1. التفسير الميسر
  2. تفسير الجلالين
  3. تفسير السعدي
  4. تفسير البغوي
  5. التفسير الوسيط
تفسير القرآن | باقة من أهم تفاسير القرآن الكريم المختصرة و الموجزة التي تعطي الوصف الشامل لمعنى الآيات الكريمات : سبعة تفاسير معتبرة لكل آية من كتاب الله تعالى , [ الإسراء: 7] .

  
   

﴿ إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ ۖ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا ۚ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا﴾
[ سورة الإسراء: 7]

القول في تفسير قوله تعالى : إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها فإذا جاء وعد الآخرة ليسوءوا ..


تفسير الجلالين التفسير الميسر تفسير السعدي
تفسير البغوي التفسير الوسيط تفسير ابن كثير
تفسير الطبري تفسير القرطبي إعراب الآية

التفسير الميسر : إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها فإذا


إن أحسنتم أفعالكم وأقوالكم فقد أحسنتم لأنفسكم؛ لأن ثواب ذلك عائد إليكم، وإن أسأتم فعقاب ذلك عائد عليكم، فإذا حان موعد الإفساد الثاني سَلَّطْنا عليكم أعداءكم مرة أخرى؛ ليذلوكم ويغلبوكم، فتظهر آثار الإهانة والمذلة على وجوهكم، وليدخلوا عليكم "بيت المقدس" فيخرِّبوه، كما خرَّبوه أول مرة، وليدمروا كل ما وقع تحت أيديهم تدميرًا كاملا.

المختصر في التفسير : شرح المعنى باختصار


إن أحسنتم - يا بني إسرائيل - أعمالكم، وجئتم بها على الوجه المطلوب، فجزاء ذلك عائد لكم، فالله غني عن أعمالكم، وإن أسأتم أفعالكم فعاقبة ذلك عليكم، فالله لا ينفعه إحسان أفعالكم، ولا تضره إساءتها، فإذا حصل الإفساد الثاني سلطنا عليكم أعداءكم ليخزوكم، ويجعلوا المساءة ظاهرة على وجوهكم، لما يذيقونكم من صنوف الهوان، وليدخلوا بيت المقدس ويخربوه كما دخلوه وخربوه المرة الأولى، وليدمروا ما غلبوا عليه من البلاد تدميرًا كاملًا.

تفسير الجلالين : معنى و تأويل الآية 7


وقلنا «إن أحسنتم» بالطاعة «أحسنتم لأنفسكم» لأن ثوابه لها «وإن أسأتم» بالفساد «فلها» إساءتكم «فإذا جاء وعد» المرة «الآخرة» بعثناهم «ليسوءوا وجوهكم» يحزنوكم بالقتل والسبي حزنا يظهر في وجوهكم «وليدخلوا المسجد» بيت المقدس فيخربوه «كما دخلوه» وخربوه «أول مرة وليتبروا» يهلكوا «ما علوْا» غلبوا عليه «تتبيرا» هلاكا وقد أفسدوا ثانيا بقتل يحيى فبعث عليهم بختنصر فقتل منهم ألوفا وسبى ذريتهم وخرب بيت المقدس.

تفسير السعدي : إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها فإذا


{ إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ } لأن النفع عائد إليكم حتى في الدنيا كما شاهدتم من انتصاركم على أعدائكم.
{ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا }- أي: فلأنفسكم يعود الضرر كما أراكم الله من تسليط الأعداء.{ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ }- أي: المرة الآخرة التي تفسدون فيها في الأرض سلطنا عليكم الأعداء.{ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ } بانتصارهم عليكم وسبيكم وليدخلوا المسجد الحرام كما دخلوه أول مرة، والمراد بالمسجد مسجد بيت المقدس.{ وَلِيُتَبِّرُوا }- أي: يخربوا ويدمروا { مَا عَلَوْا } عليه { تَتْبِيرًا } فيخربوا بيوتكم ومساجدكم وحروثكم.

تفسير البغوي : مضمون الآية 7 من سورة الإسراء


( إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم ) أي : لها ثوابها ، ( وإن أسأتم فلها ) أي : فعليها كقوله تعالى : " فسلام لك " ( الواقعة - 91 ) أي : عليك وقيل: فلها الجزاء والعقاب .
( فإذا جاء وعد الآخرة ) أي : المرة الأخيرة من إفسادكم ، وذلك قصدهم قتل عيسى عليه السلام حين رفع ، وقتلهم يحيى بن زكريا عليهما السلام ، فسلط الله عليهم الفرس والروم خردوش وطيطوس حتى قتلوهم وسبوهم ونفوهم عن ديارهم ، فذلك قوله تعالى ( ليسوءوا وجوهكم ) أي : تحزن وجوهكم وسوء الوجه بإدخال الغم والحزن .
قرأ الكسائي [ ويعقوب ] .
" لنسوء " بالنون وفتح الهمزة على التعظيم كقوله : " وقضينا " و " بعثنا " وقرأ ابن عامر وحمزة وأبو بكر بالياء [ وفتح ] الهمزة [ على التوحيد ] أي : ليسوء الله وجوهكم وقيل: ليسوء الوعد وجوهكم .
وقرأ الباقون بالياء وضم الهمزة على الجمع أي ليسوء العباد أولوا البأس الشديد وجوهكم .
( وليدخلوا المسجد ) يعني : بيت المقدس ونواحيه ( كما دخلوه أول مرة وليتبروا ) وليهلكوا ( ما علوا ) أي : ما غلبوا عليه من بلادكم ( تتبيرا )

التفسير الوسيط : ويستفاد من هذه الآية


ثم ساق- سبحانه - بعد ذلك سنة من سننه التي لا تتخلف، وهي أن الإحسان عاقبته الفلاح، والعصيان عاقبته الخسران، وأن كل إنسان مسئول عن عمله، ونتائج هذا العمل- سواء أكانت خيرا أم شرا- لا تعود إلا عليه، فقال-تبارك وتعالى-: إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ، وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها.
أى: إن أحسنتم- أيها الناس- أعمالكم، بأن أديتموها بالطريقة التي ترضى الله-تبارك وتعالى- أفلحتم وسعدتم، وجنيتم الثمار الطيبة التي تترتب على هذا الإحسان للعمل، وإن أسأتم أعمالكم، بأن آثرتم الأعمال السيئة على الأعمال الحسنة، خسرتم وشقيتم وتحملتم وحدكم النتائج الوخيمة التي تترتب على إتيان الأعمال التي لا ترضى الله-تبارك وتعالى-.
وقد رأيتم كيف أن الإفساد كانت عاقبته أن بَعَثْنا عَلَيْكُمْ عِباداً لَنا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ.
وكيف أن الإحسان كانت عاقبته أن رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ على أعدائكم وَأَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْناكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً.
قال صاحب البحر ما ملخصه: وجواب «وإن أسأتم» قوله «فلها» وهو خبر لمبتدأ محذوف أى: فالإساءة لها.
قال الكرماني: قال- سبحانه -: فَلَها باللام ازدواجا.
أى: أنه قابل لِأَنْفُسِكُمْ بقوله فَلَها.
وقال الطبري اللام بمعنى إلى أى: فإليها ترجع الإساءة.
وقيل: اللام بمعنى على.
أى: فعليها، كما في قول الشاعر: فخر صريعا لليدين وللفم .
ثم بين- سبحانه - ما يحل بهم من دمار، بعد إفسادهم للمرة الثانية، فقال-تبارك وتعالى-:فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ، لِيَسُوؤُا وُجُوهَكُمْ، وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَما دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ، وَلِيُتَبِّرُوا ما عَلَوْا تَتْبِيراً.
والكلام أيضا هنا على حذف مضاف، وجواب إذا محذوف دل عليه ما تقدم وهو قوله بَعَثْنا عَلَيْكُمْ عِباداً لَنا فإذا جاء وقت عقوبتكم يا بنى إسرائيل على إفسادكم الثاني في الأرض، بعثنا عليكم أعداءكم ليسوءوا وجوهكم أى: ليجعلوا آثار المساءة والحزن بادية على وجوهكم، من شدة ما تلقونه منهم من إيداء وقتل.
قال الجمل ما ملخصه: وقوله لِيَسُوؤُا الواو للعباد أولى البأس الشديد.
وفي عود الواو على العباد نوع استخدام، إذ المراد بهم أولا جالوت وجنوده، والمراد بهم هنا بختنصر وجنوده.
وقرأ ابن عامر وحمزة بالياء المفتوحة والهمزة المفتوحة آخر الفعل ليسوء والفاعل إما الله-تبارك وتعالى- وإما الوعد، وإما البعث.
وقرأ الكسائي لنسوء- بنون العظمة.
أى: لنسوء نحن وهو موافق لما قبله، من قوله:بعثنا، ورددنا، وأمددنا، ولما بعده من قوله: عدنا، وجعلنا، وقرأ الباقون.
ليسوءوا، مسندا إلى ضمير الجمع العائد على العباد، وهو موافق لما بعده من قوله: وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ وَلِيُتَبِّرُوا .
وقال الإمام الرازي: ويقال ساءه يسوءه إذا أحزنه، وإنما عزا- سبحانه - الإساءة إلى الوجوه، لأن آثار الأعراض النفسية الحاصلة في القلب إنما تظهر على الوجه، فإن حصل الفرح في القلب ظهر الإشراق في الوجه، وإن حصل الحزن والخوف في القلب، ظهر الكلوح في الوجه .
وقوله- سبحانه -: وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَما دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ معطوف على ما قبله وهو قوله- سبحانه - لِيَسُوؤُا وُجُوهَكُمْ.
والمراد بالمسجد: المسجد الأقصى الذي ببيت المقدس، وقوله «كما دخلوه» صفة لمصدر محذوف.
والمعنى: وليدخلوا المسجد دخولا كائنا كدخولهم إياه أول مرة.
قال أبو حيان: ومعنى كَما دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ أى بالسيف والقهر والغلبة والإذلال .
أى: أن المراد من التشبيه، بيان أن الأعداء في كل مرة أذلوا بنى إسرائيل وقتلوهم وقهروهم.
وقوله-تبارك وتعالى-: وَلِيُتَبِّرُوا ما عَلَوْا تَتْبِيراً يشعر بشدة العقوبة التي أنزلها أولئك العباد ببني إسرائيل، إذ التتبير معناه الإهلاك والتدمير والتخريب لكل ما تقع عليه.
ومنه قول الشاعر:وما الناس إلا عاملان فعامل ...
يتبر ما يبنى وآخر رافعأى: يخرب ويهد ما يبنى.
و «ما» في قوله ما عَلَوْا اسم موصول مفعول يتبروا: وهو عبارة عن البلاد والأماكن التي هدموها، والعائد محذوف، وتتبيرا مفعول مطلق مؤكد لعامله.
أى: وليدمرا ويخربوا البلاد والأماكن التي علوا عليها، وصارت في حوزتهم، تدميرا تاما لا مزيد عليه.
وبذلك نرى أن العباد الذين سلطهم الله-تبارك وتعالى- على بنى إسرائيل، عقب إفسادهم الثاني في الأرض، لم يكتفوا بجوس الديار، بل أضافوا إلى ذلك إلقاء الحزن والرعب في قلوبهم، ودخول المسجد الأقصى فاتحين ومخربين، وتدمير كل ما وقعت عليه أيديهم تدميرا فظيعا لا يوصف.
ثم ختم- سبحانه - الآيات الكريمة ببيان أن هذا الدمار الذي حل ببني إسرائيل بسبب إفسادهم في الأرض مرتين، قد يكون طريقا لرحمتهم، وسببا في توبتهم وإنابتهم، إن فتحوا قلوبهم للحق، واعتبروا بالأحداث الماضية، وفهموا عن الله-تبارك وتعالى- سنته التي لا تتخلف، وهي أن الإحسان يؤدى إلى الفلاح والظفر، والإفساد يؤدى إلى الخسران والهلاك.

إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها فإذا: تفسير ابن كثير


ثم قال تعالى : { إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها } أي: فعليها ، كما قال تعالى : { من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها } [ فصلت : 46 ] .
وقوله : { فإذا جاء وعد الآخرة } أي: المرة الآخرة أي: إذا أفسدتم المرة الثانية وجاء أعداؤكم { ليسوءوا وجوهكم } أي: يهينوكم ويقهروكم { وليدخلوا المسجد } أي بيت المقدس { كما دخلوه أول مرة } أي: في التي جاسوا فيها خلال الديار } وليتبروا } أي: يدمروا ويخربوا } ما علوا } أي: ما ظهروا عليه { تتبيرا }

تفسير القرطبي : معنى الآية 7 من سورة الإسراء


قوله تعالى : إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها فإذا جاء وعد الآخرة ليسوءوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا ما علوا تتبيراإن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم أي نفع إحسانكم عائد عليكم .
وإن أسأتم فلها أي فعليها ; نحو سلام لك ، أي سلام عليك .
قال :فخر صريعا لليدين وللفمأي على اليدين وعلى الفم .
وقال الطبري : اللام بمعنى إلى ، يعني وإن أسأتم فإليها ، أي فإليها ترجع الإساءة ; لقوله - تعالى - : بأن ربك أوحى لها أي إليها .
وقيل : فلها الجزاء والعقاب .
وقال الحسين بن الفضل : فلها رب يغفر الإساءة .
ثم يحتمل أن يكون هذا خطابا لبني إسرائيل في أول الأمر ; أي أسأتم فحل بكم القتل والسبي والتخريب ثم أحسنتم فعاد إليكم الملك والعلو وانتظام الحال .
ويحتمل أنه خوطب بهذا بنو إسرائيل في زمن محمد - صلى الله عليه وسلم - ; أي عرفتم استحقاق أسلافكم للعقوبة على العصيان فارتقبوا مثله .
أو يكون خطابا لمشركي قريش على هذا الوجه .
فإذا جاء وعد الآخرة من إفسادكم ; وذلك أنهم قتلوا في المرة الثانية يحيى بن زكريا - عليهما السلام - ، قتله ملك من بني إسرائيل يقال له لاخت ; قاله القتيبي .
وقال الطبري : اسمه هردوس ، ذكره في التاريخ ; حمله على قتله امرأة اسمها أزبيل .
وقال السدي : كان ملك بني إسرائيل يكرم يحيى بن زكريا ويستشيره في الأمر ، فاستشاره الملك أن يتزوج بنت أمرأة له فنهاه عنها وقال : إنها لا تحل لك ; فحقدت أمها على يحيى - عليه السلام - ، ثم ألبست ابنتها ثيابا حمرا رقاقا وطيبتها وأرسلتها إلى الملك وهو على شرابه ، وأمرتها أن تتعرض له ، وإن أرادها أبت حتى يعطيها ما تسأله ; فإذا أجاب سألت أن يؤتى برأس يحيى بن زكريا في طست من ذهب ; ففعلت ذلك حتى أتي برأس يحيى بن زكريا والرأس تتكلم حتى وضع بين يديه وهو يقول : لا تحل لك ; لا تحل لك ; فلما أصبح إذا دمه يغلي ، فألقى عليه التراب فغلى فوقه ، فلم يزل يلقي عليه التراب حتى بلغ سور المدينة وهو في ذلك يغلي ; ذكره الثعلبي وغيره .
وذكر ابن عساكر الحافظ في تاريخه عن الحسين بن علي قال : كان ملك من هذه الملوك مات وترك امرأته وابنته فورث ملكه أخوه ، فأراد أن يتزوج امرأة أخيه ، فاستشار يحيى بن زكريا في ذلك ، وكانت الملوك في ذلك الزمان يعملون بأمر الأنبياء ، فقال له : لا تتزوجها فإنها بغي ; فعرفت ذلك المرأة أنه قد ذكرها وصرفه عنها ، فقالت : من أين هذا ! حتى بلغها أنه من قبل يحيى ، فقالت : ليقتلن يحيى أو ليخرجن من ملكه ، فعمدت إلى ابنتها وصنعتها ، ثم قالت : اذهبي إلى عمك عند الملأ فإنه إذا رآك سيدعوك ويجلسك في حجره ، ويقول سليني ما شئت ، فإنك لن تسأليني شيئا إلا أعطيتك ، فإذا قال لك ذلك فقولي : لا أسأل إلا رأس يحيى .
قال : وكانت الملوك إذا تكلم أحدهم بشيء على رءوس الملأ ثم لم يمض له نزع من ملكه ; ففعلت ذلك .
قال : فجعل يأتيه الموت من قتله يحيى ، وجعل يأتيه الموت من خروجه من ملكه ، فاختار ملكه فقتله .
قال : فساخت بأمها الأرض .
قال ابن جدعان : فحدثت بهذا الحديث ابن المسيب فقال أفما أخبرك كيف كان قتل زكريا ؟ قلت لا ; قال : إن زكريا حيث قتل ابنه انطلق هاربا منهم واتبعوه حتى أتى على شجرة ذات ساق فدعته إليها فانطوت عليه وبقيت من ثوبه هدبة تكفتها الرياح ، فانطلقوا إلى الشجرة فلم يجدوا أثره بعدها ، ونظروا بتلك الهدبة فدعوا بالمنشار فقطعوا الشجرة فقطعوه معها .
قلت : وقع في التاريخ الكبير للطبري فحدثني أبو السائب قال حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن المنهال عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : ( بعث عيسى ابن مريم يحيى بن زكريا في اثني عشر من الحواريين يعلمون الناس ، قال : كان فيما نهوهم عنه نكاح ابنة الأخ ، قال : وكان لملكهم ابنة أخ تعجبه ... ) وذكر الخبر بمعناه .
وعن ابن عباس قال : ( بعث يحيى بن زكريا في اثني عشر من الحواريين يعلمون الناس ، وكان فيما يعلمونهم ينهونهم عن نكاح بنت الأخت ، وكان لملكهم بنت أخت تعجبه ، وكان يريد أن يتزوجها ، وكان لها كل يوم حاجة يقضيها ، فلما بلغ ذلك أمها أنهم نهوا عن نكاح بنت الأخت قالت لها : إذا دخلت على الملك فقال ألك حاجة فقولي : حاجتي أن تذبح يحيى بن زكريا ; فقال : سليني سوى هذا ! قالت : ما أسألك إلا هذا .
فلما أبت عليه دعا بطست ودعا به فذبحه ، فندرت قطرة من دمه على وجه الأرض فلم تزل تغلي حتى بعث الله عليهم بختنصر فألقى في نفسه أن يقتل على ذلك الدم منهم حتى يسكن ذلك الدم ، فقتل عليه منهم سبعين ألفا ، في رواية خمسة وسبعين ألفا .
قال سعيد بن المسيب : هي دية كل نبي .
وعن ابن عباس قال : ( أوحى الله إلى محمد - صلى الله عليه وسلم - إني قتلت بيحيى بن زكريا سبعين ألفا ، وإني قاتل بابن ابنتك سبعين ألفا وسبعين ألفا ) .
وعن سمير بن عطية قال : قتل على الصخرة التي في بيت المقدس سبعون نبيا منهم يحيى بن زكريا .
وعن زيد بن واقد قال : رأيت رأس يحيى - عليه السلام - حيث أرادوا بناء مسجد دمشق أخرج من تحت ركن من أركان القبة التي تلي المحراب مما يلي الشرق ، فكانت البشرة والشعر على حاله لم يتغير .
وعن قرة بن خالد قال : ما بكت السماء على أحد إلا على يحيى بن زكريا والحسين بن علي ; وحمرتها بكاؤها .
وعن سفيان بن عيينة قال : أوحش ما يكون ابن آدم في ثلاثة مواطن : يوم ولد فيخرج إلى دار هم ، وليلة يبيت مع الموتى فيجاور جيرانا لم ير مثلهم ، ويوم يبعث فيشهد مشهدا لم ير مثله ; قال الله - تعالى - ليحيى في هذه الثلاثة مواطن : وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا .
كله من التاريخ المذكور .
واختلف فيمن كان المبعوث عليهم في المرة الآخرة ; فقيل : بختنصر .
وقاله القشيري أبو نصر ، لم يذكر غيره .
قال السهيلي : وهذا لا يصح ; لأن قتل يحيى كان بعد رفع عيسى ، وبختنصر كان قبل عيسى ابن مريم - عليهما السلام - بزمان طويل ، وقبل الإسكندر ; وبين الإسكندر وعيسى نحو من ثلاثمائة سنة ، ولكنه أريد بالمرة الأخرى حين قتلوا شعيا ، فقد كان بختنصر إذ ذاك حيا ، فهو الذي قتلهم وخرب بيت المقدس وأتبعهم إلى مصر .
وأخرجهم منها .
وقال الثعلبي : ومن روى أن بختنصر هو الذي غزا بني إسرائيل عند قتلهم يحيى بن زكريا فغلط عند أهل السير والأخبار ; لأنهم مجمعون على أن بختنصر إنما غزا بني إسرائيل عند قتلهم شعيا وفي عهد إرمياء .
قالوا : ومن عهد إرمياء وتخريب بختنصر بيت المقدس إلى مولد يحيى بن زكريا - عليهما السلام - أربعمائة سنة وإحدى وستون سنة ، وذلك أنهم يعدون من عهد تخريب بيت المقدس إلى عمارته في عهد كوسك سبعين سنة ، ثم من بعد عمارته إلى ظهور الإسكندر على بيت المقدس ثمانية وثمانين سنة ، ثم من بعد مملكة الإسكندر إلى مولد يحيى ثلاثمائة وثلاثا وستين سنة .
قلت : ذكر جميعه الطبري في التاريخ - رحمه الله - .
قال الثعلبي : والصحيح من ذلك ما ذكره محمد بن إسحاق قال : لما رفع الله عيسى من بين أظهرهم وقتلوا يحيى - وبعض الناس يقول : لما قتلوا زكريا - بعث الله إليهم ملكا من ملوك بابل يقال له : خردوس ، فسار إليهم بأهل بابل وظهر عليهم بالشأم ، ثم قال لرئيس جنوده : كنت حلفت بإلهي لئن أظهرني الله على بيت المقدس لأقتلنهم حتى تسيل دماؤهم في وسط عسكري ، وأمر أن يقتلهم حتى يبلغ ذلك منهم ، فدخل الرئيس بيت المقدس فوجد فيها دماء تغلي ، فسألهم فقالوا : دم قربان قربناه فلم يتقبل منا منذ ثمانين سنة .
قال ما صدقتموني ، فذبح على ذلك الدم سبعمائة وسبعين رجلا من رؤسائهم فلم يهدأ ، فأتى بسبعمائة غلام من غلمانهم فذبحوا على الدم فلم يهدأ ، فأمر بسبعة آلاف من سبيهم وأزواجهم فذبحهم على الدم فلم يبرد ، فقال : يا بني إسرائيل ، اصدقوني قبل ألا أترك منكم نافخ نار من أنثى ولا من ذكر إلا قتلته .
فلما رأوا الجهد قالوا : إن هذا دم نبي منا كان ينهانا عن أمور كثيرة من سخط الله فقتلناه ، فهذا دمه ، كان اسمه يحيى بن زكريا ، ما عصى الله قط طرفة عين ولا هم بمعصية .
فقال : الآن صدقتموني ، وخر ساجدا ثم قال : لمثل هذا ينتقم منكم ، وأمر بغلق الأبواب وقال : أخرجوا من كان هاهنا من جيش خردوس ، وخلا في بني إسرائيل وقال : يا نبي الله يا يحيى بن زكريا قد علم ربي وربك ما قد أصاب قومك من أجلك ، فاهدأ بإذن الله قبل ألا أبقي منهم أحدا .
فهدأ دم يحيى بن زكريا بإذن الله - عز وجل - ، ورفع عنهم القتل وقال : رب إني آمنت بما آمن به بنو إسرائيل وصدقت به ; فأوحى الله - تعالى - إلى رأس من رءوس الأنبياء : إن هذا الرئيس مؤمن صدوق .
ثم قال : إن عدو الله خردوس أمرني أن أقتل منكم حتى تسيل دماؤكم وسط عسكره ، وإني لا أعصيه ، فأمرهم فحفروا خندقا وأمر بأموالهم من الإبل والخيل والبغال والحمير والبقر والغنم فذبحوها حتى سال الدم إلى العسكر ، وأمر بالقتلى الذين كانوا قتلوا قبل ذلك فطرحوا على ما قتل من مواشيهم ، ثم انصرف عنهم إلى بابل ، وقد كاد أن يفني بني إسرائيل .
قلت : قد ورد في هذا الباب حديث مرفوع فيه طول من حديث حذيفة ، وقد كتبناه في كتاب التذكرة مقطعا في أبواب في أخبار المهدي ، نذكر منها هنا ما يبين معنى الآية ويفسرها حتى لا يحتاج معه إلى بيان ، قال حذيفة : قلت يا رسول الله ، لقد كان بيت المقدس عند الله عظيما جسيم الخطر عظيم القدر .
فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : هو من أجل البيوت ابتناه الله لسليمان بن داود - عليهما السلام - من ذهب وفضة ودر وياقوت وزمرد : وذلك أن سليمان بن داود لما بناه سخر الله له الجن فأتوه بالذهب والفضة من المعادن ، وأتوه بالجواهر والياقوت والزمرد ، وسخر الله - تعالى - له الجن حتى بنوه من هذه الأصناف .
قال حذيفة : فقلت يا رسول الله ، وكيف أخذت هذه الأشياء من بيت المقدس .
فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إن بني إسرائيل لما عصوا الله وقتلوا الأنبياء سلط الله عليهم بختنصر وهو من المجوس وكان ملكه سبعمائة سنة ، وهو قوله : فإذا جاء وعد أولاهما بعثنا عليكم عبادا لنا أولي بأس شديد فجاسوا خلال الديار وكان وعدا مفعولا فدخلوا بيت المقدس وقتلوا الرجال وسبوا النساء والأطفال وأخذوا الأموال وجميع ما كان في بيت المقدس من هذه الأصناف فاحتملوها على سبعين ألفا ومائة ألف عجلة حتى أودعوها أرض بابل ، فأقاموا يستخدمون بني إسرائيل ويستملكونهم بالخزي والعقاب والنكال مائة عام ، ثم إن الله - عز وجل - رحمهم فأوحى إلى ملك من ملوك فارس أن يسير إلى المجوس في أرض بابل ، وأن يستنقذ من في أيديهم من بني إسرائيل ; فسار إليهم ذلك الملك حتى دخل أرض بابل فاستنقذ من بقي من بني إسرائيل من أيدي المجوس واستنقذ ذلك الحلي الذي كان في بيت المقدس ورده الله إليه كما كان أول مرة وقال لهم : يا بني إسرائيل إن عدتم إلى المعاصي عدنا عليكم بالسبي والقتل ، وهو قوله : عسى ربكم أن يرحمكم وإن عدتم عدنا فلما رجعت بنو إسرائيل إلى بيت المقدس عادوا إلى المعاصي فسلط الله عليهم ملك الروم قيصر ، وهو قوله : فإذا جاء وعد الآخرة ليسوءوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا ما علوا تتبيرا فغزاهم في البر والبحر فسباهم وقتلهم وأخذ أموالهم ونساءهم ، وأخذ حلي جميع بيت المقدس واحتمله على سبعين ألفا ومائة ألف عجلة حتى أودعه في كنيسة الذهب ، فهو فيها الآن حتى يأخذه المهدي فيرده إلى بيت المقدس ، وهو ألف سفينة وسبعمائة سفينة يرسى بها على يافا حتى تنقل إلى بيت المقدس وبها يجمع الله الأولين والآخرين ... وذكر الحديث .
قوله تعالى : فإذا جاء وعد الآخرة أي من المرتين ; وجواب " إذا " محذوف ، تقديره بعثناهم ; دل عليه بعثنا الأول .
ليسوءوا وجوهكم أي بالسبي والقتل فيظهر أثر الحزن في وجوهكم ; ف ليسوءوا متعلق بمحذوف ; أي بعثنا عبادا ليفعلوا بكم ما يسوء وجوهكم .
قيل : المراد بالوجوه السادة ; أي ليذلوهم .
وقرأ الكسائي لنسوء بنون وفتح الهمزة ، فعل مخبر عن نفسه معظم ، اعتبارا بقوله وقضينا - وبعثنا - ورددنا .
ونحوه عن علي .
وتصديقها قراءة أبي ( لنسوءن ) بالنون وحرف التوكيد .
وقرأ أبو بكر والأعمش وابن وثاب وحمزة وابن عامر ( ليسوء ) بالياء على التوحيد وفتح الهمزة ; ولها وجهان : أحدهما : ليسوء الله وجوهكم .
والثاني : ليسوء الوعد وجوهكم .
وقرأ الباقون ليسوءوا بالياء وضم الهمزة على الجمع ; أي ليسوء العباد الذين هم أولو بأس شديد وجوهكم .
وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا أي ليدمروا ويهلكوا .
وقال قطرب : يهدموا ; قال الشاعر :فما الناس إلا عاملان فعامل يتبر ما يبني وآخر رافعما علوا أي غلبوا عليه من بلادكم تتبيرا .

﴿ إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها فإذا جاء وعد الآخرة ليسوءوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا ما علوا تتبيرا ﴾ [ الإسراء: 7]

سورة : الإسراء - الأية : ( 7 )  - الجزء : ( 15 )  -  الصفحة: ( 282 )

English Türkçe Indonesia
Русский Français فارسی
تفسير انجليزي اعراب

تفسير آيات من القرآن الكريم

  1. تفسير: إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثي الليل ونصفه وثلثه وطائفة من الذين معك
  2. تفسير: فأثابهم الله بما قالوا جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك جزاء المحسنين
  3. تفسير: قالوا آمنا برب العالمين
  4. تفسير: ثم بعثنا من بعدهم موسى بآياتنا إلى فرعون وملئه فظلموا بها فانظر كيف كان عاقبة
  5. تفسير: وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا
  6. تفسير: لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزروه وتوقروه وتسبحوه بكرة وأصيلا
  7. تفسير: كما أنـزلنا على المقتسمين
  8. تفسير: عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن مسلمات مؤمنات قانتات تائبات عابدات سائحات
  9. تفسير: ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله وجوههم مسودة أليس في جهنم مثوى للمتكبرين
  10. تفسير: والذين لا يشهدون الزور وإذا مروا باللغو مروا كراما

تحميل سورة الإسراء mp3 :

سورة الإسراء mp3 : قم باختيار القارئ للاستماع و تحميل سورة الإسراء

سورة الإسراء بصوت ماهر المعيقلي
ماهر المعيقلي
سورة الإسراء بصوت سعد الغامدي
سعد الغامدي
سورة الإسراء بصوت عبد  الباسط عبد الصمد
عبد الباسط
سورة الإسراء بصوت أحمد العجمي
أحمد العجمي
سورة الإسراء بصوت محمد صديق المنشاوي
المنشاوي
سورة الإسراء بصوت محمود خليل الحصري
الحصري
سورة الإسراء بصوت مشاري راشد العفاسي
مشاري العفاسي
سورة الإسراء بصوت ناصر القطامي
ناصر القطامي
سورة الإسراء بصوت فارس عباد
فارس عباد
سورة الإسراء بصوت ياسر لدوسري
ياسر الدوسري

,

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب