ما جاء لا يمس القرآن إلا طاهر - الأحاديث الصحيحة

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الكتب الستة

باب ما جاء: لا يمس القرآن إلّا طاهر

عن عمرو بن حزم، قال: كان في كتاب رسول الله ﷺ: ولا يمسُّ القرآن إلّا طاهر».

صحيح: رواه مالك في كتاب القرآن (١) عن عبد الله بن أبي بكر بن عمرو بن حزم، أنّ في الكتاب الذي كتبه رسول الله ﷺ لعمرو بن حزم كان فيه (فذكر الحديث).
وكذلك رواه عبد الرزاق (١٣٢٨)، والدارقطني (٤٣٥)، والبيهقي (١/ ٨٧) كلهم من حديث معمر، عن عبد الله بن أبي بكر، عن أبيه، قال: كان في كتاب النبيّ ﷺ لعمرو بن حزم (فذكر مثله).
وهذا مرسل فإن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم يرويه عن أبيه، وهو أبو بكر، وعن جدّه وهو محمد بن عمرو بن حزم.
ومحمد بن عمرو بن حزم الأنصاري أبو عبد الملك المدني، له رؤية وليس له سماع إلا من الصّحابة؛ ولذا قال الدارقطني: «هو مرسل ورواته ثقات».
وقد روي موصولًا، وسيأتي تفصيله في كتاب الزّكاة.
قال ابن عبد البر: «لا خلاف عن مالك في إرسال هذا الحديث، وقد رُوي مسندًا من وجه صالح، وهو كتاب مشهور عند أهل السير، معروف عند أهل العلم معرفة يستغنى بها في شهرتها عن الإسناد».
قال الأعظمي: ويشهد له الأحاديث الآتية في الباب، وإن كان أحد منها لا يخلو من ضعف.
ومنها ما رُوي عن حكيم بن حزام، أنّ النّبيّ ﷺ قال: «لا تمسَّ القرآن إلّا وأنت طاهر».
رواه الطبرانيّ في الكبير (٣/ ٢٢٩) عن بكر بن مقبل البصري، ثنا إسماعيل بن إبراهيم صاحب القُوهي، قال: سمعت أبي، ثنا سويد أبو حاتم، ثنا مطر الورّاق، عن حسان بن بلال، عن حكيم بن حزام، قال: لما بعثني رسول الله ﷺ إلى اليمن، قال (فذكر الحديث).
ورواه الدّارقطني (٤٤٠)، وصحّحه الحاكم (٣/ ٤٨٥) كلاهما من طريق إسماعيل بن إبراهيم، بإسناده، مثله. وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.
وفيه سويد أبو حاتم الجحدريّ الحباط، واسم أبي حاتم: إبراهيم، مختلف فيه، فقال أبو زرعة: ليس بالقوي، وقال النسائي: ضعيف، وأفحش القول فيه ابن حبان، ولكن قال ابن معين: أرجو أن لا بأس به، وقال الحافظ في التقريب: «صدوق سيء الحفظ له أغلاط». وحسّن الحازميّ إسناده، كما نقله في «التلخيص».
وشيخه مطر الوراق، مختلف فيه أيضًا قضعّفه النّسائيّ وابن سعد، ومشّاه الآخرون إلّا حديثه عن عطاء ففيه ضعف، كما في «التقريب» وقال: «صدوق كثير الخطأ».
وقد نقل بعض العلماء عن الدارقطني أنه قال: «كلّهم ثقات».
إلّا أني لم أقف على قوله هذا في كتابه «السنن».
فتحسين الحازمي له وجه، وإن كانت النّفس لا تطمئن إلى تحسينه.
وفي الباب أيضًا ما رُوي عن ابن عمر مرفوعًا: «لا يمس القرآن إلّا طاهر». رواه الطبرانيّ في الكبير (١٣٢١٧)، وفي الصغير (١١٦٢)، والدارقطني (٤٣٧)، وعنه البيهقي في «السنن الكبرى» (١/ ٨٨)،
وفي»الخلافات (٢٩٨)، والجوزجاني في: الأباطيل (١/ ٣٧١ - ٣٧٢)، كلّهم من حديث سعيد بن محمد بن ثواب، حدثنا أبو عاصم، أخبرنا ابن جريج، عن سليمان بن موسى، قال: سمعت سالمًا يحدّث عن أبيه، قال (فذكر الحديث).
وسليمان بن موسى وهو الأشدق مختلف فيه، فقال البخاري: عنده مناكير، وقال النسائي: ليس بالقوي في الحديث، ووثقه يحيى بن معين، ودحيم، والترمذي، وابن عدي وغيرهم فهو»صدوق في حديثه بعض لين«كما في التقريب.
وقال الحافظ في التلخيص (١/ ١٣١): إسناده لا بأس به، ذكر الأثرم أنّ أحمد احتجّ به». وقال الهيثميّ أيضًا في «المجمع» (١/ ٢٧٦): «رواه الطبراني في الكبير والصغير ورجاله موثقون».
وقال الجوزجانيّ في الأباطيل (١/ ٣٧٢): «هذا حديث مشهور حسن».
وفي الباب أيضًا عن عثمان بن أبي العاص مرفوعًا: «لا تمسَّ القرآن إلّا وأنت طاهر». رواه الطبراني في الكبير (٩/ ٣٣) عن أحمد بن عمرو الخلال المكيّ، ثنا يعقوب بن حميد، ثنا هشام بن سليمان، عن إسماعيل بن رافع، عن محمد بن سعيد بن عبد الملك، عن المغيرة بن شعبة، عن عثمان بن أبي العاص، فذكر حديثًا طويلًا في زكاة الماشية وغيرها، وفيها الجزء المذكور.
وذكره الزّيلعيّ في «نصب الرّاية» (١/ ١٩٨).
وأورده الهيثمي في «المجمع» (١/ ٢٧٧) وقال: «فيه إسماعيل بن رافع ضعّفه يحيى بن معين والنسائي، وقال البخاري: ثقة مأمون».
وقال أيضًا (٣/ ٧٤): «فيه هشام بن سليمان، وقد ضعّفه جماعة من الأئمّة، ووثّقه البخاريّ.
ولكن قال الحافظ في التلخيص (١/ ١٣١): «في رواية الطبراني من لا يعرف».
وقال»ورواه ابن أبي داود في المصاحف (٧٣٨)، وفيه انقطاع».
قال الأعظمي: لأنه من رواية القاسم بن برزة، عن عثمان بن أبي العاص قال: كان فيما عهد إليَّ رسول الله ﷺ: «لا تمس المصحف، وأنت غير طاهر».
والقاسم لم يدرك عثمان، والراوي عنه إسماعيل بن مسلم المكي ضعيف، تركهـ بعضهم.
وخلاصة القول في هذا الباب: إنّ الحديث صحيح وجادة، وأحاديث الباب تقوّي هذه الوجادة، والنّفس تطمئن إلى صحة مثل هذا الحديث، وقد قال به عدد من الصحابة والتابعين والأئمّة المهديين بعدهم.
قال مصعب بن سعد بن أبي وقاص: «كنت أمسك المصحف على سعد بن أبي وقاص، فاحتككتُ.
فقال سعد: لعلّك مسستَ ذكركَ؟ قلت: نعم. فقال: قم فتوضأ. فقمتُ فتوضّأت ثم رجعت».
رواه مالك في الطهارة (٥٩) عن إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص، عن مصعب بن سعد بن أبي وقاص. وإسناده صحيح.
وقد كره سالم وعطاء وطاوس والقاسم وعامر الشعبي القراءة في المصحف على غير وضوء. ذكره الجوزجاني في الأباطيل (١/ ٣٧٣).
وقال ابن عبد البر في الاستذكار (٨/ ١٠ - ١١): «وأجمع فقهاء الأمصار الذين تدور عليهم الفتوى وعلى أصحابهم بأن المصحف لا يمسه إلا الطّاهر، وهو قول مالك والشافعي وأبي حنيفة وأصحابهم، والثوري، والأوزاعي، وأحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، وأبي ثور، وأبي عبيد، وهؤلاء أئمّة الرّأي والحديث في أعصارهم. ورُوي ذلك عن سعد بن أبي وقاص وعبد الله بن عمر وطاوس والحسن والشعبي والقاسم بن محمد وعطاء، وهؤلاء من أئمّة التابعين بالمدينة ومكة واليمن والكوفة والبصرة.
قال إسحاق بن راهويه: «لا يقرأ أحدٌ في المصحف إلّا هو متوضّئ، وليس ذلك لقول الله عز وجل: ﴿لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ﴾ [سورة الواقعة: ٧٩]، ولكن لقول رسول الله ﷺ: «لا يمس القرآن إلّا طاهر». انتهى ما في الاستذكار.
وأجاز قومٌ مسّ المصحف على غير وضوء مستدلين بقول النّبيّ ﷺ: «المؤمن لا ينجس» وهو متفق عليه.
وحملوا النّهي في حديث الباب على الجنب والحائض، وقولهَ تعالى: ﴿لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ﴾ بأنه كتاب الله الذي في السماء لا يمسه إلا الملائكة المطّهرون.
قال البغوي في شرح السنة (٢/ ٤٨): «وجوّز الحَكَم وحماد وأبو حنيفة حمله ومسّه. وقال أبو حنيفة: لا يمس الموضع المكتوب».
وروى عبد الرزّاق (١٣٤٧) عن شيخ من أهل مكة، قال: سمعت سفيان العصفريّ يقول: «رأيت سعيد بن جبير بال ثم غسل وجهه، ثم أخذ المصحف فقرأ فيه».
قال أبو بكر (هو عبد الرزّاق): وسمعته من مروان بن معاوية الفزاريّ. انتهى.
قال الأعظمي: ومروان بن معاوية كوفيٌّ سكن مكة، فلعلّ عبد الرزاق ما عرفه أوّلًا، ثم تبيّن له أنه هو والإسناد متصل.
ورواه ابن أبي داود في كتاب المصاحف (٧٦٠) عن عبد الله بن بشار، قال: نا يحيى (بن سعيد القطان)، نا أبو الورقاء (وهو سفيان بن زياد العصفريّ)، قال: سمعت سعيد بن جبير، فذكر مثله.
وروى أيضًا بإسناده الشعبيّ قال: منّ المصحف ما لم تكن جنبًا. انتهى.
وممن ذهب إلى هذا ابن عباس، والضّحاك، وغيرهما كما ذكره الشّوكانيّ في نيل الأوطار (١/ ٣١٦)، ولعل قول أبي حنيفة والشعبي وغيرهما الذين ذكرهم ابن عبد البر يحمل على الجنب والحائض، والله أعلم بالصّواب.
وأما قراءة القرآن للجنب والحائض بدون مسّ المصحف فقد روي عن ابن عمر مرفوعا: «لا
يقرأ القرآن الجنبُ ولا الحائض» فهو ضعيف، أخرجه الترمذي (١٣١) وابن ماجه (٥٩٥) كلاهما من طريق إسماعيل بن عياش، عن موسى بن عقبة، عن نافع، عن ابن عمر، فذكر الحديث.
قال الترمذي: «لا نعلمه يُرْوَى عن ابن عمر إلا من هذا الوجه».
قال الأعظمي: في الإسناد إسماعيل بن عياش، وهو منكر الحديث عن أهل الحجاز، كما قال البخاري. وقال الإمام أحمد: هذا حديث يتفرد به إسماعيل بن عياش، وروايته عن أهل الحجاز ضعيفة لا يحتج به.
وقال ابن أبي حاتم في عِلله (١/ ٤٩): سمعت أبي، وذكر حديث إسماعيل بن عياش هذا، فقال: خطأ، إنما هو قول ابن عمر. انتهي.
وللحديث طرق أخرى ذكرها الدارقطني في «العلل» (١/ ١١٧)، إلا أنها كلها ضعيفة لا تقوم بها حجة.
وكذلك ما روي عن جابر بن عبد الله مرفوعا: «لا يقرأ الحائض ولا النفساء من القرآن شيئًا» فهو أيضًا ضعيف، رواه الدارقطني (٢/ ٨٧) من طريق محمد بن الفضل، عن أبيه، عن طاوس، عن جابر، فذكر الحديث.
ومحمد بن الفضل ضعيف جدا، رواه ابن عدي في الكامل وأعله بمحمد بن الفضل، وأغلظ في تضعيفه عن البخاري والنسائي وأحمد وابن معين.
ورواه الدارقطني أيضًا (١/ ١٢١) موقوفا على جابر، وفيه ابن أبي أنيسة، ضعيف.
وكذلك ما روي عن علي قال: كان رسول الله ﷺ يقرئنا القرآن على كل حال، ما لم يكن جنبا».
رواه أصحاب السنن: أبو داود (٢٢٩) والترمذي (١/ ٢١٤) واللفظ له، والنسائي (٢٦٦) وابن ماجه (٥٩٤) كلهم من طريق عمرو بن مرة، عن عبد الله بن سَلِمة، عن علي بن أبي طالب، قال الترمذي: حسن صحيح.
قال الأعظمي: والصواب أنه ضعيف؛ لأن مداره على عبد الله بن سلمة.
قال المنذري: ذكر أبو بكر البزار أنه لا يُروى عن عَليّ إلا من حديث عمرو بن مرة، عن عبد الله بن سلمة. وحكى البخاري عن عمرو بن مرة: كان عبد الله - يعني ابن سلمة - يحدثنا، فنعرف وننكر، وكان قد كبر، ولا يتابع على حديثه. وذكر الشافعي هذا الحديث وقال: لم يكن أهل الحديث يثبتونه.
قال البيهقي: وإنما نوقف الشافعي في ثبوت هذا الحديث لأن مداره على عبد الله بن سلمة الكوفي، وكان قد كبر وأنكر من حديثه وعقله بعض النكرة، وإنما رَوَى هذا الحديث بعدما كَبِر، قاله شعبة. هذا آخر كلامه.
وقوله: ليس الجنابة, معناه: غير الجنابة.
قال الخطابي: كان الإمام أحمد يرخص للجنب أن يقرأ الآية ونحوها، وكان يوهن حديث عليّ هذا، ويضعف أمر عبد الله بن سلمة، وكذلك قال مالك في الجنب: إنه يقرأ الآية ونحوها، وقد حكي عنه أنه قال: تقرأ الحائض ولا يقرأ الجنب؛ لأن الحائض إذا لم تقرأ نسبت القرآن؛ لأن أيام الحيض تتطاول، ومدة الجنابة لا تطول. وروي عن ابن المسيب وعكرمة أنهما لا يريان بأسا بقراءة الجنب القرآن. وأكثر العلماء على تحريمه. انتهى كلامه.
وقال الترمذي عقب حديث ابن عمر - «لا تقرأ الحائض ولا الجنب شيئًا من القرآن» -: هو قول أكثر أهل العلم من أصحاب النبي ﷺ والتابعين ومن بعدهم، مثل سفيان الثوري وابن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق. قالوا: لا تقرأ الحائض ولا الجنب من القرآن شيئًا، إلا طرف الآية والحرف ونحو ذلك، ورخصوا للجنب والحائض في التسبيح والتهليل. انتهى.
وهذا الذي جرى عليه أهل العلم فمنعوا للحائض أن تقرأ القرآن إلا لحاجة.
وقد سئل فضيلة الشيخ العثيمين ﵀ عن قراءة القرآن للحائض فأجازها عند الحاجة، منها: الأوراد كآية الكرسي والآيتين الآخرتين من سورة البقرة، وقل هو الله أحد، والمعوذات، وغيرها مما ورد من الأوراد.
ومن الحاجة: أن تخاف نسيانه فتقرأه ولا بأس.
ومن الحاجة: أن تكون معلِّمة تعلِّمُ القرآن ولو كانت حائضًا ولا بأس.
ومن الحاجة: أن تكون متعلَّمة فتُسْمعُ القرآن معلمتها.

أبواب الكتاب

معلومات عن حديث: ما جاء لا يمس القرآن إلا طاهر

  • 📜 حديث عن ما جاء لا يمس القرآن إلا طاهر

    أحاديث نبوية شريفة تتعلق بـ ما جاء لا يمس القرآن إلا طاهر من مصادر موثوقة.

  • 🔍 صحة حديث ما جاء لا يمس القرآن إلا طاهر

    تحقق من درجة أحاديث ما جاء لا يمس القرآن إلا طاهر (صحيح، حسن، ضعيف).

  • 📖 تخريج حديث ما جاء لا يمس القرآن إلا طاهر

    تخريج علمي لأسانيد أحاديث ما جاء لا يمس القرآن إلا طاهر ومصادرها.

  • 📚 أحاديث عن ما جاء لا يمس القرآن إلا طاهر

    مجموعة شاملة من الأحاديث النبوية في موضوع ما جاء لا يمس القرآن إلا طاهر.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Friday, August 22, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب