﴿ إِن تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلًا كَرِيمًا﴾
[ النساء: 31]

سورة : النساء - An-Nisa  - الجزء : ( 5 )  -  الصفحة: ( 83 )

If you avoid the great sins which you are forbidden to do, We shall remit from you your (small) sins, and admit you to a Noble Entrance (i.e. Paradise).


سيِّئاتكم : ذنوبكم الصّغائر
مُدْخلاً كريمًا : مكانًا حسنًا شريفًا و هو الجنَّة

إن تبتعدوا -أيها المؤمنون- عن كبائر الذنوب كالإشراك بالله وعقوق الوالدين وقَتْلِ النفس بغير الحق وغير ذلك، نكفِّر عنكم ما دونها من الصغائر، وندخلكم مدخلا كريمًا، وهو الجنَّة.

إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلا كريما - تفسير السعدي

وهذا من فضل الله وإحسانه على عباده المؤمنين وعدهم أنهم إذا اجتنبوا كبائر المنهيات غفر لهم جميع الذنوب والسيئات وأدخلهم مدخلا كريما كثير الخير وهو الجنة المشتملة على ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر.
ويدخل في اجتناب الكبائر فعل الفرائض التي يكون تاركها مرتكبا كبيرة، كالصلوات الخمس، والجمعة، وصوم رمضان، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم "الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهما ما اجتنبت الكبائر" .
وأحسن ما حُدت به الكبائر، أن الكبيرة ما فيه حد في الدنيا، أو وعيد في الآخرة، أو نفي إيمان، أو ترتيب لعنة، أو غضب عليه.

تفسير الآية 31 - سورة النساء

تفسير الجلالين التفسير الميسر تفسير السعدي
تفسير البغوي التفسير الوسيط تفسير ابن كثير
تفسير الطبري تفسير القرطبي إعراب الآية

إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر : الآية رقم 31 من سورة النساء

 سورة النساء الآية رقم 31

إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلا كريما - مكتوبة

الآية 31 من سورة النساء بالرسم العثماني


﴿ إِن تَجۡتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنۡهَوۡنَ عَنۡهُ نُكَفِّرۡ عَنكُمۡ سَيِّـَٔاتِكُمۡ وَنُدۡخِلۡكُم مُّدۡخَلٗا كَرِيمٗا  ﴾ [ النساء: 31]


﴿ إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلا كريما ﴾ [ النساء: 31]

  1. الآية مشكولة
  2. تفسير الآية
  3. استماع mp3
  4. الرسم العثماني
  5. تفسير الصفحة
فهرس القرآن | سور القرآن الكريم : سورة النساء An-Nisa الآية رقم 31 , مكتوبة بكتابة عادية و كذلك بالشكيل و مصورة مع الاستماع للآية بصوت ثلاثين قارئ من أشهر قراء العالم الاسلامي مع تفسيرها ,مكتوبة بالرسم العثماني لمونتاج فيديو اليوتيوب .
  
   

تحميل الآية 31 من النساء صوت mp3


تدبر الآية: إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلا كريما

العمل الصالح ليس محصورًا بالفعل، بل منه ما يكون بالتَّرك؛ ابتغاءَ وجه الله.
سبحان من يعلم ضعفَ عباده عن الامتناع عن الصغائر؛ فلا يحجُزهم عن الجنَّة بارتكابهم إيَّاها، وإنما يَعِدُهم بالمغفرة ما اجتنبوا الكبائر، فتركُ الكبائر مَدرَجٌ لغفران الصغائر.

وبعد هذا الوعيد الشديد لكل معتد وظالم، فتح القرآن الكريم باب الرحمة للناس حتى لا يقنطوا من رحمة الله فقال-تبارك وتعالى- إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيماً.
واجتناب الشيء معناه: المباعدة عنه وتركه جانبا بحيث تكون أنت في جانب وهو في جانب آخر ولا تلاقى بينكما.
وكبائر الذنوب: ما عظم منها، وعظمت العقوبة عليه.
كالشرك، وقتل النفس بغير حق، وأكل مال اليتيم ونحو ذلك من المحرمات.
والسيئات: جمع سيئة وهي الفعلة القبيحة، وسميت بذلك لأنها تسوء صاحبها عاجلا أو آجلا.
والمراد بالسيئات هنا: صغائر الذنوب بدليل مقابلتها بالكبائر.
والمعنى: إن تتركوا- يا معشر المؤمنين- كبائر الذنوب التي نهاكم الشرع عن اقترافها،نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ أى نسترها عليكم، ونمحها عنكم حتى تصير بمنزلة ما لم يعمل فضلا من الله عليكم، ورحمة بكم.
وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيماً أى وندخلكم في الآخرة مدخلا حسنا وهو الجنة التي وعد الله بها عباده الصالحين.
فهي مكان طيب يجد من يحل فيه الكثير من كرم الله ورضاه.
والمدخل- بضم الميم- كما قرأه الجمهور مصدر بمعنى الإدخال، ومفعول ندخلكم محذوف أى نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم إدخالا كريما.
ويصح أن يكون اسم مكان منصوبا على الظرفية عند سيبويه، وعلى المفعولية عند الأخفش.
وقرأ نافع مُدْخَلًا- بفتح الميم- على أنه اسم مكان للدخول، ويجوز أن يكون مصدرا ميميا.
أى ندخلكم مكانا كريما أو ندخلكم دخولا كريما.
هذا، وقد استدل العلماء بهذه الآية على أن صغائر الذنوب يغفرها الله-تبارك وتعالى- لعباده رحمة منه وكرما متى اجتنبوا كبائر الذنوب، وصدقوا في توبتهم إليه.
كما استدلوا بها على أن الذنوب منها الكبائر ومنها الصغائر لأن هذه الآية قد فصلت بين كبائر الذنوب وبين ما يكفر باجتنابها وهو صغار الذنوب المعبر عنها بقوله-تبارك وتعالى-: نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ.
ولأن الله-تبارك وتعالى- يقول في موضع آخر وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَساؤُا بِما عَمِلُوا، وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى.
الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَواحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ واسِعُ الْمَغْفِرَةِ.
قال الآلوسى ما ملخصه: واختلفوا في حد الكبيرة على أقوال منها: أنها كل معصية أوجبت الحد.
ومنها: أنها كل جريمة تؤذن بقلة اكتراث مرتكبها بالدين وبضعف ديانته.
وقال الواحدي: الصحيح أن الكبيرة ليس لها حد يعرفها العباد به، وإلا لاقتحم الناس الصغائر واستباحوها.
ولكن الله-تبارك وتعالى- أخفى ذلك عن العباد ليجتهدوا في اجتناب المنهي عنه رجاء أن تجتنب الكبائر.
ونظير ذلك إخفاء الصلاة الوسطى، وليلة القدر.
وساعة الإجابة.
وذهب جماعة إلى ضبطها بالعد من غير ضبط بحد.
فعن ابن عباس وغيره أنها ما ذكره الله-تبارك وتعالى- من أول هذه السورة إلى هنا.
وقيل هي سبع بدليل ما جاء في الصحيحين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: اجتنبوا السبع الموبقات قالوا: وما هن يا رسول الله؟ قال: الشرك بالله-تبارك وتعالى- والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل مال اليتيم، وأكل الربا، والتولي يوم الزحف وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات» .
فإن قيل: جاء في روايات أخرى أن من الكبائر «اليمين الغموس» و «قول الزور» و «عقوق الوالدين» ؟ قلنا في الجواب: إن ذلك محمول على أنه صلى الله عليه وسلم ذكر ما ذكر منها قصدا لبيان المحتاج منها وقت الذكر وليس لحصره الكبائر فيه- فإن النص على هذه السيع بأنهن كبائر لا ينفى ما عداهن».
والذي نراه أن الذنوب منها الكبائر ومنها الصغائر، وأن الصغائر يغفرها الله لعباده متى اجتنبوا الكبائر وأخلصوا دينهم لله، وأن الكبائر هي ما حذر الشرع من ارتكابها تحذيرا شديدا، وتوعد مرتكبها بسوء المصير، كالإشراك بالله، وقتل النفس بغير حق وغير ذلك من الفواحش التي يؤدى ارتكابها إلى إفساد شأن الأفراد والجماعات والتي ورد النهى عنها في كثير من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية.
وأن الصغائر، هي الذنوب اليسيرة التي يرتكبها الشخص من غير إصرار عليها ولا استهانة بها أو مداومة عليها، بل يعقبها بالتوبة الصادقة والعمل الصالح وصدق الله إذ يقول: وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ ذلِكَ ذِكْرى لِلذَّاكِرِينَ، ولقد فتح الله-تبارك وتعالى- لعباده باب التوبة من الذنوب صغيرها وكبيرها حتى لا ييأسوا من رحمته فقال- سبحانه -: وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ، وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ، وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً.
يُضاعَفْ لَهُ الْعَذابُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهاناً.
إِلَّا مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صالِحاً فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ، وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً ثم نهى- سبحانه - عن التحاسد وعن تمنى ما فضل الله به بعض الناس على بعض من المال ونحوه مما يجرى فيه التنافس، وبين- سبحانه - أنه قد جعل لكل إنسان حقا معينا فيما تركه الوالدان والأقربون فقال-تبارك وتعالى-:
قوله تعالى : إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلا كريمافيه مسألتان :الأولى : لما نهى تعالى في هذه السورة عن آثام هي كبائر ، وعد على اجتنابها التخفيف من الصغائر ، ودل هذا على أن في الذنوب كبائر وصغائر .
وعلى هذا جماعة أهل التأويل وجماعة الفقهاء ، وأن اللمسة والنظرة تكفر باجتناب الكبائر قطعا بوعده الصدق وقوله الحق ، لا أنه يجب عليه ذلك .
ونظير الكلام في هذا ما تقدم بيانه في قبول التوبة في قوله تعالى : إنما التوبة على الله ، فالله تعالى يغفر الصغائر باجتناب الكبائر ، لكن بضميمة أخرى إلى الاجتناب وهي إقامة الفرائض .
روى مسلم عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات ما بينهن إذا اجتنب الكبائر .
وروى أبو حاتم البستي في صحيح مسنده عن أبي هريرة وأبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جلس على المنبر ثم قال : والذي نفسي بيده ثلاث مرات ، ثم سكت فأكب كل رجل منا يبكي حزينا ليمين رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال : ما من عبد يؤدي الصلوات الخمس ويصوم رمضان ويجتنب الكبائر السبع إلا فتحت له ثمانية أبواب من الجنة يوم القيامة حتى إنها لتصفق ثم تلا إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم .
فقد تعاضد الكتاب وصحيح السنة بتكفير الصغائر قطعا كالنظر وشبهه .
وبينت السنة أن المراد ب تجتنبوا ليس كل الاجتناب لجميع الكبائر .
والله أعلم .
وأما الأصوليون فقالوا : لا يجب على القطع تكفير الصغائر باجتناب الكبائر ، وإنما محمل ذلك على غلبة الظن وقوة الرجاء والمشيئة ثابتة .
ودل على ذلك أنه لو قطعنا لمجتنب الكبائر وممتثل الفرائض تكفير صغائره قطعا لكانت له في حكم المباح الذي يقطع بألا تباعة فيه ، وذلك نقض لعرى الشريعة .
ولا صغيرة عندنا .
قال القشيري عبد الرحيم : والصحيح أنها كبائر ولكن بعضها أعظم وقعا من بعض ، والحكمة في عدم التمييز أن يجتنب العبد جميع المعاصي .
قلت : وأيضا فإن من نظر إلى نفس المخالفة كما قال بعضهم : - لا تنظر إلى صغر الذنب ولكن انظر من عصيت - كانت الذنوب بهذه النسبة كلها كبائر ، وعلى هذا النحو يخرج كلام القاضي أبي بكر بن الطيب والأستاذ أبي إسحاق الإسفراييني وأبي المعالي وأبي نصر عبد الرحيم القشيري وغيرهم ؛ قالوا : وإنما يقال لبعضها صغيرة بالإضافة إلى ما هو أكبر منها ، كما يقال الزنى صغيرة بإضافته إلى الكفر ، والقبلة المحرمة صغيرة بالنسبة إلى الزنى ، ولا ذنب عندنا يغفر باجتناب ذنب آخر ، بل كل ذلك كبيرة ومرتكبه في المشيئة غير الكفر ، لقوله تعالى : إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء واحتجوا بقراءة من قرأ " إن تجتنبوا كبير ما تنهون عنه " على التوحيد ؛ وكبير الإثم الشرك .
قالوا : وعلى الجمع فالمراد أجناس الكفر .
والآية التي قيدت الحكم فترد إليها هذه المطلقات كلها قوله تعالى : ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء .
واحتجوا بما رواه مسلم وغيره عن أبي أمامة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه فقد أوجب الله له النار وحرم عليه الجنة فقال له رجل : يا رسول الله ، وإن كان شيئا يسيرا ؟ قال : وإن كان قضيبا من أراك .
فقد جاء الوعيد الشديد على اليسير كما جاء على الكثير .
وقال ابن عباس : الكبيرة كل ذنب ختمه الله بنار أو غضب أو لعنة أو عذاب .
وقال ابن مسعود : الكبائر ما نهى الله عنه في هذه السورة إلى ثلاث وثلاثين آية ؛ وتصديقه قوله تعالى : إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه .
وقال طاوس : قيل لابن عباس الكبائر سبع ؟ قال : هي إلى السبعين أقرب .
وقال سعيد بن جبير : قال رجل لابن عباس الكبائر سبع ؟ قال : هي إلى السبعمائة أقرب منها إلى السبع ؛ غير أنه لا كبيرة مع استغفار ولا صغيرة مع إصرار .
وروي عن ابن مسعود أنه قال : الكبائر أربعة : اليأس من روح الله ، والقنوط من رحمة الله ، والأمن من مكر الله ، والشرك بالله ؛ دل عليها القرآن .
وروي عن ابن عمر : هي تسع : قتل النفس ، وأكل الربا ، وأكل مال اليتيم ، ورمي المحصنة ، وشهادة الزور ، وعقوق الوالدين ، والفرار من الزحف ، والسحر ، والإلحاد في البيت الحرام .
ومن الكبائر عند العلماء : القمار والسرقة وشرب الخمر وسب السلف الصالح وعدول الحكام عن الحق واتباع الهوى واليمين الفاجرة والقنوط من رحمة الله وسب الإنسان أبويه - بأن يسب رجلا فيسب ذلك الرجل أبويه - والسعي في الأرض فسادا - ؛ إلى غير ذلك مما يكثر تعداده حسب ما جاء بيانها في القرآن ، وفي أحاديث خرجها الأئمة ، وقد ذكر مسلم في كتاب الإيمان منها جملة وافرة .
وقد اختلف الناس في تعدادها وحصرها لاختلاف الآثار فيها ؛ والذي أقول : إنه قد جاءت فيها أحاديث كثيرة صحاح وحسان لم يقصد بها الحصر ، ولكن بعضها أكبر من بعض بالنسبة إلى ما يكثر ضرره ، فالشرك أكبر ذلك كله ، وهو الذي لا يغفر لنص الله تعالى على ذلك ، وبعده اليأس من رحمة الله ؛ لأن فيه تكذيب القرآن ؛ إذ يقول وقوله الحق : ورحمتي وسعت كل شيء وهو يقول : لا يغفر له ؛ فقد حجر واسعا .
هذا إذا كان معتقدا لذلك ؛ ولذلك قال الله تعالى : إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون .
وبعده القنوط ؛ قال الله تعالى : ومن يقنط من رحمة ربه إلا الضالون .
وبعده الأمن من مكر الله فيسترسل في المعاصي ويتكل على رحمة الله من غير عمل ؛ قال الله تعالى : أفأمنوا مكر الله فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون .
وقال تعالى : وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم أرداكم فأصبحتم من الخاسرين .
وبعده القتل ؛ لأن فيه إذهاب النفوس وإعدام الوجود ، واللواط فيه قطع النسل ، والزنى فيه اختلاط الأنساب بالمياه ، والخمر فيه ذهاب العقل الذي هو مناط التكليف ، وترك الصلاة والأذان فيه ترك إظهار شعائر الإسلام ، وشهادة الزور فيها استباحة الدماء والفروج والأموال ، إلى غير ذلك مما هو بين الضرر ؛ فكل ذنب عظم الشرع التوعد عليه بالعقاب وشدده ، أو عظم ضرره في الوجود كما ذكرنا فهو كبيرة وما عداه صغيرة .
فهذا يربط لك هذا الباب ويضبطه ، والله أعلم .
الثانية : قوله تعالى : وندخلكم مدخلا كريما قرأ أبو عمرو وأكثر الكوفيين " مدخلا " بضم الميم ، فيحتمل أن يكون مصدرا ، أي إدخالا ، والمفعول محذوف أي وندخلكم الجنة إدخالا .
ويحتمل أن يكون بمعنى المكان فيكون مفعولا .
وقرأ أهل المدينة بفتح الميم ، فيجوز أن يكون مصدر دخل وهو منصوب بإضمار فعل ؛ التقدير وندخلكم فتدخلون مدخلا ، ودل الكلام عليه .
ويجوز أن يكون اسم مكان فينتصب على أنه مفعول به ، أي وندخلكم مكانا كريما وهو الجنة .
وقال أبو سعيد بن الأعرابي : سمعت أبا داود السجستاني يقول : سمعت أبا عبد الله أحمد بن حنبل يقول : المسلمون كلهم في الجنة ؛ فقلت له : وكيف ؟ قال : يقول الله عز وجل : إن تجتبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلا كريما يعني الجنة .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ادخرت شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي .
فإذا كان الله عز وجل يغفر ما دون الكبائر والنبي صلى الله عليه وسلم يشفع في الكبائر فأي ذنب يبقى على المسلمين .
وقال علماؤنا : الكبائر عند أهل السنة تغفر لمن أقلع عنها قبل الموت حسب ما تقدم .
وقد يغفر لمن مات عليها من المسلمين كما قال تعالى : ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء والمراد بذلك من مات على الذنوب ؛ فلو كان المراد من تاب قبل الموت لم يكن للتفرقة بين الإشراك وغيره معنى ؛ إذ التائب من الشرك أيضا مغفور له .
وروي عن ابن مسعود أنه قال : خمس آيات من سورة النساء هي أحب إلي من الدنيا جميعا ، قوله تعالى : إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه وقوله إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر الآية ، وقوله تعالى : ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه الآية ، وقوله تعالى : وإن تك حسنة يضاعفها ، وقوله تعالى : والذين آمنوا بالله ورسله .
وقال ابن عباس : ثمان آيات في سورة النساء ، هن خير لهذه الأمة مما طلعت عليه الشمس وغربت : يريد الله ليبين لكم ، والله يريد أن يتوب عليكم ، يريد الله أن يخفف عنكم ، إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم ، الآية ، إن الله لا يغفر أن يشرك به ، إن الله لا يظلم مثقال ذرة ، ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ، ما يفعل الله بعذابكم الآية .


شرح المفردات و معاني الكلمات : تجتنبوا , كبائر , تنهون , نكفر , سيئاتكم , ندخلكم , مدخلا , كريما ,
English Türkçe Indonesia
Русский Français فارسی
تفسير انجليزي اعراب

آيات من القرآن الكريم

  1. فأنجيناه والذين معه برحمة منا وقطعنا دابر الذين كذبوا بآياتنا وما كانوا مؤمنين
  2. قال للملإ حوله إن هذا لساحر عليم
  3. أثم إذا ما وقع آمنتم به آلآن وقد كنتم به تستعجلون
  4. وهو الذي يحيي ويميت وله اختلاف الليل والنهار أفلا تعقلون
  5. وقال لفتيانه اجعلوا بضاعتهم في رحالهم لعلهم يعرفونها إذا انقلبوا إلى أهلهم لعلهم يرجعون
  6. الله يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر له إن الله بكل شيء عليم
  7. وكم أرسلنا من نبي في الأولين
  8. كلا بل لا تكرمون اليتيم
  9. لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنـزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط وأنـزلنا الحديد فيه بأس
  10. لمن شاء منكم أن يتقدم أو يتأخر

تحميل سورة النساء mp3 :

سورة النساء mp3 : قم باختيار القارئ للاستماع و تحميل سورة النساء

سورة النساء بصوت ماهر المعيقلي
ماهر المعيقلي
سورة النساء بصوت سعد الغامدي
سعد الغامدي
سورة النساء بصوت عبد  الباسط عبد الصمد
عبد الباسط
سورة النساء بصوت أحمد العجمي
أحمد العجمي
سورة النساء بصوت محمد صديق المنشاوي
المنشاوي
سورة النساء بصوت محمود خليل الحصري
الحصري
سورة النساء بصوت مشاري راشد العفاسي
مشاري العفاسي
سورة النساء بصوت ناصر القطامي
ناصر القطامي
سورة النساء بصوت فارس عباد
فارس عباد
سورة النساء بصوت ياسر لدوسري
ياسر الدوسري


الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Sunday, November 17, 2024

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب