غزوة بني النضير - الأحاديث الصحيحة

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الكتب الستة

باب غزوة بني النضير

ذكر ابن إسحاق أنه كان بعد بئر معونة وأحد ورجوع عمرو بن أمية، وقتله ذينك الرجلين من بني عامر ولم يشعر بعهدهما الذي معهما من رسول الله ﷺ، ولهذا قال له رسول الله ﷺ: «لقد قتلت الرجلين لأدينهما».
قال ابن إسحاق: ثم خرج رسول الله ﷺ إلى بني النضير يستعينهم في دية ذينك القتيلين من بني عامر، اللذين قتلهما عمرو بن أمية للعهد الذي كان رسول الله ﷺ أعطاهما، وكان بين بني النضير وبين بني عامر عقد وحلف، فلما أتاهم رسول الله ﷺ قالوا: نعم يا أبا القاسم نعينك على ما أحببت ثم خلا بعضهم ببعض فقالوا: إنكم لن تجدوا الرجل على مثل حاله هذه - ورسول الله ﷺ إلى جنب جدار من بيوتهم قاعد. فمن رجل يعلو على هذا البيت، فيلقي عليه صخرة ويريحنا منه؟ فانتدب لذلك عمرو بن جحّاش بن كعب. فقال: أنا لذلك، فصعد ليلقي عليه صخرة كما قال. ورسول الله ﷺ في نفر من أصحابه، فيهم أبو بكر وعمر وعلي، فأتى رسول الله ﷺ الخبر من السماء بما أراد القوم. فقام وخرج راجعًا إلى المدينة، فلما استلبث النبي ﷺ أصحابه قاموا في طلبه، فلقوا رجلًا مقبلًا من المدينة فسألوه عنه فقالوا: رأيته داخلا المدينة.
فأقبل أصحابه حتى انتهوا إليه. فأخبرهم الخبر بما كانت يهود أرادت من الغدر به. وأمر رسول الله ﷺ بالتهيؤ لحربهم، والسير إليهم.
قال ابن هشام: فحاصرهم ست ليال ونزل تحريم الخمر.
وقال الواقدي: خمسة عشر يومًا.
قال ابن إسحاق: فتحصنوا منه في الحصون، فأمر رسول الله ﷺ بقطع النخيل والتحريق فيها، فنادوه أن يا محمد! قد كنت تنهى عن الفساد، وتعيبه على من صنعه، فما بال قطع النخل وتحريقها؟ .
وكان رهط من بني عوف بن الخزرج منهم: عبد الله بن أبي ابن سلول، ووديعة ومالك بن أبي قوقل وسويد وداعس قد بعثوا إلى بني النضير أن اثبتوا وتمنّعوا، فإنا لن نسلمكم، إن قوتلتم قاتلنا معكم، وإن أخرجتم خرجنا معكم، فتربصوا ذلك من نصرهم فلم يفعلوا، وقذف الله في قلوبهم الرعب، وسألوا رسول الله ﷺ أن يجليهم ويكف عن دمائهم على أن لهم ما حملت الإبل من أموالهم إلا الحلقة (السلاح) ففعل. فاحتملوا من أموالهم ما استقلت به الإبل. فكان الرجل منهم يهدم بيته عن نجاف (العتبة) بابه فيضعه على ظهر بعيره فينطلق به فخرجوا إلى خيبر، ومنهم من سار إلى الشام.
قال ابن إسحاق: وخلوا الأموال لرسول الله ﷺ، فكانت لرسول الله ﷺ خاصة. يضعها حيث يشاء، فقسّمها رسول الله ﷺ على المهاجرين الأولين دون الأنصار إلا سهل بن حنيف وأبا دجانة سماك بن خرشة ذكرا فقرًا فأعطاهما رسول الله ﷺ. وقال ابن إسحاق: ونزل في بني النضير سورة الحشر بأسرها.
سيرة ابن هشام (٢/ ١٩٠ - ١٩٢)
وأما ما رُوي عن عائشة قالت: كانت غزوة بني النضير - وهم طائفة من اليهود - على رأس ستة أشهر من وقعة بدر ... فهو وهم.
رواه الحاكم (٢/ ٤٨٣) وعنه البيهقي في الدلائل (٣/ ١٧٨) من طريق معمر، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة فذكرته.
وعلقه البخاري في صحيحه في باب حديث بني النضير في المغازي قول الزهري عن عروة، ولم يذكر فيه عائشة، ثم ذكر قول ابن إسحاق بأنه بعد بئر معونة وأحد. وهذا الأخير هو الذي عليه جمهور أهل العلم ونسبوا الوهم إلى الزهري.
عن أنس قال: إن الرجل كان يجعل للنبي ﷺ النخلات من أرضه، حتى فتحت عليه قريظة والنضير، فجعل بعد ذلك يردّ عليه ما كان أعطاه.
قال أنس: إن أهلي أمروني أن آتي النبي ﷺ فأسأله ما كان أهله أعطوه أو بعضه، وكان نبي الله ﷺ قد أعطاه أم أيمن، فأتيت النبي ﷺ فأعطانيهن، فجاءت أم أيمن فجعلت الثوب في عنقي، وقالت: والله لا نعطيكهن وقد أعطانيهن، فقال نبي الله ﷺ: «يا أم أيمن! اتركيه، ولك كذا وكذا» وتقول: كلّا، والذي لا إله إلا هو! فجعل يقول: كذا حتى أعطاها عشرة أمثاله، أو قريبًا من عشرة أمثاله.

متفق عليه: رواه البخاري في المغازي (٤١٢٠)، ومسلم في الجهاد والسير (٧١: ١٧٧١) كلاهما من طريق معتمر بن سليمان، عن أبيه، عن أنس فذكره.
عن أنس بن مالك قال: لما قدم المهاجرون من مكة المدينة قدموا وليس بأيديهم شيء، وكان الأنصار أهل الأرض والعقار، فقاسمهم الأنصار على أن أعطوهم أنصاف ثمار أموالهم، كل عام، ويكفونهم العمل والمؤونة. وكانت أم أنس بن مالك، وهي تدعى أم سليم، وكانت أم عبد الله بن أبي طلحة، كان أخًا لأنس لأمه، وكانت أعطت أم أنس رسول الله ﷺ عذاقًا لها، فأعطاها رسول الله ﷺ أم أيمن، مولاته، أم أسامة بن زيد.
قال ابن شهاب: فأخبرني أنس بن مالك، أن رسول الله ﷺ لما فرغ من قتال أهل خيبر، وانصرف إلى المدينة، رد المهاجرون إلى الأنصار منائحهم التي كانوا منحوهم من ثمارهم، قال: فرد رسول الله ﷺ إلى أمي عذاقها، وأعطى رسول الله ﷺ أم أيمن مكانهن من حائطه.
قال ابن شهاب: وكان من شأن أم أيمن، أم أسامة بن زيد، أنها كانت وصيفة لعبد الله بن عبد المطلب، وكانت من الحبشة، فلما ولدت آمنةُ رسولَ الله ﷺ بعدما توفي
أبوه، فكانت أم أيمن تحضنه، حتى كبر رسول الله ﷺ فأعتقها، ثم أنكحها زيد بن حارثة، ثم توفيت بعدما توفي رسول الله ﷺ بخمسة أشهر.

متفق عليه: رواه البخاري في الهبة (٢٦٣٠) ومسلم في الجهاد (١٧٧١) كلاهما من طريق ابن وهب، أخبرني يونس، عن ابن شهاب، عن أنس فذكره. واللفظ لمسلم.
وقوله: «العقار» هنا بمعنى النخل.
قال الزجاج: العقار كل ما له أصل، وقيل: إن النخل خاصة يقال له العقار.
وقوله: «عذاقا» - جمع عذق - وهي النخلة.
وقوله: «لما فرغ من قتال أهل خيبر» - يقصد به رد المهاجرين إلى الأنصار منائحهم عمومًا وأما قصة أم أيمن فوقعت في إجلاء بني النضير كما مضى.
قوله: «رد المهاجرون إلى الأنصار» - منائحهم التي كانوا منحوهم من ثمارهم.
هذا دليل على أنها كانت منائح ثمار، لا تمليك رقاب النخل، فإنها لو كانت هبة لرقبة النخل لم يرجعوا فيها فإن الرجوع في الهبة بعد القبض لا يجوز، والإباحة يجوز الرجوع فيها متى شاء.
عن عمر قال: كانت أموال بني النضير مما أفاء الله على رسوله ﷺ مما لم يوجف المسلمون عليه بخيل ولا ركاب، فكانت لرسول الله ﷺ خاصة ينفق على أهله منها نفقة سنته، ثم يجعل ما بقي في السلاح والكراع، عُدةّ في سبيل الله.

متفق عليه: رواه البخاري في التفسير (٤٨٨٥) ومسلم في الجهاد (١٧٥٧) كلاهما من حديث سفيان، عن عمرو، عن الزهري، عن مالك بن أوس بن الحدثان، عن عمر فذكره.
عن ابن عمر قال: حاربت النضير وقريظة فأجلى بني النضير، وأقر قريظة ومنّ عليهم، حتى حاربتْ قريظة، فقتل رجالهم، وقسم نساءهم، وأولادهم، وأموالهم بين المسلمين إلا بعضهم لحقوا بالنبي ﷺ فأمنهم وأسلموا، وأجلى يهود المدينة كلهم، بني قينقاع وهم رهط عبد الله بن سلام ويهود بني حارثة، وكل يهود المدينة.

متفق عليه: رواه البخاري في المغازي (٤٠٢٨) ومسلم في الجهاد (١٧٦٦) كلاهما من طريق عبد الرزاق، أخبرنا ابن جريج، عن موسى بن عقبة، عن نافع، عن ابن عمر فذكره.
عن ابن عمر قال: حرق النبي ﷺ نخل بني النضير - وقطع وهي البويرة - فنزلت: ﴿مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ﴾ [الحشر: ٥].

متفق عليه: رواه البخاري في المغازي (٤٠٣١) ومسلم في الجهاد (١٧٤٦) كلاهما من حديث الليث، عن نافع، عن ابن عمر فذكره.
عن ابن عمر أن النبي ﷺ حرّق نخل بني النضير قال: ولها يقول حسان بن ثابت:
وهان على سراة بني لؤي ... حريق بالبويرة مستطير
قال: فأجابه أبو سفيان بن الحارث:
أدام الله ذلك من صنيع ... وحرّق في نواحيها السعير
ستعلم أينا منها بنزه ... وتعلم أي أرضينا تضير

صحيح: رواه البخاري في المغازي (٤٠٣٢) عن إسحاق، أخبرنا حبّان، أخبرنا جويرية بن أسماء، عن نافع، عن ابن عمر فذكره.
ورواه مسلم (٣٠: ١٧٤٦) من وجه آخر عن نافع قول حسان بن ثابت.
وقال: وفي ذلك نزلت: ﴿مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ﴾ [الحشر: ٥].
وقوله: «أرضينا» - بالتثنية يعني أرض بني النضير، وأرض الأنصار.
وقوله: «نزه» - أي البعد.
وقوله: «تضير» - بمعنى الضر.
عن مالك بن أوس بن الحدثان، قال: بينا أنا جالس في أهلي حين متع النهار، إذا رسول عمر بن الخطاب يأتيني، فقال: أجب أمير المؤمنين، فانطلقت معه حتى أدخُل على عمر، فإذا هو جالس على رمال سرير، ليس بينه وبينه فراش، متكئ على وسادة من أدم، فسلمت عليه ثم جلست، فقال: يا مال! إنه قدم علينا من قومك أهل أبيات، وقد أمرت فيهم برضخ، فاقبضه فاقسمه بينهم، فقلت: يا أمير المؤمنين لو أمرت به غيري، قال: اقبضه أيها المرء، فبينا أنا جالس عنده أتاه حاجبه يرفأ، فقال: هل لك في عثمان وعبد الرحمن بن عوف والزبير وسعد بن أبي وقاص يستأذنون؟ قال: نعم، فأذن لهم فدخلوا فسلموا وجلسوا، ثم جلس يرفأ يسيرًا، ثم قال: هل لك في علي وعباس؟ قال: نعم، فأذن لهما فدخلا فسلما فجلسا، فقال عباس: يا أمير المؤمنين اقض بيني وبين هذا، وهما يختصمان فيما أفاء الله على رسول ﷺ من مال بني النضير، فقال الرهط، عثمان وأصحابه: يا أمير المؤمنين اقض بينهما، وأرح أحدهما من الآخر، قال عمر: تيدكم، أنشدكم بالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض، هل تعلمون أن رسول الله ﷺ قال: «لا نورث، ما تركنا صدقة». يريد رسول الله ﷺ نفسه؟ قال الرهط: قد قال ذلك، فأقبل عمر على علي وعباس، فقال: أنشدكما الله، أتعلمان أن رسول الله ﷺ قد قال ذلك؟ قالا: قد قال ذلك، قال عمر:
فإني أحدثكم عن هذا الأمر، إن الله قد خص رسوله ﷺ في هذا الفيء بشيء لم يعطه أحدًا غيره، ثم قرأ: ﴿وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ وَلَكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ [الحشر: ٦] فكانت هذه خالصة لرسول الله ﷺ، والله ما احتازها دونكم، ولا استأثر بها عليكم، قد أعطاكموها وبثها فيكم، حتى بقي منها هذا المال، فكان رسول الله ﷺ ينفق على أهله نفقة سنتهم من هذا المال، ثم يأخذ ما بقي فيجعله مجعل مال الله، فعمل رسول الله ﷺ بذلك حياته -، أنشدكم بالله هل تعلمون ذلك؟ قالوا: نعم، ثم قال لعلي وعباس: أنشدكم بالله هل تعلمان ذلك؟ قال عمر: ثم توفى الله نبيه ﷺ، فقال أبو بكر: أنا ولي رسول الله ﷺ، فقبضها أبو بكر، فعمل فيها بما عمل رسول الله ﷺ، والله يعلم إنه فيها لصادق بار راشد تابع للحق، ثم توفى الله أبا بكر، فكنت أنا ولي أبي بكر، فقبضتها سنتين من إمارتي، أعمل فيها بما عمل رسول الله ﷺ وما عمل فيها أبو بكر، والله يعلم إني فيها لصادق بار راشد تابع للحق، ثم جئتماني تكلماني، وكلمتكما واحدة وأمركما واحد، جئتني يا عباس! تسألني نصيبك من ابن أخيك، وجاءني هذا - يريد عليًا - يريد نصيب امرأته من أبيها، فقلت لكما: إن رسول الله ﷺ قال: «لا نورث، ما تركنا صدقة». فلما بدا لي أن أدفعه إليكما، قلت: إن شئتما دفعتها إليكما، على أن عليكما عهد الله وميثاقه: لَتعملان فيها بما عمل فيها رسول الله ﷺ، وبما عمل فيها أبو بكر، وبما عملت فيها منذ وليتها، فقلتما: ادفعها إلينا، فبذلك دفعتها إليكما، فأنشدكم بالله هل دفعتها إليهما بذلك؟ قال الرهط: نعم، ثم أقبل على علي وعباس، فقال: أنشدكما بالله، هل دفعتها إليكما بذلك؟ قالا: نعم، قال: فتلتمسان مني قضاء غير ذلك، فوالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض! لا أقضي فيها قضاء غير ذلك، فإن عجزتما عنها فادفعاها إلي، فإني أكفيكماها.

متفق عليه: رواه البخاري في فرض الخمس (٣٠٩٤) ومسلم في الجهاد والسير (٤٩: ١٧٥٦) من طريق مالك بن أنس، عن ابن شهاب الزهري، أن مالك بن أوس حدثه قال (فذكره)
عن رجل من أصحاب النبي ﷺ أن كفار قريش كتبوا إلى عبد الله بن أبي ابن سلول، ومن كان يعبد الأوثان من الأوس والخزرج، ورسول الله ﷺ يومئذ بالمدينة، قبل وقعة بدر، يقولون: إنكم آويتم صاحبنا، وإنكم أكثر أهل المدينة عددًا، وإنا نقسم بالله لتقتلنه أو لتخرجنه أو لنستعن عليكم العرب ثم لنسيرن إليكم بأجمعنا، حتى
نقتل مقاتلتكم، ونستبيح نساءكم، فلما بلغ ذلك عبد الله بن أبي ومن كان معه من عبدة الأوثان، تراسلوا، فاجتمعوا، وأرسلوا واجتمعوا لقتال النبي ﷺ وأصحابه، فلما بلغ ذلك النبي ﷺ فلقيهم في جماعة، فقال: لقد بلغ وعيد قريش منكم المبالغ، ما كانت لتكيدكم بأكثر مما تريدون أن تكيدوا به أنفسكم، فأنتم هؤلاء تريدون أن تقتلوا أبناءكم وإخوانكم، فلما سمعوا ذلك من النبي ﷺ تفرقوا، فبلغ ذلك كفار قريش، وكان وقعة بدر، فكتبت كفار قريش بعد وقعة بدر إلى اليهود: أنكم أهل الحلقة والحصون، وأنكم لتقاتلن صاحبنا أو لنفعلن كذا وكذا، ولا يحول بيننا وبين خدم نسائكم شيء - وهي الخلاخيل - فلما بلغ كتابهم اليهود أجمعت بنو النضير على الغدر فأرسلت إلى النبي ﷺ: اخرج إلينا في ثلاثين رجلًا من أصحابك، ولنخرج في ثلاثين حبرًا، حتى نلتقي في مكان كذا، نصف بيننا وبينكم، فيسمعوا منك، فإن صدقوك، وآمنوا بك، آمنا كلنا، فخرج النبي ﷺ في ثلاثين من أصحابه، وخرج إليه ثلاثون حبرًا من يهود، حتى إذا برزوا في براز من الأرض، قال بعض اليهود لبعض: كيف تخلصون إليه، ومعه ثلاثون رجلًا من أصحابه، كلهم يحب أن يموت قبله، فأرسلوا إليه: كيف تفهم ونفهم؟ ونحن ستون رجلا؟ اخرج في ثلاثة من أصحابك، ويخرج إليك ثلاثة من علمائنا، فليسمعوا منك، فإن آمنوا بك آمنا كلنا، وصدقناك، فخرج النبي ﷺ في ثلاثة نفر من أصحابه، واشتملوا على الخناجر، وأرادوا الفتك برسول الله ﷺ، فأرسلت امرأة ناصحة من بني النضير إلى بني أخيها، وهو رجل مسلم من الأنصار، فأخبرته خبر ما أرادت بنو النضير من الغدر برسول الله ﷺ، فأقبل أخوها سريعًا، حتى أدرك النبي ﷺ، فساره بخبرهم قبل أن يصل النبي ﷺ إليهم، فرجع النبي ﷺ، فلما كان من الغد، غدا عليهم رسول الله ﷺ بالكتائب، فحاصرهم، وقال لهم: إنكم لا تأمنون عندي إلا بعهد تعاهدوني عليه، فأبوا أن يعطوه عهدًا، فقاتلهم يومهم ذلك هو والمسلمون، ثم غدا الغد علي بني قريظة بالخيل والكتائب، وترك بني النضير، ودعاهم إلى أن يعاهدوه، فعاهدوهم، فانصرف عنهم، وغدا إلى بني النضير بالكتائب، فقاتلهم حتى نزلوا على الجلاء، وعلى أن لهم ما أقلت الإبل إلا الحلقة، - والحلقة: السلاح - فجاءت بنو النضير، واحتملوا ما أقلت إبل من أمتعتهم، وأبواب بيوتهم، وخشبها، فكانوا يخربون بيوتهم، فيهدمونها فيحملون ما وافقهم من خشبها.
وكان جلاؤهم ذلك أول حشر الناس إلى الشام وكان بنو النضير من سبط من
أسباط بني إسرائيل، لم يصبهم جلاء منذ كتب الله على بني إسرائيل الجلاء، فلذلك أجلاهم رسول الله ﷺ، فلولا ما كتب الله عليهم من الجلاء لعذبهم في الدنيا كما عذبت بنو قريظة فأنزل الله: ﴿سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (١) حتى بلغ ﴿وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ [الحشر: ١ - ٦] وكانت نخل بني النضير لرسول الله ﷺ خاصة، فأعطاه الله إياها، وخصه بها، فقال: ﴿وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ﴾ [الحشر: ٦] يقول: بغير قتال، قال: فأعطى النبي ﷺ أكثرها للمهاجرين، وقسمها بينهم ولرجلين من الأنصار كانا ذوي حاجة، لم يقسم لرجل من الأنصار غيرهما، وبقي منها صدقة رسول الله ﷺ في يد بني فاطمة.

صحيح: رواه عبد الرزاق (٩٧٣٣) عن معمر، عن الزهري، عن عبد الله بن عبد الرحمن بن كعب بن مالك، عن رجل من أصحاب النبي ﷺ فذكره.
ومن طريق عبد الرزاق رواه أبو داود (٣٠٠٤) والبخاري في التاريخ الكبير (٥/ ٣١٣) والبيهقي (٩/ ٢٣٢) ومنهم من اختصره، وعندهم جميعًا عبد الرحمن بن كعب بن مالك بدل: عبد الله بن عبد الرحمن بن كعب بن مالك، ولعل هذا يعود إلى اختلاف النسخ، والخطب فيه يسير، فقد قال الدوري عن ابن معين: سمع الزهري من عبد الله بن عبد الرحمن بن كعب، وسمع أيضًا من أبيه عبد الرحمن، من الأب والابن. (تاريخ الدوري ٢/ ٥٣٨).
وعلى هذا فالإسناد صحيح، وقد صحّحه ابن حجر في فتح الباري (٧/ ٣٣١).

أبواب الكتاب (عرض 50 باباً حول الباب الحالي)

الباب الحالي في المركز 205 من أصل 659 باباً

معلومات عن حديث: غزوة بني النضير

  • 📜 حديث عن غزوة بني النضير

    أحاديث نبوية شريفة تتعلق بـ غزوة بني النضير من مصادر موثوقة.

  • 🔍 صحة حديث غزوة بني النضير

    تحقق من درجة أحاديث غزوة بني النضير (صحيح، حسن، ضعيف).

  • 📖 تخريج حديث غزوة بني النضير

    تخريج علمي لأسانيد أحاديث غزوة بني النضير ومصادرها.

  • 📚 أحاديث عن غزوة بني النضير

    مجموعة شاملة من الأحاديث النبوية في موضوع غزوة بني النضير.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Friday, August 22, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب