1. التفسير الميسر
  2. تفسير الجلالين
  3. تفسير السعدي
  4. تفسير البغوي
  5. التفسير الوسيط
تفسير القرآن | باقة من أهم تفاسير القرآن الكريم المختصرة و الموجزة التي تعطي الوصف الشامل لمعنى الآيات الكريمات : سبعة تفاسير معتبرة لكل آية من كتاب الله تعالى , [ آل عمران: 125] .

  
   

﴿ بَلَىٰ ۚ إِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُم مِّن فَوْرِهِمْ هَٰذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُم بِخَمْسَةِ آلَافٍ مِّنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ﴾
[ سورة آل عمران: 125]

القول في تفسير قوله تعالى : بلى إن تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هذا يمددكم ربكم بخمسة آلاف ..


تفسير الجلالين التفسير الميسر تفسير السعدي
تفسير البغوي التفسير الوسيط تفسير ابن كثير
تفسير الطبري تفسير القرطبي إعراب الآية

التفسير الميسر : بلى إن تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هذا


بلى يكفيكم هذا المَدَد. وبشارة أخرى لكم: إن تصبروا على لقاء العدو وتتقوا الله بفِعْل ما أمركم به واجتناب ما نهاكم عنه، ويأت كفار "مكة" على الفور مسرعين لقتالكم، يظنون أنهم يستأصلونكم، فإن الله يمدكم بخمسة آلاف من الملائكة مسوِّمين أي: قد أعلموا أنفسهم وخيولهم بعلامات واضحات.

المختصر في التفسير : شرح المعنى باختصار


بلى، إن ذلك يكفيكم.
ولكم بشارة بعون آخر من الله: إن صبرتم على القتال، واتقيتم الله، وجاء المدد إلى أعدائكم من ساعتهم مسرعين إليكم، إن حصل ذلك فإن ربكم سيعينكم بخمسة آلاف من الملائكة معلِّمين أنفسهم وخيولهم بعلامة ظاهرة.

تفسير الجلالين : معنى و تأويل الآية 125


«بلى» يكفيكم ذلك وفي الأنفال بألف لأنه أمدهم أولا بها ثم صارت ثلاثة ثم صارت خمسة كما قال تعالى «إن تصبروا» على لقاء العدو «وتتقوا» الله في المخالفة «ويأتوكم» أي المشركون «من فورهم» وقتهم «هذا يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مُسَوَّمينَ» بكسر الواو وفتحها أي معلمين وقد صبروا وأنجز الله وعده بأن قاتلت معهم الملائكة على خيل بلق عليهم عمائم صفر أو بيض أرسلوها بين أكتافهم.

تفسير السعدي : بلى إن تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هذا


{بلى إن تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هذا }- أي: من مقصدهم هذا، وهو وقعة بدر { يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين }- أي: معلمين بعلامة الشجعان، فشرط الله لإمدادهم ثلاثة شروط: الصبر، والتقوى، وإتيان المشركين من فورهم هذا، فهذا الوعد بإنزال الملائكة المذكورين وإمدادهم بهم، وأما وعد النصر وقمع كيد الأعداء فشرط الله له الشرطين الأولين كما تقدم في قوله: { وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئا }

تفسير البغوي : مضمون الآية 125 من سورة آل عمران


( بلى إن تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هذا يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين ) فصبروا يوم بدر فاتقوا فأمدهم الله بخمسة آلاف كما وعد قال الحسن : وهؤلاء الخمسة آلاف ردء المؤمنين إلى يوم القيامة .
وقال ابن عباس ومجاهد : لم تقاتل الملائكة في المعركة إلا يوم بدر ، وفيما سوى ذلك يشهدون القتال ولا يقاتلون ، إنما يكونون عددا ومددا .
قال محمد بن إسحاق : لما كان يوم أحد انجلى القوم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وبقي سعد بن مالك يرمي وفتى شاب يتنبل له كلما فني النبل أتاه به فنثره فقال ارم أبا إسحاق مرتين ، فلما انجلت المعركة سئل عن ذلك الرجل فلم يعرف .
أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي ، أنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أنا محمد بن يوسف ، أنا محمد بن إسماعيل ، أنا عبد العزيز بن عبد الله ، أنا إبراهيم بن سعد ، عن أبيه ، عن جده ، عن سعد بن أبي وقاص قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد ومعه رجلان يقاتلان عنه عليهما ثياب بيض كأشد القتال ما رأيتهما قبل ولا بعد .
ورواه مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة ، قال أخبرنا محمد بن بشر وأبو أسامة ، عن مسعر ، عن سعد بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن سعد يعني ابن أبي وقاص قال : " رأيت عن يمين رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن شماله يوم أحد رجلين عليهما ثياب بيض ما رأيتهما قبل ولا بعد " يعني : جبريل وميكائيل .
وقال الشعبي : بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين يوم بدر : أن كرز بن جابر المحاربي يريد أن يمد المشركين فشق ذلك عليهم ، فأنزل الله تعالى : ( ألن يكفيكم أن يمدكم ) إلى قوله ( مسومين ) فبلغ كرزا الهزيمة فرجع فلم يأتهم ولم يمدهم فلم يمدهم الله أيضا بالخمسة آلاف ، وكانوا قد أمدوا بألف .
وقال الآخرون : إنما وعد الله تعالى المسلمين يوم بدر إن صبروا على طاعته واتقوا محارمه : أن يمدهم أيضا في حروبهم كلها فلم يصبروا إلا في يوم الأحزاب ، فأمدهم الله حتى حاصروا قريظة والنضير ، قال عبد الله بن أبي أوفى : كنا محاصري قريظة والنضير ما شاء الله فلم يفتح علينا فرجعنا فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بغسل فهو يغسل رأسه إذ جاءه جبريل عليه السلام ، فقال : وضعتم أسلحتكم ولم تضع الملائكة أوزارها؟ فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بخرقة فلف بها رأسه ولم يغسله ، ثم نادى فينا فقمنا حتى أتينا قريظة والنضير فيومئذ أمدنا الله تعالى بثلاثة آلاف من الملائكة ، ففتح لنا فتحا يسيرا .
وقال الضحاك وعكرمة : كان هذا يوم أحد وعدهم الله المدد إن صبروا فلم يصبروا فلم يمدوا به .
قوله تعالى : ( أن يمدكم ربكم ) والإمداد : إعانة الجيش بالجيش ، وقيل: ما كان على جهة القوة والإعانة يقال فيه : أمده إمدادا وما كان على جهة الزيادة يقال : مده مدا ، ومنه قوله تعالى : " والبحر يمده " ( لقمان - 27 ) وقيل: المد في الشر والإمداد في الخير ، يدل عليه قوله تعالى : " ويمدهم في طغيانهم يعمهون " ( البقرة - 15 ) " ونمد له من العذاب مدا " ( مريم - 79 ) وقال في الخير : ( أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين ) وقال : " وأمددناكم بأموال وبنين " ( الإسراء - 26 ) .
قوله تعالى : ( بثلاثة آلاف من الملائكة منزلين ) قرأ ابن عامر بتشديد الزاي على التكثير لقوله تعالى : " ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة " ( سورة الأنعام - 111 ) وقرأ الآخرون بالتخفيف دليله قوله تعالى : " لولا أنزل علينا الملائكة " ( الفرقان - 21 ) وقوله : " وأنزل جنودا لم تروها " ( التوبة - 26 ) .
ثم قال : ( بلى ) نمدكم ( إن تصبروا ) لعدوكم ( وتتقوا ) أي : مخالفة نبيكم ( ويأتوكم ) يعني المشركين ( من فورهم هذا ) قال ابن عباس رضي الله عنهما وقتادة والحسن وأكثر المفسرين : من وجههم هذا ، وقال مجاهد والضحاك : من غضبهم هذا ، لأنهم إنما رجعوا للحرب يوم أحد من غضبهم ليوم بدر ، ( يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة ) لم يرد خمسة آلاف سوى ما ذكر من ثلاثة آلاف بل أراد معهم وقوله ( مسومين ) أي : معلمين قرأ ابن كثير وأبو عمرو وعاصم بكسر الواو وقرأ الآخرون بفتحها فمن كسر الواو فأراد أنهم سوموا خيلهم ومن فتحها أراد به أنفسهم ، والتسويم : الإعلام من السومة وهي العلامة .
واختلفوا في تلك العلامة فقال عروة بن الزبير : كانت الملائكة على خيل بلق عليهم عمائم صفر ، وقال علي وابن عباس رضي الله عنهم : كانت عليهم عمائم بيض قد أرسلوها بين أكتافهم ، ( وقال هشام بن عروة والكلبي : عمائم صفر مرخاة على أكتافهم ) وقال الضحاك وقتادة : كانوا قد أعلموا بالعهن في نواصي الخيل وأذنابها ، وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه يوم بدر : " تسوموا فإن الملائكة قد تسومت بالصوف الأبيض في قلانسهم ومغافرهم " .

التفسير الوسيط : ويستفاد من هذه الآية


وقوله: بَلى إيجاب لما بعد «لن» أى، بلى يكفيكم الإمداد بثلاثة آلاف.
ولكنه- سبحانه - يعدكم بأنكم إِنْ تَصْبِرُوا على قتال أعدائكم وعلى ما أمركم الله بالصبر عليه، وتتقوا.
أى وتتقوا الله وتخشوه وتجتنبوا معاصيه وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هذا أى ويأتوكم المشركون مسرعين ليحاربوكم، وقد أعددتم أنفسكم لقتالهم، إذا فعلتم ذلك.
يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُسَوِّمِينَ، أى يمددكم ربكم بفضله ورعايته لكم بخمسة آلاف من الملائكة معلمين أنفسهم أو خيلهم بعلامات مخصوصة.
وقرئ مُسَوِّمِينَ- بالفتح - أى معلمين من جهته-تبارك وتعالى- بعلامات القتال.
من التسويم وهو إظهار علامة الشيء.
قال صاحب الكشاف: وقوله مِنْ فَوْرِهِمْ هذا من قولك: قفل من غزوته وخرج من فوره إلى غزوة أخرى، وجاء فلان ورجع من فوره.
ومنه قول أبى حنيفة- رحمه الله-: الأمر على الفور لا على التراخي، وهو مصدر من فارت القدر إذا غلت، فاستعير للسرعة، ثم سميت به الحالة التي لا ريث فيها.
فقيل: خرج من فوره كما تقول: خرج من ساعته.
والمعنى: أنهم يأتونكم من ساعتهم هذه» .
هذا، وقد تكلم العلماء هنا عن أمرين يتعلقان بهذه الآيات.
أما الأمر الأول فهو: هل أمد الله-تبارك وتعالى- المؤمنين في غزوة بدر بهذا العدد الذي ذكر في هذه الآية؟.
والجواب على ذلك أن بعض المفسرين يرى أن الله-تبارك وتعالى- قد أمد المؤمنين في بدر بخمسة آلاف من الملائكة، لأنهم صبروا واتقوا وأتاهم المشركون من مكة فورا حين استنفرهم أبو سفيان لإنقاذ العير، فكان المدد خمسة آلاف على سبيل التدريج، أى أمدوا أولا بألف، ثم صاروا ألفين، ثم صاروا ثلاثة آلاف.
ثم صاروا خمسة آلاف لا غير، وإلى هذا الرأى ذهب الحسن وقتادة.
وقال الشعبي: إن المدد لم يزد على الألف، لأن المسلمين كان قد بلغهم أن كرز بن جابر المحاربي يريد أن يمد المشركين بسلاح وجند، فشق ذلك على المسلمين فأنزل الله-تبارك وتعالى-:أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ إلى قوله مُسَوِّمِينَ فبلغ كرزا الهزيمة فرجع ولم يمدهم، فلم يمد الله المسلمين بالخمسة الآلاف أيضا.
أما ابن جرير فقد اختار أن المسلمين وعدوا بالمدد بعد الألف، ولا دلالة في الآية على أنهم أمدوا بما زاد على ذلك، ولا على أنهم لم يمدوا به، ولا يثبت شيء من ذلك إلا بنص.
فقد قال- رحمه الله-:«وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال: إن الله أخبر عن نبيه صلّى الله عليه وسلّم أنه قال للمؤمنين:أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلاثَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ فوعدهم الله بثلاثة آلاف من الملائكة مددا له ثم وعدهم بعد الثلاثة الآلاف خمسة آلاف، إن صبروا لأعدائهم واتقوا الله، ولا دلالة في الآية على أنهم أمدوا بالثلاثة الآلاف، ولا بالخمسة الآلاف ولا على أنهم لم يمدوا بهم.
وقد يجوز أن يكون الله-تبارك وتعالى- أمدهم على نحو ما رواه الذين أثبتوا أنه أمدهم، وقد يجوز أن يكون لم يمدهم، على نحو الذي ذكره من أنكر ذلك وغير جائز أن يقال في ذلك قول إلا بخبر تقوم الحجة به، ولا خبر به كذلك فنسلم لأحد الفريقين قوله.
غير أن في القرآن دلالة على أنهم أمدوا يوم بدر بألف.
وذلك قوله-تبارك وتعالى-: إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ.
أما في أحد فالدلالة على أنهم لم يمدوا أبين منها في أنهم أمدوا، ذلك لأنهم لو أمدوا لم يهزموا ونيل منهم ما نيل منهم» .
والذي نراه أن رأى ابن جرير هو أقرب الآراء إلى الصواب.
وأما الأمر الثاني فهو: إذا كان الله-تبارك وتعالى- قد أمد المؤمنين بالملائكة في بدر، فهل كانت وظيفتهم القتال مع المؤمنين أو كانت وظيفتهم تثبيت المؤمنين فقط؟ والجواب على ذلك أن كثيرا من العلماء يرى أن الملائكة قد قاتلت مع المؤمنين.
قال القرطبي: تظاهرت الروايات بأن الملائكة حضرت يوم بدر وقاتلت.
ومن ذلك قول أبى أسيد مالك بن ربيعة وكان قد شهد بدرا: لو كنت معكم الآن ببدر ومعى بصرى لأريتكم الشعب- أى الطريق في الجبل- الذي خرجت منه الملائكة، لا أشك ولا أمترى» .
وفي صحيح مسلم عن ابن عباس قال: بينما رجل من المسلمين يوم بدر يشتد في أثر رجل من المشركين أمامه، إذ سمع ضربة بالسوط فوقه وصوت الفارس يقول: «أقدم حيزوم» .
فنظر المسلم إلى المشرك أمامه فإذا هو قد خطم أنفه وشق وجهه.
فجاء المسلم إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فحدثه بذلك فقال: صدقت ذلك من مدد السماء الثالثة .
ويرى فريق آخر من العلماء أن الملائكة ما قاتلت مع المسلمين يوم بدر، وإنما أمد الله المؤمنين بالملائكة لتثبيت نفوسهم، وتقوية قلوبهم، ولتخذيل المشركين، وإلقاء الرعب في قلوبهم، فقد قال-تبارك وتعالى- إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْناقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنانٍ.
ويبدو أن الإمام ابن جرير الطبري كان يميل إلى هذا الرأى فقد قال عند تفسيره لقوله-تبارك وتعالى- فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا أى: قووا عزائمهم، وصححوا نياتهم في قتال عدوهم من المشركين، وقيل: كان ذلك بمعونتهم إياهم بقتال أعدائهم» .
وقد حكى الآلوسى عن أبى بكر الأصم أنه أنكر قتال الملائكة مع المؤمنين في بدر وأنه قال:«إن الملك الواحد يكفى في إهلاك سائر الأرض كما فعل جبريل بمدائن قوم لوط وأيضا أى فائدة في إرسال هذا الجمع من الملائكة معه وهو القوى الأمين.
وأيضا فإن أكابر الكفار الذين قتلوا في بدر عرف من قتلهم من المسلمين» .
ولم يرتض الآلوسى ما قاله الأصم بل قال في الرد عليه: ولا يخفى أن هذه الشبه لا يليق إيرادها بقوانين الشريعة، ولا بمن يعترف بأنه- سبحانه - قادر على ما يشاء فعال لما يريد، فما كان يليق بالأصم إلا أن يكون أخرس عن ذلك.
ثم قال الآلوسى فالواجب التسليم بكل ممكن جاء به النبي صلّى الله عليه وسلّم وتفويض ذلك وكيفيته إلى الله-تبارك وتعالى- .
ونرى من كلام الآلوسى أنه يرجح الرأى القائل بأن الملائكة قد قاتلت مع المؤمنين في غزوة بدر.
ونحن لا نرى مانعا من اشتراك الملائكة مع المؤمنين في بدر لأن النصوص الواردة عن النبي صلّى الله عليه وسلّم صريحة في ذلك، ولسنا مع الذين يضعفون من شأن الأحاديث الصحيحة أو يؤولونها تأويلا لا يتفق مع العقل السليم.
ولقد سئل الإمام السبكى: ما الحكمة في قتال الملائكة مع أن جبريل قادر على أن يدفع الكفار بريشة من جناحه؟.
فأجاب: بأن ذلك لإرادة أن يكون الفضل للنبي صلّى الله عليه وسلّم وأصحابه وتكون الملائكة مددا على عادة مدد الجيوش رعاية لصورة الأسباب التي أجراها- سبحانه - في عباده .

بلى إن تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هذا: تفسير ابن كثير


وقوله : { بلى إن تصبروا وتتقوا } يعني : تصبروا على مصابرة عدوكم وتتقوني وتطيعوا أمري .
وقوله : { ويأتوكم من فورهم هذا } قال الحسن ، وقتادة ، والربيع ، والسدي : أي من وجههم هذا . وقال مجاهد ، وعكرمة ، وأبو صالح : أي من غضبهم هذا . وقال الضحاك : من غضبهم ووجههم . وقال العوفي عن ابن عباس : من سفرهم هذا . ويقال : من غضبهم هذا .
وقوله : { يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين } أي: معلمين بالسيما .
وقال أبو إسحاق السبيعي ، عن حارثة بن مضرب ، عن علي بن أبي طالب ، رضي الله عنه ، قال : كان سيما الملائكة يوم بدر الصوف الأبيض ، وكان سيماهم أيضا في نواصي خيلهم .
رواه ابن أبي حاتم ، ثم قال : حدثنا أبو زرعة ، حدثنا هدبة بن خالد ، حدثنا حماد بن سلمة ، عن محمد بن عمرو بن علقمة ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة في هذه الآية : { مسومين } قال : بالعهن الأحمر .
وقال مجاهد : { مسومين } أي: محذقة أعرافها ، معلمة نواصيها بالصوف الأبيض في أذناب الخيل .
وقال العوفي ، عن ابن عباس ، قال : أتت الملائكة محمدا صلى الله عليه وسلم مسومين بالصوف ، فسوم محمد وأصحابه أنفسهم وخيلهم على سيماهم بالصوف .
وقال عكرمة وقتادة { مسومين } أي: بسيما القتال ، وقال مكحول : { مسومين } بالعمائم .
وروى ابن مردويه ، من حديث عبد القدوس بن حبيب ، عن عطاء بن أبي رباح ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله : { مسومين } قال : " معلمين . وكان سيما الملائكة يوم بدر عمائم سودا ، ويوم حنين عمائم حمرا " .
وروي من حديث حصين بن مخارق ، عن سعيد ، عن الحكم ، عن مقسم ، عن ابن عباس قال : لم تقاتل الملائكة إلا يوم بدر .
وقال ابن إسحاق : حدثني من لا أتهم ، عن مقسم ، عن ابن عباس قال : كان سيما الملائكة يوم بدر عمائم بيضا قد أرسلوها في ظهورهم ، ويوم حنين عمائم حمرا . ولم تضرب الملائكة في يوم سوى يوم بدر ، وكانوا يكونون فيما سواه من الأيام عددا ومددا لا يضربون .
ثم رواه عن الحسن بن عمارة ، عن الحكم ، عن مقسم عن ابن عباس ، فذكر نحوه .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا الأحمسي حدثنا وكيع ، حدثنا هشام بن عروة ، عن يحيى بن عباد : أن الزبير [ بن العوام ] رضي الله عنه ، كان عليه يوم بدر عمامة صفراء معتجرا بها ، فنزلت الملائكة عليهم عمائم صفر .
رواه ابن مردويه من طريق هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عبد الله بن الزبير ، فذكره .

تفسير القرطبي : معنى الآية 125 من سورة آل عمران


ثم قال : بلى وتم الكلام .
إن تصبروا شرط ، أي على لقاء العدو .
وتتقوا عطف عليه ، أي معصيته .
والجواب يمددكم .
ومعنى من فورهم من وجههم .
هذا عن عكرمة وقتادة والحسن والربيع والسدي وابن زيد .
وقيل : من غضبهم ; عن مجاهد والضحاك .
كانوا قد غضبوا يوم أحد ليوم بدر مما لقوا .
وأصل الفور القصد إلى الشيء والأخذ فيه بجد ; وهو من قولهم : فارت القدر تفور فورا وفورانا إذا غلت .
والفور الغليان .
وفار غضبه إذا جاش .
وفعله من فوره أي قبل أن يسكن .
والفوارة ما يفور من القدر .
وفي التنزيل وفار التنور .
قال الشاعر :تفور علينا قدرهم فنديمهاقوله تعالى : " مسومين " بفتح الواو اسم مفعول ، وهي قراءة ابن عامر وحمزة والكسائي ونافع .
أي معلمين بعلامات .
و ( مسومين ) بكسر الواو اسم فاعل ، وهي قراءة أبي عمرو وابن كثير وعاصم ; فيحتمل من المعنى ما تقدم ، أي قد أعلموا أنفسهم بعلامة ، وأعلموا خيلهم .
ورجح الطبري وغيره هذه القراءة .
وقال كثير من المفسرين : مسومين أي مرسلين خيلهم في الغارة .
وذكر المهدوي هذا المعنى في " مسومين " بفتح الواو ، أي أرسلهم الله تعالى على الكفار .
وقاله ابن فورك أيضا .
وعلى القراءة الأولى اختلفوا في سيما الملائكة ; فروي عن علي بن أبي طالب وابن عباس وغيرهما أن الملائكة اعتمت بعمائم بيض قد أرسلوها بين أكتافهم ; ذكره البيهقي عن ابن عباس وحكاه المهدوي عن الزجاج .
إلا جبريل فإنه كان بعمامة صفراء على مثال الزبير بن العوام ، وقاله ابن إسحاق .
وقال الربيع : كانت سيماهم أنهم كانوا على خيل بلق .
قلت : ذكر البيهقي عن سهيل بن عمرو - رضي الله عنه - قال : لقد رأيت يوم بدر رجالا بيضا على خيل بلق بين السماء والأرض معلمين يقتلون ويأسرون .
فقوله : ( معلمين ) دل على أن الخيل البلق ليست السيما ، والله أعلم .
وقال مجاهد : كانت خيلهم مجزوزة الأذناب والأعراف معلمة النواصي والأذناب بالصوف والعهن .
وروي عن ابن عباس : تسومت الملائكة يوم بدر بالصوف الأبيض في نواصي الخيل وأذنابها .
وقال عباد بن عبد الله بن الزبير وهشام بن عروة والكلبي : نزلت الملائكة في سيما الزبير عليهم عمائم صفر على أكتافهم .
وقال ذلك عبد الله وعروة ابنا الزبير .
وقال عبد الله : كانت ملاءة صفراء اعتم بها الزبير - رضي الله عنه - .
قلت : و دلت الآية : على اتخاذ الشارة والعلامة للقبائل والكتائب يجعلها السلطان لهم ; لتتميز كل قبيلة وكتيبة من غيرها عند الحرب ، وعلى فضل الخيل البلق لنزول الملائكة عليها .
قلت : ولعلها نزلت عليها موافقة لفرس المقداد ; فإنه كان أبلق ولم يكن لهم فرس غيره ، فنزلت الملائكة على الخيل البلق إكراما للمقداد ; كما نزل جبريل معتجرا بعمامة صفراء على مثال الزبير ، والله أعلم .
ودلت الآية أيضا : على لباس الصوف وقد لبسه الأنبياء والصالحون .
وروى أبو داود وابن ماجه واللفظ له عن أبي بردة عن أبيه قال : قال لي أبي : لو شهدتنا ونحن مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أصابتنا السماء لحسبت أن ريحنا ريح الضأن .
ولبس - صلى الله عليه وسلم - جبة رومية من صوف ضيقة الكمين ; رواه الأئمة .
ولبسها يونس عليه السلام ; رواه مسلم .
وسيأتي لهذا المعنى مزيد بيان في " النحل " إن شاء الله تعالى .
قلت : وأما ما ذكره مجاهد من أن خيلهم كانت مجزوزة الأذناب والأعراف فبعيد ; فإن في مصنف أبي داود عن عتبة بن عبد السلمي أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : لا تقصوا نواصي الخيل ولا معارفها ولا أذنابها فإن أذنابها مذابها ، ومعارفها دفاؤها ، ونواصيها معقود فيها الخير .
فقول مجاهد يحتاج إلى توقيف من أن خيل الملائكة كانت على تلك الصفة ، والله أعلم .
ودلت الآية على حسن الأبيض والأصفر من الألوان لنزول الملائكة بذلك ، وقد قال ابن عباس : من لبس نعلا أصفر قضيت حاجته .
وقال عليه السلام : البسوا من ثيابكم البياض فإنه من خير ثيابكم وكفنوا فيه موتاكم وأما العمائم فتيجان العرب ولباسها .
وروى ركانة - وكان صارع النبي - صلى الله عليه وسلم - فصرعه النبي - صلى الله عليه وسلم - قال ركانة : وسمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول : فرق ما بيننا وبين المشركين العمائم على القلانس أخرجه أبو داود .
قال البخاري : إسناده مجهول لا يعرف سماع بعضه من بعض .

﴿ بلى إن تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هذا يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين ﴾ [ آل عمران: 125]

سورة : آل عمران - الأية : ( 125 )  - الجزء : ( 4 )  -  الصفحة: ( 66 )

English Türkçe Indonesia
Русский Français فارسی
تفسير انجليزي اعراب

تفسير آيات من القرآن الكريم

  1. تفسير: ياأيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا
  2. تفسير: قال رب اشرح لي صدري
  3. تفسير: فانظر كيف كان عاقبة المنذرين
  4. تفسير: أف لكم ولما تعبدون من دون الله أفلا تعقلون
  5. تفسير: قالوا بل جئناك بما كانوا فيه يمترون
  6. تفسير: الر تلك آيات الكتاب وقرآن مبين
  7. تفسير: قل هو الذي أنشأكم وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة قليلا ما تشكرون
  8. تفسير: قد جاءكم بصائر من ربكم فمن أبصر فلنفسه ومن عمي فعليها وما أنا عليكم بحفيظ
  9. تفسير: الذي جمع مالا وعدده
  10. تفسير: قالوا آمنا برب العالمين

تحميل سورة آل عمران mp3 :

سورة آل عمران mp3 : قم باختيار القارئ للاستماع و تحميل سورة آل عمران

سورة آل عمران بصوت ماهر المعيقلي
ماهر المعيقلي
سورة آل عمران بصوت سعد الغامدي
سعد الغامدي
سورة آل عمران بصوت عبد  الباسط عبد الصمد
عبد الباسط
سورة آل عمران بصوت أحمد العجمي
أحمد العجمي
سورة آل عمران بصوت محمد صديق المنشاوي
المنشاوي
سورة آل عمران بصوت محمود خليل الحصري
الحصري
سورة آل عمران بصوت مشاري راشد العفاسي
مشاري العفاسي
سورة آل عمران بصوت ناصر القطامي
ناصر القطامي
سورة آل عمران بصوت فارس عباد
فارس عباد
سورة آل عمران بصوت ياسر لدوسري
ياسر الدوسري

تصبروا , تتقوا , يمددكم+ربكم , خمسة , آلاف , الملائكة , مسومين ,

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب