تفسير الآية - القول في معنى قوله تعالى : قال آمنتم له قبل أن آذن لكم ..
﴿ قَالَ آمَنتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ ۖ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ ۖ فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُم مِّنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَىٰ﴾
[ سورة طه: 71]
معنى و تفسير الآية 71 من سورة طه : قال آمنتم له قبل أن آذن لكم .
تفسير الجلالين | التفسير الميسر | تفسير السعدي |
تفسير البغوي | التفسير الوسيط | تفسير ابن كثير |
تفسير الطبري | تفسير القرطبي | إعراب الآية |
تفسير السعدي : قال آمنتم له قبل أن آذن لكم
فصارت بينة ورحمة للمؤمنين، وحجة على المعاندين فـ { قَالَ } فرعون للسحرة: { آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ }- أي: كيف أقدمتم على الإيمان من دون مراجعة مني ولا إذن؟استغرب ذلك منهم، لأدبهم معه، وذلهم، وانقيادهم له في كل أمر من أمورهم، وجعل هذا من ذاك.ثم استلج فرعون في كفره وطغيانه بعد هذا البرهان، واستخف عقول قومه، وأظهر لهم أن هذه الغلبة من موسى للسحرة، ليس لأن الذي معه الحق، بل لأنه تمالأ هو والسحرة، ومكروا، ودبروا أن يخرجوا فرعون وقومه من بلادهم، فقبل قومه هذا المكر منه، وظنوه صدقا { فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ } مع أن هذه المقالة التي قالها، لا تدخل عقل من له أدنى مسكة من عقل ومعرفة بالواقع، فإن موسى أتى من مدين وحيدا، وحين أتى لم يجتمع بأحد من السحرة ولا غيرهم، بل بادر إلى دعوة فرعون وقومه، وأراهم الآيات، فأراد فرعون أن يعارض ما جاء به موسى فسعى ما أمكنه، وأرسل في مدائنه من يجمع له كل ساحر عليم.فجاءوا إليه، ووعدهم الأجر والمنزلة عند الغلبة، وهم حرصوا غاية الحرص، وكادوا أشد الكيد، على غلبتهم لموسى، وكان منهم ما كان، فهل يمكن أن يتصور مع هذا أن يكونوا دبروا هم وموسى واتفقوا على ما صدر؟ هذا من أمحل المحال، ثم توعد فرعون السحرة فقال: { فلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ }كما يفعل بالمحارب الساعي بالفساد، يقطع يده اليمنى، ورجله اليسرى، { وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ }- أي: لأجل أن تشتهروا وتختزوا، { وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَى } يعني بزعمه هو أو الله، وأنه أشد عذابا من الله وأبقى، قلبا للحقائق، وترهيبا لمن لا عقل له.
تفسير البغوي : مضمون الآية 71 من سورة طه
( قال آمنتم له قبل أن آذن لكم إنه لكبيركم ) لرئيسكم ومعلمكم ، ( الذي علمكم السحر فلأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف ولأصلبنكم في جذوع النخل ) أي : على جذوع النخل ( ولتعلمن أينا أشد عذابا ) ; أنا على إيمانكم به ، أو رب موسى على ترك الإيمان به ؟ ( وأبقى ) أي : أدوم .
التفسير الوسيط : قال آمنتم له قبل أن آذن لكم
أى: قال فرعون للسحرة بعد أن شاهدهم وقد خروا لله-تبارك وتعالى- ساجدين: آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ أى: هل آمنتم لموسى وصدقتموه في دعوته وانقدتم له، قبل أن أعطيكم الإذن بذلك. فالاستفهام للتقريع والتهديد.إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ أى: أن موسى الذي انقدتم له لهو كبيركم وشيخكم الذي علمكم فنون السحر، فأنتم تواطأتم معه. وآمنتم به لأنكم من أتباعه.وغرضه من هذا القول صرف الناس عن التأسى بهم، وعن الإيمان بالحق الذي آمن به السحرة والظهور أمام قومه بمظهر الثبات والتماسك بعد أن استبد به وبهم الخوف والهلع، من هول ما رأوه.ثم أضاف إلى قوله هذا تهديدا أشد فقال: فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ، وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ.أى: فو الله لأقطعن أيديكم اليمنى- مثلا- مع أرجلكم اليسرى، ولأصلبنكم على جذوع النخل، لتكونوا عبرة لغيركم ممن تسول له نفسه أن يفعل فعلكم.فالمراد من قوله «من خلاف» أى: من الجهة المخالفة أو من الجانب بأن يقطع اليد اليمنى ومعها الرجل اليسرى، لأن ذلك أشد على الإنسان من قطعهما من جهة واحدة إذ قطعهما من جهة واحدة يبقى عنده شيء كامل صحيح، بخلاف قطعهما من جهتين مختلفتين فإنه إفساد للجانبين.واختار أن يصلبهم في جذوع النخل، لأن هذه الجذوع أخشن من غيرها والتصليب عليها أشق من التصليب على غيرها، وأظهر للرائى لعلوها عن سواها. فهو لطغيانه وفجوره اختار أقسى ألوان العذاب ليصبها على هؤلاء المؤمنين.قال الجمل: قوله: وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ يحتمل أن يكون حقيقة. وفي التفسير أنه نقر جذوع النخل حتى جوفها ووضعهم فيها فماتوا جوعا وعطشا.ويحتمل أن يكون مجازا وله وجهان: أحدهما: أنه وضع حرفا مكان آخر، والأصل على جذوع النخل، والثاني: أنه شبه تمكنهم بتمكن من حواه الجذع واشتمل عليه.وقال الكرخي «في» بمعنى «على» مجازا، من حيث إنه شبه تمكن المصلوب بالجذع، بتمكن المظروف في الظرف وهذا هو المشهور .وقوله: وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنا أَشَدُّ عَذاباً وَأَبْقى تهديد فوق تهديد، ووعيد إثر وعيد.أى: والله لتعلمن أيها السحرة أينا أشد تعذيبا لكم، وأبقى في إنزال الهلاك بكم، أنا أم موسى وربه.وكأنه بهذا التهديد يريد أن يهون من كل عذاب سوى عذابه لهم، ومن كل عقاب غير عقابه إياهم.وهذا التهديد التي حكاه الله-تبارك وتعالى- هنا، قد جاء ما يشبهه في آيات أخرى منها قوله-تبارك وتعالى-: قالَ فِرْعَوْنُ آمَنْتُمْ بِهِ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ، إِنَّ هذا لَمَكْرٌ مَكَرْتُمُوهُ فِي الْمَدِينَةِ لِتُخْرِجُوا مِنْها أَهْلَها فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ ثُمَّ لَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ .
تفسير ابن كثير : شرح الآية 71 من سورة طه
يقول تعالى مخبرا عن كفر فرعون وعناده وبغيه ومكابرته الحق بالباطل ، حين رأى ما رأى من المعجزة الباهرة والآية العظيمة ، ورأى الذين قد استنصر بهم قد آمنوا بحضرة الناس كلهم وغلب كل الغلب - شرع في المكابرة والبهت ، وعدل إلى استعمال جاهه وسلطانه في السحرة ، فتهددهم وأوعدهم وقال { آمنتم له } أي: صدقتموه { قبل أن آذن لكم } أي: وما أمرتكم بذلك ، وافتتم علي في ذلك . وقال قولا يعلم هو والسحرة والخلق كلهم أنه بهت وكذب : { إنه لكبيركم الذي علمكم السحر } أي أنتم إنما أخذتم السحر عن موسى ، واتفقتم أنتم وإياه علي وعلى رعيتي ، لتظهروه ، كما قال في الآية الأخرى : { إن هذا لمكر مكرتموه في المدينة لتخرجوا منها أهلها فسوف تعلمون } [ الأعراف 123 ] .
ثم أخذ يتهددهم فقال : { فلأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف ولأصلبنكم في جذوع النخل } أي: لأجعلنكم مثلة [ ولأقتلنكم ] ولأشهرنكم .
قال ابن عباس : فكان أول من فعل ذلك . رواه ابن أبي حاتم .
وقوله : { ولتعلمن أينا أشد عذابا وأبقى } أي أنتم تقولون : إني وقومي على ضلالة ، وأنتم مع موسى وقومه على الهدى . فسوف تعلمون من يكون له العذاب ويبقى فيه .
فلما صال عليهم بذلك وتوعدهم ، هانت عليهم أنفسهم في الله عز وجل
تفسير الطبري : معنى الآية 71 من سورة طه
وقوله ( قَالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ ) يقول جلّ ثناؤه: وقال فرعون للسحرة: أصدقتم وأقررتم لموسى بما دعاكم إليه من قبل أن أطلق ذلك لكم ( إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ ) يقول: إن موسى لعظيمكم ( الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ ).كما حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: حُدثت عن وهب بن منبه، قال: لما قالت السحرة ( آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى ) قال لهم فرعون، وأسف ورأى الغلبة والبينة: ( آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ ) : أي لعظيم السحار الذي علمكم.وقوله: ( فَلأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ ) يقول: فلأقطعن أيديكم وأرجلكم مخالفا بين قطع ذلك، وذلك أن يقطع يمنى اليدين ويسرى الرجلين، أو يسرى اليدين، ويمنى الرجلين، فيكون ذلك قطعا من خلاف، وكان فيما ذُكر أوّل من فعل ذلك فرعون، وقد ذكرنا الرواية بذلك. وقوله ( وَلأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ ) يقول: ولأصلبنكم على جذوع النخل، كما قال الشاعر:هُمْ صَلَبُوا العَبْدِيّ فِي جِذعِ نَخْلَةٍفَلا عَطَسَتْ شَيْبان إلا بأجْدَعا ( 2 )يعني على، جذع نخلة، وإنما قيل: في جذوع، لأن المصلوب على الخشبة يرفع في طولها، ثم يصير عليها، فيقال: صلب عليها.حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله ( وَلأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ ) لما رأى السحرة ما جاء به عرفوا أنه من الله فخروا سجدا، وآمنوا عند ذلك، قال عدو الله ( فَلأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ ). .. الآية.حدثنا موسى بن هارون، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسباط، عن السديّ، قال فرعون: ( فَلأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ وَلأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ ) فقتلهم وقطعهم، كما قال عبد الله بن عباس حين قالوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ وقال: كانوا في أوّل النهار سحرة، وفي آخر النهار شهداء.وقوله ( وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَى ) يقول: ولتعلمنَّ أيها السحرة أينا أشدّ عذابا لكم، وأدوم، أنا أو موسى.الهوامش:( 2 ) البيت لسويد بن أبي كاهل اليشكري ( اللسان : عبد ) قال : قال سيبويه : النسبة إلى عبد القيس عبدي ، وهو من القسم الذي أضيف فيه الأول ، لأنهم لو قالوا : قيسي ، لالتبس بالمضاف إلى قيس عيلان ونحوه ، قال سويد بن أبي كاهل : " وهو صلبوا . . . البيت " . قال ابن بري : قوله بأجدعا ، أي بأنف أجدع ، فحذف الموصوف ، وأقام صفته مكانه . واستشهد المؤلف بقوله : صلبوا العبدي في جذع نخلة أي على جذع نخلة ، كقول القرآن : وَلأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ . وإنما ذلك على الاستعارة التبعية في الحرف ( في ) بتشبيه الاستعلاء بالظرفية ، بجامع التمكن في كل منهما
تفسير آيات من القرآن الكريم
- تفسير: ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن
- تفسير: وتبارك الذي له ملك السموات والأرض وما بينهما وعنده علم الساعة وإليه ترجعون
- تفسير: كلوا واشربوا هنيئا بما كنتم تعملون
- تفسير: وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم وكنا لحكمهم شاهدين
- تفسير: يانساء النبي من يأت منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين وكان ذلك على الله
- تفسير: ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون
- تفسير: ثم أدبر يسعى
- تفسير: أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على
- تفسير: طاعة وقول معروف فإذا عزم الأمر فلو صدقوا الله لكان خيرا لهم
- تفسير: قال هذا فراق بيني وبينك سأنبئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبرا
تحميل سورة طه mp3 :
سورة طه mp3 : قم باختيار القارئ للاستماع و تحميل سورة طه
ماهر المعيقلي
سعد الغامدي
عبد الباسط
أحمد العجمي
المنشاوي
الحصري
مشاري العفاسي
ناصر القطامي
فارس عباد
ياسر الدوسري
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب