الآية 1 من سورة فاطر مكتوبة بالتشكيل

﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَّثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ ۚ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾
[ فاطر: 1]

سورة : فاطر - Fatir  - الجزء : ( 22 )  -  الصفحة: ( 434 )

All the praises and thanks be to Allah, the (only) Originator [or the (only) Creator] of the heavens and the earth, Who made the angels messengers with wings, - two or three or four. He increases in creation what He wills. Verily, Allah is Able to do all things.


فاطر . . : مُبدع و مُخترع . .

الثناء على الله بصفاته التي كلُّها أوصاف كمال، وبنعمه الظاهرة والباطنة، الدينية والدنيوية، خالق السماوات والأرض ومبدعهما، جاعل الملائكة رسلا إلى مَن يشاء من عباده، وفيما شاء من أمره ونهيه، ومِن عظيم قدرة الله أن جعل الملائكة أصحاب أجنحة مثنى وثلاث ورباع تطير بها؛ لتبليغ ما أمر الله به، يزيد الله في خلقه ما يشاء. إن الله على كل شيء قدير، لا يستعصي عليه شيء.

الحمد لله فاطر السموات والأرض جاعل الملائكة رسلا أولي أجنحة مثنى وثلاث - تفسير السعدي

يمدح الله تعالى نفسه الكريمة المقدسة، على خلقه السماوات والأرض، وما اشتملتا عليه من المخلوقات، لأن ذلك دليل على كمال قدرته، وسعة ملكه، وعموم رحمته، وبديع حكمته، وإحاطة علمه.ولما ذكر الخلق، ذكر بعده ما يتضمن الأمر، وهو: أنه { جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا } في تدبير أوامره القدرية، ووسائط بينه وبين خلقه، في تبليغ أوامره الدينية.وفي ذكره أنه جعل الملائكة رسلا، ولم يستثن منهم أحدا، دليل على كمال طاعتهم لربهم وانقيادهم لأمره، كما قال تعالى: { لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ }ولما كانت الملائكة مدبرات بإذن اللّه، ما جعلهم اللّه موكلين فيه، ذكر قوتهم على ذلك وسرعة سيرهم، بأن جعلهم { أُولِي أَجْنِحَةٍ } تطير بها، فتسرع بتنفيذ ما أمرت به.
{ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ }- أي: منهم من له جناحان وثلاثة وأربعة، بحسب ما اقتضته حكمته.{ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ }- أي: يزيد بعض مخلوقاته على بعض، في صفة خلقها، وفي القوة، وفي الحسن، وفي زيادة الأعضاء المعهودة، وفي حسن الأصوات، ولذة النغمات.{ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } فقدرته تعالى تأتي على ما يشاؤه، ولا يستعصي عليها شيء، ومن ذلك، زيادة مخلوقاته بعضها على بعض.

تفسير الآية 1 - سورة فاطر

تفسير الجلالين التفسير الميسر تفسير السعدي
تفسير البغوي التفسير الوسيط تفسير ابن كثير
تفسير الطبري تفسير القرطبي إعراب الآية

الحمد لله فاطر السموات والأرض جاعل الملائكة : الآية رقم 1 من سورة فاطر

 سورة فاطر الآية رقم 1

الحمد لله فاطر السموات والأرض جاعل الملائكة رسلا أولي أجنحة مثنى وثلاث - مكتوبة

الآية 1 من سورة فاطر بالرسم العثماني


﴿ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ فَاطِرِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ جَاعِلِ ٱلۡمَلَٰٓئِكَةِ رُسُلًا أُوْلِيٓ أَجۡنِحَةٖ مَّثۡنَىٰ وَثُلَٰثَ وَرُبَٰعَۚ يَزِيدُ فِي ٱلۡخَلۡقِ مَا يَشَآءُۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ  ﴾ [ فاطر: 1]


﴿ الحمد لله فاطر السموات والأرض جاعل الملائكة رسلا أولي أجنحة مثنى وثلاث ورباع يزيد في الخلق ما يشاء إن الله على كل شيء قدير ﴾ [ فاطر: 1]

  1. الآية مشكولة
  2. تفسير الآية
  3. استماع mp3
  4. الرسم العثماني
  5. تفسير الصفحة
فهرس القرآن | سور القرآن الكريم : سورة فاطر Fatir الآية رقم 1 , مكتوبة بكتابة عادية و كذلك بالشكيل و مصورة مع الاستماع للآية بصوت ثلاثين قارئ من أشهر قراء العالم الاسلامي مع تفسيرها ,مكتوبة بالرسم العثماني لمونتاج فيديو اليوتيوب .
  
   

تحميل الآية 1 من فاطر صوت mp3


تدبر الآية: الحمد لله فاطر السموات والأرض جاعل الملائكة رسلا أولي أجنحة مثنى وثلاث

الثناء الكامل على الله المنعم على عباده بنعمه الظاهرة والباطنة، حيث خلق السماواتِ والأرضَ فسخَّر ما فيهما لمصالحهم، وأرسل الملائكةَ بالوحي لهدايتهم وإرشادهم.
سبحان الخالق القادر الذي يخلُق فيَزيد في خلقه ما يشاء صفةً أو قدرًا! وليس لمشيئته سبحانه انحصارٌ ولا توقيت.

مقدمة وتمهيد 1- سورة فاطر هي السورة الخامسة والثلاثون في ترتيب المصحف، وكان نزولها بعد سورة الفرقان- كما ذكر صاحب الإتقان .
وهي من السور المكية الخالصة، وتسمى أيضا- بسورة «الملائكة» .
قال القرطبي: هي مكية في قول الجميع.
وهي خمس وأربعون آية .
2- سورة فاطر هي آخر السور التي افتتحت بقوله-تبارك وتعالى-: الْحَمْدُ لِلَّهِ وقد سبقها في هذا الافتتاح سور: الفاتحة، والأنعام، والكهف، وسبأ.
قال- سبحانه - في افتتاح سورة فاطر: الْحَمْدُ لِلَّهِ فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ، جاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ، يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ ما يَشاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.
3- ثم تحدث- سبحانه - بعد ذلك عن مظاهر نعمه على عباده ورحمته بهم، فقال:ما يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَها، وَما يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ، وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ....4- ثم توجه السورة الكريمة نداءين إلى الناس، تأمرهم في أولهما بشكر الله-تبارك وتعالى- على نعمه، وتنهاهم في ثانيهما عن الاغترار بزينة الحياة الدنيا وعن اتباع خطوات الشيطان..قال- سبحانه -: يا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ، هَلْ مِنْ خالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ ...
وقال- جل شأنه-: يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ، فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا، وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ.
5- وبعد أن تسلى السورة الكريمة الرسول صلّى الله عليه وسلّم عما أصابه من أعدائه، تأخذ في بيان مظاهر قدرة الله-تبارك وتعالى- في خلقه، فتذكر قدرته- سبحانه - في إرسال الرياح والسحب، وفي خلقه للإنسان من تراب، وفي إيجاده للبحرين: أحدهما عذب فرات سائغ شرابه، والثاني: ملح أجاج، وفي إدخاله الليل في النهار، والنهار في الليل، وفي تسخيره الشمس والقمر..قال-تبارك وتعالى-: وَما يَسْتَوِي الْبَحْرانِ هذا عَذْبٌ فُراتٌ سائِغٌ شَرابُهُ وَهذا مِلْحٌ أُجاجٌ، وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْماً طَرِيًّا، وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَها، وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَواخِرَ، لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ.
يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ، وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى، ذلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ، وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ ما يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ.
6- ثم وجه- سبحانه - نداء ثالثا إلى الناس، بين لهم فيه: افتقارهم اليه-تبارك وتعالى- وحاجتهم إلى عونه وعطائه، وتحمل كل إنسان لمسئولياته ولنتائج أعماله..كما بين لهم- سبحانه - أن الفرق بين الهدى والضلال، كالفرق بين الإبصار والعمى، وبين النور والظلمات، وبين الحياة والموت، وبين الظل والحرور.
قال-تبارك وتعالى-: وَما يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ، وَلَا الظُّلُماتُ وَلَا النُّورُ، وَلَا الظِّلُّ وَلَا الْحَرُورُ.
وَما يَسْتَوِي الْأَحْياءُ وَلَا الْأَمْواتُ، إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشاءُ، وَما أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ.
7- ثم عادت السورة الكريمة إلى الحديث عن مظاهر قدرة الله-تبارك وتعالى- ورحمته بعباده، وعن الثواب العظيم الذي أعده- سبحانه - لمن يتلون كتابه ولمن يحافظون على فرائضه- وعن عقابه الأليم للكافرين الجاحدين لنعمه..قال-تبارك وتعالى-: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً، فَأَخْرَجْنا بِهِ ثَمَراتٍ مُخْتَلِفاً أَلْوانُها، وَمِنَ الْجِبالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُها، وَغَرابِيبُ سُودٌ.
وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ كَذلِكَ، إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ، إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ.
إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتابَ اللَّهِ وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً، يَرْجُونَ تِجارَةً لَنْ تَبُورَ.
ثم قال- سبحانه -: وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نارُ جَهَنَّمَ، لا يُقْضى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذابِها كَذلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ.
8- ثم انتقلت السورة الكريمة في أواخرها إلى الحديث عن جهالات المشركين، حيث عبدوا من دون الله-تبارك وتعالى- مالا يملك لهم ضرا ولا نفعا، وعن مكرهم السيئ الذي لا يحيق إلا بأهله، وعن نقضهم لعهودهم حيث أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لَئِنْ جاءَهُمْ نَذِيرٌ لَيَكُونُنَّ أَهْدى مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ، فَلَمَّا جاءَهُمْ نَذِيرٌ ما زادَهُمْ إِلَّا نُفُوراً ...
ثم ختم- سبحانه - السورة الكريمة ببيان سعة رحمته بالناس فقال: وَلَوْ يُؤاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِما كَسَبُوا، ما تَرَكَ عَلى ظَهْرِها مِنْ دَابَّةٍ، وَلكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى، فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كانَ بِعِبادِهِ بَصِيراً.
9- وهكذا نرى سورة فاطر قد طوفت بالنفس الإنسانية في أرجاء هذا الكون، وأقامت الأدلة على وحدانية الله-تبارك وتعالى- وقدرته.
عن طريق نعم الله-تبارك وتعالى- المبثوثة في الأرض وفي السماء، وفي الليل وفي النهار، وفي الشمس وفي القمر: وفي الرياح وفي السحب، وفي البر وفي البحر.. وفي غير ذلك من النعم التي سخرها- سبحانه - لعباده.
كما نراها قد حددت وظيفة الرسول صلّى الله عليه وسلّم وساقت له ما يسليه ويزيده ثباتا على ثباته، وما يرشد كل عاقل إلى حسن عاقبة الأخيار، وسوء عاقبة الأشرار.
وصلّى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم..افتتحت سورة «فاطر» كما سبق أن ذكرنا عند تفسيرنا لسورة «سبأ» بتقرير الحقيقة الأولى في كل دين، وهي أن المستحق للحمد المطلق، والثناء الكامل، هو الله رب العالمين.
والحمد: هو الثناء باللسان على الجميل الصادر عن اختيار من نعمة وغيرها.
و «أل» في الحمد للاستغراق.
بمعنى أن المستحق لجميع المحامد، ولكافة ألوان الثناء هو الله-تبارك وتعالى-.
وقوله: فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أى خالقهما وموجدهما على غير مثال يحتذي، إذ المراد بالفطر هنا: الابتداء والاختراع للشيء الذي لم يوجد ما يشبهه من قبل.
قال القرطبي: والفاطر: الخالق، والفطر- بفتح الفاء-: الشق عن الشيء.
يقال:فطرته فانفطر.
ومنه: فطر ناب البعير، أى: طلع.
وتفطر الشيء، أى: تشقق ...
والفطر: الابتداء والاختراع.
قال ابن عباس: كنت لا أدرى ما فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ حتى أتى أعرابيان يختصمان في بئر، فقال أحدهما: أنا فطرتها، أى: أنا ابتدأتها..والمراد بذكر السموات والأرض: العالم كله.
ونبه بهذا على أن من قدر على الابتداء، قادر على الإعادة .
والمعنى: الحمد المطلق والثناء التام الكامل لله-تبارك وتعالى- وحده، فهو- سبحانه - الخالق للسموات والأرض، ولهذا الكون بأسره، دون أن يسبقه إلى ذلك سابق، أو يشاركه فيما خلق وأوجد مشارك.
وقوله-تبارك وتعالى-: جاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ بيان لمظهر آخر من مظاهر قدرته-تبارك وتعالى- التي لا يعجزها شيء.
والملائكة: جمع ملك.
والتاء لتأنيث الجمع، وأصله ملاك.
وهم جند من خلق الله- تعال- وقد وصفهم- سبحانه - بصفات متعددة، منها: أنهم يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لا يَفْتُرُونَ وأنهم عِبادٌ مُكْرَمُونَ.
لا يَعْصُونَ اللَّهَ ما أَمَرَهُمْ، وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ.
قال الجمل: وقوله: جاعل الملائكة، أى: بعضهم.
إذ ليس كلهم رسلا كما هو معلوم.
وقوله: أُولِي أَجْنِحَةٍ نعت لقوله رُسُلًا، وهو جيد لفظا لتوافقهما تنكيرا.
أو هو نعت للملائكة، وهو جيد معنى إذ كل الملائكة لها أجنحة، فهي صفة كاشفة...
وقوله: مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ أسماء معدول بها عن اثنين اثنين، وثلاثة ثلاثة، وأربعة أربعة، وهي ممنوعة من الصرف، للوصفية والعدل عن المكرر وهي صفة لأجنحة.
أى: الحمد لله الذي خلق السموات والأرض بقدرته، والذي جعل الملائكة رسلا إلى أنبيائه.
وإلى من يشاء من عباده، ليبلغوهم ما يأمرهم- سبحانه - بتبليغه إليهم..وهؤلاء الملائكة المكرمون، ذوو أجنحة عديدة.
منهم من له جناحان ومنهم من له ثلاثة، ومنهم من له أربعة، ومنهم من له أكثر من ذلك، لأن المراد بهذا الوصف، بيان كثرة الأجنحة لا حصرها.
قال الآلوسى ما ملخصه قوله: جاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا.. معناه: جاعل الملائكة وسائط بينه وبين أنبيائه والصالحين من عباده، يبلغون إليهم رسالته بالوحي والإلهام والرؤيا الصادقة، أو جاعلهم وسائط بينه وبين خلقه يوصلون إليهم آثار قدرته وصنعه، كالأمطار والرياح وغيرهما.
وقوله: مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ معناه: أن من الملائكة من له جناحان ومنهم من له ثلاثة، ومنهم من له أربعة، ولا دلالة في الآية على نفى الزائد، وما ذكر من عد للدلالة على التكثير والتفاوت، لا للتعيين ولا لنفى النقصان عن اثنين..فقد أخرج الشيخان عن ابن مسعود في قوله-تبارك وتعالى- لَقَدْ رَأى مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى أن الرسول صلّى الله عليه وسلّم رأى جبريل وله ستمائة جناح.. .
وقوله-تبارك وتعالى-: يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ ما يَشاءُ استئناف مقرر لمضمون ما قبله، من كمال قدرته، ونفاذ إرادته.
أى يزيد- سبحانه - في خلق كل ما يزيد خلقه ما يشاء أن يزيده من الأمور التي لا يحيط بها الوصف، ومن ذلك أجنحة الملائكة فيزيد فيها ما يشاء، وكذلك ينقص في الخلق ما يشاء، والكل جاء على مقتضى الحكمة والتدبير.
قال صاحب الكشاف: قوله يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ ما يَشاءُ أى: يزيد في خلق الأجنحة، وفي غيره ما تقتضيه مشيئته وحكمته.
والآية مطلقة تتناول كل زيادة في الخلق: من طول قامة، واعتدال صورة، وتمام الأعضاء، وقوة في البطش، وحصافة في العقل، وجزالة في الرأى، وجرأة في القلب، وسماحة في النفس، وذلاقة في اللسان، ولباقة في التكلم، وحسن تأن في مزاولة الأمور، وما أشبه ذلك مما لا يحيط به الوصف.. .
ثم ختم- سبحانه - الآية الكريمة بقوله: إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ أى: إن الله-تبارك وتعالى- لا يعجزه شيء يريده، لأنه قدير على فعل كل شيء، فالجملة الكريمة تعليل لما قبلها من كونه- سبحانه - يزيد في الخلق ما يشاء، وينقص منه ما يشاء.
سورة فاطرمكية في جميع الأقوال ، وهي خمس وأربعون آيةبسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله فاطر السماوات والأرض جاعل الملائكة رسلا أولي أجنحة مثنى وثلاث ورباع يزيد في الخلق ما يشاء إن الله على كل شيء قدير .
قوله تعالى : الحمد لله فاطر السماوات والأرض يجوز في " فاطر " ثلاثة أوجه : الخفض على النعت ، والرفع على إضمار مبتدأ ، والنصب على المدح .
وحكى سيبويه : الحمد لله أهل الحمد مثله وكذا " جاعل الملائكة " .
والفاطر : الخالق .
وقد مضى في ( يوسف ) وغيرها .
والفطر الشق عن الشيء ; يقال : فطرته فانفطر .
ومنه : فطر ناب البعير طلع ، فهو بعير فاطر .
وتفطر الشيء تشقق .
وسيف فطار ، أي فيه تشقق .
قال عنترة :وسيفي كالعقيقة فهو كمعي سلاحي لا أفل ولا فطاراوالفطر : الابتداء والاختراع .
قال ابن عباس : كنت لا أدري ما فاطر السماوات والأرض حتى أتاني أعرابيان يختصمان في بئر ، فقال أحدهما : أنا فطرتها ، أي أنا ابتدأتها .
والفطر حلب الناقة بالسبابة والإبهام .
والمراد بذكر السماوات والأرض العالم كله ، ونبه بهذا على أن من قدر على الابتداء قادر على الإعادة .
( جاعل الملائكة ) لا يجوز فيه التنوين ، لأنه لما مضى .
( رسلا ) مفعول ثان ، ويقال على إضمار فعل ; لأن ( فاعلا ) إذا كان لما مضى لم يعمل فيه شيئا ، وإعماله على أنه مستقبل حذف التنوين منه تخفيفا .
وقرأ الضحاك ( الحمد لله فطر السماوات والأرض ) على الفعل الماضي .
جاعل الملائكة رسلا الرسل منهم جبريل وميكائيل وإسرافيل وملك الموت ، صلى الله عليهم أجمعين .
وقرأ الحسن : ( جاعل الملائكة ) بالرفع .
وقرأ خليد بن نشيط ( جعل الملائكة ) وكله ظاهر .
أولي أجنحة نعت ، أي أصحاب أجنحة .
مثنى وثلاث ورباع أي اثنين اثنين ، وثلاثة ثلاثة ، وأربعة أربعة .
قال قتادة : بعضهم له جناحان ، وبعضهم ثلاثة ، وبعضهم أربعة ; ينزلون بهما من السماء إلى الأرض ، ويعرجون من الأرض إلى السماء ، وهي مسيرة كذا في وقت واحد ، أي جعلهم رسلا .
قال يحيى بن سلام : إلى الأنبياء .
وقال السدي : إلى العباد برحمة أو نقمة .
وفي صحيح مسلم عن ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى جبريل عليه السلام له ستمائة جناح .
وعن الزهري أن جبريل عليه السلام قال له : ( يا محمد ، لو رأيت إسرافيل إن له لاثني عشر ألف جناح منها جناح بالمشرق وجناح بالمغرب وإن العرش لعلى كاهله وإنه في الأحايين ليتضاءل لعظمة الله حتى يعود مثل الوصع - والوصع عصفور صغير - حتى ما يحمل عرش ربك إلا عظمته ) .
و ( أولو ) اسم جمع لذو ، كما أن هؤلاء اسم جمع لذا ، ونظيرهما في المتمكنة : المخاض والخلفة .
وقد مضى الكلام في مثنى وثلاث ورباع في ( النساء ) وأنه غير منصرف .
يزيد في الخلق ما يشاء أي في خلق الملائكة ، في قول أكثر المفسرين ; ذكره المهدوي .
وقال الحسن : ( يزيد في الخلق ) أي في أجنحة الملائكة ( ما يشاء ) .
وقال الزهري وابن جريج : يعني حسن الصوت .
وقد مضى القول فيه في مقدمة الكتاب .
وقال الهيثم الفارسي : رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في منامي ، فقال : ( أنت الهيثم الذي تزين القرآن بصوتك جزاك الله خيرا ) .
وقال قتادة : ( يزيد في الخلق ما يشاء ) الملاحة في العينين والحسن في الأنف والحلاوة في الفم .
وقيل : الخط الحسن .
وقال مهاجر الكلاعي قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( الخط الحسن يزيد الكلام وضوحا ) .
وقيل : الوجه الحسن .
وقيل في الخبر في هذه الآية : هو الوجه الحسن والصوت الحسن والشعر الحسن ; ذكره القشيري .
النقاش هو الشعر الجعد .
وقيل : العقل والتمييز .
وقيل : العلوم والصنائع .
( إن الله على كل شيء قدير ) من النقصان والزيادة .
الزمخشري : والآية مطلقة تتناول كل زيادة في الخلق ; من طول قامة ، واعتدال صورة ، وتمام في الأعضاء ، وقوة في البطش ، وحصافة في العقل ، وجزالة في الرأي ، وجرأة في القلب ، وسماحة في النفس ، وذلاقة في اللسان ، ولباقة في التكلم ، وحسن تأت في مزاولة الأمور ; وما أشبه ذلك مما لا يحيط به وصف .


شرح المفردات و معاني الكلمات : الحمد , لله , فاطر , السماوات , الأرض , جاعل , الملائكة , رسلا , أجنحة , مثنى , ثلاث , رباع , يزيد , الخلق , يشاء , الله , شيء , قدير ,
English Türkçe Indonesia
Русский Français فارسی
تفسير انجليزي اعراب

آيات من القرآن الكريم


تحميل سورة فاطر mp3 :

سورة فاطر mp3 : قم باختيار القارئ للاستماع و تحميل سورة فاطر

سورة فاطر بصوت ماهر المعيقلي
ماهر المعيقلي
سورة فاطر بصوت سعد الغامدي
سعد الغامدي
سورة فاطر بصوت عبد  الباسط عبد الصمد
عبد الباسط
سورة فاطر بصوت أحمد العجمي
أحمد العجمي
سورة فاطر بصوت محمد صديق المنشاوي
المنشاوي
سورة فاطر بصوت محمود خليل الحصري
الحصري
سورة فاطر بصوت مشاري راشد العفاسي
مشاري العفاسي
سورة فاطر بصوت ناصر القطامي
ناصر القطامي
سورة فاطر بصوت فارس عباد
فارس عباد
سورة فاطر بصوت ياسر لدوسري
ياسر الدوسري


الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Tuesday, December 17, 2024

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب