1. التفسير الميسر
  2. تفسير الجلالين
  3. تفسير السعدي
  4. تفسير البغوي
  5. التفسير الوسيط
تفسير القرآن | باقة من أهم تفاسير القرآن الكريم المختصرة و الموجزة التي تعطي الوصف الشامل لمعنى الآيات الكريمات : سبعة تفاسير معتبرة لكل آية من كتاب الله تعالى , [ المائدة: 18] .

  
   

﴿ وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَىٰ نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ ۚ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُم بِذُنُوبِكُم ۖ بَلْ أَنتُم بَشَرٌ مِّمَّنْ خَلَقَ ۚ يَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ ۚ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا ۖ وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ﴾
[ سورة المائدة: 18]

القول في تفسير قوله تعالى : وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه قل فلم يعذبكم بذنوبكم بل ..


تفسير الجلالين التفسير الميسر تفسير السعدي
تفسير البغوي التفسير الوسيط تفسير ابن كثير
تفسير الطبري تفسير القرطبي إعراب الآية

التفسير الميسر : وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه قل


وزعم اليهود والنصارى أنهم أبناء الله وأحباؤه، قل لهم -أيها الرسول-: فَلأيِّ شيء يعذِّبكم بذنوبكم؟ فلو كنتم أحبابه ما عذبكم، فالله لا يحب إلا من أطاعه، وقل لهم: بل أنتم خلقٌ مثلُ سائر بني آدم، إن أحسنتُم جوزيتم بإحسانكم خيرا، وإن أسَأْتُم جوزيتم بإساءتكم شرًّا، فالله يغفر لمن يشاء، ويعذب من يشاء، وهو مالك الملك، يُصَرِّفه كما يشاء، وإليه المرجع، فيحكم بين عباده، ويجازي كلا بما يستحق.

المختصر في التفسير : شرح المعنى باختصار


وادَّعى كلٌّ من اليهود والنصارى أنهم أبناء الله وأحباؤه، قل - أيها الرسول - ردًّا عليهم: لماذا يعذبكم الله بالذنوب التي ترتكبونها؟! فلو كنتم أحباءه كما زعمتم لما عذبكم بالقتل والمسخ في الدنيا، وبالنار في الآخرة؛ لأنه لا يعذب من أحب، بل أنتم بشر كسائر البشر، مَنْ أحسن منهم جازاه بالجنة، ومن أساء عاقبه بالنار، فالله يغفر لمن يشاء بفضله، ويعذب من يشاء بعدله، ولله وحده ملك السماوات والأرض وملك ما بينهما، وإليه وحده المرجع.

تفسير الجلالين : معنى و تأويل الآية 18


«وقالت اليهود والنصارى» أي كل منهما «نحن أبناء الله» أي كأبنائه في القرب والمنزلة وهو كأبينا في الرحمة والشفقة «وأحباؤه قل» لهم يا محمد «فلم يعذبكم بذنوبكم» إن صدقتم في ذلك ولا يعذب الأب ولده ولا الحبيب حبيبه وقد عذبكم فأنتم كاذبون «بل أنتم بشر ممن» من جملة من «خلق» من البشر لكم ما لهم وعليكم ما عليهم «يغفر لمن يشاء» المغفرة له «ويعذب من يشاء» تعذيبه لا اعتراض عليه «ولله ملك السماوات والأرض وما بينهما وإليه المصير» المرجع.

تفسير السعدي : وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه قل


ومن مقالات اليهود والنصارى أن كلا منهما ادعى دعوى باطلة، يزكون بها أنفسهم، بأن قال كل منهما: { نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ } والابن في لغتهم هو الحبيب، ولم يريدوا البنوة الحقيقية، فإن هذا ليس من مذهبهم إلا مذهب النصارى في المسيح.
قال الله ردا عليهم حيث ادعوا بلا برهان: { قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ } ؟ فلو كنتم أحبابه ما عذبكم [لكون الله لا يحب إلا من قام بمراضيه] { بَلْ أَنتُم بَشَرٌ مِّمَّنْ خَلَقَ } تجري عليكم أحكام العدل والفضل { يَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ } إذا أتوا بأسباب المغفرة أو أسباب العذاب، { وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ }- أي: فأي شيء خصكم بهذه الفضيلة، وأنتم من جملة المماليك ومن جملة من يرجع إلى الله في الدار الآخرة، فيجازيكم بأعمالكم.

تفسير البغوي : مضمون الآية 18 من سورة المائدة


قوله عز وجل : ( وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه ) قيل: أرادوا أن الله تعالى لنا كالأب في الحنو والعطف ، ونحن كالأبناء له في القرب والمنزلة ، وقال إبراهيم النخعي : إن اليهود وجدوا في التوراة يا أبناء أحباري ، فبدلوا يا أبناء أبكاري ، فمن ذلك قالوا : نحن أبناء الله ، وقيل: معناه نحن أبناء رسل الله .
قوله تعالى : ( قل فلم يعذبكم بذنوبكم ) يريد إن كان الأمر كما زعمتم أنكم أبناؤه وأحباؤه فإن الأب لا يعذب ولده ، والحبيب لا يعذب حبيبه ، وأنتم مقرون أنه معذبكم؟ وقيل: فلم يعذبكم أي : لم عذب من قبلكم بذنوبهم فمسخهم قردة وخنازير؟ ( بل أنتم بشر ممن خلق ) كسائر بني آدم مجزيون بالإساءة والإحسان ، ( يغفر لمن يشاء ) فضلا ( ويعذب من يشاء ) عدلا ( ولله ملك السموات والأرض وما بينهما وإليه المصير ) .

التفسير الوسيط : ويستفاد من هذه الآية


قال الإمام ابن كثير: روى محمد بن إسحاق وابن أبى حاتم وابن جرير عن ابن عباس قال:أتى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم جماعة من اليهود فكلموه وكلمهم ودعاهم إلى الله-تبارك وتعالى- وحذرهم نقمته فقالوا: ما تخوفنا يا محمد؟ نحن أبناء الله وأحباؤه كقول النصارى فأنزل الله-تبارك وتعالى- فيهم.
وَقالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصارى نَحْنُ أَبْناءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ.. الآية.
وقوله-تبارك وتعالى- وَقالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصارى حكاية لما صدر عن الفريقين من أقاويل فاسدة ودعاوى باطلة، يدل على سفاهة عقولهم، وبلادة تفكيرهم، حيث قالوا في حق الله-تبارك وتعالى- ما لا يليق بعظمته- سبحانه -.
قال الآلوسى: ما ملخصه: قوله-تبارك وتعالى-: «ومرادهم بالأبناء: المقربون.
أى نحن مقربون عند الله-تبارك وتعالى- قرب الأولاد من والدهم.
ومن مرادهم بالأحباء: جمع حبيب بمعنى محب أو محبوب.
ويجوز أن يكون أرادوا من الأبناء الخاصة، كما يقال: أبناء الدنيا وأبناء الآخرة.
ويجوز أن يكونوا أرادوا بما قالوا أنهم أشياع وأتباع من وصف بالبنوة.
أى قالت اليهود: نحن أشياع ابنه عزير.
وقالت النصارى: نحن أشياع ابنه عيسى.
وأطلق الأبناء على الأشياع مجازا إما تغليبا أو تشبيها لهم بالأبناء في قرب المنزلة.
وهذا كما يقول أتباع الملك: نحن الملوك.
وقيل الكلام على حذف المضاف.
أى: نحن أبناء أنبياء الله-تبارك وتعالى- وهو خلاف الظاهر.
ومقصود الفريقين بقوله-تبارك وتعالى- حكاية عنهم نَحْنُ أَبْناءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ هو المعنى المتضمن مدحا، وحاصل دعواهم أن لهم فضلا ومزيد عند الله-تبارك وتعالى- على سائر الخلق».
والمعنى: وقالت طائفة اليهود التي تزعم أنها شعب الله المختار، وقالت طائفة النصارى التي تزعم أنها على الحق دون غيرهم قالت كل طائفة منهما: نحن في القرب من الله-تبارك وتعالى- بمنزلة أبنائه المدللين، وأحبائه المختارين، فلنا من الفضل والمنزلة والتكريم ما ليس لغيرنا من البشر.
والذي حملهم على هذا القول الباطل، جهلهم بما اشتملت عليه كتبهم، وتخبطهم في الكفر والضلال وفهمهم السقيم لمعانى الألفاظ.
قال ابن كثير: «ونقلوا عن كتبهم أن الله-تبارك وتعالى- قال لعبده إسرائيل: أنت ابني بكرى.
فحملوا هذا على غير تأويله وحرفوه.
وقد رد عليهم غير واحد ممن أسلّم من عقلائهم.
وقالوا هذا يطلق عندهم على التشريف والإكرام.
كما نقل النصارى عن كتابهم أن عيسى قال لهم.
إنى ذاهب إلى أبى وأبيكم، يعنى: ربي وربكم.
ومعلوم أنهم لم يدعوا لأنفسهم من البنوة ما ادعوها في عيسى- عليه السلام- وإنما أرادوا بذلك معزتهم لديه، وحظوتهم عنده، ولهذا قالوا: نَحْنُ أَبْناءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ.
وعطف- سبحانه - قولهم: وَأَحِبَّاؤُهُ على قولهم نَحْنُ أَبْناءُ اللَّهِ للإشارة إلى غلوهم في الجهل والغرور، حيث قصدوا أنهم أبناء محبوبون وليسوا مغضوبا عليهم من أبيهم بل هم محل رضاه وإكرامه.
وقد أمر الله- نبيه صلّى الله عليه وسلّم أن يرد عليهم بما يكبتهم فقال: قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ.
والفاء في قوله فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ للافصاح، لأنها تفصح عن جواب شرط مقدر أى: قل يا محمد لهؤلاء المغرورين، إن كان الأمر كما زعمتم من أنكم أبناء الله وأحباؤه فلأى شيء يعذبكم إذ الحبيب لا يعذب حبيبه.
وإن واقعكم يا أهل الكتاب يناقض دعواكم، فقد عذبكم- سبحانه - في الدنيا بسبب ذنوبكم بالقتل والأسر والمسخ وتهييج العداوة والبغضاء بينكم إلى يوم القيامة.
أما في الآخرة فإن كتبكم التي بين أيديكم تشهد بأنكم ستعذبون في الآخرة على ما تقترفون من آثام في دنياكم.
وقد أقر اليهود بأن العذاب سيقع بهم- في زعمهم- أياما معدودات في الآخرة وحكى القرآن عنهم ذلك في قوله-تبارك وتعالى- وَقالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُودَةً:وأقر النصارى بأن الله-تبارك وتعالى- سيحاسب الناس يوم القيامة، وسيجازى كل إنسان على حسب عمله إن خيرا فخير، وإن شرا فشر.
قال القرطبي: «رد الله عليهم قولهم فقال: فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ فلم يكونوا يخلون من أحد وجهين، إما إن يقولوا هو يعذبنا، فيقال لهم: فلستم إذا أبناءه ولا أحباءه فإن الحبيب لا يعذب حبيبه.
وأنتم تقرون بعذابه، فذلك دليل على كذبكم- وهذا هو المسمى عند الجدليين ببرهان الخلف- أو يقولوا: لا يعذبنا فيكذبوا ما في كتبهم، وما جاءت به رسلهم.
ويبيحوا المعاصي وهم معترفون بعذاب العصاة منهم، ولهذا يلتزمون أحكام كتبهم» وقوله:بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ رد على أصل دعواهم الباطلة، وبيان لما هو الحق من أمرهم وهو معطوف على كلام مقدر.
أى: ليس الأمر كما زعمتم يا معشر اليهود والنصارى من أنكم أبناء الله وأحباؤه، بل الحق أنكم كسائر البشر من خلق الله.
فإنكم إن آمنتم وأصلحتم أعمالكم نلتم الثواب من الله، وإن بقيتم على كفركم وغروركم حق عليكم العقاب، وليس لأحد فضل على أحد إلا بالإيمان والعمل الصالح.
قال أبو حيان قوله: بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ إضراب عن الاستدلال من غير إبطال له إلى استدلال آخر من ثبوت كونهم بشرا من بعض خلقه، فهم مساوون لغيرهم في البشرية والحدوث، وهما يمنعان البنوة، فإن القديم لا يلد بشرا، والأب لا يخلق ابنه، فامتنع بهذين الوجهين البنوة.
وامتنع بتعذيبهم أن يكونوا أحباء الله، فبطل الوصفان اللذان ادعوهما» .
وقوله- سبحانه - يَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ بيان لعموم قدرته، وشمول إرادته.
أى أنه- سبحانه - يغفر لمن يشاء أن يغفر له من خلقه، وهم المؤمنون به وبرسله، ويعذب من يشاء أن يعذبه منهم، وهم المنحرفون عن طريق الحق والهدى، لا راد لقضائه.
ولا معقب لحكمه.
وقوله وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ تذييل قصد به تأكيد ما قبله من عموم قدرته، وشمول إرادته وهيمنته على سائر خلقه.
أى: ولله-تبارك وتعالى- وحده ملك جميع الموجودات وهو صاحب التصرف المطلق فيها، إيجادا وإعداما، وإحياء وإماتة، وإليه وحده مصير الخلق يوم القيامة فيجازيهم على ما عملوا من خير أو شر.
قال-تبارك وتعالى- فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ.
وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ.
وبذلك تكون الآية الكريمة قد أبطلت حجة اليهود والنصارى الذين زعموا أنهم أَبْناءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ وأثبتت بالمنطق الواضح أنهم كذابون فيما يدعون وأنه لا فضل لأحد على أحد إلا بالإيمان والعمل الصالح.
وبعد أن بين- سبحانه - فساد أقوال أهل الكتاب وبطلان عقائدهم، ورد عليهم بما لا يدع للعاقل متمسكا بتلك الضلالات.
أتبع ذلك بتوجيه نداء آخر إليهم تكريرا لوعظهم، وتحريضا لهم على اتباع الحق فقال-تبارك وتعالى-

وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه قل: تفسير ابن كثير


ثم قال تعالى رادا على اليهود والنصارى في كذبهم وافترائهم : { وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه } أي: نحن منتسبون إلى أنبيائه وهم بنوه وله بهم عناية ، وهو يحبنا . ونقلوا عن كتابهم أن الله [ تعالى ] قال لعبده إسرائيل : " أنت ابني بكري " . فحملوا هذا على غير تأويله ، وحرفوه . وقد رد عليهم غير واحد ممن أسلم من عقلائهم ، وقالوا : هذا يطلق عندهم على التشريف والإكرام ، كما نقل النصارى عن كتابهم أن عيسى قال لهم : إني ذاهب إلى أبي وأبيكم ، يعني : ربي وربكم . ومعلوم أنهم لم يدعوا لأنفسهم من البنوة ما ادعوها في عيسى عليه السلام ، وإنما أرادوا بذلك معزتهم لديه وحظوتهم عنده ، ولهذا قالوا : نحن أبناء الله وأحباؤه .
قال الله تعالى رادا عليهم : { قل فلم يعذبكم بذنوبكم } أي: لو كنتم كما تدعون أبناءه وأحباءه ، فلم أعد لكم نار جهنم على كفركم وكذبكم وافترائكم؟ وقد قال بعض شيوخ الصوفية لبعض الفقهاء : أين تجد في القرآن أن الحبيب لا يعذب حبيبه؟ فلم يرد عليه ، فتلا الصوفي هذه الآية : { قل فلم يعذبكم بذنوبكم }
وهذا الذي قاله حسن ، وله شاهد في المسند للإمام أحمد حيث قال : حدثنا ابن أبي عدي عن حميد عن أنس قال : مر النبي صلى الله عليه وسلم في نفر من أصحابه ، وصبي في الطريق ، فلما رأت أمه القوم خشيت على ولدها أن يوطأ ، فأقبلت تسعى وتقول : ابني ابني! وسعت فأخذته ، فقال القوم : يا رسول الله ، ما كانت هذه لتلقي ابنها في النار . قال : فخفضهم النبي صلى الله عليه وسلم فقال : " لا والله ما يلقي حبيبه في النار " . تفرد به .
[ وقوله ] { بل أنتم بشر ممن خلق } أي: لكم أسوة أمثالكم من بني آدم وهو تعالى هو الحاكم في جميع عباده { يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء } أي: هو فعال لما يريد ، لا معقب لحكمه وهو سريع الحساب . { ولله ملك السماوات والأرض وما بينهما } أي: الجميع ملكه وتحت قهره وسلطانه ، { وإليه المصير } أي: المرجع والمآب إليه ، فيحكم في عباده بما يشاء ، وهو العادل الذي لا يجور .
[ و ] قال محمد بن إسحاق عن محمد بن أبي محمد عن عكرمة أو سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : وأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم نعمان بن أضاء وبحري بن عمرو وشاس بن عدي فكلموه وكلمهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعاهم إلى الله وحذرهم نقمته ، فقالوا : ما تخوفنا يا محمد ! نحن والله أبناء الله وأحباؤه ، كقول النصارى فأنزل [ الله ] فيهم : { وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه } إلى آخر الآية . رواه ابن أبي حاتم وابن جرير .
ورويا أيضا من طريق أسباط عن السدي في قول الله [ تعالى ] { وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه } أما قولهم : { نحن أبناء الله وأحباؤه } فإنهم قالوا : إن الله أوحى إلى إسرائيل أن ولدك - بكرك من الولد - فيدخلهم النار فيكونون فيها أربعين ليلة حتى تطهرهم وتأكل خطاياهم ، ثم يناد مناد أن أخرجوا كل مختون من ولد إسرائيل . فأخرجوهم فذلك قولهم : { لن تمسنا النار إلا أياما معدودات } [ آل عمران : 24 ]

تفسير القرطبي : معنى الآية 18 من سورة المائدة


قوله : وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه قل فلم يعذبكم بذنوبكم بل أنتم بشر ممن خلق يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء ولله ملك السماوات والأرض وما بينهما وإليه المصيرقوله تعالى : وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه قال ابن عباس : خوف رسول الله صلى الله عليه وسلم قوما من اليهود العقاب فقالوا : لا نخاف فإنا أبناء الله وأحباؤه ; فنزلت الآية .
قال ابن إسحاق : أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم نعمان بن أضا وبحري بن عمرو وشأس بن عدي فكلموه وكلمهم ، ودعاهم إلى الله عز وجل وحذرهم نقمته فقالوا : ما تخوفنا يا محمد ؟ ; نحن أبناء الله وأحباؤه ، كقول النصارى ; فأنزل الله عز وجل فيهم وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه قل فلم يعذبكم بذنوبكم إلى آخر الآية .
قال لهم معاذ بن جبل وسعد بن عبادة وعقبة بن وهب : يا معشر يهود اتقوا الله ، فوالله إنكم لتعلمون أنه رسول الله ، ولقد كنتم تذكرونه لنا قبل مبعثه ، وتصفونه لنا بصفته ; فقال رافع بن حريملة ووهب بن يهوذا : ما قلنا هذا لكم ، ولا أنزل الله من كتاب بعد موسى ، ولا أرسل بشيرا ولا نذيرا من بعده ; فأنزل الله عز وجل : يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم على فترة من الرسل إلى قوله : والله على كل شيء قدير .
السدي : زعمت اليهود أن الله عز وجل أوحى إلى إسرائيل عليه السلام أن ولدك بكري من الولد .
قال غيره : والنصارى قالت نحن أبناء الله ; لأن في الإنجيل حكاية عن عيسى " أذهب إلى أبي وأبيكم " ، وقيل : المعنى : نحن أبناء رسل الله ، فهو على حذف مضاف ، وبالجملة .
فإنهم رأوا لأنفسهم فضلا ; فرد عليهم قولهم فقال : فلم يعذبكم بذنوبكم فلم يكونوا يخلون من أحد وجهين ; إما أن يقولوا هو يعذبنا .
فيقال لهم : فلستم إذا أبناءه وأحباءه ; فإن الحبيب لا يعذب حبيبه ، وأنتم تقرون بعذابه ; فذلك دليل على كذبكم - وهذا هو المسمى عند الجدليين ببرهان الخلف - أو يقولوا : لا يعذبنا فيكذبوا ما في كتبهم ، وما جاءت به رسلهم ، ويبيحوا المعاصي وهم معترفون بعذاب العصاة منهم ; ولهذا يلتزمون أحكام كتبهم ، وقيل : معنى يعذبكم عذبكم ; فهو بمعنى المضي ; أي : فلم مسخكم قردة وخنازير ؟ ولم عذب من قبلكم من اليهود والنصارى بأنواع العذاب وهم أمثالكم ؟ لأن الله سبحانه لا يحتج عليهم بشيء لم يكن بعد ، لأنهم ربما يقولون لا نعذب غدا ، بل يحتج عليهم بما عرفوه .
ثم قال : بل أنتم بشر ممن خلق أي : كسائر خلقه يحاسبكم على الطاعة والمعصية ، ويجازي كلا بما عمل .
يغفر لمن يشاء أي : لمن تاب من اليهود .
ويعذب من يشاء من مات عليها .
ولله ملك السماوات والأرض فلا شريك له يعارضه .
وإليه المصير أي : يئول أمر العباد إليه في الآخرة .

﴿ وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه قل فلم يعذبكم بذنوبكم بل أنتم بشر ممن خلق يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء ولله ملك السموات والأرض وما بينهما وإليه المصير ﴾ [ المائدة: 18]

سورة : المائدة - الأية : ( 18 )  - الجزء : ( 6 )  -  الصفحة: ( 111 )

English Türkçe Indonesia
Русский Français فارسی
تفسير انجليزي اعراب

تفسير آيات من القرآن الكريم

  1. تفسير: ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقا من أموال الناس بالإثم
  2. تفسير: يابني أقم الصلاة وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك إن ذلك من
  3. تفسير: فيهما عينان تجريان
  4. تفسير: وإذا قيل لهم آمنوا بما أنـزل الله قالوا نؤمن بما أنـزل علينا ويكفرون بما وراءه
  5. تفسير: أولئك الذين لعنهم الله ومن يلعن الله فلن تجد له نصيرا
  6. تفسير: أولئك لهم نصيب مما كسبوا والله سريع الحساب
  7. تفسير: فإذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين فلما نجاهم إلى البر إذا هم
  8. تفسير: ولو ترى إذ وقفوا على ربهم قال أليس هذا بالحق قالوا بلى وربنا قال فذوقوا
  9. تفسير: إذا السماء انفطرت
  10. تفسير: وإذا قرئ عليهم القرآن لا يسجدون

تحميل سورة المائدة mp3 :

سورة المائدة mp3 : قم باختيار القارئ للاستماع و تحميل سورة المائدة

سورة المائدة بصوت ماهر المعيقلي
ماهر المعيقلي
سورة المائدة بصوت سعد الغامدي
سعد الغامدي
سورة المائدة بصوت عبد  الباسط عبد الصمد
عبد الباسط
سورة المائدة بصوت أحمد العجمي
أحمد العجمي
سورة المائدة بصوت محمد صديق المنشاوي
المنشاوي
سورة المائدة بصوت محمود خليل الحصري
الحصري
سورة المائدة بصوت مشاري راشد العفاسي
مشاري العفاسي
سورة المائدة بصوت ناصر القطامي
ناصر القطامي
سورة المائدة بصوت فارس عباد
فارس عباد
سورة المائدة بصوت ياسر لدوسري
ياسر الدوسري

,

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب