تفسير الآية - القول في معنى قوله تعالى : وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة وما ..

  1. تفسير السعدي
  2. تفسير البغوي
  3. التفسير الوسيط
  4. تفسير ابن كثير
  5. تفسير الطبري
الفسير الوسيط | التفسير الوسيط للقرآن الكريم للطنطاوي | تأليف شيخ الأزهر محمد سيد طنطاوي (المتوفى: 1431هـ) : ويعتبر هذا التفسير من التفاسير الحديثة و القيمة لطلاب العلم و الباحثين في تفسير القرآن العظيم بأسلوب منهجي سهل و عبارة مفهومة, تفسير الآية 31 من سورةالمدثر - التفسير الوسيط .
  
   

﴿ وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلَائِكَةً ۙ وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا ۙ وَلَا يَرْتَابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْمُؤْمِنُونَ ۙ وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْكَافِرُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَٰذَا مَثَلًا ۚ كَذَٰلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ ۚ وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ ۚ وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَىٰ لِلْبَشَرِ﴾
[ سورة المدثر: 31]

معنى و تفسير الآية 31 من سورة المدثر : وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة وما .


تفسير الجلالين التفسير الميسر تفسير السعدي
تفسير البغوي التفسير الوسيط تفسير ابن كثير
تفسير الطبري تفسير القرطبي إعراب الآية

تفسير السعدي : وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة وما


وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلَائِكَةً وذلك لشدتهم وقوتهم.
وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا يحتمل أن المراد: إلا لعذابهم وعقابهم في الآخرة، ولزيادة نكالهم فيها، والعذاب يسمى فتنة، [كما قال تعالى: يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ ] ويحتمل أن المراد: أنا ما أخبرناكم بعدتهم، إلا لنعلم من يصدق ومن يكذب، ويدل على هذا ما ذكر بعده في قوله: لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا فإن أهل الكتاب، إذا وافق ما عندهم وطابقه، ازداد يقينهم بالحق، والمؤمنون كلما أنزل الله آية، فآمنوا بها وصدقوا، ازداد إيمانهم، وَلَا يَرْتَابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْمُؤْمِنُونَ أي: ليزول عنهم الريب والشك، وهذه مقاصد جليلة، يعتني بها أولو الألباب، وهي السعي في اليقين، وزيادة الإيمان في كل وقت، وكل مسألة من مسائل الدين، ودفع الشكوك والأوهام التي تعرض في مقابلة الحق، فجعل ما أنزله الله على رسوله محصلا لهذه الفوائد الجليلة، ومميزا للكاذبين من الصادقين، ولهذا قال: وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أي: شك وشبهة ونفاق.
وَالْكَافِرُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا وهذا على وجه الحيرة والشك، والكفر منهم بآيات الله، وهذا وذاك من هداية الله لمن يهديه، وإضلاله لمن يضل ولهذا قال: كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ فمن هداه الله، جعل ما أنزله الله على رسوله رحمة في حقه، وزيادة في إيمانه ودينه، ومن أضله، جعل ما أنزله على رسوله زيادة شقاء عليه وحيرة، وظلمة في حقه، والواجب أن يتلقى ما أخبر الله به ورسوله بالتسليم، فإنه لا يعلم جنود ربك من الملائكة وغيرهم إلَّا هُوَ فإذا كنتم جاهلين بجنوده، وأخبركم بها العليم الخبير، فعليكم أن تصدقوا خبره، من غير شك ولا ارتياب، وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ أي: وما هذه الموعظة والتذكار مقصودا به العبث واللعب، وإنما المقصود به أن يتذكر [به] البشر ما ينفعهم فيفعلونه، وما يضرهم فيتركونه.

تفسير البغوي : مضمون الآية 31 من سورة المدثر


( وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة ) لا رجالا آدميين ، فمن ذا يغلب الملائكة ؟ ( وما جعلنا عدتهم ) أي عددهم في القلة ( إلا فتنة للذين كفروا ) أي ضلالة لهم حتى قالوا ما قالوا ( ليستيقن الذين أوتوا الكتاب ) لأنه مكتوب في التوراة والإنجيل أنهم تسعة عشر ، ( ويزداد الذين آمنوا إيمانا ) يعني من آمن من أهل الكتاب يزدادون تصديقا بمحمد - صلى الله عليه وسلم - إذا وجدوا ما قاله موافقا لما في كتبهم ( ولا يرتاب ) ولا يشك ( الذين أوتوا الكتاب والمؤمنون ) في عددهم ( وليقول الذين في قلوبهم مرض ) شك ونفاق ( والكافرون ) [ مشركو مكة ] ( ماذا أراد الله بهذا مثلا ) أي شيء أراد بهذا الحديث ؟ وأراد بالمثل الحديث نفسه .
( كذلك ) أي كما أضل الله من أنكر عدد الخزنة وهدى من صدق كذلك ( يضل الله من يشاء ويهدي من يشاء وما يعلم جنود ربك إلا هو ) قال مقاتل : هذا جواب أبي جهل حين قال : أما لمحمد أعوان إلا تسعة عشر ؟ قال عطاء : ( وما يعلم جنود ربك إلا هو ) يعني من الملائكة الذين خلقهم لتعذيب أهل النار ، لا يعلم عدتهم إلا الله ، والمعنى إن تسعة عشر هم خزنة النار ، ولهم من الأعوان والجنود من الملائكة ما لا يعلم إلا الله - عز وجل - ، ثم رجع إلى ذكر سقر فقال : ( وما هي ) يعني [ سقر ] ( إلا ذكرى للبشر ) إلا تذكرة وموعظة للناس .

التفسير الوسيط : وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة وما


قال الإمام ابن كثير: يقول الله-تبارك وتعالى-: وَما جَعَلْنا أَصْحابَ النَّارِ أى: خزانها إِلَّا مَلائِكَةً أى: غلاظا شدادا.
وذلك رد على مشركي قريش حين ذكر عدد الخزنة.
فقال أبو جهل: يا معشر قريش، أما يستطيع كل عشرة منكم لواحد منهم فتغلبونهم؟ فقال الله-تبارك وتعالى-:وَما جَعَلْنا أَصْحابَ النَّارِ إِلَّا مَلائِكَةً.
أى: شديدي الخلق لا يقاومون ولا يغالبون.
وقد قيل: إن أبا الأشد- واسمه: كلدة بن أسيد بن خلف- قال: يا معشر قريش، اكفوني منهم اثنين وأنا أكفيكم سبعة عشر، إعجابا منه بنفسه، وكان قد بلغ من القوة- فيما يزعمون- أنه كان يقف على جلد البقرة.
ويجاذبه عشرة لينتزعوه من تحت قدميه، فيتمزق الجلد، ولا يتزحزح عنه...
وقال الجمل في حاشيته: قال ابن عباس: لما نزلت هذه الآية عَلَيْها تِسْعَةَ عَشَرَ.
قال أبو جهل لقريش: ثكلتكم أمهاتكم! محمد صلى الله عليه وسلم يخبر أن خزنة النار تسعة عشر، وأنتم الشجعان، أفيعجز كل عشرة منكم أن يبطشوا بواحد منهم؟.
فقال أبو الأشد: أنا أكفيكم منهم سبعة عشر، عشرة على ظهري، وسبعة على بطني.
واكفوني أنتم اثنين.. فأنزل الله-تبارك وتعالى-: وَما جَعَلْنا أَصْحابَ النَّارِ إِلَّا مَلائِكَةً...
والمقصود من هذه الآية الكريمة الرد على المشركين، الذين سخروا من النبي صلى الله عليه وسلم عند ما عرفوا منه أن على سقر تسعة عشر ملكا يتولون أمرها..أى: إننا أوجدنا النار لعذاب الكافرين، وما جعلنا خزنتها إلا من الملائكة الغلاظ الشداد، الذين لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون، والذين لا قدرة لأحد من البشر على مقاومتهم أو مخالفة أمرهم، لأنهم أشد بأسا، وأقوى بطشا من كافة الإنس والجن..والاستثناء من عموم الأنواع.
أى: وما جعلنا أصحاب النار إلا من نوع الملائكة، الذين لا قدرة لأحد من البشر على مقاومتهم..وقوله- سبحانه -: وَما جَعَلْنا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا بيان لحكمة أخرى من ذكر هذا العدد..والفتنة بمعنى الاختبار والامتحان.
تقول: فتنت الذهب بالنار، أى: اختبرته بها، لتعلم جودته من رداءته.
وقوله: إِلَّا فِتْنَةً مفعول ثان لقوله جَعَلْنا والكلام على حذف مضاف..أى: وما جعلنا عدة خزنة النار تسعة عشر، إلا ليكون هذا العدد سبب فتنة واختبار للذين كفروا، ولقد زادهم هذا الامتحان والاختبار جحودا وضلالا، ومن مظاهر ذلك أنهم استهزءوا بالنبي صلى الله عليه وسلم عند ما قرأ عليهم القرآن، فحق عليهم عذابنا ووعيدنا..قال الإمام الرازي: وإنما صار هذا العدد سببا لفتنة الكفار من وجهين: الأول أن الكفار كانوا يستهزئون ويقولون: لم لا يكونون عشرين- بدلا من تسعة عشر- وما المقتضى لتخصيص هذا العدد؟.
والثاني أن الكفار كانوا يقولون: هذا العدد القليل، كيف يكون وافيا بتعذيب أكثر العالم من الجن والإنس..؟وأجيب عن الأول: بأن هذا السؤال لازم على كل عدد يفرض، وأفعال الله-تبارك وتعالى- لا تعلل، فلا يقال فيها لم كان هذا العدد، فإن ذكره لحكمة لا يعلمها إلا هو- سبحانه -.
وأجيب عن الثاني: بأنه لا يبعد أن الله-تبارك وتعالى- يعطى ذلك العدد القليل قوة تفي بذلك، فقد اقتلع جبريل وحده.
مدائن قوم لوط على أحد جناحيه، ورفعها إلى السماء.. ثم قلبها، فجعل عاليها سافلها..- وأيضا- فأحوال القيامة، لا تقاس بأحوال الدنيا، وليس للعقل فيها مجال...
وقوله- سبحانه -: لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ، وَيَزْدادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيماناً ...
علة أخرى، لذكر هذا العدد.
والاستيقان: قوة اليقين، فالسين والتاء للمبالغة.
أى: وما جعلنا عدتهم كذلك- أيضا- إلا ليستيقن الذين أوتوا الكتاب من اليهود والنصارى، بأن الرسول صلى الله عليه وسلم صادق فيما يبلغه عن ربه، إذ أن الكتب السماوية التي بين أيديهم قد ذكرت هذا العدد.
كما ذكره القرآن الكريم، وإلا ليزداد المؤمنون إيمانا على إيمانهم، بصدق نبيهم صلى الله عليه وسلم، إذ أن الإخبار عن المغيبات عن طريق القرآن الكريم، من شأنها أن تجعل الإيمان في قلوب المؤمنين الصادقين، يزداد رسوخا وثباتا.
قال الإمام ابن كثير: قوله: لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ أى: يعلمون أن هذا الرسول حق، فإنه نطق بمطابقة ما بأيديهم من الكتب السماوية المنزلة على الأنبياء قبله.. .
وقال الآلوسى: وأخرج الترمذي وابن مردويه عن جابر قال: قال ناس من اليهود، لأناس من المسلمين: هل يعلم نبيكم عدد خزنة جهنم؟ فأخبروا بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «هكذا وهكذا» في مرة عشرة.
وفي مرة تسعة.
وقال الآلوسى: واستشعر من هذا أن الآية مدنية، لأن اليهود إنما كانوا فيها، وهو استشعار ضعيف، لأن السؤال لصحابى فلعله كان مسافرا فاجتمع بيهودي حيث كان..- وأيضا- لا مانع إذ ذاك من إتيان بعض اليهود نحو مكة.. .
وقوله-تبارك وتعالى-: وَلا يَرْتابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَالْمُؤْمِنُونَ معطوف على قوله:لِيَسْتَيْقِنَ.. وهو مؤكد لما قبله، من الاستيقان وازدياد الإيمان، ونفى لما قد يعترى المستيقن من شبهة عارضة.
أى: فعلنا ما فعلنا ليكتسب أهل الكتاب اليقين من نبوته صلى الله عليه وسلم وليزداد المؤمنون إيمانا على إيمانهم.
ولتزول كل ريبة أو شبهة قد تطرأ على قلوب الذين أوتوا الكتاب، وعلى قلوب المؤمنين..وقوله- سبحانه -: وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْكافِرُونَ ماذا أَرادَ اللَّهُ بِهذا مَثَلًا بيان لعلة أخرى لكون خزنة سقر تسعة عشر.
أى: ما جعلنا عدتهم كذلك إلا فتنة للذين كفروا، وإلا ليستيقن الذين أوتوا الكتاب من صدق الرسول صلى الله عليه وسلم وإلا ليزداد الذين آمنوا إيمانا، وإلا لنزول الريبة من قلوب الفريقين، وإلا ليقول الذين في قلوبهم مرض، أى: شك وضعف إيمان، وليقول الكافرون المصرون على التكذيب: ما الأمر الذي أراده الله بهذا المثل، وهو جعل خزنة سقر تسعة عشر؟ فالمقصود بالاستفهام في قوله-تبارك وتعالى-: ماذا أَرادَ اللَّهُ بِهذا مَثَلًا الإنكار.
والإشارة بهذا مرجعها إلى قوله-تبارك وتعالى- قبل ذلك: عَلَيْها تِسْعَةَ عَشَرَ وقوله:مَثَلًا حال من اسم الإشارة، والمراد به العدد السابق.
وسموه مثلا لغرابته عندهم.
أى: ما الفائدة في أن تكون عدة خزنة سقر تسعة عشر، وليسوا أكثر أو أقل؟ وهم يقصدون بذلك نفى أن يكون هذا العدد من عنده-تبارك وتعالى-.
قال الآلوسى: قوله-تبارك وتعالى-: ماذا أَرادَ اللَّهُ بِهذا مَثَلًا أى: أى شيء أراده الله-تبارك وتعالى-، أو ما الذي أراده الله-تبارك وتعالى- بهذا العدد المستغرب استغراب المثل.
وعلى الأول تكون ماذا بمنزلة اسم واحد.. وعلى الثاني: هي مؤلفة من كلمة ما اسم استفهام مبتدأ، وذا اسم موصول خبره، والجملة بعده صلة، والعائد فيها محذوف، ومَثَلًا نصب على التمييز أو على الحال.. وعنوا بالإشارة: التحقير، وغرضهم: نفى أن يكون ذلك من عند الله-تبارك وتعالى-..واسم الإشارة في قوله-تبارك وتعالى-: كَذلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ يعود إلى ما تضمنه الكلام السابق، من استيقان أهل الكتاب، وازدياد المؤمنين إيمانا، واستنكار الكافرين ومن في قلوبهم مرض لهذا المثل.
أى: مثل ذلك الضلال الحاصل للذين في قلوبهم مرض وللكافرين، يضل الله-تبارك وتعالى- من يشاء إضلاله من خلقه، ومثل ذلك الهدى الحاصل في قلوب المؤمنين، يهدى الله من يشاء هدايته من عباده، إذ هو- سبحانه - الخالق لكل شيء، وهو على كل شيء قدير.
ثم ساق- سبحانه - بعد ذلك ما يخرس ألسنة الكافرين، الذين أنكروا هذا العدد الذي جعله الله-تبارك وتعالى- على سقر، ليتصرف فيها على حسب إرادته-تبارك وتعالى- ومشيئته، فقال: وَما يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ.
والجنود: جمع جند، وهو اسم لما يتألف منه الجيش من أفراد.
والمراد بهم هنا: مخلوقاته-تبارك وتعالى- الذين سخرهم لتنفيذ أمره، وسموا جنودا، تشبيها لهم بالجنود في تنفيذ مراده- سبحانه -.
أى: وما يعلم عدد جنود ربك- أيها الرسول الكريم-، ولا مبلغ قوتهم، إلا هو- عز وجل - وما هذا العدد الذي ذكرناه لك إلا جزء من جنودنا، الذين حجبنا علم عددهم وكثرتهم.. عن غيرنا.
قال الإمام ابن كثير: قوله-تبارك وتعالى-: وَما يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ أى: وما يعلم عددهم وكثرتهم إلا هو-تبارك وتعالى-، لئلا يتوهم متوهم أنماهم تسعة عشر فقط.
وقد ثبت في حديث الإسراء المروي في الصحيحين وغيرهما، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال في صفة البيت المعمور، الذي في السماء السابعة: فإذا هو يدخله كل يوم سبعون ألف ملك.. .
والضمير في قوله: وَما هِيَ إِلَّا ذِكْرى لِلْبَشَرِ يعود إلى سقر.. أى: وما سقر التي ذكرت لكم أن عليها تسعة عشر ملكا يلون أمرها، إلا تذكرة وعظة للبشر، لأن من يتذكر حرها وسعيرها وشدة عذابها.. من شأنه، أن يخلص العبادة لله-تبارك وتعالى-، وأن يقدم في دنياه العمل الصالح الذي ينفعه في أخراه.
وقيل: الضمير للآيات الناطقة بأحوال سقر.
أى: وما هذه الآيات التي ذكرت بشأن سقر وأهوالها إلا ذكرى للبشر.

تفسير ابن كثير : شرح الآية 31 من سورة المدثر


قول تعالى : ( وما جعلنا أصحاب النار ) أي : خزانها ، ( إلا ملائكة ) أي : [ زبانية ] غلاظا شدادا . وذلك رد على مشركي قريش حين ذكر عدد الخزنة ، فقال أبو جهل : يا معشر قريش ، أما يستطيع كل عشرة منكم لواحد منهم فتغلبونهم ؟ فقال الله : ( وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة ) أي : شديدي الخلق لا يقاومون ولا يغالبون . وقد قيل : إن أبا الأشدين - واسمه : كلدة بن أسيد بن خلف - قال : يا معشر قريش ، اكفوني منهم اثنين وأنا أكفيكم منهم سبعة عشر ، إعجابا منه بنفسه ، وكان قد بلغ من القوة فيما يزعمون أنه كان يقف على جلد البقرة ويجاذبه عشرة لينتزعوه من تحت قدميه ، فيتمزق الجلد ولا يتزحزح عنه . قال السهيلي : وهو الذي دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مصارعته ، وقال : إن صرعتني آمنت بك ، فصرعه النبي صلى الله عليه وسلم مرارا ، فلم يؤمن . قال : وقد نسب ابن إسحاق خبر المصارعة إلى ركانة بن عبد يزيد بن هاشم بن المطلب .قلت : ولا منافاة بين ما ذكراه ، والله أعلم .( وما جعلنا عدتهم إلا فتنة للذين كفروا ) أي : إنما ذكرنا عدتهم أنهم تسعة عشر اختبارا منا للناس ، ( ليستيقن الذين أوتوا الكتاب ) أي : يعلمون أن هذا الرسول حق ; فإنه نطق بمطابقة ما بأيديهم من الكتب السماوية المنزلة على الأنبياء قبله .( ويزداد الذين آمنوا إيمانا ) أي : إلى إيمانهم . بما يشهدون من صدق إخبار نبيهم محمد صلى الله عليه وسلم ، ( ولا يرتاب الذين أوتوا الكتاب والمؤمنون وليقول الذين في قلوبهم مرض ) أي : من المنافقين ( والكافرون ماذا أراد الله بهذا مثلا ) ؟ أي : يقولون : ما الحكمة في ذكر هذا هاهنا ؟ قال الله تعالى : ( كذلك يضل الله من يشاء ويهدي من يشاء ) أي : من مثل هذا وأشباهه يتأكد الإيمان في قلوب أقوام ، ويتزلزل عند آخرين ، وله الحكمة البالغة ، والحجة الدامغة .وقوله : ( وما يعلم جنود ربك إلا هو ) أي : ما يعلم عددهم وكثرتهم إلا هو تعالى ، لئلا يتوهم متوهم أنهم تسعة عشر فقط ، كما قد قاله طائفة من أهل الضلالة والجهالة ومن الفلاسفة اليونانيين ، ومن تابعهم من الملتين الذين سمعوا هذه الآية ، فأرادوا تنزيلها على العقول العشرة والنفوس التسعة ، التي اخترعوا دعواها وعجزوا عن إقامة الدلالة على مقتضاها ، فأفهموا صدر هذه الآية وقد كفروا بآخرها ، وهو قوله : ( وما يعلم جنود ربك إلا هو )وقد ثبت في حديث الإسراء المروي في الصحيحين وغيرهما . عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال في صفة البيت المعمور الذي في السماء السابعة : " فإذا هو يدخله في كل يوم سبعون ألف ملك ، لا يعودون إليه آخر ما عليهم " .وقال الإمام أحمد : حدثنا أسود ، حدثنا إسرائيل ، عن إبراهيم بن مهاجر ، عن مجاهد ، عن مورق ، عن أبي ذر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إني أرى ما لا ترون ، وأسمع ما لا تسمعون ، أطت السماء وحق لها أن تئط ، ما فيها موضع أربع أصابع إلا عليه ملك ساجد ، لو علمتم ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا ، ولا تلذذتم بالنساء على الفرشات ، ولخرجتم إلى الصعدات تجأرون إلى الله عز وجل " . فقال أبو ذر : والله لوددت أني شجرة تعضد .ورواه الترمذي وابن ماجه ، من حديث إسرائيل وقال الترمذي : حسن غريب ، ويروى عن أبي ذر موقوفا .وقال الحافظ أبو القاسم الطبراني : حدثنا خير بن عرفة المصري ، حدثنا عروة بن مروان الرقي ، حدثنا عبيد الله بن عمرو ، عن عبد الكريم بن مالك ، عن عطاء بن أبي رباح ، عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما في السماوات السبع موضع قدم ولا شبر ولا كف إلا وفيه ملك قائم ، أو ملك ساجد ، أو ملك راكع ، فإذا كان يوم القيامة قالوا جميعا : سبحانك ما عبدناك حق عبادتك ، إلا أنا لم نشرك بك شيئا " . .وقال محمد بن نصر المروزي في " كتاب الصلاة " : حدثنا عمرو بن زرارة ، أخبرنا عبد الوهاب بن عطاء ، عن سعيد ، عن قتادة ، عن صفوان بن محرز ، عن حكيم بن حزام قال : بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أصحابه إذ قال لهم : " هل تسمعون ما أسمع؟ " قالوا : ما نسمع من شيء ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أسمع أطيط السماء وما تلام أن تئط ، ما فيها موضع شبر إلا وعليه ملك راكع أو ساجد " .وقال أيضا : حدثنا محمد بن عبد الله بن قهزاذ ، حدثنا أبو معاذ الفضل بن خالد النحوي ، حدثنا عبيد بن سليمان الباهلي ، سمعت الضحاك بن مزاحم ، يحدث عن مسروق بن الأجدع ، عن عائشة أنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما في السماء الدنيا موضع قدم إلا وعليه ملك ساجد أو قائم ، وذلك قول الملائكة : ( وما منا إلا له مقام معلوم وإنا لنحن الصافون وإنا لنحن المسبحون ) [ الصافات : 164 - 166 ] . .وهذا مرفوع غريب جدا ، ثم رواه عن محمود بن آدم ، عن أبي معاوية ، عن الأعمش ، عن أبي الضحى ، عن مسروق ، عن ابن مسعود أنه قال : إن من السماوات سماء ما فيها موضع شبر إلا وعليه جبهة ملك أو قدماه قائما ، ثم قرأ : ( وإنا لنحن الصافون وإنا لنحن المسبحون ) .ثم قال : حدثنا أحمد بن سيار : حدثنا أبو جعفر محمد بن خالد الدمشقي المعروف بابن أمه ، حدثنا المغيرة بن عثمان بن عطية من بني عمرو بن عوف ، حدثني سليمان بن أيوب [ من بني ] سالم بن عوف . حدثني عطاء بن زيد بن مسعود من بني الحبلي ، حدثني سليمان بن عمرو بن الربيع ، من بني سالم ، حدثني عبد الرحمن بن العلاء ، من بني ساعدة ، عن أبيه العلاء بن سعد - وقد شهد الفتح وما بعده - أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوما لجلسائه : " هل تسمعون ما أسمع؟ " قالوا : وما تسمع يا رسول الله ؟ قال : " أطت السماء وحق لها أن تئط ، إنه ليس فيها موضع قدم إلا وعليه ملك قائم أو راكع أو ساجد ، وقال الملائكة : ( وإنا لنحن الصافون وإنا لنحن المسبحون ) وهذا إسناد غريب جدا .ثم قال : حدثنا [ محمد بن يحيى ، حدثنا ] إسحاق بن محمد بن إسماعيل الفروي ، حدثنا عبد الملك بن قدامة ، عن عبد الرحمن ، عن عبد الله بن دينار ، عن أبيه ، عن عبد الله بن عمر : أن عمر جاء والصلاة قائمة ، ونفر ثلاثة جلوس ، أحدهم أبو جحش الليثي ، فقال : قوموا فصلوا مع رسول الله ، فقام اثنان وأبى أبو جحش أن يقوم ، وقال : لا أقوم حتى يأتي رجل هو أقوى مني ذراعين ، وأشد مني بطشا فيصرعني ، ثم يدس وجهي في التراب . قال عمر : فصرعته ودسست وجهه في التراب ، فأتى عثمان بن عفان فحجزني عنه ، فخرج عمر مغضبا حتى انتهى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " ما رأيك يا أبا حفص ؟ " ، فذكر له ما كان منه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن رضى عمر رحمة ، والله لوددت أنك جئتني برأس الخبيث " ، فقام عمر يوجه نحوه ، فلما أبعد ناداه ، فقال : " اجلس حتى أخبرك بغنى الرب عز وجل عن صلاة أبي جحش ، إن لله في السماء الدنيا ملائكة خشوعا لا يرفعون رءوسهم حتى تقوم الساعة ، فإذا قامت رفعوا رءوسهم ثم قالوا : ربنا ، ما عبدناك حق عبادتك ، وإن لله في السماء الثانية ملائكة سجودا لا يرفعون رءوسهم حتى تقوم الساعة فإذا قامت الساعة رفعوا رءوسهم ، وقالوا : سبحانك ما عبدناك حق عبادتك " فقال له عمر : وما يقولون يا رسول الله ؟ فقال : " أما أهل السماء الدنيا فيقولون : سبحان ذي الملك والملكوت ، وأما أهل السماء الثانية فيقولون : سبحان ذي العزة والجبروت ، وأما أهل السماء الثالثة فيقولون : سبحان الحي الذي لا يموت ، فقلها يا عمر في صلاتك " ، فقال عمر : يا رسول الله ، فكيف بالذي كنت علمتني وأمرتني أن أقوله في صلاتي ؟ فقال : " قل هذا مرة وهذا مرة " . وكان الذي أمره به أن يقول : " أعوذ بعفوك من عقابك ، وأعوذ برضاك من سخطك ، وأعوذ بك منك ، جل وجهك " وهذا حديث غريب جدا ، بل منكر نكارة شديدة وإسحاق الفروي روى عنه البخاري ، وذكره ابن حبان في الثقات ، وضعفه أبو داود والنسائي والعقيلي والدارقطني . وقال أبو حاتم الرازي : كان صدوقا إلا أنه ذهب بصره فربما لقن ، وكتبه صحيحة ، وقال مرة : هو مضطرب ، وشيخه عبد الملك بن قدامة أبو قتادة الجمحي : تكلم فيه أيضا . والعجب من الإمام محمد بن نصر كيف رواه ولم يتكلم عليه ، ولا عرف بحاله ، ولا تعرض لضعف بعض رجاله؟ غير أنه رواه من وجه آخر عن سعيد بن جبير مرسلا بنحوه . ومن طريق أخرى عن الحسن البصري مرسلا قريبا منه ، ثم قال محمد بن نصر :حدثنا محمد بن عبد الله بن قهزاذ ، أخبرنا النضر ، أخبرنا عباد بن منصور قال : سمعت عدي بن أرطاة وهو يخطبنا على منبر المدائن قال : سمعت رجلا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن لله تعالى ملائكة ترعد فرائصهم من خيفته ، ما منهم ملك تقطر منه دمعة من عينه إلا وقعت على ملك يصلي ، وإن منهم ملائكة سجودا منذ خلق الله السماوات والأرض لم يرفعوا رءوسهم ولا يرفعونها إلى يوم القيامة ، وإن منهم ملائكة ركوعا لم يرفعوا رءوسهم منذ خلق الله السماوات والأرض ولا يرفعونها إلى يوم القيامة ، فإذا رفعوا رءوسهم نظروا إلى وجه الله عز وجل ، قالوا : سبحانك ، ما عبدناك حق عبادتك " .وهذا إسناد لا بأس به .وقوله : ( وما هي إلا ذكرى للبشر ) قال مجاهد وغير واحد : ( وما هي ) أي : النار التي وصفت ، ( إلا ذكرى للبشر )

تفسير الطبري : معنى الآية 31 من سورة المدثر


وقوله: ( وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلا مَلائِكَةً ) يقول تعالى ذكره: وما جعلنا خزَنة النار إلا ملائكة يقول لأبي جهل في قوله لقريش: أما يستطيع كلّ عشرة منكم أن تغلب منها واحدا؟ فمن ذا يغلب خزنة النار وهم الملائكة.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: ثنا ابن زيد، في قوله: ( وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلا مَلائِكَةً ) قال: ما جعلناهم رجالا فيأخذ كلّ رجل رجلا كما قال هذا.
وقوله: ( وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا ) يقول: وما جعلنا عدّة هؤلاء الخزنة إلا فتنة للذين كفروا بالله من مُشركي قريش.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا ): إلا بلاء.
وإنما جعل الله الخبر عن عدّة خزنة جهنم فتنة للذين كفروا، لتكذيبهم بذلك، وقول بعضهم لأصحابه: أنا أكفيكموهم.
* ذكر الخبر عمن قال ذلك:حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني &; 24-30 &; الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: ( تِسْعَةَ عَشَرَ ) قال: جعلوا فتنة، قال أبو الأشدّ بن الجمحي: لا يبلغون رتوتي حتى أجهضهم عن جهنم.
وقوله: ( لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ ) يقول تعالى ذكره: ليستيقن أهل التوراة والإنجيل حقيقة ما في كتبهم من الخبر عن عدّة خزَنة جهنم، إذ وافق ذلك ما أنزل الله في كتابه على محمد صلى الله عليه وسلم.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: ( لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا ) قال: وإنها في التوراة والإنجيل تسعة عشر، فأراد الله أن يستيقن أهل الكتاب، ويزداد الذين آمنوا إيمانًا.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: ( لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ ) قال: يجدونه مكتوبا عندهم عدّة خزَنة أهل النار.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ ) يصدّق القرآن الكتب التي كانت قبله فيها كلها، التوراة والإنجيل أن خزنة النار تسعة عشر.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قوله: ( لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ ) قال: ليستيقن أهل الكتاب حين وافق عدّة خزَنة النار ما في كتبهم.
حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: ( لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ ) قال: عدّة خزَنة جهنم تسعة عشر في التوراة والإنجيل.
وكان ابن زيد يقول في ذلك ما حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: ( لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ ) أنك رسول الله.
&; 24-31 &;وقوله: ( وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا ) يقول تعالى ذكره: وليزداد الذين آمنوا بالله تصديقا إلى تصديقهم بالله وبرسوله بتصديقهم بعدّة خزنة جهنم.
وقوله: ( وَلا يَرْتَابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْمُؤْمِنُونَ ) يقول: ولا يشك أهل التوراة والإنجيل في حقيقة ذلك، والمؤمنون بالله من أمة محمد صلى الله عليه وسلم.
وقوله: ( وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْكَافِرُونَ ) يقول تعالى ذكره: وليقول الذين في قلوبهم مرض النفاق، والكافرون بالله من مشركي قريش ( مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلا )كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ ): أي نفاق.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: ( وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْكَافِرُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلا ) يقول: حتى يخوّفنا بهؤلاء التسعة عشر.
وقوله: ( كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ ) يقول تعالى ذكره: كما أضل الله هؤلاء المنافقين والمشركين القائلين في خبر الله عن عدّة خزنة جهنم، أيّ شيء أراد الله بهذا الخبر من المثل حتى يخوّفنا بذكر عدتهم، ويهتدي به المؤمنون، فازدادوا بتصديقهم إلى إيمانهم إيمانا( كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ ) مِنْ خَلْقِهِ فيخذله عن إصابة الحقّ( وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ ) منهم، فيوفقه لإصابة الصواب ( وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ ) من كثرتهم ( إلا هُوَ ) يعني: الله.
كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلا هُوَ ) أي: من كثرتهم.
وقوله: ( وَمَا هِيَ إِلا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ ) يقول تعالى ذكره: وما النار التي وصفتها إلا تذكرة ذكر بها البشر، وهم بنو آدم.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ( وَمَا هِيَ إِلا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ ) يعني النار.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ( وَمَا هِيَ إِلا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ ) قال: النار.

وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة وما جعلنا عدتهم إلا فتنة للذين كفروا ليستيقن الذين أوتوا الكتاب ويزداد الذين آمنوا إيمانا ولا يرتاب الذين أوتوا الكتاب والمؤمنون وليقول الذين في قلوبهم مرض والكافرون ماذا أراد الله بهذا مثلا كذلك يضل الله من يشاء ويهدي من يشاء وما يعلم جنود ربك إلا هو وما هي إلا ذكرى للبشر

سورة : المدثر - الأية : ( 31 )  - الجزء : ( 29 )  -  الصفحة: ( 576 ) - عدد الأيات : ( 56 )

تفسير آيات من القرآن الكريم

  1. تفسير: حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين
  2. تفسير: فلما دخلوا عليه قالوا ياأيها العزيز مسنا وأهلنا الضر وجئنا ببضاعة مزجاة فأوف لنا الكيل
  3. تفسير: ياأيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما
  4. تفسير: ذلك بأن الله نـزل الكتاب بالحق وإن الذين اختلفوا في الكتاب لفي شقاق بعيد
  5. تفسير: ياأيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم
  6. تفسير: أم اتخذوا من دونه آلهة قل هاتوا برهانكم هذا ذكر من معي وذكر من قبلي
  7. تفسير: لواحة للبشر
  8. تفسير: وبالليل أفلا تعقلون
  9. تفسير: قال معاذ الله أن نأخذ إلا من وجدنا متاعنا عنده إنا إذا لظالمون
  10. تفسير: وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم أرداكم فأصبحتم من الخاسرين

تحميل سورة المدثر mp3 :

سورة المدثر mp3 : قم باختيار القارئ للاستماع و تحميل سورة المدثر

سورة المدثر بصوت ماهر المعيقلي
ماهر المعيقلي
سورة المدثر بصوت سعد الغامدي
سعد الغامدي
سورة المدثر بصوت عبد  الباسط عبد الصمد
عبد الباسط
سورة المدثر بصوت أحمد العجمي
أحمد العجمي
سورة المدثر بصوت محمد صديق المنشاوي
المنشاوي
سورة المدثر بصوت محمود خليل الحصري
الحصري
سورة المدثر بصوت مشاري راشد العفاسي
مشاري العفاسي
سورة المدثر بصوت ناصر القطامي
ناصر القطامي
سورة المدثر بصوت فارس عباد
فارس عباد
سورة المدثر بصوت ياسر لدوسري
ياسر الدوسري

,

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب