﴿ مَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَىٰ فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنكُمْ ۚ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾
[ الحشر: 7]

سورة : الحشر - Al-Hashr  - الجزء : ( 28 )  -  الصفحة: ( 546 )

What Allah gave as booty (Fai') to His Messenger (Muhammad SAW) from the people of the townships, - it is for Allah, His Messenger (Muhammad SAW), the kindred (of Messenger Muhammad SAW), the orphans, Al-Masakin (the poor), and the wayfarer, in order that it may not become a fortune used by the rich among you. And whatsoever the Messenger (Muhammad SAW) gives you, take it, and whatsoever he forbids you, abstain (from it), and fear Allah. Verily, Allah is Severe in punishment.


دُولة بين الأغنياء : مِلكا مُتداولا بينهم خاصة

ما أفاءه الله على رسوله من أموال مشركي أهل القرى من غير ركوب خيل ولا إبل فلله ولرسوله، يُصْرف في مصالح المسلمين العامة، ولذي قرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، واليتامى، وهم الأطفال الفقراء الذين مات آباؤهم، والمساكين، وهم أهل الحاجة والفقر، وابن السبيل، وهو الغريب المسافر الذي نَفِدت نفقته وانقطع عنه ماله؛ وذلك حتى لا يكون المال ملكًا متداولا بين الأغنياء وحدهم، ويحرم منه الفقراء والمساكين. وما أعطاكم الرسول من مال، أو شرعه لكم مِن شرع، فخذوه، وما نهاكم عن أَخْذه أو فِعْله فانتهوا عنه، واتقوا الله بامتثال أوامره وترك نواهيه. إن الله شديد العقاب لمن عصاه وخالف أمره ونهيه. والآية أصل في وجوب العمل بالسنة: قولا أو فعلا أو تقريرًا.

ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى - تفسير السعدي

وحكمه العام، كما ذكره الله في قوله { مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى } عموما، سواء أفاء الله في وقت رسوله أو بعده، لمن يتولى من بعده أمته{ فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ } وهذه الآية نظير الآية التي في سورة الأنفال، في قوله: { وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ }فهذا الفيء يقسم خمسة أقسام:خمس لله ولرسوله يصرف في مصالح المسلمين [العامة]، وخمس لذوي القربى، وهم: بنو هاشم وبنو المطلب، حيث كانوا يسوى [فيه] بين، ذكورهم وإناثهم، وإنما دخل بنو المطلب في خمس الخمس، مع بني هاشم، ولم يدخل بقية بني عبد مناف، لأنهم شاركوا بني هاشم في دخولهم الشعب، حين تعاقدت قريش على هجرهم وعداوتهم فنصروا رسول الله صلى الله عليه وسلم، بخلاف غيرهم، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم، في بني عبد المطلب: "إنهم لم يفارقوني في جاهلية ولا إسلام"وخمس لفقراء اليتامى، وهم: من لا أب له ولم يبلغ، وخمس للمساكين، وسهم لأبناء السبيل، وهم الغرباء المنقطع بهم في غير أوطانهم.وإنما قدر الله هذا التقدير، وحصر الفيء في هؤلاء المعينين لـ { كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً }- أي: مدوالة واختصاصا { بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ } فإنه لو لم يقدره، لتداولته الأغنياء الأقوياء، ولما حصل لغيرهم من العاجزين منه شيء، وفي ذلك من الفساد، ما لا يعلمه إلا الله، كما أن في اتباع أمر الله وشرعه من المصالح ما لا يدخل تحت الحصر، ولذلك أمر الله بالقاعدة الكلية والأصل العام، فقال: { وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا } وهذا شامل لأصول الدين وفروعه، ظاهره وباطنه، وأن ما جاء به الرسول يتعين على العباد الأخذ به واتباعه، ولا تحل مخالفته، وأن نص الرسول على حكم الشيء كنص الله تعالى، لا رخصة لأحد ولا عذر له في تركه، ولا يجوز تقديم قول أحد على قوله، ثم أمر بتقواه التي بها عمارة القلوب والأرواح [والدنيا والآخرة]، وبها السعادة الدائمة والفوز العظيم، وبإضاعتها الشقاء الأبدي والعذاب السرمدي، فقال: { وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ } على من ترك التقوى، وآثر اتباع الهوى.

تفسير الآية 7 - سورة الحشر

تفسير الجلالين التفسير الميسر تفسير السعدي
تفسير البغوي التفسير الوسيط تفسير ابن كثير
تفسير الطبري تفسير القرطبي إعراب الآية

ما أفاء الله على رسوله من أهل : الآية رقم 7 من سورة الحشر

 سورة الحشر الآية رقم 7

ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى - مكتوبة

الآية 7 من سورة الحشر بالرسم العثماني


﴿ مَّآ أَفَآءَ ٱللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِۦ مِنۡ أَهۡلِ ٱلۡقُرَىٰ فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي ٱلۡقُرۡبَىٰ وَٱلۡيَتَٰمَىٰ وَٱلۡمَسَٰكِينِ وَٱبۡنِ ٱلسَّبِيلِ كَيۡ لَا يَكُونَ دُولَةَۢ بَيۡنَ ٱلۡأَغۡنِيَآءِ مِنكُمۡۚ وَمَآ ءَاتَىٰكُمُ ٱلرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَىٰكُمۡ عَنۡهُ فَٱنتَهُواْۚ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَۖ إِنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلۡعِقَابِ  ﴾ [ الحشر: 7]


﴿ ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا واتقوا الله إن الله شديد العقاب ﴾ [ الحشر: 7]

  1. الآية مشكولة
  2. تفسير الآية
  3. استماع mp3
  4. الرسم العثماني
  5. تفسير الصفحة
فهرس القرآن | سور القرآن الكريم : سورة الحشر Al-Hashr الآية رقم 7 , مكتوبة بكتابة عادية و كذلك بالشكيل و مصورة مع الاستماع للآية بصوت ثلاثين قارئ من أشهر قراء العالم الاسلامي مع تفسيرها ,مكتوبة بالرسم العثماني لمونتاج فيديو اليوتيوب .
  
   

تحميل الآية 7 من الحشر صوت mp3


تدبر الآية: ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى

كتب عمر إلى حُذيفةَ رضي الله عنهما؛ ( أنْ أعطِ النَّاسَ أَعطيتَهُم وأرزاقهم ).
فكتب إليه: ( إنَّا قد فعَلنا وبَقيَ شيء كثير.
فكتب إليه عمرُ: إنَّ فَيئَهم الذي أفاء الله عليكم ليس هو لعمر ولا لآل عمر، اقسِمه بَينهم )
.
من أجلِّ مبادئ الإسلام وأنظمته: تقويةُ الضعيف وجبرُ الكسير، من مسكينٍ وعابر سبيل ويتيمٍ وفقير.
كلُّ نظام أو قانون يؤدِّي إلى أن يكونَ المالُ متداولًا بين الأغنياء وحدَهم هو مخالفٌ للإسلام، ومُخلٌّ بالتكافل الاجتماعيِّ.
آية واحدةٌ اشتملت بكلمات موجَزة على قاعدتين كُبرَيَين من قواعد التشريع الاقتصاديِّ والدستوريِّ، فيهما صلاحُ المجتمع المسلم بأسره، وهما قوله: ﴿كي لا يكونَ دُولةً بين الأغنياءِ منكُم﴾ وقوله: ﴿وما آتاكُم الرسولُ فخُذوه وما نهاكُم عنه فانتهوا﴾ .
ما صحَّ عن النبيِّ ﷺ فإنما هو وحيٌ من الله وتشريع، فيجب العملُ بما أمرَ به، واجتنابُ ما نهى عنه، ولا يُقدَّم رأيُ أحد على حُكمه.

وقوله-تبارك وتعالى-: ما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى، فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى ...
يرى كثير من العلماء أنه وارد على سبيل الاستئناف الابتدائى، وأنه سيق لبيان حكم شرعي جديد، يختلف عن الحكم الذي أوردته الآية السابقة على هذه الآية..إذ أن الآية السابقة، واردة في حكم أموال بنى النضير بصفة خاصة، وهذه في حكم الفيء بعد ذلك بصفة عامة.
وعليه يكون المعنى: لقد بينت لكم- أيها المؤمنون- حكم أموال بنى النضير، وهي أنها لرسولنا صلى الله عليه وسلم يضعها حيث يشاء.
أما ما أفاءه الله-تبارك وتعالى- على رسوله صلى الله عليه وسلم من أموال أهل القرى الأخرى، كقريظة وفدك وغيرهما فحكم هذا الفيء أنه يقسم إلى خمسة أقسام:قسم للرسول صلى الله عليه وسلم ينفق منه على نفسه وأهله وما تبقى منه يكون في مصالح المسلمين.
وقسم لأقاربه صلى الله عليه وسلم وهم: بنو هاشم وبنو المطلب..وقسم لليتامى: وهم أطفال المسلمين الذين مات آباؤهم عنهم قبل أن يبلغوا.
وقسم للمساكين: وهم الذين ليس لهم مال يكفيهم ضروريات الحياة.
وقسم لأبناء السبيل: وهم المسافرون المنقطعون عن مالهم في سفرهم، ولو كانوا أغنياء في بلدهم..وقد رجح الإمام ابن جرير هذا الرأى، فقال بعد استعراضه للأقوال: والصواب من القول في ذلك عندي أن هذه الآية حكمها غير حكم الآية التي قبلها وذلك أن الآية التي قبلها، مال جعله الله- عز وجل - لرسوله صلى الله عليه وسلم خاصة دون غيره.
لم يجعل فيه لأحد نصيبا..فإذا كانت هذه الآية التي قبلها مضت، وذكر المال الذي خص الله به رسوله صلى الله عليه وسلم ولم يجعل لأحد منه شيئا، وكانت هذه الآية خبرا عن المال الذي جعله الله لأصناف شتى، كان معلوما بذلك أن المال الذي جعله لأصناف من خلقه.
غير المال الذي جعله للنبي صلى الله عليه وسلم .
وقال الآلوسى عند تفسيره لهذه الآية ما ملخصه: قوله-تبارك وتعالى-: ما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى ...
بيان لحكم ما أفاءه الله على رسوله من قرى الكفار على العموم، بعد بيان حكم ما أفاءه من بنى النضير ...
فالجملة جواب سؤال مقدر ناشئ مما فهم من الكلام السابق، فكأن قائلا يقول: قد علمنا حكم ما أفاءه الله-تبارك وتعالى- من بنى النضير، فما حكم ما أفاء الله- عز وجل - من غيرهم؟ ...
فقيل: ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى.
ولذا لم يعطف على ما تقدم، ولم يذكر في الآية قيد الإيجاف ولا عدمه ...
وسهمه- سبحانه - وسهم رسوله واحد، وذكره-تبارك وتعالى-: افتتاح كلام للتيمن والتبرك.
فإن لله ما في السموات وما في الأرض، وفيه تعظيم لشأن الرسول صلى الله عليه وسلم.
وأهل القرى المذكورون في الآية هم: أهل الصفراء، وينبع، ووادي القرى، وما هنالك من قرى العرب، التي تسمى قرى عرينة، وحكمها مخالف لحكم أموال بنى النضير .
ومن العلماء من يرى أن الآية التي معنا، بمنزلة البيان والتفسير للآية التي قبلها، لأن الآية الأولى لم تبين المستحقين للفيء الذي أفاءه الله-تبارك وتعالى- على رسوله من أموال بنى النضير، فجاءت الآية الثانية وبينت المستحقين له.
وعلى رأس المفسرين الذين قالوا بهذا الرأى صاحب الكشاف، فقد قال عند تفسيره لهذه الآية:لم يدخل- سبحانه - العاطف على هذه الجملة- وهي قوله: ما أَفاءَ ...
- لأنها بيان للأولى، فهي منها غير أجنبية عنها.
بين لرسوله صلى الله عليه وسلم ما يصنع بما أفاءه الله عليه، وأمره أن يضعه حيث يضع الخمس من الغنائم، مقسوما على الأقسام الخمسة .
وقال الإمام ابن كثير: قوله-تبارك وتعالى-: ما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى: أى جميع البلدان التي تفتح هكذا، فحكمها حكم أموال بنى النضير، ولهذا قال: فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ.
فهذه مصارف أموال الفيء ووجوهه.. .
ومن هذا نرى أن أصحاب الرأى الأول، يقولون: إن الآيتين في حكمين مختلفين، لأن الآية الأولى في بيان حكم أموال بنى النضير، وأن الله-تبارك وتعالى- قد جعلها للرسول صلى الله عليه وسلم يضعها حيث يشاء، وأما الآية الثانية فهي في حكم أموال القرى الأخرى التي أفاءها الله-تبارك وتعالى- على رسوله صلى الله عليه وسلم، وأن الله-تبارك وتعالى- قد حدد له وجوه صرفها، فقال: فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى....وأما أصحاب الرأى الثاني فيرون أن الآية الثانية مفصلة لما أجملته الآية الأولى، وأن كل فيء يقسم بالطريقة التي بينتها الآية الثانية.
ويبدو لنا أن الرأى الأول أقرب إلى الصواب، لأن الثابت في السنة الصحيحة: أن أموال بنى النضير، لم يخمسها صلى الله عليه وسلم بل كانت له خاصة، يوزعها كما يشاء، وقد آثر بها المهاجرين، وقسمها عليهم: ولم يعط الأنصار منها شيئا سوى ثلاثة رجال منهم، كانت بهم حاجة فأعطاهم، وبذلك نرى أنه صلى الله عليه وسلم لم يتقيد في التوزيع لهذه الأموال، بمن ورد ذكرهم في الآية الثانية.
وما دام الأمر كذلك، فلا حاجة إلى القول بأن الآية الثانية، بيان وتفصيل للآية الأولى.
هذا وهناك أقوال أخرى في معنى هذه الآية، مبسوطة في كتب الفقه والتفسير، فليرجع إليها من شاء المزيد من الأحكام الفقهية.. .
وقوله- سبحانه -: كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِياءِ مِنْكُمْ ...
بيان لحكمة هذا التشريع الذي شرعه- سبحانه - بالنسبة للأموال التي أتت عن طريق الفيء.. والضمير المستتر في قوله: يَكُونَ للفيء.
و «الدّولة» بضم الدال المشددة اسم لما يتداوله الناس فيما بينهم من أموال، فيكون في يد هذا تارة، وفي يد ذاك تارة أخرى.
والدّولة- بفتح الدال المشددة- اسم للنوبة من الظفر والنصر في الحرب وغيرها.
يقال: لفلان على فلان دولة، أى: غلبة ونصر.
وبعضهم يرى أن الدولة- بالضم والفتح- بمعنى واحد، وهو ما يدور ويدول للإنسان من الغنى والنصر.
والمعنى: شرعنا لكم هذه الأحكام المتعلقة بتقسيم الفيء، كي لا يكون المال الناجم عنه، متداولا بين أيدى أغنيائكم دون فقرائكم.
والمقصود بهذه الجملة الكريمة، إبطال ما كان شائعا في الجاهلية، من استئثار قواد الجيوش، ورؤساء القبائل، بالكثير من الغنائم دون غيرهم ممن اشترك معهم في الحروب، كما قال أحد الشعراء، لأحد الرؤساء أو القادة:لك المرباع منها والصفايا ...
وحكمك والنّشيطة والفضولأى: لك- أيها القائد وحدك- من الغنيمة ربعها، والصفايا أى: والنفيس منها، ولك- أيضا ما تحكم به على العدو، ولك النشيطة، وهي ما يصيبه الجيش من العدو قبل الحرب، ولك- كذلك- الفضول، أى: ما يبقى بعد قسمة الغنائم.
وقد أبطل الإسلام كل ذلك، حيث جعل مصارف الفيء، تعود إلى المسلمين جميعا، بطريقة عادلة، بينها- سبحانه - في هذه الآية وفي غيرها..قال بعض العلماء: والجدير بالذكر هنا: أن دعاة المذاهب الاقتصادية الفاسدة، يحتجون بهذه الآية على مذهبهم الفاسد، ويقولون: ويجوز للدولة أن تستولى على مصادر الإنتاج ورءوس الأموال، لتعطيها أو تشرك فيها الفقراء، وما يسمونهم طبقة العمال، وهذا على ما فيه من كساد اقتصادى، وفساد اجتماعي، قد ثبت خطؤه وظهر بطلانه مجانبا لحقيقة الاستدلال.
لأن هذا المال ترك لمرافق المسلمين العامة، من الإنفاق على المجاهدين، وتأمين الغزاة في الحدود والثغور، وليس يعطى للأفراد كما يقولون، ثم- هو أساسا- مال جاء غنيمة للمسلمين، وليس نتيجة كدح الفرد وكسبه الحلال.
ولما كان مال الغنيمة ليس ملكا لشخص، ولا هو- أيضا- كسب لشخص معين، تحقق فيه العموم في مصدره، وهو الغنيمة، والعموم في مصرفه وهو عموم مصالح الأمة، ولا دخل ولا وجود للفرد فيه، فشتان بين هذا الأصل في التشريع، وهذا الفرع في التضليل..ثم أمر- سبحانه - المسلمين أن يمتثلوا أمر رسولهم صلى الله عليه وسلم امتثالا تاما، فقال:وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ، وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ.
وقوله: آتاكُمُ من الإتيان، والمقصود به هنا ما جاءهم به الرسول صلى الله عليه وسلم من هدايات وتشريعات، وآداب.
ويدخل في ذلك دخولا أوليا قسمته لفيء بنى النضير بين المهاجرين، دون الأنصار.
أى: ما أمركم الرسول صلى الله عليه وسلم بفعله- أيها المؤمنون- فافعلوه، وما نهاكم عن فعله فاجتنبوه، واتقوا الله في كل أحوالكم، فإنه- سبحانه - شديد العقاب لمن خالف أمره.
ومنهم من جعل آتاكُمُ هنا بمعنى أعطاكم من الفيء، وجعل نَهاكُمْ بمعنى نهاكم عن الأخذ منه، وكأن صاحب هذا الرأى يستعين على ما ذهب إليه بفحوى المقام.
قال صاحب الكشاف: قوله: وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ من قسمة غنيمة أو فيء فخذوه وما نهاكم عنه، أى: عن أخذه منه فَانْتَهُوا عنه.
والأجود أن يكون- الأمر والنهى- عاما في كل ما آتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ونهى عنه، وأمر الفيء داخل في عمومه.. .
وقال الإمام ابن كثير: وقوله-تبارك وتعالى-: وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا.
أى: مهما أمركم به فافعلوه، ومهما نهاكم عنه فاجتنبوه، فإنه إنما يأمر بخير، وينهى عن شر.
أخرج الشيخان عن ابن مسعود أنه قال: لعن الله الواشمات والمستوشمات والمتنمصات، والمتفلجات للحسن، والمغيرات لخلق الله- عز وجل - فبلغ ذلك امرأة من بنى أسد يقال لها أم يعقوب، وكانت تقرأ القرآن، فأتته فقالت: بلغني انك قلت كذا وكذا، فقال: ومالي لا ألعن من لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في كتاب الله.
فقالت: لقد قرأت ما بين لوحى المصحف فما وجدته.
فقال: إن كنت قرأتيه فقد وجدتيه، أما قرأت: وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ، وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا؟ قالت:بلى.
قال: فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عنه.
قالت: إنى لأظن أهلك يفعلونه!! ..قال: اذهبي فانظرى، فذهبت فلم تر من حاجتها شيئا.
فجاءت فقالت: ما رأيت شيئا.
قال: لو كان كذا لم تجامعنا.. .
وقال بعض العلماء وفي الآية دليل على وجوب الأخذ بالسنن الصحيحة في كل الأمور.
وعن أبى رافع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا ألفين أحدكم متكئا على أريكته يأتيه أمر مما أمرت به أو نهيت عنه فيقول لا أدرى!! ما وجدنا في كتاب الله اتبعناه ...
»وهذا الحديث من أعلام النبوة، فقد وقع ذلك بعد من الجاهلين بكتاب الله، وبمنصب الرسالة، ومن الزنادقة الصادين عن سبيل الله.. .
قوله تعالى : ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى قال ابن عباس : هي قريظة والنضير ، وهما بالمدينة وفدك ، وهي على ثلاثة أيام من المدينة وخيبر .
وقرى عرينة وينبع جعلها الله لرسوله .
وبين أن في ذلك المال الذي خصه بالرسول عليه السلام سهمانا لغير الرسول نظرا منه لعباده .
وقد تكلم العلماء في هذه الآية والتي قبلها ، هل معناهما واحد أو مختلف ، والآية التي في الأنفال ; فقال قوم من العلماء : إن قوله تعالى : ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى منسوخ بما في سورة الأنفال من كون الخمس لمن سمي له ، والأخماس الأربعة لمن قاتل .
وكان في أول الإسلام تقسم الغنيمة على هذه الأصناف ولا يكون لمن قاتل عليها شيء .
وهذا قول يزيد بن رومان وقتادة وغيرهما .
ونحوه عن مالك .
وقال قوم : إنما غنم بصلح من غير إيجاف خيل ولا ركاب ; فيكون لمن سمى الله تعالى فيه فيئا والأولى للنبي صلى الله عليه وسلم خاصة ، إذا أخذ منه حاجته كان الباقي في مصالح المسلمين .
وقال معمر : الأولى للنبي صلى الله عليه وسلم .
والثانية هي الجزية والخراج للأصناف المذكورة فيه .
والثالثة الغنيمة في سورة الأنفال للغانمين .
وقال قوم منهم الشافعي : إن معنى الآيتين واحد ; أي ما حصل من أموال الكفار بغير قتال قسم على خمسة أسهم ; أربعة منها للنبي صلى الله عليه وسلم .
وكان الخمس الباقي على خمسة أسهم : سهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم أيضا وسهم لذوي القربى - وهم بنو هاشم وبنو المطلب - لأنهم منعوا الصدقة فجعل لهم حق في الفيء .
وسهم لليتامى .
وسهم للمساكين .
وسهم لابن السبيل .
وأما بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فالذي كان من الفيء لرسول الله صلى الله عليه وسلم يصرف عند الشافعي في قول إلى المجاهدين المترصدين للقتال في الثغور ; لأنهم القائمون مقام الرسول عليه الصلاة والسلام .
وفي قول آخر له : يصرف إلى مصالح المسلمين من سد الثغور وحفر الأنهار وبناء القناطر ; يقدم الأهم فالأهم ، وهذا في أربعة أخماس الفيء .
فأما السهم الذي كان له من خمس الفيء والغنيمة فهو لمصالح المسلمين بعد موته صلى الله عليه وسلم بلا خلاف ; كما قال عليه الصلاة والسلام : " ليس لي من غنائمكم إلا الخمس ، والخمس مردود فيكم " .
وقد مضى القول فيه في سورة " الأنفال " .
وكذلك ما خلفه من المال غير موروث ، بل هو صدقة يصرف عنه إلى مصالح المسلمين ; كما قال عليه السلام : " إنا لا نورث ، ما تركناه صدقة " .
وقيل : كان مال الفيء لنبيه صلى الله عليه وسلم ، لقوله تعالى : ما أفاء الله على رسوله فأضافه إليه ; غير أنه كان لا يتأثل مالا ، إنما كان يأخذ بقدر حاجة عياله ويصرف الباقي في مصالح المسلمين .
قال القاضي أبو بكر بن العربي : لا إشكال أنها ثلاثة معان في ثلاث آيات ; أما الآية الأولى فهي قوله : هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب من ديارهم لأول الحشر ثم قال تعالى : وما أفاء الله على رسوله منهم يعني من أهل الكتاب معطوفا عليهم .
فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب يريد كما بينا ; فلا حق لكم فيه ، ولذلك قال عمر : إنها كانت خالصة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، يعني بني النضير وما كان مثلها .
فهذه آية واحدة ومعنى متحد .
الآية الثانية : قوله تعالى : ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول وهذا كلام مبتدأ غير الأول لمستحق غير الأول .
وسمى الآية الثالثة آية الغنيمة ، ولا شك في أنه معنى آخر باستحقاق ثان لمستحق آخر ، بيد أن الآية الأولى والثانية اشتركتا في أن كل واحدة منهما تضمنت شيئا أفاءه الله على رسوله ، واقتضت الآية الأولى أنه حاصل بغير قتال ، واقتضت آية الأنفال أنه حاصل بقتال ، وعريت الآية الثالثة وهي قوله تعالى : ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى عن ذكر حصوله بقتال أو بغير قتال ; فنشأ الخلاف من هاهنا ، فمن طائفة قالت : هي ملحقة بالأولى ، وهو مال الصلح كله ونحوه .
ومن طائفة قالت : هي ملحقة بالثانية وهي آية الأنفال .
والذين قالوا إنها ملحقة بآية الأنفال اختلفوا ; هل هي منسوخة - كما تقدم - أو محكمة ؟ وإلحاقها بشهادة الله بالتي قبلها أولى ; لأن فيه تجديد فائدة ومعنى .
ومعلوم أن حمل الحرف من الآية فضلا عن الآية على فائدة متجددة أولى من حمله على فائدة معادة .
وروى ابن وهب عن مالك في قوله تعالى : فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب بني النضير ، لم يكن فيها خمس ولم يوجف عليها بخيل ولا ركاب .
كانت صافية لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقسمها بين المهاجرين وثلاثة من الأنصار ; حسب ما تقدم .
وقوله : ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى هي قريظة ، وكانت قريظة والخندق في يوم واحد .
قال ابن العربي : قول مالك إن الآية الثانية في بني قريظة ، إشارة إلى أن معناها يعود إلى آية الأنفال ، ويلحقها النسخ .
وهذا أقوى من القول بالإحكام .
ونحن لا نختار إلا ما قسمنا ، وبينا أن الآية الثانية لها معنى مجدد حسب ما دللنا عليه .
والله أعلم .
قلت : ما اختاره حسن .
وقد قيل إن سورة " الحشر " نزلت بعد الأنفال ، فمن المحال أن ينسخ المتقدم المتأخر .
وقال ابن أبي نجيح : المال ثلاثة : مغنم ، أو فيء ، أو صدقة ، وليس منه درهم إلا وقد بين الله موضعه .
وهذا أشبه .
الأموال التي للأئمة والولاة فيها مدخل ثلاثة أضرب : ما أخذ من المسلمين على طريق التطهير لهم ; كالصدقات والزكوات .
والثاني : الغنائم ; وهو ما يحصل في أيدي المسلمين من أموال الكافرين بالحرب والقهر والغلبة .
والثالث : الفيء ، وهو ما رجع للمسلمين من أموال الكفار عفوا صفوا من غير قتال ولا إيجاف ; كالصلح والجزية والخراج والعشور المأخوذة من تجار الكفار .
ومثله أن يهرب المشركون ويتركوا أموالهم ، أو يموت أحد منهم في دار الإسلام ولا وارث له .
فأما الصدقة فمصرفها الفقراء والمساكين والعاملين عليها ; حسب ما ذكره الله تعالى ، وقد مضى في " براءة " .
وأما الغنائم فكانت في صدر الإسلام للنبي صلى الله عليه وسلم يصنع فيها ما شاء ; كما قال في سورة " الأنفال " : قل الأنفال لله والرسول ، ثم نسخ بقوله تعالى : واعلموا أنما غنمتم من شيء الآية .
وقد مضى في الأنفال بيانه .
فأما الفيء فقسمته وقسمة الخمس سواء .
والأمر عند مالك فيهما إلى الإمام ، فإن رأى حبسهما لنوازل تنزل بالمسلمين فعل ، وإن رأى قسمتهما أو قسمة أحدهما قسمه كله بين الناس ، وسوى فيه بين عربيهم ومولاهم .
ويبدأ بالفقراء من رجال ونساء حتى يغنوا ، ويعطوا ذوو القربى من رسول الله صلى الله عليه وسلم من الفيء سهمهم على ما يراه الإمام ، وليس له حد معلوم .
واختلف في إعطاء الغني منهم ; فأكثر الناس على إعطائه لأنه حق لهم .
وقال مالك : لا يعطى منه غير فقرائهم ، لأنه جعل لهم عوضا من الصدقة .
وقال الشافعي : أيما حصل من أموال الكفار من غير قتال كان يقسم في عهد النبي صلى الله عليه وسلم على خمسة وعشرين سهما : عشرون للنبي صلى الله عليه وسلم يفعل فيها ما يشاء ، والخمس يقسم على ما يقسم عليه خمس الغنيمة .
قال أبو جعفر أحمد بن الداودي : وهذا قول ما سبقه به أحد علمناه ، بل كان ذلك خالصا له ; كما ثبت في الصحيح عن عمر مبينا للآية .
ولو كان هذا لكان قوله : خالصة لك من دون المؤمنين يدل على أنه يجوز الموهوبة لغيره ، وأن قوله : خالصة يوم القيامة يجوز أن يشركهم فيها غيرهم .
وقد مضى قول الشافعي مستوعبا في ذلك والحمد لله .
ومذهب الشافعي رضي الله عنه : أن سبيل خمس الفيء سبيل خمس الغنيمة ، وأن أربعة أخماسه كانت للنبي صلى الله عليه وسلم ، وهي بعده لمصالح المسلمين .
وله قول آخر : أنها بعده للمرصدين أنفسهم للقتال بعده خاصة ; كما تقدم .
قال علماؤنا : ويقسم كل مال في البلد الذي جبي فيه ، ولا ينقل عن ذلك البلد الذي جبي فيه حتى يغنوا ، ثم ينقل إلى الأقرب من غيرهم ، إلا أن ينزل بغير البلد الذي جبي فيه فاقة شديدة ، فينتقل ذلك إلى أهل الفاقة حيث كانوا ، كما فعل عمر بن الخطاب رضي الله عنه في أعوام الرمادة ، وكانت خمسة أعوام أو ستة .
وقد قيل عامين ، وقيل : عام فيه اشتد الطاعون مع الجوع .
وإن لم يكن ما وصفنا ، ورأى الإمام إيقاف الفيء أوقفه لنوائب المسلمين ، ويعطي منه المنفوس ويبدأ بمن أبوه فقير .
والفيء حلال للأغنياء .
ويسوي بين الناس فيه إلا أنه يؤثر أهل الحاجة والفاقة .
والتفضيل فيه إنما يكون على قدر الحاجة .
ويعطى منه الغرماء ما يؤدون به ديونهم .
ويعطي منه الجائزة والصلة إن كان ذلك أهلا ، ويرزق القضاة والحكام ومن فيه منفعة للمسلمين .
وأولاهم بتوفر الحظ منهم أعظمهم للمسلمين نفعا .
ومن أخذ من الفيء شيئا في الديوان كان عليه أن يغزو إذا غزى .
قوله تعالى : كي لا يكون دولة قراءة العامة يكون بالياء .
دولة بالنصب ، أي كي لا يكون الفيء دولة ، وقرأ أبو جعفر والأعرج وهشام - عن ابن عامر - وأبو حيوة " تكون " بتاء " دولة " بالرفع ، أي كي لا تقع دولة .
فكان تامة .
و " دولة " رفع على اسم كان ولا خبر له .
ويجوز أن تكون ناقصة وخبرها بين الأغنياء منكم وإذا كانت تامة فقوله : بين الأغنياء منكم متعلق ب " دولة " على معنى : تداول بين الأغنياء منكم .
ويجوز أن يكون بين الأغنياء منكم وصفا ل " دولة " .
وقراءة العامة دولة بضم الدال .
وقرأها السلمي وأبو حيوة بالنصب .
قال عيسى بن عمر ويونس والأصمعي : هما لغتان بمعنى واحد .
وقال أبو عمرو بن العلاء : الدولة ( بالفتح ) الظفر في الحرب وغيره ، وهي المصدر .
وبالضم اسم الشيء الذي يتداول من الأموال .
وكذا قال أبو عبيدة : الدولة اسم الشيء الذي يتداول .
والدولة الفعل .
ومعنى الآية : فعلنا ذلك في هذا الفيء ، كي لا تقسمه الرؤساء والأغنياء والأقوياء بينهم دون الفقراء والضعفاء ، لأن أهل الجاهلية كانوا إذا غنموا أخذ الرئيس ربعها لنفسه ، وهو المرباع .
ثم يصطفي منها أيضا بعد المرباع ما شاء ; وفيها قال شاعرهم : لك المرباع منها والصفايا يقول : كي لا يعمل فيه كما كان يعمل في الجاهلية .
فجعل الله هذا لرسوله صلى الله عليه وسلم ; يقسمه في المواضع التي أمر بها ليس فيها خمس ، فإذا جاء خمس وقع بين المسلمين جميعا .
قوله تعالى : وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا أي ما أعطاكم من مال الغنيمة فخذوه ، وما نهاكم عنه من الأخذ والغلول فانتهوا ; قاله الحسن وغيره .
السدي : ما أعطاكم من مال الفيء فاقبلوه ، وما منعكم منه فلا تطلبوه .
وقال ابن جريج : ما آتاكم من طاعتي فافعلوه ، وما نهاكم عنه من معصيتي فاجتنبوه .
الماوردي : وقيل إنه محمول على العموم في جميع أوامره ونواهيه ; لا يأمر إلا بصلاح ولا ينهى إلا عن فساد .
قلت : هذا هو معنى القول الذي قبله .
فهي ثلاثة أقوال .
قال المهدوي : قوله تعالى : وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا هذا يوجب أن كل ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم أمر من الله تعالى .
والآية وإن كانت في الغنائم فجميع أوامره صلى الله عليه وسلم ونواهيه دخل فيها .
وقال الحكم بن عمير - وكانت له صحبة - قال النبي صلى الله عليه وسلم : " إن هذا القرآن صعب مستصعب عسير على من تركه ، يسير على من اتبعه وطلبه ، وحديثي صعب مستصعب وهو الحكم ، فمن استمسك بحديثي وحفظه نجا مع القرآن ، ومن تهاون بالقرآن وحديثي خسر الدنيا والآخرة .
وأمرتم أن تأخذوا بقولي وتكتنفوا أمري وتتبعوا سنتي ، فمن رضي بقولي فقد رضي بالقرآن ، ومن استهزأ بقولي فقد استهزأ بالقرآن " قال الله تعالى : وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا .
قال عبد الرحمن بن زيد : لقي ابن مسعود رجلا محرما وعليه ثيابه فقال له : انزع عنك هذا .
فقال الرجل : أتقرأ علي بهذا آية من كتاب الله تعالى ؟ قال : نعم ، وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا .
وقال عبد الله بن محمد بن هارون الفريابي : سمعت الشافعي رضي الله عنه يقول : سلوني عما شئتم أخبركم من كتاب الله تعالى وسنة نبيكم صلى الله عليه وسلم ; قال : فقلت له : ما تقول - أصلحك الله - في المحرم يقتل الزنبور ؟ قال : فقال : بسم الله الرحمن الرحيم ، قال الله تعالى : وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا وحدثنا سفيان بن عيينة عن عبد الملك بن عمير عن ربعي بن حراش عن حذيفة بن اليمان قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر " .
حدثنا سفيان بن عيينة عن مسعر بن كدام عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه أمر بقتل الزنبور .
قال علماؤنا : وهذا جواب في نهاية الحسن ، أفتى بجواز قتل الزنبور في الإحرام ، وبين أنه يقتدي فيه بعمر ، وأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالاقتداء به ، وأن الله سبحانه أمر بقبول ما يقوله النبي صلى الله عليه وسلم ; فجواز قتله مستنبط من الكتاب والسنة .
وقد مضى هذا المعنى من قول عكرمة حين سئل عن أمهات الأولاد فقال : هن أحرار في سورة " النساء " عند قوله تعالى : أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم .
وفي صحيح مسلم وغيره عن علقمة عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لعن الله الواشمات والمستوشمات ، والمتنمصات ، والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله " .
فبلغ ذلك امرأة من بني أسد يقال لها أم يعقوب ; فجاءت فقالت : بلغني أنك لعنت كيت وكيت ! فقال : وما لي لا ألعن من لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في كتاب الله ! فقالت : لقد قرأت ما بين اللوحين فما وجدت فيه ما تقول .
فقال : لئن كنت قرأتيه لقد وجدتيه ! أما قرأت وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ! قالت : بلى .
قال : فإنه قد نهى عنه ... .
.
الحديث .
وقد مضى القول فيه في " النساء " مستوفى .
قوله تعالى : وما آتاكم الرسول فخذوه وإن جاء بلفظ الإيتاء وهو المناولة فإن معناه الأمر .
وما نهاكم عنه فانتهوا فقابله بالنهي ، ولا يقابل النهي إلا بالأمر ; والدليل على فهم ذلك ما ذكرناه قبل مع قوله عليه الصلاة والسلام : " إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم ، وإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه " .
وقال الكلبي : إنها نزلت في رؤساء المسلمين ، قالوا فيما ظهر عليه رسول الله من أموال المشركين : يا رسول الله ، خذ صفيك والربع ، ودعنا والباقي ; فهكذا كنا نفعل في الجاهلية .
وأنشدوه :لك المرباع منها والصفاياوحكمك والنشيطة والفضولفأنزل الله تعالى هذه الآية .
قوله تعالى : واتقوا الله أي عذاب الله ، إنه شديد لمن عصاه .
وقيل : اتقوا الله في أوامره ونواهيه فلا تضيعوها .
إن الله شديد العقاب لمن خالف ما أمره به .


شرح المفردات و معاني الكلمات : أفاء , الله , رسوله , أهل , القرى , فلله , للرسول , ولذي , القربى , اليتامى , المساكين , ابن , السبيل , كي , دولة , الأغنياء , آتاكم , الرسول , فخذوه , نهاكم , فانتهوا , اتقوا , الله , شديد , العقاب ,
English Türkçe Indonesia
Русский Français فارسی
تفسير انجليزي اعراب

آيات من القرآن الكريم

  1. لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا
  2. والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن
  3. وفرعون ذي الأوتاد
  4. الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم فالصالحات
  5. إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين
  6. فلما جاء أمرنا نجينا صالحا والذين آمنوا معه برحمة منا ومن خزي يومئذ إن ربك
  7. لو كان هؤلاء آلهة ما وردوها وكل فيها خالدون
  8. قال الله هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها
  9. إن ربك هو يفصل بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون
  10. ويقول الذين آمنوا لولا نـزلت سورة فإذا أنـزلت سورة محكمة وذكر فيها القتال رأيت الذين

تحميل سورة الحشر mp3 :

سورة الحشر mp3 : قم باختيار القارئ للاستماع و تحميل سورة الحشر

سورة الحشر بصوت ماهر المعيقلي
ماهر المعيقلي
سورة الحشر بصوت سعد الغامدي
سعد الغامدي
سورة الحشر بصوت عبد  الباسط عبد الصمد
عبد الباسط
سورة الحشر بصوت أحمد العجمي
أحمد العجمي
سورة الحشر بصوت محمد صديق المنشاوي
المنشاوي
سورة الحشر بصوت محمود خليل الحصري
الحصري
سورة الحشر بصوت مشاري راشد العفاسي
مشاري العفاسي
سورة الحشر بصوت ناصر القطامي
ناصر القطامي
سورة الحشر بصوت فارس عباد
فارس عباد
سورة الحشر بصوت ياسر لدوسري
ياسر الدوسري


الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Sunday, November 17, 2024

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب