1. التفسير الميسر
  2. تفسير الجلالين
  3. تفسير السعدي
  4. تفسير البغوي
  5. التفسير الوسيط
تفسير القرآن | باقة من أهم تفاسير القرآن الكريم المختصرة و الموجزة التي تعطي الوصف الشامل لمعنى الآيات الكريمات : سبعة تفاسير معتبرة لكل آية من كتاب الله تعالى , [ المدثر: 31] .

  
   

﴿ وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلَائِكَةً ۙ وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا ۙ وَلَا يَرْتَابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْمُؤْمِنُونَ ۙ وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْكَافِرُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَٰذَا مَثَلًا ۚ كَذَٰلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ ۚ وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ ۚ وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَىٰ لِلْبَشَرِ﴾
[ سورة المدثر: 31]

القول في تفسير قوله تعالى : وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة وما جعلنا عدتهم إلا فتنة للذين ..


تفسير الجلالين التفسير الميسر تفسير السعدي
تفسير البغوي التفسير الوسيط تفسير ابن كثير
تفسير الطبري تفسير القرطبي إعراب الآية

التفسير الميسر : وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة وما جعلنا


وما جعلنا خزنة النار إلا من الملائكة الغلاظ، وما جعلنا ذلك العدد إلا اختبارًا للذين كفروا بالله؛ وليحصل اليقين للذين أُعطوا الكتاب من اليهود والنصارى بأنَّ ما جاء في القرآن عن خزنة جهنم إنما هو حق من الله تعالى، حيث وافق ذلك كتبهم، ويزداد المؤمنون تصديقًا بالله ورسوله وعملا بشرعه، ولا يشك في ذلك الذين أُعطوا الكتاب من اليهود والنصارى ولا المؤمنون بالله ورسوله؛ وليقول الذين في قلوبهم نفاق والكافرون: ما الذي أراده الله بهذا العدد المستغرب؟ بمثل ذلك الذي ذُكر يضلُّ الله من أراد إضلاله، ويهدي مَن أراد هدايته، وما يعلم عدد جنود ربك - ومنهم الملائكة- إلا الله وحده. وما النار إلا تذكرة وموعظة للناس.

المختصر في التفسير : شرح المعنى باختصار


وما جعلنا خَزَنة النار إلا ملائكة، فلا طاقة للبشر بهم، وما جعلنا عددهم هذا إلا اختبارًا للذين كفروا بالله؛ ليقولوا ما قالوا فيُضاعَف عليهم العذاب، وليتيقّن اليهود الذين أعطوا التوراة، والنصارى الذين أعطوا الإنجيل حين نزل القرآن مصدقًا لما في كتابيهم، وليزداد المؤمنون إيمانًا عندما يوافقهم أهل الكتاب، ولا يرتاب اليهود والنصارى والمؤمنون، وليقول المترددون في الإيمان، والكافرون: أي شيء أراده الله بهذا العدد الغريب؟! مثل إضلال مُنْكِر هذا العدد وهداية المُصَدِّق به، يُضِلُّ الله من شاء أن يضلّه ويهدي من شاء أن يهديه، وما يعلم جنود ربك من كثرتها إلا هو سبحانه، وما النار إلا تذكرة للبشر يعلمون بها عظمة الله سبحانه.

تفسير الجلالين : معنى و تأويل الآية 31


«وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة» أي فلا يطاقون كما يتوهمون «وما جعلنا عدتهم» ذلك «إلا فتنة» ضلالا «للذين كفروا» بأن يقولوا لم كانوا تسعة عشر «ليستيقن» ليستبين «الذين أوتوا الكتاب» أي اليهود صدق النبي صلى الله عليه وسلم في كونهم تسعة عشر الموافق لما في كتابهم «ويزداد الذين آمنوا» من أهل الكتاب «إيمانا» تصديقا لموافقته ما أتي به النبي صلى الله عليه وسلم لما في كتابهم «ولا يرتاب الذين أُوتوا الكتاب والمؤمنون» من غيرهم في عدد الملائكة «وليقول الذين في قلوبهم مرض» شك بالمدينة «والكافرون» بمكة «ماذا أراد الله بهذا» العدد «مثلا» سموه لغرابته بذلك وأعرب حالا «كذلك» أي مثل إضلال منكر هذا العدد وهدى مصدقه «يضل الله من يشاء ويهدي من يشاء وما يعلم جنود ربك» أي الملائكة في قوتهم وأعوانهم «إلا هو وما هي» أي سقر «إلا ذكرى للبشر».

تفسير السعدي : وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة وما جعلنا


{ وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلَائِكَةً } وذلك لشدتهم وقوتهم.
{ وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا } يحتمل أن المراد: إلا لعذابهم وعقابهم في الآخرة، ولزيادة نكالهم فيها، والعذاب يسمى فتنة، [كما قال تعالى: { يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ } ] ويحتمل أن المراد: أنا ما أخبرناكم بعدتهم، إلا لنعلم من يصدق ومن يكذب، ويدل على هذا ما ذكر بعده في قوله: { لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا } فإن أهل الكتاب، إذا وافق ما عندهم وطابقه، ازداد يقينهم بالحق، والمؤمنون كلما أنزل الله آية، فآمنوا بها وصدقوا، ازداد إيمانهم، { وَلَا يَرْتَابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْمُؤْمِنُونَ }- أي: ليزول عنهم الريب والشك، وهذه مقاصد جليلة، يعتني بها أولو الألباب، وهي السعي في اليقين، وزيادة الإيمان في كل وقت، وكل مسألة من مسائل الدين، ودفع الشكوك والأوهام التي تعرض في مقابلة الحق، فجعل ما أنزله الله على رسوله محصلا لهذه الفوائد الجليلة، ومميزا للكاذبين من الصادقين، ولهذا قال: { وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ }- أي: شك وشبهة ونفاق.
{ وَالْكَافِرُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا } وهذا على وجه الحيرة والشك، والكفر منهم بآيات الله، وهذا وذاك من هداية الله لمن يهديه، وإضلاله لمن يضل ولهذا قال:{ كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ } فمن هداه الله، جعل ما أنزله الله على رسوله رحمة في حقه، وزيادة في إيمانه ودينه، ومن أضله، جعل ما أنزله على رسوله زيادة شقاء عليه وحيرة، وظلمة في حقه، والواجب أن يتلقى ما أخبر الله به ورسوله بالتسليم، فإنه لا يعلم جنود ربك من الملائكة وغيرهم { إلَّا هُوَ } فإذا كنتم جاهلين بجنوده، وأخبركم بها العليم الخبير، فعليكم أن تصدقوا خبره، من غير شك ولا ارتياب، { وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ }- أي: وما هذه الموعظة والتذكار مقصودا به العبث واللعب، وإنما المقصود به أن يتذكر [به] البشر ما ينفعهم فيفعلونه، وما يضرهم فيتركونه.

تفسير البغوي : مضمون الآية 31 من سورة المدثر


( وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة ) لا رجالا آدميين ، فمن ذا يغلب الملائكة ؟ ( وما جعلنا عدتهم ) أي عددهم في القلة ( إلا فتنة للذين كفروا ) أي ضلالة لهم حتى قالوا ما قالوا ( ليستيقن الذين أوتوا الكتاب ) لأنه مكتوب في التوراة والإنجيل أنهم تسعة عشر ، ( ويزداد الذين آمنوا إيمانا ) يعني من آمن من أهل الكتاب يزدادون تصديقا بمحمد - صلى الله عليه وسلم - إذا وجدوا ما قاله موافقا لما في كتبهم ( ولا يرتاب ) ولا يشك ( الذين أوتوا الكتاب والمؤمنون ) في عددهم ( وليقول الذين في قلوبهم مرض ) شك ونفاق ( والكافرون ) [ مشركو مكة ] ( ماذا أراد الله بهذا مثلا ) أي شيء أراد بهذا الحديث ؟ وأراد بالمثل الحديث نفسه .
( كذلك ) أي كما أضل الله من أنكر عدد الخزنة وهدى من صدق كذلك ( يضل الله من يشاء ويهدي من يشاء وما يعلم جنود ربك إلا هو ) قال مقاتل : هذا جواب أبي جهل حين قال : أما لمحمد أعوان إلا تسعة عشر ؟ قال عطاء : ( وما يعلم جنود ربك إلا هو ) يعني من الملائكة الذين خلقهم لتعذيب أهل النار ، لا يعلم عدتهم إلا الله ، والمعنى إن تسعة عشر هم خزنة النار ، ولهم من الأعوان والجنود من الملائكة ما لا يعلم إلا الله - عز وجل - ، ثم رجع إلى ذكر سقر فقال : ( وما هي ) يعني [ سقر ] ( إلا ذكرى للبشر ) إلا تذكرة وموعظة للناس .

التفسير الوسيط : ويستفاد من هذه الآية


قال الإمام ابن كثير: يقول الله-تبارك وتعالى-: وَما جَعَلْنا أَصْحابَ النَّارِ أى: خزانها إِلَّا مَلائِكَةً أى: غلاظا شدادا.
وذلك رد على مشركي قريش حين ذكر عدد الخزنة.
فقال أبو جهل: يا معشر قريش، أما يستطيع كل عشرة منكم لواحد منهم فتغلبونهم؟ فقال الله-تبارك وتعالى-:وَما جَعَلْنا أَصْحابَ النَّارِ إِلَّا مَلائِكَةً.
أى: شديدي الخلق لا يقاومون ولا يغالبون.
وقد قيل: إن أبا الأشد- واسمه: كلدة بن أسيد بن خلف- قال: يا معشر قريش، اكفوني منهم اثنين وأنا أكفيكم سبعة عشر، إعجابا منه بنفسه، وكان قد بلغ من القوة- فيما يزعمون- أنه كان يقف على جلد البقرة.
ويجاذبه عشرة لينتزعوه من تحت قدميه، فيتمزق الجلد، ولا يتزحزح عنه...
وقال الجمل في حاشيته: قال ابن عباس: لما نزلت هذه الآية عَلَيْها تِسْعَةَ عَشَرَ.
قال أبو جهل لقريش: ثكلتكم أمهاتكم! محمد صلى الله عليه وسلم يخبر أن خزنة النار تسعة عشر، وأنتم الشجعان، أفيعجز كل عشرة منكم أن يبطشوا بواحد منهم؟.
فقال أبو الأشد: أنا أكفيكم منهم سبعة عشر، عشرة على ظهري، وسبعة على بطني.
واكفوني أنتم اثنين.. فأنزل الله-تبارك وتعالى-: وَما جَعَلْنا أَصْحابَ النَّارِ إِلَّا مَلائِكَةً...
والمقصود من هذه الآية الكريمة الرد على المشركين، الذين سخروا من النبي صلى الله عليه وسلم عند ما عرفوا منه أن على سقر تسعة عشر ملكا يتولون أمرها..أى: إننا أوجدنا النار لعذاب الكافرين، وما جعلنا خزنتها إلا من الملائكة الغلاظ الشداد، الذين لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون، والذين لا قدرة لأحد من البشر على مقاومتهم أو مخالفة أمرهم، لأنهم أشد بأسا، وأقوى بطشا من كافة الإنس والجن..والاستثناء من عموم الأنواع.
أى: وما جعلنا أصحاب النار إلا من نوع الملائكة، الذين لا قدرة لأحد من البشر على مقاومتهم..وقوله- سبحانه -: وَما جَعَلْنا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا بيان لحكمة أخرى من ذكر هذا العدد..والفتنة بمعنى الاختبار والامتحان.
تقول: فتنت الذهب بالنار، أى: اختبرته بها، لتعلم جودته من رداءته.
وقوله: إِلَّا فِتْنَةً مفعول ثان لقوله جَعَلْنا والكلام على حذف مضاف..أى: وما جعلنا عدة خزنة النار تسعة عشر، إلا ليكون هذا العدد سبب فتنة واختبار للذين كفروا، ولقد زادهم هذا الامتحان والاختبار جحودا وضلالا، ومن مظاهر ذلك أنهم استهزءوا بالنبي صلى الله عليه وسلم عند ما قرأ عليهم القرآن، فحق عليهم عذابنا ووعيدنا..قال الإمام الرازي: وإنما صار هذا العدد سببا لفتنة الكفار من وجهين: الأول أن الكفار كانوا يستهزئون ويقولون: لم لا يكونون عشرين- بدلا من تسعة عشر- وما المقتضى لتخصيص هذا العدد؟.
والثاني أن الكفار كانوا يقولون: هذا العدد القليل، كيف يكون وافيا بتعذيب أكثر العالم من الجن والإنس..؟وأجيب عن الأول: بأن هذا السؤال لازم على كل عدد يفرض، وأفعال الله-تبارك وتعالى- لا تعلل، فلا يقال فيها لم كان هذا العدد، فإن ذكره لحكمة لا يعلمها إلا هو- سبحانه -.
وأجيب عن الثاني: بأنه لا يبعد أن الله-تبارك وتعالى- يعطى ذلك العدد القليل قوة تفي بذلك، فقد اقتلع جبريل وحده.
مدائن قوم لوط على أحد جناحيه، ورفعها إلى السماء.. ثم قلبها، فجعل عاليها سافلها..- وأيضا- فأحوال القيامة، لا تقاس بأحوال الدنيا، وليس للعقل فيها مجال...
وقوله- سبحانه -: لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ، وَيَزْدادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيماناً ...
علة أخرى، لذكر هذا العدد.
والاستيقان: قوة اليقين، فالسين والتاء للمبالغة.
أى: وما جعلنا عدتهم كذلك- أيضا- إلا ليستيقن الذين أوتوا الكتاب من اليهود والنصارى، بأن الرسول صلى الله عليه وسلم صادق فيما يبلغه عن ربه، إذ أن الكتب السماوية التي بين أيديهم قد ذكرت هذا العدد.
كما ذكره القرآن الكريم، وإلا ليزداد المؤمنون إيمانا على إيمانهم، بصدق نبيهم صلى الله عليه وسلم، إذ أن الإخبار عن المغيبات عن طريق القرآن الكريم، من شأنها أن تجعل الإيمان في قلوب المؤمنين الصادقين، يزداد رسوخا وثباتا.
قال الإمام ابن كثير: قوله: لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ أى: يعلمون أن هذا الرسول حق، فإنه نطق بمطابقة ما بأيديهم من الكتب السماوية المنزلة على الأنبياء قبله.. .
وقال الآلوسى: وأخرج الترمذي وابن مردويه عن جابر قال: قال ناس من اليهود، لأناس من المسلمين: هل يعلم نبيكم عدد خزنة جهنم؟ فأخبروا بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «هكذا وهكذا» في مرة عشرة.
وفي مرة تسعة.
وقال الآلوسى: واستشعر من هذا أن الآية مدنية، لأن اليهود إنما كانوا فيها، وهو استشعار ضعيف، لأن السؤال لصحابى فلعله كان مسافرا فاجتمع بيهودي حيث كان..- وأيضا- لا مانع إذ ذاك من إتيان بعض اليهود نحو مكة.. .
وقوله-تبارك وتعالى-: وَلا يَرْتابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَالْمُؤْمِنُونَ معطوف على قوله:لِيَسْتَيْقِنَ.. وهو مؤكد لما قبله، من الاستيقان وازدياد الإيمان، ونفى لما قد يعترى المستيقن من شبهة عارضة.
أى: فعلنا ما فعلنا ليكتسب أهل الكتاب اليقين من نبوته صلى الله عليه وسلم وليزداد المؤمنون إيمانا على إيمانهم.
ولتزول كل ريبة أو شبهة قد تطرأ على قلوب الذين أوتوا الكتاب، وعلى قلوب المؤمنين..وقوله- سبحانه -: وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْكافِرُونَ ماذا أَرادَ اللَّهُ بِهذا مَثَلًا بيان لعلة أخرى لكون خزنة سقر تسعة عشر.
أى: ما جعلنا عدتهم كذلك إلا فتنة للذين كفروا، وإلا ليستيقن الذين أوتوا الكتاب من صدق الرسول صلى الله عليه وسلم وإلا ليزداد الذين آمنوا إيمانا، وإلا لنزول الريبة من قلوب الفريقين، وإلا ليقول الذين في قلوبهم مرض، أى: شك وضعف إيمان، وليقول الكافرون المصرون على التكذيب: ما الأمر الذي أراده الله بهذا المثل، وهو جعل خزنة سقر تسعة عشر؟ فالمقصود بالاستفهام في قوله-تبارك وتعالى-: ماذا أَرادَ اللَّهُ بِهذا مَثَلًا الإنكار.
والإشارة بهذا مرجعها إلى قوله-تبارك وتعالى- قبل ذلك: عَلَيْها تِسْعَةَ عَشَرَ وقوله:مَثَلًا حال من اسم الإشارة، والمراد به العدد السابق.
وسموه مثلا لغرابته عندهم.
أى: ما الفائدة في أن تكون عدة خزنة سقر تسعة عشر، وليسوا أكثر أو أقل؟ وهم يقصدون بذلك نفى أن يكون هذا العدد من عنده-تبارك وتعالى-.
قال الآلوسى: قوله-تبارك وتعالى-: ماذا أَرادَ اللَّهُ بِهذا مَثَلًا أى: أى شيء أراده الله-تبارك وتعالى-، أو ما الذي أراده الله-تبارك وتعالى- بهذا العدد المستغرب استغراب المثل.
وعلى الأول تكون ماذا بمنزلة اسم واحد.. وعلى الثاني: هي مؤلفة من كلمة ما اسم استفهام مبتدأ، وذا اسم موصول خبره، والجملة بعده صلة، والعائد فيها محذوف، ومَثَلًا نصب على التمييز أو على الحال.. وعنوا بالإشارة: التحقير، وغرضهم: نفى أن يكون ذلك من عند الله-تبارك وتعالى-..واسم الإشارة في قوله-تبارك وتعالى-: كَذلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ يعود إلى ما تضمنه الكلام السابق، من استيقان أهل الكتاب، وازدياد المؤمنين إيمانا، واستنكار الكافرين ومن في قلوبهم مرض لهذا المثل.
أى: مثل ذلك الضلال الحاصل للذين في قلوبهم مرض وللكافرين، يضل الله-تبارك وتعالى- من يشاء إضلاله من خلقه، ومثل ذلك الهدى الحاصل في قلوب المؤمنين، يهدى الله من يشاء هدايته من عباده، إذ هو- سبحانه - الخالق لكل شيء، وهو على كل شيء قدير.
ثم ساق- سبحانه - بعد ذلك ما يخرس ألسنة الكافرين، الذين أنكروا هذا العدد الذي جعله الله-تبارك وتعالى- على سقر، ليتصرف فيها على حسب إرادته-تبارك وتعالى- ومشيئته، فقال: وَما يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ.
والجنود: جمع جند، وهو اسم لما يتألف منه الجيش من أفراد.
والمراد بهم هنا: مخلوقاته-تبارك وتعالى- الذين سخرهم لتنفيذ أمره، وسموا جنودا، تشبيها لهم بالجنود في تنفيذ مراده- سبحانه -.
أى: وما يعلم عدد جنود ربك- أيها الرسول الكريم-، ولا مبلغ قوتهم، إلا هو- عز وجل - وما هذا العدد الذي ذكرناه لك إلا جزء من جنودنا، الذين حجبنا علم عددهم وكثرتهم.. عن غيرنا.
قال الإمام ابن كثير: قوله-تبارك وتعالى-: وَما يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ أى: وما يعلم عددهم وكثرتهم إلا هو-تبارك وتعالى-، لئلا يتوهم متوهم أنماهم تسعة عشر فقط.
وقد ثبت في حديث الإسراء المروي في الصحيحين وغيرهما، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال في صفة البيت المعمور، الذي في السماء السابعة: فإذا هو يدخله كل يوم سبعون ألف ملك.. .
والضمير في قوله: وَما هِيَ إِلَّا ذِكْرى لِلْبَشَرِ يعود إلى سقر.. أى: وما سقر التي ذكرت لكم أن عليها تسعة عشر ملكا يلون أمرها، إلا تذكرة وعظة للبشر، لأن من يتذكر حرها وسعيرها وشدة عذابها.. من شأنه، أن يخلص العبادة لله-تبارك وتعالى-، وأن يقدم في دنياه العمل الصالح الذي ينفعه في أخراه.
وقيل: الضمير للآيات الناطقة بأحوال سقر.
أى: وما هذه الآيات التي ذكرت بشأن سقر وأهوالها إلا ذكرى للبشر.

وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة وما جعلنا: تفسير ابن كثير


قول تعالى : { وما جعلنا أصحاب النار } أي: خزانها ، { إلا ملائكة } أي: [ زبانية ] غلاظا شدادا . وذلك رد على مشركي قريش حين ذكر عدد الخزنة ، فقال أبو جهل : يا معشر قريش ، أما يستطيع كل عشرة منكم لواحد منهم فتغلبونهم ؟ فقال الله : { وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة } أي: شديدي الخلق لا يقاومون ولا يغالبون . وقد قيل : إن أبا الأشدين - واسمه : كلدة بن أسيد بن خلف - قال : يا معشر قريش ، اكفوني منهم اثنين وأنا أكفيكم منهم سبعة عشر ، إعجابا منه بنفسه ، وكان قد بلغ من القوة فيما يزعمون أنه كان يقف على جلد البقرة ويجاذبه عشرة لينتزعوه من تحت قدميه ، فيتمزق الجلد ولا يتزحزح عنه . قال السهيلي : وهو الذي دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مصارعته ، وقال : إن صرعتني آمنت بك ، فصرعه النبي صلى الله عليه وسلم مرارا ، فلم يؤمن . قال : وقد نسب ابن إسحاق خبر المصارعة إلى ركانة بن عبد يزيد بن هاشم بن المطلب .
قلت : ولا منافاة بين ما ذكراه ، والله أعلم .
{ وما جعلنا عدتهم إلا فتنة للذين كفروا } أي: إنما ذكرنا عدتهم أنهم تسعة عشر اختبارا منا للناس ، { ليستيقن الذين أوتوا الكتاب } أي: يعلمون أن هذا الرسول حق ; فإنه نطق بمطابقة ما بأيديهم من الكتب السماوية المنزلة على الأنبياء قبله .
{ ويزداد الذين آمنوا إيمانا } أي: إلى إيمانهم . بما يشهدون من صدق إخبار نبيهم محمد صلى الله عليه وسلم ، { ولا يرتاب الذين أوتوا الكتاب والمؤمنون وليقول الذين في قلوبهم مرض } أي: من المنافقين { والكافرون ماذا أراد الله بهذا مثلا } ؟ أي: يقولون : ما الحكمة في ذكر هذا هاهنا ؟ قال الله تعالى : { كذلك يضل الله من يشاء ويهدي من يشاء } أي: من مثل هذا وأشباهه يتأكد الإيمان في قلوب أقوام ، ويتزلزل عند آخرين ، وله الحكمة البالغة ، والحجة الدامغة .
وقوله : { وما يعلم جنود ربك إلا هو } أي: ما يعلم عددهم وكثرتهم إلا هو تعالى ، لئلا يتوهم متوهم أنهم تسعة عشر فقط ، كما قد قاله طائفة من أهل الضلالة والجهالة ومن الفلاسفة اليونانيين ، ومن تابعهم من الملتين الذين سمعوا هذه الآية ، فأرادوا تنزيلها على العقول العشرة والنفوس التسعة ، التي اخترعوا دعواها وعجزوا عن إقامة الدلالة على مقتضاها ، فأفهموا صدر هذه الآية وقد كفروا بآخرها ، وهو قوله : { وما يعلم جنود ربك إلا هو }
وقد ثبت في حديث الإسراء المروي في الصحيحين وغيرهما . عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال في صفة البيت المعمور الذي في السماء السابعة : " فإذا هو يدخله في كل يوم سبعون ألف ملك ، لا يعودون إليه آخر ما عليهم " .
وقال الإمام أحمد : حدثنا أسود ، حدثنا إسرائيل ، عن إبراهيم بن مهاجر ، عن مجاهد ، عن مورق ، عن أبي ذر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إني أرى ما لا ترون ، وأسمع ما لا تسمعون ، أطت السماء وحق لها أن تئط ، ما فيها موضع أربع أصابع إلا عليه ملك ساجد ، لو علمتم ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا ، ولا تلذذتم بالنساء على الفرشات ، ولخرجتم إلى الصعدات تجأرون إلى الله عز وجل " . فقال أبو ذر : والله لوددت أني شجرة تعضد .
ورواه الترمذي وابن ماجه ، من حديث إسرائيل وقال الترمذي : حسن غريب ، ويروى عن أبي ذر موقوفا .
وقال الحافظ أبو القاسم الطبراني : حدثنا خير بن عرفة المصري ، حدثنا عروة بن مروان الرقي ، حدثنا عبيد الله بن عمرو ، عن عبد الكريم بن مالك ، عن عطاء بن أبي رباح ، عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما في السماوات السبع موضع قدم ولا شبر ولا كف إلا وفيه ملك قائم ، أو ملك ساجد ، أو ملك راكع ، فإذا كان يوم القيامة قالوا جميعا : سبحانك ما عبدناك حق عبادتك ، إلا أنا لم نشرك بك شيئا " . .
وقال محمد بن نصر المروزي في " كتاب الصلاة " : حدثنا عمرو بن زرارة ، أخبرنا عبد الوهاب بن عطاء ، عن سعيد ، عن قتادة ، عن صفوان بن محرز ، عن حكيم بن حزام قال : بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أصحابه إذ قال لهم : " هل تسمعون ما أسمع؟ " قالوا : ما نسمع من شيء ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أسمع أطيط السماء وما تلام أن تئط ، ما فيها موضع شبر إلا وعليه ملك راكع أو ساجد " .
وقال أيضا : حدثنا محمد بن عبد الله بن قهزاذ ، حدثنا أبو معاذ الفضل بن خالد النحوي ، حدثنا عبيد بن سليمان الباهلي ، سمعت الضحاك بن مزاحم ، يحدث عن مسروق بن الأجدع ، عن عائشة أنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما في السماء الدنيا موضع قدم إلا وعليه ملك ساجد أو قائم ، وذلك قول الملائكة : { وما منا إلا له مقام معلوم وإنا لنحن الصافون وإنا لنحن المسبحون } [ الصافات : 164 - 166 ] . .
وهذا مرفوع غريب جدا ، ثم رواه عن محمود بن آدم ، عن أبي معاوية ، عن الأعمش ، عن أبي الضحى ، عن مسروق ، عن ابن مسعود أنه قال : إن من السماوات سماء ما فيها موضع شبر إلا وعليه جبهة ملك أو قدماه قائما ، ثم قرأ : { وإنا لنحن الصافون وإنا لنحن المسبحون } .
ثم قال : حدثنا أحمد بن سيار : حدثنا أبو جعفر محمد بن خالد الدمشقي المعروف بابن أمه ، حدثنا المغيرة بن عثمان بن عطية من بني عمرو بن عوف ، حدثني سليمان بن أيوب [ من بني ] سالم بن عوف . حدثني عطاء بن زيد بن مسعود من بني الحبلي ، حدثني سليمان بن عمرو بن الربيع ، من بني سالم ، حدثني عبد الرحمن بن العلاء ، من بني ساعدة ، عن أبيه العلاء بن سعد - وقد شهد الفتح وما بعده - أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوما لجلسائه : " هل تسمعون ما أسمع؟ " قالوا : وما تسمع يا رسول الله ؟ قال : " أطت السماء وحق لها أن تئط ، إنه ليس فيها موضع قدم إلا وعليه ملك قائم أو راكع أو ساجد ، وقال الملائكة : { وإنا لنحن الصافون وإنا لنحن المسبحون } وهذا إسناد غريب جدا .
ثم قال : حدثنا [ محمد بن يحيى ، حدثنا ] إسحاق بن محمد بن إسماعيل الفروي ، حدثنا عبد الملك بن قدامة ، عن عبد الرحمن ، عن عبد الله بن دينار ، عن أبيه ، عن عبد الله بن عمر : أن عمر جاء والصلاة قائمة ، ونفر ثلاثة جلوس ، أحدهم أبو جحش الليثي ، فقال : قوموا فصلوا مع رسول الله ، فقام اثنان وأبى أبو جحش أن يقوم ، وقال : لا أقوم حتى يأتي رجل هو أقوى مني ذراعين ، وأشد مني بطشا فيصرعني ، ثم يدس وجهي في التراب . قال عمر : فصرعته ودسست وجهه في التراب ، فأتى عثمان بن عفان فحجزني عنه ، فخرج عمر مغضبا حتى انتهى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " ما رأيك يا أبا حفص ؟ " ، فذكر له ما كان منه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن رضى عمر رحمة ، والله لوددت أنك جئتني برأس الخبيث " ، فقام عمر يوجه نحوه ، فلما أبعد ناداه ، فقال : " اجلس حتى أخبرك بغنى الرب عز وجل عن صلاة أبي جحش ، إن لله في السماء الدنيا ملائكة خشوعا لا يرفعون رءوسهم حتى تقوم الساعة ، فإذا قامت رفعوا رءوسهم ثم قالوا : ربنا ، ما عبدناك حق عبادتك ، وإن لله في السماء الثانية ملائكة سجودا لا يرفعون رءوسهم حتى تقوم الساعة فإذا قامت الساعة رفعوا رءوسهم ، وقالوا : سبحانك ما عبدناك حق عبادتك " فقال له عمر : وما يقولون يا رسول الله ؟ فقال : " أما أهل السماء الدنيا فيقولون : سبحان ذي الملك والملكوت ، وأما أهل السماء الثانية فيقولون : سبحان ذي العزة والجبروت ، وأما أهل السماء الثالثة فيقولون : سبحان الحي الذي لا يموت ، فقلها يا عمر في صلاتك " ، فقال عمر : يا رسول الله ، فكيف بالذي كنت علمتني وأمرتني أن أقوله في صلاتي ؟ فقال : " قل هذا مرة وهذا مرة " . وكان الذي أمره به أن يقول : " أعوذ بعفوك من عقابك ، وأعوذ برضاك من سخطك ، وأعوذ بك منك ، جل وجهك " وهذا حديث غريب جدا ، بل منكر نكارة شديدة وإسحاق الفروي روى عنه البخاري ، وذكره ابن حبان في الثقات ، وضعفه أبو داود والنسائي والعقيلي والدارقطني . وقال أبو حاتم الرازي : كان صدوقا إلا أنه ذهب بصره فربما لقن ، وكتبه صحيحة ، وقال مرة : هو مضطرب ، وشيخه عبد الملك بن قدامة أبو قتادة الجمحي : تكلم فيه أيضا . والعجب من الإمام محمد بن نصر كيف رواه ولم يتكلم عليه ، ولا عرف بحاله ، ولا تعرض لضعف بعض رجاله؟ غير أنه رواه من وجه آخر عن سعيد بن جبير مرسلا بنحوه . ومن طريق أخرى عن الحسن البصري مرسلا قريبا منه ، ثم قال محمد بن نصر :
حدثنا محمد بن عبد الله بن قهزاذ ، أخبرنا النضر ، أخبرنا عباد بن منصور قال : سمعت عدي بن أرطاة وهو يخطبنا على منبر المدائن قال : سمعت رجلا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن لله تعالى ملائكة ترعد فرائصهم من خيفته ، ما منهم ملك تقطر منه دمعة من عينه إلا وقعت على ملك يصلي ، وإن منهم ملائكة سجودا منذ خلق الله السماوات والأرض لم يرفعوا رءوسهم ولا يرفعونها إلى يوم القيامة ، وإن منهم ملائكة ركوعا لم يرفعوا رءوسهم منذ خلق الله السماوات والأرض ولا يرفعونها إلى يوم القيامة ، فإذا رفعوا رءوسهم نظروا إلى وجه الله عز وجل ، قالوا : سبحانك ، ما عبدناك حق عبادتك " .
وهذا إسناد لا بأس به .
وقوله : { وما هي إلا ذكرى للبشر } قال مجاهد وغير واحد : { وما هي } أي: النار التي وصفت ، { إلا ذكرى للبشر }

تفسير القرطبي : معنى الآية 31 من سورة المدثر


قوله تعالى ليستيقن الذين أوتوا الكتاب أي ليوقن الذين أعطوا التوراة والإنجيل أن عدة خزنة جهنم موافقة لما عندهم ; قاله ابن عباس وقتادة والضحاك ومجاهد وغيرهم .
ثم يحتمل أنه يريد الذين آمنوا منهم كعبدالله بن سلام .
ويحتمل أنه يريد الكل .
ويزداد الذين آمنوا إيمانا بذلك ; لأنهم كلما صدقوا بما في كتاب الله آمنوا ، ثم ازدادوا إيمانا لتصديقهم بعدد خزنة جهنم .
ولا يرتاب أي ولا يشك الذين أوتوا الكتاب أي أعطوا الكتاب والمؤمنون أي المصدقون من أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - في أن عدة خزنة جهنم تسعة عشر .
وليقول الذين في قلوبهم مرض أي في صدورهم شك ونفاق من منافقي أهل المدينة ، الذين ينجمون في مستقبل الزمان بعد الهجرة ولم يكن بمكة نفاق وإنما نجم بالمدينة .
وقيل : المعنى ; أي وليقول المنافقون الذين ينجمون في مستقبل الزمان بعد الهجرة .
والكافرون أي اليهود والنصارى ماذا أراد الله بهذا مثلا يعني بعدد خزنة جهنم .
وقال الحسين بن الفضل : السورة مكية ولم يكن بمكة نفاق ; فالمرض في هذه الآية الخلاف و ( الكافرون ) أي مشركو العرب .
وعلى القول الأول أكثر المفسرين .
ويجوز أن يراد بالمرض : الشك والارتياب ; لأن أهل مكة كان أكثرهم شاكين ، وبعضهم قاطعين بالكذب ، وقوله تعالى إخبارا عنهم : ماذا أراد الله أي ما أراد بهذا العدد الذي ذكره حديثا ، أي ما هذا من الحديث .
قال الليث : المثل الحديث ; ومنه : مثل الجنة التي وعد المتقون أي حديثها والخبر عنها .
كذلك أي كإضلال الله أبا جهل وأصحابه المنكرين لخزنة جهنم يضل الله أي يخزي ويعمي من يشاء ويهدي أي ويرشد من يشاء كإرشاد أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - .
وقيل : كذلك يضل الله عن الجنة من يشاء ويهدي إليها من يشاء .
وما يعلم جنود ربك إلا هو أي وما يدري عدد ملائكة ربك الذين خلقهم لتعذيب أهل النار إلا هو أي إلا الله - جل ثناؤه - وهذا جوابلأبي جهل حين قال : أما لمحمد من الجنود إلا تسعة عشر ! وعن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقسم غنائم حنين ، فأتاه جبريل فجلس عنده ، فأتى ملك فقال : إن ربك يأمرك بكذا وكذا ، فخشي النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يكون شيطانا ، فقال : " يا جبريل أتعرفه " ؟ فقال : هو ملك وما كل ملائكة ربك أعرف .
وقال الأوزاعي : قال موسى : " يا رب من في السماء ؟ قال ملائكتي .
قال كم عدتهم يا رب ؟ قال : اثني عشر سبطا .
قال : كم عدة كل سبط ؟ قال : عدد التراب " ذكرهما الثعلبي .
وفي الترمذي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : أطت السماء وحق لها أن تئط ، ما فيها موضع أربع أصابع إلا وملك واضع جبهته لله ساجدا .
قوله تعالى : وما هي إلا ذكرى للبشر يعني الدلائل والحجج والقرآن .
وقيل : وما هي أي وما هذه النار التي هي سقر إلا ذكرى أي عظة للبشر أي للخلق .
وقيل : نار الدنيا تذكرة لنار الآخرة .
قاله الزجاج .
وقيل : أي ما هذه العدة إلا ذكرى للبشر أي ليتذكروا ويعلموا كمال قدرة الله تعالى ، وأنه لا يحتاج إلى أعوان وأنصار ; فالكناية على هذا في قوله تعالى : وما هي ترجع إلى الجنود ; لأنه أقرب مذكور .

﴿ وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة وما جعلنا عدتهم إلا فتنة للذين كفروا ليستيقن الذين أوتوا الكتاب ويزداد الذين آمنوا إيمانا ولا يرتاب الذين أوتوا الكتاب والمؤمنون وليقول الذين في قلوبهم مرض والكافرون ماذا أراد الله بهذا مثلا كذلك يضل الله من يشاء ويهدي من يشاء وما يعلم جنود ربك إلا هو وما هي إلا ذكرى للبشر ﴾ [ المدثر: 31]

سورة : المدثر - الأية : ( 31 )  - الجزء : ( 29 )  -  الصفحة: ( 576 )

English Türkçe Indonesia
Русский Français فارسی
تفسير انجليزي اعراب

تفسير آيات من القرآن الكريم

  1. تفسير: ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس لم يكن من
  2. تفسير: يهدي إلى الرشد فآمنا به ولن نشرك بربنا أحدا
  3. تفسير: وإن ربك لهو العزيز الرحيم
  4. تفسير: ياأيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غلظة واعلموا أن الله مع
  5. تفسير: ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه ولقد اصطفيناه في الدنيا وإنه في
  6. تفسير: وقال الذي اشتراه من مصر لامرأته أكرمي مثواه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا وكذلك
  7. تفسير: وكذبوا بآياتنا كذابا
  8. تفسير: وأن لا تعلوا على الله إني آتيكم بسلطان مبين
  9. تفسير: فألقي السحرة سجدا قالوا آمنا برب هارون وموسى
  10. تفسير: فكلا أخذنا بذنبه فمنهم من أرسلنا عليه حاصبا ومنهم من أخذته الصيحة ومنهم من خسفنا

تحميل سورة المدثر mp3 :

سورة المدثر mp3 : قم باختيار القارئ للاستماع و تحميل سورة المدثر

سورة المدثر بصوت ماهر المعيقلي
ماهر المعيقلي
سورة المدثر بصوت سعد الغامدي
سعد الغامدي
سورة المدثر بصوت عبد  الباسط عبد الصمد
عبد الباسط
سورة المدثر بصوت أحمد العجمي
أحمد العجمي
سورة المدثر بصوت محمد صديق المنشاوي
المنشاوي
سورة المدثر بصوت محمود خليل الحصري
الحصري
سورة المدثر بصوت مشاري راشد العفاسي
مشاري العفاسي
سورة المدثر بصوت ناصر القطامي
ناصر القطامي
سورة المدثر بصوت فارس عباد
فارس عباد
سورة المدثر بصوت ياسر لدوسري
ياسر الدوسري

,

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب