﴿ إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَىٰ وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدتُّكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا ۖ وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنجِيلَ ۖ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي ۖ وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي ۖ وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَىٰ بِإِذْنِي ۖ وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنكَ إِذْ جِئْتَهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هَٰذَا إِلَّا سِحْرٌ مُّبِينٌ﴾
[ المائدة: 110]

سورة : المائدة - Al-Mā’idah  - الجزء : ( 7 )  -  الصفحة: ( 126 )

(Remember) when Allah will say (on the Day of Resurrection). "O 'Iesa (Jesus), son of Maryam (Mary)! Remember My Favour to you and to your mother when I supported you with Ruh-ul-Qudus [Jibrael (Gabriel)] so that you spoke to the people in the cradle and in maturity; and when I taught you writing, Al-Hikmah (the power of understanding), the Taurat (Torah) and the Injeel (Gospel); and when you made out of the clay, as it were, the figure of a bird, by My Permission, and you breathed into it, and it became a bird by My Permission, and you healed those born blind, and the lepers by My Permission, and when you brought forth the dead by My Permission; and when I restrained the Children of Israel from you (when they resolved to kill you) since you came unto them with clear proofs, and the disbelievers among them said: 'This is nothing but evident magic.' "


بروح القدس : جبريل عليه السلام
في المهد : في زمن الرضاعة قبل أوان الكلام
كهلا : في حال إكتمال القوة( بعد نزوله )
تخلق : تصوّر وتقدر
الأكمة : الأعمى خلقة

إذ قال الله يوم القيامة: يا عيسى ابن مريم اذكر نعمتي عليك إذ خلقتك من غير أب، وعلى والدتك حيث اصطفيتها على نساء العالمين، وبرأتها مما نُسِب إليها، ومن هذه النعم على عيسى أنه قوَّاه وأعانه بجبريل عليه السلام، يكلم الناس وهو رضيع، ويدعوهم إلى الله وهو كبير بما أوحاه الله إليه من التوحيد، ومنها أن الله تعالى علَّمه الكتابة والخط بدون معلم، ووهبه قوة الفهم والإدراك، وعَلَّمه التوراة التي أنزلها على موسى عليه السلام، والإنجيل الذي أنزل عليه هداية للناس، ومن هذه النعم أنه يصوِّر من الطين كهيئة الطير فينفخ في تلك الهيئة، فتكون طيرًا بإذن الله، ومنها أنه يشفي الذي وُلِد أعمى فيبصر، ويشفي الأبرص، فيعود جلده سليمًا بإذن الله، ومنها أنه يدعو الله أن يحييَ الموتى فيقومون من قبورهم أحياء، وذلك كله بإرادة الله تعالى وإذنه، وهي معجزات باهرة تؤيد نبوة عيسى عليه السلام، ثم يذكِّره الله جل وعلا نعمته عليه إذ منع بني إسرائيل حين همُّوا بقتله، وقد جاءهم بالمعجزات الواضحة الدالة على نبوته، فقال الذين كفروا منهم: إنَّ ما جاء به عيسى من البينات سحر ظاهر.

إذ قال الله ياعيسى ابن مريم اذكر نعمتي عليك وعلى والدتك إذ - تفسير السعدي

{ إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلى وَالِدَتِكَ }- أي: اذكرها بقلبك ولسانك، وقم بواجبها شكرا لربك، حيث أنعم عليك نعما ما أنعم بها على غيرك.
{ إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ }- أي: إذ قويتك بالروح والوحي، الذي طهرك وزكاك، وصار لك قوة على القيام بأمر الله والدعوة إلى سبيله.
وقيل: إن المراد "بروح القدس" جبريل عليه السلام، وأن الله أعانه به وبملازمته له، وتثبيته في المواطن المشقة.
{ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا } المراد بالتكليم هنا، غير التكليم المعهود الذي هو مجرد الكلام، وإنما المراد بذلك التكليم الذي ينتفع به المتكلم والمخاطب، وهو الدعوة إلى الله.
ولعيسى عليه السلام من ذلك، ما لإخوانه من أولي العزم من المرسلين، من التكليم في حال الكهولة، بالرسالة والدعوة إلى الخير، والنهي عن الشر، وامتاز عنهم بأنه كلم الناس في المهد، فقال: { إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا } الآية.
{ وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ } فالكتاب يشمل الكتب السابقة، وخصوصا التوراة، فإنه من أعلم أنبياء بني إسرائيل -بعد موسى- بها.
ويشمل الإنجيل الذي أنزله الله عليه.
والحكمة هي: معرفة أسرار الشرع وفوائده وحكمه، وحسن الدعوة والتعليم، ومراعاة ما ينبغي، على الوجه الذي ينبغي.
{ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ }- أي: طيرا مصورا لا روح فيه.
فتنفخ فيه فيكون طيرا بإذن الله، وتبرئ الأكمه الذي لا بصر له ولا عين.
{ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَى بِإِذْنِي } فهذه آيات بيِّنَات، ومعجزات باهرات، يعجز عنها الأطباء وغيرهم، أيد الله بها عيسى وقوى بها دعوته.
{ وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنْكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ } لما جاءهم الحق مؤيدا بالبينات الموجبة للإيمان به.
{ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ } وهموا بعيسى أن يقتلوه، وسعوا في ذلك، فكفَّ الله أيديهم عنه، وحفظه منهم وعصمه.
فهذه مِنَنٌ امتَنَّ الله بها على عبده ورسوله عيسى ابن مريم، ودعاه إلى شكرها والقيام بها، فقام بها عليه السلام أتم القيام، وصبر كما صبر إخوانه من أولي العزم.

تفسير الآية 110 - سورة المائدة

تفسير الجلالين التفسير الميسر تفسير السعدي
تفسير البغوي التفسير الوسيط تفسير ابن كثير
تفسير الطبري تفسير القرطبي إعراب الآية

إذ قال الله ياعيسى ابن مريم اذكر : الآية رقم 110 من سورة المائدة

 سورة المائدة الآية رقم 110

إذ قال الله ياعيسى ابن مريم اذكر نعمتي عليك وعلى والدتك إذ - مكتوبة

الآية 110 من سورة المائدة بالرسم العثماني


﴿ إِذۡ قَالَ ٱللَّهُ يَٰعِيسَى ٱبۡنَ مَرۡيَمَ ٱذۡكُرۡ نِعۡمَتِي عَلَيۡكَ وَعَلَىٰ وَٰلِدَتِكَ إِذۡ أَيَّدتُّكَ بِرُوحِ ٱلۡقُدُسِ تُكَلِّمُ ٱلنَّاسَ فِي ٱلۡمَهۡدِ وَكَهۡلٗاۖ وَإِذۡ عَلَّمۡتُكَ ٱلۡكِتَٰبَ وَٱلۡحِكۡمَةَ وَٱلتَّوۡرَىٰةَ وَٱلۡإِنجِيلَۖ وَإِذۡ تَخۡلُقُ مِنَ ٱلطِّينِ كَهَيۡـَٔةِ ٱلطَّيۡرِ بِإِذۡنِي فَتَنفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيۡرَۢا بِإِذۡنِيۖ وَتُبۡرِئُ ٱلۡأَكۡمَهَ وَٱلۡأَبۡرَصَ بِإِذۡنِيۖ وَإِذۡ تُخۡرِجُ ٱلۡمَوۡتَىٰ بِإِذۡنِيۖ وَإِذۡ كَفَفۡتُ بَنِيٓ إِسۡرَٰٓءِيلَ عَنكَ إِذۡ جِئۡتَهُم بِٱلۡبَيِّنَٰتِ فَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنۡهُمۡ إِنۡ هَٰذَآ إِلَّا سِحۡرٞ مُّبِينٞ  ﴾ [ المائدة: 110]


﴿ إذ قال الله ياعيسى ابن مريم اذكر نعمتي عليك وعلى والدتك إذ أيدتك بروح القدس تكلم الناس في المهد وكهلا وإذ علمتك الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل وإذ تخلق من الطين كهيئة الطير بإذني فتنفخ فيها فتكون طيرا بإذني وتبرئ الأكمه والأبرص بإذني وإذ تخرج الموتى بإذني وإذ كففت بني إسرائيل عنك إذ جئتهم بالبينات فقال الذين كفروا منهم إن هذا إلا سحر مبين ﴾ [ المائدة: 110]

  1. الآية مشكولة
  2. تفسير الآية
  3. استماع mp3
  4. الرسم العثماني
  5. تفسير الصفحة
فهرس القرآن | سور القرآن الكريم : سورة المائدة Al-Mā’idah الآية رقم 110 , مكتوبة بكتابة عادية و كذلك بالشكيل و مصورة مع الاستماع للآية بصوت ثلاثين قارئ من أشهر قراء العالم الاسلامي مع تفسيرها ,مكتوبة بالرسم العثماني لمونتاج فيديو اليوتيوب .
  
   

تحميل الآية 110 من المائدة صوت mp3


تدبر الآية: إذ قال الله ياعيسى ابن مريم اذكر نعمتي عليك وعلى والدتك إذ

إذا ما أنعمَ اللهُ على والدَيك بنعمةٍ فاشكرها؛ فإنها من نِعَمِ الله عليك، وليكن شكرُك قولًا وفعلًا واعتقادًا.
نعمةُ الله على العبد قد تكون بالأصالة، وقد تكون بالتَّبَع، فما أنعمَ الله على أحدٍ نعمةً يصلك من تلك النعمة شيءٌ فهي نعمةٌ عليك بالتَّبع تستحقُّ الشكر أيضًا.
إذا رضيَ اللهُ تعالى عن العبد أنعمَ عليه بالتأييد والحماية، ومدَّ إليه يدَ الإكرام والرعاية.
الدعـوة إلى الله وهدايـةُ الخلـق إليه من أعظم النِّعَم على العبد، فمَن كان داعيةً في صغره وكبره فقد نال من هذه النعمة حظًّا وافرًا.
يا مَن امتنَّ الله عليه بالعلم بدينه، قد خصَّك سبحانه بشيءٍ ممَّا جادَ به على أنبيائه، فاشكره على هذه النعمة، سائلًا إيَّاه أن يزيدك علمًا وينفعك بما علَّمك.
إذا ما أتقنتَ صناعةً أو فنًّا نافعًا فاشكرِ الله سبحانه عليه بتسخيره في خدمة الحقِّ.
لكلِّ قومٍ لغةٌ من البراهين يقتنعون بها، والحكيمُ مَن اختار أقربَ البراهين إلى قلوبِ المخاطَبين.
ليـتَ الغُـلاةَ في عيسـى عليـه السـلام يدركون أن معجزاتِه ما كان لها أن تكونَ لولا إذنُ الله جلَّ جلاله، أفبعدَ هذا يكون إلهًا يعبدونه، أو ربًّا يخضعون له؟! كفُّ شـرِّ الأعـداء من أعظـم النَّعماء، وتسلُّطُهم على الإنسان من غير حمايةٍ من الله من أعظم البلاء.

ثم ذكر- سبحانه - بعض النعم التي أنعم بها على عيسى وأمه فقال: إِذْ قالَ اللَّهُ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلى والِدَتِكَ.
وقوله: إِذْ قالَ اللَّهُ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ بدل من قوله: يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ وقد نصب بإضمار اذكر.
والمعنى: اذكر أيها المخاطب لتعتبر وتتعظ يوم يجمع الله الرسل فيقول لهم ماذا أجبتم؟.
واذكر- أيضا- زيادة في العبرة والعظة قوله- سبحانه - يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ تذكر يا عيسى نعمى المتعددة عليك وعلى والدتك- وعبر بالماضي في قوله: إِذْ قالَ اللَّهُ مع أن هذا القول سيكون في الآخرة، للدلالة على تحقيق الوقوع، وأن هذا القول سيحصل بلا أدنى ريب يوم القيامة.
قال أبو السعود: قوله- تعالى: إِذْ قالَ اللَّهُ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ شروع في بيان ما جرى بينه-تبارك وتعالى- وبين واحد من الرسل المجموعين، من المفاوضة على التفصيل، إثر بيان ما جرى بينه-تبارك وتعالى- وبين الكل على وجه الإجمال ليكون ذلك كالأنموذج لتفاصيل أحوال الباقين، وتخصيص شأن عيسى بالبيان، لما أن شأنه- عليه السلام- متعلق بكلا الفريقين من أهل الكتاب الذين نعت عليهم هذه السورة جناياتهم.
فتفصيل شأنه يكون أعظم عليهم، وأجلب لحسراتهم، وأدخل في صرفهم عن غيهم وعنادهم» .
والمراد بالنعمة في قوله اذْكُرْ نِعْمَتِي النعم المتعددة التي أنعم بها- سبحانه - على عيسى وعلى والدته مريم حيث طهرها من كل ريبة، واصطفاها على نساء العالمين.
وفي ندائه- سبحانه - لعيسى بقوله يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ إشارة إلى أنه ابن لها وليس ابنا لأحد سواها، فقد ولد من غير أب، ومن كان شأنه كذلك لا يصلح أن يكون إلها، لأن الإله الحق لا يمكن أن يكون مولودا أو محدثا.
وقوله: إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا تعديد للنعم التي أنعم الله-تبارك وتعالى- بها على عيسى.
وقوله أَيَّدْتُكَ أى قويتك من التأييد بمعنى التقوية.
والمراد بروح القدس: جبريل- عليه السلام- فإن من وظيفته أن يؤيد الله به رسله بالتعليم الإلهى، وبالتثبيت في المواطن التي من شأن البشر أن يضعفوا فيها.
وقيل: المراد بِرُوحِ الْقُدُسِ روح عيسى حيث أيده- سبحانه - بطبيعة روحانية مطهرة في وقت سادت فيه المادية وسيطرت.
أى: أيدتك بروح الطهارة والنزاهة والكمال، فكنت متسما بهذه الروح الطاهرة من كل سوء.
والمهد: سن الطفولة والصبا- والكهولة: السن التي يكون في أعقاب سن الشباب.
والمعنى: اذكر يا عيسى نعمى عليك وعلى والدتك، وقت أن قويتك بروح القدس الذي تقوم به حجتك، ووقت أن جعلتك تكلم الناس في طفولتك بكلام حكيم لا يختلف عن كلامك معهم في حال كهولتك واكتمال رجولتك.
وقوله: إِذْ أَيَّدْتُكَ ظرف لنعمتي.
أى: اذكر إنعامى عليكما وقت تأييدى لك.
وذكر- سبحانه - كلامه في حال الكهولة- مع أن الكلام في هذه الحالة معهود في الناس- للإيذان بأن كلامه في هاتين الحالتين- المهد والكهولة- كان على نسق واحد بديع صادر عن كمال العقل والتدبير، دون أن يكون هناك فرق بين حالة الضعف وحالة القوة.
قال الرازي: وهذه خاصية شريفة كانت حاصلة له، وما حصلت لأحد من الأنبياء قبله ولا بعده.
وقال ابن كثير: قوله اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ أى في خلقي إياك من أم بلا ذكر، وجعلى إياك آية ودلالة قاطعة على كمال قدرتي وَعَلى والِدَتِكَ حيث جعلتك لها برهانا على براءتها مما نسبه الظالمون والجاهلون إليها من الفاحشة وإِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ وهو جبريل،وجعلتك نبيا داعيا إلى الله في صغرك وكبرك.
فأنطقتك في المهد صغيرا: فشهدت ببراءة أمك من كل عيب.
واعترفت لي بالعبودية.
وأخبرت عن رسالتي إياك ودعوتك إلى عبادتي ولهذا قال: تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا أى: تدعو إلى الله الناس في صغرك وكبرك.
وضمّن تُكَلِّمُ معنى تدعو، لأن كلامه الناس في كهولته ليس بأمر عجيب» .
وقوله: وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ بيان لنعمة أخرى من النعم التي أنعم بها- سبحانه - على عيسى.
والمراد بالكتاب: الكتابة.
أى أن عيسى- عليه السلام- لم يكن أميا بل كان قارئا وكاتبا وقيل المراد به ما سبقه من كتب النبيين كزبور داود، وصحف إبراهيم، وأخبار الأنبياء الذين جاءوا من قبله.
والمراد بالحكمة: الفهم العميق للعلوم مع العمل بما فهمه وإرشاد الغير إليه.
أى: واذكر وقت أن علمتك الكتابة حتى تستطيع أن تتحدى من يعرفونها من قومك.
ووقت أن علمتك الْحِكْمَةَ بحيث تفهم أسرار العلوم فهما سليما تفوق به غيرك، كما علمتك أحكام الكتاب الذي أنزلته على أخيك موسى وهو التوراة وأحكام الكتاب الذي أنزلته عليك وهو الإنجيل.
ثم ذكر- سبحانه - بعض معجزات عيسى، بعد أن بين بعض ما منحه من علم ومعرفة، فقال: وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيها فَتَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِي أى: واذكر وقت أن وفقتك لأن تخلق أى تصور من الطين صورة مماثلة لهيئة الطير فَتَنْفُخُ فِيها أى في تلك الهيئة المصورة فَتَكُونُ أى فتصير تلك الهيئة المصورة طَيْراً بِإِذْنِي أى: تصير كذلك بقدرتي وإرادتى وأمرى.
ثم قال- تعالى: وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وهو الذي يولد أعمى وتبرئ كذلك الْأَبْرَصَ وهو المريض بهذا المرض العضال بِإِذْنِي.
وقوله: وَتُبْرِئُ معطوف على تَخْلُقُ.
وقوله: وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتى بِإِذْنِي معطوف على قوله: وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ.
أى: واذكر وقت أن جعلت من معجزاتك أن تخرج الموتى من القبور أحياء ينطقون ويتحركون.
وكل ذلك بإذنى ومشيئتى وإرادتى.
وقد ذكر المفسرون أن إبراء عيسى للأكمه والأبرص وإحياءه للموتى كان عن طريق الدعاء، وكان دعاؤه يا حي يا قيوم، وذكروا من بين من أحياهم سام بن نوح .
وبعد أن ذكر- سبحانه - بعض المعجزات التي أعطاها لعيسى لكي ينفع بها الناس، أتبعها بذكر ما دفعه عنه من مضار فقال: وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرائِيلَ عَنْكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّناتِ.
أى: واذكر نعمتي عليك وقت أن صرفت عنك اليهود الذين أرادوا السوء، وسعوا في قتلك وصلبك مع أنك قد بشرتهم وأنذرتهم وجئتهم بالمعجزات الواضحات التي تشهد بصدقك في نبوتك.
وقوله فَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ تذييل قصد به ذمهم وتسجيل الحقد والجحود عليهم.
أى: لقد أعطيناك يا عيسى ما أعطيناك من النعم والمعجزات لتكون دليلا ناطقا بصدقك، وشاهدا يحمل الناس على الإيمان بنبوتك، ولكن الكافرين من بنى إسرائيل الذين أرسلت إليهم لم يصدقوا ما جئتهم به من معجزات واضحات، بل سارعوا إلى تكذيبك قائلين: ما هذا الذي جئتنا به يا عيسى إلا سحر ظاهر، وتخييل بين.
وهكذا نرى أن الكافرين من بنى إسرائيل، لم تزدهم البينات التي جاء بها عيسى إلا جحودا وعنادا.
ثم حكى- سبحانه - بعد ذلك ما قاله الحواريون لعيسى، وما طلبوه منه، مما يدل على إكرام الله-تبارك وتعالى- لنبيه عيسى فقال:
قوله تعالى : إذ قال الله ياعيسى ابن مريم اذكر نعمتي عليك وعلى والدتك إذ أيدتك بروح القدس تكلم الناس في المهد وكهلا وإذ علمتك الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل وإذ تخلق من الطين كهيئة الطير بإذني فتنفخ فيها فتكون طيرا بإذني وتبرئ الأكمه والأبرص بإذني وإذ تخرج الموتى بإذني وإذ كففت بني إسرائيل عنك إذ جئتهم بالبينات فقال الذين كفروا منهم إن هذا إلا سحر مبينقوله تعالى : إذ قال الله يا عيسى ابن مريم اذكر نعمتي عليك هذا من صفة يوم القيامة كأنه قال : اذكر يوم يجمع الله الرسل وإذ يقول الله لعيسى كذا ; قاله المهدوي .
و ( عيسى ) يجوز أن يكون في موضع رفع على أن يكون ابن مريم نداء ثانيا ، ويجوز أن يكون في موضع نصب ; لأنه نداء منصوب كما قال :يا حكم بن المنذر بن الجارودولا يجوز الرفع في الثاني إذا كان مضافا إلا عند الطوال .
قوله تعالى : اذكر نعمتي عليك إنما ذكر الله تعالى عيسى نعمته عليه وعلى والدته وإن كان لهما ذاكرا لأمرين : أحدهما : ليتلو على الأمم ما خصهما به من الكرامة ، وميزهما به من علو المنزلة .
الثاني : ليؤكد به حجته ، ويرد به جاحده .
ثم أخذ في تعديد نعمه فقال : إذ أيدتك يعني قويتك ; مأخوذ من الأيد وهو القوة ، وقد تقدم .
وفي روح القدس وجهان : أحدهما : أنها الروح الطاهرة التي خصه الله بها كما تقدم في قوله وروح منه .
الثاني : أنه جبريل عليه السلام وهو الأصح ، كما تقدم في " البقرة " .
تكلم الناس يعني وتكلم الناس في المهد صبيا ، وفي الكهولة نبيا ، وقد تقدم ما في هذا في ( آل عمران ) فلا معنى لإعادته .
كففت معناه دفعت وصرفت بني إسرائيل عنك حين هموا بقتلك إذ جئتهم بالبينات أي الدلالات والمعجزات ، وهي المذكورة في الآية .
فقال الذين كفروا يعني الذين لم يؤمنوا بك وجحدوا نبوتك .
إن هذا أي المعجزات إلا سحر مبين وقرأ حمزة والكسائي " ساحر " أي : إن هذا الرجل إلا ساحر قوي على السحر .


شرح المفردات و معاني الكلمات : قال , الله , عيسى , ابن , مريم , اذكر , نعمتي , والدتك , أيدتك , بروح , القدس , تكلم , الناس , المهد , كهلا , علمتك , الكتاب , الحكمة , التوراة , الإنجيل , تخلق , الطين , كهيئة , الطير , بإذني , فتنفخ , فتكون , طيرا , بإذني , وتبرئ , الأكمه , الأبرص , بإذني , تخرج , الموتى , بإذني , كففت , بني , إسرائيل , جئتهم , البينات , كفروا , سحر , مبين ,
English Türkçe Indonesia
Русский Français فارسی
تفسير انجليزي اعراب

آيات من القرآن الكريم

  1. وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها إن الله كان على كل شيء حسيبا
  2. حتى إذا أخذنا مترفيهم بالعذاب إذا هم يجأرون
  3. إذ قالت امرأة عمران رب إني نذرت لك ما في بطني محررا فتقبل مني إنك
  4. إن هذا القرآن يقص على بني إسرائيل أكثر الذي هم فيه يختلفون
  5. يومئذ يود الذين كفروا وعصوا الرسول لو تسوى بهم الأرض ولا يكتمون الله حديثا
  6. صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين
  7. ولما ورد ماء مدين وجد عليه أمة من الناس يسقون ووجد من دونهم امرأتين تذودان
  8. وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب
  9. كأنه جمالة صفر
  10. وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون

تحميل سورة المائدة mp3 :

سورة المائدة mp3 : قم باختيار القارئ للاستماع و تحميل سورة المائدة

سورة المائدة بصوت ماهر المعيقلي
ماهر المعيقلي
سورة المائدة بصوت سعد الغامدي
سعد الغامدي
سورة المائدة بصوت عبد  الباسط عبد الصمد
عبد الباسط
سورة المائدة بصوت أحمد العجمي
أحمد العجمي
سورة المائدة بصوت محمد صديق المنشاوي
المنشاوي
سورة المائدة بصوت محمود خليل الحصري
الحصري
سورة المائدة بصوت مشاري راشد العفاسي
مشاري العفاسي
سورة المائدة بصوت ناصر القطامي
ناصر القطامي
سورة المائدة بصوت فارس عباد
فارس عباد
سورة المائدة بصوت ياسر لدوسري
ياسر الدوسري


الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Friday, April 19, 2024

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب