تفسير الآية - القول في معنى قوله تعالى : ق والقرآن المجيد ..

  1. تفسير السعدي
  2. تفسير البغوي
  3. التفسير الوسيط
  4. تفسير ابن كثير
  5. تفسير الطبري
الفسير الوسيط | التفسير الوسيط للقرآن الكريم للطنطاوي | تأليف شيخ الأزهر محمد سيد طنطاوي (المتوفى: 1431هـ) : ويعتبر هذا التفسير من التفاسير الحديثة و القيمة لطلاب العلم و الباحثين في تفسير القرآن العظيم بأسلوب منهجي سهل و عبارة مفهومة, تفسير الآية 1 من سورةق - التفسير الوسيط .
  
   

﴿ ق ۚ وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ﴾
[ سورة ق: 1]

معنى و تفسير الآية 1 من سورة ق : ق والقرآن المجيد .


تفسير الجلالين التفسير الميسر تفسير السعدي
تفسير البغوي التفسير الوسيط تفسير ابن كثير
تفسير الطبري تفسير القرطبي إعراب الآية

تفسير السعدي : ق والقرآن المجيد


يقسم تعالى بالقرآن المجيد أي: وسيع المعاني عظيمها، كثير الوجوه كثير البركات، جزيل المبرات.
والمجد: سعة الأوصاف وعظمتها، وأحق كلام يوصف بهذا، هذا القرآن، الذي قد احتوى على علوم الأولين والآخرين، الذي حوى من الفصاحة أكملها، ومن الألفاظ أجزلها، ومن المعاني أعمها وأحسنها، وهذا موجب لكمال اتباعه، و [سرعة] الانقياد له، وشكر الله على المنة به.

تفسير البغوي : مضمون الآية 1 من سورة ق


مكية( ق ) [ قال ابن عباس : هو قسم ، وقيل: ] هو اسم للسورة ، وقيل هو اسم من أسماء القرآن .
وقال القرظي : هو مفتاح اسمه " القدير " ، و " القادر " و " القاهر " و " القريب " و " القابض " .
وقال عكرمة والضحاك : هو جبل محيط بالأرض من زمردة خضراء ، منه خضرة السماء والسماء مقبية عليه ، وعليه كتفاها ، ويقال هو وراء الحجاب الذي تغيب الشمس من ورائه بمسيرة سنة .
وقيل: معناه قضي الأمر ، أو قضي ما هو كائن ، كما قالوا في حم .
( والقرآن المجيد ) الشريف الكريم على الله ، الكثير الخير .
واختلفوا في جواب القسم ، فقال أهل الكوفة : جوابه : " بل عجبوا " ، وقيل: جوابه محذوف ، مجازه : والقرآن المجيد لتبعثن .
وقيل: جوابه قوله : " ما يلفظ من قول " .
وقيل: " قد علمنا " وجوابات القسم سبعة : " إن " الشديدة كقوله : " والفجر - إن ربك لبالمرصاد " ( الفجر - 14 ) ، و " ما " النفي كقوله : " والضحى - ما ودعك ربك " ( الضحى - 1 - 3 ) ، و " اللام " المفتوحة كقوله : " فوربك لنسألنهم أجمعين " ( الحجر - 92 ) و " إن " الخفيفة كقوله تعالى : " إن كنا لفي ضلال مبين " ( الشعراء - 38 ) و " لا " كقوله تعالى : " وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت " ( النحل - 38 ) ، و " قد " كقوله تعالى : " والشمس وضحاها - قد أفلح من زكاها " ( الشمس - 1 - 9 ) .

التفسير الوسيط : ق والقرآن المجيد


بسم الله الرّحمن الرّحيم مقدمة وتمهيد 1- سورة «ق» هي السورة الخمسون في ترتيب المصحف، أما ترتيبها في النزول فكان بعد سورة «المرسلات» .
ويبدو أن نزولها كان في أوائل العهد المكي، إذ من يراجع ترتيب السور على حسب النزول يرى أنها لم يسبقها سوى اثنتين وثلاثين سورة، ومعظم السور التي سبقتها كانت من الجزء الأخير من القرآن الكريم .
وهي من السور المكية الخالصة، وعدد آياتها خمس وأربعون آية، وتسمى- أيضا- بسورة «الباسقات» .
2- وقد ذكر الإمام ابن كثير في مقدمة تفسيره لها جملة من الأحاديث في فضلها، منها ما رواه مسلم وأهل السنن، عن أبى واقد الليثي، أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كان يقرأ في العيد بسورة «ق» وبسورة اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ....وروى الإمام أحمد عن أم هشام بنت حارثة قالت: ما أخذت ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ إلا على لسان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، كان يقرؤها كل يوم جمعة إذا خطب الناس.
ثم قال ابن كثير: والقصد أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كان يقرأ بهذه السورة في المجامع الكبار، كالعيد والجمع، لاشتمالها على ابتداء الخلق والبعث والنشور، والمعاد والقيام، والحساب، والجنة والنار، والثواب والعقاب، والترغيب والترهيب.. .
3- والحق، أن المتأمل في هذه السورة الكريمة يراها قد اشتملت على ما ذكره الإمام ابن كثير، بأسلوب بليغ بديع.
فهي تبدأ بالثناء على القرآن الكريم، ثم تذكر دعاوى المشركين وترد عليهم بما يخرس ألسنتهم، ثم توبخهم على عدم تفكرهم في أحوال هذا الكون الزاخر بالآيات والكائنات الدالة على وحدانية الله-تبارك وتعالى- وقدرته.
قال-تبارك وتعالى-: أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّماءِ فَوْقَهُمْ، كَيْفَ بَنَيْناها وَزَيَّنَّاها، وَما لَها مِنْ فُرُوجٍ.
وَالْأَرْضَ مَدَدْناها، وَأَلْقَيْنا فِيها رَواسِيَ، وَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ، تَبْصِرَةً وَذِكْرى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ.
4- ثم تذكرهم- أيضا- بسوء عاقبة المكذبين من قبلهم، كقوم نوح وعاد وثمود، وقوم فرعون وإخوان لوط وأصحاب الأيكة..ثم تتبع ذلك بتذكيرهم بعلم الله-تبارك وتعالى- الشامل لكل شيء، وبسكرات الموت وما يتبعها من بعث وحساب، وثواب وعقاب..قال-تبارك وتعالى-: وَجاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ، ذلِكَ ما كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ.
وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ، وَجاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَها سائِقٌ وَشَهِيدٌ.
لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هذا، فَكَشَفْنا عَنْكَ غِطاءَكَ، فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ.
5- ثم تختتم السورة الكريمة، بتسلية الرسول صلّى الله عليه وسلّم عما أصابه من قومه، وترشده إلى العلاج الذي يعينه على مداومة الصبر، كما تحكى له أحوالهم يوم القيامة ليزداد يقينا على يقينه، وتأمره بالمواظبة على تبليغهم، بما أمره الله-تبارك وتعالى- بتبليغه.
لنستمع إلى قوله-تبارك وتعالى-: فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ.
وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبارَ السُّجُودِ.
وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنادِ الْمُنادِ مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ، يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ، ذلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ.
إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ.
يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِراعاً ذلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنا يَسِيرٌ.
نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَقُولُونَ وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ، فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخافُ وَعِيدِ.
وهكذا تطوف بنا السورة الكريمة في أعماق هذا الكون، وفي أعماق النفس الإنسانية، منذ ولادتها، إلى بعثها، إلى حسابها، إلى جزائها.. وذلك كله بأسلوب مؤثر بديع، يشهد بأن هذا القرآن من عند الله، ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
سورة «ق» من السور القرآنية، التي افتتحت ببعض حروف التهجي، وأقرب الأقوال إلى الصواب في معنى هذه الحروف، أنها جيء بها على سبيل الإيقاظ والتنبيه للذين تحداهم القرآن.
فكأن الله-تبارك وتعالى- يقول لهؤلاء المعارضين في أن القرآن من عند الله: ها كم القرآن ترونه مؤلفا من كلام هو من جنس ما تؤلفون منه كلامكم، ومنظوما من حروف هي من جنس الحروف الهجائية التي تنظمون منها حروفكم.
فإن كنتم في شك في كونه منزلا من عند الله-تبارك وتعالى- فهاتوا مثله، أو عشر سور من مثله، أو سورة واحدة من مثله.
فعجزوا وانقلبوا خاسرين، وثبت أن هذا القرآن من عند الله- سبحانه -.
وهذا الرأى وهو كون «ق» من الحروف الهجائية، هو الذي نطمئن إليه، وهناك أقوال أخرى في معنى هذا الحرف، تركناها لضعفها كقول بعضهم إن «ق» اسم جبل محيط بجميع الأرض.. وهي أقوال لم يقم دليل نقلي أو عقلي على صحتها.
قال ابن كثير: وقد روى عن بعض السلف، أنهم قالوا «ق» جبل محيط بالأرض، يقال له جبل «ق» وكأن هذا- والله أعلم- من خرافات بنى إسرائيل التي أخذها عنهم بعض الناس.. .
والواو في قوله-تبارك وتعالى-: وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ للقسم، والمقسم به القرآن الكريم، وجواب القسم محذوف لدلالة ما بعده عليه، وهو استبعادهم لبعثة الرسول صلّى الله عليه وسلّم وتكذيبهم للبعث والحساب..وقوله: الْمَجِيدِ صفة للقرآن.
أى: ذي المجد والشرف وكثرة الخير.
ولفظ المجيد مأخوذ من المجد، بمعنى السعة والكرم، وأصله من مجدت الإبل وأمجدت، إذا وقعت في مرعى مخصب، واسع، الجنبات، كثير الأعشاب.
والمعنى: أقسم بالقرآن ذي المجد والشرف، وذي الخير الوفير الذي يجد فيه كل طالب مقصوده، إنك- أيها الرسول الكريم- لصادق فيما تبلغه عن ربك من أن البعث حق والحساب حق، والجزاء حق ...
ولكن الجاحدين لم يؤمنوا بذلك.

تفسير ابن كثير : شرح الآية 1 من سورة ق


تفسير سورة ق وهي مكية .وهذه السورة هي أول الحزب المفصل على الصحيح ، وقيل : من الحجرات . وأما ما يقوله العامة : إنه من ( عم ) فلا أصل له ، ولم يقله أحد من العلماء المعتبرين فيما نعلم . والدليل على أن هذه السورة هي أول المفصل ما رواه أبو داود في سننه ، باب " تحزيب القرآن " ثم قال :حدثنا مسدد ، حدثنا قران بن تمام ، ( ح ) وحدثنا عبد الله بن سعيد أبو سعيد الأشج ، حدثنا أبو خالد سليمان بن حبان - وهذا لفظه - عن عبد الله بن عبد الرحمن بن يعلى ، عن عثمان بن عبد الله بن أوس ، عن جده - قال عبد الله بن سعيد : حدثنيه أوس بن حذيفة - ثم اتفقا . قال : قدمنا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في وفد ثقيف ، قال : فنزلت الأحلاف على المغيرة بن شعبة ، وأنزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بني مالك في قبة له - قال مسدد : وكان في الوفد الذين قدموا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من ثقيف ، قال : كان رسول الله [ - صلى الله عليه وسلم - ] كل ليلة يأتينا بعد العشاء يحدثنا - قال أبو سعيد : قائما على رجليه حتى يراوح بين رجليه من طول القيام - فأكثر ما يحدثنا ما لقي من قومه قريش ، ثم يقول : لا سواء وكنا مستضعفين مستذلين - قال مسدد : بمكة - فلما خرجنا إلى المدينة كانت سجال الحرب بيننا وبينهم ، ندال عليهم ويدالون علينا . فلما كانت ليلة أبطأ عن الوقت الذي كان يأتينا فيه ، فقلنا : لقد أبطأت عنا الليلة ! قال : " إنه طرأ علي حزبي من القرآن ، فكرهت أن أجيء حتى أتمه " . قال أوس : سألت أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : كيف تحزبون القرآن ؟ فقالوا : ثلاث ، وخمس ، وسبع ، وتسع ، وإحدى عشرة ، وثلاث عشرة ، وحزب المفصل وحده .ورواه ابن ماجه عن أبي بكر بن أبي شيبة ، عن أبي خالد الأحمر ، به . ورواه الإمام أحمد عن عبد الرحمن بن مهدي ، عن عبد الله بن عبد الرحمن ، هو ابن يعلى الطائفي به .إذا علم هذا ، فإذا عددت ثمانيا وأربعين سورة ، فالتي بعدهن سورة " ق " . بيانه : ثلاث : البقرة ، وآل عمران ، والنساء . وخمس : المائدة ، والأنعام ، والأعراف ، والأنفال ، وبراءة . وسبع : يونس ، وهود ، ويوسف ، والرعد ، وإبراهيم ، والحجر ، والنحل . وتسع : سبحان ، والكهف ، ومريم ، وطه ، والأنبياء ، والحج ، والمؤمنون ، والنور ، والفرقان . وإحدى عشرة : الشعراء ، والنمل ، والقصص ، والعنكبوت ، والروم ، ولقمان ، و " الم " السجدة ، والأحزاب ، وسبأ ، وفاطر ، و يس . وثلاث عشرة : الصافات ، و " ص " ، والزمر ، وغافر ، و " حم " السجدة ، و " حم عسق " ، والزخرف ، والدخان ، والجاثية ، والأحقاف ، والقتال ، والفتح ، والحجرات . ثم بعد ذلك الحزب المفصل كما قاله الصحابة رضي الله عنهم . فتعين أن أوله سورة " ق " وهو الذي قلناه ، ولله الحمد والمنة .قال الإمام أحمد : حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ، حدثنا مالك ، عن ضمرة بن سعيد ، عن عبيد الله بن عبد الله ; أن عمر بن الخطاب سأل أبا واقد الليثي : ما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقرأ في العيد ؟ قال : بقاف ، واقتربت .ورواه مسلم وأهل السنن الأربعة ، من حديث مالك ، به . وفي رواية لمسلم عن فليح عن ضمرة ، عن عبيد الله ، عن أبي واقد قال : سألني عمر ، فذكره .حديث آخر : وقال أحمد : حدثنا يعقوب ، حدثنا أبي ، عن ابن إسحاق ، حدثني عبد الله بن محمد بن أبي بكر بن عمرو بن حزم ، عن يحيى بن عبد الله بن عبد الرحمن بن سعد بن زرارة ، عن أم هشام بنت حارثة قالت : لقد كان تنورنا وتنور النبي - صلى الله عليه وسلم - واحدا سنتين ، أو سنة وبعض سنة ، وما أخذت ( ق والقرآن المجيد ) إلا على لسان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقرؤها كل يوم جمعة على المنبر إذا خطب الناس .رواه مسلم [ أيضا ] من حديث ابن إسحاق ، به .وقال أبو داود : حدثنا محمد بن بشار ، حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة ، عن خبيب ، عن عبد الله بن محمد بن معن ، عن ابنة الحارث بن النعمان قالت : ما حفظت " ق " إلا من في رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخطب بها كل جمعة . قالت : وكان تنورنا وتنور رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واحدا .وكذا رواه مسلم والنسائي وابن ماجه ، من حديث شعبة ، به .والقصد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقرأ بهذه السورة في المجامع الكبار ، كالعيد والجمع ، لاشتمالها على ابتداء الخلق والبعث والنشور ، والمعاد والقيام ، والحساب ، والجنة والنار ، والثواب والعقاب ، والترغيب والترهيب .ق ) : حرف من حروف الهجاء المذكورة في أوائل السور ، كقوله : ( ص ، ن ، الم ، حم ، طس ) ونحو ذلك ، قاله مجاهد وغيره . وقد أسلفنا الكلام عليها ، في أول " سورة البقرة " بما أغنى عن إعادته .وقد روي عن بعض السلف أنهم قالوا ) ق ) : جبل محيط بجميع الأرض ، يقال له جبل قاف . وكأن هذا - والله أعلم - من خرافات بني إسرائيل التي أخذها عنهم بعض الناس ، لما رأى من جواز الرواية عنهم فيما لا يصدق ولا يكذب . وعندي أن هذا وأمثاله وأشباهه من اختلاق بعض زنادقتهم ، يلبسون به على الناس أمر دينهم ، كما افتري في هذه الأمة - مع جلالة قدر علمائها وحفاظها وأئمتها - أحاديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وما بالعهد من قدم ، فكيف بأمة بني إسرائيل مع طول المدى ، وقلة الحفاظ النقاد فيهم ، وشربهم الخمور ، وتحريف علمائهم الكلم عن مواضعه ، وتبديل كتب الله وآياته ! وإنما أباح الشارع الرواية عنهم في قوله : " وحدثوا عن بني إسرائيل ، ولا حرج " فيما قد يجوزه العقل ، فأما فيما تحيله العقول ويحكم عليه بالبطلان ، ويغلب على الظنون كذبه ، فليس من هذا القبيل - والله أعلم .وقد أكثر كثير من السلف من المفسرين ، وكذا طائفة كثيرة من الخلف ، من الحكاية عن كتب أهل الكتاب في تفسير القرآن المجيد ، وليس بهم احتياج إلى أخبارهم ، ولله الحمد والمنة ، حتى إن الإمام أبا محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي ، رحمه الله ، أورد هاهنا أثرا غريبا لا يصح سنده عن ابن عباس فقال :حدثنا أبي قال : حدثت عن محمد بن إسماعيل المخزومي : حدثنا ليث بن أبي سليم ، عن مجاهد ، عن ابن عباس قال : خلق الله من وراء هذه الأرض بحرا محيطا ، ثم خلق من وراء ذلك جبلا يقال له " ق " السماء الدنيا مرفوعة عليه . ثم خلق الله من وراء ذلك الجبل أرضا مثل تلك الأرض سبع مرات . ثم خلق من وراء ذلك بحرا محيطا بها ، ثم خلق من وراء ذلك جبلا يقال له " ق " السماء الثانية مرفوعة عليه ، حتى عد سبع أرضين ، وسبعة أبحر ، وسبعة أجبل ، وسبع سماوات . قال : وذلك قوله : ( والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ) [ لقمان : 27 ] .فإسناد هذا الأثر فيه انقطاع ، والذي رواه ابن أبي طلحة ، عن ابن عباس في قوله : ( ق ) قال : هو اسم من أسماء الله عز وجل .والذي ثبت عن مجاهد : أنه حرف من حروف الهجاء ، كقوله : ( ص ، ن ، حم ، طس ، الم ) ونحو ذلك . فهذه تبعد ما تقدم عن ابن عباس .وقيل : المراد " قضي الأمر والله " ، وأن قوله : ( ق ) دلت على المحذوف من بقية الكلم كقول الشاعر :قلت لها : قفي فقالت : قافوفي هذا التفسير نظر ; لأن الحذف في الكلام إنما يكون إذا دل دليل عليه ، ومن أين يفهم هذا من ذكر هذا الحرف ؟ .وقوله : ( والقرآن المجيد ) أي : الكريم العظيم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، تنزيل من حكيم حميد .واختلفوا في جواب القسم ما هو ؟ فحكى ابن جرير عن بعض النحاة أنه قوله : ( قد علمنا ما تنقص الأرض منهم وعندنا كتاب حفيظ )وفي هذا نظر ، بل الجواب هو مضمون الكلام بعد القسم ، وهو إثبات النبوة ، وإثبات المعاد ، وتقريره وتحقيقه وإن لم يكن القسم متلقى لفظا ، وهذا كثير في أقسام القرآن كما تقدم في قوله : ( ص والقرآن ذي الذكر بل الذين كفروا في عزة وشقاق ) [ ص : 1 ، 2 ]

تفسير الطبري : معنى الآية 1 من سورة ق


القول في تأويل قوله تعالى : ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ (1)اختلف أهل التأويل في قوله: (ق) , فقال بعضهم: هو اسم من أسماء الله تعالى أقسم به.
* ذكر من قال ذلك:حدثني علي بن داود, قال: ثنا أبو صالح, قال: ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس في قوله: (ق) و ن وأشباه هذا, فإنه قسم أقسمه الله, وهو اسم من أسماء الله.
وقال آخرون: هو اسم من أسماء القرآن.
* ذكر من قال ذلك:حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة, في قوله (ق) قال: اسم من أسماء القرآن.
وقال آخرون: (ق) اسم الجبل المحيط بالأرض, وقد تقدّم بياننا في تأويل حروف المعجم التي في أوائل سور القرآن بما فيه الكفاية عن إعادته في هذا الموضع.
وقوله ( وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ ) يقول: والقرآن الكريم.
كما حدثنا أبو كُرَيب, قال: ثنا يحيى بن يمان, عن أشعث بن إسحاق, عن جعفر بن أبي المغيرة, عن سعيد بن جُبير ( ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ ) قال: الكريم.
واختلف أهل العربية في موضع جواب هذا القسم, فقال بعض نحويِّي البصرة ( ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ ) قسم على قوله قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنْقُصُ الأَرْضُ مِنْهُمْ وقال بعض نحويِّي أهل الكوفة: فيها المعنى الذي أقسم به, وقال: ذكر أنها قضى والله, وقال: يقال: إن قاف جبل محيط بالأرض, فإن يكن كذلك فكأنه في موضع رفع: أي هو قاف والله; قال: وكان ينبغي لرفعه أن يظهر لأنه اسم وليس بهجاء; قال: ولعلّ القاف وحدها ذكرت من اسمه, كما قال الشاعر:قُلْت لَها قفي لَنَا قالَتْ قاف (1)ذُكرت القاف إرادة القاف من الوقف: أي إني واقفة.
وهذا القول الثاني عندنا أولى القولين بالصواب, لأنه لا يعرف في أجوبة الأيمان قد, وإنما تجاب الأيمان إذا أجيبت بأحد الحروف الأربعة: اللام, وإن, وما, ولا أو بترك جوابها فيكون ساقطا.
------------------------الهوامش:(1) في ( اللسان : وقف ) غير منسوب .
وقوله * قلت لها قفي قالت قاف *بسكون الكاف الفاء : إنما أراد : قد وقفت فاكتفى بذكر القاف .
قال ابن جني : ولو نقل هذا الشاعر إلينا شيئا من جملة الحال، فقال مع قوله : قالت قاف ، وأمسكت زمام بعيرها ، أو عاجته عليها ، لكان أبين ، لما كانوا عليه ، وأدل على أنها أرادت قفي لنا ، أي يقول لي قفي لنا! متعجبة منه .
وهو إذا شاهدها وقد وقفت علم أن قولها : قاف إجابة لقوله ، وتعجب منه في قوله قفي لنا .
أ ه .
وفي معاني القرآن للفراء ( الورقة 308 ) أورد البيت ثم قال : ذكرت القاف من الوقت ، أي إني واقفة .
أ ه .

ق والقرآن المجيد

سورة : ق - الأية : ( 1 )  - الجزء : ( 26 )  -  الصفحة: ( 518 ) - عدد الأيات : ( 45 )

تفسير آيات من القرآن الكريم

  1. تفسير: وجاءه قومه يهرعون إليه ومن قبل كانوا يعملون السيئات قال ياقوم هؤلاء بناتي هن أطهر
  2. تفسير: والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين
  3. تفسير: قال فما خطبكم أيها المرسلون
  4. تفسير: ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين
  5. تفسير: قال أو لو جئتك بشيء مبين
  6. تفسير: أولئك الذين كفروا بآيات ربهم ولقائه فحبطت أعمالهم فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا
  7. تفسير: وكيف يحكمونك وعندهم التوراة فيها حكم الله ثم يتولون من بعد ذلك وما أولئك بالمؤمنين
  8. تفسير: لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون
  9. تفسير: ولله ملك السموات والأرض وإلى الله المصير
  10. تفسير: وقيضنا لهم قرناء فزينوا لهم ما بين أيديهم وما خلفهم وحق عليهم القول في أمم

تحميل سورة ق mp3 :

سورة ق mp3 : قم باختيار القارئ للاستماع و تحميل سورة ق

سورة ق بصوت ماهر المعيقلي
ماهر المعيقلي
سورة ق بصوت سعد الغامدي
سعد الغامدي
سورة ق بصوت عبد  الباسط عبد الصمد
عبد الباسط
سورة ق بصوت أحمد العجمي
أحمد العجمي
سورة ق بصوت محمد صديق المنشاوي
المنشاوي
سورة ق بصوت محمود خليل الحصري
الحصري
سورة ق بصوت مشاري راشد العفاسي
مشاري العفاسي
سورة ق بصوت ناصر القطامي
ناصر القطامي
سورة ق بصوت فارس عباد
فارس عباد
سورة ق بصوت ياسر لدوسري
ياسر الدوسري

,

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب