حديث: بعث النبي سرية عينًا وأمّر عليهم عاصم بن ثابت

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

غزوة الرجيع في سنة ثلاث

عن أبي هريرة قال: بعث النبي ﷺ سرية عينًا، وأمّر عليهم عاصم بن ثابت، وهو جد عاصم بن عمر بن الخطاب، فانطلقوا حتى إذا كان بين عسفان ومكة، ذكروا لحي من هذيل يقال لهم: بنو لحيان، فتبعوهم بقريب من مائة رام، فاقتصوا آثارهم حتى أتوا منزلًا نزلوه، فوجدوا فيه نوى تمر تزوّدوه من المدينة، فقالوا: هذا تمر يثرب، فتبعوا آثارهم حتى لحقوهم، فلما انتهى عاصم وأصحابه لجؤوا إلى فدفد، وجاء القوم فأحاطوا بهم، فقالوا: لكم العهد والميثاق إن نزلتم إلينا أن لا نقتل منكم رجلًا، فقال عاصم: أما أنا فلا أنزل في ذمة كافر، اللهم أخبر عنا نبيك، فرموهم حتى قتلوا عاصمًا في سبعة نفر بالنبل، وبقي خبيب وزيد ورجل آخر، فأعطوهم العهد والميثاق، فلما أعطوهم العهد والميثاق نزلوا إليهم، فلما استمكنوا منهم حلّوا أوتار قسيهم فربطوهم بها، فقال الرجل الثالث الذي معهما: هذا أول الغدر، فأبى أن
يصحبهم فجرروه وعالجوه على أن يصحبهم فلم يفعل فقتلوه، وانطلقوا بخبيب وزيد حتى باعوهما بمكة، فاشترى خبيبًا بنو الحارث بن عامر بن نوفل، وكان خبيب هو قتل الحارث يوم بدر، فمكث عندهم أسيرًا، حتى إذا أجمعوا قتله استعار موسى من بعض بنات الحارث ليستحد بها فأعارته، قالت: فغفلت عن صبي لي، فدرج إليه حتى أتاه فوضعه على فخذه، فلما رأيته فزعت فزعة عرف ذاك مني وفي يده الموسى، فقال: أتخشين أن أقتله؟ ما كنت لأفعل ذلك إن شاء الله، وكانت تقول: ما رأيت أسيرًا قط خيرًا من خبيب، لقد رأيته يأكل من قِطف عنب وما بمكة يومئذ ثمرة، وإنه لموثق في الحديد، وما كان إلا رزق رزقه الله، فخرجوا به من الحرم ليقتلوه، فقال: دعوني أصلي ركعتين، ثم انصرف إليهم فقال: لولا أن تروا أن ما بي جزع من الموت لزدت، فكان أول من سن الركعتين عند القتل هو، ثم قال: اللهم أحصهم عددًا، ثم قال:
ولست أبالي حين أقتل مسلمًا ... على أي شق كان لله مصرعي
وذلك في ذات الإله وإن يشأ ... يبارك على أوصال شلو ممزع
ثم قام إليه عقبة بن الحارث فقتله، وبعثت قريش إلى عاصم ليؤتوا بشيء من جسده يعرفونه، وكان عاصم قتل عظيمًا من عظمائهم يوم بدر، فبعث الله عليه مثل الظلة من الدبر، فحمته من رسلهم، فلم يقدروا منه على شيء.

صحيح: رواه البخاري في المغازي (٤٠٨٦) عن إبراهيم بن موسى، أخبرنا هشام بن يوسف، عن معمر، عن الزهري، عن عمرو بن أبي سفيان الثقفي، عن أبي هريرة فذكره.

عن أبي هريرة قال: بعث النبي ﷺ سرية عينًا، وأمّر عليهم عاصم بن ثابت، وهو جد عاصم بن عمر بن الخطاب، فانطلقوا حتى إذا كان بين عسفان ومكة، ذكروا لحي من هذيل يقال لهم: بنو لحيان، فتبعوهم بقريب من مائة رام، فاقتصوا آثارهم حتى أتوا منزلًا نزلوه، فوجدوا فيه نوى تمر تزوّدوه من المدينة، فقالوا: هذا تمر يثرب، فتبعوا آثارهم حتى لحقوهم، فلما انتهى عاصم وأصحابه لجؤوا إلى فدفد، وجاء القوم فأحاطوا بهم، فقالوا: لكم العهد والميثاق إن نزلتم إلينا أن لا نقتل منكم رجلًا، فقال عاصم: أما أنا فلا أنزل في ذمة كافر، اللهم أخبر عنا نبيك، فرموهم حتى قتلوا عاصمًا في سبعة نفر بالنبل، وبقي خبيب وزيد ورجل آخر، فأعطوهم العهد والميثاق، فلما أعطوهم العهد والميثاق نزلوا إليهم، فلما استمكنوا منهم حلّوا أوتار قسيهم فربطوهم بها، فقال الرجل الثالث الذي معهما: هذا أول الغدر، فأبى أن
يصحبهم فجرروه وعالجوه على أن يصحبهم فلم يفعل فقتلوه، وانطلقوا بخبيب وزيد حتى باعوهما بمكة، فاشترى خبيبًا بنو الحارث بن عامر بن نوفل، وكان خبيب هو قتل الحارث يوم بدر، فمكث عندهم أسيرًا، حتى إذا أجمعوا قتله استعار موسى من بعض بنات الحارث ليستحد بها فأعارته، قالت: فغفلت عن صبي لي، فدرج إليه حتى أتاه فوضعه على فخذه، فلما رأيته فزعت فزعة عرف ذاك مني وفي يده الموسى، فقال: أتخشين أن أقتله؟ ما كنت لأفعل ذلك إن شاء الله، وكانت تقول: ما رأيت أسيرًا قط خيرًا من خبيب، لقد رأيته يأكل من قِطف عنب وما بمكة يومئذ ثمرة، وإنه لموثق في الحديد، وما كان إلا رزق رزقه الله، فخرجوا به من الحرم ليقتلوه، فقال: دعوني أصلي ركعتين، ثم انصرف إليهم فقال: لولا أن تروا أن ما بي جزع من الموت لزدت، فكان أول من سن الركعتين عند القتل هو، ثم قال: اللهم أحصهم عددًا، ثم قال:
ولست أبالي حين أقتل مسلمًا ... على أي شق كان لله مصرعي
وذلك في ذات الإله وإن يشأ ... يبارك على أوصال شلو ممزع
ثم قام إليه عقبة بن الحارث فقتله، وبعثت قريش إلى عاصم ليؤتوا بشيء من جسده يعرفونه، وكان عاصم قتل عظيمًا من عظمائهم يوم بدر، فبعث الله عليه مثل الظلة من الدبر، فحمته من رسلهم، فلم يقدروا منه على شيء.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا شرح للحديث النبوي الشريف الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه، مع بيان مفرداته ودروسه المستفادة:

أولًا:

شرح المفردات:
● سرية عينًا: مجموعة قليلة من المجاهدين تُبعث للاستكشاف أو القتال.
● فدفد: مكان مرتفع أو موقع يحتمي به.
● العهد والميثاق: الوعد المؤكد بالأمان.
● يستحد: يحلق شعر العانة.
● أوصال شلو ممزع: أوصال الجسم المقطعة والممزقة.
● مثل الظلة من الدبر: سرب من النحل أو الدبر (نوع من الزنابير) يحمي الجسد.


ثانيًا. شرح الحديث:


يذكر الحديث قصة سرية بقيادة عاصم بن ثابت الأنصاري (جد عاصم بن عمر بن الخطاب)، التي أرسلها النبي ﷺ لاستكشاف منطقة بين عسفان ومكة. وقد اكتشفهم حي من هذيل (بنو لحيان)، فطاردوهم بمئة رامٍ (قناص).
عندما وجدوا نوى تمر من المدينة، تأكدوا أنهم من أهل يثرب، فحاصروهم. عرض المشركون الأمان على المسلمين إذا استسلموا، لكن عاصم رفض النزول في ذمة الكفار، ودعا الله أن يخبر النبي ﷺ بما حدث لهم. فقُتل هو وستة من أصحابه بالنبال.
بقي ثلاثة (خبيب وزيد ورجل ثالث)، فاستسلموا بعد أن أعطوهم العهد، لكن المشركين غدروا بهم، فرفض الثالث المصاحبة فقُتل، بينما أُسر خبيب وزيد وبُيعا في مكة.
اشترى خبيبًا بنو الحارث (انتقامًا لأنه قتل والدهم في بدر)، وأثناء أسره ظهرت أخلاقه العالية حتى عند طلبه القتل، حيث صلى ركعتين قبل الاستشهاد (سنة باقية إلى يوم القيامة)، ودعا على قاتليه.
أما عاصم، فقد منع الله المشركين من أخذ شيء من جسده بحماية إلهية (سرب من النحل).


ثالثًا. الدروس المستفادة:


1- الثبات على التوحيد: رفض عاصم النزول في ذمة الكفار مع القدرة على الاستسلام، يعلمنا أن العزة في الإيمان، والموت على الحق شرف.
2- الوفاء بالعهد: غدر المشركين يذكرنا بأن عهود الكفار لا يُوثق بها إلا مع وجود ضمانات قوية، كما قال تعالى: ﴿وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِن قَوْمٍ خِيَانَةً فَانبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَىٰ سَوَاءٍ﴾ [الأنفال: 58].
3- فضل الشهادة: استشهاد الصحابة بتصميم ودعاء (كدعاء عاصم: "اللهم أخبر عنا نبيك") يدل على صدق يقينهم بالآخرة.
4- الأخلاق حتى في الأسر: خبيب كان مثالًا للرحمة (رفض قتل الطفل) والأكل من رزق الله وهو مقيد، مما يدل على قوة الإيمان.
5- سنة الصلاة قبل القتل: سن خبيب الركعتين قبل الاستشهاد، وهي سنة يُشرع للمقتول ظلمًا أن يصليها.
6- العناية الإلهية بالشهداء: حماية جسد عاصب بالنحل آية على تكريم الله للشهداء، كما في قوله تعالى: ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا﴾ [آل عمران: 169].


رابعًا. معلومات إضافية:


● خبيب بن عدي من الأنصار، استشهد سنة 4 هـ، وهو أول من سن الصلاة قبل القتل.
● عاصم بن ثابت من الصحابة المشهورين بشجاعته، وكان النبي ﷺ قد دعا له ألا تُؤخذ له غلة (جزية) فحماه الله.
- القصة ذكرها البخاري ومسلم بأسانيد صحيحة، وهي من قصص الثبات المؤثرة في التاريخ الإسلامي.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في المغازي (٤٠٨٦) عن إبراهيم بن موسى، أخبرنا هشام بن يوسف، عن معمر، عن الزهري، عن عمرو بن أبي سفيان الثقفي، عن أبي هريرة فذكره.
وقوله: عاصم بن ثابت الأنصاري - جد عاصم بن عمر بن الخطاب أي من جهة الأم، فقد قيل إن عمر بن الخطاب تزوج جميلة بنت عاصم بن ثابت الأنصاري، فولدت له عاصم بن عمر بن الخطاب.
الذي قتل خبيبًا اسمه عقبة بن الحارث، وكنيته أبو سروعة كما ذكره البخاري (٣٩٨٩) وقد أسلم بعد ذلك، وله حديث في الرضاع.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 379 من أصل 1279 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: بعث النبي سرية عينًا وأمّر عليهم عاصم بن ثابت

  • 📜 حديث: بعث النبي سرية عينًا وأمّر عليهم عاصم بن ثابت

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: بعث النبي سرية عينًا وأمّر عليهم عاصم بن ثابت

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: بعث النبي سرية عينًا وأمّر عليهم عاصم بن ثابت

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: بعث النبي سرية عينًا وأمّر عليهم عاصم بن ثابت

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, December 17, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب