﴿ شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ ۚ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾
[ آل عمران: 18]

سورة : آل عمران - Al Imran  - الجزء : ( 3 )  -  الصفحة: ( 52 )

Allah bears witness that La ilaha illa Huwa (none has the right to be worshipped but He), and the angels, and those having knowledge (also give this witness); (He is always) maintaining His creation in Justice. La ilah illa Huwa (none has the right to be worshipped but He), the All-Mighty, the All-Wise.


قائما بالقسط : مقيما للعدل في كلّ أمر

شهد الله أنه المتفرد بالإلهية، وقَرَنَ شهادته بشهادة الملائكة وأهل العلم، على أجلِّ مشهود عليه، وهو توحيده تعالى وقيامه بالعدل، لا إله إلا هو العزيز الذي لا يمتنع عليه شيء أراده، الحكيم في أقواله وأفعاله.

شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم قائما بالقسط - تفسير السعدي

هذا تقرير من الله تعالى للتوحيد بأعظم الطرق الموجبة له، وهي شهادته تعالى وشهادة خواص الخلق وهم الملائكة وأهل العلم، أما شهادته تعالى فيما أقامه من الحجج والبراهين القاطعة على توحيده، وأنه لا إله إلا هو، فنوع الأدلة في الآفاق والأنفس على هذا الأصل العظيم، ولو لم يكن في ذلك إلا أنه ما قام أحد بتوحيده إلا ونصره على المشرك الجاحد المنكر للتوحيد، وكذلك إنعامه العظيم الذي ما بالعباد من نعمة إلا منه، ولا يدفع النقم إلا هو، والخلق كلهم عاجزون عن المنافع والمضار لأنفسهم ولغيرهم، ففي هذا برهان قاطع على وجوب التوحيد وبطلان الشرك، وأما شهادة الملائكة بذلك فنستفيدها بإخبار الله لنا بذلك وإخبار رسله، وأما شهادة أهل العلم فلأنهم هم المرجع في جميع الأمور الدينية خصوصا في أعظم الأمور وأجلها وأشرفها وهو التوحيد، فكلهم من أولهم إلى آخرهم قد اتفقوا على ذلك ودعوا إليه وبينوا للناس الطرق الموصلة إليه، فوجب على الخلق التزام هذا الأمر المشهود عليه والعمل به، وفي هذا دليل على أن أشرف الأمور علم التوحيد لأن الله شهد به بنفسه وأشهد عليه خواص خلقه، والشهادة لا تكون إلا عن علم ويقين، بمنزلة المشاهدة للبصر، ففيه دليل على أن من لم يصل في علم التوحيد إلى هذه الحالة فليس من أولي العلم.
وفي هذه الآية دليل على شرف العلم من وجوه كثيرة، منها: أن الله خصهم بالشهادة على أعظم مشهود عليه دون الناس، ومنها: أن الله قرن شهادتهم بشهادته وشهادة ملائكته، وكفى بذلك فضلا، ومنها: أنه جعلهم أولي العلم، فأضافهم إلى العلم، إذ هم القائمون به المتصفون بصفته، ومنها: أنه تعالى جعلهم شهداء وحجة على الناس، وألزم الناس العمل بالأمر المشهود به، فيكونون هم السبب في ذلك، فيكون كل من عمل بذلك نالهم من أجره، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، ومنها: أن إشهاده تعالى أهل العلم يتضمن ذلك تزكيتهم وتعديلهم وأنهم أمناء على ما استرعاهم عليه، ولما قرر توحيده قرر عدله، فقال: { قائمًا بالقسط }- أي: لم يزل متصفا بالقسط في أفعاله وتدبيره بين عباده، فهو على صراط مستقيم في ما أمر به ونهى عنه، وفيما خلقه وقدره، ثم أعاد تقرير توحيده فقال { لا إله إلا هو العزيز الحكيم } واعلم أن هذا الأصل الذي هو توحيد الله وإفراده بالعبودية قد دلت عليه الأدلة النقلية والأدلة العقلية، حتى صار لذوي البصائر أجلى من الشمس، فأما الأدلة النقلية فكل ما في كتاب الله وسنة رسوله، من الأمر به وتقريره، ومحبة أهله وبغض من لم يقم به وعقوباتهم، وذم الشرك وأهله، فهو من الأدلة النقلية على ذلك، حتى كاد القرآن أن يكون كله أدلة عليه، وأما الأدلة العقلية التي تدرك بمجرد فكر العقل وتصوره للأمور فقد أرشد القرآن إليها ونبه على كثير منها، فمن أعظمها: الاعتراف بربوبية الله، فإن من عرف أنه هو الخالق الرازق المدبر لجميع الأمور أنتج له ذلك أنه هو المعبود الذي لا تنبغي العبادة إلا له، ولما كان هذا من أوضح الأشياء وأعظمها أكثر الله تعالى من الاستدلال به في كتابه.
ومن الأدلة العقلية على أن الله هو الذي يؤله دون غيره انفراده بالنعم ودفع النقم، فإن من عرف أن النعم الظاهرة والباطنة القليلة والكثيرة كلها من الله، وأنه ما من نقمة ولا شدة ولا كربة إلا وهو الذي ينفرد بدفعها وإن أحدا من الخلق لا يملك لنفسه - فضلا عن غيره- جلب نعمة ولا دفع نقمة، تيقن أن عبودية ما سوى الله من أبطل الباطل وأن العبودية لا تنبغي إلا لمن انفرد بجلب المصالح ودفع المضار، فلهذا أكثر الله في كتابه من التنبيه على هذا الدليل جدا، ومن الأدلة العقلية أيضا على ذلك: ما أخبر به تعالى عن المعبودات التي عبدت من دونه، بأنها لا تملك نفعا ولا ضرا، ولا تنصر غيرها ولا تنصر نفسها، وسلبها الأسماع والأبصار، وأنها على فرض سماعها لا تغني شيئا، وغير ذلك من الصفات الدالة على نقصها غاية النقص، وما أخبر به عن نفسه العظيمة من الصفات الجليلة والأفعال الجميلة، والقدرة والقهر، وغير ذلك من الصفات التي تعرف بالأدلة السمعية والعقلية، فمن عرف ذلك حق المعرفة عرف أن العبادة لا تليق ولا تحسن إلا بالرب العظيم الذي له الكمال كله، والمجد كله، والحمد كله، والقدرة كلها، والكبرياء كلها، لا بالمخلوقات المدبرات الناقصات الصم البكم الذين لا يعقلون، ومن الأدلة العقلية على ذلك ما شاهده العباد بأبصارهم من قديم الزمان وحديثه، من الإكرام لأهل التوحيد، والإهانة والعقوبة لأهل الشرك، وما ذاك إلا لأن التوحيد جعله الله موصلا إلى كل خير دافعا لكل شر ديني ودنيوي، وجعل الشرك به والكفر سببا للعقوبات الدينية والدنيوية، ولهذا إذا ذكر تعالى قصص الرسل مع أمم المطيعين والعاصين، وأخبر عن عقوبات العاصين ونجاة الرسل ومن تبعهم، قال عقب كل قصة: { إن في ذلك لآية }- أي: لعبرة يعتبر بها المعتبرون فيعلمون أن توحيده هو الموجب للنجاة، وتركه هو الموجب للهلاك، فهذه من الأدلة الكبار العقلية النقلية الدالة على هذا الأصل العظيم، وقد أكثر الله منها في كتابه وصرفها ونوعها ليحيى من حي عن بينة، ويهلك من هلك عن بينة فله الحمد والشكر والثناء.

تفسير الآية 18 - سورة آل عمران

تفسير الجلالين التفسير الميسر تفسير السعدي
تفسير البغوي التفسير الوسيط تفسير ابن كثير
تفسير الطبري تفسير القرطبي إعراب الآية

شهد الله أنه لا إله إلا هو : الآية رقم 18 من سورة آل عمران

 سورة آل عمران الآية رقم 18

شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم قائما بالقسط - مكتوبة

الآية 18 من سورة آل عمران بالرسم العثماني


﴿ شَهِدَ ٱللَّهُ أَنَّهُۥ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ وَٱلۡمَلَٰٓئِكَةُ وَأُوْلُواْ ٱلۡعِلۡمِ قَآئِمَۢا بِٱلۡقِسۡطِۚ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ  ﴾ [ آل عمران: 18]


﴿ شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم ﴾ [ آل عمران: 18]

  1. الآية مشكولة
  2. تفسير الآية
  3. استماع mp3
  4. الرسم العثماني
  5. تفسير الصفحة
فهرس القرآن | سور القرآن الكريم : سورة آل عمران Al Imran الآية رقم 18 , مكتوبة بكتابة عادية و كذلك بالشكيل و مصورة مع الاستماع للآية بصوت ثلاثين قارئ من أشهر قراء العالم الاسلامي مع تفسيرها ,مكتوبة بالرسم العثماني لمونتاج فيديو اليوتيوب .
  
   

تحميل الآية 18 من آل عمران صوت mp3


تدبر الآية: شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم قائما بالقسط

شأن التوحيد عظيمٌ ومكانته عالية؛ ولذا شهد الله عليه بنفسه قولًا، وبما نصبَه من دلائله كونًا وشرعًا.
مَن ضعُف علمه بـ ( لا إله إلا الله )، وعَشِيَت بصيرتُه عن مقتضياتها، فليس معدودًا في العلماء وإن تزيَّا بلباسهم، وحشر نفسَه في زُمرتهم.
حسبُ أهل العلم شرفًا أن الله تعالى استشهد بالعلماء على أجلِّ مشهودٍ عليه وهو توحيدُه، وقرَن شهادتهم بشهادته، وبشهادة ملائكته، ولا يستشهد سبحانه من خلقه إلا بالعُدول.
ما أعظمَها من شهادةٍ تضمَّنت الدَّلالةَ على وحدانيَّة الله المنافية للشِّرك، وعدله المنافي للظُّلم، وعزَّته المنافية للعَجز، وحِكمته المنافية للجهل! العزَّة والحكمة صفتان لازمتان للقيام بالقِسط الذي هو وضعُ الأمور في مواضعها، مع القُدرة على إنفاذها.

قال القرطبي: «لما ظهر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بالمدينة قدم عليه حبران من أحبار أهل الشام فلما أبصرا المدينة قال أحدهما للآخر: ما أشبه هذه المدينة بصفة مدينة النبي الذي يخرج في آخر الزمان! فلما دخلا على النبي صلّى الله عليه وسلّم عرفاه بالصفة والنعت فقالا له: أنت محمد؟ قال نعم قالا:وأنت أحمد؟ قال: نعم.
قالا: نسألك عن شهادة فإن أنت أخبرتنا بها آمنا بك وصدقناك.
فقال لهما رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: سلانى.
فقالا: أخبرنا عن الأعظم شهادة في كتاب الله.
فأنزل الله تعالى- على نبيه صلّى الله عليه وسلّم شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُوا الْعِلْمِ قائِماً بِالْقِسْطِ فأسلم الرجلان وصدقا برسول الله صلّى الله عليه وسلّم وقوله تعالى: شَهِدَ اللَّهُ أى بين وأعلم كما يقول:شهد فلان عند القاضي إذا بين وأعلم لمن الحق أو على من هو قال الزجاج: «الشاهد هو الذي يعلم الشيء ويبينه، فقد دلنا الله على وحدانيته بما خلق وبين» .
والمعنى: أخبر الله-تبارك وتعالى- عباده وأعلمهم بالآيات القرآنية التي أنزلها على نبيه، وبالآيات الكونية التي لا يقدر على خلقها أحد سواه، وبغير ذلك من الأدلة القاطعة التي تشهد بوحدانيته، وأنه لا معبود بحق سواه، وأنه هو المنفرد بالألوهية لجميع الخلائق.
وأن الجميع عبيده وفقراء إليه وهو الغنى عن كل ما عداه.
وشهد بذلك «الملائكة» بأن أقروا بأنه هو الواحد الأحد الفرد الصمد فعبدوه حق العبادة، وأطاعوه حق الطاعة، وشهد بذلك أيضا «أولو العلم» بأن اعترفوا له- سبحانه - بالوحدانية، وصدقوا بما جاءهم به الرسول صلّى الله عليه وسلّم وبلغوا ذلك لغيرهم.
قال الزمخشري: شبهت دلالته على وحدانيته بأفعاله الخاصة التي لا يقدر عليها غيره، وبما أوحى من آياته الناطقة بالتوحيد كسورة الإخلاص وآية الكرسي وغيرهما، بشهادة الشاهد في البيان والكشف وكذلك إقرار الملائكة وأولى العلم بذلك واحتجاجهم عليه» .
وقالوا: وفي هذه الآية دليل على فضل العلم وشرف العلماء، فإنه لو كان أحد أشرف من العلماء، لقرنهم الله باسمه واسم ملائكته كما قرن العلماء.
وقال في شرف العلم لنبيه- صلّى الله عليه وسلّم- وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً فلو كان شيء أشرف من العلم لأمر الله نبيه أن يسأله المزيد منه كما أمر أن يستزيده من العلم.
وقال صلّى الله عليه وسلّم «إن العلماء ورثة الأنبياء» وقال: «العلماء أمناء الله على خلقه» .
وهذا شرف للعلماء عظيم ومحل لهم في الدين خطير .
والمراد بأولى العلم هنا جميع العلماء الذين سخروا ما أعطاهم الله من معارف في خدمة عقيدتهم، وفيما ينفعهم وينفع غيرهم، وأخلصوا الله في عبادتهم، وصدقوا في أقوالهم وأفعالهم.
وقدم- سبحانه - الملائكة على أولى العلم، لأن فيهم من هو واسطة لتوصيل العلم إلى ذويه، لأن علمهم كله ضروري بخلاف البشر فإن علمهم منه ما هو ضروري، ومنه ما هو اكتسابى.
وقوله-تبارك وتعالى- قائِماً بِالْقِسْطِ بيان لكماله- سبحانه - في أفعاله إثر بيان كماله في ذاته.
والقسط: العدل.
يقال قسط ويقسط قسطا، وأقسط إقساطا فهو مقسط إذا عدل ومنه إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ.
ويطلق القسط على الجور، والفاعلي قاسط، ومنه «وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا» .
أى: مقيما للعدل في تدبير أمر خلقه، وفي أحكامه.
وفيما يقسم بينهم من الأرزاق والآجال، وفيما يأمر به وينهى عنه، وفي كل شأن من شئونه.
قال الجمل وقائِماً منصوب على أنه حال من الضمير المنفصل الواقع بعد إلا، فتكون الحال أيضا في حيز الشهادة، فيكون المشهود به أمرين: الوحدانية والقيام بالقسط وهذا أحسن من جعله حالا من الاسم الجليل فاعلى شهد، لأن عليه يكون المشهود به الوحدانية فقط والحال ليست في حيز الشهادة.
وقوله لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ تكرير للمشهود به للتأكيد والتقرير، وفيه إشارة إلى مزيد الاعتناء بمعرفة أدلته لأن تثبيت المدعى إنما يكون بالدليل، والاعتناء به يقتضى الاعتناء بأدلته.
الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ صفتان مقررتان لما وصف به ذاته من الوحدانية والعدل.
أى لا إله في هذا الوجود يستحق العبادة بحق إلا الله الْعَزِيزُ الذي لا يمتنع عليه شيء أراده، وينتصر من كل أحد عاقبه أو انتقم منه الْحَكِيمُ في تدبيره فلا يدخله خلل.
قال ابن جرير: «وإنما عنى جل ثناؤه- بهذه الآية نفى ما أضافت النصارى الذين حاجوا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في عيسى من النبوة، وما نسب إليه سائر أهل الشرك: من أن له شريكا، واتخاذهم دونه أربابا، فأخبرهم الله عن نفسه، أنه الخالق كل ما سواه، وأنه رب كل ما اتخذه كل كافر وكل مشرك ربا دونه، وأن ذلك مما يشهد به هو وملائكته وأهل العلم به من خلقه.
فبدأ- جل ثناؤه - بنفسه تعظيما لنفسه، وتنزيها لها عما نسب الذين ذكرنا أمرهم من أهل الشرك به ما نسبوا إليها، كما سن لعباده أن يبدءوا في أمورهم بذكره قبل ذكر غيره مؤدبا خلقه بذلك»هذا، ومن الآثار التي وردت في فضل هذه الآية ما رواه الإمام أحمد عن الزبير بن العوام قال: سمعت النبي صلّى الله عليه وسلّم وهو بعرفة يقرأ هذه الآية شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُوا الْعِلْمِ.. إلى آخر الآية.
فقال صلّى الله عليه وسلّم: «وأنا على ذلك من الشاهدين يا رب» وقال غالب القطان: أتيت الكوفة في تجارة لي فنزلت قريبا من الأعمش فكنت اختلف إليه، فقام في ليلة متهجدا فمر بهذه الآية شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ فقال: وأنا أشهد بما شهد الله به، وأستودع الله هذه الشهادة وهي لي وديعة «إن الدين عند الله الإسلام» ، - قالها مرارا- فقلت.
لقد سمع فيها شيئا فسألته في ذلك فقال: حدثني أبو وائل بن عبد الله قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم «يجاء بصاحبها يوم القيامة فيقول الله-تبارك وتعالى- «عبدى عهد إلى وأنا أحق من وفي العهد ادخلوا عبدى الجنة» .
قوله تعالى : شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم فيه أربع مسائل ( الأولى ) قال سعيد بن جبير : كان حول الكعبة ثلاثمائة وستون صنما ، فلما نزلت هذه الآية خررن سجدا .
وقال الكلبي : لما ظهر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة قدم عليه حبران من أحبار أهل الشام ; فلما أبصرا المدينة قال أحدهما لصاحبه : ما أشبه هذه المدينة بصفة مدينة النبي الذي يخرج في آخر الزمان .
فلما دخلا على النبي - صلى الله عليه وسلم - عرفاه بالصفة والنعت ، فقالا له : أنت محمد ؟ قال ( نعم ) .
قالا : وأنت أحمد ؟ قال : ( نعم ) .
قالا : نسألك عن شهادة ، فإن أنت أخبرتنا بها آمنا بك وصدقناك .
فقال لهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( سلاني ) .
فقالا : أخبرنا عن أعظم شهادة في كتاب الله .
فأنزل الله تعالى على نبيه - صلى الله عليه وسلم - شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم قائما بالقسط فأسلم الرجلان وصدقا برسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
وقد قيل : إن المراد بأولي العلم الأنبياء عليهم السلام .
وقال ابن كيسان : المهاجرون والأنصار .
مقاتل : مؤمنو أهل الكتاب السدي والكلبي : المؤمنون كلهم ; وهو الأظهر لأنه عام .
( الثانية ) في هذه الآية دليل على فضل العلم وشرف العلماء وفضلهم ; فإنه لو كان أحد أشرف من العلماء لقرنهم الله باسمه واسم ملائكته كما قرن اسم العلماء .
وقال في شرف العلم لنبيه - صلى الله عليه وسلم - : وقل رب زدني علما .
فلو كان شيء أشرف من العلم لأمر الله تعالى نبيه - صلى الله عليه وسلم - أن يسأله المزيد منه كما أمر أن يستزيده من العلم .
وقال - صلى الله عليه وسلم - : إن العلماء ورثة الأنبياء .
وقال : العلماء أمناء الله على خلقه .
وهذا شرف للعلماء عظيم ، ومحل لهم في الدين خطير .
وخرج أبو محمد عبد الغني الحافظ من حديث بركة بن نشيط - وهو عنكل بن حكارك وتفسيره بركة بن نشيط - وكان حافظا ، حدثنا عمر بن المؤمل حدثنا محمد بن أبي الخصيب حدثنا عنكل حدثنا محمد بن إسحاق حدثنا شريك عن أبي إسحاق عن البراء قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : العلماء ورثة الأنبياء يحبهم أهل السماء ويستغفر لهم الحيتان في البحر إذا ماتوا إلى يوم القيامة وفي هذا الباب عن أبي الدرداء خرجه أبو داود .
( الثالثة ) روى غالب القطان قال : أتيت الكوفة في تجارة فنزلت قريبا من الأعمش فكنت أختلف إليه .
فلما كان ليلة أردت أن أنحدر إلى البصرة قام فتهجد من الليل فقرأ بهذه الآية : شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم .
إن الدين عند الله الإسلام ، قال الأعمش : وأنا أشهد بما شهد الله به ، وأستودع الله هذه الشهادة ، وهي لي عند الله وديعة ، وإن الدين عند الله الإسلام - قالها مرارا - فغدوت إليه وودعته ثم قلت : إني سمعتك تقرأ هذه الآية فما بلغك فيها ؟ أنا عندك منذ سنة لم تحدثني به .
قال : والله لا حدثتك به سنة .
قال : فأقمت وكتبت على بابه ذلك اليوم ، فلما مضت السنة قلت : يا أبا محمد قد مضت السنة .
قال : حدثني أبو وائل ، عن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : يجاء بصاحبها يوم القيامة فيقول الله تعالى : عبدي عهد إلي وأنا أحق من وفى أدخلوا عبدي الجنة .
قال أبو الفرج الجوزي : غالب القطان هو غالب بن خطاف القطان ، يروي عن الأعمش حديث ( شهد الله ) وهو حديث معضل .
قال ابن عدي الضعف على حديثه بين .
وقال أحمد بن حنبل : غالب بن خطاف القطان ثقة ثقة .
وقال ابن معين : ثقة .
وقال أبو حاتم : صدوق صالح .
قلت : يكفيك من عدالته وثقته أن خرج له البخاري ومسلم في كتابيهما ، وحسبك .
وروي من حديث أنس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : من قرأ شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم عند منامه خلق الله له سبعين ألف ملك يستغفرون له إلى يوم القيامة .
ويقال من أقر بهذه الشهادة عن عقد من قلبه فقد قام بالعدل .
وروي عن سعيد بن جبير أنه قال : كان حول الكعبة ثلاثمائة وستون صنما لكل حي من أحياء العرب صنم أو صنمان .
فلما نزلت هذه الآية أصبحت الأصنام قد خرت ساجدة لله .
( الرابعة ) قوله تعالى : شهد الله أي بين وأعلم ; كما يقال : شهد فلان عند القاضي إذا بين وأعلم لمن الحق ، أو على من هو .
قال الزجاج : الشاهد هو الذي يعلم الشيء ويبينه ; فقد دلنا الله تعالى على وحدانيته بما خلق وبين .
وقال أبو عبيدة : شهد الله بمعنى قضى الله ، أي أعلم .
وقال ابن عطية : وهذا مردود من جهات .
وقرأ الكسائي بفتح " أن " في قوله أنه لا إله إلا هو وقوله " أن الدين " .
قال المبرد : التقدير : أن الدين عند الله الإسلام بأنه لا إله إلا هو ، ثم حذفت الباء كما قال : أمرتك الخير .
أي بالخير .
قال الكسائي : أنصبهما جميعا ، بمعنى شهد الله أنه كذا ، وأن الدين عند الله .
قال ابن كيسان : " أن " الثانية بدل من الأولى ; لأن الإسلام تفسير المعنى الذي هو التوحيد .
وقرأ ابن عباس فيما حكى الكسائي " شهد الله إنه " بالكسر أن الدين " بالفتح .
والتقدير : شهد الله أن الدين الإسلام ، ثم ابتدأ فقال : إنه لا إله إلا هو .
وقرأ أبو المهلب وكان قارئا - شهداء الله بالنصب على الحال ، وعنه " شهداء الله " .
وروى شعبة عن عاصم عن زر عن أبي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يقرأ " أن الدين عند الله الحنيفية لا اليهودية ولا النصرانية ولا المجوسية " .
قال أبو بكر الأنباري : ولا يخفى على ذي تمييز أن هذا الكلام من النبي - صلى الله عليه وسلم - على جهة التفسير ، أدخله بعض من نقل الحديث في القرآن .
وقائما نصب على الحال المؤكدة من اسمه تعالى في قوله شهد الله أو من قوله إلا هو .
وقال الفراء : هو نصب على القطع ، كان أصله القائم ، فلما قطعت الألف واللام نصب كقوله : وله الدين واصبا .
وفي قراءة عبد الله " القائم بالقسط " على النعت ، والقسط العدل .
لا إله إلا هو العزيز الحكيم كرر لأن الأولى حلت محل الدعوى ، والشهادة الثانية حلت محل الحكم .
وقال جعفر الصادق : الأولى وصف وتوحيد ، والثانية رسم وتعليم ; يعني قولوا لا إله إلا الله العزيز الحكيم .


شرح المفردات و معاني الكلمات : شهد , الله , إله , الملائكة , أولو , العلم , قائما , القسط , إله , العزيز , الحكيم , لا+إله+إلا+هو , قائما+بالقسط , أولو+العلم , العزيز+الحكيم ,
English Türkçe Indonesia
Русский Français فارسی
تفسير انجليزي اعراب

آيات من القرآن الكريم


تحميل سورة آل عمران mp3 :

سورة آل عمران mp3 : قم باختيار القارئ للاستماع و تحميل سورة آل عمران

سورة آل عمران بصوت ماهر المعيقلي
ماهر المعيقلي
سورة آل عمران بصوت سعد الغامدي
سعد الغامدي
سورة آل عمران بصوت عبد  الباسط عبد الصمد
عبد الباسط
سورة آل عمران بصوت أحمد العجمي
أحمد العجمي
سورة آل عمران بصوت محمد صديق المنشاوي
المنشاوي
سورة آل عمران بصوت محمود خليل الحصري
الحصري
سورة آل عمران بصوت مشاري راشد العفاسي
مشاري العفاسي
سورة آل عمران بصوت ناصر القطامي
ناصر القطامي
سورة آل عمران بصوت فارس عباد
فارس عباد
سورة آل عمران بصوت ياسر لدوسري
ياسر الدوسري


الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Tuesday, December 17, 2024

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب