مشورة النبي ﷺ في الصورة الراهنة - الأحاديث الصحيحة

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الكتب الستة

باب مشورة النبي ﷺ في الصورة الراهنة

قال الله تعالى: ﴿كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ (٥) يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَ مَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ (٦) وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ﴾ [الأنفال: ٥ - ٧].

والمراد بالطائفتين: إحداهما عير أبي سفيان، والأخرى جيش قريش.
عن أنس أن رسول الله ﷺ شاور حين بلغه إقبال أبي سفيان قال: فتكلم أبو بكر، فأعرض عنه، ثمّ تكلم عمر، فأعرض عنه، فقام سعد بن عبادة فقال: إيانا تريد؟ يا رسول الله! والذي نفسي بيده! لو أمرتنا أن نُخيضها البحر لأخضناها، ولو أمرتنا أن نضرب أكبادها إلى برك الغماد لفعلنا، قال: فندب رسول الله ﷺ الناس، فانطلقوا حتَّى نزلوا بدرًا، ووردت عليهم روايا قريش، وفيهم غلام أسود لبني الحجاج فأخذوه، فكان أصحاب رسول الله ﷺ يسألونه عن أبي سفيان وأصحابه؟ فيقول: ما لي علم بأبي سفيان، ولكن هذا أبو جهل وعتبة وشيبة وأمية بن خلف، فإذا قال ذلك، ضربوه، فقال: نعم، أنا أخبركم، هذا أبو سفيان، فإذا تركوه، فسألوه فقال: ما لي بأبي سفيان علم، ولكن هذا أبو جهل وعتبة وشيبة وأمية بن خلف في الناس، فإذا قال هذا أيضًا ضربوه، ورسول الله ﷺ قائم يصلي، فلمّا رأى ذلك انصرف، قال: «والذي نفسي بيده! لتضربوه إذا صدقكم وتتركوه إذا كذبكم».
قال: فقال رسول الله ﷺ: «هذا مصرع فلان» قال: ويضع يده على الأرض، ههنا وههنا. قال: فما ماط أحدهم عن موضع يد رسول الله ﷺ.

صحيح: رواه مسلم في الجهاد والسير (١٧٧٩: ٨٣) عن أبي بكر بن أبي شيبة، حَدَّثَنَا عفّان، حَدَّثَنَا حمّاد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس، فذكره.
قوله: «راويا قريش» أي إبلهم التي كانوا يستقون عليها.
قوله: «فما ماط أحدهم» أي تباعد.
وذكر ابن إسحاق: أن الذي قال ذلك هو سعد بن معاذ ونقل مقالته وهي قوله: «فقد آمنا بك وصدقناك، وشهدنا أن ما جئت به هو الحق، وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا، على السمع والطاعة، فامض يا رسول الله لما أردت فنحن معك، فوالذي بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك، ما تخلف منا رجل واحد، وما نكره أن تلقى بنا عدونا غدًا. إنا لصُبْر في الحرب، صُدْق في اللقاء، لعل الله يريك منا ما تقر به عينك، فسر بنا على بركة الله».
فَسُرَّ رسول الله ﷺ بقول سعد، ونشّطه ذلك ثمّ قال: «سيروا وأبشروا، فإن الله تعالى قد وعدني بإحدى الطائفتين، والله كأني الآن أنظر إلى مصارع القوم». السيرة لابن هشام (١/ ٦١٥)
وسعد بن معاذ هو الأشهلي الأنصاري سيد الأوس شهد بدرًا بدون خلاف.
وأمّا سعد بن عبادة فهو الأنصاري الخزرجي أحد النقباء اختلف في شهوده بدرًا. فأثبت مسلم، والبخاري في التاريخ الكبير وكذلك ذكره الواقدي والمدائني وابن الكلبي وأبو أحمد الحافظ في
كتابه الكنى. ولم يذكره ابن عقبة ولا ابن إسحاق. انظر «الاستيعاب».
قال الأعظمي: إن ثبت شهود سعد بن عبادة بدرًا فلعل القائل هو سعد بن معاذ، ثمّ تلاه سعد بن عبادة، لأن كلا منهما من رؤساء الأنصار.
عن أنس قال: لما سار رسول الله ﷺ إلى بدر خرج، فاستشار الناس، فأشار عليه أبو بكر، ثمّ استشارهم فأشار عليه عمر، فسكت، فقال رجل من الأنصار: إنّما يريدكم، فقالوا: يا رسول الله! والله لا نكون كما قالت بنو إسرائيل لموسى: ﴿فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ﴾ [المائدة: ٢٤] ولكن والله لو ضربت أكبادها حتَّى تبلغ برك الغماد لكنا معك.

صحيح: رواه أحمد (١٢٠٢٢)، وأبو يعلى (٣٨٠٣) وعنه ابن حبَّان (٤٧٢١) كلاهما من طرق عن حميد الطّويل، عن أنس فذكره.
وقوله: «أكبادها»: أي أكباد الإبل.
وقوله: «الغِماد»: بضم الغين وكسرها، بلد في أقصى اليمن، وقيل غير ذلك.
عن ابن مسعود قال: شهدت من المقداد بن الأسود مشهدًا لأن أكون صاحبه أحبّ إلي ممّا عدل به: أتى النَّبِي ﷺ وهو يدعو على المشركين فقال: لا نقول كما قال قوم موسى: ﴿فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا﴾ [المائدة: ٢٤]، ولكنا نقاتل عن يمينك وعن شمالك وبين يديك وخلفك، فرأيت النَّبِي ﷺ أشرق وجهه وسرّه، يعني قوله.

صحيح: رواه البخاري في المغازي (٣٩٥٢) عن أبي نعيم (الفضل بن دكين) حَدَّثَنَا إسرائيل (هو ابن يونس) عن مُخارق (هو ابن عبد الله بن جابر البجلي) عن طارق بن شهاب قال: سمعت ابن مسعود يقول: فذكره.
وفي الباب ما رُوي عن محمد بن عمرو الليثي، عن أبيه، عن جده قال: خرج رسول الله ﷺ إلى بدر حتَّى إذا كان بالروحاء خطب الناس فقال: «كيف ترون؟» قال أبو بكر: يا رسول الله بلغنا أنهم بكذا وكذا، قال: ثمّ خطب الناس فقال: «كيف ترون؟» فقال عمر مثل قول أبي بكر.
ثمّ خطب فقال: «كيف ترون؟» فقال سعد بن معاذ: إيانا تريد؟ فوالذي أكرمك وأنزل عليك الكتاب، ما سلكتها قطّ ولا لي بها علم، ولئن سرت حتَّى تأتي برك الغماد من ذي يمن لنسيرن معك، ولا نكون كالذين قالوا لموسى من بني إسرائيل: ﴿فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ﴾ [المائدة: ٢٤] ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكم متبعون، ولعلك أن تكون خرجت لأمر وأحدث الله إليك غيره، فانظر الذي أحدث الله إليك فامض له، فصِل حبالَ من شئت، واقطع حبال من شئت، وسالم من شئت، وعادِ من شئت، وخذ من أموالنا ما شئت.
فنزل القرآن على قول سعد: ﴿كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ﴾ [سورة الأنفال: ٥] إلى قوله: ﴿وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ﴾ [سورة الأنفال: ٧]، وإنما خرج رسول الله ﷺ يريد غنيمة ما مع أبي سفيان، فأحدث الله لنبيه القتال.
رواه ابن أبي شيبة (٣٧٨١٥) عن عبد الرحيم بن سليمان، عن محمد بن عمرو الليثي، عن أبيه، عن جده فذكره.
وذكر ابن كثير في البداية والنهاية (٥/ ٧٣ - ٧٤) أن ابن مردويه رواه أيضًا في تفسيره من طريق محمد بن عمرو بن علقمة بن وقَّاص الليثي، عن أبيه، عن جده.
وفيه علتان:
الأوّلى: عمرو بن علقمة بن وقَّاص الليثي لم يوثّقه أحد غير أن ابن حبَّان ذكره في «الثّقات» على قاعدته في توثيق المجاهيل. ولذا قال ابن حجر في «التقريب» «مقبول» أي عند المتابعة. ولم أجد له متابعة فهو لين الحديث.
والثانية: علقمة بن وقَّاص تابعي ثقة، لم تتت صحبته ففيه إرسال.
ويستفاد من هذا الحديث أن تشاور النَّبِي ﷺ كان في الروحاء، وهي على مسافة أربعة وسبعين كيلا من المدينة.
ويستفاد من أحاديث هذا الباب أن النَّبِي ﷺ استشار مرتين:
الأوّلى: بالمدينة حيث بلغه خبر عير أبي سفيان كما في رواية مسلم: «أن النَّبِي ﷺ شاور حين بلغه إقبال أبي سفيان».
والثانية: عندما وصل إلى الروحاء، وأتاه الخبر عن قريش بمسيرهم ليمنعوا عيرهم، وهم أكثر من ألف، فلو رجع النَّبِي ﷺ من الروحاء إلى المدينة، فما كان يبعد من قريش أن يغزو المدينة ويتعاون معهم اليهود.
فمضى النَّبِي ﷺ بعد استشارة أصحابه إلى بدر ليصدهم عن غزو المدينة.

أبواب الكتاب (عرض 50 باباً حول الباب الحالي)

الباب الحالي في المركز 111 من أصل 659 باباً

معلومات عن حديث: مشورة النبي ﷺ في الصورة الراهنة

  • 📜 حديث عن مشورة النبي ﷺ في الصورة الراهنة

    أحاديث نبوية شريفة تتعلق بـ مشورة النبي ﷺ في الصورة الراهنة من مصادر موثوقة.

  • 🔍 صحة حديث مشورة النبي ﷺ في الصورة الراهنة

    تحقق من درجة أحاديث مشورة النبي ﷺ في الصورة الراهنة (صحيح، حسن، ضعيف).

  • 📖 تخريج حديث مشورة النبي ﷺ في الصورة الراهنة

    تخريج علمي لأسانيد أحاديث مشورة النبي ﷺ في الصورة الراهنة ومصادرها.

  • 📚 أحاديث عن مشورة النبي ﷺ في الصورة الراهنة

    مجموعة شاملة من الأحاديث النبوية في موضوع مشورة النبي ﷺ في الصورة الراهنة.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Friday, August 22, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب