1. التفسير الميسر
  2. تفسير الجلالين
  3. تفسير السعدي
  4. تفسير البغوي
  5. التفسير الوسيط
تفسير القرآن | باقة من أهم تفاسير القرآن الكريم المختصرة و الموجزة التي تعطي الوصف الشامل لمعنى الآيات الكريمات : سبعة تفاسير معتبرة لكل آية من كتاب الله تعالى , [ النساء: 49] .

  
   

﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنفُسَهُم ۚ بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَن يَشَاءُ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا﴾
[ سورة النساء: 49]

القول في تفسير قوله تعالى : ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم بل الله يزكي من يشاء ولا ..


تفسير الجلالين التفسير الميسر تفسير السعدي
تفسير البغوي التفسير الوسيط تفسير ابن كثير
تفسير الطبري تفسير القرطبي إعراب الآية

التفسير الميسر : ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم بل الله


ألم تعلم -أيها الرسول- أمر أولئك الذين يُثنون على أنفسهم وأعمالهم، ويصفونها بالطهر والبعد عن السوء؟ بل الله تعالى وحده هو الذي يثني على مَن يشاء مِن عباده، لعلمه بحقيقة أعمالهم، ولا يُنقَصون من أعمالهم شيئًا مقدار الخيط الذي يكون في شق نَواة التمرة.

المختصر في التفسير : شرح المعنى باختصار


ألم تعلم - أيها الرسول - أمر أولئك الذين يثنون ثناء تزكية على أنفسهم وأعمالهم؟ بل الله وحده هو الذي يثني على من شاء من عباده ويزكيهم؛ لأنه عالم بخفايا القلوب، ولن ينقصوا شيئًا من ثواب أعمالهم ولو كان قدر الخيط الذي في نواة التمر.

تفسير الجلالين : معنى و تأويل الآية 49


«ألم تر إلى الذين يزكُون أنفسهم» وهم اليهود حيث قالوا نحن أبناء الله وأحباؤه أي ليس الأمر بتزكيتهم أنفسهم «بل الله يزكّي» يطهر «من يشاء» بالإيمان «ولا يُظلمون» ينقصون من أعمالهم «فتيلا» قدر قشرة النواة.

تفسير السعدي : ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم بل الله


هذا تعجيب من الله لعباده، وتوبيخ للذين يزكون أنفسهم من اليهود والنصارى، ومن نحا نحوهم من كل من زكى نفسه بأمر ليس فيه.
وذلك أن اليهود والنصارى يقولون: { نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ } ويقولون: { لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى } وهذا مجرد دعوى لا برهان عليها، وإنما البرهان ما أخبر به في القرآن في قوله: { بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ } فهؤلاء هم الذين زكاهم الله ولهذا قال هنا: { بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ }- أي: بالإيمان والعمل الصالح بالتخلي عن الأخلاق الرذيلة، والتحلي بالصفات الجميلة.
وأما هؤلاء فهم -وإن زكوا أنفسهم بزعمهم أنهم على شيء، وأن الثواب لهم وحدهم- فإنهم كذبة في ذلك، ليس لهم من خصال الزاكين نصيب، بسبب ظلمهم وكفرهم لا بظلم من الله لهم، ولهذا قال: { وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا } وهذا لتحقيق العموم- أي: لا يظلمون شيئا ولا مقدار الفتيل الذي في شق النواة أو الذي يفتل من وسخ اليد وغيرها.

تفسير البغوي : مضمون الآية 49 من سورة النساء


قوله تعالى : ( ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم ) الآية ، قال الكلبي : نزلت في رجال من اليهود منهم بحري بن عمرو والنعمان بن أوفى ومرحب بن زيد ، أتوا بأطفالهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا : يا محمد هل على هؤلاء من ذنب؟ فقال : لا قالوا : ما نحن إلا كهيئتهم ، ما عملنا بالنهار يكفر عنا بالليل ، وما عملنا بالليل يكفر عنا بالنهار ، فأنزل الله تعالى هذه الآية .
.
وقال مجاهد وعكرمة : كانوا يقدمون أطفالهم في الصلاة ، يزعمون أنهم لا ذنوب لهم ، فتلك التزكية .
وقال الحسن والضحاك وقتادة ومقاتل : نزلت في اليهود والنصارى حين قالوا نحن أبناء الله وأحباؤه ، " وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى " ( البقرة - 111 ) وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : هو تزكية بعضهم لبعض ، روى طارق بن شهاب عن ابن مسعود قال : إن الرجل ليغدو من بيته ومعه دينه فيأتي الرجل لا يملك له ولا لنفسه ضرا ولا نفعا فيقول : والله إنك كيت وكيت!! ويرجع إلى بيته وما معه من دينه شيء ، ثم قرأ : " ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم " ، الآية .
قوله تعالى : ( بل الله يزكي ) أي : يطهر ويبرئ من الذنوب ويصلح ، ( من يشاء ولا يظلمون فتيلا ) وهو اسم لما في شق النواة ، والقطمير اسم للقشرة التي على النواة ، والنقير اسم للنقطة التي على ظهر النواة ، وقيل: الفتيل من الفتل وهو ما يجعل بين الأصبعين من الوسخ عند الفتل .

التفسير الوسيط : ويستفاد من هذه الآية


ثم حكى- سبحانه - لونا آخر من قبائح اليهود فقال:أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ، بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشاءُ وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا.
انْظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَكَفى بِهِ إِثْماً مُبِيناً.
روى المفسرون في سبب نزول هاتين الآيتين أن رجالا من اليهود أتوا النبي صلى الله عليه وسلم بأطفالهم فقالوا: يا محمد هل على هؤلاء ذنب؟ فقال: لا.
فقالوا: والله ما نحن إلا كهيئتهم.
ما عملناه بالنهار كفر عنا بالليل، وما عملنا بالليل كفر عنا بالنهار» .
ولقد حكى القرآن عن اليهود أنهم قالوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُودَةً.
وحكى عنهم أنهم كانوا يَأْخُذُونَ عَرَضَ هذَا الْأَدْنى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنا.
وحكى عنهم وعن النصارى أنهم قالوا: نَحْنُ أَبْناءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ.
والاستفهام في قوله-تبارك وتعالى- أَلَمْ تَرَ للتعجب من أحوالهم، والتهوين من شأنهم حيث بالغوا في مدح أنفسهم مع أنهم كاذبون في ذلك.
وقوله يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ من التزكية بمعنى التطهير والتنزيه عن القبيح.
والمراد بهذا التعبير هنا: أنهم يصفون أنفسهم بالأفعال الحسنة، ويمدحونها مدحا كثيرا، مع أنهم لا يستحقون إلا الذم بسبب سوء أقوالهم وأفعالهم.
والمعنى: ألم ينته علمك يا محمد إلى حال هؤلاء اليهود الذين يمدحون أنفسهم ويثنون عليها مختالين متفاخرين مع ما هم عليه من الكفر وسوء الأخلاق؟ إن كنت لم تعلم أحوالهم أو لم تنظر إليهم فها نحن نكشف لك عن خباياهم لتتعجب من سوء أعمالهم وليتعجب منهم كل عاقل.
وقوله بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشاءُ إبطال لمعتقدهم بإثبات ضده، وهو أن التزكية شهادة من الله ولا ينفع أحدا أن يزكى نفسه، وإعلام منه- سبحانه - بأن تزكيته هي التي يعتد بها لا تزكية غيره، فإنه هو العالم بما ينطوى عليه الإنسان من حسن وقبح، وخير وشر.
وقوله وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا بيان لكمال عدله- سبحانه - وأنه لا يظلم أحدا من خلقه لا قليلا ولا كثيرا.
والفتيل: هو الخيط الذي يكون في شق النواة.
وكثيرا ما يضرب به المثل في القلة والحقارة.
أى أن هؤلاء الذين يزكون أنفسهم بغير حق يعاقبون على هذا الكذب بما يستحقون من عقاب عادل لا ظلم معه لأنه- سبحانه - لا يظلم أحدا من عباده شيئا بل يجازى كل إنسان بما هو أهل له من خير أو شر.

ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم بل الله: تفسير ابن كثير


قال الحسن وقتادة : نزلت هذه الآية ، وهي قوله : { ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم } في اليهود والنصارى ، حين قالوا : { نحن أبناء الله وأحباؤه }
وقال ابن زيد : نزلت في قولهم : { نحن أبناء الله وأحباؤه } [ المائدة : 18 ] ، وفي قولهم : { وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى } [ البقرة : 111 ] .
وقال مجاهد : كانوا يقدمون الصبيان أمامهم في الدعاء والصلاة يؤمونهم ، ويزعمون أنهم لا ذنب لهم .
وكذا قال عكرمة ، وأبو مالك . روى ذلك ابن جرير .
وقال العوفي ، عن ابن عباس في قوله { ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم } وذلك أن اليهود قالوا : إن أبناءنا توفوا وهم لنا قربة ، وسيشفعون لنا ويزكوننا ، فأنزل الله على محمد [ صلى الله عليه وسلم ] { ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم بل الله يزكي من يشاء ولا يظلمون فتيلا } رواه ابن جرير .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا محمد بن مصفى ، حدثنا ابن حمير ، عن ابن لهيعة ، عن بشر بن أبي عمرو عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : كانت اليهود يقدمون صبيانهم يصلون بهم ، ويقربون قربانهم ويزعمون أنهم لا خطايا لهم ولا ذنوب . وكذبوا . قال الله [ تعالى ] إني لا أطهر ذا ذنب بآخر لا ذنب له " وأنزل الله : { ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم }
ثم قال : وروي عن مجاهد ، وأبي مالك ، والسدي ، وعكرمة ، والضحاك - نحو ذلك .
وقال الضحاك : قالوا : ليس لنا ذنوب ، كما ليس لأبنائنا ذنوب . فأنزل الله ذلك فيهم .
وقيل : نزلت في ذم التمادح والتزكية .
وقد جاء في الحديث الصحيح عند مسلم ، عن المقداد بن الأسود قال : أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نحثو في وجوه المداحين التراب .
وفي الحديث الآخر المخرج في الصحيحين من طريق خالد الحذاء ، عن عبد الرحمن بن أبي بكرة ، عن أبيه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع رجلا يثني على رجل ، فقال : " ويحك . قطعت عنق صاحبك " . ثم قال : " إن كان أحدكم مادحا صاحبه لا محالة ، فليقل : أحسبه كذا ولا يزكي على الله أحدا " .
وقال الإمام أحمد : حدثنا معتمر ، عن أبيه ، عن نعيم بن أبي هند قال : قال عمر بن الخطاب : من قال : أنا مؤمن ، فهو كافر . ومن قال : هو عالم ، فهو جاهل . ومن قال : هو في الجنة ، فهو في النار .
ورواه ابن مردويه ، من طريق موسى بن عبيدة ، عن طلحة بن عبيد الله بن كريز ، عن عمر أنه قال : إن أخوف ما أخاف عليكم إعجاب المرء برأيه ، فمن قال : إنه مؤمن ، فهو كافر ، ومن قال : إنه عالم فهو جاهل ، ومن قال : إنه في الجنة ، فهو في النار .
وقال الإمام أحمد : حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة وحجاج ، أنبأنا شعبة ، عن سعد بن إبراهيم ، عن معبد الجهني قال : كان معاوية قلما يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : وكان قلما يكاد أن يدع يوم الجمعة هؤلاء الكلمات أن يحدث بهن عن النبي صلى الله عليه وسلم ، يقول : " من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين ، وإن هذا المال حلو خضر ، فمن يأخذه بحقه يبارك له فيه ، وإياكم والتمادح فإنه الذبح " .
وروى ابن ماجه منه : " إياكم والتمادح فإنه الذبح " عن أبي بكر بن أبي شيبة ، عن غندر ، عن شعبة به .
ومعبد هذا هو ابن عبد الله بن عويم البصري القدري .
وقال ابن جرير : حدثنا يحيى بن إبراهيم المسعودي ، حدثني أبي ، عن أبيه ، عن جده ، عن الأعمش ، عن قيس بن مسلم ، عن طارق بن شهاب قال : قال عبد الله بن مسعود : إن الرجل ليغدو بدينه ، ثم يرجع وما معه منه شيء ، يلقى الرجل ليس يملك له نفعا ولا ضرا فيقول له : والله إنك كيت وكيت فلعله أن يرجع ولم يحل من حاجته بشيء وقد أسخط الله . ثم قرأ } ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم } الآية .
وسيأتي الكلام على ذلك مطولا عند قوله تعالى : { فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى } [ النجم : 32 ] . ولهذا قال تعالى : { بل الله يزكي من يشاء } أي: المرجع في ذلك إلى الله ، عز وجل لأنه عالم بحقائق الأمور وغوامضها .
ثم قال تعالى : { ولا يظلمون فتيلا } أي: ولا يترك لأحد من الأجر ما يوازن مقدار الفتيل .
قال ابن عباس ، ومجاهد ، وعكرمة ، وعطاء ، والحسن ، وقتادة ، وغير واحد من السلف : هو ما يكون في شق النواة .
وعن ابن عباس أيضا : هو ما فتلت بين أصابعك . وكلا القولين متقارب .

تفسير القرطبي : معنى الآية 49 من سورة النساء


قوله تعالى : ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم فيه ثلاث مسائل :الأولى : قوله تعالى : ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم هذا اللفظ عام في ظاهره ولم يختلف أحد من المتأولين في أن المراد اليهود .
واختلفوا في المعنى الذي زكوا به أنفسهم ؛ فقال قتادة والحسن : ذلك قولهم : نحن أبناء الله وأحباؤه ، وقولهم : لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى وقال الضحاك والسدي : قولهم لا ذنوب لنا وما فعلناه نهارا غفر لنا ليلا وما فعلناه ليلا غفر لنا نهارا ، ونحن كالأطفال في عدم الذنوب .
وقال مجاهد وأبو مالك وعكرمة : تقديمهم الصغار للصلاة ؛ لأنهم لا ذنوب عليهم .
وهذا يبعد من مقصد الآية .
وقال ابن عباس : ذلك قولهم آباؤنا الذين ماتوا يشفعون لنا ويزكوننا .
وقال عبد الله بن مسعود : ذلك ثناء بعضهم على بعض .
وهذا أحسن ما قيل ؛ فإنه الظاهر من معنى الآية ، والتزكية : التطهير والتبرية من الذنوب .
الثانية : هذه الآية وقوله تعالى : فلا تزكوا أنفسكم يقتضي الغض من المزكي لنفسه بلسانه ، والإعلام بأن الزاكي المزكى من حسنت أفعاله وزكاه الله عز وجل فلا عبرة بتزكية الإنسان نفسه ، وإنما العبرة بتزكية الله له .
وفي صحيح مسلم عن محمد بن عمرو بن عطاء قال : سميت ابنتي برة ؛ فقالت لي زينب بنت أبي سلمة : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن هذا الاسم ، وسميت برة ؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تزكوا أنفسكم الله أعلم بأهل البر منكم فقالوا : بم نسميها ؟ فقال : سموها زينب .
فقد دل الكتاب والسنة على المنع من تزكية الإنسان نفسه ، ويجري هذا المجرى ما قد كثر في هذه الديار المصرية من نعتهم أنفسهم بالنعوت التي تقتضي التزكية ؛ كزكي الدين ومحيي الدين وما أشبه ذلك ، لكن لما كثرت قبائح المسمين بهذه الأسماء ظهر تخلف هذه النعوت عن أصلها فصارت لا تفيد شيئا .
الثالثة : فأما تزكية الغير ومدحه له ؛ ففي البخاري من حديث أبي بكرة أن رجلا ذكر عند النبي صلى الله عليه وسلم فأثنى عليه رجل خيرا ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ويحك قطعت عنق صاحبك - يقوله مرارا - إن كان أحدكم مادحا لا محالة فليقل أحسب كذا وكذا إن كان يرى أنه كذلك وحسيبه الله ولا يزكي على الله أحدا فنهى صلى الله عليه وسلم أن يفرط في مدح الرجل بما ليس فيه فيدخله في ذلك الإعجاب والكبر ، ويظن أنه في الحقيقة بتلك المنزلة فيحمله ذلك على تضييع العمل وترك الازدياد من الفضل ؛ ولذلك قال صلى الله عليه وسلم : ويحك قطعت عنق صاحبك .
وفي الحديث الآخر قطعتم ظهر الرجل حين وصفوه بما ليس فيه .
وعلى هذا تأول العلماء قوله صلى الله عليه وسلم : احثوا التراب في وجوه المداحين إن المراد به المداحون في وجوههم بالباطل وبما ليس فيهم ، حتى يجعلوا ذلك بضاعة يستأكلون به الممدوح ويفتنونه ؛ فأما مدح الرجل بما فيه من الفعل الحسن والأمر المحمود ليكون منه ترغيبا له في أمثاله وتحريضا للناس على الاقتداء به في أشباهه فليس بمداح ، وإن كان قد صار مادحا بما تكلم به من جميل القول فيه .
وهذا راجع إلى النيات والله يعلم المفسد من المصلح .
وقد مدح صلى الله عليه وسلم في الشعر والخطب والمخاطبة ولم يحث في وجوه المداحين التراب ، ولا أمر بذلك .
كقول أبي طالب :وأبيض يستسقى الغمام بوجهه ثمال اليتامى عصمة للأراملوكمدح العباس وحسان له في شعرهما ، ومدحه كعب بن زهير ، ومدح هو أيضا أصحابه فقال : ( إنكم لتقلون عند الطمع وتكثرون عند الفزع ) .
وأما قوله صلى الله عليه وسلم في صحيح الحديث : لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى ابن مريم وقولوا : عبد الله ورسوله فمعناه لا تصفوني بما ليس في من الصفات تلتمسون بذلك مدحي ، كما وصفت النصارى عيسى بما لم يكن فيه ، فنسبوه إلى أنه ابن الله فكفروا بذلك وضلوا .
وهذا يقتضي أن من رفع امرأ فوق حده وتجاوز مقداره بما ليس فيه فمعتد آثم ؛ لأن ذلك لو جاز في أحد لكان أولى الخلق بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ولا يظلمون فتيلا الضمير في " يظلمون " عائد على المذكورين ممن زكى نفسه وممن يزكيه الله عز وجل .
وغير هذين الصنفين علم أن الله تعالى لا يظلمه من غير هذه الآية .
والفتيل الخيط الذي في شق نواة التمرة ؛ قاله ابن عباس وعطاء ومجاهد .
وقيل : القشرة التي حول النواة بينها وبين البسرة .
وقال ابن عباس أيضا وأبو مالك والسدي : هو ما يخرج بين أصبعيك أو كفيك من الوسخ إذا فتلتهما ؛ فهو فعيل بمعنى مفعول .
وهذا كله يرجع إلى كناية عن تحقير الشيء وتصغيره ، وأن الله لا يظلمه شيئا .
ومثل هذا في التحقير قوله تعالى : ولا يظلمون نقيرا وهو النكتة التي في ظهر النواة ، ومنه تنبت النخلة ، وسيأتي .
قال الشاعر يذم بعض الملوك :تجمع الجيش ذا الألوف وتغزو ثم لا ترزأ العدو فتيلا

﴿ ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم بل الله يزكي من يشاء ولا يظلمون فتيلا ﴾ [ النساء: 49]

سورة : النساء - الأية : ( 49 )  - الجزء : ( 5 )  -  الصفحة: ( 86 )

English Türkçe Indonesia
Русский Français فارسی
تفسير انجليزي اعراب

تفسير آيات من القرآن الكريم

  1. تفسير: وإذ زين لهم الشيطان أعمالهم وقال لا غالب لكم اليوم من الناس وإني جار لكم
  2. تفسير: يصلونها يوم الدين
  3. تفسير: إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار
  4. تفسير: فجعلهم جذاذا إلا كبيرا لهم لعلهم إليه يرجعون
  5. تفسير: ووقع القول عليهم بما ظلموا فهم لا ينطقون
  6. تفسير: أم لهم شركاء فليأتوا بشركائهم إن كانوا صادقين
  7. تفسير: قالوا بل لم تكونوا مؤمنين
  8. تفسير: أليس الله بكاف عبده ويخوفونك بالذين من دونه ومن يضلل الله فما له من هاد
  9. تفسير: أو أمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا ضحى وهم يلعبون
  10. تفسير: وإنه لهدى ورحمة للمؤمنين

تحميل سورة النساء mp3 :

سورة النساء mp3 : قم باختيار القارئ للاستماع و تحميل سورة النساء

سورة النساء بصوت ماهر المعيقلي
ماهر المعيقلي
سورة النساء بصوت سعد الغامدي
سعد الغامدي
سورة النساء بصوت عبد  الباسط عبد الصمد
عبد الباسط
سورة النساء بصوت أحمد العجمي
أحمد العجمي
سورة النساء بصوت محمد صديق المنشاوي
المنشاوي
سورة النساء بصوت محمود خليل الحصري
الحصري
سورة النساء بصوت مشاري راشد العفاسي
مشاري العفاسي
سورة النساء بصوت ناصر القطامي
ناصر القطامي
سورة النساء بصوت فارس عباد
فارس عباد
سورة النساء بصوت ياسر لدوسري
ياسر الدوسري

,

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب