Allahummak-finee bihalalika AAan haramik, wa-aghninee bifadlika AAamman siwak. ‘O Allah, make what is lawful enough for me, as opposed to what is unlawful, and spare me by Your grace, of need of others.
(1) الترمذي، 5/ 560، برقم 3563، وانظر: صحيح الترمذي، 3/180.
شرح معنى اللهم اكفني بحلالك عن حرامك وأغنني بفضلك عمن سواك
1- قوله: «اللَّهم اكفني بحلالك عن حرامك» أي: اجعلني غنيًّا بالحلال عن الحرام. قال القاري رحمه الله: «اكفني بهمزة وصل تثبت في الابتداء مكسورة وتسقط في الدرج وضبط في بعض النسخ بفتح الهمزة ولا وجه له إذ هو أمر من كفى يكفي بحلالك عن حرامك أي متجاوزاً أو مستغنيا عنه»(3) . 2- قوله: «واغنني بفضلك عمن سواك» أي: اجعلني غنيًّا بما تمن علي به من فضل فلا أسأل غيرك ولا ألتجئ إلا لك، وقال الزبيدي: «فالغني هو الذي لا تعلق له بغيره، ولا يتصور أن يكون غنياً مطلقاً إلا اللَّه تعالى، فاللَّه تعالى هو الغني، وهو المغني أيضاً، ولكن الذي أغناه لا يتصور أن يكون بإغنائه غنياً مطلقاً، فمن أقل أموره أنه يحتاج إلى المغني، فلا يكون غنياً، بل يستغني عن غير اللَّه تعالى بأن يمدّه اللَّه تعالى بما يحتاج إليه؛ لا بأن يقطع عنه أصل الحاجة، والغني الحقيقي هو الذي لا حاجة له إلى أحد أصلاً، ... فالمستغني بالحق أغنى الأغنياء، وإن كان يخزن مؤنة من كُلِّف به، فإن ذلك من آداب الكُمّل لقوة معرفتهم بحدود اللَّه...»(4) . 3- قوله: «أن مكاتبًا»: المكاتب: هو العبد الذي يتفق مع سيده على أن يكون حرًّا، وذلك مقابل مبلغًا من المال اتفقا عليه في وقت معين، قال ابن الأثير: «مكاتباً: المكاتب: العبد يشتري نفسه من مولاه بمال معين في ذمته ليؤديه إليه من كسبه. 4- قوله: «مثل جبل صبير ديناً»: المراد من ذلك المبالغة في عظم الدين، وأن اللَّه سيقضيه عنه مهما كان قدره، وصبير اسم لجبل في ديار طيئ فيه كهوف كالبيوت، وصير: جبل باليمن، وقال بعضهم: الذي جاء في حديث علي: «مثل جبل صير» بإسقاط الباء الموحدة، قال: وهو جبل لطيئ، وجبل على الساحل أيضاً، بين عمان وسيراف، قال: فأما صبير: فإنما جاء في حديث معاذ»(5) . 5- قوله: «عجزت عن كتابتي» أي: لم أجد المال لأدفعه كما اتفقنا في عقد الكتابة، قال الطيبي : «الكتابة: المال الذي كاتب به السيد عبده، يعني: بلغ وقت أداء مال الكتابة، وليس لي مالٌ، أقول [القائل الطيبي :]: طلب المكاتب المال، فَعلَّمه [عليٌّ] رضي الله عنه الدعاء، إما لأنه لم يكن عنده شيء من المال ليعينه، فرده أحسن رد، عملاً بقوله تعالى: ﴿قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ﴾(6) ، أو أرشده إلى أن الأولى والأصلح له أن يستعين باللَّه لأدائها، ولا يتكل على الغير»(7) . 6- قوله: «المكاتب»: بفتح الكاف من تقع له الكتابة، وبالكسر من تقع منه، وهي مشتقة من كتب أي: أوجب. كقوله: ﴿ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ﴾(8) ، قال ابن التين: كانت موجودة في الجاهلية، وأقرها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وأول من كوتب من الرجال: سلمان الفارسي رضي الله عنه، ومن النساء بريرة ل، وبعد موته صلى الله عليه وسلم أبو أمية مولى عمر رضي الله عنه، ثم سيرين مولى أنس بن مالك رضي الله عنه(9) . 7- قوله: «ألا أعلمك كلمات علمنيهن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم»: قال القاري : «يحتمل أن تكون ألا للتنبيه، وأن تكون الهمزة للاستفهام، ولا للنفي، وسقط الجواب ببلى اختصاراً، أو إشارة إلى أنه لا يحتاج إليه؛ لأن من المعلوم أنه هو المراد، والمعنى: ألا أخبرك بكلمات، أو بفضيلة دعوات»(10) . 8- قوله: «لو كان عليك مثل جبل صير دَيناً»: قال الطيبي: «أن يكون تمييزاً عن اسم (كان)؛ لما فيه من الإبهام، و(عليك) خبره مقدماً عليه، وأن يكون (دَيناً) خبر (كان)، و(عليك) حالاً من المستتر في الخبر، والعامل هو معنى الفعل المقدر في الخبر، ومن جوَّز إعمال (كان) في الحال، فظاهر على مذهبه»(7) . 9- قوله: «أداه اللَّه عنك»: قال الصنعاني : «أي: أنقذك من مذلته، وأخرجه من ذمتك»(11) . 10- قوله: «رحمن الدنيا والآخرة»: الرحمن والرحيم اسمان من أسماء اللَّه الحسنى، وهناك فروق بينهما، ولذلك كان استعمال اسم الرحمن هنا دون الرحيم، لأمر بياني إيماني، قال الحافظ ابن حجر في الفروق بين الاسمين الحسنيين: «الرَّحمَن الرَّحِيم: اسمانِ مِنَ الرَّحمَة، أَي مُشتَقّانِ مِنَ الرَّحمَة(12) . وقال العلامة السعدي: «﴿الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ اسمان دالان على أنه تعالى ذو الرحمة الواسعة العظيمة التي وسعت كل شيء، وعمت كل حي، وكتبها للمتقين المتبعين لأنبيائه ورسله، فهؤلاء لهم الرحمة المطلقة، ومن عداهم فلهم نصيب منها، واعلم أن من القواعد المتفق عليها بين سلف الأمة وأئمتها، الإيمان بأسماء اللَّه وصفاته، وأحكام الصفات، فيؤمنون مثلاً بأنه رحمن رحيم، ذو الرحمة التي اتصف بها، المتعلقة بالمرحوم. فالنعم كلها، أثر من آثار رحمته، وهكذا في سائر الأسماء. يقال في العليم: إنه عليم ذو علم، يعلم به كل شيء، قدير، ذو قدرة يقدر على كل شيء»(13) .
ما يستفاد من الحديث:
1- العتق من جملة محاسن هذا الدين ومفاخره وهو إزالة المِلك. قال الأزهري: هو مشتق من عتق الفرس إذا سبق؛ لأن الرقيق يتخلص بالعتق ويذهب حيث شاء(14) . 2- حث اللَّه على إعتاق الرقاب، فقال عز وجل: ﴿فَكُّ رَقَبَةٍ﴾(15) ، والمراد تخليصها من الرق، وإنما خصت بالذكر إشارة إلى أن حكم السيد على سيده كالغل في الرقبة، فإذا أعتق فك الغل من رقبته، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «أيما رجل أعتق امرأً مسلمًا، استنقذ اللَّه بكل عضو منه عضوًا منه من النار»(16) . 3- ما كان عليه عليٌّ رضي الله عنه من حسن إرشاد السائل إلى ما ينفعه؛ حيث علمه هذا الدعاء، وفي ذلك فضل لتعلم العلم، وتعليمه لمن يجهله. 4- الحث على الإكثار من هذا الدعاء لمن ابتُلي بالدين، مع تفويض الأمر إلى اللَّه، وبذل كل سبب شرعي لقضائه، وعدم المماطلة لقوله صلى الله عليه وسلم: «مطل الغني ظلم»(17) . 5- عون اللَّه للمدين على حسب نيته في السداد، أو عدمه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْ عَبْدٍ كَانَتْ لَهُ نِيَّةٌ فِي أَدَاءِ دَيْنِهِ، إِلَّا كَانَ لَهُ مِنَ اللهِ عز وجل عَوْنٌ، فَأَنَا أَلْتَمِسُ ذَلِكَ الْعَوْنَ»(18) ، وضد ذلك من استدان وليس في نيته السداد توعده النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: «مَنْ أَخَذَ أَمْوَالَ النَّاسِ يُرِيدُ أَدَاءَهَا أَدَّى اللَّهُ عَنْهُ، وَمَنْ أَخَذَ يُرِيدُ إِتْلاَفَهَا أَتْلَفَهُ اللَّهُ»(19) . 6- ينبغي المبادرة إلى قضاء الدين قبل الموت لما يترتب على عدم قضائه بعد الموت من أمور عظام حذر منها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كقوله: «نَفْسُ الْمُؤْمِنِ مُعَلَّقَةٌ بِدَيْنِهِ، حَتَّى يُقْضَى عَنْهُ»(20) ، وقوله صلى الله عليه وسلم لسعد بن الأحول رضي الله عنه لما مات أخوه، وترك ثلاث مائة دينار، وترك أولادًا صغارًا، فأراد سعد أن ينفق على أولاد أخيه من هذا المال، فأخبره الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله: «إِنَّ أَخَاكَ مَحْبُوسٌ بِدَيْنِهِ، فَاذْهَبْ، فَاقْضِ عَنْهُ»، قَالَ: فَذَهَبْتُ، فَقَضَيْتُ عَنْهُ، ثُمَّ جِئْتُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ قَضَيْتُ عَنْهُ، وَلَمْ يَبْقَ إِلَّا امْرَأَةً تَدَّعِي دِينَارَيْنِ، وَلَيْسَتْ لَهَا بَيِّنَةٌ، قَالَ: «أَعْطِهَا، فَإِنَّهَا صَادِقَةٌ»( )، وقوله صلى الله عليه وسلم: «لاَ تُخِيفُوا أَنْفُسَكُمْ بَعْدَ أَمْنِهَا» قَالُوا: وَمَا ذَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «الدَّيْنُ»(21) .
1
الترمذي، برقم 1319، والحاكم، 1/721 ، وحسنه الألباني في صحيح الترمذي، برقم 2822، وفي صحيح الترغيب والترهيب، برقم 1820
2
المعجم الصغير، للطبراني، 1/ 336، برقم 558، والضياء المقدسي في المختارة، 7/ 696، برقم 2633، وحسنه، والهيثمي في مجمع الزوائد، 4/ 434، وحسنه أيضاً الألباني في صحيح الترغيب والترهيب، برقم 1821
تم تأسيس موقع سورة قرآن كبادرة متواضعة بهدف خدمة الكتاب العزيز و السنة المطهرة و الاهتمام بطلاب العلم و تيسير العلوم الشرعية على منهاج الكتاب و السنة , وإننا سعيدون بدعمكم لنا و نقدّر حرصكم على استمرارنا و نسأل الله تعالى أن يتقبل منا و يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم .