تفسير القرآن | باقة من أهم تفاسير القرآن الكريم المختصرة و الموجزة التي تعطي الوصف الشامل لمعنى الآيات الكريمات : سبعة تفاسير معتبرة لكل آية من كتاب الله تعالى , [ البقرة: 127] .
﴿ وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا ۖ إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾
﴿ وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا ۖ إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾
[ سورة البقرة: 127]
القول في تفسير قوله تعالى : وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت ..
تفسير الجلالين | التفسير الميسر | تفسير السعدي |
تفسير البغوي | التفسير الوسيط | تفسير ابن كثير |
تفسير الطبري | تفسير القرطبي | إعراب الآية |
التفسير الميسر : وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا
واذكر -أيها النبي- حين رفع إبراهيم وإسماعيل أسس الكعبة، وهما يدعوان الله في خشوع: ربنا تقبل منَّا صالح أعمالنا ودعاءنا، إنك أنت السميع لأقوال عبادك، العليم بأحوالهم.
المختصر في التفسير : شرح المعنى باختصار
واذكر - أيها النبي - حين كان يرفع إبراهيم وإسماعيل أسس الكعبة، وهما يقولان - في خضوع وتذلل -: ربنا تقبل منا أعمالنا - ومنها بناء هذا البيت- إنك أنت السميع لدعائنا، العليم بنياتنا وأعمالنا.
تفسير الجلالين : معنى و تأويل الآية 127
«و» اذكر «إذ يرفع إبراهيم القواعد» الأسس أو الجدر «من البيت» يبنيه متعلق بيرفع «وإسماعيل» عطف على إبراهيم يقولان «ربنا تقبل منا» بناءنا «إنك أنت السميع» للقول «العليم» بالفعل.
تفسير السعدي : وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا
أي: واذكر إبراهيم وإسماعيل, في حالة رفعهما القواعد من البيت الأساس, واستمرارهما على هذا العمل العظيم، وكيف كانت حالهما من الخوف والرجاء, حتى إنهما مع هذا العمل دعوا الله أن يتقبل منهما عملهما, حتى يحصل فيه النفع العميم.
تفسير البغوي : مضمون الآية 127 من سورة البقرة
قوله عز وجل : ( وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ) قال الرواة : إن الله تعالى خلق موضع البيت قبل الأرض بألفي عام ، وكانت زبدة بيضاء على الماء فدحيت الأرض من تحتها فلما أهبط الله آدم عليه السلام إلى الأرض استوحش ، فشكا إلى الله تعالى فأنزل الله البيت المعمور من ياقوتة من يواقيت الجنة له بابان من زمرد أخضر ، باب شرقي وباب غربي فوضعه على موضع البيت وقال : يا آدم إني أهبطت لك بيتا تطوف به كما يطاف حول عرشي ، تصلي عنده كما يصلى عند عرشي . وأنزل الحجر وكان أبيض فاسود من لمس الحيض في الجاهلية فتوجه آدم من أرض الهند إلى مكة ماشيا وقيض الله له ملكا يدله على البيت فحج البيت وأقام المناسك ، فلما فرغ تلقته الملائكة وقالوا : بر حجك يا آدم لقد حججنا هذا البيت قبلك بألفي عام ، قال ابن عباس رضي الله عنهما : حج آدم أربعين حجة من الهند إلى مكة على رجليه فكان على ذلك إلى أيام الطوفان ، فرفعه الله تعالى إلى السماء الرابعة يدخله كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون إليه ، وبعث جبريل عليه السلام حتى خبأ الحجر الأسود في جبل أبي قبيس صيانة له من الغرق ، فكان موضع البيت خاليا إلى زمن إبراهيم ، ثم إن الله تعالى أمر إبراهيم بعدما ولد له إسماعيل وإسحاق ببناء بيت يذكر فيه ، فسأل الله عز وجل أن يبين له موضعه ، فبعث الله السكينة لتدله على موضع البيت وهي ريح خجوج لها رأسان شبه الحية فأمر إبراهيم أن يبني حيث تستقر السكينة فتبعها إبراهيم حتى أتيا مكة فتطوت السكينة على موضع البيت كتطوي الحجفة هذا قول علي والحسن .وقال ابن عباس : بعث الله تعالى سحابة على قدر الكعبة فجعلت تسير وإبراهيم يمشي في ظلها إلى أن وافق مكة ووقفت على موضع البيت فنودي منها إبراهيم أن ابن على ظلها لا تزد ولا تنقص ، وقيل: أرسل الله جبريل ليدله على موضع البيت كقوله تعالى ( وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت ) فبنى إبراهيم وإسماعيل البيت فكان إبراهيم يبنيه وإسماعيل يناوله الحجر ، فذلك قوله تعالى : ( وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ) يعني أسسه واحدتها قاعدة . وقال الكسائي : جدر البيت ، قال ابن عباس : إنما بني البيت من خمسة أجبل ، طور سيناء وطور زيتا ولبنان وهو جبل بالشام ، والجودي وهو جبل بالجزيرة وبنيا قواعده من حراء وهو جبل بمكة فلما انتهى إبراهيم إلى موضع الحجر الأسود قال لإسماعيل ائتني بحجر حسن يكون للناس علما فأتاه بحجر فقال : ائتني بأحسن من هذا فمضى إسماعيل يطلبه فصاح أبو قبيس يا إبراهيم إن لك عندي وديعة فخذها فأخذ الحجر الأسود فوضعه مكانه وقيل: إن الله تعالى بنى في السماء بيتا وهو البيت المعمور ويسمى الضراح وأمر الملائكة أن يبنوا الكعبة في الأرض بحياله على قدره ومثاله ، وقيل أول من بنى الكعبة آدم واندرس زمن الطوفان ثم أظهره الله لإبراهيم حتى بناه .قوله : ( ربنا تقبل منا ) فيه إضمار أي ويقولان : ربنا تقبل منا بناءنا ( إنك أنت السميع ) لدعائنا ( العليم ) بنياتنا .
التفسير الوسيط : ويستفاد من هذه الآية
ثم حكى القرآن دعوة ثالثة تضرع بها إبراهيم إلى ربه فقال: وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْماعِيلُ رَبَّنا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ.القواعد: جمع قاعدة، وهي أساس البناء الموالي للأرض، وبها يكون ثبات البناء. ورفعها:إبرازها عن الأرض بالبناء عليها. والمراد بالبيت الكعبة.والتقبل: القبول، وقبول الله للعمل أن يرضاه أو يثيب عليه.والمعنى: واذكر يا محمد ما صدر من الرسولين الكريمين إبراهيم وإسماعيل فقد كانا وهما يقومان يرفع قواعد الكعبة يتضرعان إلى ويقولان: يا ربنا تقبل منا أقوالنا وأعمالنا، إنك أنت السميع العليم.وتصدير الدعاء بندائه- سبحانه - باسم الرب المضاف إلى ضميرهما مظهر من مظاهر خضوعهما، وإجلالهما لمقامه، والخضوع له- سبحانه -، وإجلال مقامه من أسنى الآداب التي تجعل الدعاء بمقربة من الاستجابة.وعبر بالمضارع فقال: وَإِذْ يَرْفَعُ مع أن رفع القواعد كان قبل نزول الآية، وذلك ليخرجه في صورة الحاضر في الواقع لأهمّيّته.وختما دعاءهما بذكر اسمين من أسمائه الحسنى، ليؤكدا أن رجاءهما في استجابة دعائهما وثيق، وأن ما عملاه ابتغاء مرضاته جدير بالقبول. لأن من كان سميعا عليما بنيات الداعين وصدق ضمائرهم، كان تفضله باستجابة دعاء المخلصين في طاعته غير بعيد.
وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا: تفسير ابن كثير
وأما قوله تعالى : { وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك وأرنا مناسكنا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم }
فالقواعد : جمع قاعدة ، وهي السارية والأساس ، يقول تعالى : واذكر يا محمد لقومك بناء إبراهيم وإسماعيل ، عليهما السلام ، البيت ، ورفعهما القواعد منه ، وهما يقولان : { ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم } فهما في عمل صالح ، وهما يسألان الله تعالى أن يتقبل منهما ، كما روى ابن أبي حاتم من حديث محمد بن يزيد بن خنيس المكي ، عن وهيب بن الورد : أنه قرأ : { وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا } ثم يبكي ويقول : يا خليل الرحمن ، ترفع قوائم بيت الرحمن وأنت مشفق أن لا يتقبل منك . وهذا كما حكى الله تعالى عن حال المؤمنين المخلصين في قوله تعالى : { والذين يؤتون ما آتوا } أي: يعطون ما أعطوا من الصدقات والنفقات والقربات { وقلوبهم وجلة } [ المؤمنون : 60 ] أي: خائفة ألا يتقبل منهم . كما جاء به الحديث الصحيح ، عن عائشة ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما سيأتي في موضعه .
وقال بعض المفسرين : الذي كان يرفع القواعد هو إبراهيم ، والداعي إسماعيل . والصحيح أنهما كانا يرفعان ويقولان ، كما سيأتي بيانه .
وقد روى البخاري هاهنا حديثا سنورده ثم نتبعه بآثار متعلقة بذلك . قال البخاري ، رحمه الله :
حدثنا عبد الله بن محمد ، حدثنا عبد الرزاق ، حدثنا معمر ، عن أيوب السختياني وكثير بن كثير بن المطلب بن أبي وداعة يزيد أحدهما على الآخر عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، رضي الله عنهما ، قال : أول ما اتخذ النساء المنطق من قبل أم إسماعيل ، عليهما السلام اتخذت منطقا ليعفي أثرها على سارة . ثم جاء بها إبراهيم وبابنها إسماعيل ، عليهما السلام ، وهي ترضعه ، حتى وضعهما عند البيت عند دوحة فوق زمزم في أعلى المسجد ، وليس بمكة يومئذ أحد ، وليس بها ماء ، فوضعهما هنالك ، ووضع عندهما جرابا فيه تمر وسقاء فيه ماء ، ثم قفى إبراهيم ، عليه السلام ، منطلقا . فتبعته أم إسماعيل فقالت : يا إبراهيم ، أين تذهب وتتركنا بهذا الوادي الذي ليس فيه إنس ولا شيء ؟ فقالت له ذلك مرارا ، وجعل لا يلتفت إليها . فقالت : آلله أمرك بهذا ؟ قال : نعم . قالت : إذا لا يضيعنا . ثم رجعت . فانطلق إبراهيم ، عليه السلام ، حتى إذا كان عند الثنية حيث لا يرونه ، استقبل بوجهه البيت ، ثم دعا بهؤلاء الدعوات ، ورفع يديه ، قال : { ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون } [ إبراهيم : 37 ] ، وجعلت أم إسماعيل ترضع إسماعيل ، عليهما السلام ، وتشرب من ذلك الماء ، حتى إذا نفد ماء السقاء عطشت وعطش ابنها ، وجعلت تنظر إليه يتلوى أو قال : يتلبط فانطلقت كراهية أن تنظر إليه ، فوجدت الصفا أقرب جبل في الأرض يليها فقامت عليه ، ثم استقبلت الوادي تنظر هل ترى أحدا ؟ فلم تر أحدا . فهبطت من الصفا حتى إذا بلغت الوادي رفعت طرف درعها ، ثم سعت سعي الإنسان المجهود حتى جاوزت الوادي . ثم أتت المروة ، فقامت عليها ونظرت هل ترى أحدا ؟ فلم تر أحدا . ففعلت ذلك سبع مرات ، قال ابن عباس : قال النبي صلى الله عليه وسلم : " فلذلك سعى الناس بينهما " .
فلما أشرفت على المروة سمعت صوتا فقالت : صه ، تريد نفسها ، ثم تسمعت فسمعت أيضا . فقالت : قد أسمعت إن كان عندك غواث . فإذا هي بالملك عند موضع زمزم ، فبحث بعقبه أو قال : بجناحه حتى ظهر الماء ، فجعلت تحوضه ، وتقول بيدها هكذا ، وجعلت تغرف من الماء في سقائها وهو يفور بعدما تغرف . قال ابن عباس : قال النبي صلى الله عليه وسلم : " يرحم الله أم إسماعيل ، لو تركت زمزم أو قال : لو لم تغرف من الماء لكانت زمزم عينا معينا " .
قال : فشربت وأرضعت ولدها ، فقال لها الملك : لا تخافي الضيعة ; فإن هاهنا بيتا لله ، عز وجل ، يبنيه هذا الغلام وأبوه ، وإن الله ، عز وجل ، لا يضيع أهله . وكان البيت مرتفعا من الأرض كالرابية تأتيه السيول فتأخذ عن يمينه وعن شماله ، فكانت كذلك حتى مرت بهم رفقة من جرهم أو أهل بيت من جرهم مقبلين من طريق كداء . فنزلوا في أسفل مكة ، فرأوا طائرا عائفا ، فقالوا : إن هذا الطائر ليدور على الماء ، لعهدنا بهذا الوادي وما فيه ماء . فأرسلوا جريا أو جريين ، فإذا هم بالماء . فرجعوا فأخبروهم بالماء ، فأقبلوا . قال : وأم إسماعيل عند الماء . فقالوا : أتأذنين لنا أن ننزل عندك ؟ قالت : نعم ، ولكن لا حق لكم في الماء . قالوا : نعم .
قال ابن عباس فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " فألفى ذلك أم إسماعيل وهي تحب الأنس . فنزلوا ، وأرسلوا إلى أهليهم فنزلوا معهم . حتى إذا كان بها أهل أبيات منهم وشب الغلام ، وتعلم العربية منهم ، وأنفسهم وأعجبهم حين شب ، فلما أدرك زوجوه امرأة منهم . وماتت أم إسماعيل ، عليهما السلام ، فجاء إبراهيم بعد ما تزوج إسماعيل ليطالع تركته . فلم يجد إسماعيل ، فسأل امرأته عنه فقالت : خرج يبتغي لنا . ثم سألها عن عيشهم وهيئتهم ، فقالت : نحن بشر ، نحن في ضيق وشدة . وشكت إليه . قال : فإذا جاء زوجك فاقرئي عليه السلام ، وقولي له : يغير عتبة بابه . فلما جاء إسماعيل ، عليه السلام ، كأنه أنس شيئا . فقال : هل جاءكم من أحد ؟ قالت : نعم ، جاءنا شيخ كذا وكذا ، فسأل عنك ، فأخبرته ، وسألني كيف عيشنا ؟ فأخبرته أنا في جهد وشدة . قال : فهل أوصاك بشيء ؟ قالت : نعم ، أمرني أن أقرأ عليك السلام ، ويقول غير عتبة بابك . قال : ذاك أبي . وقد أمرني أن أفارقك ، فالحقي بأهلك . فطلقها وتزوج منهم بأخرى ، فلبث عنهم إبراهيم ما شاء الله ، ثم أتاهم بعد فلم يجده . فدخل على امرأته ، فسألها عنه ، فقالت : خرج يبتغي لنا . قال : كيف أنتم ؟ وسألها عن عيشهم وهيئتهم . فقالت : نحن بخير وسعة . وأثنت على الله ، عز وجل . فقال : ما طعامكم ؟ قالت : اللحم . قال : فما شرابكم ؟ قالت : الماء . قال : اللهم بارك لهم في اللحم والماء " . قال النبي صلى الله عليه وسلم : " ولم يكن لهم يومئذ حب ، ولو كان لهم ، لدعا لهم فيه . قال : فهما لا يخلو عليهما أحد بغير مكة إلا لم يوافقاه " . قال : " فإذا جاء زوجك فاقرئي عليه السلام ، ومريه يثبت عتبة بابه ، فلما جاء إسماعيل ، عليه السلام ، قال : هل أتاكم من أحد ؟ قالت : نعم ، أتانا شيخ حسن الهيئة ، وأثنت عليه فسألني عنك ، فأخبرته ، فسألني : كيف عيشنا ؟ فأخبرته أنا بخير . قال : فأوصاك بشيء ؟ قالت : نعم ، هو يقرأ عليك السلام ، ويأمرك أن تثبت عتبة بابك . قال : ذاك أبي ، وأنت العتبة ، أمرني أن أمسكك . ثم لبث عنهم ما شاء الله ، عز وجل ، ثم جاء بعد ذلك وإسماعيل يبري نبلا له تحت دوحة قريبا من زمزم ، فلما رآه قام إليه ، فصنعا كما يصنع الولد بالوالد ، والوالد بالولد . ثم قال : يا إسماعيل ، إن الله أمرني بأمر . قال : فاصنع ما أمرك ربك ، عز وجل . قال : وتعينني ؟ قال : وأعينك . قال : فإن الله أمرني أن أبني هاهنا بيتا وأشار إلى أكمة مرتفعة على ما حولها قال : فعند ذلك رفعا القواعد من البيت فجعل إسماعيل يأتي بالحجارة وإبراهيم يبني ، حتى إذا ارتفع البناء جاء بهذا الحجر فوضعه له ، فقام عليه وهو يبني ، وإسماعيل يناوله الحجارة ، وهما يقولان : { ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم } " قال : " فجعلا يبنيان حتى يدورا حول البيت ، وهما يقولان : { ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم } .
[ ورواه عبد بن حميد عن عبد الرزاق به مطولا ] .
ورواه ابن أبي حاتم ، عن أبي عبد الله محمد بن حماد الظهراني . وابن جرير ، عن أحمد بن ثابت الرازي ، كلاهما عن عبد الرزاق به مختصرا .
وقال أبو بكر بن مردويه : حدثنا إسماعيل بن علي بن إسماعيل ، حدثنا بشر بن موسى ، حدثنا أحمد بن محمد الأزرقي ، حدثنا مسلم بن خالد الزنجي ، عن عبد الملك بن جريج ، عن كثير بن كثير ، قال : كنت أنا وعثمان بن أبي سليمان ، وعبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين في ناس مع سعيد بن جبير ، في أعلى المسجد ليلا فقال سعيد بن جبير : سلوني قبل أن لا تروني . فسألوه عن المقام . فأنشأ يحدثهم عن ابن عباس ، فذكر الحديث بطوله .
ثم قال البخاري : حدثنا عبد الله بن محمد . حدثنا أبو عامر عبد الملك بن عمرو حدثنا إبراهيم بن نافع ، عن كثير بن كثير ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : لما كان بين إبراهيم وبين أهله ما كان ، خرج بإسماعيل وأم إسماعيل ، ومعهم شنة فيها ماء ، فجعلت أم إسماعيل تشرب من الشنة ، فيدر لبنها على صبيها ، حتى قدم مكة فوضعها تحت دوحة ، ثم رجع إبراهيم إلى أهله ، فاتبعته أم إسماعيل ، حتى بلغوا كداء نادته من ورائه : يا إبراهيم ، إلى من تتركنا ؟ قال : إلى الله ، عز وجل . قالت : رضيت بالله . قال : فرجعت ، فجعلت تشرب من الشنة ، ويدر لبنها على صبيها حتى لما فني الماء قالت : لو ذهبت فنظرت لعلي أحس أحدا . قال : فذهبت فصعدت الصفا ، فنظرت ونظرت هل تحس أحدا ، فلم تحس أحدا . فلما بلغت الوادي سعت حتى أتت المروة ، ففعلت ذلك أشواطا ثم قالت : لو ذهبت فنظرت ما فعل ، تعني الصبي ، فذهبت فنظرت فإذا هو على حاله كأنه ينشغ للموت ، فلم تقرها نفسها ، فقالت : لو ذهبت فنظرت لعلي أحس أحدا . قال : فذهبت فصعدت الصفا ، فنظرت ونظرت فلم تحس أحدا ، حتى أتمت سبعا ، ثم قالت : لو ذهبت فنظرت ما فعل ، فإذا هي بصوت ، فقالت : أغث إن كان عندك خير . فإذا جبريل ، عليه السلام ، قال : فقال بعقبه هكذا ، وغمز عقبه على الأرض . قال : فانبثق الماء ، فدهشت أم إسماعيل ، فجعلت تحفر .
قال : فقال أبو القاسم صلى الله عليه وسلم : " لو تركته لكان الماء ظاهرا .
قال : فجعلت تشرب من الماء ويدر لبنها على صبيها .
قال : فمر ناس من جرهم ببطن الوادي ، فإذا هم بطير ، كأنهم أنكروا ذلك ، وقالوا : ما يكون الطير إلا على ماء ، فبعثوا رسولهم فنظر ، فإذا هو بالماء . فأتاهم فأخبرهم . فأتوا إليها فقالوا : يا أم إسماعيل ، أتأذنين لنا أن نكون معك ونسكن معك ؟ فبلغ ابنها ونكح فيهم امرأة .
قال : ثم إنه بدا لإبراهيم صلى الله عليه وسلم فقال لأهله : إني مطلع تركتي . قال : فجاء فسلم ، فقال : أين إسماعيل ؟ قالت امرأته : ذهب يصيد . قال : قولي له إذا جاء : غير عتبة بيتك . فلما جاء أخبرته ، قال : أنت ذاك ، فاذهبي إلى أهلك .
قال : ثم إنه بدا لإبراهيم ، فقال لأهله : إني مطلع تركتي . قال : فجاء فقال : أين إسماعيل ؟ فقالت امرأته : ذهب يصيد . فقالت : ألا تنزل فتطعم وتشرب ؟ فقال : ما طعامكم وما شرابكم ؟ قالت : طعامنا اللحم ، وشرابنا الماء . قال : اللهم بارك لهم في طعامهم وشرابهم .
قال : فقال أبو القاسم صلى الله عليه وسلم : " بركة بدعوة إبراهيم "
قال : ثم إنه بدا لإبراهيم صلى الله عليه وسلم فقال لأهله : إني مطلع تركتي . فجاء فوافق إسماعيل من وراء زمزم يصلح نبلا له فقال : يا إسماعيل ، إن ربك ، عز وجل ، أمرني أن أبني له بيتا . فقال : أطع ربك ، عز وجل . قال : إنه قد أمرني أن تعينني عليه ؟ فقال : إذن أفعل أو كما قال . قال : فقاما [ قال ] فجعل إبراهيم يبني ، وإسماعيل يناوله الحجارة ، ويقولان : { ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم } قال : حتى ارتفع البناء وضعف الشيخ عن نقل الحجارة . فقام على حجر المقام ، فجعل يناوله الحجارة ويقولان : { ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم }
هكذا رواه من هذين الوجهين في كتاب الأنبياء .
والعجب أن الحافظ أبا عبد الله الحاكم رواه في كتابه المستدرك ، عن أبي العباس الأصم ، عن محمد بن سنان القزاز ، عن أبي علي عبيد الله بن عبد المجيد الحنفي ، عن إبراهيم بن نافع ، به . وقال : صحيح على شرط الشيخين ، ولم يخرجاه . كذا قال . وقد رواه البخاري كما ترى ، من حديث إبراهيم بن نافع ، كأن فيه اقتصارا ، فإنه لم يذكر فيه [ شأن ] الذبح . وقد جاء في الصحيح ، أن قرني الكبش كانا معلقين بالكعبة ، وقد جاء أن إبراهيم ، عليه السلام ، كان يزور أهله بمكة على البراق سريعا ثم يعود إلى أهله بالبلاد المقدسة ، والله أعلم . والحديث والله أعلم إنما فيه - مرفوع - أماكن صرح بها ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم .
وقد ورد عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب في هذا السياق ما يخالف بعض هذا ، كما قال ابن جرير :
حدثنا محمد بن بشار ، ومحمد بن المثنى قالا : حدثنا مؤمل ، حدثنا سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن حارثة بن مضرب ، عن علي بن أبي طالب ، قال : لما أمر إبراهيم ببناء البيت ، خرج معه إسماعيل وهاجر . قال : فلما قدم مكة رأى على رأسه في موضع البيت مثل الغمامة ، فيه مثل الرأس . فكلمه ، قال : يا إبراهيم ، ابن على ظلي أو قال على قدري ولا تزد ولا تنقص : فلما بنى خرج ، وخلف إسماعيل وهاجر ، فقالت هاجر : يا إبراهيم ، إلى من تكلنا ؟ قال : إلى الله . قالت : انطلق ، فإنه لا يضيعنا . قال : فعطش إسماعيل عطشا شديدا ، قال : فصعدت هاجر إلى الصفا فنظرت فلم تر شيئا ، حتى أتت المروة فلم تر شيئا ، ثم رجعت إلى الصفا فنظرت فلم تر شيئا ، حتى أتت المروة فلم تر شيئا ، ثم رجعت إلى الصفا فنظرت فلم تر شيئا ، حتى فعلت ذلك سبع مرات ، فقالت : يا إسماعيل ، مت حيث لا أراك . فأتته وهو يفحص برجله من العطش . فناداها جبريل فقال لها : من أنت ؟ قالت : أنا هاجر أم ولد إبراهيم . قال : فإلى من وكلكما ؟ قالت : وكلنا إلى الله . قال : وكلكما إلى كاف . قال : ففحص الغلام الأرض بأصبعه ، فنبعت زمزم . فجعلت تحبس الماء فقال : دعيه فإنها رواء .
ففي هذا السياق أنه بنى البيت قبل أن يفارقهما ، وقد يحتمل إن كان محفوظا أن يكون أولا وضع له حوطا وتحجيرا ، لا أنه بناه إلى أعلاه ، حتى كبر إسماعيل فبنياه معا ، كما قال الله تعالى .
ثم قال ابن جرير : أخبرنا هناد بن السري ، حدثنا أبو الأحوص ، عن سماك ، عن خالد بن عرعرة ، أن رجلا قام إلى علي ، رضي الله عنه ، فقال : ألا تخبرني عن البيت ، أهو أول بيت وضع في الأرض ؟ فقال : لا ولكنه أول بيت وضع فيه البركة ، مقام إبراهيم ، ومن دخله كان آمنا ، وإن شئت أنبأتك كيف بني : إن الله أوحى إلى إبراهيم أن ابن لي بيتا في الأرض ، قال : فضاق إبراهيم بذلك ذرعا فأرسل الله السكينة وهي ريح خجوج ، ولها رأسان فأتبع أحدهما صاحبه ، حتى انتهت إلى مكة ، فتطوت على موضع البيت كطي الحجفة ، وأمر إبراهيم أن يبني حيث تستقر السكينة . فبنى إبراهيم وبقي حجر ، فذهب الغلام يبغي شيئا . فقال إبراهيم : أبغني حجرا كما آمرك . قال : فانطلق الغلام يلتمس له حجرا ، فأتاه به ، فوجده قد ركب الحجر الأسود في مكانه . فقال : يا أبه ، من أتاك بهذا الحجر ؟ فقال : أتاني به من لن يتكل على بنائك ، جاء به جبريل ، عليه السلام ، من السماء . فأتماه .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا حمد بن عبد الله بن يزيد المقري ، حدثنا سفيان ، عن بشر بن عاصم ، عن سعيد بن المسيب ، عن كعب الأحبار ، قال : كان البيت غثاءة على الماء قبل أن يخلق الله الأرض بأربعين عاما ، ومنه دحيت الأرض .
قال سعيد : وحدثنا علي بن أبي طالب : أن إبراهيم أقبل من أرمينية ، ومعه السكينة تدله على تبوء البيت كما تتبوأ العنكبوت بيتا ، قال : فكشفت عن أحجار لا يطيق الحجر إلا ثلاثون رجلا . قلت : يا أبا محمد ، فإن الله يقول : { وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت } قال : كان ذلك بعد .
وقال السدي : إن الله ، عز وجل ، أمر إبراهيم أن يبني [ البيت ] هو وإسماعيل : ابنيا بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود ، فانطلق إبراهيم ، عليه السلام ، حتى أتى مكة ، فقام هو وإسماعيل ، وأخذا المعاول لا يدريان أين البيت ؟ فبعث الله ريحا ، يقال لها : ريح الخجوج ، لها جناحان ورأس في صورة حية ، فكشفت لهما ما حول الكعبة عن أساس البيت الأول ، واتبعاها بالمعاول يحفران حتى وضعا الأساس . فذلك حين يقول [ الله ] تعالى : { وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت } { وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت } [ الحج : 26 ] فلما بنيا القواعد فبلغا مكان الركن . قال إبراهيم لإسماعيل : يا بني ، اطلب لي حجرا حسنا أضعه هاهنا . قال : يا أبت ، إني كسلان لغب .
قال : علي بذلك . فانطلق فطلب له حجرا ، فجاءه بحجر فلم يرضه ، فقال ائتني بحجر أحسن من هذا ، فانطلق يطلب له حجرا ، وجاءه جبريل بالحجر الأسود من الهند ، وكان أبيض ، ياقوتة بيضاء مثل الثغامة ، وكان آدم هبط به من الجنة فاسود من خطايا الناس ، فجاءه إسماعيل بحجر فوجده عند الركن ، فقال : يا أبه ، من جاءك بهذا ؟ قال : جاء به من هو أنشط منك . فبنيا وهما يدعوان الكلمات التي ابتلى [ بهن ] إبراهيم ربه ، فقال : { ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم }
وفي هذا السياق ما يدل على أن قواعد البيت كانت مبنية قبل إبراهيم . وإنما هدي إبراهيم إليها وبوئ لها . وقد ذهب إلى ذلك ذاهبون ، كما قال الإمام عبد الرزاق أخبرنا معمر ، عن أيوب ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : { وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت } قال : القواعد التي كانت قواعد البيت قبل ذلك .
وقال عبد الرزاق أيضا : أخبرنا هشام بن حسان ، عن سوار ختن عطاء عن عطاء بن أبي رباح ، قال : لما أهبط الله آدم من الجنة ، كانت رجلاه في الأرض ورأسه في السماء يسمع كلام أهل السماء ودعاءهم ، يأنس إليهم ، فهابته الملائكة ، حتى شكت إلى الله في دعائها وفي صلاتها . فخفضه الله إلى الأرض ، فلما فقد ما كان يسمع منهم استوحش حتى شكا ذلك إلى الله في دعائه وفي صلاته . فوجه إلى مكة ، فكان موضع قدمه قرية ، وخطوه مفازة ، حتى انتهى إلى مكة ، وأنزل الله ياقوتة من ياقوت الجنة ، فكانت على موضع البيت الآن . فلم يزل يطوف به حتى أنزل الله الطوفان ، فرفعت تلك الياقوتة ، حتى بعث الله إبراهيم ، عليه السلام ، فبناه . وذلك قول الله تعالى : { وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت } [ الحج : 26 ] .
وقال عبد الرزاق : أخبرنا ابن جريج ، عن عطاء ، قال : قال آدم : إني لا أسمع أصوات الملائكة ! قال : بخطيئتك ، ولكن اهبط إلى الأرض ، فابن لي بيتا ثم احفف به ، كما رأيت الملائكة تحف ببيتي الذي في السماء . فيزعم الناس أنه بناه من خمسة أجبل : من حراء . وطور زيتا ، وطور سيناء ، وجبل لبنان ، والجودي . وكان ربضه من حراء . فكان هذا بناء آدم ، حتى بناه إبراهيم ، عليه السلام ، بعد .
وهذا صحيح إلى عطاء ، ولكن في بعضه نكارة ، والله أعلم .
وقال عبد الرزاق أيضا : أخبرنا معمر ، عن قتادة ، قال : وضع الله البيت مع آدم حين أهبط الله آدم إلى الأرض ، وكان مهبطه بأرض الهند . وكان رأسه في السماء ورجلاه في الأرض ، فكانت الملائكة تهابه ، فنقص إلى ستين ذراعا ; فحزن إذ فقد أصوات الملائكة وتسبيحهم . فشكا ذلك إلى الله ، عز وجل ، فقال الله : يا آدم ، إني قد أهبطت لك بيتا تطوف به كما يطاف حول عرشي ، وتصلي عنده كما يصلى عند عرشي ، فانطلق إليه آدم ، فخرج ومد له في خطوه ، فكان بين كل خطوتين مفازة . فلم تزل تلك المفازة بعد ذلك . فأتى آدم البيت فطاف به ، ومن بعده من الأنبياء .
وقال ابن جرير : حدثنا ابن حميد حدثنا يعقوب القمي ، عن حفص بن حميد ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : وضع الله البيت على أركان الماء ، على أربعة أركان ، قبل أن تخلق الدنيا بألفي عام ، ثم دحيت الأرض من تحت البيت .
وقال محمد بن إسحاق : حدثني [ عبد الله ] بن أبي نجيح ، عن مجاهد وغيره من أهل العلم : أن الله لما بوأ إبراهيم مكان البيت خرج إليه من الشام ، وخرج معه بإسماعيل وبأمه هاجر ، وإسماعيل طفل صغير يرضع ، وحملوا فيما حدثني على البراق ، ومعه جبريل يدله على موضع البيت ومعالم الحرم . وخرج معه جبريل ، فكان لا يمر بقرية إلا قال : أبهذه أمرت يا جبريل ؟ فيقول جبريل : امضه . حتى قدم به مكة ، وهي إذ ذاك عضاة سلم وسمر ، وبها أناس يقال لهم : " العماليق " خارج مكة وما حولها . والبيت يومئذ ربوة حمراء مدرة ، فقال إبراهيم لجبريل : أهاهنا أمرت أن أضعهما ؟ قال : نعم . فعمد بهما إلى موضع الحجر فأنزلهما فيه ، وأمر هاجر أم إسماعيل أن تتخذ فيه عريشا ، فقال : { ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم } إلى قوله : { لعلهم يشكرون } [ إبراهيم : 37 ] .
وقال عبد الرزاق : أخبرنا هشام بن حسان ، أخبرني حميد ، عن مجاهد ، قال : خلق الله موضع هذا البيت قبل أن يخلق شيئا بألفي سنة ، وأركانه في الأرض السابعة .
وكذا قال ليث بن أبي سليم ، عن مجاهد : القواعد في الأرض السابعة .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا عمرو بن رافع ، أخبرنا عبد الوهاب بن معاوية ، عن عبد المؤمن بن خالد ، عن علباء بن أحمر : أن ذا القرنين قدم مكة فوجد إبراهيم وإسماعيل يبنيان قواعد البيت من خمسة أجبل . فقال : ما لكما ولأرضي ؟ فقالا : نحن عبدان مأموران ، أمرنا ببناء هذه الكعبة . قال : فهاتا بالبينة على ما تدعيان . فقامت خمسة أكبش ، فقلن : نحن نشهد أن إبراهيم وإسماعيل عبدان مأموران ، أمرا ببناء هذه الكعبة . فقال : قد رضيت وسلمت . ثم مضى .
وذكر الأزرقي في تاريخ مكة أن ذا القرنين طاف مع إبراهيم ، عليه السلام ، بالبيت ، وهذا يدل على تقدم زمانه ، والله أعلم .
وقال البخاري ، رحمه الله : قوله تعالى : { وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل } الآية : القواعد : أساسه واحدها قاعدة . والقواعد من النساء : واحدتها قاعد .
حدثنا إسماعيل ، حدثني مالك ، عن ابن شهاب ، عن سالم بن عبد الله : أن عبد الله بن محمد بن أبي بكر أخبر عبد الله بن عمر ، عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ألم تري أن قومك حين بنوا البيت اقتصروا عن قواعد إبراهيم ؟ " فقلت : يا رسول الله ، ألا تردها على قواعد إبراهيم ؟ قال : " لولا حدثان قومك بالكفر " . فقال عبد الله بن عمر : لئن كانت عائشة سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أرى رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك استلام الركنين اللذين يليان الحجر إلا أن البيت لم يتمم على قواعد إبراهيم ، عليه السلام .
وقد رواه في الحج عن القعنبي ، وفي أحاديث الأنبياء عن عبد الله بن يوسف . ومسلم عن يحيى بن يحيى ، ومن حديث ابن وهب . والنسائي من حديث عبد الرحمن بن القاسم ، كلهم عن مالك به .
ورواه مسلم أيضا من حديث نافع ، قال : سمعت عبد الله بن أبي بكر بن أبي قحافة يحدث عبد الله بن عمر ، عن عائشة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لولا أن قومك حديثو عهد بجاهلية أو قال : بكفر لأنفقت كنز الكعبة في سبيل الله ، ولجعلت بابها بالأرض ، ولأدخلت فيها الحجر " .
وقال البخاري : حدثنا عبيد الله بن موسى ، عن إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن الأسود ، قال : قال لي ابن الزبير : كانت عائشة تسر إليك حديثا كثيرا ، فما حدثتك في الكعبة ؟ قال قلت : قالت لي : قال النبي صلى الله عليه وسلم : " يا عائشة ، لولا قومك حديث عهدهم فقال ابن الزبير : بكفر لنقضت الكعبة ، فجعلت لها بابين : بابا يدخل منه الناس ، وبابا يخرجون " . ففعله ابن الزبير .
انفرد بإخراجه البخاري ، فرواه هكذا في كتاب العلم من صحيحه .
وقال مسلم في صحيحه : حدثنا يحيى بن يحيى ، أخبرنا أبو معاوية ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة قالت : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لولا حداثة عهد قومك بالكفر لنقضت الكعبة ولجعلتها على أساس إبراهيم ، فإن قريشا حين بنت البيت استقصرت ، ولجعلت لها خلفا " .
قال : وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب ، قالا : حدثنا ابن نمير ، عن هشام بهذا الإسناد . انفرد به مسلم ، قال : وحدثني محمد بن حاتم ، حدثني ابن مهدي ، حدثنا سليم بن حيان ، عن سعيد يعني ابن ميناء قال : سمعت عبد الله بن الزبير يقول : حدثتني خالتي يعني عائشة رضي الله عنها قالت : قال النبي صلى الله عليه وسلم " يا عائشة ، لولا قومك حديث عهد بشرك ، لهدمت الكعبة ، فألزقتها بالأرض ، ولجعلت لها بابين : بابا شرقيا ، وبابا غربيا ، وزدت فيها ستة أذرع من الحجر ; فإن قريشا اقتصرتها حيث بنت الكعبة " انفرد به أيضا .
ذكر بناء قريش الكعبة بعد إبراهيم الخليل ، عليه السلام ، بمدد طويلة وقبل مبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بخمس سنين وقد نقل معهم في الحجارة ، وله من العمر خمس وثلاثون سنة صلوات الله وسلامه عليه دائما إلى يوم الدين
قال محمد بن إسحاق بن يسار ، في السيرة :
ولما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسا وثلاثين سنة ، اجتمعت قريش لبنيان الكعبة ، وكانوا يهمون بذلك ليسقفوها ، ويهابون هدمها ، وإنما كانت رضما فوق القامة ، فأرادوا رفعها وتسقيفها ، وذلك أن نفرا سرقوا كنز الكعبة ، وإنما كان يكون في بئر في جوف الكعبة ، وكان الذي وجد عنده الكنز دويك ، مولى بني مليح بن عمرو من خزاعة ، فقطعت قريش يده . ويزعم الناس أن الذين سرقوه وضعوه عند دويك . وكان البحر قد رمى بسفينة إلى جدة ، لرجل من تجار الروم ، فتحطمت ، فأخذوا خشبها فأعدوه لتسقيفها . وكان بمكة رجل قبطي نجار ، فهيأ لهم ، في أنفسهم بعض ما يصلحها ، وكانت حية تخرج من بئر الكعبة التي كانت تطرح فيها ما يهدى لها كل يوم ، فتتشرق على جدار الكعبة ، وكانت مما يهابون . وذلك أنه كان لا يدنو منها أحد إلا احزألت وكشت وفتحت فاها ، فكانوا يهابونها ، فبينا هي يوما تتشرق على جدار الكعبة ، كما كانت تصنع ، بعث الله إليها طائرا فاختطفها ، فذهب بها . فقالت قريش : إنا لنرجو أن يكون الله قد رضي ما أردنا ، عندنا عامل رفيق ، وعندنا خشب ، وقد كفانا الله الحية .
فلما أجمعوا أمرهم في هدمها وبنيانها ، قام أبو وهب بن عمرو بن عائذ بن عبد بن عمران بن مخزوم ، فتناول من الكعبة حجرا ، فوثب من يده حتى رجع إلى موضعه . فقال : يا معشر قريش ، لا تدخلوا في بنيانها من كسبكم إلا طيبا ، لا يدخل فيها مهر بغي ولا بيع ربا ، ولا مظلمة أحد من الناس .
قال ابن إسحاق : والناس ينحلون هذا الكلام الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم .
قال : ثم إن قريشا تجزأت الكعبة ، فكان شق الباب لبني عبد مناف وزهرة ، وكان ما بين الركن الأسود والركن اليماني لبني مخزوم وقبائل من قريش انضموا إليهم ، وكان ظهر الكعبة لبني جمح وسهم ، وكان شق الحجر لبني عبد الدار بن قصي ، ولبني أسد بن عبد العزى بن قصي ، ولبني عدي بن كعب بن لؤي ، وهو الحطيم .
ثم إن الناس هابوا هدمها وفرقوا منه ، فقال الوليد بن المغيرة : أنا أبدؤكم في هدمها : فأخذ المعول ثم قام عليها وهو يقول : اللهم لم ترع ، اللهم إنا لا نريد إلا الخير . ثم هدم من ناحية الركنين ، فتربص الناس تلك الليلة ، وقالوا : ننظر ، فإن أصيب لم نهدم منها شيئا ، ورددناها كما كانت ، وإن لم يصبه شيء فقد رضي الله ما صنعنا . فأصبح الوليد من ليلته غاديا على عمله ، فهدم وهدم الناس معه ، حتى إذا انتهى الهدم [ بهم ] إلى الأساس ، أساس إبراهيم ، عليه السلام ، أفضوا إلى حجارة خضر كالأسنة آخذ بعضها بعضا .
قال [ محمد بن إسحاق ] فحدثني بعض من يروي الحديث : أن رجلا من قريش ، ممن كان يهدمها ، أدخل عتلة بين حجرين منها ليقلع بها أحدهما ، فلما تحرك الحجر تنقضت مكة بأسرها ، فانتهوا عن ذلك الأساس .
قال ابن إسحاق : ثم إن القبائل من قريش جمعت الحجارة لبنائها ، كل قبيلة تجمع على حدة ، ثم بنوها ، حتى بلغ البنيان موضع الركن يعني الحجر الأسود فاختصموا فيه ، كل قبيلة تريد أن ترفعه إلى موضعه دون الأخرى ، حتى تحاوروا وتخالفوا ، وأعدوا للقتال . فقربت بنو عبد الدار جفنة مملوءة دما ، ثم تعاقدوا هم وبنو عدي بن كعب بن لؤي على الموت ، وأدخلوا أيديهم في ذلك الدم في تلك الجفنة ، فسموا : لعقة الدم . فمكثت قريش على ذلك أربع ليال أو خمسا . ثم إنهم اجتمعوا في المسجد فتشاوروا وتناصفوا .
فزعم بعض أهل الرواية : أن أبا أمية بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم وكان عامئذ أسن قريش كلهم قال : يا معشر قريش ، اجعلوا بينكم فيما تختلفون فيه أول من يدخل من باب هذا المسجد ، يقضي بينكم ، فيه . ففعلوا ، فكان أول داخل رسول الله صلى الله عليه وسلم . فلما رأوه قالوا : هذا الأمين رضينا ، هذا محمد ، فلما انتهى إليهم وأخبروه الخبر ، قال [ رسول الله ] صلى الله عليه وسلم : " هلم إلي ثوبا " فأتي به ، فأخذ الركن يعني الحجر الأسود فوضعه فيه بيده ، ثم قال : " لتأخذ كل قبيلة بناحية من الثوب " ثم [ قال ] : " ارفعوه جميعا " . ففعلوا ، حتى إذا بلغوا به موضعه ، وضعه هو بيده صلى الله عليه وسلم ، ثم بنى عليه .
وكانت قريش تسمي رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن ينزل عليه الوحي : الأمين . فلما فرغوا من البنيان وبنوها على ما أرادوا ، قال الزبير بن عبد المطلب ، فيما كان من أمر الحية التي كانت قريش تهاب بنيان الكعبة لها :
عجبت لما تصوبت العقاب إلى الثعبان وهي لها اضطراب وقد كانت يكون لها كشيش
وأحيانا يكون لها وثاب إذا قمنا إلى التأسيس شدت
تهيبنا البناء وقد تهاب فلما أن خشينا الزجر جاءت
عقاب تتلئب لها انصباب فضمتها إليها ثم خلت
لنا البنيان ليس له حجاب فقمنا حاشدين إلى بناء
لنا منه القواعد والتراب غداة نرفع التأسيس منه
وليس على مسوينا ثياب أعز به المليك بني لؤي
فليس لأصله منهم ذهاب وقد حشدت هناك بنو
عدي ومرة قد تقدمها كلاب فبوأنا المليك بذاك عزا
وعند الله يلتمس الثواب
قال ابن إسحاق : وكانت الكعبة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ثمانية عشر ذراعا ، وكانت تكسى القباطي ، ثم كسيت بعد البرود ، وأول من كساها الديباج الحجاج بن يوسف .
قلت : ولم تزل على بناء قريش حتى أحرقت في أول إمارة عبد الله بن الزبير بعد سنة ستين . وفي آخر ولاية يزيد بن معاوية ، لما حاصروا ابن الزبير ، فحينئذ نقضها ابن الزبير إلى الأرض وبناها على قواعد إبراهيم ، عليه السلام ، وأدخل فيها الحجر وجعل لها بابا شرقيا وبابا غربيا ملصقين بالأرض ، كما سمع ذلك من خالته عائشة أم المؤمنين ، رضي الله عنها ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . ولم تزل كذلك مدة إمارته حتى قتله الحجاج ، فردها إلى ما كانت عليه بأمر عبد الملك بن مروان له بذلك ، كما قال مسلم بن الحجاج في صحيحه :
حدثنا هناد بن السري ، حدثنا ابن أبي زائدة ، أخبرنا ابن أبي سليمان ، عن عطاء ، قال : لما احترق البيت زمن يزيد بن معاوية حين غزاها أهل الشام ، وكان من أمره ما كان ، تركه ابن الزبير حتى قدم الناس الموسم يريد أن يجرئهم أو يحزبهم على أهل الشام ، فلما صدر الناس قال : يا أيها الناس ، أشيروا علي في الكعبة ، أنقضها ثم أبني بناءها أو أصلح ما وهى منها ؟ قال ابن عباس : فإني قد فرق لي رأي فيها ، أرى أن تصلح ما وهى منها ، وتدع بيتا أسلم الناس عليه وأحجارا أسلم الناس عليها ، وبعث عليها النبي صلى الله عليه وسلم . فقال ابن الزبير : لو كان أحدهم احترق بيته ما رضي حتى يجدده ، فكيف بيت ربكم ، عز وجل ; إني مستخير ربي ثلاثا ثم عازم على أمري . فلما مضت ثلاث أجمع رأيه على أن ينقضها . فتحاماها الناس أن ينزل بأول الناس يصعد فيه أمر من السماء ، حتى صعده رجل ، فألقى منه حجارة ، فلما لم يره الناس أصابه شيء تتابعوا ، فنقضوه حتى بلغوا به الأرض . فجعل ابن الزبير أعمدة يستر عليها الستور ، حتى ارتفع بناؤه . وقال ابن الزبير : إني سمعت عائشة ، رضي الله عنها ، تقول : إن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : " لولا أن الناس حديث عهدهم بكفر ، وليس عندي من النفقة ما يقويني على بنائه ، لكنت أدخلت فيه من الحجر خمسة أذرع ، ولجعلت له بابا يدخل الناس منه ، وبابا يخرجون منه . قال : فأنا أجد ما أنفق ، ولست أخاف الناس . قال : فزاد فيه خمسة أذرع من الحجر ، حتى أبدى له أسا نظر الناس إليه فبنى عليه البناء . وكان طول الكعبة ثمانية عشر ذراعا ، فلما زاد فيه استقصره فزاد في طوله عشرة أذرع ، وجعل له بابين : أحدهما يدخل منه ، والآخر يخرج منه . فلما قتل ابن الزبير كتب الحجاج إلى عبد الملك يخبره بذلك ، ويخبره أن ابن الزبير قد وضع البناء على أس نظر إليه العدول من أهل مكة ، فكتب إليه عبد الملك : إنا لسنا من تلطيخ ابن الزبير في شيء ، أما ما زاده في طوله فأقره . وأما ما زاد فيه من الحجر فرده إلى بنائه ، وسد الباب الذي فتحه . فنقضه وأعاده إلى بنائه .
وقد رواه النسائي في سننه ، عن هناد ، عن يحيى بن أبي زائدة ، عن عبد الملك بن أبي سليمان ، عن عطاء ، عن ابن الزبير ، عن عائشة بالمرفوع منه . ولم يذكر القصة ، وقد كانت السنة إقرار ما فعله عبد الله بن الزبير ، رضي الله عنه ; لأنه هو الذي وده رسول الله صلى الله عليه وسلم . ولكن خشي أن تنكره قلوب بعض الناس لحداثة عهدهم بالإسلام وقرب عهدهم من الكفر . ولكن خفيت هذه السنة على عبد الملك ; ولهذا لما تحقق ذلك عن عائشة أنها روت ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : وددنا أنا تركناه وما تولى . كما قال مسلم :
حدثني محمد بن حاتم حدثنا محمد بن بكر أخبرنا ابن جريج ، سمعت عبد الله بن عبيد بن عمير والوليد بن عطاء ، يحدثان عن الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة ، قال عبد الله بن عبيد : وفد الحارث بن عبد الله على عبد الملك بن مروان في خلافته ، فقال عبد الملك : ما أظن أبا خبيب يعني ابن الزبير سمع من عائشة ما كان يزعم أنه سمعه منها . قال الحارث : بلى ، أنا سمعته منها . قال : سمعتها تقول ماذا ؟ قال : قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن قومك استقصروا من بنيان البيت ، ولولا حداثة عهدهم بالشرك أعدت ما تركوا منه ، فإن بدا لقومك من بعدي أن يبنوه فهلمي لأريك ما تركوا منه " . فأراها قريبا من سبعة أذرع .
هذا حديث عبد الله بن عبيد [ بن عمير ] . وزاد عليه الوليد بن عطاء : قال النبي صلى الله عليه وسلم : " ولجعلت لها بابين موضوعين في الأرض شرقيا وغربيا ، وهل تدرين لم كان قومك رفعوا بابها ؟ " قالت : قلت : لا . قال : " تعززا ألا يدخلها إلا من أرادوا . فكان الرجل إذا هو أراد أن يدخلها ، يدعونه حتى يرتقي ، حتى إذا كاد أن يدخل دفعوه فسقط " قال عبد الملك : فقلت للحارث : أنت سمعتها تقول هذا ؟ قال : نعم . قال : فنكت ساعة بعصاه ، ثم قال : وددت أني تركت وما تحمل .
قال مسلم : وحدثناه محمد بن عمرو بن جبلة ، حدثنا أبو عاصم { ح } وحدثنا عبد بن حميد ، أخبرنا عبد الرزاق ، كلاهما عن ابن جريج بهذا الإسناد ، مثل حديث ابن بكر .
قال : وحدثني محمد بن حاتم ، حدثنا عبد الله بن بكر السهمي ، حدثنا حاتم بن أبي صغيرة ، عن أبي قزعة أن عبد الملك بن مروان بينما هو يطوف بالبيت إذ قال : قاتل الله ابن الزبير حيث يكذب على أم المؤمنين ، يقول : سمعتها تقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يا عائشة ، لولا حدثان قومك بالكفر لنقضت البيت حتى أزيد فيها من الحجر ، فإن قومك قصروا في البناء " . فقال الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة : لا تقل هذا يا أمير المؤمنين ، فأنا سمعت أم المؤمنين تحدث هذا . قال : لو كنت سمعته قبل أن أهدمه لتركته على ما بنى ابن الزبير .
فهذا الحديث كالمقطوع به إلى عائشة أم المؤمنين ، لأنه قد روي عنها من طرق صحيحة متعددة عن الأسود بن يزيد ، والحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة ، وعبد الله بن الزبير ، وعبد الله بن محمد بن أبي بكر الصديق ، وعروة بن الزبير . فدل هذا على صواب ما فعله ابن الزبير . فلو ترك لكان جيدا .
ولكن بعد ما رجع الأمر إلى هذا الحال ، فقد كره بعض العلماء أن يغير عن حاله ، كما ذكر عن أمير المؤمنين هارون الرشيد أو أبيه المهدي أنه سأل الإمام مالكا عن هدم الكعبة وردها إلى ما فعله ابن الزبير . فقال له مالك : يا أمير المؤمنين ، لا تجعل كعبة الله ملعبة للملوك ، لا يشاء أحد أن يهدمها إلا هدمها . فترك ذلك الرشيد .
نقله عياض والنواوي ، ولا تزال والله أعلم هكذا إلى آخر الزمان ، إلى أن يخربها ذو السويقتين من الحبشة ، كما ثبت ذلك في الصحيحين عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يخرب الكعبة ذو السويقتين من الحبشة " . أخرجاه .
وعن عبد الله بن عباس ، رضي الله عنهما ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : " كأني به أسود أفحج ، يقلعها حجرا حجرا " . رواه البخاري .
وقال الإمام أحمد بن حنبل في مسنده : حدثنا أحمد بن عبد الملك الحراني ، حدثنا محمد بن سلمة ، عن ابن إسحاق ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، عن عبد الله بن عمرو بن العاص ، رضي الله عنهما قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " يخرب الكعبة ذو السويقتين من الحبشة ، ويسلبها حليتها ويجردها من كسوتها . ولكأني أنظر إليه أصيلع أفيدع يضرب عليها بمسحاته ومعوله " .
الفدع : زيغ بين القدم وعظم الساق .
وهذا والله أعلم إنما يكون بعد خروج يأجوج ومأجوج ، لما جاء في صحيح البخاري عن أبي سعيد الخدري ، رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ليحجن البيت وليعتمرن بعد خروج يأجوج ومأجوج " .
تفسير القرطبي : معنى الآية 127 من سورة البقرة
قوله تعالى : وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليمقوله تعالى : وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل القواعد : أساسه ، في قول أبي عبيدة والفراء . وقال الكسائي : هي الجدر . والمعروف أنها الأساس . وفي الحديث : إن البيت لما هدم أخرجت منه حجارة عظام فقال ابن الزبير : هذه القواعد التي رفعها إبراهيم عليه السلام . وقيل : إن القواعد كانت قد اندرست فأطلع الله إبراهيم عليها . ابن عباس : وضع البيت على أركان رآها قبل أن تخلق الدنيا بألفي عام ثم دحيت الأرض من تحته . والقواعد واحدتها قاعدة . والقواعد من النساء واحدها قاعد .واختلف الناس فيمن بنى البيت أولا وأسسه ، فقيل : الملائكة . روي عن جعفر بن محمد قال : سئل أبي وأنا حاضر عن بدء خلق البيت فقال : إن الله عز وجل لما قال : إني جاعل في الأرض خليفة قالت الملائكة : أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك فغضب عليهم ، فعاذوا بعرشه وطافوا حوله سبعة أشواط يسترضون ربهم حتى رضي الله عنهم ، وقال لهم : ابنوا لي بيتا في الأرض يتعوذ به من سخطت عليه من بني آدم ، ويطوف حوله كما طفتم حول عرشي ، فأرضى عنه كما رضيت عنكم ، فبنوا هذا البيت .وذكر عبد الرزاق عن ابن جريج عن عطاء وابن المسيب وغيرهما أن الله عز وجل أوحى إلى آدم : إذا هبطت ابن لي بيتا ثم احفف به كما رأيت الملائكة تحف بعرشي الذي في السماء . قال عطاء : فزعم الناس أنه بناه من خمسة أجبل : من حراء ، ومن طور سينا ، ومن لبنان ، ومن الجودي ، ومن طور زيتا ، وكان ربضه من حراء . قال الخليل : والربض ها هنا الأساس المستدير بالبيت من الصخر ، ومنه يقال لما حول المدينة : ربض . وذكر الماوردي عن عطاء عن ابن عباس قال : لما أهبط آدم من الجنة إلى الأرض قال له : يا آدم ، اذهب فابن لي بيتا وطف به واذكرني عنده كما رأيت الملائكة تصنع حول عرشي ، فأقبل آدم يتخطى وطويت له الأرض ، وقبضت له المفازة ، فلا يقع قدمه على شيء من الأرض إلا صار عمرانا حتى انتهى إلى موضع البيت الحرام ، وأن جبريل عليه السلام ضرب بجناحيه الأرض فأبرز عن أس ثابت على الأرض السابعة السفلى ، وقذفت إليه الملائكة بالصخر ، فما يطيق الصخرة منها ثلاثون رجلا ، وأنه بناه من خمسة أجبل كما ذكرنا . وقد روي في بعض الأخبار : أنه أهبط لآدم عليه السلام خيمة من خيام الجنة ، فضربت في موضع الكعبة ليسكن إليها ويطوف حولها ، فلم تزل باقية حتى قبض الله عز وجل آدم ثم رفعت . وهذا من طريق وهب بن منبه . وفي رواية : أنه أهبط معه بيت فكان يطوف به والمؤمنون من ولده كذلك إلى زمان الغرق ، ثم رفعه الله فصار في السماء ، وهو الذي يدعى البيت المعمور .روي هذا عن قتادة ذكره الحليمي في كتاب " منهاج الدين " له ، وقال : يجوز أن يكون معنى ما قال قتادة من أنه أهبط مع آدم بيت ، أي أهبط معه مقدار البيت المعمور طولا وعرضا وسمكا ، ثم قيل له : ابن بقدره ، وتحرى أن يكون بحياله ، فكان حياله موضع الكعبة ، فبناها فيه . وأما الخيمة فقد يجوز أن تكون أنزلت وضربت في موضع الكعبة ، فلما أمر ببنائها فبناها كانت حول الكعبة طمأنينة لقلب آدم صلى الله عليه وسلم ما عاش ثم رفعت ، فتتفق هذه الأخبار . فهذا بناء آدم عليه السلام ، ثم بناه إبراهيم عليه السلام . قال ابن جريج وقال ناس : أرسل الله سحابة فيها رأس ، فقال الرأس : يا إبراهيم ، إن ربك يأمرك أن تأخذ بقدر هذه السحابة ، فجعل ينظر إليها ويخط قدرها ، ثم قال الرأس : إنه قد فعلت ، فحفر فأبرز عن أساس ثابت في الأرض .وروي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه : أن الله تعالى لما أمر إبراهيم بعمارة البيت خرج من الشام ومعه ابنه إسماعيل وأمه هاجر ، وبعث معه السكينة لها لسان تتكلم به يغدو معها إبراهيم إذا غدت ، ويروح معها إذا راحت ، حتى انتهت به إلى مكة ، فقالت لإبراهيم : ابن على موضعي الأساس ، فرفع البيت هو وإسماعيل حتى انتهى إلى موضع الركن ، فقال لابنه : يا بني ، ابغني حجرا أجعله علما للناس ، فجاءه بحجر فلم يرضه ، وقال : ابغني غيره فذهب يلتمس ، فجاءه وقد أتى بالركن فوضعه موضعه ، فقال : يا أبة ، من جاءك بهذا الحجر ؟ فقال : من لم يكلني إليك . ابن عباس : صاح أبو قبيس : يا إبراهيم ، يا خليل الرحمن ، إن لك عندي وديعة فخذها ، فإذا هو بحجر أبيض من ياقوت الجنة كان آدم قد نزل به من الجنة ، فلما رفع إبراهيم وإسماعيل القواعد من البيت جاءت سحابة مربعة فيها رأس فنادت : أن ارفعا على تربيعي . فهذا بناء إبراهيم عليه السلام .وروي أن إبراهيم وإسماعيل لما فرغا من بناء البيت أعطاهما الله الخيل جزاء عن رفع قواعد البيت . روى الترمذي الحكيم حدثنا عمر بن أبي عمر حدثني نعيم بن حماد حدثنا عبد الوهاب بن همام أخو عبد الرزاق عن ابن جريج عن ابن أبي مليكة عن ابن عباس قال : كانت الخيل وحشا كسائر الوحش ، فلما أذن الله لإبراهيم وإسماعيل برفع القواعد قال الله تبارك اسمه : إني معطيكما كنزا ادخرته لكما ثم أوحى إلى إسماعيل أن اخرج إلى أجياد فادع يأتك الكنز . فخرج إلى أجياد - وكانت وطنا - ولا يدري ما الدعاء ولا الكنز ، فألهمه ، فلم يبق على وجه الأرض فرس بأرض العرب إلا جاءته فأمكنته من نواصيها وذللها له ، فاركبوها واعلفوها فإنها ميامين ، وهي ميراث أبيكم إسماعيل ، فإنما سمي الفرس عربيا لأن إسماعيل أمر بالدعاء وإياه أتى . وروى عبد المنعم بن إدريس عن وهب بن منبه ، قال : أول من بنى البيت بالطين والحجارة شيث عليه السلام .وأما بنيان قريش له فمشهور ، وخبر الحية في ذلك مذكور ، وكانت تمنعهم من هدمه إلى أن اجتمعت قريش عند المقام فعجوا إلى الله تعالى وقالوا : ربنا ، لم ترع ، أردنا تشريف بيتك وتزيينه ، فإن كنت ترضى بذلك وإلا فما بدا لك فافعل ، فسمعوا خواتا من السماء - والخوات : حفيف جناح الطير الضخم - فإذا هو بطائر أعظم من النسر ، أسود الظهر أبيض البطن والرجلين ، فغرز مخاليبه في قفا الحية ، ثم انطلق بها تجر ذنبها أعظم من كذا وكذا حتى انطلق بها نحو أجياد ، فهدمتها قريش وجعلوا يبنونها بحجارة الوادي تحملها قريش على رقابها ، فرفعوها في السماء عشرين ذراعا ، فبينا النبي صلى الله عليه وسلم يحمل حجارة من أجياد وعليه نمرة فضاقت عليه النمرة فذهب يرفع النمرة على عاتقه ، فترى عورته من صغر النمرة ، فنودي : يا محمد ، خمر عورتك ، فلم ير عريانا بعد . وكان بين بنيان الكعبة وبين ما أنزل عليه خمس سنين ، وبين مخرجه وبنائها خمس عشرة سنة . ذكره عبد الرزاق عن معمر عن عبد الله بن عثمان عن أبي الطفيل . وذكر عن معمر عن الزهري : حتى إذا بنوها وبلغوا موضع الركن اختصمت قريش في الركن ، أي القبائل تلي رفعه ؟ حتى شجر بينهم ، فقالوا : تعالوا نحكم أول من يطلع علينا من هذه السكة ، فاصطلحوا على ذلك ، فاطلع عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو غلام عليه وشاح نمرة ، فحكموه فأمر بالركن فوضع في ثوب ، ثم أمر سيد كل قبيلة فأعطاه ناحية من الثوب ، ثم ارتقى هو فرفعوا إليه الركن ، فكان هو يضعه صلى الله عليه وسلم .قال ابن إسحاق : وحدثت أن قريشا وجدوا في الركن كتابا بالسريانية فلم يدر ما هو ، حتى قرأه لهم رجل من يهود ، فإذا فيه : " أنا الله ذو بكة خلقتها يوم خلقت السماوات والأرض وصورت الشمس والقمر ، وحففتها بسبعة أملاك حنفاء لا تزول حتى يزول أخشباها ، مبارك لأهلها في الماء واللبن " . وعن أبي جعفر محمد بن علي قال : كان باب الكعبة على عهد العماليق وجرهم وإبراهيم عليه السلام بالأرض حتى بنته قريش . خرج مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الجدر أمن البيت هو ؟ قال : نعم قلت : فلم لم يدخلوه [ في البيت ] ؟ قال : إن قومك قصرت بهم النفقة . قلت : فما شأن بابه مرتفعا ؟ قال : فعل ذلك قومك ليدخلوا من شاءوا ويمنعوا من شاءوا ولولا أن قومك حديث عهدهم في الجاهلية فأخاف أن تنكر قلوبهم لنظرت أن أدخل الجدر في البيت وأن ألزق بابه بالأرض . وخرج عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنه قال : حدثتني خالتي ( يعني عائشة ) رضي الله عنها قالت قال النبي صلى الله عليه وسلم : يا عائشة لولا أن قومك حديثو عهد بشرك لهدمت الكعبة فألزقتها بالأرض وجعلت لها بابين بابا شرقيا وبابا غربيا وزدت فيها ستة أذرع من الحجر فإن قريشا اقتصرتها حيث بنت الكعبة . وعن عروة عن أبيه عن عائشة قالت قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : لولا حداثة عهد قومك بالكفر لنقضت الكعبة ولجعلتها على أساس إبراهيم فإن قريشا حين بنت الكعبة استقصرت ، ولجعلت لها خلفا . وفي البخاري قال هشام بن عروة : يعني بابا . وفي البخاري أيضا : لجعلت لها خلفين يعني بابين ، فهذا بناء قريش . ثم لما غزا أهل الشام عبد الله بن الزبير ووهت الكعبة من حريقهم ، هدمها ابن الزبير وبناها على ما أخبرته عائشة ، وزاد فيه خمسة أذرع من الحجر ، حتى أبدى أسا نظر الناس إليه ، فبنى عليه البناء ، وكان طول الكعبة ثماني عشرة ذراعا ، فلما زاد فيه استقصره ، فزاد في طوله عشرة أذرع ، وجعل لها بابين ؛ أحدهما يدخل منه ، والآخر يخرج منه ، كذا في صحيح مسلم ، وألفاظ الحديث تختلف . وذكر سفيان عن داود بن شابور عن مجاهد قال : لما أراد ابن الزبير أن يهدم الكعبة ويبنيه قال للناس : اهدموا ، قال : فأبوا أن يهدموا وخافوا أن ينزل عليهم العذاب . قال مجاهد : فخرجنا إلى منى فأقمنا بها ثلاثا ننتظر العذاب . قال : وارتقى ابن الزبير على جدار الكعبة هو بنفسه ، فلما رأوا أنه لم يصبه شيء اجترءوا على ذلك ، قال : فهدموا . فلما بناها جعل لها بابين : بابا يدخلون منه ، وبابا يخرجون منه ، وزاد فيه مما يلي الحجر ستة أذرع ، وزاد في طولها تسعة أذرع . قال مسلم في حديثه : فلما قتل ابن الزبير كتب الحجاج إلى عبد الملك بن مروان يخبره بذلك ، ويخبره أن ابن الزبير قد وضع البناء على أس نظر إليه العدول من أهل مكة ، فكتب إليه عبد الملك : إنا لسنا من تلطيخ ابن الزبير في شيء ، أما ما زاد في طوله فأقره ، وأما ما زاد فيه من الحجر فرده إلى بنائه ، وسد الباب الذي فتحه ، فنقضه وأعاده إلى بنائه . في رواية : قال عبد الملك : ما كنت أظن أبا خبيب ( يعني ابن الزبير ) سمع من عائشة ما كان يزعم أنه سمعه منها ، قال الحارث بن عبد الله : بلى ، أنا سمعته منها ، قال : سمعتها تقول ماذا ؟ قال : قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن قومك استقصروا من بنيان البيت ولولا حداثة عهدهم بالشرك أعدت ما تركوا منه فإن بدا لقومك من بعدي أن يبنوه فهلمي لأريك ما تركوا منه فأراها قريبا من سبعة أذرع . في أخرى : قال عبد الملك : لو كنت سمعته قبل أن أهدمه لتركته على ما بنى ابن الزبير . فهذا ما جاء في بناء الكعبة من الآثار .وروي أن الرشيد ذكر لمالك بن أنس أنه يريد هدم ما بنى الحجاج من الكعبة ، وأن يرده على بناء ابن الزبير لما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم وامتثله ابن الزبير ، فقال له مالك : ناشدتك الله يا أمير المؤمنين ، ألا تجعل هذا البيت ملعبة للملوك ، لا يشاء أحد منهم إلا نقض البيت وبناه ، فتذهب هيبته من صدور الناس . وذكر الواقدي : حدثنا معمر عن همام بن منبه سمع أبا هريرة يقول ، : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن سب أسعد الحميري ، وهو تبع ، وهو أول من كسا البيت ، وهو تبع الآخر . قال ابن إسحاق : كانت تكسى القباطي ثم كسيت البرد وأول من كساها الديباج الحجاج .قال العلماء : ولا ينبغي أن يؤخذ من كسوة الكعبة شيء ، فإنه مهدى إليها ، ولا ينقص منها شيء . روي عن سعيد بن جبير أنه كان يكره أن يؤخذ من طيب الكعبة يستشفى به ، وكان إذا رأى الخادم يأخذ منه قفدها قفدة لا يألو أن يوجعها . وقال عطاء : كان أحدنا إذا أراد أن يستشفي به جاء بطيب من عنده فمسح به الحجر ثم أخذه .قوله تعالى : ربنا تقبل منا المعنى : ويقولان ربنا ، فحذف . وكذلك هي في قراءة أبي وعبد الله بن مسعود : وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ويقولان ربنا تقبل مناوتفسير إسماعيل : اسمع يا ألله ; لأن " إيل " بالسريانية هو الله ، وقد تقدم . فقيل : إن إبراهيم لما دعا ربه قال : اسمع يا إيل ، فلما أجابه ربه ورزقه الولد سماه بما دعاه . ذكره الماوردي .قوله تعالى : إنك أنت السميع العليم اسمان من أسماء الله تعالى قد أتينا عليهما في الكتاب " الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى " .
English | Türkçe | Indonesia |
Русский | Français | فارسی |
تفسير | انجليزي | اعراب |
تفسير آيات من القرآن الكريم
- تفسير: أتى أمر الله فلا تستعجلوه سبحانه وتعالى عما يشركون
- تفسير: فلما جاءها نودي أن بورك من في النار ومن حولها وسبحان الله رب العالمين
- تفسير: قالوا ياويلنا إنا كنا طاغين
- تفسير: وإذا مسه الخير منوعا
- تفسير: واتخذ قوم موسى من بعده من حليهم عجلا جسدا له خوار ألم يروا أنه لا
- تفسير: إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد
- تفسير: قال قائل منهم إني كان لي قرين
- تفسير: وعلى الله قصد السبيل ومنها جائر ولو شاء لهداكم أجمعين
- تفسير: والذين آمنوا بالله ورسله أولئك هم الصديقون والشهداء عند ربهم لهم أجرهم ونورهم والذين كفروا
- تفسير: كتاب أنـزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولو الألباب
تحميل سورة البقرة mp3 :
سورة البقرة mp3 : قم باختيار القارئ للاستماع و تحميل سورة البقرة
ماهر المعيقلي
سعد الغامدي
عبد الباسط
أحمد العجمي
المنشاوي
الحصري
مشاري العفاسي
ناصر القطامي
فارس عباد
ياسر الدوسري
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب