تفسير الآية - القول في معنى قوله تعالى : النار يعرضون عليها غدوا وعشيا ويوم تقوم ..

  1. تفسير السعدي
  2. تفسير البغوي
  3. التفسير الوسيط
  4. تفسير ابن كثير
  5. تفسير الطبري
الفسير الوسيط | التفسير الوسيط للقرآن الكريم للطنطاوي | تأليف شيخ الأزهر محمد سيد طنطاوي (المتوفى: 1431هـ) : ويعتبر هذا التفسير من التفاسير الحديثة و القيمة لطلاب العلم و الباحثين في تفسير القرآن العظيم بأسلوب منهجي سهل و عبارة مفهومة, تفسير الآية 46 من سورةغافر - التفسير الوسيط .
  
   

﴿ النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا ۖ وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ﴾
[ سورة غافر: 46]

معنى و تفسير الآية 46 من سورة غافر : النار يعرضون عليها غدوا وعشيا ويوم تقوم .


تفسير الجلالين التفسير الميسر تفسير السعدي
تفسير البغوي التفسير الوسيط تفسير ابن كثير
تفسير الطبري تفسير القرطبي إعراب الآية

تفسير السعدي : النار يعرضون عليها غدوا وعشيا ويوم تقوم


وفي البرزخ النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ فهذه العقوبات الشنيعة، التي تحل بالمكذبين لرسل الله، المعاندين لأمره.

تفسير البغوي : مضمون الآية 46 من سورة غافر


وذلك قوله عز وجل : ) ( النار ) هي رفع على البدل من السوء ، ( يعرضون عليها غدوا وعشيا ) صباحا ومساء ، قال ابن مسعود : أرواح آل فرعون في أجواف طيور سود يعرضون على النار كل يوم مرتين ، تغدو وتروح إلى النار ، ويقال : يا آل فرعون هذه منازلكم حتى تقوم الساعة .
وقال قتادة ، ومقاتل ، والسدي ، والكلبي : تعرض روح كل كافر على النار بكرة وعشيا ما دامت الدنيا .
أخبرنا أبو الحسن السرخسي ، أخبرنا زاهر بن أحمد ، أخبرنا أبو إسحاق الهاشمي أخبرنا أبو مصعب عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " إن أحدكم إذا مات عرض عليه مقعده بالغداة والعشي ، إن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة ، وإن كان من أهل النار فمن أهل النار ، فيقال له : هذا مقعدك حتى يبعثك الله إليه يوم القيامة " .
ثم أخبر الله عن مستقرهم يوم القيامة فقال : ( ويوم تقوم الساعة أدخلوا ) قرأ ابن كثير وابن عامر وأبو عمرو وأبو بكر : " الساعة ادخلوا " بحذف الألف والوصل ، وبضمها في الابتداء ، وضم الخاء من الدخول ، أي : يقال لهم : ادخلوا يا " آل فرعون أشد العذاب " ، وقرأ الآخرون " أدخلوا " بقطع الألف وكسر الخاء من الإدخال ، أي : يقال للملائكة : أدخلوا آل فرعون أشد العذاب .
قال ابن عباس : يريد ألوان العذاب غير الذي كانوا يعذبون به منذ أغرقوا .

التفسير الوسيط : النار يعرضون عليها غدوا وعشيا ويوم تقوم


ثم بين- سبحانه - سوء مصيرهم بعد موتهم، وعند قيام الساعة، فقال: النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ.. والغدو: أول النهار.
والعشى: آخره، وجملة: النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها.. بدل من قوله-تبارك وتعالى- سُوءُ الْعَذابِ.
بعرض أرواح فرعون وملئه على النار بعد موتهم وهم في قبورهم في الصباح والمساء، وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يقال لملائكة العذاب: أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ وهو عذاب جهنم وبئس المصير مصيرهم.
قال القرطبي: والجمهور على أن هذا العرض في البرزخ واحتج بعض أهل العلم في تثبيت عذاب القبر بقوله-تبارك وتعالى-: النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها غُدُوًّا وَعَشِيًّا مادامت الدنيا..

تفسير ابن كثير : شرح الآية 46 من سورة غافر


فإن أرواحهم تعرض على النار صباحا ومساء إلى قيام الساعة ، فإذا كان يوم القيامة اجتمعت أرواحهم وأجسادهم في النار ; ولهذا قال : ( ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب ) أي : أشده ألما وأعظمه نكالا . وهذه الآية أصل كبير في استدلال أهل السنة على عذاب البرزخ في القبور ، وهي قوله : ( النار يعرضون عليها غدوا وعشيا ) .ولكن هاهنا سؤال ، وهو أنه لا شك أن هذه الآية مكية ، وقد استدلوا بها على عذاب القبر في البرزخ ، وقد قال الإمام أحمد :حدثنا هاشم - هو ابن القاسم أبو النضر - حدثنا إسحاق بن سعيد - هو ابن عمرو بن سعيد بن العاص - حدثنا سعيد - يعني أباه - عن عائشة أن يهودية كانت تخدمها فلا تصنع عائشة إليها شيئا من المعروف إلا قالت لها اليهودية : وقاك الله عذاب القبر . قالت : فدخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - علي فقلت : يا رسول الله ، هل للقبر عذاب قبل يوم القيامة ؟ قال : " لا وعم ذلك ؟ " قالت : هذه اليهودية ، لا نصنع إليها شيئا من المعروف إلا قالت : وقاك الله عذاب القبر . قال : " كذبت يهود . وهم على الله أكذب ، لا عذاب دون يوم القيامة " . ثم مكث بعد ذلك ما شاء الله أن يمكث ، فخرج ذات يوم نصف النهار مشتملا بثوبه ، محمرة عيناه ، وهو ينادي بأعلى صوته : " القبر كقطع الليل المظلم - أيها الناس - لو تعلمون ما أعلم لبكيتم كثيرا وضحكتم قليلا - أيها الناس - استعيذوا بالله من عذاب القبر ، فإن عذاب القبر حق " .وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري ومسلم ، ولم يخرجاه .وروى أحمد : حدثنا يزيد ، حدثنا سفيان ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة - قال : سألتها امرأة يهودية فأعطتها ، فقالت لها : أعاذك الله من عذاب القبر . فأنكرت عائشة ذلك ، فلما رأت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قالت له ، فقال : " لا " . قالت عائشة : ثم قال لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد ذلك : " وإنه أوحي إلي أنكم تفتنون في قبوركم " .وهذا أيضا على شرطهما .فيقال : فما الجمع بين هذا وبين كون الآية مكية ، وفيها الدليل على عذاب البرزخ ؟ والجواب : أن الآية دلت على عرض الأرواح إلى النار غدوا وعشيا في البرزخ ، وليس فيها دلالة على اتصال تألمها بأجسادها في القبور ، إذ قد يكون ذلك مختصا بالروح ، فأما حصول ذلك للجسد وتألمه بسببه فلم يدل عليه إلا السنة في الأحاديث المرضية الآتي ذكرها .وقد يقال إن هذه الآية إنما دلت على عذاب الكفار في البرزخ ، ولا يلزم من ذلك أن يعذب المؤمن في قبره بذنب ، ومما يدل على هذا ما رواه الإمام أحمد :حدثنا عثمان بن عمر ، حدثنا يونس ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة - رضي الله عنها - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دخل عليها وعندها امرأة من اليهود ، وهي تقول : أشعرت أنكم تفتنون في قبوركم ؟ فارتاع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال : " إنما يفتن يهود " قالت عائشة : فلبثنا ليالي ، ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " أشعرت أنه أوحي إلي أنكم تفتنون في القبور ؟ " وقالت عائشة : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد يستعيذ من عذاب القبر .وهكذا رواه مسلم ، عن هارون بن سعيد وحرملة ، كلاهما عن ابن وهب ، عن يونس بن يزيد الأيلي ، عن الزهري به .وقد يقال : إن هذه الآية دلت على عذاب الأرواح في البرزخ ، ولا يلزم من ذلك أن يتصل بالأجساد في قبورها ، فلما أوحي إليه في ذلك بخصوصيته استعاذ منه ، والله سبحانه وتعالى أعلم .وقد روى البخاري من حديث شعبة ، عن أشعث بن أبي الشعثاء ، عن أبيه ، عن مسروق ، عن عائشة - رضي الله عنها - أن يهودية دخلت عليها فقالت : أعاذك الله من عذاب القبر . فسألت عائشة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن عذاب القبر ؟ فقال : " نعم عذاب القبر حق " . قالت عائشة : فما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد صلى صلاة إلا تعوذ من عذاب القبر .فهذا يدل على أنه بادر إلى تصديق اليهودية في هذا الخبر ، وقرر عليه . وفي الأخبار المتقدمة : أنه أنكر ذلك حتى جاءه الوحي ، فلعلهما قضيتان ، والله أعلم ، وأحاديث عذاب القبر كثيرة جدا .وقال قتادة في قوله : ( غدوا وعشيا ) صباحا ومساء ، ما بقيت الدنيا ، يقال لهم : يا آل فرعون ، هذه منازلكم ، توبيخا ونقمة وصغارا لهم .وقال ابن زيد : هم فيها اليوم يغدى بهم ويراح إلى أن تقوم الساعة .وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو سعيد ، حدثنا المحاربي ، حدثنا ليث ، عن عبد الرحمن بن ثروان ، عن هذيل ، عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال : إن أرواح الشهداء في أجواف طير خضر تسرح بهم في الجنة حيث شاءوا ، وإن أرواح ولدان المؤمنين في أجواف عصافير تسرح في الجنة حيث شاءت ، فتأوي إلى قناديل معلقة في العرش ، وإن أرواح آل فرعون في أجواف طير سود تغدو على جهنم وتروح عليها ، فذلك عرضها .وقد رواه الثوري عن أبي قيس عن الهزيل بن شرحبيل من كلامه في أرواح آل فرعون . وكذلك قال السدي .وفي حديث الإسراء من رواية أبي هارون العبدي ، عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال فيه : " ثم انطلق بي إلى خلق كثير من خلق الله ، رجال كل رجل منهم بطنه مثل البيت الضخم ، مصفدون على سابلة آل فرعون ، وآل فرعون يعرضون على النار غدوا وعشيا . ( ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب ) وآل فرعون كالإبل المسومة يخبطون الحجارة والشجر ولا يعقلون " .وقال ابن أبي حاتم : حدثنا علي بن الحسين ، حدثنا زيد بن أخرم ، حدثنا عامر بن مدرك الحارثي ، حدثنا عتبة - يعني ابن يقظان - عن قيس بن مسلم ، عن طارق بن شهاب ، عن ابن مسعود ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " ما أحسن محسن من مسلم أو كافر إلا أثابه الله " . قال : قلنا : يا رسول الله ما إثابة الكافر ؟ فقال : " إن كان قد وصل رحما أو تصدق بصدقة أو عمل حسنة ، أثابه الله المال والولد والصحة وأشباه ذلك " . قلنا : فما إثابته في الآخرة ؟ قال : " عذابا دون العذاب " وقرأ : ( أدخلوا آل فرعون أشد العذاب ) ورواه البزار في مسنده ، عن زيد بن أخرم ، ثم قال : لا نعلم له إسنادا غير هذا .وقال ابن جرير : حدثنا عبد الكريم بن أبي عمير ، حدثنا حماد بن محمد الفزاري البلخي قال : سمعت الأوزاعي وسأله رجل فقال - رحمك الله - رأينا طيورا تخرج من البحر ، تأخذ ناحية الغرب بيضا ، فوجا فوجا ، لا يعلم عددها إلا الله - عز وجل - فإذا كان العشي رجع مثلها سودا ، قال : وفطنتم إلى ذلك ؟ قال : نعم ، قال : إن تلك الطير في حواصلها أرواح آل فرعون تعرض على النار غدوا وعشيا ، فترجع إلى وكورها وقد احترقت رياشها وصارت سودا ، فينبت عليها من الليل ريش أبيض ، ويتناثر السود ، ثم تغدو على النار غدوا وعشيا ، ثم ترجع إلى وكورها . فذلك دأبهم في الدنيا ، فإذا كان يوم القيامة قال الله تعالى : ( أدخلوا آل فرعون أشد العذاب ) قال : وكانوا يقولون إنهم ستمائة ألف مقاتل .وقال الإمام أحمد : حدثنا إسحاق ، أخبرنا مالك ، عن نافع ، عن ابن عمر قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إن أحدكم إذا مات عرض عليه مقعده بالغداة والعشي ، إن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة ، وإن كان من أهل النار فمن أهل النار . فيقال : هذا مقعدك حتى يبعثك الله - عز وجل - إلى يوم القيامة " .أخرجاه في الصحيحين من حديث مالك به .

تفسير الطبري : معنى الآية 46 من سورة غافر


القول في تأويل قوله تعالى : النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ (46)يقول تعالى ذكره مبيِّنا عن سوء العذاب الذي حلّ بهؤلاء الأشقياء من قوم فرعون ذلك الذي حاق بهم من سوء عذاب الله ( النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا ) إنهم لما هلكوا وغرقهم الله, جعلت أرواحهم في أجواف طير سود, فهي تعرض على النار كلّ يوم مرتين ( غُدُوًّا وَعَشِيًّا ) إلى أن تقوم الساعة.
* ذكر من قال ذلك:حدثنا محمد بن بشار, قال: ثنا عبد الرحمن, قال: ثنا سفيان, عن أبي قيس, عن الهذيل بن شرحبيل, قال: أرواح آل فرعون في أجواف طير سود تغدو وتروح على النار, وذلك عرضها.
حدثنا محمد, قال: ثنا أحمد, قال: ثنا أسباط, عن السديّ, قال: بلغني أن أرواح قوم فرعون في أجواف طير سود تعرض على النار غدوّا وعشيًّا, حتى تقوم الساعة.
حدثنا عبد الكريم بن أبي عمير, قال: ثنا حماد بن محمد الفزاري البلخي, قال: سمعت الأوزاعيّ وسأله رجل فقال: رحمك الله, رأينا طيورا تخرج من البحر تأخذ ناحية الغرب بيضا, فوجا فوجا, لا يعلم عددها إلا الله, فإذا كان العشيّ رجع مثلُها سُودا, قال: وفطنتم إلى ذلك؟ قالوا: نعم, قال: إن تلك الطيور في حواصلها أرواح آل فرعون يُعرضون على النار غدوّا وعشيًّا, فترجع إلى وكورها وقد احترقت رياشها, وصارت سوداء, فتنبت عليها من الليل رياش بيض, وتتناثر السود, ثم تغدو, ويُعرضون على النار غدوّا وعشيا, ثم ترجع إلى وكورها, فذلك دَأبُها في الدنيا; فإذا كان يوم القيامة, قال الله ( أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ ) قالوا: وكانوا يقولون: إنهم ستّ مئة ألف مقاتل.
حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: ثني حرملة, عن سليمان بن حميد, قال: سمعت محمد بن كعب القرظي يقول: ليس في الآخرة ليل ولا نصف نهار, وإنما هو بُكرة وعشيّ, وذلك في القرآن في آل فرعون ( يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا ) وكذلك قال لأهل الجنة وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا .
وقيل: عنى بذلك: أنهم يعرضون على منازلهم في النار تعذيبا لهم غدوّا وعشيّا.
* ذكر من قال ذلك:حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا ) قال: يعرضون عليها صباحا ومساء, يقال لهم: يا آل فرعون هذه منازلكم, توبيخا ونقمة وصغارا لهم.
حدثنا محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله: ( غُدُوًّا وَعَشِيًّا ) قال: ما كانت الدنيا.
وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال: إن الله أخبر أن آل فرعون يعرضون على النار غدوّا وعشيّا.
وجائز أن يكون ذلك العرض على النار على نحو ما ذكرناه عن الهذيل ومن قال مثل قوله, وأن يكون كما قال قتادة, ولا خبر يوجب الحجة بأن ذلك المعني به, فلا في ذلك إلا ما دل عليه ظاهر القرآن, وهم أنهم يعرضون على النار غدوا وعشيا, وأصل الغدو والعشي مصادر جعلت أوقاتا.
وكان بعض نحويي البصرة يقول في ذلك: إنما هو مصدر, كما تقول: أتيته ظلاما; جعله ظرفا وهو مصدر.
قال: ولو قلت: موعدك غدوة, أو موعدك ظلام, فرفعته, كما تقول: موعدك يوم الجمعة, لم يحسن, لأن هذه المصادر وما أشبهها من نحو سحر لا تجعل إلا ظرفا; قال: والظرف كله ليس بمتمكن; وقال نحويو الكوفة: لم يسمع في هذه الأوقات, وإن كانت مصادر, إلا التعريب: موعدك يوم موعدك صباح ورواح, كما قال جلّ ثناؤه: غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ فرفع, وذكروا أنهم سمعوا: إنما الطيلسان شهران (2) قالوا: ولم يسمع في الأوقات النكرات إلا الرفع إلا قولهم: إنما سخاؤك أحيانا, وقالوا: إنما جاز ذلك لأنه بمعنى: إنما سخاؤك الحين بعد الحين, فلما كان تأويله الإضافة نصب.
وقوله: ( وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ ) اختلفت القرّاء في قراءة ذلك فقرأته عامة قرّاء أهل الحجاز والعراق سوى عاصم وأبي عمرو ( وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ ) بفتح الألف من أدخلوا في الوصل والقطع بمعنى: الأمر بإدخالهم النار.
وإذا قُرئ ذلك كذلك, كان الآل نصبا بوقوع أدخلوا عليه, وقرأ ذلك عاصم وأبو عمرو: " وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ ادْخُلُوا " بوصل الألف وسقوطها في الوصل من اللفظ, وبضمها إذا ابتدئ بعد الوقف على الساعة, ومن قرأ ذلك كذلك, كان الآل على قراءته نصبا بالنداء, لأن معنى الكلام على قراءته: ادخلوا يا آل فرعون أشدّ العذاب.
والصواب من القول في ذلك عندي أن يقال إنهما قراءتان معروفتان متقاربتا المعنى قد قرأ بكل واحدة منهما جماعة من القرّاء, فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب.
فمعنى الكلام إذن: ويوم تقوم الساعة يقال لآل فرعون: ادخلوا يا آل فرعون أشدّ العذاب, فهذا على قراءة من وصل الألف من ادخلوا ولم يقطع, ومعناه على القراءة الأخرى, ويوم تقوم الساعة يقول الله لملائكته ( أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ ) .
------------------------الهوامش:(2) الطيلسان : شيء كان يضعه العلماء والكبراء حول أعناقهم وعلى أكتافهم اتقاء البرد .
يريد أن مدة لبس الطيلسان شهران .

النار يعرضون عليها غدوا وعشيا ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب

سورة : غافر - الأية : ( 46 )  - الجزء : ( 24 )  -  الصفحة: ( 472 ) - عدد الأيات : ( 85 )

تفسير آيات من القرآن الكريم

  1. تفسير: أم يقولون افترى على الله كذبا فإن يشأ الله يختم على قلبك ويمح الله الباطل
  2. تفسير: ويطوف عليهم غلمان لهم كأنهم لؤلؤ مكنون
  3. تفسير: إلا أصحاب اليمين
  4. تفسير: كذبت قوم لوط بالنذر
  5. تفسير: ألم تر إلى ربك كيف مد الظل ولو شاء لجعله ساكنا ثم جعلنا الشمس عليه
  6. تفسير: ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون
  7. تفسير: قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى والله غني حليم
  8. تفسير: وإذا قيل إن وعد الله حق والساعة لا ريب فيها قلتم ما ندري ما الساعة
  9. تفسير: قل إن ربي يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر ولكن أكثر الناس لا يعلمون
  10. تفسير: حقيق على أن لا أقول على الله إلا الحق قد جئتكم ببينة من ربكم فأرسل

تحميل سورة غافر mp3 :

سورة غافر mp3 : قم باختيار القارئ للاستماع و تحميل سورة غافر

سورة غافر بصوت ماهر المعيقلي
ماهر المعيقلي
سورة غافر بصوت سعد الغامدي
سعد الغامدي
سورة غافر بصوت عبد  الباسط عبد الصمد
عبد الباسط
سورة غافر بصوت أحمد العجمي
أحمد العجمي
سورة غافر بصوت محمد صديق المنشاوي
المنشاوي
سورة غافر بصوت محمود خليل الحصري
الحصري
سورة غافر بصوت مشاري راشد العفاسي
مشاري العفاسي
سورة غافر بصوت ناصر القطامي
ناصر القطامي
سورة غافر بصوت فارس عباد
فارس عباد
سورة غافر بصوت ياسر لدوسري
ياسر الدوسري

,

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب