الآية 71 من سورة يونس مكتوبة بالتشكيل

﴿ ۞ وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُم مَّقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآيَاتِ اللَّهِ فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلَا تُنظِرُونِ﴾
[ يونس: 71]

سورة : يونس - Yunus  - الجزء : ( 11 )  -  الصفحة: ( 217 )

And recite to them the news of Nuh (Noah). When he said to his people: "O my people, if my stay (with you), and my reminding (you) of the Ayat (proofs, evidences, verses, lessons, signs, revelations, etc.) of Allah is hard on you, then I put my trust in Allah. So devise your plot, you and your partners, and let not your plot be in doubt for you. Then pass your sentence on me and give me no respite.


كبُر عليكم : عظُم و شقّ عليكم
مقامي : اقامتي بينكم دهرا طويلا
فأجمعوا أمركم : اعزموا و صمّموا على كيدكم
و شُركاءكم : مع شركائكم
غمّة : ضيقا شديدا . أو مُبهما مُلتبِسا
اقضوا إليّ : أدّوا إليّ ما تُريدونه
لا تُنظرون : لا تُمهلوني

واقصص -أيها الرسول- على كفار "مكة" خبر نوح -عليه السلام- مع قومه حين قال لهم: إن كان عَظُمَ عليكم مقامي فيكم وتذكيري إياكم بحجج الله وبراهينه فعلى الله اعتمادي وبه ثقتي، فأعدُّوا أمركم، وادعوا شركاءكم، ثم لا تجعلوا أمركم عليكم مستترًا بل ظاهرًا منكشفًا، ثم اقضوا عليَّ بالعقوبة والسوء الذي في إمكانكم، ولا تمهلوني ساعة من نهار.

واتل عليهم نبأ نوح إذ قال لقومه ياقوم إن كان كبر عليكم - تفسير السعدي

يقول تعالى لنبيه‏:‏ واتل على قومك ‏{‏نَبَأَ نُوحٍ‏}‏ في دعوته لقومه، حين دعاهم إلى الله مدة طويلة، فمكث فيهم ألف سنة إلا خمسين عامًا، فلم يزدهم دعاؤه إياهم إلا طغيانًا، فتمللوا منه وسئموا، وهو عليه الصلاة والسلام غير متكاسل، ولا متوان في دعوتهم، فقال لهم‏:‏ ‏{‏يَا قَوْمِ إِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآيَاتِ اللَّهِ‏}‏ أي‏:‏ إن كان مقامي عندكم، وتذكيري إياكم ما ينفعكم ‏{‏بِآيَاتِ اللَّهِ‏}‏ الأدلة الواضحة البينة، قد شق عليكم وعظم لديكم، وأردتم أن تنالوني بسوء أو تردوا الحق‏.‏ ‏{‏فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ‏}‏ أي‏:‏ اعتمدت على الله، في دفع كل شر يراد بي، وبما أدعو إليه، فهذا جندي، وعدتي‏.‏ وأنتم، فأتوا بما قدرتم عليه، من أنواع العَدَدَ والعُددَ‏.‏‏{‏فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ‏}‏ كلكم، بحيث لا يتخلف منكم أحد، ولا تدخروا من مجهودكم شيئًا‏.‏‏{‏و‏}‏ أحضروا ‏{‏شُرَكَاءَكُمْ‏}‏ الذي كنتم تعبدونهم وتوالونهم من دون الله رب العالمين‏.‏‏{‏ثُمَّ لَا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً‏}‏ أي‏:‏ مشتبهًا خفيًا، بل ليكن ذلك ظاهرًا علانية‏.‏‏{‏ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ‏}‏ أي‏:‏ اقضوا علي بالعقوبة والسوء، الذي في إمكانكم، ‏{‏وَلَا تُنْظِرُونِ‏}‏ أي‏:‏ لا تمهلوني ساعة من نهار‏.‏ فهذا برهان قاطع، وآية عظيمة على صحة رسالته، وصدق ما جاء به، حيث كان وحده لا عشيرة تحميه، ولا جنود تؤويه‏.‏وقد بادأ قومه بتسفيه آرائهم، وفساد دينهم، وعيب آلهتهم‏.‏ وقد حملوا من بغضه، وعداوته ما هو أعظم من الجبال الرواسي، وهم أهل القدرة والسطوة، وهو يقول لهم‏:‏ اجتمعوا أنتم وشركاؤكم ومن استطعتم، وأبدوا كل ما تقدرون عليه من الكيد، فأوقعوا بي إن قدرتم على ذلك، فلم يقدروا على شيء من ذلك‏.‏فعلم أنه الصادق حقًا، وهم الكاذبون فيما يدعون

تفسير الآية 71 - سورة يونس

تفسير الجلالين التفسير الميسر تفسير السعدي
تفسير البغوي التفسير الوسيط تفسير ابن كثير
تفسير الطبري تفسير القرطبي إعراب الآية

واتل عليهم نبأ نوح إذ قال لقومه : الآية رقم 71 من سورة يونس

 سورة يونس الآية رقم 71

واتل عليهم نبأ نوح إذ قال لقومه ياقوم إن كان كبر عليكم - مكتوبة

الآية 71 من سورة يونس بالرسم العثماني


﴿ ۞ وَٱتۡلُ عَلَيۡهِمۡ نَبَأَ نُوحٍ إِذۡ قَالَ لِقَوۡمِهِۦ يَٰقَوۡمِ إِن كَانَ كَبُرَ عَلَيۡكُم مَّقَامِي وَتَذۡكِيرِي بِـَٔايَٰتِ ٱللَّهِ فَعَلَى ٱللَّهِ تَوَكَّلۡتُ فَأَجۡمِعُوٓاْ أَمۡرَكُمۡ وَشُرَكَآءَكُمۡ ثُمَّ لَا يَكُنۡ أَمۡرُكُمۡ عَلَيۡكُمۡ غُمَّةٗ ثُمَّ ٱقۡضُوٓاْ إِلَيَّ وَلَا تُنظِرُونِ  ﴾ [ يونس: 71]


﴿ واتل عليهم نبأ نوح إذ قال لقومه ياقوم إن كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله فعلى الله توكلت فأجمعوا أمركم وشركاءكم ثم لا يكن أمركم عليكم غمة ثم اقضوا إلي ولا تنظرون ﴾ [ يونس: 71]

  1. الآية مشكولة
  2. تفسير الآية
  3. استماع mp3
  4. الرسم العثماني
  5. تفسير الصفحة
فهرس القرآن | سور القرآن الكريم : سورة يونس Yunus الآية رقم 71 , مكتوبة بكتابة عادية و كذلك بالشكيل و مصورة مع الاستماع للآية بصوت ثلاثين قارئ من أشهر قراء العالم الاسلامي مع تفسيرها ,مكتوبة بالرسم العثماني لمونتاج فيديو اليوتيوب .
  
   

تحميل الآية 71 من يونس صوت mp3


تدبر الآية: واتل عليهم نبأ نوح إذ قال لقومه ياقوم إن كان كبر عليكم

ما أجملَ أن يخاطِبَ الداعيةُ الناسَ بألفاظٍ صادقة تدُلُّ على حرصه عليهم، ونُصحِه لهم، وتحبُّبِه إليهم، وإن لم يستجيبوا لدعوته! ليكن أهمَّ شؤون الداعية مع قومه تذكيرُهم بآياتِ ربِّهم، فلا يقف عن دعوته، ولا يتردَّد في نُصحه لهم، سواءٌ أعَظُم عليهم الأمرُ أم لا.
من عجائب أمر البشرية أن يستثقلَ بعضُهم مقامَ مَن يَبذُلُ لهم خيرَه، ويكفُّ عنهم شرَّه، وربما يستروِحون إلى مَن يسومُهم سوءَ الشقاء، ويذيقُهم مُرَّ العَناء! بعملٍ قلبيٍّ واجهَ نوحٌ عليه السلام أمةً كاملةً، وتحدَّاها بكلِّ جبروتها وطغيانها؛ إنه صِدقُ التوكلِ على الله، والثقة به.
مهما أجمعَ عدوُّك كيدَه، وأحكمَ مكرَه، فلا تقلقْ ما دمتَ واثقًا بربِّك، ثابتًا على مبادئِ دينك.
ما يستقوي به العدوُّ لا يُرهِب المؤمنَ ما دامَ متوكِّلًا على القويِّ العظيمِ سبحانه.

قال الإمام الرازي: «اعلم أنه- سبحانه - لما بالغ في تقرير الدلائل والبينات وفي الجواب عن الشبه والسؤالات، شرع بعد ذلك في بيان بعض قصص الأنبياء- عليهم السلام- لوجوه:أحدها: أن الكلام إذا طال في تقرير نوع من أنواع العلوم، فربما حصل نوع من أنواع الملالة، فإذا انتقل الإنسان من ذلك الفن من العلم إلى فن آخر، انشرح صدره.
ووجد في نفسه رغبة جديدة.
وثانيها: ليكون للرسول صلى الله عليه وسلم ولأصحابه، أسوة بمن سلف من الأنبياء، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم إذا سمع أن معاملة الكفار لأنبيائهم سيئة.. خف ذلك على قلبه، لأن المصيبة إذا عمت خفت.
وثالثها: أن الكفار إذا سمعوا هذه القصص، وعلموا أن العاقبة للمتقين كان ذلك سببا في انكسار قلوبهم، ووقوع الخوف والوجل في نفوسهم.
وحينئذ يقلعون عن أنواع الإيذاء والسفاهة ...
»ونوح- عليه السلام-: واحد من أولى العزم من الرسل، وينتهى نسبه إلى شيث بن آدم- عليه السلام- وقد ذكر في القرآن في ثلاثة وأربعين موضعا.
وكان قومه يعبدون الأصنام، فأرسل الله إليهم نوحا ليدلهم على طريق الرشاد.
وقد تكررت قصته مع قومه في سورة الأعراف، وهود، والمؤمنون، ونوح ...
بصورة أكثر تفصيلا.
أما هنا في سورة يونس فقد جاءت بصورة مجملة، لأن الغرض منها هنا، إبراز جانب التحدي من نوح لقومه، بعد أن مكث فيهم زمانا طويلا، يدعوهم إلى عبادة الله وحده، وترك عبادة غيره.
والمعنى: واتل- يا محمد- على مسامع هؤلاء المشركين الذين مردوا على افتراء الكذب، نبأ نوح- عليه السلام- مع قومه المغترين بأموالهم وكثرتهم ليتدبروا ما في هذا النبأ من عظات وعبر.
وليعلموا أن سنة الله-تبارك وتعالى- قد اقتضت أن يجعل العاقبة للمتقين.
والمقصود من هذه التلاوة، دعوة مشركي مكة وأمثالهم، إلى التدبر فيما جرى للظالمين من قبلهم، لعلهم بسبب هذا التدبر والتأمل يثوبون إلى رشدهم ويتبعون الدين الحق الذي جاءهم به نبيهم محمد صلى الله عليه وسلم.
وقوله: يا قَوْمِ إِنْ كانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقامِي وَتَذْكِيرِي بِآياتِ اللَّهِ فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ..بيان لما قاله لهم بعد أن مكث فيهم زمنا طويلا،، وسمع منهم ما سمع من استهزاء بدعوته،، وتطاول على أتباعه.
أى: قال نوح لقومه بعد أن دعاهم ليلا ونهارا: يا قوم إن كان كَبُرَ عَلَيْكُمْ.
أى: شق وعظم عليكم مَقامِي فيكم ووجودى بين أظهركم عمرا طويلا وَتَذْكِيرِي إياكم بآيات الله الدالة على وحدانيته وقدرته،، والتي تستلزم منكم إخلاص العبادة له والشكر لنعمه.
إن كان كبر عليكم ذلك فعلى الله وحده توكلت، وإليه وحده فوضت أمرى ولن يصرفني عن الاستمرار في تبليغ ما أمرنى بتبليغه وعد أو وعيد منكم.
وخاطبهم- عليه السلام- بقوله: يا قَوْمِ استمالة لقلوبهم وإشعارا لهم بأنهم أهله وأقرباؤه الذين يحب لهم الخير، ويكره لهم الشر.
وجملة فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ جواب الشرط.
وقيل جواب الشرط محذوف والتقدير: إن كان كبر عليكم ذلك فافعلوا ما شئتم فإنى على الله وحده توكلت في تبليغ دعوته لكم.
وقوله: فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكاءَكُمْ معطوف على ما قبله.
والفعل فَأَجْمِعُوا بقطع الهمزة مأخوذ من أجمعت على الأمر إذا عزمت عليه عزما مؤكدا ووطنت نفسك على المضي فيه بدون تردد أو تقاعس.
والمراد بالأمر هنا: المكر والكيد والعداوة وما يشبه ذلك.
والمراد بشركائهم: أصنامهم التي عبدوها من دون الله وظنوا فيها النفع والضرر والتمسوا فيها العون والنصرة.
والمعنى: أن نوحا- عليه السلام- قد قال لقومه بصراحة ووضوح: يا قوم إن كان قد شق عليكم مقامي فيكم، وتذكيري بآيات الله الدالة على وحدانيته فاجمعوا ما تريدون جمعه من مكر وكيد بي، ثم ادعوا شركاءكم ليساعدوكم في ذلك فإنى ماض في طريقي الذي أمرنى الله به، بدون مبالاة بمكركم وبدون اهتمام بكيدكم.
قال الآلوسى: «وقوله وَشُرَكاءَكُمْ منصوب على أنه مفعول معه لأن الشركاء عازمون لا معزوم عليهم.
وقيل إنه منصوب العطف على قوله أَمْرَكُمْ بحذف المضاف.
أى فأجمعوا أمركم وأمر شركائكم.
وقرأ نافع: فاجمعوا بوصل الهمزة وفتح الميم من جمع وعطف الشركاء على الأمر في هذه القراءة ظاهر بناء على أنه يقال: جمعت شركائى، كما يقال جمعت أمرى ...
» .
وقوله: ثُمَّ لا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً معطوف على ما قبله، ومؤكد لمضمونه.
وكلمة غُمَّةً بمعنى الستر والخفاء.
يقال: غم على فلان الأمر أى: خفى عليه واستتر.
ومنه الحديث الشريف: «صوموا لرؤيته- أى الهلال- وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين يوما» أى فإن استتر وخفى عليكم الهلال وحال دون رؤيتكم له حائل من عغيم أو ضباب فأكملوا عدة شعبان ثلاثين يوما.
أى: اجمعوا ما تريدون جمعه لي من مكر وكيد واستعينوا على ذلك بشركائكم ثم لا يكن أمركم، الذي أجمعتم على تنفيذه فيه شيء من الستر أو الخفاء أو الالتباس الذي يجعلكم مترددين في المضي فيه أو متقاعسين عن مجاهرتى بما تريدون فعله معى.
ومنهم من يرى أن كلمة غُمَّةً هنا بمعنى الغم كالكربة بمعنى الكرب أى: ثم لا يكن حالكم غما كائنا عليكم بسبب مقامي فيكم وتذكيري إياكم بآيات الله.
وقد أشار صاحب الكشاف الى هذين الوجهين فقال: «فإن قلت: ما معنى الأمرين:أمرهم الذي يجمعونه وأمرهم الذي لا يكون عليهم غمة؟قلت: أما الأمر الأول فالقصد إلى إهلاكه يعنى: فأجمعوا ما تريدون من إهلاكى واحتشدوا فيه، وابذلوا وسعكم في كيدي.
وإنما قال ذلك إظهارا لقلة مبالاته بهم وثقته بما وعده به ربه من كلاءته وعصمته إياه، وأنهم لن يجدوا إليه سبيلا.
وأما الثاني ففيه وجهان: أحدهما أن يراد مصاحبتهم له وما كانوا فيه معه من الحال الشديدة عليهم، المكروهة عندهم.
يعنى: ثم أهلكونى لئلا يكون عيشكم بسببي غصة عليكم.
وحالكم عليكم غمة.
أى: غما وهما.
والغم والغمة كالكرب والكربة.
وثانيهما: أن يراد به ما أريد بالأمر الأول.
والغمة السترة من غمه إذا ستره، وفي الحديث «لا غمة في فرائض الله» أى لا تستر ولكن يجاهر بها.
يعنى: ولا يكن قصدكم إلى إهلاكى مستورا عليكم.
ولكن مكشوفا مشهورا تجاهروننى به» .
وقوله: ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلا تُنْظِرُونِ زيادة في تحديهم وإثارتهم.
والقضاء هنا بمعنى الأداء، من قولهم: قضى المدين للدائن دينه، إذا أداه إليه، وقضى فلان الصلاة.
أى أداها بعد مضى وقتها.
أى: ثم أدوا إلى ذلك الأمر الذي تريدون أداءه من إيذائى أو إهلاكى بدون إنظار أو إمهال.
ويصح أن يكون القضاء هنا بمعنى الحكم، أى: ثم احكموا على بما تريدون من أحكام،ولا تتركوا لي مهلة في تنفيذها، بل نفذوها علىّ في الحال.
فأنت ترى في هذه الآية الكريمة كيف أن نوحا- عليه السلام- كان في نهاية الشجاعة في مخاطبته لقومه، بعد أن مكث فيهم ما مكث وهو يدعوهم إلى عبادة الله-تبارك وتعالى- وحده.
فهو- أولا- يصارحهم بأنه ماض في طريقه الذي أمره الله بالمضي فيه، وهو تذكيرهم بالدلائل الدالة على وحدانية الله، وعلى وجوب إخلاص العبادة له سواء أشق عليهم هذا التذكير أم لم يشق، وأنه لا اعتماد له على أحد إلا على الله وحده.
وهو- ثانيا- يتحداهم بأن يجمعوا أمرهم وأمر شركائهم وأن يأخذوا أهبتهم لكيده وحربه.
وهو- ثالثا- يطالبهم بأن يتخذوا قراراتهم بدون تستر أو خفاء، فإن الأمر لا يحتاج إلى غموض أو تردد، لأن حاله معهم قد أصبح واضحا وصريحا.
وهو- رابعا- يأمرهم بأن يبلغوه ما توصلوا إليه من قرارات وأحكام وأن ينفذوها عليه بدون تريث أو انتظار، حتى لا يتركوا له فرصة للاستعداد للنجاة من مكرهم.
وهكذا نرى نوحا- عليه السلام- يتحدى قومه تحديا صريحا مثيرا.
حتى إنه ليغريهم بنفسه، ويفتح لهم الطريق لإيذائه وإهلاكه- إن استطاعوا ذلك-.
وما لجأ- عليه السلام- إلى هذا التحدي الواضح المثير إلا لأنه كان معتمدا على الله-تبارك وتعالى- الذي تتضاءل أمام قوته كل قوة وتتهاوى إزاء سطوته كل سطوة ويتصاغر كل تدبير وتقدير أمام تدبيره وتقديره.
وهكذا نرى القرآن الكريم يسوق للدعاة في كل زمان ومكان تلك المواقف المشرفة لرسل الله- عليهم الصلاة والسلام- لكي يقتدوا بهم في شجاعتهم، وفي اعتمادهم على الله وحده، وفي ثباتهم أمام الباطل مهما بلغت قوته، واشتد جبروته.
ومتى فعلوا ذلك، كانت العاقبة لهم لأنه- سبحانه - تعهد أن ينصر من ينصره.
قوله تعالى واتل عليهم نبأ نوح إذ قال لقومه ياقوم إن كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله فعلى الله توكلت فأجمعوا أمركم وشركاءكم ثم لا يكن أمركم عليكم غمة ثم اقضوا إلي ولا تنظرونقوله تعالى واتل عليهم نبأ نوح أمره عليه السلام أن يذكرهم أقاصيص المتقدمين ، ويخوفهم العذاب الأليم على كفرهم .
وحذفت الواو من ( اتل ) لأنه أمر ; أي اقرأ عليهم خبر نوح .
إذ قال لقومه ( إذ ) في موضع نصب .
ياقوم إن كان كبر عليكم أي عظم وثقل عليكم مقامي .
المقام " بفتح الميم " : الموضع الذي يقوم فيه .
والمقام " بالضم " الإقامة .
ولم يقرأ به فيما علمت ; أي إن طال عليكم لبثي فيكم .
وتذكيري وتخويفي لكم .
بآيات الله وعزمتم على قتلي وطردي فعلى الله توكلت أي اعتمدت .
وهذا هو جواب الشرط ، ولم يزل عليه السلام متوكلا على الله في كل حال ; ولكن بين أنه متوكل في هذا على الخصوص ليعرف قومه أن الله يكفيه أمرهم ; أي إن لم تنصروني فإني أتوكل على من ينصرني .
قوله تعالى فأجمعوا أمركم وشركاءكم قراءة العامة ( فأجمعوا ) بقطع الألف ( شركاءكم ) بالنصب .
وقرأ عاصم الجحدري " فاجمعوا " بوصل الألف وفتح الميم ; من جمع يجمع .
( شركاءكم ) بالنصب .
وقرأ الحسن وابن أبي إسحاق ويعقوب ( فأجمعوا ) بقطع الألف " شركاؤكم " بالرفع .
فأما القراءة الأولى من أجمع على الشيء إذا عزم عليه .
وقال الفراء : أجمع الشيء أعده .
وقال المؤرج : أجمعت الأمر أفصح من أجمعت عليه .
وأنشد :يا ليت شعري والمنى لا تنفع هل أغدون يوما وأمري مجمعقال النحاس : وفي نصب الشركاء على هذه القراءة ثلاثة أوجه ; قال الكسائي والفراء : هو بمعنى وادعو شركاءكم لنصرتكم ; وهو منصوب عندهما على إضمار هذا الفعل .
وقال محمد بن يزيد : هو معطوف على المعنى ; كما قال :رأيت زوجك في الوغى متقلدا سيفا ورمحاوالرمح لا يتقلد ، إلا أنه محمول كالسيف .
وقال أبو إسحاق الزجاج : المعنى مع شركائكم على تناصركم ; كما يقال : التقى الماء والخشبة .
والقراءة الثانية من الجمع ، اعتبارا بقوله تعالى : فجمع كيده ثم أتى .
قال أبو معاذ : ويجوز أن يكون جمع وأجمع بمعنى واحد ، ( وشركاءكم ) على هذه القراءة عطف على أمركم ، أو على معنى فأجمعوا أمركم وأجمعوا شركاءكم ، وإن شئت بمعنى مع ، قال أبو جعفر النحاس : وسمعت أبا إسحاق يجيز قام زيد وعمرا .
والقراءة الثالثة على أن يعطف الشركاء على المضمر المرفوع في أجمعوا ، وحسن ذلك لأن الكلام قد طال .
قال النحاس وغيره : وهذه القراءة تبعد ; لأنه لو كان مرفوعا لوجب أن تكتب بالواو ، ولم ير في المصاحف واو في قوله ( وشركاءكم ) ، وأيضا فإن شركاءهم الأصنام ، والأصنام لا تصنع شيئا ولا فعل لها حتى تجمع .
قال المهدوي : ويجوز أن يرتفع الشركاء بالابتداء والخبر محذوف ، أي وشركاءكم ليجمعوا أمرهم ، ونسب ذلك إلى الشركاء وهي لا تسمع ولا تبصر ولا تميز على جهة التوبيخ لمن عبدها .
قوله تعالى ثم لا يكن أمركم عليكم غمة اسم ( يكن ) وخبرها .
و ( غمة ) وغم سواء ، ومعناه التغطية ; من قولهم : غم الهلال إذا استتر ; أي ليكن أمركم ظاهرا منكشفا تتمكنون فيه مما شئتم ; لا كمن يخفى أمره فلا يقدر على ما يريد .
قال طرفة :لعمرك ما أمري علي بغمة نهاري ولا ليلي علي بسرمدالزجاج : غمة ذا غم ، والغم والغمة كالكرب والكربة .
وقيل : إن الغمة ضيق الأمر الذي يوجب الغم فلا يتبين صاحبه لأمره مصدرا لينفرج عنه ما يغمه .
وفي الصحاح : والغمة الكربة .
قال العجاج :بل لو شهدت الناس إذا تكموا بغمة لو لم تفرج غموايقال : أمر غمة ، أي مبهم ملتبس ; قال تعالى : ثم لا يكن أمركم عليكم غمة .
قال أبو عبيدة : مجازها ظلمة وضيق .
والغمة أيضا : قعر النحي وغيره .
قال غيره : وأصل هذا كله مشتق من الغمامة .
قوله تعالى ثم اقضوا إلي ولا تنظرون ألف ( اقضوا ) ألف وصل ، من قضى يقضي .
قال الأخفش والكسائي : وهو مثل : وقضينا إليه ذلك الأمر أي أنهيناه إليه وأبلغناه إياه .
وروي عن ابن عباس ثم اقضوا إلي ولا تنظرون قال : امضوا إلي ولا تؤخرون .
قال النحاس : هذا قول صحيح في اللغة ; ومنه : قضى الميت أي مضى .
وأعلمهم بهذا أنهم لا يصلون إليه ، وهذا من دلائل النبوات .
وحكى الفراء عن بعض القراء " ثم أفضوا إلي " بالفاء وقطع الألف ، أي توجهوا ; يقال : أفضت الخلافة إلى فلان ، وأفضى إلي الوجع .
وهذا إخبار من الله تعالى عن نبيه نوح عليه السلام أنه كان بنصر الله واثقا ، ومن كيدهم غير خائف ; علما منه بأنهم وآلهتهم لا ينفعون ولا يضرون .
وهو تعزية لنبيه صلى الله عليه وسلم وتقوية لقلبه .


شرح المفردات و معاني الكلمات : واتل , نبأ , نوح , قال , لقومه , قوم , كبر , مقامي , وتذكيري , آيات , الله , فعلى , الله , توكلت , فأجمعوا , أمركم , شركاءكم , أمركم , غمة , اقضوا , تنظرون ,
English Türkçe Indonesia
Русский Français فارسی
تفسير انجليزي اعراب

آيات من القرآن الكريم


تحميل سورة يونس mp3 :

سورة يونس mp3 : قم باختيار القارئ للاستماع و تحميل سورة يونس

سورة يونس بصوت ماهر المعيقلي
ماهر المعيقلي
سورة يونس بصوت سعد الغامدي
سعد الغامدي
سورة يونس بصوت عبد  الباسط عبد الصمد
عبد الباسط
سورة يونس بصوت أحمد العجمي
أحمد العجمي
سورة يونس بصوت محمد صديق المنشاوي
المنشاوي
سورة يونس بصوت محمود خليل الحصري
الحصري
سورة يونس بصوت مشاري راشد العفاسي
مشاري العفاسي
سورة يونس بصوت ناصر القطامي
ناصر القطامي
سورة يونس بصوت فارس عباد
فارس عباد
سورة يونس بصوت ياسر لدوسري
ياسر الدوسري


الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Sunday, November 17, 2024

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب