تفسير الآية - القول في معنى قوله تعالى : تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا ..

  1. تفسير السعدي
  2. تفسير البغوي
  3. التفسير الوسيط
  4. تفسير ابن كثير
  5. تفسير الطبري
الفسير الوسيط | التفسير الوسيط للقرآن الكريم للطنطاوي | تأليف شيخ الأزهر محمد سيد طنطاوي (المتوفى: 1431هـ) : ويعتبر هذا التفسير من التفاسير الحديثة و القيمة لطلاب العلم و الباحثين في تفسير القرآن العظيم بأسلوب منهجي سهل و عبارة مفهومة, تفسير الآية 16 من سورةالسجدة - التفسير الوسيط .
  
   

﴿ تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ﴾
[ سورة السجدة: 16]

معنى و تفسير الآية 16 من سورة السجدة : تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا .


تفسير الجلالين التفسير الميسر تفسير السعدي
تفسير البغوي التفسير الوسيط تفسير ابن كثير
تفسير الطبري تفسير القرطبي إعراب الآية

تفسير السعدي : تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا


تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ أي: ترتفع جنوبهم، وتنزعج عن مضاجعها اللذيذة، إلى ما هو ألذ عندهم منه وأحب إليهم، وهو الصلاة في الليل، ومناجاة اللّه تعالى.
ولهذا قال: يَدْعُونَ رَبَّهُمْ أي: في جلب مصالحهم الدينية والدنيوية، ودفع مضارهما.
خَوْفًا وَطَمَعًا أي: جامعين بين الوصفين، خوفًا أن ترد أعمالهم، وطمعًا في قبولها، خوفًا من عذاب اللّه، وطمعًا في ثوابه.
وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ من الرزق، قليلاً كان أو كثيرًا يُنْفِقُونَ ولم يذكر قيد النفقة، ولا المنفق عليه، ليدل على العموم، فإنه يدخل فيه، النفقة الواجبة، كالزكوات، والكفارات، ونفقة الزوجات والأقارب، والنفقة المستحبة في وجوه الخير، والنفقة والإحسان المالي، خير مطلقًا، سواء وافق غنيًا أو فقيرًا، قريبًا أو بعيدًا، ولكن الأجر يتفاوت، بتفاوت النفع، فهذا عملهم.

تفسير البغوي : مضمون الآية 16 من سورة السجدة


( تتجافى ) ترتفع وتنبو ( جنوبهم عن المضاجع ) جمع مضجع ، وهو الموضع الذي يضطجع عليه ، يعني الفرش ، وهم المتهجدون بالليل ، اللذين يقومون للصلاة .
واختلفوا في المراد بهذه الآية; قال أنس : نزلت فينا معشر الأنصار ، كنا نصلي المغرب فلا نرجع إلى رحالنا حتى نصلي العشاء مع النبي - صلى الله عليه وسلم - .
وعن أنس أيضا قال : نزلت في أناس من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - كانوا يصلون من صلاة المغرب إلى صلاة العشاء وهو قول أبي حازم ومحمد بن المنكدر ، وقالا هي صلاة الأوابين .
وروي عن ابن عباس رضي الله عنه قال : إن الملائكة لتحف بالذين يصلون بين المغرب والعشاء ، وهي صلاة الأوابين .
وقال عطاء : هم الذين لا ينامون حتى يصلوا العشاء الآخرة .
وعن أبي الدرداء ، وأبي ذر ، وعبادة بن الصامت رضي الله عنهم : هم الذين يصلون العشاء الآخرة والفجر في جماعة .
وروينا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " من صلى العشاء في جماعة كان كقيام نصف ليلة ، ومن صلى الفجر في جماعة كان كقيام ليلة .
أخبرنا أبو الحسن السرخسي ، أخبرنا زاهر بن أحمد ، أخبرنا أبو إسحاق الهاشمي ، أخبرنا أبو مصعب ، عن مالك ، عن سمي مولى أبي بكر بن عبد الرحمن ، عن ابن صالح السمان ، عن أبي هريرة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا ، ولو يعلمون ما في التهجير لاستبقوا إليه ، ولو يعلمون ما في العتمة والصبح لأتوهما ولو حبوا " .
وأشهر الأقاويل أن المراد منه : صلاة الليل ، وهو قول الحسن ، ومجاهد ، ومالك ، والأوزاعي وجماعة .
أخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي ، أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن عبد الله بن بشران ، أخبرنا أبو علي إسماعيل بن محمد الصفار ، أخبرنا أحمد بن منصور الرمادي ، أخبرنا عبد الرازق ، أخبرنا معمر عن عاصم بن أبي النجود ، عن أبي وائل عن معاذ بن جبل قال : كنت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في سفرنا فأصبحت يوما قريبا منه وهو يسير فقلت : يا رسول الله أخبرني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني من النار ، قال : " قد سألت عن أمر عظيم ، وإنه ليسير على من يسره الله عليه ، تعبد الله ولا تشرك به شيئا وتقيم الصلاة ، وتؤتي الزكاة ، وتصوم رمضان ، وتحج البيت " ، ثم قال : " ألا أدلك على أبواب الخير : الصوم جنة ، والصدقة تطفىء الخطيئة ، وصلاة الرجل في جوف الليل " ، ثم قرأ : " تتجافى جنوبهم عن المضاجع " حتى بلغ " جزاء بما كانوا يعملون " ، ثم قال ألا أخبرك برأس الأمر وعموده وذروة سنامه ؟ قلت : بلى يا رسول الله ، قال : " رأس الأمر الإسلام ، وعموده الصلاة ، وذروة سنامه الجهاد .
ثم قال : ألا أخبرك بملاك ذلك كله ؟ قلت : بلى يا نبي الله ، قال : فأخذ بلسانه فقال : اكفف عليك هذا ، فقلت : يا نبي الله وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به ؟ قال : ثكلتك أمك يا معاذ وهل يكب الناس في النار على وجوههم ، أو قال على مناخرهم ، إلا حصائد ألسنتهم " .
حدثنا أبو الفضل زياد بن محمد الحنفي ، أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن أحمد المخلدي ، أخبرنا محمد بن أحمد بن عبد الجبار الرياني ، أخبرنا حميد بن زنجويه ، أخبرنا أبو عبد الله بن صالح ، حدثني معاوية بن صالح ، حدثني ربيعة بن يزيد ، عن أبي إدريس الخولاني ، عن أبي أمامة الباهلي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم ، وقربة لكم إلى ربكم ، ومكفرة للسيئات ، ومنهاة عن الإثم " .
أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أخبرنا أبو منصور محمد بن محمد بن سمعان ، حدثنا أبو جعفر محمد بن أحمد بن عبد الجبار الرياني ، أخبرنا حميد بن زنجويه ، أخبرنا روح بن أسلم ، أخبرنا حماد بن سلمة ، أخبرنا عطاء بن السائب ، عن مرة الهمداني ، عن ابن مسعود قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " عجب ربنا من رجلين : رجل ثار عن وطائه ولحافه من بين حيه وأهله إلى صلاته " ، فيقول الله لملائكته : انظروا إلى عبدي ثار عن فراشه ووطائه من بين حيه وأهله إلى صلاته رغبة فيما عندي وشفقا مما عندي ، ورجل غزا في سبيل الله فانهزم معه أصحابه ، فعلم ما عليه في الانهزام وما له في الرجوع ، فرجع فقاتل حتى أهريق دمه ، فيقول الله لملائكته : " انظروا إلى عبدي رجع رغبة فيما عندي وشفقا مما عندي حتى أهريق دمه " ] .
أخبرنا أبو عثمان الضبي ، أخبرنا أبو محمد الجراحي ، أخبرنا أبو العباس المحبوبي ، أخبرنا أبو عيسى الترمذي ، أخبرنا قتيبة بن سعيد ، أخبرنا أبو عوانة ، عن أبي بشر ، عن حميد بن عبد الرحمن الحميري ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " أفضل الصيام بعد شهر رمضان شهر الله المحرم ، وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل " .
أخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي ، أخبرنا أبو الحسين بن بشران ، أخبرنا إسماعيل بن محمد الصفار ، أخبرنا أحمد بن منصور الرمادي ، أخبرنا عبد الرزاق ، أخبرنا معمر ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن ابن معانق ، عن أبي مالك الأشعري قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إن في الجنة غرفا يرى ظاهرها من باطنها ، وباطنها من ظاهرها ، أعدها الله لمن ألان الكلام ، وأطعم الطعام ، وتابع الصيام ، وصلى بالليل والناس نيام " .
أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أخبرنا محمد بن يوسف ، أخبرنا محمد بن إسماعيل ، أخبرنا أصبغ ، أخبرني عبد الله بن وهب ، أخبرني يونس عن ابن شهاب ، أخبرنا الهيثم بن أبي سنان ، أخبرني أنه سمع أبا هريرة في قصصه يذكر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يقول : " إن أخا لكم لا يقول الرفث " يعني بذلك عبد الله بن رواحة ، قال :وفينا رسول الله يتلو كتابه إذا انشق معروف من الفجر ساطع أرانا الهدى بعد العمى فقلوبنابه موقنات أن ما قال واقع يبيت يجافي جنبه عن فراشهإذا استثقلت بالكافرين المضاجعقوله - عز وجل - : ( يدعون ربهم خوفا وطمعا ) قال ابن عباس : خوفا من النار وطمعا في الجنة ( ومما رزقناهم ينفقون ) قيل: أراد به الصدقة المفروضة .
وقيل: عام في الواجب والتطوع .

التفسير الوسيط : تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا


ثم صور- سبحانه - أحوالهم في عبادتهم وتقربهم إلى الله، تصويرا بديعا فقال:تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً.
والتجافي: التحرك إلى جهة أعلى.
وأصله من جفا فلان السرج عن فرسه، إذا رفعه.
ويقال تجافى فلان عن مكانه، إذا انتقل عنه.
والجنوب: جمع جنب.
وأصله الجارحة، والمراد به الشخص.
والمضاجع: جمع مضجع، وهو مكان الاتكاء للنوم.
والمعنى: أن هؤلاء المؤمنين الصادقين، تتنحى وترتفع أجسامهم، عن أماكن نومهم، وراحتهم، حالة كونهم يدعون ربهم بإخلاص وإنابة خَوْفاً من سخطه عليهم، وَطَمَعاً في رضاه عنهم.
وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ من فضلنا وخيرنا يُنْفِقُونَ في وجوه البر والخير.

تفسير ابن كثير : شرح الآية 16 من سورة السجدة


ثم قال [ تعالى : ( تتجافى جنوبهم عن المضاجع ) يعني بذلك قيام الليل ، وترك النوم والاضطجاع على الفرش الوطيئة . قال مجاهد والحسن في قوله تعالى ] : ( تتجافى جنوبهم ) يعني بذلك قيام الليل .وعن أنس ، وعكرمة ، ومحمد بن المنكدر ، وأبي حازم ، وقتادة : هو الصلاة بين العشاءين . وعن أنس أيضا : هو انتظار صلاة العتمة . رواه ابن جرير بإسناد جيد .وقال الضحاك : هو صلاة العشاء في جماعة ، وصلاة الغداة في جماعة .( يدعون ربهم خوفا وطمعا ) أي : خوفا من وبال عقابه ، وطمعا في جزيل ثوابه ، ( ومما رزقناهم ينفقون ) ، فيجمعون بين فعل القربات اللازمة والمتعدية ، ومقدم هؤلاء وسيدهم وفخرهم في الدنيا والآخرة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كما قال عبد الله بن رواحة ، رضي الله عنه :وفينا رسول الله يتلو كتابه إذا انشق معروف من الصبح ساطع [ أرانا الهدى بعد العمى فقلوبنابه موقنات أن ما قال واقع ] يبيت يجافي جنبه عن فراشهإذا استثقلت بالمشركين المضاجعوقال الإمام أحمد : حدثنا روح وعفان قالا حدثنا حماد بن سلمة ، أخبرنا عطاء بن السائب ، عن مرة الهمداني ، عن ابن مسعود ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " عجب ربنا من رجلين : رجل ثار من وطائه ولحافه ، ومن بين أهله وحيه إلى صلاته ، [ فيقول ربنا : أيا ملائكتي ، انظروا إلى عبدي ، ثار من فراشه ووطائه ، ومن بين حيه وأهله إلى صلاته ] رغبة فيما عندي ، وشفقة مما عندي . ورجل غزا في سبيل الله ، عز وجل ، فانهزموا ، فعلم ما عليه من الفرار ، وما له في الرجوع ، فرجع حتى أهريق دمه ، رغبة فيما عندي وشفقة مما عندي . فيقول الله ، عز وجل للملائكة : انظروا إلى عبدي رجع رغبة فيما عندي ، ورهبة مما عندي ، حتى أهريق دمه " .وهكذا رواه أبو داود في " الجهاد " ، عن موسى بن إسماعيل ، عن حماد بن سلمة ، به بنحوه .وقال الإمام أحمد : حدثنا عبد الرزاق ، أخبرنا معمر ، عن عاصم بن أبي النجود ، عن أبي وائل ، عن معاذ بن جبل قال : كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر ، فأصبحت يوما قريبا منه ، ونحن نسير ، فقلت : يا نبي الله ، أخبرني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني من النار . قال : " لقد سألت عن عظيم ، وإنه ليسير على من يسره الله عليه ، تعبد الله ولا تشرك به شيئا ، وتقيم الصلاة ، وتؤتي الزكاة ، وتصوم رمضان ، وتحج البيت " . ثم قال : " ألا أدلك على أبواب الخير ؟ الصوم جنة ، والصدقة تطفئ الخطيئة ، وصلاة الرجل في جوف الليل " . ثم قرأ : ( تتجافى جنوبهم عن المضاجع ) ، حتى بلغ ) يعملون ) . ثم قال : " ألا أخبرك برأس الأمر وعموده وذروة سنامه ؟ " فقلت : بلى ، يا رسول الله . فقال : " رأس الأمر الإسلام ، وعموده الصلاة ، وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله " . ثم قال : " ألا أخبرك بملاك ذلك كله ؟ " فقلت : بلى ، يا نبي الله . فأخذ بلسانه ثم قال : " كف عليك هذا " . فقلت : يا رسول الله ، وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به . فقال : ثكلتك أمك يا معاذ ، وهل يكب الناس في النار على وجوههم - أو قال : على مناخرهم - إلا حصائد ألسنتهم " .رواه الترمذي والنسائي وابن ماجه في سننهم ، من طرق عن معمر ، به . وقال الترمذي : حسن صحيح . ورواه ابن جرير من حديث شعبة ، عن الحكم قال : سمعت عروة بن النزال يحدث عن معاذ بن جبل ; أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له : " ألا أدلك على أبواب الخير : الصوم جنة ، والصدقة تكفر الخطيئة ، وقيام العبد في جوف الليل " ، وتلا هذه الآية : ( تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا ومما رزقناهم ينفقون ) .ورواه أيضا من حديث الثوري ، عن منصور بن المعتمر ، عن الحكم ، عن ميمون بن أبي شبيب ، عن معاذ ، عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه ، ومن حديث الأعمش ، عن حبيب بن أبي ثابت ، والحكم عن ميمون بن أبي شبيب ، عن معاذ مرفوعا بنحوه . ومن حديث حماد بن سلمة ، عن عاصم بن أبي النجود ، عن شهر ، عن معاذ بن جبل ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، في قوله تعالى : ( تتجافى جنوبهم عن المضاجع ) قال : " قيام العبد من الليل " .وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أحمد بن سنان الواسطي ، حدثنا يزيد بن هارون ، حدثنا فطر بن خليفة ، عن حبيب بن أبي ثابت ، والحكم ، وحكيم بن جبير ، عن ميمون بن أبي شبيب ، عن معاذ بن جبل قال : كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك فقال : " إن شئت أنبأتك بأبواب الخير : الصوم جنة ، والصدقة تطفئ الخطيئة ، وقيام الرجل في جوف الليل " ، ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا ومما رزقناهم ينفقون ) .ثم قال : حدثنا أبي ، حدثنا سويد بن سعيد ، حدثنا علي بن مسهر ، عن عبد الرحمن بن إسحاق ، عن شهر بن حوشب ، عن أسماء بنت يزيد قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا جمع الله الأولين والآخرين يوم القيامة ، جاء مناد فنادى بصوت يسمع الخلائق : سيعلم أهل الجمع اليوم من أولى بالكرم . ثم يرجع فينادي : ليقم الذين كانت ( تتجافى جنوبهم عن المضاجع ) الآية ، فيقومون وهم قليل " .وقال البزار : حدثنا عبد الله بن شبيب ، حدثنا الوليد بن عطاء بن الأغر ، حدثنا عبد الحميد بن سليمان ، حدثني مصعب ، عن زيد بن أسلم ، عن أبيه قال : قال بلال لما نزلت هذه الآية : ( تتجافى جنوبهم عن المضاجع ) [ الآية ] ، كنا نجلس في المجلس ، وناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلون بعد المغرب إلى العشاء ، فنزلت هذه الآية : ( تتجافى جنوبهم عن المضاجع ) .ثم قال : لا نعلم روى أسلم عن بلال سواه ، وليس له طريق عن بلال غير هذه الطريق .

تفسير الطبري : معنى الآية 16 من سورة السجدة


القول في تأويل قوله تعالى : تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (16) يقول تعالى ذكره: تتنحَّى جنوب هؤلاء الذين يؤمنون بآيات الله، الذين وصفت صفتهم، وترتفع من مضاجعهم التي يضطجعون لمنامهم، ولا ينامون (يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفا وَطَمَعا) في عفوه عنهم، وتفضُّله عليهم برحمته ومغفرته (ومِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ) في سبيل الله، ويؤدّون منه حقوق الله التي أوجبها عليهم فيه.
وتتجافى: تتفاعل من الجفاء، والجفاء: النبو، كما قال الراجز:وَصَاحِبي ذَاتُ هِباب دَمْشَقُوَابنُ مِلاطٍ مُتجاف أرْفَقُ (1)يعني: أن كرمها سجية عن ابن ملاط، وإنما وصفهم تعالى ذكره بتجافي جنوبهم عن المضاجع؛ لتركهم الاضطجاع للنوم شغلا بالصلاة.
واختلف أهل التأويل في الصلاة التي وصفهم جلّ ثناؤه، أن جنوبهم تتجافى لها عن المضطجع، فقال بعضهم: هي الصلاة بين المغرب والعشاء، وقال: نزلت هذه الآية في قوم كانوا يصلون في ذلك الوقت.
* ذكر من قال ذلك:حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا يحيى بن سعيد، عن أبي عروبة، قال: قال قتادة، قال أنس في قوله: كَانُوا قَلِيلا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ قال: كانوا يتنفَّلون فيما بين &; 20-179 &; المغرب والعشاء، وكذلك (تتجافى جنوبهم) قال: ثنا ابن أبي عديّ، عن سعيد، عن قَتادة، عن أنس في قوله: (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ المَضَاجِعِ) قال: يصلون ما بين هاتين الصلاتين.
حدثني عليّ بن سعيد الكنديّ، قال: ثنا حفص بن غياث، عن سعيد، عن قَتادة، عن أنس (تَتَجَافَى جُنُوبهُم عَنِ المَضَاجِعِ) قال: ما بين المغرب والعشاء.
حدثني محمد بن خلف، قال: ثنا يزيد بن حيان، قال: ثنا الحارث بن وجيه الراسبي، قال: ثنا مالك بن دينار، عن أنس بن مالك، أن هذه الآية نزلت في رجال من أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم، كانوا يصلون فيما بين المغرب والعشاء (تَتَجَافَى جُنُوبُهُم عَنِ المَضَاجِعِ).
حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا محمد بن بشر، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قَتادة، عن أنس (تَتَجَافَى جُنُوبُهُم عَنِ المَضَاجِعِ) قال: كانوا يتطوعون فيما بين المغرب والعشاء.
قال: ثنا أبي، عن سفيان، عن رجل، عن أنس (تَتَجَافَى جُنُوبُهُم عَنِ المَضَاجِعِ) قال: ما بين المغرب والعشاء.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة (تَتَجَافَى جُنُوبُهُم عَنِ المَضَاجِعِ) قال: كانوا يتنفَّلون ما بين صلاة المغرب وصلاة العشاء.
وقال آخرون: عنى بها صلاة المغرب (2) .
* ذكر من قال ذلك:حدثنا ابن وكيع، قال: ثني أبي، عن طلحة، عن عطاء (تَتَجَافَى جُنُوبُهُم عَنِ المَضَاجِعِ) قال: عن العتمة.
وذُكر عن حجاج، عن ابن جريج، قال: قال يحيى بن صَيفي، عن أبي سلمة، قال: العتمة.
وقال آخرون: لانتظار صلاة العتمة.
* ذكر من قال ذلك:حدثني عبد الله بن أبي زياد، قال: ثنا عبد العزيز بن عبد إلى الأويسي، عن &; 20-180 &; سليمان بن بلال، عن يحيى بن سعيد، عن أنس بن مالك، أن هذه الآية (تَتَجَافَى جُنُوبُهُم عَنِ المَضَاجِعِ) نزلت في انتظار الصلاة التي تدعى العتمة.
وقال آخرون: عنى بها قيام الليل.
* ذكر من قال ذلك:حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة، عن الحسن (تَتَجَافَى جُنُوبُهُم عَنِ المَضَاجِعِ) قال: قيام الليل.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: (تَتَجَافَى جُنُوبُهُم عَنِ المَضَاجِعِ) قال: هؤلاء المتهجدون لصلاة الليل.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قوله: (تَتَجَافَى جُنُوبُهُم عَنِ المَضَاجِعِ) يقومون يصلون من الليل.
وقال آخرون: إنما هذه صفة قوم لا تخلو ألسنتهم من ذكر الله.
* ذكر من قال ذلك:حُدثت عن الحسين بن الفرج، قال: سمعت أبا معاذ يقول: اخبرنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: (تَتَجَافَى جُنُوبُهُم عَنِ المَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُم خَوْفا وَطَمَعا): وهم قوم لا يزالون يذكرون الله، إما في صلاة، وإما قياما، وإما قعودا، وإما إذا استيقظوا من منامهم، هم قوم لا يزالون يذكرون الله.
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: (تَتَجَافَى جُنُوبُهُم عَنِ المَضَاجِعِ .
.
.
) إلى آخر الآية، يقول: تتجافى لذكر الله، كلما استيقظوا ذكروا الله، إما في الصلاة، وإما في قيام، أو في قعود، أو على جنوبهم، فهم لا يزالون يذكرون الله.
والصواب من القول في ذلك أن يقال: إن الله وصف هؤلاء القوم بأن جنوبهم تنبو عن مضاجعهم، شغلا منهم بدعاء ربهم وعبادته خوفا وطمعا، وذلك نبوّ جنوبهم عن المضاجع ليلا؛ لأن المعروف من وصف الواصف رجلا بأن جنبه نبا عن مضجعه، إنما هو وصف منه له بأنه جفا عن النوم في وقت منام الناس المعروف، وذلك الليل دون النهار، وكذلك تصف العرب الرجل إذا وصفته بذلك، يدلّ على ذلك قول عبد الله بن رواحة الأنصاري رضي الله عنه في صفة نبيّ الله صلى الله عليه وسلم:يَبِيتُ يُجافِي جَنْبَهُ عَنْ فِراشِهِإذا اسْتَثْقَلَت بالمُشْرِكِينَ المَضَاجِعُ (3)فإذا كان ذلك كذلك، وكان الله تعالى ذكره لم يخصص في وصفه هؤلاء القوم بالذي وصفهم به من جفاء جنوبهم عن مضاجعهم من أحوال الليل وأوقاته حالا ووقتا دون حال ووقت، كان واجبا أن يكون ذلك على كلّ آناء الليل وأوقاته.
وإذا كان كذلك كان من صلى ما بين المغرب والعشاء، أو انتظر العشاء الآخرة، أو قام الليل أو بعضه، أو ذكر الله في ساعات الليل، أو صلى العتمة ممن دخل في ظاهر قوله: (تَتَجَافَى جُنُوبُهُم عَنِ المَضَاجِعِ) لأن جنبه قد جفا عن مضجعه في الحال التي قام فيها للصلاة قائما صلى أو ذكر الله، أو قاعدا بعد أن لا يكون مضطجعا، وهو على القيام أو القعود قادر، غير أن الأمر وإن كان كذلك، فإن توجيه الكلام إلى أنه معني به قيام الليل أعجب إليّ؛ لأن ذلك أظهر معانيه، والأغلب على ظاهر الكلام، وبه جاء الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وذلك ما حدثنا به ابن المثنى، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن الحكم، قال: سمعت عروة بن الزبير يحدّث عن معاذ بن جبل، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: " ألا أدلُّكَ عَلى أبْواب الخَيْرِ: الصَّوْمُ جُنَّةٌ، والصَّدَقَةُ تُكَفِّرُ الخَطِيئَةَ، وَقِيامُ العَبْدِ في جَوْفِ اللَّيْلِ" وتلا هذه الآية (تَتَجَافَى جُنُوبُهُم عَنِ المَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفا وَطَمَعا ومِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ) ".
حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا يحيى بن حماد، قال: ثنا أبو أسامة، عن سليمان، عن حبيب بن أبي ثابت والحكم، عن ميمون بن أبي شبيب، عن معاذ بن جبل، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بنحوه.
حدثني محمد بن خلف العسقلاني، قال: ثنا آدم، قال: ثنا سفيان، قال: ثنا منصور بن المعتمر، عن الحكم بن عُتيبة، عن ميمون بن أبي شبيب، عن معاذ بن جبل، &; 20-182 &; قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنْ شِئْتَ أَنْبَأْتُكَ بأبْوابِ الخَيْرِ: الصَّوْمُ جُنَّةٌ، والصَّدَقَةُ تُكَفِّرُ الخَطِيئَةَ، وَقِيامُ الرَّجُلِ في جَوْفِ اللَّيْلِ" ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم (تَتَجَافَى جُنُوبُهُم عَنِ المَضَاجِعِ).
حدثنا أبو كريب، قال: ثنا يزيد بن حيان، عن حماد بن سلمة، قال: ثنا عاصم بن أبي النجود، عن شهر بن حوشب، عن معاذ بن جبل، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله: (تَتَجَافَى جُنُوبُهُم عَنِ المَضَاجِعِ) قال: " قِيامُ العَبْدِ مِن اللَّيْل ".
حدثنا أبو همام الوليد بن شجاع، قال: ثني أبي، قال: ثني زياد بن خيثمة، عن أبي يحيى بائع القتّ، عن مجاهد، قال: ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم قيام الليل، ففاضت عيناه حتى تحادرت دموعه، فقال: (تَتَجَافَى جُنُوبُهُم عَنِ المَضَاجِعِ).
وأما قوله: (يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفا وَطَمَعا.
.
.
) الآية، فإن بنحو الذي قلنا (4) في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة ( يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ) قال: خوفا من عذاب الله، وطمعا في رحمة الله، ومما رزقناهم ينفقون فى طاعة الله، وفي سبيله.
--------------------------الهوامش :(1) البيتان للزفيان (انظرهما في الملحق بديوان العجاج 100).
والهباب: النشاط والإسراع في السير.
والدمشق: الناقة الخفيفة السريعة، وأنشد أبو عبيدة قول الزفيان:وَمَنْهَل طامٍ عَلَيْهِ الغَلْفَقُيُنِيرُ أوْ يُسْدِى بِهِ الخَوَرْنَقُوَرَدْتُهُ واللَّيْلُ دَاجٍ أبْلَقُوَصَاحبي ذَات هِباب دَمْشَقُكأنها بعْدَ الكَلالِ زَوْرَقُولم يذكر البيت الثاني، وهو محل الشاهد عند المؤلف.
وفي (اللسان: ملط) قال النضر: الملاطان: ما عن يمين الكركرة وشمالها.
وابنا ملاطي البعير: هما العضدان، وقيل كتفاه، وابنا ملاط: العضدان والكتفان.
الواحد: ابن ملاط.
وقال ابن السكيت: ابنا ملاط: العضدان.
والمتجافي: البائن عن جنبها، وذلك أقوى لسيرها.
والأرفق: المنفتل المرفق عن الجنب، وهو أرفق، وناقة رفقاء.
ا ه.
وقال الأزهري: الذي حفظه بهذا المعنى: ناقة دفقاء، وجمل أدفق، إذا انفتق مرفقه عن جنبه.
وفي (اللسان: دفق) ورجل أدفق: إذا انحنى صلبه من كبر أو غم.
وأنشد المفضل * وابن ملاط متجاف أدفق *ا ه.
وأنشد أبو عبيدة البيتين في مجاز القرآن (الورقة 193 - أ) ولم ينسبه.
ثم قال: أدفق (بالدال) أي متنح عن كركرتها.
ا ه .
(2) لعله صلاة العتمة، يعني العشاء، كما تفيده الآثار بعد.
(3) البيت لعبد الله بن رواحة الأنصاري أحد شعراء النبي صلى الله عليه وسلم.
ويجافي: يباعد واستثقلت ثقلت: والمضاجع: جمع مضجع، وهو الفراش ينام فيه أو موضعه.
والبيت شاهد ثاني على التجافي في قوله تعالى: (تتجافى جنوبهم عن المضاجع) : معناه: تبعد.
قال أبو عبيدة في مجازالقرآن ( الورقة 195 - ب ): أي ترتفع عنها وتتنحى، لأنهم يصلون بالليل.
ا ه.
(4) انظر تفسير المؤلف للآية في صدر الكلام عليها ص 99.

تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا ومما رزقناهم ينفقون

سورة : السجدة - الأية : ( 16 )  - الجزء : ( 21 )  -  الصفحة: ( 416 ) - عدد الأيات : ( 30 )

تفسير آيات من القرآن الكريم

  1. تفسير: خالدين فيها وعد الله حقا وهو العزيز الحكيم
  2. تفسير: أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على
  3. تفسير: ومن آياته خلق السموات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم إن في ذلك لآيات للعالمين
  4. تفسير: فلا تطع المكذبين
  5. تفسير: وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم مغفرة وأجر عظيم
  6. تفسير: من كان يريد حرث الآخرة نـزد له في حرثه ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته
  7. تفسير: هو الذي يصلي عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات إلى النور وكان بالمؤمنين رحيما
  8. تفسير: وإذا مس الإنسان ضر دعا ربه منيبا إليه ثم إذا خوله نعمة منه نسي ما
  9. تفسير: ياأيها المزمل
  10. تفسير: اتبع ما أوحي إليك من ربك لا إله إلا هو وأعرض عن المشركين

تحميل سورة السجدة mp3 :

سورة السجدة mp3 : قم باختيار القارئ للاستماع و تحميل سورة السجدة

سورة السجدة بصوت ماهر المعيقلي
ماهر المعيقلي
سورة السجدة بصوت سعد الغامدي
سعد الغامدي
سورة السجدة بصوت عبد  الباسط عبد الصمد
عبد الباسط
سورة السجدة بصوت أحمد العجمي
أحمد العجمي
سورة السجدة بصوت محمد صديق المنشاوي
المنشاوي
سورة السجدة بصوت محمود خليل الحصري
الحصري
سورة السجدة بصوت مشاري راشد العفاسي
مشاري العفاسي
سورة السجدة بصوت ناصر القطامي
ناصر القطامي
سورة السجدة بصوت فارس عباد
فارس عباد
سورة السجدة بصوت ياسر لدوسري
ياسر الدوسري

,

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب