﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَىٰ أَن لَّا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ ۙ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾
[ الممتحنة: 12]

سورة : الممتحنة - Al-Mumtahanah  - الجزء : ( 28 )  -  الصفحة: ( 551 )

O Prophet! When believing women come to you to give you the Bai'a (pledge), that they will not associate anything in worship with Allah, that they will not steal, that they will not commit illegal sexual intercourse, that they will not kill their children, that they will not utter slander, intentionally forging falsehood (i.e. by making illegal children belonging to their husbands), and that they will not disobey you in any Ma'ruf (Islamic Monotheism and all that which Islam ordains) then accept their Bai'a (pledge), and ask Allah to forgive them, Verily, Allah is Oft-Forgiving, Most Merciful.


ببُـهتان : بإلصاق اللّـقـطاء بالأزواج
يفترينه : يَختـَـلِقـنه

يا أيها النبي إذا جاءك النساء المؤمنات بالله ورسوله يعاهدنك على ألا يجعلن مع الله شريكًا في عبادته، ولا يسرقن شيئًا، ولا يزنين، ولا يقتلن أولادهن بعد الولادة أو قبلها، ولا يُلحقن بأزواجهن أولادًا ليسوا منهم، ولا يخالفنك في معروف تأمرهن به، فعاهدهن على ذلك، واطلب لهن المغفرة من الله. إن الله غفور لذنوب عباده التائبين، رحيم بهم.

ياأيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على أن لا يشركن بالله شيئا - تفسير السعدي

هذه الشروط المذكورة في هذه الآية، تسمى "مبايعة النساء" اللاتي [كن] يبايعن على إقامة الواجبات المشتركة، التي تجب على الذكور والنساء في جميع الأوقات.وأما الرجال، فيتفاوت ما يلزمهم بحسب أحوالهم ومراتبهم وما يتعين عليهم، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يمتثل ما أمره الله به، فكان إذا جاءته النساء يبايعنه، والتزمن بهذه الشروط بايعهن، وجبر قلوبهن، واستغفر لهن الله، فيما يحصل منهن من التقصير وأدخلهن في جملة المؤمنين بأن { لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا } بأن يفردن الله [وحده] بالعبادة.{ وَلَا يَزْنِينَ } كما كان ذلك موجودا كثيرا في البغايا وذوات الأخدان، { وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ } كما يجري لنساء الجاهلية الجهلاء.{ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ } والبهتان: الافتراء على الغير- أي: لا يفترين بكل حالة، سواء تعلقت بهن وأزواجهن أو سواء تعلق ذلك بغيرهم، { وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ }- أي: لا يعصينك في كل أمر تأمرهن به، لأن أمرك لا يكون إلا بمعروف، ومن ذلك طاعتهن [لك] في النهي عن النياحة، وشق الثياب، وخمش الوجوه، والدعاء بدعاء الجاهلية.{ فَبَايِعْهُنَّ } إذا التزمن بجميع ما ذكر.{ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ } عن تقصيرهن، وتطييبا لخواطرهن، { إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ }- أي: كثير المغفرة للعاصين، والإحسان إلى المذنبين التائبين، { رَحِيمٌ } وسعت رحمته كل شيء، وعم إحسانه البرايا.

تفسير الآية 12 - سورة الممتحنة

تفسير الجلالين التفسير الميسر تفسير السعدي
تفسير البغوي التفسير الوسيط تفسير ابن كثير
تفسير الطبري تفسير القرطبي إعراب الآية

ياأيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على : الآية رقم 12 من سورة الممتحنة

 سورة الممتحنة الآية رقم 12

ياأيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على أن لا يشركن بالله شيئا - مكتوبة

الآية 12 من سورة الممتحنة بالرسم العثماني


﴿ يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ إِذَا جَآءَكَ ٱلۡمُؤۡمِنَٰتُ يُبَايِعۡنَكَ عَلَىٰٓ أَن لَّا يُشۡرِكۡنَ بِٱللَّهِ شَيۡـٔٗا وَلَا يَسۡرِقۡنَ وَلَا يَزۡنِينَ وَلَا يَقۡتُلۡنَ أَوۡلَٰدَهُنَّ وَلَا يَأۡتِينَ بِبُهۡتَٰنٖ يَفۡتَرِينَهُۥ بَيۡنَ أَيۡدِيهِنَّ وَأَرۡجُلِهِنَّ وَلَا يَعۡصِينَكَ فِي مَعۡرُوفٖ فَبَايِعۡهُنَّ وَٱسۡتَغۡفِرۡ لَهُنَّ ٱللَّهَۚ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٞ رَّحِيمٞ  ﴾ [ الممتحنة: 12]


﴿ ياأيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على أن لا يشركن بالله شيئا ولا يسرقن ولا يزنين ولا يقتلن أولادهن ولا يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهن وأرجلهن ولا يعصينك في معروف فبايعهن واستغفر لهن الله إن الله غفور رحيم ﴾ [ الممتحنة: 12]

  1. الآية مشكولة
  2. تفسير الآية
  3. استماع mp3
  4. الرسم العثماني
  5. تفسير الصفحة
فهرس القرآن | سور القرآن الكريم : سورة الممتحنة Al-Mumtahanah الآية رقم 12 , مكتوبة بكتابة عادية و كذلك بالشكيل و مصورة مع الاستماع للآية بصوت ثلاثين قارئ من أشهر قراء العالم الاسلامي مع تفسيرها ,مكتوبة بالرسم العثماني لمونتاج فيديو اليوتيوب .
  
   

تحميل الآية 12 من الممتحنة صوت mp3


تدبر الآية: ياأيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على أن لا يشركن بالله شيئا

كلُّ مسلم رضي بالله ربًّا وبالإسلام دينًا وبمحمَّد ﷺ نبيًّا ورسولًا، في عُنقه بيعةٌ على السَّمع والطاعة، فإيَّاكم ونقضَ بيعتكم.
الطاعة الواجبةُ إنما تكون في المشروع والمعروف، ولا طاعةَ لمخلوق في معصية الخالق.
من رحمة الله بعباده أنَّ بنود البيعة اشتملت على المقوِّمات الكُبرى للعقيدة والحياة، بما يُصلح حالَ العبد والمجتمع والأمَّة.
قوَّة التشريع مستمدَّةٌ من قوَّة الشريعة القائمة على المعروف؛ لأنها حُكم الله الحكيم الخبير، لا من إرادة الحاكم ولا الأمَّة ولا ذي رأي فَطير.

فهذه الآية الكريمة، اشتملت على أحكام متممة للأحكام المشتملة عليها الآيتان السابقتان عليها.
فكأن الله-تبارك وتعالى- يقول: إِذا جاءَكُمُ الْمُؤْمِناتُ مُهاجِراتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ- اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمانِهِنَّ- فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِناتٍ، فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ.. وبايعهن أيها الرسول الكريم على إخلاص العبادة لله-تبارك وتعالى-.
قال القرطبي ما ملخصه: وفي صحيح مسلم عن عائشة قالت: كانت المؤمنات إذا هاجرن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يمتحن بهذه الآية.. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أقررن بذلك من قولهن، قال لهن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «انطلقن فقد بايعتكن» .
ولا والله ما مست يد رسول الله صلى الله عليه وسلم يد امرأة قط، غير أنه بايعهن بالكلام.. وما مست كف رسول الله صلى الله عليه وسلم كف امرأة قط، وكان يقول لهن إذا أخذ عليهن: «قد بايعتكن كلاما».
والمعنى: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا جاءَكَ الْمُؤْمِناتُ يُبايِعْنَكَ أى: مبايعات لك، أو قاصدات مبايعتك، ومعاهدتك على الطاعة لما تأمرهن به، أو تنهاهن عنه.
وأصل المبايعة: مقابلة شيء بشيء على سبيل المعاوضة.
وسميت المعاهدة مبايعة، تشبيها لها بها، فإن الناس إذا التزموا قبول ما شرط عليهم من التكاليف الشرعية، - طمعا في الثواب، وخوفا من العقاب، وضمن لهم صلى الله عليه وسلم ذلك في مقابلة وفائهم بالعهد- صار كأن كل واحد منهم باع ما عنده في مقابل ما عند الآخر.
والمقتضى لهذه المبايعة بعد الامتحان لهن، أنهن دخلن في الإسلام، بعد أن شرع الله-تبارك وتعالى- ما شرع من أحكام وآداب.. فكان من المناسب أن يأخذ النبي صلى الله عليه وسلم عليهن العهود، بأن يلتزمن بالتكاليف التي كلفهن الله-تبارك وتعالى- بها.
ثم بين- سبحانه - ما تمت عليه المبايعة فقال: عَلى أَنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئاً أى:يبايعنك ويعاهدنك على عدم الإشراك بالله-تبارك وتعالى- في أى أمر من الأمور التي تتعلق بالعقيدة أو بالعبادة أو بغيرهما.
وَلا يَسْرِقْنَ وَلا يَزْنِينَ.
أى ويبايعنك- أيضا- على عدم ارتكاب فاحشة السرقة، أو فاحشة الزنا، فإنهما من الكبائر التي نهى الله-تبارك وتعالى- عنها.
وَلا يَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَّ أى: ويبايعنك كذلك، على عدم قتلهن لأولادهن.
والمراد به هنا: النهى عن قتل البنات، وكان ذلك في الجاهلية يقع تارة من الرجال، وأخرى من النساء، فكانت المرأة إذا حانت ولادتها حفرت حفرة، فولدت بجانبها، فإذا ولدت بنتا رمت بها في الحفرة، وسوتها بالتراب، وإذا ولدت غلاما أبقته.
قال ابن كثير: وقوله وَلا يَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَّ وهذا يشمل قتله بعد وجوده، كما كان أهل الجاهلية يقتلون أولادهم خشية الإملاق، ويعم قتله وهو جنين، كما قد يفعله بعض الجهلة من النساء، تطرح نفسها لئلا تحبل، إما لغرض فاسد، أو ما أشبهه وقوله: وَلا يَأْتِينَ بِبُهْتانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ معطوف على ما قبله وداخل تحت النهى.
والبهتان: الخبر الكاذب الصريح في كذبه، والذي يجعل من قيل فيه يقف مبهوتا ومتحيرا من شدة أثر هذا الكذب السافر.
والافتراء: اختلاق الكذب واختراع الشخص له من عند نفسه.
وللمفسرين في معنى هذه الجملة الكريمة أقوال، منها: أن المرأة في الجاهلية كانت تلتقط المولود وتقول لزوجها: هذا ولدي منك، فذلك هو البهتان المفترى بين أيديهن وأرجلهن، لأن الولد إذا وضعته الأم، سقط بين يديها ورجليها.
ويرى بعضهم أن معنى الجملة الكريمة: ولا تأتوا بكذب شنيع تختلقونه من جهة أنفسكم، فاليد والرجل كناية عن الذات، لأن معظم الأفعال بهما، ولذا قيل لمن ارتكب جناية قولية أو فعلية: هذا جزاء ما كسبت يداك .
وقوله- سبحانه -: وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ من الأقوال الجامعة لكل ما يخبر به النبي صلى الله عليه وسلم ويأمر بفعله، أو ينهى عن الاقتراب منه.
ويشمل ذلك النهى عن شق الجيوب، ولطم الخدود، ودعوى الجاهلية وغير ذلك من المنكرات التي نهى الإسلام عنها.
وقوله- سبحانه -: فَبايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ جواب إِذا التي في أول الآية.
أى: إذا جاءك المؤمنات قاصدات لمبايعتك على الالتزام بتعاليم الإسلام، فبايعهن على ذلك ...
واستغفر لهن الله-تبارك وتعالى- عما فرط منهن من ذنوب.
إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ أى: إن الله-تبارك وتعالى- واسع المغفرة والرحمة لعباده المؤمنين.
وهذه المبايعة يبدو أنها وقعت منه صلى الله عليه وسلم للنساء أكثر من مرة: إذ منها ما وقع في أعقاب صلح الحديبية، بعد أن جاءه بعض النساء المؤمنات مهاجرات من دار الكفر إلى دار الإسلام، كما حدث من أم كلثوم بنت عقبة بن أبى معيط، ومن سبيعة الأسلمية، ومن أميمة بنت بشر، ومن غيرهن من النساء اللائي تركن أزواجهن الكفار، وهاجرن إلى دار الإسلام.
ومنها ما وقع في أعقاب فتح مكة، فقد جاء إليه صلى الله عليه وسلم بعد فتحها نساء من أهلها ليبايعنه على الإسلام.
قال الآلوسى: والمبايعة وقعت غير مرة، ووقعت في مكة بعد الفتح، وفي المدينة.
وممن بايعنه صلى الله عليه وسلم في مكة، هند بنت عتبة، زوج أبى سفيان.. فقرأ عليهن صلى الله عليه وسلم الآية، فلما قال.
وَلا يَسْرِقْنَ قالت: والله إنى لأصيب الهنة من مال أبى سفيان ولا أدرى أيحل لي ذلك؟ فقال أبو سفيان: ما أصبت من شيء فيما مضى فهو حلال لك..فلما قرأ صلى الله عليه وسلم وَلا يَزْنِينَ قالت: أو تزنى الحرة؟ ..فلما قرأ وَلا يَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَّ قالت: ربيناهم صغارا وقتلتهم كبارا.
وفي رواية أنها قالت: قتلت الآباء وتوصينا بالأولاد.
فلما قرأ صلى الله عليه وسلم: وَلا يَأْتِينَ بِبُهْتانٍ قالت: والله إن البهتان لقبيح، ولا يأمر الله-تبارك وتعالى- إلا بالرشد ومكارم الأخلاق.
فلما قرأ وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ قالت: والله ما جلسنا مجلسنا هذا وفي أنفسنا أن نعصيك في شيء.
والتقييد بالمعروف، مع أن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يأمر إلا به، للتنبيه على أنه لا يجوز طاعة مخلوق في معصية الخالق.
وتخصيص الأمور المعدودة بالذكر في حقهن، لكثرة وقوعها فيما بينهن .
وقد ذكر الإمام ابن كثير، جملة من الأحاديث التي تدل على أن هذه البيعة قد تمت في أوقات متعددة، وفي أماكن مختلفة، وأنها شملت الرجال والنساء.
ومن هذه الأحاديث ما أخرجه الإمام أحمد عن سلمى بنت قيس- إحدى نساء بنى عدى بن النجار- قالت: جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم نبايعه، في نسوة من الأنصار، فشرط علينا: ألا نشرك بالله شيئا، ولا نسرق، ولا نزني، ولا نقتل أولادنا، ولا نأتى ببهتان نفتريه بين أيدينا وأرجلنا، ولا نعصيه في معروف.. ثم قال صلى الله عليه وسلم «ولا تغششن أزواجكن» .
قالت: فبايعناه، ثم انصرفنا.
فقلت لامرأة منهن: ارجعي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسليه: ما غش أزواجنا؟ فسألته فقال: «تأخذ ماله فتحابى به غيره» .
وفي الصحيحين عن عبادة بن الصامت قال: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في مجلس فقال: بايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئا، ولا تسرقوا، ولا تزنوا، ولا تقتلوا أولادكم.. فمن وفي منكم فأجره على الله، ومن أصاب من ذلك شيئا فعوقب به في الدنيا، فهو كفارة له، ومن أصاب من ذلك شيئا فستره الله عليه، فهو إلى الله، إن شاء غفر له، وإن شاء عذبه .
وكما افتتح- سبحانه - السورة الكريمة بنداء للمؤمنين، نهاهم فيه عن موالاة أعدائه وأعدائهم، اختتمها- أيضا- بنداء لهم، نهاهم فيه مرة أخرى عن مصافاة قوم قد غضب الله عليهم، فقال-تبارك وتعالى-:
قوله تعالى : يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على أن لا يشركن بالله شيئا ولا يسرقن ولا يزنين ولا يقتلن أولادهن ولا يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهن وأرجلهن ولا يعصينك في معروف فبايعهن واستغفر لهن الله إن الله غفور رحيمفيها ثماني مسائل :الأولى : قوله تعالى : يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك لما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة جاء نساء أهل مكة يبايعنه ، فأمر أن يأخذ عليهن ألا يشركن .
وفي صحيح مسلم عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت : كان المؤمنات إذا هاجرن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يمتحن بقول الله تعالى : يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على أن لا يشركن بالله شيئا ولا يسرقن ولا يزنين إلى آخر الآية .
قالت عائشة : فمن أقر بهذا من المؤمنات فقد أقر بالمحنة ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أقررن بذلك من قولهن قال لهن رسول الله صلى الله عليه وسلم : " انطلقن فقد بايعتكن " ولا والله ما مست يد رسول الله يد امرأة قط ، غير أنه بايعهن بالكلام .
قالت عائشة : والله ما أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم على النساء قط إلا بما أمره الله عز وجل ، وما مست كف رسول الله صلى الله عليه وسلم كف امرأة قط ; وكان يقول لهن إذا أخذ عليهن : " قد بايعتكن " كلاما .
وروي أنه عليه الصلاة والسلام بايع النساء وبين يديه وأيديهن ثوب ، وكان يشترط عليهن .
وقيل : لما فرغ من بيعة الرجال جلس على الصفا ومعه عمر أسفل منه ، فجعل يشترط على النساء البيعة وعمر يصافحهن .
وروي أنه كلف امرأة وقفت على الصفا فبايعتهن .
ابن العربي : وذلك ضعيف ، وإنما ينبغي التعويل على ما في الصحيح .
وقالت أم عطية : لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة جمع نساء الأنصار في بيت ، ثم أرسل إلينا عمر بن الخطاب ، فقام على الباب فسلم فرددن عليه السلام ، فقال : أنا رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم إليكن ; ألا تشركن بالله شيئا .
فقلن : نعم .
فمد يده من خارج البيت ومددنا أيدينا من داخل البيت ; ثم قال : اللهم اشهد .
وروى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا بايع النساء دعا بقدح من ماء ، فغمس يده فيه ثم أمر النساء فغمسن أيديهن فيه .
الثانية : روي أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قال : على ألا يشركن بالله شيئا ، قالت هند بنت عتبة وهي منتقبة خوفا من النبي صلى الله عليه وسلم أن يعرفها لما صنعته بحمزة يوم أحد : والله إنك لتأخذ علينا أمرا ما رأيتك أخذته على الرجال ، وكان بايع الرجال يومئذ على الإسلام والجهاد فقط - فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " ولا يسرقن " فقالت هند : إن أبا سفيان رجل شحيح ، وإني أصيب من ماله قوتنا .
فقال أبو سفيان : هو لك حلال .
فضحك النبي صلى الله عليه وسلم وعرفها وقال : " أنت هند " فقالت : عفا الله عما سلف .
ثم قال : " ولا يزنين " فقالت هند : أوتزني الحرة ! ثم قال : " ولا يقتلن أولادهن " أي لا يئدن الموءودات ولا يسقطن الأجنة .
فقالت هند : ربيناهم صغارا وقتلتهم كبارا يوم بدر ، فأنتم وهم أبصر .
وروى مقاتل أنها قالت : ربيناهم صغارا وقتلتموهم كبارا ، وأنتم وهم أعلم .
فضحك عمر بن الخطاب حتى استلقى .
وكان حنظلة بن أبي سفيان وهو بكرها قتل يوم بدر .
ثم قال : ولا يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهن وأرجلهن ولا يعصينك في معروف قيل : معنى بين أيديهن " : ألسنتهن بالنميمة .
ومعنى بين أرجلهن : فروجهن .
وقيل : ما كان بين أيديهن من قبلة أو جسة ، وبين أرجلهن الجماع ، وقيل : المعنى لا يلحقن برجالهن ولدا من غيرهم .
وهذا قول الجمهور .
وكانت المرأة تلتقط ولدا فتلحقه بزوجها وتقول : هذا ولدي منك .
فكان هذا من البهتان والافتراء .
وقيل : ما بين يديها ورجليها كناية عن الولد ; لأن بطنها الذي تحمل فيه الولد بين يديها ، وفرجها الذي تلد منه بين رجليها .
وهذا عام في الإتيان بولد وإلحاقه بالزوج وإن سبق النهي عن الزنى .
وروي أن هندا لما سمعت ذلك قالت : والله إن البهتان لأمر قبيح ; ما تأمر إلا بالأرشد ومكارم الأخلاق ! ثم قال : ولا يعصينك في معروف قال قتادة : لا ينحن .
ولا تخلو امرأة منهن إلا بذي محرم .
وقال سعيد بن المسيب ، ومحمد بن السائب وزيد بن أسلم : هو ألا يخمشن وجها .
ولا يشققن جيبا ، ولا يدعون ويلا ، ولا ينشرن شعرا ، ولا يحدثن الرجال إلا ذا محرم .
وروت أم عطية عن النبي صلى الله عليه وسلم أن ذلك في النوح .
وهو قول ابن عباس .
وروى شهر بن حوشب عن أم سلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا يعصينك في معروف فقال : هو النوح .
وقال مصعب بن نوح : أدركت عجوزا ممن بايع النبي صلى الله عليه وسلم ، فحدثتني عنه عليه الصلاة والسلام في قول : ولا يعصينك في معروف فقال : " النوح " .
وفي صحيح مسلم عن أم عطية لما نزلت هذه الآية : يبايعنك على ألا يشركن بالله شيئا إلى قوله : ولا يعصينك في معروف قال : كان منه النياحة قالت : فقلت : يا رسول الله ، إلا آل فلان فإنهم كانوا أسعدوني في الجاهلية ; فلا بد لي من أن أسعدهم .
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إلا آل فلان " .
وعنها قالت : أخذ علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم مع البيعة ألا ننوح ; فما وفت منا امرأة إلا خمس : أم سليم ، وأم العلاء ، وابنة أبي سبرة امرأة معاذ أو ابنة أبي سبرة ، وامرأة معاذ .
وقيل : إن المعروف هاهنا الطاعة لله ولرسوله ; قاله ميمون بن مهران .
وقال بكر بن عبد الله المزني : لا يعصينك في كل أمر فيه رشدهن .
الكلبي : هو عام في كل معروف أمر الله عز وجل ورسوله به .
فروي أن هندا قالت عند ذلك : ما جلسنا في مجلسنا هذا وفي أنفسنا أن نعصيك في شيء .
الثالثة : ذكر الله عز وجل ورسوله عليه الصلاة والسلام في صفة البيعة خصالا شتى ; صرح فيهن بأركان النهي في الدين ولم يذكر أركان الأمر .
وهي ستة أيضا : الشهادة ، والصلاة ، والزكاة ، والصيام ، والحج ، والاغتسال من الجنابة .
وذلك لأن النهي دائم في كل الأزمان وكل الأحوال ; فكان التنبيه على اشتراط الدائم آكد .
وقيل : إن هذه المناهي كان في النساء كثير من يرتكبها ولا يحجزهن عنها شرف النسب ، فخصت بالذكر لهذا .
ونحو منه قوله عليه الصلاة والسلام لوفد عبد القيس : " وأنهاكم عن الدباء والحنتم والنقير والمزفت " فنبههم على ترك المعصية في شرب الخمر دون سائر المعاصي ، لأنها كانت شهوتهم وعادتهم ، وإذا ترك المرء شهوته من المعاصي هان عليه ترك سائرها مما لا شهوة له فيها .
الرابعة : لما قال النبي صلى الله عليه وسلم في البيعة : " ولا يسرقن " قالت هند : يا رسول الله ، إن أبا سفيان رجل مسيك ، فهل علي حرج أن آخذ ما يكفيني وولدي ؟ قال : " لا إلا بالمعروف " فخشيت هند أن تقتصر على ما يعطيها فتضيع ، أو تأخذ أكثر من ذلك فتكون سارقة ناكثة للبيعة المذكورة .
فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم : لا ؛ أي لا حرج عليك فيما أخذت بالمعروف ، يعني من غير استطالة إلى أكثر من الحاجة .
قال ابن العربي وهذا إنما هو فيما لا يخزنه عنها في حجاب ولا يضبط عليه بقفل فإنه إذا هتكته الزوجة وأخذت منه كانت سارقة تعصي به وتقطع يدها .
الخامسة : قال عبادة بن الصامت : أخذ علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم كما أخذ على النساء : " ألا تشركوا بالله شيئا ، ولا تسرقوا ، ولا تزنوا ، ولا تقتلوا أولادكم ، ولا يعضه بعضكم بعضا ، ولا تعصوا في معروف أمركم به " .
معنى " يعضه " يسحر .
والعضه : السحر .
ولهذا قال ابن بحر وغيره في قوله تعالى : ولا يأتين ببهتان : إنه السحر .
وقال الضحاك : هذا نهي عن البهتان ، أي لا يعضهن رجلا ولا امرأة .
ببهتان أي بسحر .
والله أعلم .
يفترينه بين أيديهن وأرجلهن والجمهور على أن معنى ببهتان بولد يفترينه بين أيديهن ما أخذته لقيطا .
وأرجلهن ما ولدته من زنى .
وقد تقدم .
السادسة : قوله تعالى : ولا يعصينك في معروف في البخاري عن ابن عباس في قوله تعالى : ولا يعصينك في معروف قال : إنما هو شرط شرطه الله للنساء .
واختلف في معناه على ما ذكرنا .
والصحيح أنه عام في جميع ما يأمر به النبي صلى الله عليه وسلم وينهى عنه ; فيدخل فيه النوح وتخريق الثياب وجز الشعر والخلوة بغير محرم إلى غير ذلك .
وهذه كلها كبائر ومن أفعال الجاهلية .
وفي صحيح مسلم عن أبي مالك الأشعري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " أربع في أمتي من أمر الجاهلية فذكر منها النياحة " .
وروى يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " هذه النوائح يجعلن يوم القيامة صفين ، صفا عن اليمين وصفا عن اليسار ، ينبحن كما تنبح الكلاب في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ، ثم يؤمر بهن إلى النار " .
وعنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تصلي الملائكة على نائحة ولا مرنة " .
وروي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه سمع نائحة فأتاها فضربها بالدرة حتى وقع خمارها عن رأسها .
فقيل : يا أمير المؤمنين ، المرأة المرأة ! قد وقع خمارها .
فقال : إنها لا حرمة لها .
أسند جميعه الثعلبي رحمه الله .
أما تخصيص قوله : " في معروف " مع قوة قوله : " ولا يعصينك " ففيه قولان : أحدهما : أنه تفسير للمعنى على التأكيد ; كما قال تعالى : قال رب احكم بالحق لأنه لو قال احكم لكفى .
الثاني : إنما شرط المعروف في بيعة النبي صلى الله عليه وسلم حتى يكون تنبيها على أن غيره أولى بذلك وألزم له وأنفى للإشكال .
السابعة : روى البخاري عن عبادة بن الصامت قال : كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال : " أتبايعونني على ألا تشركوا بالله شيئا ولا تزنوا ولا تسرقوا " - قرأ آية النساء ، وأكثر لفظ سفيان : قرأ في الآية - " فمن وفى منكم فأجره على الله ، ومن أصاب من ذلك شيئا فعوقب فهو كفارة له ، ومن أصاب من ذلك شيئا فستره الله فهو إلى الله ، إن شاء عذبه وإن شاء غفر له منها " .
وفي الصحيحين عن ابن عباس قال : شهدت الصلاة يوم الفطر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان ; فكلهم يصليها قبل الخطبة ثم يخطب ; فنزل نبي الله صلى الله عليه وسلم فكأني أنظر إليه حين يجلس الرجال بيده ، ثم أقبل يشقهم حتى أتى النساء مع بلال فقال : يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على أن لا يشركن بالله شيئا ولا يسرقن ولا يزنين ولا يقتلن أولادهن ولا يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهن وأرجلهن - حتى فرغ من الآية كلها ، ثم قال حين فرغ - : " أنتن على ذلك ؟ " فقالت امرأة واحدة لم يجبه غيرها : نعم يا رسول الله ; لا يدري الحسن من هي .
قال : " فتصدقن " وبسط بلال ثوبه فجعلن يلقين الفتخ والخواتيم في ثوب بلال .
لفظ البخاري .
الثامنة : قال المهدوي : أجمع المسلمون على أنه ليس للإمام أن يشترط عليهن هذا ; والأمر بذلك ندب لا إلزام .
وقال بعض أهل النظر : إذا احتيج إلى المحنة من أجل تباعد الدار كان على إمام المسلمين إقامة المحنة .


شرح المفردات و معاني الكلمات : النبي , جاءك , المؤمنات , يبايعنك , يشركن , الله , يسرقن , يزنين , يقتلن , أولادهن , يأتين , ببهتان , يفترينه , أيديهن , أرجلهن , يعصينك , معروف , فبايعهن , استغفر , الله , غفور , رحيم ,
English Türkçe Indonesia
Русский Français فارسی
تفسير انجليزي اعراب

آيات من القرآن الكريم

  1. ألا إن لله ما في السموات والأرض ألا إن وعد الله حق ولكن أكثرهم لا
  2. الذين يستحبون الحياة الدنيا على الآخرة ويصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا أولئك في ضلال
  3. الحمد لله الذي أنـزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا
  4. ولقد فتنا قبلهم قوم فرعون وجاءهم رسول كريم
  5. أولم يروا أن الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون
  6. واصطنعتك لنفسي
  7. كما أرسلنا فيكم رسولا منكم يتلو عليكم آياتنا ويزكيكم ويعلمكم الكتاب والحكمة ويعلمكم ما لم
  8. علمت نفس ما أحضرت
  9. وكذلك نصرف الآيات وليقولوا درست ولنبينه لقوم يعلمون
  10. الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم وإن فريقا منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون

تحميل سورة الممتحنة mp3 :

سورة الممتحنة mp3 : قم باختيار القارئ للاستماع و تحميل سورة الممتحنة

سورة الممتحنة بصوت ماهر المعيقلي
ماهر المعيقلي
سورة الممتحنة بصوت سعد الغامدي
سعد الغامدي
سورة الممتحنة بصوت عبد  الباسط عبد الصمد
عبد الباسط
سورة الممتحنة بصوت أحمد العجمي
أحمد العجمي
سورة الممتحنة بصوت محمد صديق المنشاوي
المنشاوي
سورة الممتحنة بصوت محمود خليل الحصري
الحصري
سورة الممتحنة بصوت مشاري راشد العفاسي
مشاري العفاسي
سورة الممتحنة بصوت ناصر القطامي
ناصر القطامي
سورة الممتحنة بصوت فارس عباد
فارس عباد
سورة الممتحنة بصوت ياسر لدوسري
ياسر الدوسري


الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Sunday, December 22, 2024

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب