثابت أبو زيد، عن هلال، عن عكرمة، عن ابن عباس، فذكره واللّفظ لأحمد. وإسناده حسن من أجل هلال وهو ابن خباب مختلف فيه غير أنه حسن الحديث.
قال الهيثمي في «المجمع» (١/ ٦٦ - ٦٧): «رواه أحمد ورجاله ثقات إلا أنّ هلال بن خباب قال يحيى القطّان: أنه تغيّر قبل موته، وقال يحيى بن معين: لم يتغير ولم يختلط، ثقة مأمون. ورواه أبو يعلى وزاد: «ورأى الدّجال في صورته رؤيا عين ليس رؤيا منام، وعيسى ابن مريم،
وإبراهيم. قال: فسُئل النّبي ﷺ عن الدّجال؟ فقال: «رأيته فَيْلَمانيا أَقْمر هِجَانًا، إحدى عينيه قائمةٌ كأنّها كوكب دُرّيّ، كأنَّ شعره أغصان شجرة، ورأيت عيسى شابًا أبيضَ، جعد الرأس، حديد البصر، مُبَطَّن الخلق، ورأيت موسى أَسْحم آدم كثير الشّعر شديدَ الخلق، ورأيت إبراهيم فلا أنظر إلى إرب من آرابه إلّا نظرت إليه كأنه صاحبكم. قال: وقال لي جبريل عليه السلام: سلِّم على أبيك، وسلَّمتُ عليه».
وأخرجه ابن كثير في تفسيره من طريق أحمد وقال: «ورواه النسائيّ (أي في الكبرى (١١٤٨٤) من حديث أبي زيد ثابت بن يزيد، عن هلال - وهو ابن خبّاب -، به. وهو إسناد صحيح». انتهى.
وقوله: «الفَيْلماني» منسوب إلى الفَيْلم، والفَيْلم العظيم الضّخم الجثّة.
وقوله: «الأقمر» الأبيض.
وقوله: «الإرب» العضو.
صحيح: رواه البخاري في مناقب الأنصار (٣٨٨٨) عن الحميدي، حدتنا سفيان، حدثنا عمرو، عن عكرمة، عن ابن عباس فذكره.
وقيل: هذه الرؤيا لا علاقة له بالإسراء، لأن الإسراء كان في اليقظة، ولذا فسر عكرمة الرؤيا في هذه الآية هي دخول المسجد الحرام، والفتنة الصد بالحديبية. ذكره القرطبي في المفهم (١/ ٣٨٥)
قال: فلما دخل النبي ﷺ المسجد الأقصى قام يصلي، ثم التفت فإذا النبيون أجمعون يصلون
معه، فلما انصرف جيء بقدحين، أحدهما عن اليمين، والآخر عن الشمال، في أحدهما لبن، وفي الآخر عسل، فأخذ اللبن فشرب منه، فقال الذي كان معه القدح: أصبت الفطرة.
حسن: رواه أحمد (٢٣٢٤) عن عثمان بن محمد - وسمعته أنا منه - حدثنا جرير، عن قابوس، عن أبيه، عن ابن عباس فذكره.
وإسناده حسن من أجل قابوس وهو ابن أبي ظبيان مختلف فيه غير أنه حسن الحديث إذا لم يخالف أو لم يأتي بالمناكير، ولفقرات حديثه هذا شواهد كثيرة.
وقوله: الوجس: هو صوت خفي.
وفي رواية: «دحية بن خليفة».
صحيح: رواه مسلم في الإيمان (١٦٧) من طرق عن اللّيث بن سعد، عن أبي الزبير، عن جابر، فذكره.
حسن: رواه الترمذيّ (٣١٤٧) عن ابن أبي عمر، حدّثنا سفيان، عن مسعر، عن عاصم بن أبي النّجود، عن زرّ بن حبيش، قال (فذكر الحديث).
ورواه الإمام أحمد (٢٣٢٨٥)، وصحّحه ابن حبان (٤٥)، والحاكم (٢/ ٣٥٩) كلّهم من طرق عن عاصم بن أبي النّجود.
قال الحاكم: «صحيح الإسناد ولم يخرجاه».
قال الأعظمي: هو حسن من أجل عاصم بن أبي النّجود فإنّه حسن الحديث.
وأمّا نفي حذيفة رضي الله عنه صلاة النبيّ ﷺ في بيت المقدس فبناء على اجتهاد منه، وإلّا فقد ثبت في حديث ابن مسعود وأنس وأبي هريرة وغيرهم أنه صلى فيه، والمثبت مقدم على النافي.
وأمّا قوله: «لو كان رسول الله ﷺ صلّى هناك لوجب على أمّته أن يأتوا ذلك المكان، ويُصلّوا فيه كما فعل ﷺ». فإنّ ذلك مما لا حجّة لحذيفة فيه، إذ كان رسول الله ﷺ يأتي مواضع ويصلي فيها، ولم يكتب علينا إتيانها ولا الصّلوات فيها. انظر للمزيد «مشكل الآثار» (١٢/ ٥٤٤) للطّحاويّ.
حسن: رواه الترمذيّ (٣١٣٢)، وصحّحه ابنُ حبان (٤٧)، والحاكم (٢/ ٣٦٠)، كلّهم من طريق الزبير بن جُنادة، عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه، فذكره.
وفي لفظ ابن حبان: «فخرق جبريل الصّخرة بإصبعه».
قال الترمذيّ: «حسن غريب».
قال الأعظمي: وإسناده حسن من أجل الزبير بن جنادة، فقد وثّقه ابن معين كما في سؤالات ابن الجنيد (ص ٢٧٩)، وروى عنه عددٌ، وذكره ابن حبان في الثقات، وأخرج حديثه في صحيحه، وقال الحاكم: مروزيّ ثقة، وقال أبو حاتم: شيخ ليس بالمشهور - أي ليس له كثير الرّوايات، وذكره الذّهبيّ في «الميزان» وقال: «أخطأ من قال فيه: جهالة، ولولا أن ابن الجوزيّ ذكره، ذكرته».
قال الأعظمي: فمثله يحسّن حديثه، وانظر حديث أنس الطّويل في ربط البراق بالحلقة التي يربط بها الأنبياء، وليس بين الحديثين خلاف، فإنّ الحلقة لعلّها كانتْ في الصّخرة.
بيثرب، صليت بطيبة، فانطلقتْ تهوي بنا يقع حافرها حيث أدرك طرفها، ثم بلغنا أرضًا فقال: انزل، فنزلتُ، ثم قال: صلِّ فصليتُ، ثم ركبنا، فقال: أتدري أين صليت؟ قلت: الله أعلم، قال: صليتَ بمدين، صليتَ عند شجرة موسى عليه السلام، ثم انطلقتْ تهوى بنا يقع حافرها حيث أدرك طرفها، ثم بلغنا أرضًا بدتْ لنا قصور، فقال: انزل فنزلت، فقال: صلِّ فصليتُ، ثم ركبنا، قال: أتدري أين صليت؟ قلت: الله أعلم. قال: صليت ببيت لحم، حيث وُلد عيسى عليه السلام المسيح ابن مريم، ثم انطلق بي حتى دخلنا المدينة من بابها اليماني، فأتى قبلة المسجد فربط به دابته ودخلنا المسجد من باب فيه تميل الشّمس والقمر، فصليتُ من المسجد حيث شاء الله وأخذني من العطش أشدّ ما أخذني، فأتيتُ بإناءين في أحدهما لبن، وفي الآخر عسل، أُرْسِلَ إليَّ بهما جميعًا، فعدلتُ بينهما ثم هداني الله عز وجل فأخذت اللّبن فشربت، حتى قرعت به جبيني وبين يدي شيخ متكئ على مثْراةٍ له فقال: أخذ صاحبُك الفطرة أنه ليُهدى، ثم انطلق لي حتى أتينا الوادي الذي في المدينة، فإذا جهنّم تنكشف عن مثل الزَّاربيِّ، قلت: يا رسول الله! كيف وجدتها؟ قال: مثل الحمة السخنة، ثم انصرف بي فمررنا بعير لقريش بمكان كذا وكذا قد أضلّوا بعيرًا لهم فجمعه فلان، فسلمت عليهم فقال: بعضهم هذا صوت محمد، ثم أتيتُ أصحابي قبل الصبح بمكة فأتاني أبو بكر رضي الله عنه، فقال: يا رسول الله! أين كنت اللّيلة فقد التمستُك في مكانك. فقال: علمت أني أتيتُ بيت المقدس اللّيلة، فقال: يا رسول الله! إنّه مسيرة شهر فصفه لي. قال: فَفُتِح لي صراط كأني أنظر فيه لا يسلني عن شيء إلّا أنبأته عنه، قال أبو بكر: أشهد أنّك رسول الله، فقال المشركون: انظروا إلى ابن أبي كبشة يزعم أنه أَتى بيت المقدس اللّيلة، قال: فقال: إنّ من آية ما أقول لكم أنّي مررتُ بعير لكم بمكان كذا وكذا قد أضلّوا بعيرًا لهم فجمعه فلان، وإن مسيرهم ينزلون بكذا ثم بكذا، ويأتونكم يوم كذا وكذا يقدمُهم جمل آدم عليه مسح أسود وغرارتان سوداوان، فلما كان ذلك اليوم أشرف الناس ينتظرون حتى كان قريب من نصف النّهار حتى أقبلت العير يقدمهم ذلك الجمل الذي وصفه رسول الله ﷺ».
حسن: رواه البيهقيّ في «الدّلائل» (٢/ ٣٥٥ - ٣٥٧) قال: وأخبرنا أبو الحسين علي بن محمد بن عبد الله بن بشران العدل ببغداد، واللّفظ له، قال: أخبرنا أبو أحمد حمزة بن محمد بن العباس، قال: حدّثنا محمد بن إسماعيل أبو إسماعيل التّرمذيّ، قال: حدّثنا إسحاق بن إبراهيم بن
العلاء بن الضّحاك الزّبيديّ، قال: حدّثنا عمرو بن الحارث، عن عبد الله بن سالم الأشعريّ، عن الزّبيديّ محمد بن الوليد بن عامر، قال: حدّثنا الوليد بن عبد الرحمن، أنّ جبير بن نُفير، قال: حدّثنا شدّاد بن أوس، قال: فذكر الحديث.
قال البيهقيّ: هذا إسناد صحيح، ورُوي ذلك مفرّقًا في أحاديث غيره، ونحن نذكر من ذلك إن شاء الله تعالى ما حضرنا».
قال الحافظ ابن كثير في «تفسيره» بعد أن نقل قول البيهقيّ: «ثم ساق أحاديث كثيرة في الإسراء كالشّاهد لهذا الحديث. وقد روي هذا الحديث عن شدّاد بن أوس بطوله الامامُ أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم في تفسيره، عن أبيه، عن إسحاق بن إبراهيم بن العلاء الزّبيدي، به، ولا شكّ أنّ هذا الحديث - أعني الحديث المروي عن شدّاد بن أوس - مشتمل على أشياء منها ما هو صحيح كما ذكره البيهقيّ، ومنها ما هو منكر، كالصّلاة في بيت لحم، وسؤال الصّديق عن نعت بيت المقدس وغير ذلك» انتهى.
قال الأعظمي: لعل بعض النكارة كان سببها إسحاق بن إبراهيم بن العلاء الزبيدي المعروف بابن زبريق مختلف فيه فأثنى عليه ابن معين خيرًا، وقال أبو حاتم: شيخ لا بأس به، ولكنهم يحسدونه، وضعّفه النسائي وأما قول محمد بن عوف الحمصي أنه كان يكذب فهو بعيد.
والخلاصة فيه: أنه حسن الحديث إلا في جمل يسيرة أخطأ فيها.
حسن: رواه الحاكم (٣/ ٦٢) ومن طريقه البيهقيّ في الدّلائل (٢/ ٣٦٠ - ٣٦١) من طريق محمد بن كثير الصّنعانيّ، قال: حدّثنا معمر بن راشد، عن الزّهريّ، عن عروة، عن عائشة، فذكرته.
قال الحاكم: صحيح الإسناد.
قال الأعظمي: إسناده حسن من أجل الكلام في محمد بن كثير الصّنعانيّ. والخلاصة: أنه حسن الحديث في الشّواهد.
قال ابن شهاب: قال أبو سلمة بن عبد الرحمن فذكر القصة وقال: فبها سمي أبو بكر الصديق رضي الله عنه.
انظر: الدلائل للبيهقي (٢/ ٣٦٠).
وأمّا ما رواه البيهقيّ في الدّلائل (٢/ ٣٩٠ - ٣٩٦) عن أبي سعيد الخدريّ، عن النّبيّ ﷺ، فذكر حديث الإسراء بطوله.
رواه من طريق أبي هارون العبديّ، عن أبي سعيد الخدريّ.
فأبو هارون العبديّ وهو عمارة بن جوين، قال النسائي والحاكم: «متروك». وقال الجوزجاني: «كذاب مفتر» وضعّفه غيرهم.
وساقه ابن كثير في تفسيره بطوله عن البيهقيّ وقال: «ورواه ابنُ أبي حاتم، عن أبيه، عن أحمد بن عبدة، عن أبي عبد الصّمد عبد العزيز بن عبد الصّمد، عن أبي هارون العبديّ، عن أبي سعيد الخدريّ، فذكر نحوه - بسياق طويل حسن أنيق، أجود مما ساقه غيره على غرابته، وما فيه من النّكارة. ثم قال: وأبو هارون العبديّ - واسمه عمارة بن جوين، وهو مضعَّف عند الأئمّة».
وكذلك ما رواه أبو جعفر بن جرير الطّبريّ في «تفسيره» عن علي بن سهل، حدّثنا حجّاج، حدّثنا أبو جعفر الرّازيّ، عن الرّبيع بن أنس، عن أبي العالية الرّياحيّ، عن أبي هريرة، أو غيره - شك أبو جعفر - في حديث طويل.
ورواه أيضًا البيهقيّ في «الدّلائل» (٢/ ٣٩٧ - ٤٠٣) من طريق أبي جعفر - وهو عيسى بن ماهان - بإسناده.
وأورده الحافظ ابن كثير في «تفسيره» وقال: «أبو جعفر الرّازيّ قال فيه الحافظ أبو زرعة الرّازيّ: يهم في الحديث كثيرًا، وقد ضعّفه غيره أيضًا، ووثّقه بعضهم، والأظهر أنّه سيء الحفظ، ففيما تفرّد به نظر. وهذا الحديث في بعض ألفاظه غرابة ونكارة شديدة، وفيه شيء من المنام من رواية سمرة بن جندب في المنام الطّويل عند البخاريّ، ويُشبه أن يكون مجموعًا من أحاديث شتّى، أو منام أو قصّة أخرى غير الإسراء، والله أعلم» انتهى.
وكذلك ما رُوي عن عبد الرحمن بن قرط، أنّ رسول الله ﷺ ليلة أسري إلى المسجد الأقصى كان بين المقام وزمزم، وجبريل عن يمينه، وميكائيل عن يساره، فطارا به حتى بلغ السّماوات السّبع، فلما رجع قال: سمعتُ تسبيحًا في السماوات العلى مع تسبيح كثير، سبحت السماوات العلى من ذي المهابة مشفقات لذي العلو بما علا سبحان العلي الأعلى سبحانه وتعالى».
رواه الطّبرانيّ عن علي بن عبد العزيز، ثنا سعيد بن منصور، ثنا مسكين بن ميمون مؤذن مسجد الرّملة، عن عروة بن رُويم، عن عبد الصّمد بن قرط، فذكره.
قال الطبرانيّ: لا يُروى عن النّبيّ ﷺ إلّا بهذا الإسناد، تفرّد به سعيد. انظر»مجمع البحرين (٥٨).
وأورده الهيثميّ في: المجمع (١/ ٧٨) وقال: «فيه مسكين بن ميمون، ذكر له الذّهبي هذا الحديث وقال: إنّه منكر». أي في: الميزان (٤/ ١٠١).
وكذلك ما رُوي عن ابن مسعود، عن النّبيّ ﷺ قال: «لقيتُ ليلة أُسري بي إبراهيم، وموسى،
وعيسى. قال: فتذاكروا أمرَ السّاعة، فردُّوا أمرهم إلى إبراهيم، فقال: لا علْمَ لي بها، فرَدُّوا الأمرَ إلى موسى، فقال: لا علمَ لي بها، فردُّوا الأمر إلى عيسى، فقال: أمّا وَجْبتُها، فلا يعلمُها أحدٌ إلّا الله، ذلك وفيما عهد إليَّ ربّي عز وجل أنّ الدّجال خارج، قال: ومعي قضيبين، فإذا رآني ذاب كما يذوب الرَّصاص، قال: فيُهلكُه الله، حتَّى إنّ الحَجَر والشَّجر ليقولُ: يا مسلم، إنّ تحتي كافرًا، فتعالَ فاقْتُلْه، قال: فيُهلِكُهم الله، ثم يرجعُ النّاسُ إلى بلادهم وأوطانهم، قال: فعند ذلك يخرج يأجوج ومأجوج، وهم من كلِّ حَدَب يَنْسلون، فيطؤون بلادَهم، لا يأتون على شيء إلّا أهلكوه، ولا يمُرُّون على ماءٍ إلّا شَرِبوه، ثم يرجعُ النّاسُ إليَّ فيشكونهم، فأدعو الله عليهم، فيهلكهم الله ويميتُهم، حتى تَجْوى الأرضُ من نَتْن رِيحهم، قال: فيُنزلُ الله عز وجل المطرَ، فَتَجْرُفُ أجسادهم حتى يقذفهم في البحر». قال أبي: ذهب عليَّ هاهنا شيءٌ لم أفهمه، كأديم، وقال يزيد - يعني ابن هارون -: «ثم تُنْسفُ الجبالُ، وتُمدُّ الأرضُ مدَّ الأديم». ثم رجع إلى حديث هُشيم، قال: «ففيما عهد إليَّ ربّي عز وجل: أنّ ذلك إذا كان كذلك، فإنَّ السّاعةَ كالحامِل المُتِمِّ، التي لا يَدري أهلُها متى تفجَؤُهم بولادتِها ليلًا أو نهارًا».
رواه الإمام أحمد (٣٥٥٦) عن هشيم، أخبرنا العوّام بن حوشب، عن جبلة بن سُحيم، عن مُؤْثِر بن عَفازة، عن ابن مسعود، فذكره.
وفيه مؤثر بن عفازة - بالعين - لم يوثّقه غير ابن حبان فهو في عداد المجهولين، كما اختلف في رفعه ووقفه.
فرواه هُشيم، عن العوّام بن حوشب هكذا مرفوعًا.
ورواه يزيد بن هارون، عن العوام بن حوشب موقوفًا.
ومن طريقه رواه ابن ماجه (٤٠٨١)، والحاكم (٤/ ٤٨٨ - ٤٨٩) وقال: «حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. وهو تساهل منهما كما أن في متنه ما ينكر عليه، منها قوله: «فتذاكروا أمر السّاعة».
وقد رُوي عن ابن مسعود ما هو أغرب منه، وهو ما رواه الحسن بن عرفة في جزئه المشهور. (رقم ٦٩) أورده الحافظ ابن كثير في تفسيره وقال: «إسناد غريب ولم يخرجوه، فيه من الغرائب ...».
وفي الباب عن أم هانئ في حديث طويل. رواه أبو يعلى في معجمه (١٠) عن محمد بن إسماعيل بن علي الأنصاري، حدثنا ضمرة بن ربيعة، عن يحيى بن أبي عمرو الشيباني، عن أبي صالح مولى أم هانئ، عن أم هانئ قالت: فذكرت الحديث. وأورده الحافظ في المطالب العالية (١٧/ ٢٧٩).
ومحمد بن إسماعيل بن علي هو الوساوسي البصري، قال أحمد بن عمرو البزار الحافظ: كان يضع الحديث، وقال الدارقطني وغيره: ضعيف.
وقال الذهبي في الميزان (٣/ ٤٨١) بعد أن نقل تضعيفه عن هؤلاء: له حديث في الإسراء سقته
في الترجمة النبوية، أي تاريخ الإسلام ص ٢٤٦، وقال فيه: «هو حديث غريب، الوساوسي ضعيف تفرد به».
قال الأعظمي: في متنه نكارة مثل ذكر صلاة الصبح، والصلاة لم تفرض إلا في المعراج.
وذكرها الحافظ ابن حجر في الإصابة (١٤/ ٢٣٩) في ترجمة نبعة الحبشية جارية أم هانئ وقال: ذكرها أبو موسى في «الذيل». وذكر من طريق الكلبي، عن أبي صالح مولى أم هانئ، عن أم هانئ بنت أبي طالب في مسرى رسول الله ﷺ أنها كانت تقول: ما أسري به إلا وهو في بيتي نائم عندي تلك الليلة فصلى العشاء الآخرة، ثم نام ونمنا، فلما كان الصبح أهبّنا لنصلي الصبح فصلينا معه قال: «يا أم هانئ ... فذكر قصة الإسراء.
ثم قال: وأخرجه أبو يعلى وروايته أصح من رواية الكلبي، فإن في روايته من المنكر أنه صلى العشاء الآخرة والصبح معهم وإنما فرضت الصلوات ليلة المعراج، وكذا نومه تلك الليلة في بيت أم هانئ وإنما نام في المسجد» انتهى.
وأما ما رُوي عن ابن عباس مرفوعًا: «وما مررت بملأ من الملائكة ليلة أسري بي إلا قالوا: عليك بالحجامة يا محمد» فهو ضعيف.
رواه أحمد (٣٣١٦) والترمذي (٢٠٥٣) وابن ماجه (٣٤٧٧) والحاكم (٤/ ٢١٠، ٢٠٩) كلهم من طرق عن عباد بن منصور، عن عكرمة، عن ابن عباس، فذكره. وعباد بن منصور ضعيف باتفاق أهل العلم وكان يُدلس. وقد دلس في هذا الحديث مع ضعف فيه.
قال علي بن المديني: سمعت يحيى بن سعيد القطان يقول: قلت لعباد بن منصور الباجي: سمعت ما مررت بملأ من الملائكة ... فقال: حدثني ابن أبي يحيى، عن داود بن حصين، عن عكرمة، عن ابن عباس فذكره. ذكره العقيلي في الضعفاء (٣/ ٣٦).
وابن أبي يحيى هو إبراهيم بن محمد متروك، وداود بن حصين ثقة إلا في عكرمة. وأما الحاكم فقال: صحيح الإسناد.
تنبيه: سقط عند الحاكم في الموضع الأول «عكرمة» بين عباد بن منصور وبين ابن عباس، وهو ثابت في الموضع الثاني.
وكذلك لا يصح ما رُوي عن أنس بن مالك يقول: قال رسول الله ﷺ: «ما مررتُ ليلة أسري بي بملأ إلا قالوا: يا محمد! مر أمتك بالحجامة».
رواه ابن ماجه (٣٤٧٩) عن جبارة بن المغلس، قال: حدثنا كثير بن سُليم، قال: سمعت أنس بن مالك فذكره.
وجبارة بن المغلس وشيخه كثير بن سُليم ضعيفان.
وكذلك لا يصح ما روي عن ابن مسعود قال: حدّث رسول الله ﷺ عن ليلة أسري به أنه لم يمر
على ملأ من الملائكة إلا أمروه أن مر أمتك بالحجامة.
رواه الترمذي (٢٠٥٢) عن أحمد بن بُديل بن قريش اليامي الكوفي، قال: حدثنا محمد بن فُضيل، قال: حدثنا عبد الرحمن بن إسحاق، عن القاسم بن عبد الرحمن هو ابن عبد الله بن مسعود، عن أبيه، عن ابن مسعود فذكره.
قال الترمذي: «حسن غريب من حديث ابن مسعود».
قال الأعظمي: فيه عبد الرحمن بن إسحاق بن الحارث الواسطي، أبو شيبة ضعيف باتفاق أهل العلم، قال أحمد: منكر الحديث.
قال الأعظمي: لأن ذكر الحجامة في قصة الإسراء والمعراج لم يثبت في الأحاديث الصحيحة وهي كثيرة، فوهم هؤلاء الرواة في إقحام الأمر بالحجامة في ليلة أسري بالنبي ﷺ. وكذلك له شواهد أخرى لا تصح.
أبواب الكتاب (عرض 50 باباً حول الباب الحالي)
الباب الحالي في المركز 63 من أصل 659 باباً
- 38 باب فلما بلغ النبي ﷺ أربعين سنة اصطفاه الله للنبوة والرسالة
- 39 باب أول ما بدئ به رسول الله ﷺ من الوحي الرؤيا الصالحة
- 40 باب أول وحي جاء والنبي ﷺ في غار حراء
- 41 باب ما جاء في ذكر فترة انقطاع الوحي
- 42 انقطاع الوحي مرة أخرى
- 43 باب جمع القرآن في صدر النبي ﷺ -
- 44 باب أكثر ما كان الوحي عند وفاته ﷺ -
- 45 باب ما جاء في الدعوة السرية
- 46 باب ما جاء في الدعوة الجهرية
- 47 باب أوائل من أسلم بمكة
- 48 طلب قريش من أبي طالب منع ابن أخيه من سب آلهتهم وبيان عزم رسول الله ﷺ لإظهار دين الله
- 49 باب مطالبة أهل مكة بالآيات لإثبات نبوته ﵇
- 50 باب ما لقي رسول الله ﷺ وأصحابه من المشركين بمكة من الأذى
- 51 إن الله يصرف شتم أعداء الله عن حبيبه ﷺ -
- 52 باب ما جاء من الاتهامات الباطلة من المشركين
- 53 باب إن الله كفى رسوله المستهزئين
- 54 طلب المشركين من رسول الله ﷺ طرد الفقراء عنه
- 55 باب دعاء رسول الله ﷺ على قريش
- 56 باب طبيعة رسالة النبي ﷺ -
- 57 باب ذكر الهجرة الأولى لأصحابه ﷺ إلى أرض الحبشة سنة خمس من المبعث
- 58 باب الهجرة الثانية لأصحابه إلى الحبشة
- 59 كان أبو بكر ممن خرج مهاجرًا إلى الحبشة، ثم رجع بجوار ابن الدغنة إلى مكة
- 60 دخول النبي ﷺ مع المسلمين في شعب أبي طالب في السنة السابعة من البعثة
- 61 وفاة أبي طالب ناصر النبي ﷺ وزوجته الشفيقة خديجة ﵂ في السنة العاشرة من البعثة
- 62 خروج النبي ﷺ إلى الطائف للدعوة في السنة العاشرة من البعثة وما لقي من أهلها من الأذى
- 63 باب ما جاء في الإسراء والمعراج
- 64 باب تجلية بيت المقدس وغيره من الأشياء للنّبيّ ﷺ عند سؤال قريش عن الإسراء
- 65 باب ذكر سدرة المنتهى
- 66 عرض النبي ﷺ نفسه على القبائل طلبًا للنصرة منهم
- 67 حرب بعاث بين الأوس والخزرج ثم جمعهم الله تحت راية الإسلام
- 68 تهيؤ الأنصار لقبول الإسلام
- 69 باب بيعة العقبة الأولى في السنة الثانية عشرة من البعثة
- 70 بيعة العقبة الثانية في السنة الثالثة عشرة من البعثة
- 71 باب صفة الأرض التي يهاجر إليها رسول الله ﷺ -
- 72 باب دعاء النبي ﷺ لأصحابه بالهجرة وإمضائها لهم
- 73 باب بدء الهجرة من مكة إلى المدينة
- 74 هجرة عمرو بن عياش بن أبي ربيعة
- 75 المدينة دار هجرة وسُنَّة
- 76 دعاء النبي ﷺ لنفسه بالهجرة
- 77 باب أن مكة خير أرض الله
- 78 باب أن النبي ﷺ وأصحابه اضطروا للخروج من مكة
- 79 باب آل أبي بكر في إعداد العدة للهجرة
- 80 أسماء بنت أبي بكر ذات النطاقين
- 81 أسماء هاجرت إلى النبي ﷺ وهي حبلى
- 82 باب اجتماع قريش لاغتيال النبي ﷺ قبل الخروج
- 83 باب النبي ﷺ وصاحبه في الغار في جبل ثور
- 84 باب ما رُويَ في قصة نسج العنكبوت على الغار
- 85 باب استعمال أبي بكر التورية في سفر الهجرة
- 86 قصة الهجرة واتباع سراقة بن مالك أثر رسول الله ﷺ -
- 87 باب حلب أبي بكر الشاة في الطريق للنبي ﷺ -
معلومات عن حديث: الإسراء والمعراج
📜 حديث عن الإسراء والمعراج
أحاديث نبوية شريفة تتعلق بـ الإسراء والمعراج من مصادر موثوقة.
🔍 صحة حديث الإسراء والمعراج
تحقق من درجة أحاديث الإسراء والمعراج (صحيح، حسن، ضعيف).
📖 تخريج حديث الإسراء والمعراج
تخريج علمي لأسانيد أحاديث الإسراء والمعراج ومصادرها.
📚 أحاديث عن الإسراء والمعراج
مجموعة شاملة من الأحاديث النبوية في موضوع الإسراء والمعراج.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Friday, August 22, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب