تفسير الآية - القول في معنى قوله تعالى : ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ولأمة مؤمنة ..

  1. تفسير السعدي
  2. تفسير البغوي
  3. التفسير الوسيط
  4. تفسير ابن كثير
  5. تفسير الطبري
الفسير الوسيط | التفسير الوسيط للقرآن الكريم للطنطاوي | تأليف شيخ الأزهر محمد سيد طنطاوي (المتوفى: 1431هـ) : ويعتبر هذا التفسير من التفاسير الحديثة و القيمة لطلاب العلم و الباحثين في تفسير القرآن العظيم بأسلوب منهجي سهل و عبارة مفهومة, تفسير الآية 221 من سورة البقرة - التفسير الوسيط .
  
   

﴿ وَلَا تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّىٰ يُؤْمِنَّ ۚ وَلَأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ ۗ وَلَا تُنكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّىٰ يُؤْمِنُوا ۚ وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ ۗ أُولَٰئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ ۖ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ ۖ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ﴾
[ سورة البقرة: 221]

معنى و تفسير الآية 221 من سورة البقرة : ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ولأمة مؤمنة .


تفسير الجلالين التفسير الميسر تفسير السعدي
تفسير البغوي التفسير الوسيط تفسير ابن كثير
تفسير الطبري تفسير القرطبي إعراب الآية

تفسير السعدي : ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ولأمة مؤمنة


أي: { وَلَا تَنْكِحُوا } النساء { الْمُشْرِكَاتِ } ما دمن على شركهن { حَتَّى يُؤْمِنَّ } لأن المؤمنة ولو بلغت من الدمامة ما بلغت خير من المشركة, ولو بلغت من الحسن ما بلغت, وهذه عامة في جميع النساء المشركات، وخصصتها آية المائدة, في إباحة نساء أهل الكتاب كما قال تعالى: { وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ } { وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا } وهذا عام لا تخصيص فيه.
ثم ذكر تعالى, الحكمة في تحريم نكاح المسلم أو المسلمة, لمن خالفهما في الدين فقال: { أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ }- أي: في أقوالهم أو أفعالهم وأحوالهم, فمخالطتهم على خطر منهم, والخطر ليس من الأخطار الدنيوية, إنما هو الشقاء الأبدي.
ويستفاد من تعليل الآية, النهي عن مخالطة كل مشرك ومبتدع, لأنه إذا لم يجز التزوج مع أن فيه مصالح كثيرة فالخلطة المجردة من باب أولى, وخصوصا, الخلطة التي فيها ارتفاع المشرك ونحوه على المسلم, كالخدمة ونحوها.
وفي قوله: { وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ } دليل على اعتبار الولي [في النكاح].
{ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ }- أي: يدعو عباده لتحصيل الجنة والمغفرة, التي من آثارها, دفع العقوبات وذلك بالدعوة إلى أسبابها من الأعمال الصالحة, والتوبة النصوح, والعلم النافع, والعمل الصالح.
{ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ }- أي: أحكامه وحكمها { لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ } فيوجب لهم ذلك التذكر لما نسوه, وعلم ما جهلوه, والامتثال لما ضيعوه.

تفسير البغوي : مضمون الآية 221 من سورة البقرة


قوله تعالى : ( ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ) سبب نزول هذه الآية أن أبا مرثد الغنوي بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مكة ليخرج منها ناسا من المسلمين سرا فلما قدمها سمعت به امرأة مشركة يقال لها عناق وكانت خليلته في الجاهلية فأتته وقالت : يا أبا مرثد ألا تخلو؟ فقال لها ويحك يا عناق إن الإسلام قد حال بيننا وبين ذلك قالت : فهل لك أن تتزوج بي؟ قال نعم ولكن أرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأستأمره فقالت أبي تتبرم؟ ثم استغاثت عليه فضربوه ضربا شديدا ثم خلوا سبيله فلما قضى حاجته بمكة وانصرف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلمه بالذي كان من أمره وأمر عناق وما لقي بسببها وقال : يا رسول الله أيحل لي أن أتزوجها؟ فأنزل الله تعالى ( ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن قيل: الآية منسوخة في حق الكتابيات بقوله تعالى " والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم " ( 5 - المائدة ) فإن قيل: كيف أطلقتم اسم الشرك على من لا ينكر إلا نبوة محمد صلى الله عليه وسلم؟ قال أبو الحسن بن فارس : لأن من يقول : القرآن كلام غير الله فقد أشرك مع الله غيره وقال قتادة وسعيد بن جبير : أراد بالمشركات الوثنيات فإن عثمان رضي الله عنه تزوج نائلة بنت فرافصة وكانت نصرانية فأسلمت تحته وتزوج طلحة بن عبد الله نصرانية وتزوج حذيفة يهودية [ فكتب إليه عمر رضي الله عنه خل سبيلها .
فكتب إليه أتزعم أنها حرام؟ فقال : لا أزعم أنها حرام ولكني أخاف أن تعاطوا المومسات منهن
] .
قوله تعالى : ( ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم ) بجمالها ومالها نزلت في خنساء وليدة سوداء كانت لحذيفة بن اليمان قال حذيفة : يا خنساء قد ذكرت في الملأ الأعلى على سوادك ودمامتك فأعتقها وتزوجها وقال السدي : نزلت في عبد الله بن رواحة كانت له أمة سوداء فغضب عليها ولطمها ثم فزع فأتى النبي صلى الله عليه وسلم وأخبره بذلك فقال له صلى الله عليه وسلم : وما هي يا عبد الله؟ قال : هي تشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله وتصوم رمضان وتحسن الوضوء وتصلي فقال : " هذه مؤمنة قال عبد الله : فوالذي بعثك بالحق نبيا لأعتقنها ولأتزوجنها ففعل ذلك فطعن عليه ناس من المسلمين وقالوا : أتنكح أمة؟ وعرضوا عليه حرة مشركة فأنزل الله تعالى هذه الآية .
قوله تعالى : ( ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا ) هذا إجماع : لا يجوز للمسلمة أن تنكح المشرك ( ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم أولئك ) يعني المشركين ( يدعون إلى النار ) أي إلى الأعمال الموجبة للنار ( والله يدعو إلى الجنة والمغفرة بإذنه ) أي بقضائه وإرادته ( ويبين آياته للناس ) أي أوامره ونواهيه ( لعلهم يتذكرون ) يتعظون .

التفسير الوسيط : ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ولأمة مؤمنة


قوله- تعالى: وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ النكاح في اللغة الضم وتداخل أجزاء الشيء بعضها في بعض.
ثم أطلق على العقد الذي به تكون العلاقة بين الرجل والمرأة علاقة مشروعة.
والمشرك في لسان الشرع: من يدين بتعدد الآلهة مع الله-تبارك وتعالى- وأصله من الإشراك بمعنى أن تجعل الشيء بينك وبين غيرك شركة، فمن يعبد مع الله-تبارك وتعالى- إلها آخر يعد مشركا، وهو في الآخرة من الخاسرين.
ويرى كثير من العلماء أن إطلاق كلمة: مشرك، ومشركين، ومشركات في القرآن الكريم تعنى عبدة الأوثان، وأنها صارت في استعمال القرآن حقيقة عرفية فيهم، ولم يطلقها القرآن على اليهود والنصارى وإنما عبر عنهم بهذا الاسم أو بأهل الكتاب، أو بوصف الكفر دون الشرك كما في قوله-تبارك وتعالى-: لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ وعليه فالمراد بالمشركات والمشركين في الآية عبدة الأوثان.
وذهب بعضهم إلى أن لفظ المشركات يشمل بمقتضى عمومه المرأة الوثنية، واليهودية، والنصرانية.
وقد ترتب على هذا الخلاف في إطلاق كلمة «مشرك» أن أصحاب الرأى الأول قالوا: إن النهى في الآية إنما هو عن زواج المشركات اللائي يعبدن الأوثان ولا كتاب لهن، وأنه يجوز- مع الكراهة- أن يتزوج المسلّم الكتابية، لأن القرآن يقول: الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ، وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ، وَطَعامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ، وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الْمُؤْمِناتِ وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ.. الآية .
ولأنه قد جاءت الروايات بأن بعض الصحابة قد تزوج بكتابيات.
فعثمان بن عفان تزوج نصرانية ثم أسلمت، وطلحة ابن عبيد الله وحذيفة بن اليمان تزوجا يهوديتين.
أما من قال بالرأى الثاني فيرى حرمة الزواج بالوثنية واليهودية والنصرانية لأن لفظ المشركات يشملهن جميعا.
وأصحاب هذا الرأى- كما يقول الآلوسى- يجعلون آية المائدة وهي قوله-تبارك وتعالى-: وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الْمُؤْمِناتِ.. منسوخة بالآية التي معنا نسخ الخاص بالعام.. وإلى هذا الرأى ذهب الإمامية وبعض الزيدية .
وروى عن عمر وعبد الله ابنه- رضي الله عنهما- أنهما حرما ذلك وفي رواية أنها كرهاه.
وهي الأصح.
قال القرطبي: وروى عن عمر أنه فرق بين طلحة بن عبيد الله وحذيفة بن اليمان وبين كتابيتين وقالا: نطلق يا أمير المؤمنين ولا تغضب.
فقال: لو جاز طلاقكما لجاز نكاحكما ولكن أفرق بينكما صغرة قمأة.
قال ابن عطية وهذا لا يستند جيدا، وأسند منه أن عمر أراد التفريق بينهما فقال له حذيفة: أتزعم أنها حرام فأخلى سبيلها يا أمير المؤمنين؟ فقال: لا أزعم أنها حرام ولكن أخاف أن تعاطوا المومسات منهن.
ثم قال القرطبي: وكان ابن عمر إذا سئل عن نكاح الرجل النصرانية أو اليهودية.
قال حرم الله المشركات على المؤمنين ولا أعرف شيئا من الإشراك أعظم من أن تقول المرأة ربها عيسى أو عبد من عباد الله.
قال النحاس: وهذا قول خارج عن قول الجماعة الذين تقوم بهم الحجة، لأنه قال بتحليل نكاح نساء أهل الكتاب من الصحابة والتابعين جماعة منهم عثمان وطلحة وابن عباس.. ومن التابعين سعيد بن المسيب وسعيد بن جبير والحسن ومجاهد.. وفقهاء الأمصار عليه، وأيضا فيمتنع أن تكون هذه الآية من سورة البقرة ناسخة للآية التي في سورة المائدة، لأن البقرة من أول ما نزل بالمدينة والمائدة من آخر ما نزل، وإنما الآخر ينسخ الأول- أو يخصصه- وأما قول ابن عمر فلا حجة فيه، لأن ابن عمر- رضي الله عنه- كان متوقفا، فلما سمع الآيتين في واحدة التحليل وفي أخرى التحريم ولم يبلغه النسخ توقف، ولم يؤخذ عنه ذكر النسخ وإنما تؤول عليه، وليس يؤخذ الناسخ والمنسوخ بالتأويل .
والذي نراه أن زواج المسلّم بالكتابية جائز لأن القرآن صريح في ذلك، ولأن عمر- رضي الله عنه- أقر بأنه ليس بحرام، فتكون آية المائدة مخصصة لآية البقرة على فرض عمومها، ومبينة لحكم جديد خاص بالكتابيات، وهو الجواز ولكن هذا الجواز لا يمنع كراهته، لأن الزواج بالكتابية كثيرا ما يؤثر في إضعاف العاطفة الدينية عند المسلّم، وعند الأطفال الذين يكونون ثمرة لهذا الزواج، لأنهم يخرجون إلى الحياة وقد رضعوا الميل إلى دين أمهم، ولأن المرأة الكتابية التي تقبل الزواج بالمسلّم كثيرا ما تكون منحرفة في سلوكها وأن الدافع لها إلى هذا الزواج إنما هو المال أو الجمال أو الجاه وليس الدين أو الخلق، لأنه لو كان الدافع ذلك لرضيت بالإسلام دينا، وبآدابه خلقا لها، وما أحكم قول عمر لحذيفة: «لا أزعم أنها حرام ولكن أخاف أن تعاطوا المومسات منهن» .
هذه خلاصة لآراء العلماء في هذه المسألة ومن أراد المزيد فليرجع إلى أقوالهم في مظانها .
والمعنى: أنها كم أيها المؤمنون أن تتزوجوا بالنساء المشركات حتى يؤمن بالله-تبارك وتعالى- ويذعن لتعاليم الإسلام وآدابه.
وقوله: وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ تعليل للنهى، وبيان لفضل المؤمنات على المشركات، ولفضل طهارة النفس على جمال الجسم، والمراد بالأمة هنا الأنثى المملوكة من الرقيق، وبالمشركة الحرة الجميلة بقرينة المقابلة.
أى: ولأنثى رقيقة مؤمنة مع ما بها من الرق وقلة الجاه والجمال خير في التزوج بها من امرأة حرة مشركة ولو أعجبتكم بجمالها ونسبها وغير ذلك من منافع دنيوية، لأن ما يتعلق بالمنافع الدينية يجب أن يقدم على المنافع الدنيوية، ولأن الزواج ارتباط روحي بين قلبين، ومن العسير أن يتم هذا الترابط بين قلب يخلص لله في عبادته، وقلب لا يدين بذلك.
وصدرت الجملة بلام الابتداء الشبيهة بلام القسم في إفادة التأكيد مبالغة في الحمل على الانزجار، وقد أمر النبي صلّى الله عليه وسلّم أتباعه أن يجعلوا الدين أساس رغبتهم في الزواج، فقد أخرج الشيخان عن أبى هريرة أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «تنكح المرأة لأربع: لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك» .
وعن عبد الله بن عمرو- رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم «لا تتزوجوا النساء لحسنهن فعسى حسنهن أن يرديهن، ولا تتزوجوهن لأموالهن فعسى أموالهن أن تطغيهن، ولكن تزوجوهن على الدين، ولأمة سوداء ذات دين أفضل» .
والأحاديث النبوية في هذا المعنى كثيرة.
ثم قال-تبارك وتعالى-: وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا أى: لا تزوجوا أيها المؤمنون النساء المؤمنات للرجال المشركين حتى يتركوا ما هم عليه من شرك ويدخلوا في دين الإسلام، فإذا فعلوا ذلك حل لكم أن تزوجوهم النساء المسلمات، لأنهم بدخولهم في الإسلام قد أصبحوا إخوانا لكم.
والنهى هنا يتناول المشرك الذي يعبد الأوثان ويتناول غيره ممن لا يدين بالإسلام كأهل الكتاب، لأن القرآن قد جعل الإيمان غاية للنهى، فإذا لم يكن هناك إيمان من الرجل لم يكن له أن يتزوج من المرأة المؤمنة، لأن الله-تبارك وتعالى- يقول في آية أخرى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا جاءَكُمُ الْمُؤْمِناتُ مُهاجِراتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِناتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ، وَآتُوهُمْ ما أَنْفَقُوا، وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ.
فهذه الآية صريحة في أن زواج المسلمة بالكافر لا يجوز، وكلمة كافر تشمل أهل الكتاب بدليل قوله-تبارك وتعالى-: لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى لِسانِ داوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ.. وقوله تعالى ما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ.
قال الفخر الرازي: لا خلاف هاهنا في أن المراد به- أى بلفظ المشركين- الكل، وأن المؤمنة لا يحل تزويجها من الكافر ألبتة على اختلاف أنواع الكفرة .
وقوله: وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ بيان لفضل الإيمان على الشرك، كما في قوله-تبارك وتعالى-: وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ إذ نسبة المؤمن أو المؤمنة إلى هذا الدين الذي ارتضاه الله لعباده أفضل وأجل من الانتساب إلى أى شيء آخر.
ثم بين- سبحانه - علة النهى عن الزواج بالمشركين والمشركات فقال-تبارك وتعالى-: أُولئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُوا إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ.
أى: أولئك المذكورون من المشركين والمشركات يدعون من يقارنهم ويعاشرهم إلى الأقوال والأفعال والعقائد التي تقضى بصاحبها إلى دخول النار في الآخرة والله-تبارك وتعالى- يدعو عباده على ألسنة رسله إلى الأقوال والأعمال والعقائد التي توصل إلى جنته ومغفرته.
فالمراد بالدعاء إلى النار الدعاء إلى أسبابها وإلى ما يوصل إليها، وكان الاقتران بهؤلاء المشركين والمشركات سببا في الوصول إليها، لأن الزواج من شأنه الألفة والمودة والمحبة وشدة الاتصال، وكل ذلك يجعل المسلّم أو المسلمة يتقبلان ما عليه المشرك أو المشركة من فسوق وعصيان لله-تبارك وتعالى- بل ربما بمرور الأيام لا يكتفيان بالتقبل بل يستحسنان فعلهما، وبذلك تنحل عرا الإسلام من نفس المسلّم والمسلمة عروة فعروة، حتى لا يبقى منه سوى الاسم، كما نشاهد ذلك في كثير من المسلمين الذين تزوجوا بغير مسلمات.
والمقصود من قوله-تبارك وتعالى-: وَاللَّهُ يَدْعُوا إِلَى الْجَنَّةِ إغراء المؤمنين بالتمسك بتعاليم دينهم، وتنفيرهم من الاقتران بغير من يكون على شاكلتهم في الدين، لأن من يخالفهم في عقيدتهم طريقه يغاير طريقهم، وهدفه يخالف هدفهم، وعاقبته تباين عاقبتهم.
والدعاء إلى الجنة والمغفرة المراد به الدعاء إلى أسبابهما كما في الجملة السابقة المقابلة وقيد- سبحانه - الدعاء إلى الجنة والمغفرة بقوله بِإِذْنِهِ أى بأمره وإرادته وعلمه، لأنه- سبحانه - هو المالك لكل شيء، ولا يقع في ملكه إلا ما يريده ويقدره.
قال بعض العلماء ما ملخصه: وقد يقول قائل: هذه الدعوة إلى النار قد تكون أيضا في زواج المسلّم بالكتابية، كما هي في زواج المسلّم بالمشركة، وكان مقتضى هذا أن يحرم زواج المسلّم بغير المسلمة مطلقا، كما حرم زواج المسلمة بغير المسلّم مطلقا، وإن لذلك الكلام موضعه، ولذلك أجمع الفقهاء على كراهة زواج المسلّم بالكتابية، بل زعم بعض العلماء أن زواج المسلّم من الكتابية محرم كزواجه من المشركة.
ولكن الجمهور لا يقطعون بالتحريم أمام النص القاطع بالحل، ولا يعملون العلة ليهمل النص، بل يرون علة التحريم لا تتوافر في الكتابية توافرها في المشركة، فإن المشركة لا ترتبط بأى قانون خلقي يعصمها من الزلل.. أما الكتابية فإن مجموع الفضائل الإنسانية.. لا تزال باقية في تعاليم دينها فيمكن الاحتكام إليها.
والقرآن في جدله مع أهل الكتاب كان يلاحظ إمكان التفاهم معهم على قواعد يمكن حملهم على الإقرار بها كما في قوله-تبارك وتعالى-: قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً.. الآية.
وأمرنا أن نجادلهم بالتي هي أحسن فقال: وَلا تُجادِلُوا أَهْلَ الْكِتابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ.. الآية.
فكان من اطراد تلك المعاملة الحسنة المقربة غير المبعدة، أن أباح الإسلام الزواج من الكتابيات.
بيد أنه يلاحظ في إباحة الزواج من الكتابيات أمران:أولهما: أن النص القرآنى المبيح خاص بالمحصنات منهن، إذ قال- سبحانه وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ والمحصنات- في أظهر التفسير- هن العفيفات، فأولئك الذين يعمدون إلى المنحرفات منهن في أخلاقهن وعقولهن ولا يتخيرون، خارجون عن موضع الإباحة فيما أحسب، لأن الله أحل المحصنات وهم استحلوا المنحرفات.
ثانيهما: أن ولى الأمر إذا رأى خطرا على الدولة الإسلامية أو على المجتمع الإسلامى له أن يمنع الناس من ذلك الزواج بوضع عقوبات لمن يقدم عليه سدا للذريعة ومنعا للشر، وذلك من باب السياسة الشرعية، لا من باب تحريم ما أحل الله، لأن الحل قائم على أصله، والمنع وارد على الضرر الذي يلحق المسلمين، إذ في ذلك من الاعتداء على جماعتهم ما فيه، كما أن أصل الأكل حلال، ولكن اغتصاب أموال الناس لنأكلها حرام، ولذلك سارت الدولة على منع بعض رجالها من الزواج بالأجنبيات .
وقوله-تبارك وتعالى- في ختام الآية: وَيُبَيِّنُ آياتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ معطوف على يدعو إلى الجنة.
أى أنه- سبحانه - يدعو الناس إلى ما يوصلهم إلى جنته ومغفرته ويبين لهم آياته وأوامره ونواهيه في شئون الزواج وفي غير ذلك من الأحكام لكي يتعظوا ويعتبروا ويتذكروا ما أمرهم الله به فيعملوه، وما نهاهم عنه فيتركوه.
وبذلك نرى أن الآية الكريمة قد رسمت للناس أقوم السبل، لكي يعيشوا في ظل أسرة فاضلة، تظلها السعادة، ويسودها الأمان والاطمئنان ويتعاون أفرادها على البر والتقوى لا على الإثم والعدوان.
وبعد أن أمر الله- المسلّم بأن يجعل التدين وحسن الخلق محط اختياره في الزواج، اتبع ذلك بإرشاده إلى بعض الآداب التي يجب عليه أن يسلكها مع زوجه حتى تكون علاقتهما قائمة على ما يقتضيه الطبع السليم والخلق القويم وحتى تكون في أعلى درجات التطهر والتنزه والعفاف فقال-تبارك وتعالى-:

تفسير ابن كثير : شرح الآية 221 من سورة البقرة


هذا تحريم من الله عز وجل على المؤمنين أن يتزوجوا المشركات من عبدة الأوثان . ثم إن كان عمومها مرادا ، وأنه يدخل فيها كل مشركة من كتابية ووثنية ، فقد خص من ذلك نساء أهل الكتاب بقوله : { والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا آتيتموهن أجورهن محصنين غير مسافحين [ ولا متخذي أخدان ] } [ المائدة : 5 ] .
قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس في قوله : { ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن } استثنى الله من ذلك نساء أهل الكتاب . وهكذا قال مجاهد ، وعكرمة ، وسعيد بن جبير ، ومكحول ، والحسن ، والضحاك ، وزيد بن أسلم ، والربيع بن أنس ، وغيرهم .
وقيل : بل المراد بذلك المشركون من عبدة الأوثان ، ولم يرد أهل الكتاب بالكلية ، والمعنى قريب من الأول ، والله أعلم .
فأما ما رواه ابن جرير : حدثني عبيد بن آدم بن أبي إياس العسقلاني ، حدثنا أبي ، حدثنا عبد الحميد بن بهرام الفزاري ، حدثنا شهر بن حوشب قال : سمعت عبد الله بن عباس يقول : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أصناف النساء ، إلا ما كان من المؤمنات المهاجرات ، وحرم كل ذات دين غير الإسلام ، قال الله عز وجل : { ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله } [ المائدة : 5 ] . وقد نكح طلحة بن عبيد الله يهودية ، ونكح حذيفة بن اليمان نصرانية ، فغضب عمر بن الخطاب غضبا شديدا ، حتى هم أن يسطو عليهما . فقالا : نحن نطلق يا أمير المؤمنين ، ولا تغضب ! فقال : لئن حل طلاقهن لقد حل نكاحهن ، ولكني أنتزعهن منكم صغرة قمأة فهو حديث غريب جدا . وهذا الأثر عن عمر غريب أيضا .
قال أبو جعفر بن جرير ، رحمه الله ، بعد حكايته الإجماع على إباحة تزويج الكتابيات : وإنما كره عمر ذلك ، لئلا يزهد الناس في المسلمات ، أو لغير ذلك من المعاني ، كما حدثنا أبو كريب ، حدثنا ابن إدريس ، حدثنا الصلت بن بهرام ، عن شقيق قال : تزوج حذيفة يهودية ، فكتب إليه عمر : خل سبيلها ، فكتب إليه : أتزعم أنها حرام فأخلي سبيلها ؟ فقال : لا أزعم أنها حرام ، ولكني أخاف أن تعاطوا المومسات منهن .
وهذا إسناد صحيح ، وروى الخلال عن محمد بن إسماعيل ، عن وكيع ، عن الصلت نحوه .
وقال ابن جرير : حدثني موسى بن عبد الرحمن المسروقي ، حدثنا محمد بن بشر ، حدثنا سفيان بن سعيد ، عن يزيد بن أبي زياد ، عن زيد بن وهب قال : قال [ لي ] عمر بن الخطاب : المسلم يتزوج النصرانية ، ولا يتزوج النصراني المسلمة .
قال : وهذا أصح إسنادا من الأول .
ثم قال : وقد حدثنا تميم بن المنتصر ، أخبرنا إسحاق الأزرق عن شريك ، عن أشعث بن سوار ، عن الحسن ، عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " نتزوج نساء أهل الكتاب ولا يتزوجون نساءنا " .
ثم قال : وهذا الخبر وإن كان في إسناده ما فيه فالقول به لإجماع الجميع من الأمة على صحة القول به .
كذا قال ابن جرير ، رحمه الله .
وقد قال ابن أبي حاتم : حدثنا محمد بن إسماعيل الأحمسي ، حدثنا وكيع ، عن جعفر بن برقان ، عن ميمون بن مهران ، عن ابن عمر : أنه كره نكاح أهل الكتاب ، وتأول { ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن }
وقال البخاري : وقال ابن عمر : لا أعلم شركا أعظم من أن تقول : ربها عيسى .
وقال أبو بكر الخلال الحنبلي : حدثنا محمد بن هارون حدثنا إسحاق بن إبراهيم { ح } وأخبرني محمد بن علي ، حدثنا صالح بن أحمد : أنهما سألا أبا عبد الله أحمد بن حنبل ، عن قول الله : { ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن } قال : مشركات العرب الذين يعبدون الأوثان .
وقوله : { ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم } قال السدي : نزلت في عبد الله بن رواحة ، كانت له أمة سوداء ، فغضب عليها فلطمها ، ثم فزع ، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأخبره خبرها . فقال له : " ما هي ؟ " قال : تصوم ، وتصلي ، وتحسن الوضوء ، وتشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله . فقال : " يا أبا عبد الله ، هذه مؤمنة " . فقال : والذي بعثك بالحق لأعتقنها ولأتزوجنها . ففعل ، فطعن عليه ناس من المسلمين ، وقالوا : نكح أمة . وكانوا يريدون أن ينكحوا إلى المشركين ، وينكحوهم رغبة في أحسابهم ، فأنزل الله : { ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم } { ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم }
وقال عبد بن حميد : حدثنا جعفر بن عون ، حدثنا عبد الرحمن بن زياد الإفريقي ، عن عبد الله بن يزيد ، عن عبد الله بن عمرو ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لا تنكحوا النساء لحسنهن ، فعسى حسنهن أن يرديهن ، ولا تنكحوهن على أموالهن فعسى أموالهن أن تطغيهن ، وانكحوهن على الدين ، فلأمة سوداء خرماء ذات دين أفضل " . والإفريقي ضعيف .
وقد ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " تنكح المرأة لأربع : لمالها ، ولحسبها ولجمالها ، ولدينها ; فاظفر بذات الدين تربت يداك " . ولمسلم عن جابر مثله . وله ، عن ابن عمر : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " الدنيا متاع ، وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة " .
وقوله : { ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا } أي: لا تزوجوا الرجال المشركين النساء المؤمنات ، كما قال تعالى : { لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن } [ الممتحنة : 10 ] .
ثم قال تعالى : { ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم } أي: ولرجل مؤمن ولو كان عبدا حبشيا خير من مشرك ، وإن كان رئيسا سريا { أولئك يدعون إلى النار } أي: معاشرتهم ومخالطتهم تبعث على حب الدنيا واقتنائها وإيثارها على الدار الآخرة ، وعاقبة ذلك وخيمة { والله يدعو إلى الجنة والمغفرة بإذنه } أي: بشرعه وما أمر به وما نهى عنه { ويبين آياته للناس لعلهم يتذكرون }

تفسير الطبري : معنى الآية 221 من سورة البقرة


القول في تأويل قوله تعالى : وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّقال أبو جعفر : اختلف أهل التأويل في هذه الآية: هل نزلت مرادًا بها كل مشركة، أم مراد بحكمها بعض المشركات دون بعض؟ ( 28 ) وهل نسخ منها بعد وجوب الحكم بها شيء أم لا؟فقال بعضهم: نزلت مرادًا بها تحريم نكاح كل مشركة على كلّ مسلم من أيّ أجناس الشِّرك كانت، عابدةَ وثن كانت ( 29 ) أو كانت يهودية أو نصرانية أو مجوسية أو من غيرهم من أصناف الشرك، ثم نسخ تحريم نكاح أهل الكتاب بقوله: يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ إلى وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ [ سورة المائدة: 4-5 ]* ذكر من قال ذلك:4212 - حدثني علي بن واقد قال، حدثني عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله: " ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمنَّ "، ثم استثنى نساءَ أهل الكتاب فقال: وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لكم إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ .
( 30 )4213 - حدثنا محمد بن حميد قال، حدثنا يحيى بن واضح، عن الحسين بن واقد، عن يزيد النحوي، عن عكرمة والحسن البصري قالا " ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمنَّ "، فنُسخ من ذلك نساء أهل الكتاب، أحلّهُن للمسلمين.
4214 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله: " ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن "، قال: نساءُ أهل مكة ومن سواهنّ من المشركين، ثم أحل منهن نساء أهل الكتاب.
4215 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد مثله.
4216 - حدثت عن عمار قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع قوله: " ولا تنكحوا المشركات " إلى قوله: لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ، قال: حرم الله المشركات في هذه الآية، ثم أنزل في" سورة المائدة "، فاستثنى نساء أهل الكتاب فقال: وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ .
* * *وقال آخرون: بل أنزلت هذه الآية مرادًا بحكمها مشركات العرب، لم ينسخ منها شيء ولم يُستثن، وإنما هي آية عامٌّ ظاهرُها، خاصٌّ تأويلها.
( 31 )* ذكر من قال ذلك:4217 - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: " ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن "، يعني : مشركات العرب اللاتي ليس فيهن كتاب يقرأنه.
( 32 )4218 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة قوله: " ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمنّ "، قال: المشركات، مَنْ ليس من أهل الكتاب، وقد تزوج حذيفة يهودية أو نصرانية.
( 33 )4219 - حدثت عن عمار قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن قتادة في قوله: " ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمنّ "، يعني مشركات العرب اللاتي ليس لهن كتابٌ يقرأنه.
4220 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا وكيع، عن سفيان، عن حماد، عن سعيد بن جبير قوله: " ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمنّ "، قال: مشركات أهل الأوثان.
* * *وقال آخرون: بل أنزلت هذه الآية مرادًا بها كل مشركة من أيّ أصناف الشرك كانت، غير مخصوص منها مشركةٌ دون مشركة، وثنيةً كانت أو مجوسية أو كتابيةً، ولا نُسخ منها شيء.
* ذكر من قال ذلك:4221 - حدثنا عبيد بن آدم بن أبي إياس العسقلاني قال، حدثنا أبي قال، حدثنا عبد الحميد بن بهرام الفزاري قال، حدثنا شهر بن حوشب قال: سمعت عبد الله بن عباس يقول: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أصناف النساء، إلا ما كان من المؤمنات المهاجرات، وحرَّم كل ذات دين غير الإسلام، وقال الله تعالى ذكره: وَمَنْ يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ [ سورة المائدة: 5 ]، وقد نكح طلحة بن عبيد الله يهودية، ونكح حذيفة بن اليمان نصرانية، فغضب عمر بن الخطاب رضي الله عنه غضبًا شديدًا، حتى همّ بأن يسطُو عليهما.
فقالا نحن نطلِّق يا أمير المؤمنين، ولا تغضب! فقال: لئن حل طلاقُهن لقد حل نكاحهن، ولكن أنتزعهن منكم صَغَرة قِماءً.
( 34 )* * *قال أبو جعفر : وأولى هذه الأقوال بتأويل الآية ما قاله قتادة : من أن الله تعالى ذكره عنى بقوله: " ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمنّ " من لم يكن من أهل الكتاب من المشركات = وأن الآية عام ظاهرها خاص باطنها، لم ينسخ منها شيء = وأن نساء أهل الكتاب غير داخلات فيها.
وذلك أنّ الله تعالى ذكره أحل بقوله: وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ - للمؤمنين من نكاح محصناتهن، مثلَ الذي أباح لهم من نساء المؤمنات.
وقد بينا في غير هذا الموضع من كتابنا هذا، وفي كتابنا( كتاب اللطيف من البيان ) : ( 35 ) أن كل آيتين أو خبرين كان أحدهما نافيًا حكم الآخر في فطرة العقل، فغير جائز أن يقضَى على أحدهما بأنه ناسخ حكم الآخر، إلا بحجة من خبر قاطع للعذر مَجيئُه.
وذلك غير موجود، أن قوله: ( 36 ) وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ ناسخٌ ما كان قد وجبَ تحريمه من النساء بقوله: " ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمنّ " .
فإذ لم يكن ذلك موجودًا كذلك، ( 37 ) فقول القائل: " هذه ناسخة هذه "، دعوى لا برهان له عليها، والمدعي دعوَى لا برهان له عليها متحكم، والتحكم لا يعجز عنه أحدٌ.
( 38 )* * *وأما القول الذي روي عن شهر بن حوشب، عن ابن عباس، عن عمر رضي الله عنه : من تفريقه بين طلحة وحذيفة وامرأتيهما اللتين كانتا كتابيتين، فقولٌ لا معنى له - لخلافه ما الأمة مجتمعة على تحليله بكتاب الله تعالى ذكره، وخبر رسوله صلى الله عليه وسلم .
وقد روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه من القول خلاف ذلك، بإسناد هو أصح منه، وهو ما:-4222 - حدثني به موسى بن عبد الرحمن المسروقي قال، حدثنا محمد بن بشر قال، حدثنا سفيان بن سعيد، عن يزيد بن أبي زياد، عن زيد بن وهب قال، قال عمر: المسلم يتزوج النصرانية، ولا يتزوج النصراني المسلمة.
( 39 )* * *وإنما ذكره عمر لطلحة وحذيفة رحمة الله عليهم نكاحَ اليهودية والنصرانية، حذارًا من أن يقتدي بهما الناس في ذلك، فيزهدوا في المسلمات، أو لغير ذلك من المعاني، فأمرهما بتخليتهما.
كما:4223 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن إدريس قال، حدثنا الصلت بن بهرام، عن شقيق قال: تزوج حذيفة يهودية، فكتب إليه عمر: " خلِّ سبيلها " ، فكتب إليه: " أتزعُمُ أنها حرامٌ فأخلي سبيلها؟ " ، فقال: " لا أزعم &; 4-367 &; أنها حرام، ولكن أخاف أن تعاطوا المومسات منهن " .
( 40 )وقد :-4224 - حدثنا تميم بن المنتصر قال، أخبرنا إسحاق الأزرق، عن شريك، عن أشعث بن سوار، عن الحسن، عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : نتزوج نساء أهل الكتاب ولا يتزوَّجون نساءَنا.
( 41 )* * *فهذا الخبر - وإن كان في إسناده ما فيه - فالقول به، لإجماع الجميع على صحة القول به، أولى من خبر عبد الحميد بن بهرام، عن شهر بن حوشب.
* * *فمعنى الكلام إذًا: ولا تنكحوا أيها المؤمنون مشركاتٍ، غير أهل الكتاب، حتى يؤمنَّ فيصدِّقن بالله ورسوله وما أنزل عليه.
* * *القول في تأويل قوله تعالى : وَلأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍقال أبو جعفر : يعني تعالى ذكره بقوله: " ولأمة مؤمنة " بالله وبرسوله وبما جاء به من عند الله، خيرٌ عند الله وأفضل من حرة مشركة كافرة، وإن شرُف نسبها وكرُم أصلها.
يقول: ولا تبتغوا المناكح في ذوات الشرف من أهل الشرك بالله، فإنّ الإماء المسلمات عند الله خير مَنكحًا منهن.
* * *وقد ذكر أن هذه الآية نزلت في رجل نكح أمة، فعُذل في ذلك، وعُرضت عليه حرة مشركة.
* ذكر من قال ذلك:4225 - حدثني موسى بن هارون قال، حدثنا عمرو بن حماد قال، حدثنا أسباط، عن السدي: " ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم "، قال: نزلت في عبد الله بن رواحة، وكانت له أمة سوداءُ، وأنه غضب عليها فلطمها.
ثم فزع فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره بخبرها، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: " ما هي يا عبد الله؟ قال: يا رسول الله، هي تصوم وتصلي وتحسن الوضوءَ وتشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله.
فقال: هذه مؤمنة! فقال عبد الله: فوالذي بعثك بالحق لأعتِقنَّها ولأتزوجنَّها! ففعل، فطعن عليه ناس من المسلمين فقالوا: تزوج أمة!! وكانوا يريدون أن يَنكحوا إلى المشركين وينكحوهم رغبة في أحسابهم، فأنزل الله فيهم: "
ولأمةٌ مؤمنة خيرٌ من مشركة " و " عبدٌ مؤمن خيرٌ من مشرك " .
4226 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني الحجاج قال، قال ابن جريج في قوله: "
ولا تنكحوا إلى المشركات حتى يؤمنَّ" ، قال: المشركات - لشرفهن - حتى يؤمن.
* * *القول في تأويل قوله تعالى : وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْقال أبو جعفر : يعني تعالى ذكره بذلك: وإن أعجبتكم المشركة من غير أهل الكتاب في الجمال والحسب والمال، فلا تنكحوها، فإن الأمة المؤمنة خيرٌ عند الله منها.
* * *وإنما وضعت "
لو " موضع " إن " لتقارب مخرجيهما، ومعنييهما، ولذلك تجاب كل واحدة منهما بجواب صَاحبتها، على ما قد بينا فيما مضى قبْل.
( 42 )* * *القول في تأويل قوله تعالى : وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْقال أبو جعفر : يعني تعالى ذكره بذلك، أن الله قد حرَّم على المؤمنات أن ينكحن مشركًا كائنًا من كان المشرك، ومن أيّ أصناف الشرك كان، فلا تنكحوهنَّ أيها المؤمنون منهم، فإنّ ذلك حرام عليكم، ولأن تزوجوهن من عبدٍ مؤمن مصدق بالله وبرسوله وبما جاء به من عند الله، خير لكم من أن تزوجوهن من حر مشرك، ولو شرُف نسبه وكرم أصله، وإن أعجبكم حسبه ونسبه.
* * *وكان أبو جعفر محمد بن عليّ يقول: هذا القولُ من الله تعالى ذكره، دلالةٌ على أن أولياء المرأة أحق بتزويجها من المرأة.
4227 - حدثنا محمد بن يزيد أبو هشام الرفاعي قال، أخبرنا حفص بن غياث، عن شيخ لم يسمه، قال أبو جعفر: النكاح بوليّ في كتاب الله، ثم قرأ: "
ولا تُنكحوا المشركين حتى يؤمنوا " برفع التاء.
4228 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة والزهري في قوله: "
ولا تنكحوا المشركين " ، قال: لا يحل لك أن تنكح يهوديًّا أو نصرانيًّا ولا مشركًا من غير أهل دينك.
4229 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا حجاج قال، قال ابن جريج: "
ولا تنكحوا المشركين " - لشرفهم - " حتى يؤمنوا " .
4230 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا يحيى بن واضح، عن الحسين بن واقد، عن يزيد النحوي، عن عكرمة والحسن البصري: "
ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا " ، قال: حرَّم المسلمات على رجالهم - يعني رجال المشركين.
* * *القول في تأويل قوله تعالى : أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ( 221 )قال أبو جعفر : يعني تعالى ذكره بقوله: "
أولئك " ، هؤلاء الذين حرمت عليكم أيها المؤمنون مناكحتهم من رجال أهل الشرك ونسائهم، يدعونكم إلى النار = يعني: يدعونكم إلى العمل بما يدخلكم النار، وذلك هو العمل الذي هم به عاملون من الكفر بالله ورسوله.
يقول: ولا تقبلوا منهم ما يقولون، ولا تستنصحوهم، ولا تنكحوهم ولا تنكحوا إليهم، فإنهم لا يألونكم خبالا ولكن اقبلوا من الله ما أمركم به فاعملوا به، وانتهوا عما نهاكم عنه، فإنه يدعوكم إلى الجنة = يعني بذلك يدعوكم إلى العمل بما يدخلكم الجنة، ويوجب لكم النجاة إن عملتم به من النار، وإلى ما يمحو خطاياكم أو ذنوبكم، فيعفو عنها ويسترها عليكم.
* * *وأما قوله: "
بإذنه " ، ( 43 ) فإنه يعني : أنه يدعوكم إلى ذلك بإعلامه إياكم سبيلَه وطريقَه الذي به الوصول إلى الجنة والمغفرة.
* * *ثم قال تعالى ذكره: "
ويبين آياته للناس لعلهم يتذكرون " ، يقول: ويوضح حججه وأدلته في كتابه الذي أنزله على لسان رسوله لعباده، ليتذكروا فيعتبروا، ويميزوا بين الأمرين اللذين أحدهما دَعَّاءٌ إلى النار والخلود فيها، والآخر دَعَّاءٌ إلى الجنة وغفران الذنوب، فيختاروا خيرهما لهم.
ولم يجهل التمييز بين هاتين إلا غبيّ [ غَبين ] الرأي مدخول العقل.
( 28 ) في المطبوعة : "
أم مرادًا بحكمها" ، بالنصب ، وأثبت ما في المخطوطة .
( 29 ) في المطبوعة : "
عابدة وثن أو كانت يهودية . . .
" ، وفي المخطوطة : "عابدة وثن كانت يهودية . . .
" ، وكلاهما مضطرب ، والصواب ما أثبت بزيادة "كانت" .
( 30 ) الأثر : 4212- في المخطوطة والمطبوعة "
حدثني علي بن واقد ، قال حدثني عبد الله ابن صالح" ، والصواب ما أثبت .
وهذا إسناد كثير الدوران فيما مضى وفيما سيأتي ، وأقربه رقم : 4204 .
والآية في المطبوعة والمخطوطة كما أثبتها ، بين جزئي الآية بقوله : "
حل لكم" ، وإسقاط قوله تعالى "من قبلكم" ، وأخشى أن يكون ناسخ قد تصحف عليه فجعل هذه هذه .
ولكني أثبت ما اتفقت عليه النسخ .
( 31 ) في المخطوطة ، والمطبوعة : "
بل هي آية عامة ظاهرها . . .
" ، والصواب ما أثبت .
( 32 ) في المخطوطة ، "
يقرأ به" وتلك أجود .
( 33 ) يعني : حذيفة بن اليمان ، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو صاحب سره صلى الله عليه وسلم في المنافقين .
لم يعلمهم أحد إلا حذفة ، أعلمه بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وانظر الأثر الآتي برقم : 4221 .
( 34 ) الأثر : 4221- "
عبد الحميد بن برهام الفزاري" ، مترجم في التهذيب ، وثقه أبو داود وابن معين وغيرهما ، وقال شعبة : صدوق إلا أنه يروي عن شهر بن حوشب ، وعابوا عليه كثرة روايته عن شهر ، وشهر ضعيف .
وقد سلف كلام أخي في توثيق شهر رقم : 1389 ، وفي عبد الله بن بهرام : 1605 .
وقال ابن كثير في التفسير 1 : 507 بعد روايته الخبر : "
هو حديث غريب جدًا ، وهذا الأثر غريب عن عمر" .
وكلام الطبري الآتي بعد قاض بضعفه .
والصغرة جمع صاغر : هو الراضي بالذل .
وقماء جمع قميء : وهو الذليل الصاغر وإن لم يكن قصيرًا .
والقميء : القصير .
وفي المخطوطة وابن كثير "
قمأة" ، وليس جمعًا قياسيا ، ولا هو وارد في كتب اللغة ، ولكن إن صح الخبر ، فهو إتباع لقوله : "صغرة" ومثله كثير في كلامهم .
( 35 ) انظر ما سلف 2 : 534- 535/ ثم 3 : 385 ، 563 .
( 36 ) في المطبوعة : "
بأن قوله" : وأثبت ما في المخطوطة ، وهو أعرق في العربية .
( 37 ) في المخطوطة والمطبوعة : "
فإن لم يكن ذلك" ، وهو خطأ صرف ، والصواب ما أثبت .
وإلا تناقض كلام أبي جعفر .
( 38 ) حجج أبي جعفر في استدلاله ، قاضية له على كل خصم خالفه ، وهي حجج بصير بالمعاني ، مؤيد بالعقل ، قادر على البيان عن المعاني الخفية ، والفصل بين المعاني المتداخلة .
( 39 ) الحديث : 4222- هذا إسناد صحيح متصل إلى عمر .
محمد بن بشر بن الفرافصة بن المختار العبدي الحافظ : ثقة باتفاقهم .
سفيان بن سعيد : هو الثوري .
زيد بن وهب الجهني .
تابعي كبير مخضرم ، رحل إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقبض وهو في الطريق .
وهو ثقة كثير الحديث .
له ترجمة في تاريخ بغداد 8 : 440- 442 ، والإصابة 3 : 46- 47 .
وهذا الخبر رواه البيهقي في السنن الكبرى 7 : 172 ، من طريق سفيان -وهو الثوري- بهذا الإسناد .
وذكره ابن كثير 1 : 507- 508 ، عن رواية الطبري ، وصحح إسناده .
( 40 ) الخبر : 4223- الصلت بن بهرام التيمي الكوفي : ثقة ، وثقه أحمد ، وابن معين ، وغيرهما .
وقد فصلنا القول في شأنه في صحيح ابن حبان ، رقم : 81 بتحقيقنا .
شقيق : هو ابن سلمة الأسدي ، التابعي الكبير المشهور .
مضى في : 177 .
والخبر رواه البيهقي أيضًا 7 : 172 ، من طريق سفيان ، بهذا الإسناد .
وذكره ابن كثير 1 : 507 ، عن رواية الطبري ، وقال : "
وهذا إسناد صحيح .
وروى الخلال ، عن محمد بن إسماعيل ، عن وكيع ، عن الصلت ، نحوه" .
وذكره السيوطي 1 : 256 ، وزاد نسبته إلى عبد الرزاق .
وذكره الجصاص في أحكام القرآن 1 : 333 ، والقرطبي في تفسيره : 3 : 68 ، بدون إسناد .
ووقع في المطبوعة هنا ، وفي ابن كثير ، والسيوطي "
المؤمنات" !! بدل "المومسات" .
وهو تحريف غريب ، في ثلاثة كتب .
وصوابه وتصححه من البيهقي والجصاص والقرطبي .
( 41 ) الحديث : 4224- إسحق الأزرق : هو إسحق بن يوسف ، مضى في : 332 .
شريك : هو ابن عبد الله النخعي القاضي ، مضى في : 2527 .
الحسن : هو البصري .
وهذا الحديث لم أجده في شيء من دواوين الحديث ، غير هذا الموضع .
ونقله عنه ابن كثير 1 : 508 ثم نقل كلام الطبري الذي عقبه ، ثم قال : "
كذا قال ابن جرير رحمه الله" .
وتعقيب ابن جرير بأنه "
وإن كان في إسناده ما فيه" - لعله يشير رحمه الله إلى القول بأن الحسن البصري لم يسمع من جابر .
ففي المراسيل لابن أبي حاتم ، ص : 13 "
حدثنا محمد بن أحمد بن البراء ، قال : قال علي بن المديني : الحسن لم يسمع من جابر بن عبد الله شيئًا .
سئل أبو زرعة : الحسن لقي جابر بن عبد الله؟ قال : لا .
حدثنا محمد بن سعيد بن بلج ، قال : سمعت عبد الرحمن بن الحكم يقول سمعت جريرًا يسأل بهزًا عن الحسن : من لقي من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال : لم يسمع من جابر بن عبد الله .
سألت أبي : سمع الحسن من جابر؟ قال : ما أرى ، ولكن هشام بن حسان يقول : عن الحسن ، حدثنا جابر بن عبد الله ، وأنا أنكر هذا ، إنما الحسن عن جابر كتاب ، مع أنه أدرك جابرًا" .
وأنا أرى أن رواية هشام بن حسان كافية في إثبات سماع الحسن من جابر .
فقد قال ابن عيينة : "
كان هشام أعلم الناس بحديث الحسن" .
ومعنى هذا الحديث ثابت عن جابر ، موقوفا عليه من كلامه .
رواه الشافعي في الأم ج 5 ص 6 ، من رواية أبي الزبير ، عن جابر ، وكذلك رواه البيهقي 7 : 172 ، من طريق الشافعي .
والموقوف -عندنا- لا يعلل به المرفوع ، بل هو يؤيده ويثبته ، كما بينا ذلك في غير موضع من كتبنا .
والحمد لله .
( 42 ) انظر ما سلف 2 : 458 ومعاني القرآن للفراء 1 : 143 .
( 43 ) انظر معنى "
الإذن" فيما سلف 2 : 449/ ثم هذا الجزء 4 : 286

ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم أولئك يدعون إلى النار والله يدعو إلى الجنة والمغفرة بإذنه ويبين آياته للناس لعلهم يتذكرون

سورة : البقرة - الأية : ( 221 )  - الجزء : ( 2 )  -  الصفحة: ( 35 ) - عدد الأيات : ( 286 )

تفسير آيات من القرآن الكريم

  1. تفسير: لا تجأروا اليوم إنكم منا لا تنصرون
  2. تفسير: اشدد به أزري
  3. تفسير: كدأب آل فرعون والذين من قبلهم كذبوا بآيات ربهم فأهلكناهم بذنوبهم وأغرقنا آل فرعون وكل
  4. تفسير: فاصبر كما صبر أولو العزم من الرسل ولا تستعجل لهم كأنهم يوم يرون ما يوعدون
  5. تفسير: ياأيها الذين آمنوا إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم فاحذروهم وإن تعفوا وتصفحوا وتغفروا فإن
  6. تفسير: وأتبعوا في هذه الدنيا لعنة ويوم القيامة ألا إن عادا كفروا ربهم ألا بعدا لعاد
  7. تفسير: أولم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم وكانوا أشد منهم قوة
  8. تفسير: وبالحق أنـزلناه وبالحق نـزل وما أرسلناك إلا مبشرا ونذيرا
  9. تفسير: وأكواب موضوعة
  10. تفسير: ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم كذلك زينا لكل

تحميل سورة البقرة mp3 :

سورة البقرة mp3 : قم باختيار القارئ للاستماع و تحميل سورة البقرة

سورة البقرة بصوت ماهر المعيقلي
ماهر المعيقلي
سورة البقرة بصوت سعد الغامدي
سعد الغامدي
سورة البقرة بصوت عبد  الباسط عبد الصمد
عبد الباسط
سورة البقرة بصوت أحمد العجمي
أحمد العجمي
سورة البقرة بصوت محمد صديق المنشاوي
المنشاوي
سورة البقرة بصوت محمود خليل الحصري
الحصري
سورة البقرة بصوت مشاري راشد العفاسي
مشاري العفاسي
سورة البقرة بصوت ناصر القطامي
ناصر القطامي
سورة البقرة بصوت فارس عباد
فارس عباد
سورة البقرة بصوت ياسر لدوسري
ياسر الدوسري

أمة , مؤمنة ,

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب