﴿ وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلَائِكَةً ۙ وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا ۙ وَلَا يَرْتَابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْمُؤْمِنُونَ ۙ وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْكَافِرُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَٰذَا مَثَلًا ۚ كَذَٰلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ ۚ وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ ۚ وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَىٰ لِلْبَشَرِ﴾
[ المدثر: 31]

سورة : المدثر - Al-Muddaththir  - الجزء : ( 29 )  -  الصفحة: ( 576 )

And We have set none but angels as guardians of the Fire, and We have fixed their number (19) only as a trial for the disbelievers, in order that the people of the Scripture (Jews and Christians) may arrive at a certainty [that this Quran is the truth as it agrees with their Books i.e. their number (19) is written in the Taurat (Torah) and the Injeel (Gospel)] and the believers may increase in Faith (as this Quran is the truth) and that no doubts may be left for the people of the Scripture and the believers, and that those in whose hearts is a disease (of hypocrisy) and the disbelievers may say: "What Allah intends by this (curious) example?" Thus Allah leads astray whom He wills and guides whom He wills. And none can know the hosts of your Lord but He. And this (Hell) is nothing else than a (warning) reminder to mankind.


فتنة : سبب فتنة و ضلال
و ما هي : و ما سَقـَـر

وما جعلنا خزنة النار إلا من الملائكة الغلاظ، وما جعلنا ذلك العدد إلا اختبارًا للذين كفروا بالله؛ وليحصل اليقين للذين أُعطوا الكتاب من اليهود والنصارى بأنَّ ما جاء في القرآن عن خزنة جهنم إنما هو حق من الله تعالى، حيث وافق ذلك كتبهم، ويزداد المؤمنون تصديقًا بالله ورسوله وعملا بشرعه، ولا يشك في ذلك الذين أُعطوا الكتاب من اليهود والنصارى ولا المؤمنون بالله ورسوله؛ وليقول الذين في قلوبهم نفاق والكافرون: ما الذي أراده الله بهذا العدد المستغرب؟ بمثل ذلك الذي ذُكر يضلُّ الله من أراد إضلاله، ويهدي مَن أراد هدايته، وما يعلم عدد جنود ربك - ومنهم الملائكة- إلا الله وحده. وما النار إلا تذكرة وموعظة للناس.

وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة وما جعلنا عدتهم إلا فتنة للذين - تفسير السعدي

{ وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلَائِكَةً } وذلك لشدتهم وقوتهم.
{ وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا } يحتمل أن المراد: إلا لعذابهم وعقابهم في الآخرة، ولزيادة نكالهم فيها، والعذاب يسمى فتنة، [كما قال تعالى: { يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ } ] ويحتمل أن المراد: أنا ما أخبرناكم بعدتهم، إلا لنعلم من يصدق ومن يكذب، ويدل على هذا ما ذكر بعده في قوله: { لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا } فإن أهل الكتاب، إذا وافق ما عندهم وطابقه، ازداد يقينهم بالحق، والمؤمنون كلما أنزل الله آية، فآمنوا بها وصدقوا، ازداد إيمانهم، { وَلَا يَرْتَابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْمُؤْمِنُونَ }- أي: ليزول عنهم الريب والشك، وهذه مقاصد جليلة، يعتني بها أولو الألباب، وهي السعي في اليقين، وزيادة الإيمان في كل وقت، وكل مسألة من مسائل الدين، ودفع الشكوك والأوهام التي تعرض في مقابلة الحق، فجعل ما أنزله الله على رسوله محصلا لهذه الفوائد الجليلة، ومميزا للكاذبين من الصادقين، ولهذا قال: { وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ }- أي: شك وشبهة ونفاق.
{ وَالْكَافِرُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا } وهذا على وجه الحيرة والشك، والكفر منهم بآيات الله، وهذا وذاك من هداية الله لمن يهديه، وإضلاله لمن يضل ولهذا قال:{ كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ } فمن هداه الله، جعل ما أنزله الله على رسوله رحمة في حقه، وزيادة في إيمانه ودينه، ومن أضله، جعل ما أنزله على رسوله زيادة شقاء عليه وحيرة، وظلمة في حقه، والواجب أن يتلقى ما أخبر الله به ورسوله بالتسليم، فإنه لا يعلم جنود ربك من الملائكة وغيرهم { إلَّا هُوَ } فإذا كنتم جاهلين بجنوده، وأخبركم بها العليم الخبير، فعليكم أن تصدقوا خبره، من غير شك ولا ارتياب، { وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ }- أي: وما هذه الموعظة والتذكار مقصودا به العبث واللعب، وإنما المقصود به أن يتذكر [به] البشر ما ينفعهم فيفعلونه، وما يضرهم فيتركونه.

تفسير الآية 31 - سورة المدثر

تفسير الجلالين التفسير الميسر تفسير السعدي
تفسير البغوي التفسير الوسيط تفسير ابن كثير
تفسير الطبري تفسير القرطبي إعراب الآية

وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة وما : الآية رقم 31 من سورة المدثر

 سورة المدثر الآية رقم 31

وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة وما جعلنا عدتهم إلا فتنة للذين - مكتوبة

الآية 31 من سورة المدثر بالرسم العثماني


﴿ وَمَا جَعَلۡنَآ أَصۡحَٰبَ ٱلنَّارِ إِلَّا مَلَٰٓئِكَةٗۖ وَمَا جَعَلۡنَا عِدَّتَهُمۡ إِلَّا فِتۡنَةٗ لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ لِيَسۡتَيۡقِنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ وَيَزۡدَادَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِيمَٰنٗا وَلَا يَرۡتَابَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ وَٱلۡمُؤۡمِنُونَ وَلِيَقُولَ ٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٞ وَٱلۡكَٰفِرُونَ مَاذَآ أَرَادَ ٱللَّهُ بِهَٰذَا مَثَلٗاۚ كَذَٰلِكَ يُضِلُّ ٱللَّهُ مَن يَشَآءُ وَيَهۡدِي مَن يَشَآءُۚ وَمَا يَعۡلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَۚ وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكۡرَىٰ لِلۡبَشَرِ  ﴾ [ المدثر: 31]


﴿ وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة وما جعلنا عدتهم إلا فتنة للذين كفروا ليستيقن الذين أوتوا الكتاب ويزداد الذين آمنوا إيمانا ولا يرتاب الذين أوتوا الكتاب والمؤمنون وليقول الذين في قلوبهم مرض والكافرون ماذا أراد الله بهذا مثلا كذلك يضل الله من يشاء ويهدي من يشاء وما يعلم جنود ربك إلا هو وما هي إلا ذكرى للبشر ﴾ [ المدثر: 31]

  1. الآية مشكولة
  2. تفسير الآية
  3. استماع mp3
  4. الرسم العثماني
  5. تفسير الصفحة
فهرس القرآن | سور القرآن الكريم : سورة المدثر Al-Muddaththir الآية رقم 31 , مكتوبة بكتابة عادية و كذلك بالشكيل و مصورة مع الاستماع للآية بصوت ثلاثين قارئ من أشهر قراء العالم الاسلامي مع تفسيرها ,مكتوبة بالرسم العثماني لمونتاج فيديو اليوتيوب .
  
   

تحميل الآية 31 من المدثر صوت mp3


تدبر الآية: وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة وما جعلنا عدتهم إلا فتنة للذين

إذا رأيت علمَ الغيب لا يزيدُك إيمانًا ويقينًا، فراجع قلبَك؛ خشيةَ أن يكونَ قد أُشرب فتنةً ونفاقًا، يُوديان بك إلى شرِّ مصير.
قلوب المؤمنين مفتَّحةٌ للحقِّ أبدًا، فهي تتلقَّاه من ربِّها تلقِّيًا يزيدها إيمانًا به سبحانه، وأُنسًا بشرعه، ويقينًا بهَديه.
لا يزول بالشكِّ اليقينُ، ولا يقينَ إلا بالإيمان، فاعمل أيها المسلمُ دومًا على زيادة إيمانك، بكثرة الصالحات، ولزوم الطاعات.
بئسَ العَيشُ عَيشُ الكافر والمنافق، فهما في حَيرةٍ وقلقٍ واضطراب، لا يطمئنُّون إلى صدق خبرٍ ولا إلى حكمةِ أمر، حتى يُردُّوا إلى أشدِّ العذاب.
اطمئنَّ أيها المسلم وقَرَّ عينًا بالنصر والتأييد، فإنَّ لله جنودًا لا يعلمها إلا هو، وما عليك إلَّا الأخذُ بالأسباب مع اليقين بوعد الله.

قال الإمام ابن كثير: يقول الله-تبارك وتعالى-: وَما جَعَلْنا أَصْحابَ النَّارِ أى: خزانها إِلَّا مَلائِكَةً أى: غلاظا شدادا.
وذلك رد على مشركي قريش حين ذكر عدد الخزنة.
فقال أبو جهل: يا معشر قريش، أما يستطيع كل عشرة منكم لواحد منهم فتغلبونهم؟ فقال الله-تبارك وتعالى-:وَما جَعَلْنا أَصْحابَ النَّارِ إِلَّا مَلائِكَةً.
أى: شديدي الخلق لا يقاومون ولا يغالبون.
وقد قيل: إن أبا الأشد- واسمه: كلدة بن أسيد بن خلف- قال: يا معشر قريش، اكفوني منهم اثنين وأنا أكفيكم سبعة عشر، إعجابا منه بنفسه، وكان قد بلغ من القوة- فيما يزعمون- أنه كان يقف على جلد البقرة.
ويجاذبه عشرة لينتزعوه من تحت قدميه، فيتمزق الجلد، ولا يتزحزح عنه...
وقال الجمل في حاشيته: قال ابن عباس: لما نزلت هذه الآية عَلَيْها تِسْعَةَ عَشَرَ.
قال أبو جهل لقريش: ثكلتكم أمهاتكم! محمد صلى الله عليه وسلم يخبر أن خزنة النار تسعة عشر، وأنتم الشجعان، أفيعجز كل عشرة منكم أن يبطشوا بواحد منهم؟.
فقال أبو الأشد: أنا أكفيكم منهم سبعة عشر، عشرة على ظهري، وسبعة على بطني.
واكفوني أنتم اثنين.. فأنزل الله-تبارك وتعالى-: وَما جَعَلْنا أَصْحابَ النَّارِ إِلَّا مَلائِكَةً...
والمقصود من هذه الآية الكريمة الرد على المشركين، الذين سخروا من النبي صلى الله عليه وسلم عند ما عرفوا منه أن على سقر تسعة عشر ملكا يتولون أمرها..أى: إننا أوجدنا النار لعذاب الكافرين، وما جعلنا خزنتها إلا من الملائكة الغلاظ الشداد، الذين لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون، والذين لا قدرة لأحد من البشر على مقاومتهم أو مخالفة أمرهم، لأنهم أشد بأسا، وأقوى بطشا من كافة الإنس والجن..والاستثناء من عموم الأنواع.
أى: وما جعلنا أصحاب النار إلا من نوع الملائكة، الذين لا قدرة لأحد من البشر على مقاومتهم..وقوله- سبحانه -: وَما جَعَلْنا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا بيان لحكمة أخرى من ذكر هذا العدد..والفتنة بمعنى الاختبار والامتحان.
تقول: فتنت الذهب بالنار، أى: اختبرته بها، لتعلم جودته من رداءته.
وقوله: إِلَّا فِتْنَةً مفعول ثان لقوله جَعَلْنا والكلام على حذف مضاف..أى: وما جعلنا عدة خزنة النار تسعة عشر، إلا ليكون هذا العدد سبب فتنة واختبار للذين كفروا، ولقد زادهم هذا الامتحان والاختبار جحودا وضلالا، ومن مظاهر ذلك أنهم استهزءوا بالنبي صلى الله عليه وسلم عند ما قرأ عليهم القرآن، فحق عليهم عذابنا ووعيدنا..قال الإمام الرازي: وإنما صار هذا العدد سببا لفتنة الكفار من وجهين: الأول أن الكفار كانوا يستهزئون ويقولون: لم لا يكونون عشرين- بدلا من تسعة عشر- وما المقتضى لتخصيص هذا العدد؟.
والثاني أن الكفار كانوا يقولون: هذا العدد القليل، كيف يكون وافيا بتعذيب أكثر العالم من الجن والإنس..؟وأجيب عن الأول: بأن هذا السؤال لازم على كل عدد يفرض، وأفعال الله-تبارك وتعالى- لا تعلل، فلا يقال فيها لم كان هذا العدد، فإن ذكره لحكمة لا يعلمها إلا هو- سبحانه -.
وأجيب عن الثاني: بأنه لا يبعد أن الله-تبارك وتعالى- يعطى ذلك العدد القليل قوة تفي بذلك، فقد اقتلع جبريل وحده.
مدائن قوم لوط على أحد جناحيه، ورفعها إلى السماء.. ثم قلبها، فجعل عاليها سافلها..- وأيضا- فأحوال القيامة، لا تقاس بأحوال الدنيا، وليس للعقل فيها مجال...
وقوله- سبحانه -: لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ، وَيَزْدادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيماناً ...
علة أخرى، لذكر هذا العدد.
والاستيقان: قوة اليقين، فالسين والتاء للمبالغة.
أى: وما جعلنا عدتهم كذلك- أيضا- إلا ليستيقن الذين أوتوا الكتاب من اليهود والنصارى، بأن الرسول صلى الله عليه وسلم صادق فيما يبلغه عن ربه، إذ أن الكتب السماوية التي بين أيديهم قد ذكرت هذا العدد.
كما ذكره القرآن الكريم، وإلا ليزداد المؤمنون إيمانا على إيمانهم، بصدق نبيهم صلى الله عليه وسلم، إذ أن الإخبار عن المغيبات عن طريق القرآن الكريم، من شأنها أن تجعل الإيمان في قلوب المؤمنين الصادقين، يزداد رسوخا وثباتا.
قال الإمام ابن كثير: قوله: لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ أى: يعلمون أن هذا الرسول حق، فإنه نطق بمطابقة ما بأيديهم من الكتب السماوية المنزلة على الأنبياء قبله.. .
وقال الآلوسى: وأخرج الترمذي وابن مردويه عن جابر قال: قال ناس من اليهود، لأناس من المسلمين: هل يعلم نبيكم عدد خزنة جهنم؟ فأخبروا بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «هكذا وهكذا» في مرة عشرة.
وفي مرة تسعة.
وقال الآلوسى: واستشعر من هذا أن الآية مدنية، لأن اليهود إنما كانوا فيها، وهو استشعار ضعيف، لأن السؤال لصحابى فلعله كان مسافرا فاجتمع بيهودي حيث كان..- وأيضا- لا مانع إذ ذاك من إتيان بعض اليهود نحو مكة.. .
وقوله-تبارك وتعالى-: وَلا يَرْتابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَالْمُؤْمِنُونَ معطوف على قوله:لِيَسْتَيْقِنَ.. وهو مؤكد لما قبله، من الاستيقان وازدياد الإيمان، ونفى لما قد يعترى المستيقن من شبهة عارضة.
أى: فعلنا ما فعلنا ليكتسب أهل الكتاب اليقين من نبوته صلى الله عليه وسلم وليزداد المؤمنون إيمانا على إيمانهم.
ولتزول كل ريبة أو شبهة قد تطرأ على قلوب الذين أوتوا الكتاب، وعلى قلوب المؤمنين..وقوله- سبحانه -: وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْكافِرُونَ ماذا أَرادَ اللَّهُ بِهذا مَثَلًا بيان لعلة أخرى لكون خزنة سقر تسعة عشر.
أى: ما جعلنا عدتهم كذلك إلا فتنة للذين كفروا، وإلا ليستيقن الذين أوتوا الكتاب من صدق الرسول صلى الله عليه وسلم وإلا ليزداد الذين آمنوا إيمانا، وإلا لنزول الريبة من قلوب الفريقين، وإلا ليقول الذين في قلوبهم مرض، أى: شك وضعف إيمان، وليقول الكافرون المصرون على التكذيب: ما الأمر الذي أراده الله بهذا المثل، وهو جعل خزنة سقر تسعة عشر؟ فالمقصود بالاستفهام في قوله-تبارك وتعالى-: ماذا أَرادَ اللَّهُ بِهذا مَثَلًا الإنكار.
والإشارة بهذا مرجعها إلى قوله-تبارك وتعالى- قبل ذلك: عَلَيْها تِسْعَةَ عَشَرَ وقوله:مَثَلًا حال من اسم الإشارة، والمراد به العدد السابق.
وسموه مثلا لغرابته عندهم.
أى: ما الفائدة في أن تكون عدة خزنة سقر تسعة عشر، وليسوا أكثر أو أقل؟ وهم يقصدون بذلك نفى أن يكون هذا العدد من عنده-تبارك وتعالى-.
قال الآلوسى: قوله-تبارك وتعالى-: ماذا أَرادَ اللَّهُ بِهذا مَثَلًا أى: أى شيء أراده الله-تبارك وتعالى-، أو ما الذي أراده الله-تبارك وتعالى- بهذا العدد المستغرب استغراب المثل.
وعلى الأول تكون ماذا بمنزلة اسم واحد.. وعلى الثاني: هي مؤلفة من كلمة ما اسم استفهام مبتدأ، وذا اسم موصول خبره، والجملة بعده صلة، والعائد فيها محذوف، ومَثَلًا نصب على التمييز أو على الحال.. وعنوا بالإشارة: التحقير، وغرضهم: نفى أن يكون ذلك من عند الله-تبارك وتعالى-..واسم الإشارة في قوله-تبارك وتعالى-: كَذلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ يعود إلى ما تضمنه الكلام السابق، من استيقان أهل الكتاب، وازدياد المؤمنين إيمانا، واستنكار الكافرين ومن في قلوبهم مرض لهذا المثل.
أى: مثل ذلك الضلال الحاصل للذين في قلوبهم مرض وللكافرين، يضل الله-تبارك وتعالى- من يشاء إضلاله من خلقه، ومثل ذلك الهدى الحاصل في قلوب المؤمنين، يهدى الله من يشاء هدايته من عباده، إذ هو- سبحانه - الخالق لكل شيء، وهو على كل شيء قدير.
ثم ساق- سبحانه - بعد ذلك ما يخرس ألسنة الكافرين، الذين أنكروا هذا العدد الذي جعله الله-تبارك وتعالى- على سقر، ليتصرف فيها على حسب إرادته-تبارك وتعالى- ومشيئته، فقال: وَما يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ.
والجنود: جمع جند، وهو اسم لما يتألف منه الجيش من أفراد.
والمراد بهم هنا: مخلوقاته-تبارك وتعالى- الذين سخرهم لتنفيذ أمره، وسموا جنودا، تشبيها لهم بالجنود في تنفيذ مراده- سبحانه -.
أى: وما يعلم عدد جنود ربك- أيها الرسول الكريم-، ولا مبلغ قوتهم، إلا هو- عز وجل - وما هذا العدد الذي ذكرناه لك إلا جزء من جنودنا، الذين حجبنا علم عددهم وكثرتهم.. عن غيرنا.
قال الإمام ابن كثير: قوله-تبارك وتعالى-: وَما يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ أى: وما يعلم عددهم وكثرتهم إلا هو-تبارك وتعالى-، لئلا يتوهم متوهم أنماهم تسعة عشر فقط.
وقد ثبت في حديث الإسراء المروي في الصحيحين وغيرهما، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال في صفة البيت المعمور، الذي في السماء السابعة: فإذا هو يدخله كل يوم سبعون ألف ملك.. .
والضمير في قوله: وَما هِيَ إِلَّا ذِكْرى لِلْبَشَرِ يعود إلى سقر.. أى: وما سقر التي ذكرت لكم أن عليها تسعة عشر ملكا يلون أمرها، إلا تذكرة وعظة للبشر، لأن من يتذكر حرها وسعيرها وشدة عذابها.. من شأنه، أن يخلص العبادة لله-تبارك وتعالى-، وأن يقدم في دنياه العمل الصالح الذي ينفعه في أخراه.
وقيل: الضمير للآيات الناطقة بأحوال سقر.
أى: وما هذه الآيات التي ذكرت بشأن سقر وأهوالها إلا ذكرى للبشر.
قوله تعالى ليستيقن الذين أوتوا الكتاب أي ليوقن الذين أعطوا التوراة والإنجيل أن عدة خزنة جهنم موافقة لما عندهم ; قاله ابن عباس وقتادة والضحاك ومجاهد وغيرهم .
ثم يحتمل أنه يريد الذين آمنوا منهم كعبدالله بن سلام .
ويحتمل أنه يريد الكل .
ويزداد الذين آمنوا إيمانا بذلك ; لأنهم كلما صدقوا بما في كتاب الله آمنوا ، ثم ازدادوا إيمانا لتصديقهم بعدد خزنة جهنم .
ولا يرتاب أي ولا يشك الذين أوتوا الكتاب أي أعطوا الكتاب والمؤمنون أي المصدقون من أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - في أن عدة خزنة جهنم تسعة عشر .
وليقول الذين في قلوبهم مرض أي في صدورهم شك ونفاق من منافقي أهل المدينة ، الذين ينجمون في مستقبل الزمان بعد الهجرة ولم يكن بمكة نفاق وإنما نجم بالمدينة .
وقيل : المعنى ; أي وليقول المنافقون الذين ينجمون في مستقبل الزمان بعد الهجرة .
والكافرون أي اليهود والنصارى ماذا أراد الله بهذا مثلا يعني بعدد خزنة جهنم .
وقال الحسين بن الفضل : السورة مكية ولم يكن بمكة نفاق ; فالمرض في هذه الآية الخلاف و ( الكافرون ) أي مشركو العرب .
وعلى القول الأول أكثر المفسرين .
ويجوز أن يراد بالمرض : الشك والارتياب ; لأن أهل مكة كان أكثرهم شاكين ، وبعضهم قاطعين بالكذب ، وقوله تعالى إخبارا عنهم : ماذا أراد الله أي ما أراد بهذا العدد الذي ذكره حديثا ، أي ما هذا من الحديث .
قال الليث : المثل الحديث ; ومنه : مثل الجنة التي وعد المتقون أي حديثها والخبر عنها .
كذلك أي كإضلال الله أبا جهل وأصحابه المنكرين لخزنة جهنم يضل الله أي يخزي ويعمي من يشاء ويهدي أي ويرشد من يشاء كإرشاد أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - .
وقيل : كذلك يضل الله عن الجنة من يشاء ويهدي إليها من يشاء .
وما يعلم جنود ربك إلا هو أي وما يدري عدد ملائكة ربك الذين خلقهم لتعذيب أهل النار إلا هو أي إلا الله - جل ثناؤه - وهذا جوابلأبي جهل حين قال : أما لمحمد من الجنود إلا تسعة عشر ! وعن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقسم غنائم حنين ، فأتاه جبريل فجلس عنده ، فأتى ملك فقال : إن ربك يأمرك بكذا وكذا ، فخشي النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يكون شيطانا ، فقال : " يا جبريل أتعرفه " ؟ فقال : هو ملك وما كل ملائكة ربك أعرف .
وقال الأوزاعي : قال موسى : " يا رب من في السماء ؟ قال ملائكتي .
قال كم عدتهم يا رب ؟ قال : اثني عشر سبطا .
قال : كم عدة كل سبط ؟ قال : عدد التراب " ذكرهما الثعلبي .
وفي الترمذي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : أطت السماء وحق لها أن تئط ، ما فيها موضع أربع أصابع إلا وملك واضع جبهته لله ساجدا .
قوله تعالى : وما هي إلا ذكرى للبشر يعني الدلائل والحجج والقرآن .
وقيل : وما هي أي وما هذه النار التي هي سقر إلا ذكرى أي عظة للبشر أي للخلق .
وقيل : نار الدنيا تذكرة لنار الآخرة .
قاله الزجاج .
وقيل : أي ما هذه العدة إلا ذكرى للبشر أي ليتذكروا ويعلموا كمال قدرة الله تعالى ، وأنه لا يحتاج إلى أعوان وأنصار ; فالكناية على هذا في قوله تعالى : وما هي ترجع إلى الجنود ; لأنه أقرب مذكور .


شرح المفردات و معاني الكلمات : جعلنا , أصحاب , النار , ملائكة , جعلنا , عدتهم , فتنة , كفروا , ليستيقن , أوتوا , الكتاب , ويزداد , آمنوا , إيمانا , يرتاب , أوتوا , الكتاب , المؤمنون , وليقول , قلوبهم , مرض , الكافرون , أراد , الله , مثلا , يضل , الله , يشاء , يهدي , يشاء , يعلم , جنود , ربك , ذكرى , للبشر ,
English Türkçe Indonesia
Русский Français فارسی
تفسير انجليزي اعراب

آيات من القرآن الكريم

  1. وأنذرهم يوم الآزفة إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع
  2. والذين آتيناهم الكتاب يفرحون بما أنـزل إليك ومن الأحزاب من ينكر بعضه قل إنما أمرت
  3. واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون
  4. في عمد ممددة
  5. وإنه لعلم للساعة فلا تمترن بها واتبعون هذا صراط مستقيم
  6. ربنا إنك من تدخل النار فقد أخزيته وما للظالمين من أنصار
  7. الذين لا يؤتون الزكاة وهم بالآخرة هم كافرون
  8. ألم تر إلى ربك كيف مد الظل ولو شاء لجعله ساكنا ثم جعلنا الشمس عليه
  9. وإن ربك لذو فضل على الناس ولكن أكثرهم لا يشكرون
  10. وقل للذين لا يؤمنون اعملوا على مكانتكم إنا عاملون

تحميل سورة المدثر mp3 :

سورة المدثر mp3 : قم باختيار القارئ للاستماع و تحميل سورة المدثر

سورة المدثر بصوت ماهر المعيقلي
ماهر المعيقلي
سورة المدثر بصوت سعد الغامدي
سعد الغامدي
سورة المدثر بصوت عبد  الباسط عبد الصمد
عبد الباسط
سورة المدثر بصوت أحمد العجمي
أحمد العجمي
سورة المدثر بصوت محمد صديق المنشاوي
المنشاوي
سورة المدثر بصوت محمود خليل الحصري
الحصري
سورة المدثر بصوت مشاري راشد العفاسي
مشاري العفاسي
سورة المدثر بصوت ناصر القطامي
ناصر القطامي
سورة المدثر بصوت فارس عباد
فارس عباد
سورة المدثر بصوت ياسر لدوسري
ياسر الدوسري


الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Saturday, December 21, 2024

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب