﴿ وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ ۚ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَىٰ ذَٰلِكُمْ إِصْرِي ۖ قَالُوا أَقْرَرْنَا ۚ قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ﴾
[ آل عمران: 81]

سورة : آل عمران - Āl-‘Imrān  - الجزء : ( 3 )  -  الصفحة: ( 60 )

And (remember) when Allah took the Covenant of the Prophets, saying: "Take whatever I gave you from the Book and Hikmah (understanding of the Laws of Allah, etc.), and afterwards there will come to you a Messenger (Muhammad SAW) confirming what is with you; you must, then, believe in him and help him." Allah said: "Do you agree (to it) and will you take up My Covenant (which I conclude with you)?" They said: "We agree." He said: "Then bear witness; and I am with you among the witnesses (for this)."


إِصري : عهدي

واذكر -أيها الرسول- إذ أخذ الله سبحانه العهد المؤكد على جميع الأنبياء: لَئِنْ آتيتكم من كتاب وحكمة، ثم جاءكم رسول من عندي، مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنَّه. فهل أقررتم واعترفتم بذلك وأخذتم على ذلك عهدي الموثق؟ قالوا: أقررنا بذلك، قال: فليشهدْ بعضكم على بعض، واشهدوا على أممكم بذلك، وأنا معكم من الشاهدين عليكم وعليهم. وفي هذا أن الله أخذ الميثاق على كل نبي أن يؤمن بمحمد صلى الله عليه وسلم، وأخذ الميثاق على أمم الأنبياء بذلك.

وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم - تفسير السعدي

يخبر تعالى أنه أخذ ميثاق النبيين وعهدهم المؤكد بسبب ما أعطاهم من كتاب الله المنزل، والحكمة الفاصلة بين الحق والباطل والهدى والضلال، إنه إن بعث الله رسولا مصدقا لما معهم أن يؤمنوا به ويصدقوه ويأخذوا ذلك على أممهم، فالأنبياء عليهم الصلاة والسلام قد أوجب الله عليهم أن يؤمن بعضهم ببعض، ويصدق بعضهم بعضا لأن جميع ما عندهم هو من عند الله، وكل ما من عند الله يجب التصديق به والإيمان، فهم كالشيء الواحد، فعلى هذا قد علم أن محمدا صلى الله عليه وسلم هو خاتمهم، فكل الأنبياء عليهم الصلاة والسلام لو أدركوه لوجب عليهم الإيمان به واتباعه ونصرته، وكان هو إمامهم ومقدمهم ومتبوعهم، فهذه الآية الكريمة من أعظم الدلائل على علو مرتبته وجلالة قدره، وأنه أفضل الأنبياء وسيدهم صلى الله عليه وسلم لما قررهم تعالى { قالوا أقررنا }- أي: قبلنا ما أمرتنا به على الرأس والعين { قال } الله لهم: { فاشهدوا } على أنفسكم وعلى أممكم بذلك، قال { وأنا معكم من الشاهدين فمن تولى بعد ذلك } العهد والميثاق المؤكد بالشهادة من الله ومن رسله

تفسير الآية 81 - سورة آل عمران

تفسير الجلالين التفسير الميسر تفسير السعدي
تفسير البغوي التفسير الوسيط تفسير ابن كثير
تفسير الطبري تفسير القرطبي إعراب الآية

وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم : الآية رقم 81 من سورة آل عمران

 سورة آل عمران الآية رقم 81

وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم - مكتوبة

الآية 81 من سورة آل عمران بالرسم العثماني


﴿ وَإِذۡ أَخَذَ ٱللَّهُ مِيثَٰقَ ٱلنَّبِيِّـۧنَ لَمَآ ءَاتَيۡتُكُم مِّن كِتَٰبٖ وَحِكۡمَةٖ ثُمَّ جَآءَكُمۡ رَسُولٞ مُّصَدِّقٞ لِّمَا مَعَكُمۡ لَتُؤۡمِنُنَّ بِهِۦ وَلَتَنصُرُنَّهُۥۚ قَالَ ءَأَقۡرَرۡتُمۡ وَأَخَذۡتُمۡ عَلَىٰ ذَٰلِكُمۡ إِصۡرِيۖ قَالُوٓاْ أَقۡرَرۡنَاۚ قَالَ فَٱشۡهَدُواْ وَأَنَا۠ مَعَكُم مِّنَ ٱلشَّٰهِدِينَ  ﴾ [ آل عمران: 81]


﴿ وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين ﴾ [ آل عمران: 81]

  1. الآية مشكولة
  2. تفسير الآية
  3. استماع mp3
  4. الرسم العثماني
  5. تفسير الصفحة
فهرس القرآن | سور القرآن الكريم : سورة آل عمران Āl-‘Imrān الآية رقم 81 , مكتوبة بكتابة عادية و كذلك بالشكيل و مصورة مع الاستماع للآية بصوت ثلاثين قارئ من أشهر قراء العالم الاسلامي مع تفسيرها ,مكتوبة بالرسم العثماني لمونتاج فيديو اليوتيوب .
  
   

تحميل الآية 81 من آل عمران صوت mp3


تدبر الآية: وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم

ليس بعد شريعة نبيِّنا ﷺ شريعةٌ تُتَّبع، فإن شريعتَه ناسخةٌ لجميع الشرائع، ودينه خاتمُ الأديان إلى يوم القيامة.
مَن انتسب إلى نبيٍّ من الأنبياء وهو يكذِّب بشريعة خاتم الأنبياء فإنه كاذبٌ في دعواه، متَّبع لهواه، والأنبياء كافَّةً بَراءٌ من ضلاله.
رتبة نبيِّنا ﷺ أعلى الرُّتَب، فهو أجلُّ البشر قدرًا، وأفضل أنبياء الله منزلة، ودينُه خير الأديان، وشريعتُه خاتمة الشرائع.
ما أعظمَها من مكانةٍ لنبيِّنا ﷺ ؛ أن يأخذَ الله العهدَ المؤكَّد على كلِّ نبيٍّ أن يؤمنَ به وينصرَه، ويأخذَ كلُّ نبيٍّ العهدَ على أمَّته بذلك، ويشهدَ عليهم به، ويشهدَ الله على الجميع بذلك!

قوله-تبارك وتعالى- وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ الظرف «إذ» منصوب بفعل مقدر تقديره اذكر، والخطاب فيه للنبي صلّى الله عليه وسلّم أو لكل من يصلح للخطاب.
والميثاق: هو العقد المؤكد بيمين.
أى: اذكر يا محمد أو أيها المخاطب وقت أن أخذ الله الميثاق من النبيين.
وللمفسرين في تفسير هذه الآية الكريمة أقوال أشهرها قولان:أولهما: وهو رأى جمهور العلماء- أن المراد أن الله-تبارك وتعالى- أخذ الميثاق من النبيين.
وثانيهما: وهو رأى بعض العلماء- أن المراد أن الأنبياء هم الذين أخذوا الميثاق من غيرهم.
والمعنى على رأى فريق من أصحاب القول الأول- منهم الحسن والسدى وسعيد بن جبير-:أن الله-تبارك وتعالى- أخذ الميثاق من النبيين أن يصدق بعضهم بعضا، وأخذ العهد على كل نبي أن يؤمن بمن يأتى بعده من الأنبياء وينصره إن أدركه فإن لم يدركه يأمر قومه بنصرته إن أدركوه.
فأخذ- سبحانه - الميثاق من موسى أن يؤمن بعيسى، ومن عيسى أن يؤمن بمحمد - صلوات الله وسلامه عليهم جميعا- وإذا كان هذا حكم الأنبياء، كانت الأمم بذلك أولى وأحرى.
والمعنى على رأى فريق آخر من أصحاب هذا القول منهم على وابن عباس وقتادة: أن الله-تبارك وتعالى- أخذ الميثاق من النبيين أن يؤمنوا بمحمد صلّى الله عليه وسلّم إذا أدركوه، وأن يأمروا أقوامهم بالإيمان به.
قالوا: يؤيد هذا ما أخرجه ابن جرير عن على بن أبى طالب قال: لم يبعث الله نبيّا: آدم فمن بعده إلا أخذ عليه العهد في محمد صلّى الله عليه وسلّم لئن بعث وهو حي ليؤمنن به ولينصرنه، ويأمره فيأخذ العهد على قومه.
ثم تلا الآية» .
فكأن أصحاب هذا القول الأول متفقون فيما بينهم عن أن الميثاق إنما أخذه الله من النبيين إلا أن بعضهم يرى أن هذا الميثاق أخذه الله منهم لكي يصدق بعضهم بعضا والبعض الآخر يرى أن هذا الميثاق أخذه الله منهم في شأن محمد صلّى الله عليه وسلّم خاصة.
قال ابن كثير ما ملخصه.
وما قاله الحسن ومن معه لا يضاد ما قاله على وابن عباس ولا ينفيه، بل يستلزمه ويقتضيه ...
وقد روى الإمام أحمد عن عبد الله بن ثابت قال: جاء عمر إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم فقال: يا رسول الله: إنى مررت بأخ لي من بنى قريظة، فكتب لي جوامع من التوراة ألا أعرضها عليك؟ قال: فتغير وجه النبي صلّى الله عليه وسلّم قال عبد الله بن ثابت: فقلت له:ألا ترى ما بوجه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؟ فقال عمر: رضيت بالله ربا.
وبالإسلام دينا، وبمحمد رسولا.
قال: فسرى عن النبي صلّى الله عليه وسلّم وقال: «والذي نفسي بيده لو أصبح فيكم موسى- عليه السلام- ثم اتبعتموه وتركتموني لضللتم، إنكم حظى من الأمم وأنا حظكم من النبيين.
وعن جابر قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء فإنهم لن يهدوكم وقد ضلوا.
وإنكم إما أن تصدقوا بباطل وإما أن تكذبوا بحق، وإنه والله لو كان موسى حيّا بين أظهركم ما حل له إلا أن يتبعني» وفي بعض الأحاديث: «لو كان موسى وعيسى حيين لما وسعهما إلا اتباعى» .
فالرسول محمد صلّى الله عليه وسلّم «هو الإمام الأعظم الذي لو وجد في أى عصر وجد- كان هو الواجب الطاعة المقدم على الأنبياء كلهم» .
هذا هو معنى الجملة الكريمة عند أصحاب الرأى الأول الذين يرون أن الله-تبارك وتعالى- أخذ الميثاق من النبيين.
وأصحاب هذا الرأى كما سبق أن بيناهم جمهور العلماء.
أما أصحاب الرأى الثاني الذين يرون أن المراد من الآية أن الأنبياء هم الذين أخذوا الميثاق من غيرهم، فالمعنى عليه.
واذكر يا محمد أو أيها المخاطب وقت أن أخذ الأنبياء العهد على أقوامهم بأنه إذا بعث محمد صلّى الله عليه وسلّم وأدركوه فعليهم أن يؤمنوا به ويصدقوه وينصروه فكأن معنى الآية: واذكر وقت أن أخذ الله الميثاق الذي وثق الأنبياء على أقوامهم..هذا، وقد أشار صاحب الكشاف إلى هذين الرأيين وغيرهما فقال:«ميثاق النبيين» فيه غير وجه:أحدهما: أن يكون على ظاهره من أخذ الميثاق على النبيين بذلك.
والثاني: أن يضيف الميثاق إلى النبيين إضافته إلى الموثق لا إلى الموثق عليه، كما تقول: ميثاق الله وعهد الله كأنه قيل: وإذ أخذ الله الميثاق الذي وثقه النبيون على أممهم.
والثالث: أن يراد ميثاق أولاد النبيين وهم بنو إسرائيل على حذف المضاف.
والرابع: أن يراد أهل الكتاب وأن يرد زعمهم تهكما بهم لأنهم كانوا يقولون: نحن أولى بالنبوة من محمد لأنا أهل الكتاب، ومنا كان النبيون» .
والذي تسكن إليه النفس في معنى الآية.
هو الرأى الأول الذي قال به جمهور العلماء، وذلك لأن الآيات الكريمة مسوقة- كما يقول الفخر الرازي لتعديد تقرير الأشياء المعروفة عند أهل الكتاب، مما يدل على نبوة محمد صلّى الله عليه وسلّم قطعا لعذرهم، وإظهارا لعنادهم، ومن جملة هذه الأشياء ما ذكره- سبحانه - في هذه الآية.
وهو أنه-تبارك وتعالى- أخذ الميثاق من الأنبياء بأنهم كلما جاءهم رسول مصدق لما معهم آمنوا به ونصروه، وأخبر أنهم قبلوا ذلك، وحكم- سبحانه - بأنه من رجع عن ذلك كان من الفاسقين.. فحاصل الكلام أنه-تبارك وتعالى- أوجب على جميع الأنبياء الإيمان بكل رسول جاء مصدقا لما معهم، ولا شك أن محمدا صلّى الله عليه وسلّم قد جاء مصدقا لما معهم فوجب على الجميع أن يؤمنوا به» .
ولأن هذا المعنى هو الظاهر من الآية الكريمة.
ولا تحتاج إلى تقدير مضاف أو غيره، والأخذ بالمعنى الظاهر الذي لا يحتاج إلى تقدير أولى من الأخذ بغيره.
ولأن أخذ العهد على الأنبياء بأن يؤمنوا بمحمد صلّى الله عليه وسلّم أعلى وأشرف لقدره صلّى الله عليه وسلّم من أخذه على أممهم وأقوامهم.
ولأن أخذ العهد على الأنبياء أخذ له على الأمم، إذ كل أمة يجب أن تصدق بما جاءها به نبيها.
واللام في قوله-تبارك وتعالى- لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَحِكْمَةٍ قرأها الجمهور بالفتح.
وقرأها حمزة بالكسر.
أما قراءة الفتح فلها وجهان:أولهما: أن تجعل «ما» اسم موصول مبتدأ، وما بعده صلة له، وخبره قوله لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ.
والتقدير: واذكر وقت أن أخذ الله ميثاق النبيين قائلا لهم: الذي آتيتكم إياه من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما أوتيتموه لتؤمنن بهذا الرسول ولتنصرنه.
وعلى هذا الوجه تكون اللام في قوله «لما» للابتداء وحسن دخولها هنا لأن قوله لَما آتَيْتُكُمْ في مقام المقسم عليه، وقوله وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ في مقام القسم، إذ هو بمنزلة الاستحلاف تقول:أخذت ميثاقك لتفعلن كذا فكأنك قلت: استحلفتك لتفعلن كذا..وثانيهما: أن تجعل «ما» هاهنا، اسم شرط جازم في موضع نصب بآتيتكم.
والتقدير: ما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم، لتؤمنن به ولتنصرنه.
وعلى هذا الوجه يكون فعل الشرط مكونا من جملتين:الأولى: آتَيْتُكُمْ.
والثانية: ثُمَّ جاءَكُمْ وهما معا في محل جزم بما الشرطية.
وقوله لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ جواب القسم الذي تضمنه قوله: وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ وجواب الشرط محذوف، لأن القاعدة النحوية أنه إذا اجتمع شرط.
وقسم فالجواب المذكور للسابق منهما وجواب اللاحق محذوف وهنا السابق هو القسم.
قال ابن مالك:واحذف لدى اجتماع شرط وقسم ...
جواب ما أخرت فهو ملتزموأما على قراءة الكسر التي قرأها حمزة فتكون اللام للتعليل كأنه قيل: اذكر وقت أن أخذ الله ميثاق النبيين، لأن إيتاءهم الكتاب والحكمة، ثم مجيء من يصدقهم يوجب عليهم الإيمان بهذا الرسول المصدق لما معهم ويوجب عليهم نصرته.
والمراد بالكتاب: ما أنزله الله-تبارك وتعالى- على هؤلاء النبيين من كتب تنطق بالحق.
والمراد بالحكمة: الوحى الوارد بالتكاليف المفصلة التي لم يشتمل عليها الكتاب.
أو المراد بها العلم النافع الذي أعطاه- سبحانه - لهم، ووفقهم للعمل به.
ومِنْ في قوله مِنْ كِتابٍ للبيان.
قال القرطبي: والمراد بالرسول هنا محمد صلّى الله عليه وسلّم واللفظ وإن كان نكرة فالإشارة إلى معين، كقوله-تبارك وتعالى- «ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً» إلى قوله-تبارك وتعالى- «وَلَقَدْ جاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْهُمْ فَكَذَّبُوهُ» فأخذ الله ميثاق النبيين أجمعين أن يؤمنوا بمحمد صلّى الله عليه وسلّم وينصروه إن أدركوه، وأمرهم أن يأخذوا بذلك الميثاق على أممهم» .
ثم حكى- سبحانه - ما قاله لهم بعد أن أمرهم بالإيمان بهذا الرسول وبنصرته فقال:«قالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلى ذلِكُمْ إِصْرِي» ؟.
والإصر: العهد.
وأصله من الإصار- أى الحبال التي يعقد بها الشيء ويشد- وسمى العهد إصرا لأنه تقوى به الأقوال والعقود.
أى- قال الله-تبارك وتعالى- للنبيين: أأقررتم بهذا الذي أمرتكم به وقبلتم عهدي؟ والاستفهام للتقرير والتوكيد عليهم لاستحالة معناه الحقيقي في حقه- سبحانه -.
ثم حكى- سبحانه - ما أجاب به الرسل وما رد به عليهم فقال: «قالُوا أَقْرَرْنا، قالَ: فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ» .
أى: قال الرسل مجيبين لخالقهم- عز وجل - أقررنا يا ربنا وقبلنا عهدك وأطعناه.
فرد عليهم- سبحانه - بقوله: «فَاشْهَدُوا» أى فليشهد بعضكم على بعض بهذا الإقرار، وأنا على إقراركم وإشهاد بعضكم على بعض من الشاهدين.
وهذا توكيد عليهم، وتحذير من الرجوع.
قوله تعالى : وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدينقيل : أخذ الله تعالى ميثاق الأنبياء أن يصدق بعضهم بعضا ويأمر بعضهم بالإيمان بعضا ; فذلك معنى النصرة بالتصديق .
وهذا قول سعيد بن جبير وقتادة وطاوس والسدي والحسن ، وهو ظاهر الآية .
قال طاوس : أخذ الله ميثاق الأول من الأنبياء أن يؤمن بما جاء به الآخر .
وقرأ ابن مسعود " وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب " .
قال الكسائي : يجوز أن يكون وإذ أخذ الله ميثاق النبيين بمعنى وإذ أخذ الله ميثاق الذين مع النبيين .
وقال البصريون : إذا أخذ الله ميثاق النبيين فقد أخذ ميثاق الذين معهم ; لأنهم قد اتبعوهم وصدقوهم .
و " ما " في قوله لما بمعنى الذي .
قال سيبويه : سألت الخليل بن أحمد عن قوله عز وجل : وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة فقال : لما بمعنى الذي قال النحاس : التقدير على قول الخليل للذي آتيتكموه ، ثم حذف الهاء لطول الاسم .
و " الذي " رفع بالابتداء وخبره من كتاب وحكمة .
و ( من ) لبيان الجنس .
وهذا كقول القائل : لزيد أفضل منك ; وهو قول الأخفش أنها لام الابتداء .
قال المهدوي : وقوله ثم جاءكم وما بعده جملة معطوفة على الصلة ، والعائد منها على الموصول محذوف ; والتقدير ثم جاءكم رسول مصدق به .
قوله تعالى : ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه الرسول هنا محمد - صلى الله عليه وسلم - في قول علي وابن عباس رضي الله عنهما .
واللفظ وإن كان نكرة فالإشارة إلى معين ; كقوله تعالى : وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة إلى قوله : ولقد جاءهم رسول منهم فكذبوهفأخذ الله ميثاق النبيين أجمعين أن يؤمنوا بمحمد عليه السلام وينصروه إن أدركوه ، وأمرهم أن يأخذوا بذلك الميثاق على أممهم .
واللام من قوله لتؤمنن به جواب القسم الذي هو أخذ الميثاق ، إذ هو بمنزلة الاستحلاف .
وهو كما تقول في الكلام : أخذت ميثاقك لتفعلن كذا ، كأنك قلت أستحلفك ، وفصل بين القسم وجوابه بحرف الجر الذي هو " لما " في قراءة ابن كثير على ما يأتي .
ومن فتحها جعلها متلقية للقسم الذي هو أخذ الميثاق .
واللام في لتؤمنن به جواب قسم محذوف ، أي والله لتؤمنن به .
وقال المبرد والكسائي والزجاج : " ما " شرط دخلت عليها لام التحقيق كما تدخل على إن ، ومعناه لمهما آتيتكم ; فموضع " ما " نصب ، وموضع " آتيتكم " جزم ، و " ثم جاءكم " معطوف عليه ، " لتؤمنن به " اللام في قوله " لتؤمنن به " جواب الجزاء ; كقوله تعالى : ولئن شئنا لنذهبن ونحوه .
وقال الكسائي : لتؤمنن به معتمد القسم فهو متصل بالكلام الأول ، وجواب الجزاء قوله فمن تولى بعد ذلك .
ولا يحتاج على هذا الوجه إلى تقدير عائد .
وقرأ أهل الكوفة " لما آتيتكم " بكسر اللام ، وهي أيضا بمعنى الذي وهي متعلقة بأخذ ، أي أخذ الله ميثاقهم لأجل الذي آتاهم من كتاب وحكمة ثم إن جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به من بعد الميثاق ; لأن أخذ الميثاق في معنى الاستحلاف كما تقدم .
قال النحاس : ولأبي عبيدة في هذا قول حسن .
قال : المعنى وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتؤمنن به لما آتيتكم من ذكر التوراة .
وقيل : في الكلام حذف ، والمعنى إذ أخذ الله ميثاق النبيين لتعلمن الناس لما جاءكم من كتاب وحكمة ، ولتأخذن على الناس أن يؤمنوا .
ودل على هذا الحذف وأخذتم على ذلكم إصري .
وقيل : إن اللام في قوله " لما " في قراءة من كسرها بمعنى بعد ، يعني بعدما آتيتكم من كتاب وحكمة ; كما قال النابغة :توهمت آيات لها فعرفتها لستة أعوام وذا العام سابعأي بعد ستة أعوام .
وقرأ سعيد بن جبير " لما " بالتشديد ، ومعناه حين آتيتكم .
واحتمل أن يكون أصلها التخفيف فزيدت " من " على مذهب من يرى زيادتها في الواجب فصارت لمن ما ، وقلبت النون ميما للإدغام فاجتمعت ثلاث ميمات فحذفت الأولى منهن استخفافا .
وقرأ أهل المدينة " آتيناكم " على التعظيم .
والباقون آتيتكم على لفظ الواحد .
ثم كل الأنبياء لم يؤتوا الكتاب وإنما أوتي البعض ، ولكن الغلبة للذين أوتوا الكتاب .
والمراد أخذ ميثاق جميع الأنبياء فمن لم يؤت الكتاب فهو في حكم من أوتي الكتاب لأنه أوتي الحكم والنبوة .
وأيضا من لم يؤت الكتاب أمر بأن يأخذ بكتاب من قبله فدخل تحت صفة من أوتي الكتاب .
قوله تعالى : أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين " أقررتم " من الإقرار ، والإصر والأصر لغتان ، وهو العهد .
والإصر في اللغة الثقل ; فسمي العهد إصرا لأنه منع وتشديد .
قال فاشهدوا أي اعلموا ; عن ابن عباس .
الزجاج : بينوا لأن الشاهد هو الذي يصحح دعوى المدعي .
وقيل : المعنى اشهدوا أنتم على أنفسكم وعلى أتباعكم .
وأنا معكم من الشاهدين عليكم وعليهم .
وقال سعيد بن المسيب : قال الله عز وجل للملائكة فاشهدوا عليهم ، فتكون كناية عن غير مذكور .


شرح المفردات و معاني الكلمات : أخذ , الله , ميثاق , النبيين , آتيتكم , كتاب , حكمة , جاءكم , رسول , مصدق , لتؤمنن , ولتنصرنه , قال , أأقررتم , أخذتم , إصري , أقررنا , قال , فاشهدوا , الشاهدين , قال+أأقررتم+وأخذتم+على+ذلكم+إصري , قالوا+أقررنا+قال+فاشهدوا+وأنا+معكم+من+الشاهدين ,
English Türkçe Indonesia
Русский Français فارسی
تفسير انجليزي اعراب

آيات من القرآن الكريم

  1. متكئين فيها على الأرائك لا يرون فيها شمسا ولا زمهريرا
  2. ولقد أرسلنا موسى بآياتنا أن أخرج قومك من الظلمات إلى النور وذكرهم بأيام الله إن
  3. قل هل من شركائكم من يبدأ الخلق ثم يعيده قل الله يبدأ الخلق ثم يعيده
  4. ياأيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم
  5. وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين
  6. إليه مرجعكم جميعا وعد الله حقا إنه يبدأ الخلق ثم يعيده ليجزي الذين آمنوا وعملوا
  7. وإن يريدوا أن يخدعوك فإن حسبك الله هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين
  8. وما تأتيهم من آية من آيات ربهم إلا كانوا عنها معرضين
  9. ولو أن أهل الكتاب آمنوا واتقوا لكفرنا عنهم سيئاتهم ولأدخلناهم جنات النعيم
  10. ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب بكل آية ما تبعوا قبلتك وما أنت بتابع قبلتهم وما

تحميل سورة آل عمران mp3 :

سورة آل عمران mp3 : قم باختيار القارئ للاستماع و تحميل سورة آل عمران

سورة آل عمران بصوت ماهر المعيقلي
ماهر المعيقلي
سورة آل عمران بصوت سعد الغامدي
سعد الغامدي
سورة آل عمران بصوت عبد  الباسط عبد الصمد
عبد الباسط
سورة آل عمران بصوت أحمد العجمي
أحمد العجمي
سورة آل عمران بصوت محمد صديق المنشاوي
المنشاوي
سورة آل عمران بصوت محمود خليل الحصري
الحصري
سورة آل عمران بصوت مشاري راشد العفاسي
مشاري العفاسي
سورة آل عمران بصوت ناصر القطامي
ناصر القطامي
سورة آل عمران بصوت فارس عباد
فارس عباد
سورة آل عمران بصوت ياسر لدوسري
ياسر الدوسري


الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, April 24, 2024

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب