تفسير الآية - القول في معنى قوله تعالى : الحمد لله فاطر السموات والأرض جاعل الملائكة ..

  1. تفسير السعدي
  2. تفسير البغوي
  3. التفسير الوسيط
  4. تفسير ابن كثير
  5. تفسير الطبري
الفسير الوسيط | التفسير الوسيط للقرآن الكريم للطنطاوي | تأليف شيخ الأزهر محمد سيد طنطاوي (المتوفى: 1431هـ) : ويعتبر هذا التفسير من التفاسير الحديثة و القيمة لطلاب العلم و الباحثين في تفسير القرآن العظيم بأسلوب منهجي سهل و عبارة مفهومة, تفسير الآية 1 من سورةفاطر - التفسير الوسيط .
  
   

﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَّثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ ۚ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾
[ سورة فاطر: 1]

معنى و تفسير الآية 1 من سورة فاطر : الحمد لله فاطر السموات والأرض جاعل الملائكة .


تفسير الجلالين التفسير الميسر تفسير السعدي
تفسير البغوي التفسير الوسيط تفسير ابن كثير
تفسير الطبري تفسير القرطبي إعراب الآية

تفسير السعدي : الحمد لله فاطر السموات والأرض جاعل الملائكة


يمدح الله تعالى نفسه الكريمة المقدسة، على خلقه السماوات والأرض، وما اشتملتا عليه من المخلوقات، لأن ذلك دليل على كمال قدرته، وسعة ملكه، وعموم رحمته، وبديع حكمته، وإحاطة علمه.
ولما ذكر الخلق، ذكر بعده ما يتضمن الأمر، وهو: أنه جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا في تدبير أوامره القدرية، ووسائط بينه وبين خلقه، في تبليغ أوامره الدينية.
وفي ذكره أنه جعل الملائكة رسلا، ولم يستثن منهم أحدا، دليل على كمال طاعتهم لربهم وانقيادهم لأمره، كما قال تعالى: لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ولما كانت الملائكة مدبرات بإذن اللّه، ما جعلهم اللّه موكلين فيه، ذكر قوتهم على ذلك وسرعة سيرهم، بأن جعلهم أُولِي أَجْنِحَةٍ تطير بها، فتسرع بتنفيذ ما أمرت به.
مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ أي: منهم من له جناحان وثلاثة وأربعة، بحسب ما اقتضته حكمته.
يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ أي: يزيد بعض مخلوقاته على بعض، في صفة خلقها، وفي القوة، وفي الحسن، وفي زيادة الأعضاء المعهودة، وفي حسن الأصوات، ولذة النغمات.
إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ فقدرته تعالى تأتي على ما يشاؤه، ولا يستعصي عليها شيء، ومن ذلك، زيادة مخلوقاته بعضها على بعض.

تفسير البغوي : مضمون الآية 1 من سورة فاطر


مكية( الحمد لله فاطر السماوات والأرض ) خالقها ومبدعها على غير مثال سبق ( جاعل الملائكة رسلا أولي أجنحة ) ذوي أجنحة ( مثنى وثلاث ورباع ) قال قتادة ومقاتل : بعضهم له جناحان ، وبعضهم له ثلاثة أجنحة ، وبعضهم له أربعة أجنحة ، ويزيد فيها ما يشاء وهو قوله ( يزيد في الخلق ما يشاء )وقال ابن مسعود في قوله - عز وجل - : " لقد رأى من آيات ربه الكبرى " ( النجم - 18 ) ، قال رأى جبريل في صورته له ستمائة جناح .
وقال ابن شهاب في قوله : " يزيد في الخلق ما يشاء " قال : حسن الصوت .
وعن قتادة قال : هو الملاحة في العينين .
وقيل: هو العقل والتمييز .
( إن الله على كل شيء قدير )

التفسير الوسيط : الحمد لله فاطر السموات والأرض جاعل الملائكة


مقدمة وتمهيد 1- سورة فاطر هي السورة الخامسة والثلاثون في ترتيب المصحف، وكان نزولها بعد سورة الفرقان- كما ذكر صاحب الإتقان .
وهي من السور المكية الخالصة، وتسمى أيضا- بسورة «الملائكة» .
قال القرطبي: هي مكية في قول الجميع.
وهي خمس وأربعون آية .
2- سورة فاطر هي آخر السور التي افتتحت بقوله-تبارك وتعالى-: الْحَمْدُ لِلَّهِ وقد سبقها في هذا الافتتاح سور: الفاتحة، والأنعام، والكهف، وسبأ.
قال- سبحانه - في افتتاح سورة فاطر: الْحَمْدُ لِلَّهِ فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ، جاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ، يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ ما يَشاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.
3- ثم تحدث- سبحانه - بعد ذلك عن مظاهر نعمه على عباده ورحمته بهم، فقال:ما يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَها، وَما يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ، وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ....4- ثم توجه السورة الكريمة نداءين إلى الناس، تأمرهم في أولهما بشكر الله-تبارك وتعالى- على نعمه، وتنهاهم في ثانيهما عن الاغترار بزينة الحياة الدنيا وعن اتباع خطوات الشيطان..قال- سبحانه -: يا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ، هَلْ مِنْ خالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ ...
وقال- جل شأنه-: يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ، فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا، وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ.
5- وبعد أن تسلى السورة الكريمة الرسول صلّى الله عليه وسلّم عما أصابه من أعدائه، تأخذ في بيان مظاهر قدرة الله-تبارك وتعالى- في خلقه، فتذكر قدرته- سبحانه - في إرسال الرياح والسحب، وفي خلقه للإنسان من تراب، وفي إيجاده للبحرين: أحدهما عذب فرات سائغ شرابه، والثاني: ملح أجاج، وفي إدخاله الليل في النهار، والنهار في الليل، وفي تسخيره الشمس والقمر..قال-تبارك وتعالى-: وَما يَسْتَوِي الْبَحْرانِ هذا عَذْبٌ فُراتٌ سائِغٌ شَرابُهُ وَهذا مِلْحٌ أُجاجٌ، وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْماً طَرِيًّا، وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَها، وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَواخِرَ، لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ.
يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ، وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى، ذلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ، وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ ما يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ.
6- ثم وجه- سبحانه - نداء ثالثا إلى الناس، بين لهم فيه: افتقارهم اليه-تبارك وتعالى- وحاجتهم إلى عونه وعطائه، وتحمل كل إنسان لمسئولياته ولنتائج أعماله..كما بين لهم- سبحانه - أن الفرق بين الهدى والضلال، كالفرق بين الإبصار والعمى، وبين النور والظلمات، وبين الحياة والموت، وبين الظل والحرور.
قال-تبارك وتعالى-: وَما يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ، وَلَا الظُّلُماتُ وَلَا النُّورُ، وَلَا الظِّلُّ وَلَا الْحَرُورُ.
وَما يَسْتَوِي الْأَحْياءُ وَلَا الْأَمْواتُ، إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشاءُ، وَما أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ.
7- ثم عادت السورة الكريمة إلى الحديث عن مظاهر قدرة الله-تبارك وتعالى- ورحمته بعباده، وعن الثواب العظيم الذي أعده- سبحانه - لمن يتلون كتابه ولمن يحافظون على فرائضه- وعن عقابه الأليم للكافرين الجاحدين لنعمه..قال-تبارك وتعالى-: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً، فَأَخْرَجْنا بِهِ ثَمَراتٍ مُخْتَلِفاً أَلْوانُها، وَمِنَ الْجِبالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُها، وَغَرابِيبُ سُودٌ.
وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ كَذلِكَ، إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ، إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ.
إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتابَ اللَّهِ وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً، يَرْجُونَ تِجارَةً لَنْ تَبُورَ.
ثم قال- سبحانه -: وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نارُ جَهَنَّمَ، لا يُقْضى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذابِها كَذلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ.
8- ثم انتقلت السورة الكريمة في أواخرها إلى الحديث عن جهالات المشركين، حيث عبدوا من دون الله-تبارك وتعالى- مالا يملك لهم ضرا ولا نفعا، وعن مكرهم السيئ الذي لا يحيق إلا بأهله، وعن نقضهم لعهودهم حيث أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لَئِنْ جاءَهُمْ نَذِيرٌ لَيَكُونُنَّ أَهْدى مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ، فَلَمَّا جاءَهُمْ نَذِيرٌ ما زادَهُمْ إِلَّا نُفُوراً ...
ثم ختم- سبحانه - السورة الكريمة ببيان سعة رحمته بالناس فقال: وَلَوْ يُؤاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِما كَسَبُوا، ما تَرَكَ عَلى ظَهْرِها مِنْ دَابَّةٍ، وَلكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى، فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كانَ بِعِبادِهِ بَصِيراً.
9- وهكذا نرى سورة فاطر قد طوفت بالنفس الإنسانية في أرجاء هذا الكون، وأقامت الأدلة على وحدانية الله-تبارك وتعالى- وقدرته.
عن طريق نعم الله-تبارك وتعالى- المبثوثة في الأرض وفي السماء، وفي الليل وفي النهار، وفي الشمس وفي القمر: وفي الرياح وفي السحب، وفي البر وفي البحر.. وفي غير ذلك من النعم التي سخرها- سبحانه - لعباده.
كما نراها قد حددت وظيفة الرسول صلّى الله عليه وسلّم وساقت له ما يسليه ويزيده ثباتا على ثباته، وما يرشد كل عاقل إلى حسن عاقبة الأخيار، وسوء عاقبة الأشرار.
وصلّى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم..افتتحت سورة «فاطر» كما سبق أن ذكرنا عند تفسيرنا لسورة «سبأ» بتقرير الحقيقة الأولى في كل دين، وهي أن المستحق للحمد المطلق، والثناء الكامل، هو الله رب العالمين.
والحمد: هو الثناء باللسان على الجميل الصادر عن اختيار من نعمة وغيرها.
و «أل» في الحمد للاستغراق.
بمعنى أن المستحق لجميع المحامد، ولكافة ألوان الثناء هو الله-تبارك وتعالى-.
وقوله: فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أى خالقهما وموجدهما على غير مثال يحتذي، إذ المراد بالفطر هنا: الابتداء والاختراع للشيء الذي لم يوجد ما يشبهه من قبل.
قال القرطبي: والفاطر: الخالق، والفطر- بفتح الفاء-: الشق عن الشيء.
يقال:فطرته فانفطر.
ومنه: فطر ناب البعير، أى: طلع.
وتفطر الشيء، أى: تشقق ...
والفطر: الابتداء والاختراع.
قال ابن عباس: كنت لا أدرى ما فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ حتى أتى أعرابيان يختصمان في بئر، فقال أحدهما: أنا فطرتها، أى: أنا ابتدأتها..والمراد بذكر السموات والأرض: العالم كله.
ونبه بهذا على أن من قدر على الابتداء، قادر على الإعادة .
والمعنى: الحمد المطلق والثناء التام الكامل لله-تبارك وتعالى- وحده، فهو- سبحانه - الخالق للسموات والأرض، ولهذا الكون بأسره، دون أن يسبقه إلى ذلك سابق، أو يشاركه فيما خلق وأوجد مشارك.
وقوله-تبارك وتعالى-: جاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ بيان لمظهر آخر من مظاهر قدرته-تبارك وتعالى- التي لا يعجزها شيء.
والملائكة: جمع ملك.
والتاء لتأنيث الجمع، وأصله ملاك.
وهم جند من خلق الله- تعال- وقد وصفهم- سبحانه - بصفات متعددة، منها: أنهم يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لا يَفْتُرُونَ وأنهم عِبادٌ مُكْرَمُونَ.
لا يَعْصُونَ اللَّهَ ما أَمَرَهُمْ، وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ.
قال الجمل: وقوله: جاعل الملائكة، أى: بعضهم.
إذ ليس كلهم رسلا كما هو معلوم.
وقوله: أُولِي أَجْنِحَةٍ نعت لقوله رُسُلًا، وهو جيد لفظا لتوافقهما تنكيرا.
أو هو نعت للملائكة، وهو جيد معنى إذ كل الملائكة لها أجنحة، فهي صفة كاشفة...
وقوله: مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ أسماء معدول بها عن اثنين اثنين، وثلاثة ثلاثة، وأربعة أربعة، وهي ممنوعة من الصرف، للوصفية والعدل عن المكرر وهي صفة لأجنحة.
أى: الحمد لله الذي خلق السموات والأرض بقدرته، والذي جعل الملائكة رسلا إلى أنبيائه.
وإلى من يشاء من عباده، ليبلغوهم ما يأمرهم- سبحانه - بتبليغه إليهم..وهؤلاء الملائكة المكرمون، ذوو أجنحة عديدة.
منهم من له جناحان ومنهم من له ثلاثة، ومنهم من له أربعة، ومنهم من له أكثر من ذلك، لأن المراد بهذا الوصف، بيان كثرة الأجنحة لا حصرها.
قال الآلوسى ما ملخصه قوله: جاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا.. معناه: جاعل الملائكة وسائط بينه وبين أنبيائه والصالحين من عباده، يبلغون إليهم رسالته بالوحي والإلهام والرؤيا الصادقة، أو جاعلهم وسائط بينه وبين خلقه يوصلون إليهم آثار قدرته وصنعه، كالأمطار والرياح وغيرهما.
وقوله: مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ معناه: أن من الملائكة من له جناحان ومنهم من له ثلاثة، ومنهم من له أربعة، ولا دلالة في الآية على نفى الزائد، وما ذكر من عد للدلالة على التكثير والتفاوت، لا للتعيين ولا لنفى النقصان عن اثنين..فقد أخرج الشيخان عن ابن مسعود في قوله-تبارك وتعالى- لَقَدْ رَأى مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى أن الرسول صلّى الله عليه وسلّم رأى جبريل وله ستمائة جناح.. .
وقوله-تبارك وتعالى-: يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ ما يَشاءُ استئناف مقرر لمضمون ما قبله، من كمال قدرته، ونفاذ إرادته.
أى يزيد- سبحانه - في خلق كل ما يزيد خلقه ما يشاء أن يزيده من الأمور التي لا يحيط بها الوصف، ومن ذلك أجنحة الملائكة فيزيد فيها ما يشاء، وكذلك ينقص في الخلق ما يشاء، والكل جاء على مقتضى الحكمة والتدبير.
قال صاحب الكشاف: قوله يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ ما يَشاءُ أى: يزيد في خلق الأجنحة، وفي غيره ما تقتضيه مشيئته وحكمته.
والآية مطلقة تتناول كل زيادة في الخلق: من طول قامة، واعتدال صورة، وتمام الأعضاء، وقوة في البطش، وحصافة في العقل، وجزالة في الرأى، وجرأة في القلب، وسماحة في النفس، وذلاقة في اللسان، ولباقة في التكلم، وحسن تأن في مزاولة الأمور، وما أشبه ذلك مما لا يحيط به الوصف.. .
ثم ختم- سبحانه - الآية الكريمة بقوله: إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ أى: إن الله-تبارك وتعالى- لا يعجزه شيء يريده، لأنه قدير على فعل كل شيء، فالجملة الكريمة تعليل لما قبلها من كونه- سبحانه - يزيد في الخلق ما يشاء، وينقص منه ما يشاء.

تفسير ابن كثير : شرح الآية 1 من سورة فاطر


قال سفيان الثوري ، عن إبراهيم بن مهاجر ، عن مجاهد ، عن ابن عباس قال : كنت لا أدري ما فاطر السماوات والأرض ، حتى أتاني أعرابيان يختصمان في بئر ، فقال أحدهما [ لصاحبه ] : أنا فطرتها ، أنا بدأتها . فقال ابن عباس أيضا : ( فاطر السماوات والأرض ) بديع السماوات والأرض .وقال الضحاك : كل شيء في القرآن فاطر السماوات والأرض فهو : خالق السماوات والأرض .وقوله : ( جاعل الملائكة رسلا ) أي : بينه وبين أنبيائه ، ( أولي أجنحة ) أي : يطيرون بها ليبلغوا ما أمروا به سريعا ( مثنى وثلاث ورباع ) أي : منهم من له جناحان ، ومنهم من له ثلاثة ومنهم من له أربعة ، ومنهم من له أكثر من ذلك ، كما جاء في الحديث : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى جبريل ليلة الإسراء وله ستمائة جناح ، بين كل جناحين كما بين المشرق والمغرب ; ولهذا قال : ( يزيد في الخلق ما يشاء إن الله على كل شيء قدير ) . قال السدي : يزيد في الأجنحة وخلقهم ما يشاء .وقال الزهري ، وابن جريج في قوله : ( يزيد في الخلق ما يشاء ) يعني حسن الصوت . رواه عن الزهري البخاري في الأدب ، وابن أبي حاتم في تفسيره .وقرئ في الشاذ : " يزيد في الحلق " ، بالحاء المهملة ، والله أعلم .

تفسير الطبري : معنى الآية 1 من سورة فاطر


القول في تأويل قوله تعالى : الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1)يقول تعالى ذكره: الشكر الكامل للمعبود الذي لا تصلح العبادة إلا له، ولا ينبغي أن تكون لغيره خالق السماوات السبع والأرض، (جَاعِلِ الْمَلائِكَةَ رُسُلا) إلى من يشاء من عباده، وفيما شاء من أمره ونهيه (أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ) يقول: أصحاب أجنحة يعني ملائكة، فمنهم من له اثنان من الأجنحة، ومنهم من له ثلاثة أجنحة، ومنهم من له أربعة.
كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ) قال: بعضهم له جناحان وبعضهم ثلاثة وبعضهم أربعة.
واختلف أهل العربية في علة ترك إجراء مثنى وثلاث ورباع، وهي ترجمة عن أجنحة وأجنحة نكرة؛ فقال بعض نحويي البصرة: تُرك إجراؤهن لأنهن مصروفات عن وجوههن، وذلك أن مثنى مصروف عن اثنين وثلاث عن ثلاثة ورباع عن أربعة، فصرف نظير عُمَرَ وَزُفَرَ، إذ صرف هذا عن عامر إلى عمر وهذا عن زافر إلى زفر، وأنشد بعضهم في ذلك:وَلَقَدْ قَتَلْتُكُمْ ثُنَاءَ وَمَوْحَدَاوَتَركتُ مرَّةَ مِثْلَ أمسِ المُدبِرِ (5)وقال آخر منهم: لم يصرف ذلك لأنه يوهم به الثلاثة والأربعة، قال: وهذا لا يستعمل إلا في حال العدد.
وقال بعض نحويي الكوفة: هن مصروفات عن المعارف، لأن الألف واللام لا تدخلها، والإضافة لا تدخلها، قال: ولو دخلتها الإضافة والألف واللام لكانت نكرة، وهي ترجمة عن النكرة، قال: وكذلك ما كان في القرآن مثل أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى وكذلك وحاد وأحاد، وما أشبهه من مصروف العدد.
وقوله (يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ) وذلك زيادته تبارك وتعالى في خلق هذا الملك من الأجنحة على الآخر ما يشاء، ونقصانه عن الآخر ما أحب، وكذلك ذلك في جميع خلقه يزيد ما يشاء في خلق ما شاء منه، وينقص ما شاء من خلق ما شاء، له الخلق والأمر وله القدرة والسلطان (إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) يقول: إن الله تعالى ذكره قدير على زيادة ما شاء من ذلك فيما شاء، ونقصان ما شاء منه ممن شاء، وغير ذلك من الأشياء كلها، لا يمتنع عليه فعل شيء أراده سبحانه وتعالى.
------------------------الهوامش:(5) البيت لصخر بن عمرو بن الشريد السلمي.
وقد تقدم الاستشهاد به، مع شواهد أخرى في (4 : 337) من هذا التفسير فراجعه ثمة.
وأنشده أبو عبيدة في مجاز القرآن (الورقة 201) قال: مثنى وثلاث ورباع: مجازه: اثنين، وثلاثة، وأربعة.
فزعم النحويون أنه لما صرف عن وجهه لم ينون فيهن.
قال صخر بن عمرو: "ولقد قتلتكم .
.
.
.
.
البيت" .
ا .
ه.

الحمد لله فاطر السموات والأرض جاعل الملائكة رسلا أولي أجنحة مثنى وثلاث ورباع يزيد في الخلق ما يشاء إن الله على كل شيء قدير

سورة : فاطر - الأية : ( 1 )  - الجزء : ( 22 )  -  الصفحة: ( 434 ) - عدد الأيات : ( 45 )

تفسير آيات من القرآن الكريم

  1. تفسير: إن الذين آمنوا والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل الله أولئك يرجون رحمة الله والله غفور
  2. تفسير: والأرض وما طحاها
  3. تفسير: فلما ذهبوا به وأجمعوا أن يجعلوه في غيابت الجب وأوحينا إليه لتنبئنهم بأمرهم هذا وهم
  4. تفسير: لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء سنكتب ما قالوا وقتلهم
  5. تفسير: وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه قل فلم يعذبكم بذنوبكم بل أنتم بشر ممن
  6. تفسير: وأوحينا إلى موسى أن ألق عصاك فإذا هي تلقف ما يأفكون
  7. تفسير: وإذا قيل لهم اتقوا ما بين أيديكم وما خلفكم لعلكم ترحمون
  8. تفسير: ولقد آتينا موسى الكتاب من بعد ما أهلكنا القرون الأولى بصائر للناس وهدى ورحمة لعلهم
  9. تفسير: عاملة ناصبة
  10. تفسير: يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا

تحميل سورة فاطر mp3 :

سورة فاطر mp3 : قم باختيار القارئ للاستماع و تحميل سورة فاطر

سورة فاطر بصوت ماهر المعيقلي
ماهر المعيقلي
سورة فاطر بصوت سعد الغامدي
سعد الغامدي
سورة فاطر بصوت عبد  الباسط عبد الصمد
عبد الباسط
سورة فاطر بصوت أحمد العجمي
أحمد العجمي
سورة فاطر بصوت محمد صديق المنشاوي
المنشاوي
سورة فاطر بصوت محمود خليل الحصري
الحصري
سورة فاطر بصوت مشاري راشد العفاسي
مشاري العفاسي
سورة فاطر بصوت ناصر القطامي
ناصر القطامي
سورة فاطر بصوت فارس عباد
فارس عباد
سورة فاطر بصوت ياسر لدوسري
ياسر الدوسري

,

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب