غزوة الرجيع في سنة ثلاث - الأحاديث الصحيحة
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الكتب الستة
غزوة الرجيع في سنة ثلاث
قال ابن إسحاق: فخرجوا مع القوم حتى إذا كانوا على الرجيع - ماء لهذيل بناحية الحجاز، من صدور الهدأة - غدروا بهم، فاستصرخوا عليهم هذيلا، فلم يرع القوم - وهم في رحالهم - إلا الرجال بأيديهم السيوف قد غشوهم، فأخذوا أسيافهم ليقاتلوا القوم، فقالوا لهم: إنا والله ما نريد قتلكم، ولكنا نريد أن نصيب بكم شيئًا من أهل مكة، ولكن عهد الله وميثاقه أن لا نقتلكم، فأما مرثد وخالد بن البكير وعاصم بن ثابت فقالوا: والله لا نقبل من مشرك عهدًا ولا عقدًا أبدًا. وقال عاصم بن ثابت:
ما علتي وأنا جلد نابل ... والقوس فيها وتر عنابل
تزل عن صفحتها المعابل ... الموت حق والحياة باطل
وكل ما حمّ الإله نازل ... بالمرء والمرء إليه آيل
إن لم أقاتلكم فأمي هابل
وقال عاصم أيضًا:
أبو سليمان وريش المقعد ... وضالة مثل الجحيم الموقد
إذا النواحي افترشت لم أرعد .. ومجنأ من جلد ثور أجرد
ومؤمن بما علي محمد
وقال أيضًا:
أبو سليمان ومثلي رامى ... وكان قومي معشرًا كرامًا
قال: ثم قاتل حتى قتل، وقتل صاحباه، فلما قتل عاصم، أرادت هذيل أخذ رأسه ليبيعوه من سلافة بنت سعد بن شهيد، وكانت قد نذرت حين أصاب ابنيها يوم أحد، لئن قدرت على رأس عاصم، لتشربن في قحفه الخمر، فمنعته الدبر، فلما حالت بينهم وبينه قالوا: دعوه حتى يمسي فتذهب عنه فنأخذه، فبعث الله الوادي، فاحتمل عاصمًا فذهب به، وقد كان عاصم قد أعطى الله عهدًا أن لا يمسّه مشرك، ولا يمسّ مشركًا أبدًا، تنجّسًا، فكان عمر بن الخطاب يقول حين بلغه أن الدبر منعته: يحفظ الله العبد المؤمن، كان عاصم نذر أن لا يمسه مشرك، ولا يمس مشركًا أبدًا في حياته، فمنعه الله بعد وفاته كما امتنع منه في حياته.
قال ابن إسحاق: وأما خبيب وزيد بن الدثنة وعبد الله بن طارق فلانوا ورقوا ورغبوا في الحياة، وأعطوا بأيديهم فأسروهم، ثم خرجوا بهم إلى مكة ليبيعوهم بها، حتى إذا كانوا بالظهران، انتزع عبد الله بن طارق يده من القران، ثم أخذ سيفه، واستأخر عنه القوم، فرموه بالحجارة حتى قتلوه، فقبره بالظهران، وأما خبيب بن عدي، وزيد بن الدثنة فقدموا بهما مكة. قال ابن هشام: فباعوهما من قريش بأسيرين من هذيل كانا بمكة.
قال الأعظمي: الدبر هو ذكور النحل، وقيل: الزنابير.
والقِحف: بكسر القاف: أعلى الدماغ.
قال ابن إسحاق: فابتاع خبيبًا حجير بن أبي إهاب التميمي، حليف بني نوفل لعقبة بن الحارث بن عامر بن نوفل، وكان أبو إهاب أخا الحارث بن عامر لأمه، ليقتله بأبيه، قال: وأما زيد بن الدثنة فابتاعه صفوان بن أمية، ليقتله بأبيه، فبعثه مع مولى له يقال له: نسطاس، إلى التنعيم، وأخرجه من الحرم ليقتله، واجتمع رهط قريش، فيهم أبو سفيان بن حرب، فقال له أبو سفيان حين قدّم ليقتل: أنشدك الله يا زيد! أتحب أن محمدًا عندنا الآن مكانك نضرب عنقه وأنك في أهلك؟ قال: والله ما أحب أن محمدًا الآن في مكانه الذي هو فيه تصيبه شوكة تؤذيه وأنا جالس في أهلي. قال: يقول أبو سفيان: ما رأيت من الناس أحدًا يحب أحدًا كحب أصحاب محمد محمدًا. قال: ثم قتله نسطاس، قال: وأما خبيب بن عدي فحدثني عبد الله بن أبي نجيح، أنه حدث عن ماويّة مولاة حجير بن أبي إهاب، وكانت قد أسلمت، قالت: كان خبيب عندي، حبس في بيتي، فلقد اطلعت عليه يومًا، وإن في يده لقطفًا من عنب مثل رأس الرجل يأكل منه، وما أعلم في أرض الله عنبًا يؤكل.
قال ابن إسحاق: وحدثني عاصم بن عمر بن قتادة وعبد الله بن أبي نجيح أنهما قالا: قالت:
قال لي حين حضره القتل: ابعثي إلي بحديدة أتطهر بها للقتل، قالت: فأعطيت غلامًا من الحي الموسى، فقلت له: ادخل بها على هذا الرجل البيت، قالت: فو الله! إن هو إلا أن ولى الغلام بها إليه، فقلت: ماذا صنعت؟ أصاب والله الرجل ثأره بقتل هذا الغلام، فيكون رجلًا برجل. فلما ناوله الحديدة أخذها من يده، ثم قال: لعمرك ما خافت أمك غدري حين بعثتك بهذه الحديدة إلي، ثم خلّى سبيله.
قال ابن إسحاق: قال عاصم: ثم خرجوا بخبيب، حتى جاؤوا به إلى التنعيم ليصلبوه، قال لهم: إن رأيتم أن تدعوني حتى أركع ركعتين فافعلوا. قالوا: دونك فاركع، فركع ركعتين أتمهما وأحسنهما، ثم أقبل على القوم فقال: أما والله! لولا أن تظنوا أني إنما طولت جزعًا من القتل، لاستكثرت من الصلاة، قال: فكان خبيب أول من سن هاتين الركعتين عند القتل للمسلمين.
قال: ثم رفعوه على خشبة، فلما أوثقوه قال: اللهم إنا قد بلغنا رسالة رسولك، فبلغه الغداة ما يصنع بنا، ثم قال: اللهم أحصهم عددًا، واقتلهم بددًا، ولا تغادر منهم أحدًا، ثم قتلوه، وكان معاوية بن أبي سفيان يقول: حضرته يومئذ فيمن حضره مع أبي سفيان، فلقد رأيته يلقيني إلى الأرض فرقًا من دعوة خبيب، وكانوا يقولون: إن الرجل إذا دعي عليه فاضطجع لجنبه، زلت عنه.
سيرة ابن هشام (٢/ ١٦٩ - ١٧٣) ونقل عنه الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية (٥/ ٤٩٨ - ٥٠٧) وأطال في ذكره، إلا أن محمد بن إسحاق وإن كان إمامًا في المغازي كما قال الشافعي: «من أراد المغازي فهو عيال على محمد بن إسحاق» إلا أنه لم يسند جميع ما ذكره كعادته في كتابه المغازي عمومًا، ولذا قد يقع خلاف بينه وبين من أسنده وإليكم ما أسنده الامام البخاري ومسلم في صحيحيهما من أخبار غزوة الرجيع.
يصحبهم فجرروه وعالجوه على أن يصحبهم فلم يفعل فقتلوه، وانطلقوا بخبيب وزيد حتى باعوهما بمكة، فاشترى خبيبًا بنو الحارث بن عامر بن نوفل، وكان خبيب هو قتل الحارث يوم بدر، فمكث عندهم أسيرًا، حتى إذا أجمعوا قتله استعار موسى من بعض بنات الحارث ليستحد بها فأعارته، قالت: فغفلت عن صبي لي، فدرج إليه حتى أتاه فوضعه على فخذه، فلما رأيته فزعت فزعة عرف ذاك مني وفي يده الموسى، فقال: أتخشين أن أقتله؟ ما كنت لأفعل ذلك إن شاء الله، وكانت تقول: ما رأيت أسيرًا قط خيرًا من خبيب، لقد رأيته يأكل من قِطف عنب وما بمكة يومئذ ثمرة، وإنه لموثق في الحديد، وما كان إلا رزق رزقه الله، فخرجوا به من الحرم ليقتلوه، فقال: دعوني أصلي ركعتين، ثم انصرف إليهم فقال: لولا أن تروا أن ما بي جزع من الموت لزدت، فكان أول من سن الركعتين عند القتل هو، ثم قال: اللهم أحصهم عددًا، ثم قال:
ولست أبالي حين أقتل مسلمًا ... على أي شق كان لله مصرعي
وذلك في ذات الإله وإن يشأ ... يبارك على أوصال شلو ممزع
ثم قام إليه عقبة بن الحارث فقتله، وبعثت قريش إلى عاصم ليؤتوا بشيء من جسده يعرفونه، وكان عاصم قتل عظيمًا من عظمائهم يوم بدر، فبعث الله عليه مثل الظلة من الدبر، فحمته من رسلهم، فلم يقدروا منه على شيء.
صحيح: رواه البخاري في المغازي (٤٠٨٦) عن إبراهيم بن موسى، أخبرنا هشام بن يوسف، عن معمر، عن الزهري، عن عمرو بن أبي سفيان الثقفي، عن أبي هريرة فذكره.
وقوله: عاصم بن ثابت الأنصاري - جد عاصم بن عمر بن الخطاب أي من جهة الأم، فقد قيل إن عمر بن الخطاب تزوج جميلة بنت عاصم بن ثابت الأنصاري، فولدت له عاصم بن عمر بن الخطاب.
الذي قتل خبيبًا اسمه عقبة بن الحارث، وكنيته أبو سروعة كما ذكره البخاري (٣٩٨٩) وقد أسلم بعد ذلك، وله حديث في الرضاع.
أبواب الكتاب (عرض 50 باباً حول الباب الحالي)
الباب الحالي في المركز 201 من أصل 659 باباً
- 176 باب لبس النبي ﷺ الدرعين
- 177 عدة المسلمين والمشركين يوم أحد
- 178 باب اختيار النبي ﷺ أبا دجانة لمنحه السيف ليقاتل به المشركين
- 179 باب من أحسن القتال يوم أحد
- 180 باب هزيمة المشركين يوم أحد
- 181 باب ترك الرماة الجبل الذي عيّنهم عليه رسولُ الله ﷺ -
- 182 دعاء رسول الله ﷺ يوم أحد
- 183 باب وقوع النعاس يوم أحد
- 184 باب عفو الله ﷿ عمّن فرّ من غزوة أحد
- 185 باب أول من عرف النبي ﷺ بأنه حيٌّ هو كعب بن مالك
- 186 باب عدد مَنْ قُتِلَ مِنَ المسلمين يومَ أحد
- 187 باب في استشهاد حمزة بن عبد المطلب
- 188 هل هند أكلت كبد حمزة ﵁
- 189 باب دعاء النبي ﷺ لمن استشهد في غزوة أحد
- 190 باب بكاء النبي ﷺ ونساء الأنصار على حمزة
- 191 باب غسل الملائكة حنظلة الراهب
- 192 باب صفة المنافقين واليهود في غزوة أحد
- 193 باب شهود الملائكة بأحد
- 194 باب من ثبت مع النبي ﷺ يوم أحد
- 195 باب خدمة النساء يوم أحد
- 196 باب ما أصاب النبي ﷺ من الجروح يوم أحد
- 197 باب كيف دفن من قتل في غزوة أحد
- 198 دعاء النبي ﷺ بعد دفن الشهداء
- 199 خروج النبي ﷺ لمتابعة العدو حتى لا يقصدوا المدينة
- 200 من قتل من المشركين في العودة إلى المدينة
- 201 غزوة الرجيع في سنة ثلاث
- 202 سرية أبي سلمة بن عبد الأسد المخزومي إلى قطن في محرم سنة أربع
- 203 سرية عبد الله بن أنيس إلى خالد بن سفيان بعرنة في محرم سنة أربع
- 204 باب استشهاد القراء في بئر معونة في صفر سنة أربع
- 205 باب غزوة بني النضير
- 206 فتح بني النضير صلحًا
- 207 باب غزوة بني المصطلق وهي غزوة المريسيع وكانت سنة خمس
- 208 باب العزل في غزوة بني المصطلق
- 209 باب حديث الإفك في غزوة بني المصطلق
- 210 قصة جويرية بنت الحارث وزواج النبي ﷺ بها
- 211 الذي تولّى كبره
- 212 إقامة الحد على القاذفين
- 213 باب أن عائشة فهمتْ من قول علي بن أبي طالب أنه ممن أساء الظن بها
- 214 صفوان بن المعطل يعدو على حسان
- 215 باب غزوة الأحزاب وتسمى أيضًا غزوة الخندق سنة خمس
- 216 كان أبو سفيان من رأس الأحزاب يوم الخندق
- 217 باب سياق قصة الخندق وسبب تسميتها الأحزاب
- 218 باب حال المسلمين يوم الخندق
- 219 باب جعل النساء والذراري في الآطام الحصينة
- 220 باب همّ الرسول ﷺ بعقد الصلح بينه وبين غطفان ثم عدلَ عنه
- 221 باب أمر النبي ﷺ بحفر الخندق حول المدينة وحث أصحابه على ذلك
- 222 باب إنشاد الشعر والرجز في غزوة الخندق لأجل الأعمال والتنشيط
- 223 مدة حفر الخندق
- 224 المعجزات التي ظهرت أثناء حفر الخندق
- 225 باب حراسة النَّبِيّ ﷺ يوم الخندق
معلومات عن حديث: غزوة الرجيع في سنة ثلاث
📜 حديث عن غزوة الرجيع في سنة ثلاث
أحاديث نبوية شريفة تتعلق بـ غزوة الرجيع في سنة ثلاث من مصادر موثوقة.
🔍 صحة حديث غزوة الرجيع في سنة ثلاث
تحقق من درجة أحاديث غزوة الرجيع في سنة ثلاث (صحيح، حسن، ضعيف).
📖 تخريج حديث غزوة الرجيع في سنة ثلاث
تخريج علمي لأسانيد أحاديث غزوة الرجيع في سنة ثلاث ومصادرها.
📚 أحاديث عن غزوة الرجيع في سنة ثلاث
مجموعة شاملة من الأحاديث النبوية في موضوع غزوة الرجيع في سنة ثلاث.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Friday, August 22, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب