1. التفسير الميسر
  2. تفسير الجلالين
  3. تفسير السعدي
  4. تفسير البغوي
  5. التفسير الوسيط
تفسير القرآن | باقة من أهم تفاسير القرآن الكريم المختصرة و الموجزة التي تعطي الوصف الشامل لمعنى الآيات الكريمات : سبعة تفاسير معتبرة لكل آية من كتاب الله تعالى , [ المجادلة: 8] .

  
   

﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَىٰ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَيَتَنَاجَوْنَ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ وَيَقُولُونَ فِي أَنفُسِهِمْ لَوْلَا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ ۚ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا ۖ فَبِئْسَ الْمَصِيرُ﴾
[ سورة المجادلة: 8]

القول في تفسير قوله تعالى : ألم تر إلى الذين نهوا عن النجوى ثم يعودون لما نهوا عنه ..


تفسير الجلالين التفسير الميسر تفسير السعدي
تفسير البغوي التفسير الوسيط تفسير ابن كثير
تفسير الطبري تفسير القرطبي إعراب الآية

التفسير الميسر : ألم تر إلى الذين نهوا عن النجوى ثم


ألم تر -أيها الرسول- إلى اليهود الذين نُهوا عن الحديث سرًّا بما يثير الشك في نفوس المؤمنين، ثم يرجعون إلى ما نُهوا عنه، ويتحدثون سرًّا بما هو إثم وعدوان ومخالفة لأمر الرسول؟ وإذا جاءك -أيها الرسول- هؤلاء اليهود لأمر من الأمور حيَّوك بغير التحية التي جعلها الله لك تحية، فقالوا: (السام عليك) أي: الموت لك، ويقولون فيما بينهم: هلا يعاقبنا الله بما نقول لمحمد إن كان رسولا حقًا، تكفيهم جهنم يدخلونها، ويقاسون حرها، فبئس المرجع هي.

المختصر في التفسير : شرح المعنى باختصار


ألم تر - أيها الرسول - إلى اليهود الذين كانوا يتناجون إذا رأوا مؤمنًا، فنهاهم الله عن النجوى، ثم هم يرجعون إلى ما نهاهم الله عنه، ويتناجون فيما بينهم بما فيه إثم مثل اغتياب المؤمنين، وبما فيه عدوان عليهم، وبما فيه معصية للرسول، وإذا جاؤوك - أيها الرسول - حَيَّوْك بتحية لم يُحَيِّك الله بها؛ وهي قولهم: السَّام عليك يقصدون الموت، ويقولون تكذيبًا للنبي صلى الله عليه وسلم : هلاَّ يعذبنا الله بما نقول، إذ لو كان صادقًا في دعواه أنه نبي لعذبنا الله بما نقول فيه! كافيهم جهنم عقابًا على ما قالوه، يعانون حرّها، فقبح المصير مصيرهم.

تفسير الجلالين : معنى و تأويل الآية 8


«أم ترَ» تنظر «إلى الذين نُهوا على النجوى ثم يعودون لما نهوا عنه ويتناجون بالإثم والعدوان ومعصية الرسول» الريبة «وإذا جاءُوك حيوك» أيها النبي «بما لم يحيك به الله» وهو قولهم: السام عليك، أي الموت «ويقولون في أنفسهم لولا» هلا «يعذبنا الله بما نقول» من التحية وأنه ليس بنبي إن كان نبيا «حسبهم جهنم يصلونها فبئس المصير» هي.

تفسير السعدي : ألم تر إلى الذين نهوا عن النجوى ثم


النجوى هي: التناجي بين اثنين فأكثر، وقد تكون في الخير، وتكون في الشر.فأمر الله تعالى المؤمنين أن يتناجوا بالبر، وهو اسم جامع لكل خير وطاعة، وقيام بحق لله ولعباده والتقوى، وهي [هنا]: اسم جامع لترك جميع المحارم والمآثم، فالمؤمن يمتثل هذا الأمر الإلهي، فلا تجده مناجيا ومتحدثا إلا بما يقربه من الله، ويباعده من سخطه، والفاجر يتهاون بأمر الله، ويناجي بالإثم والعدوان ومعصية الرسول، كالمنافقين الذين هذا دأبهم وحالهم مع الرسول صلى الله عليه وسلم.قال تعالى { وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ }- أي: يسيئون الأدب معك في تحيتهم لك، { وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ }- أي: يسرون في أنفسهم ما ذكره عالم الغيب والشهادة عنهم، وهو قولهم: { لَوْلَا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ } ومعنى ذلك أنهم يتهاونون بذلك، ويستدلون بعدم تعجيل العقوبة عليهم، أن ما يقولون غير محذور، قال تعالى في بيان أنه يمهل ولا يهمل: { حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمَصِيرُ }- أي: تكفيهم جهنم التي جمعت كل شقاء وعذاب [عليهم]، تحيط بهم، ويعذبون بها { فَبِئْسَ الْمَصِيرُ } وهؤلاء المذكورون إما أناس من المنافقين يظهرون الإيمان، ويخاطبون الرسول صلى الله عليه وسلم بهذا الخطاب الذي يوهمون أنهم أرادوا به خيرا وهم كذبة في ذلك، وإما أناس من أهل الكتاب، الذين إذا سلموا على النبي صلى الله عليه وسلم، قالوا: "السام عليك يا محمد" يعنون بذلك الموت.

تفسير البغوي : مضمون الآية 8 من سورة المجادلة


"ألم تر إلى الذين نهوا عن النجوى"، نزلت في اليهود والمنافقين وذلك أنهم كانوا يتناجون فيما بينهم دون المؤمنين وينظرون إلى المؤمنين ويتغامزون بأعينهم ، يوهمون المؤمنين أنهم يتناجون فيما يسوءهم ، فيحزنون لذلك ويقولون ما نراهم إلا وقد بلغهم عن إخواننا الذين خرجوا في السرايا قتل أو موت أو هزيمة ، فيقع ذلك في قلوبهم ويحزنهم ، فلما طال ذلك عليهم وكثر شكوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأمرهم أن لا يتناجوا دون المسلمين فلم ينتهوا عن ذلك وعادوا إلى مناجاتهم فأنزل الله " ألم تر إلى الذين نهوا عن النجوى " أي المناجاة ( ثم يعودون لما نهوا عنه ) أي يرجعون إلى المناجاة التي نهوا عنها ( ويتناجون ) قرأ الأعمش وحمزة : و " وينتجون " على وزن يفتعلون ، وقرأ الآخرون " يتناجون " لقوله : " إذا تناجيتم فلا تتناجوا بالإثم والعدوان ومعصية الرسول " وذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان قد نهاهم عن النجوى فعصوه ( وإذا جاءوك حيوك بما لم يحيك به الله ) وذلك أن اليهود كانوا يدخلون على النبي - صلى الله عليه وسلم - ( ويقولون ) السام عليك .
" والسام " : الموت ، وهم يوهمونه أنهم يقولون : السلام عليك ، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يرد عليهم فيقول : عليكم ، فإذا خرجوا قالوا : ( في أنفسهم لولا يعذبنا الله بما نقول ) يريدون : لو كان نبيا حقا لعذبنا الله بما نقول ، قال الله - عز وجل - : ( حسبهم جهنم يصلونها فبئس المصير )أخبرنا عبد الواحد المليحي أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي أخبرنا محمد بن يوسف حدثنا محمد بن إسماعيل ، حدثنا قتيبة بن سعيد ، حدثنا عبد الوهاب ، حدثنا أبو أيوب عن ابن أبي مليكة ، عن عائشة : " أن اليهود أتوا النبي - صلى الله عليه وسلم - وقالوا : السام عليك قال : وعليكم ، فقالت عائشة : السام عليكم ولعنكم الله وغضب عليكم ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : مهلا يا عائشة عليك بالرفق وإياك والعنف والفحش ، قالت : أولم تسمع ما قالوا ؟ قال : أولم تسمعي ما قلت ؟ رددت عليهم فيستجاب لي فيهم ولا يستجاب لهم في .

التفسير الوسيط : ويستفاد من هذه الآية


ثم عجّب الله-تبارك وتعالى- نبيه صلى الله عليه وسلم من حال قوم يؤثرون الغي على الرشد، وينصحون فلا يستجيبون للنصيحة، وينهون عن الشرور فيأبون إلا الانغماس فيها، فقال-تبارك وتعالى-: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوى ثُمَّ يَعُودُونَ لِما نُهُوا عَنْهُ، وَيَتَناجَوْنَ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ.
قال الآلوسى: قال ابن عباس: نزلت في اليهود والمنافقين، كانوا يتناجون دون المؤمنين، وينظرون إليهم ويتغامزون بأعينهم عليهم، يوهمونهم عند أقاربهم أنهم أصابهم شر، فلما كثر ذلك منهم.
شكا المؤمنون إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فنهاهم عن التناجي دون المؤمنين، فعادوا لمثل فعلهم.
والخطاب للرسول صلى الله عليه وسلم والهمزة للتعجب من حالهم، وصيغة المضارع للدلالة على تكرار فعلهم، وتجدده، واستحضار صورته الغريبة .
والمعنى: إن شئت أن تعجب- أيها الرسول الكريم- فاعجب من حال هؤلاء اليهود والمنافقين الذين نهيتهم أنت عن التناجي فيما بينهم، بما يقلق المؤمنين ويغيظهم ...
ولكنهم لم يستجيبوا لنصحك ونهيك، بل استمروا على تناجيهم بما هو إثم وعدوان ومعصية لك، ولما جئتهم به من عند الله-تبارك وتعالى-.
وعبر بقوله-تبارك وتعالى-: ثُمَّ يَعُودُونَ لِما نُهُوا عَنْهُ للإشعار بأنهم قوم لا تؤثر فيهم النصائح وإنما هم يستمعون إليها، ثم يهجرون العمل بها.
ويعودون إلى فجورهم وفسقهم.
ووصف تناجيهم بأنه كان مشتملا على الإثم والعدوان ومعصية الرسول، لا على الإثم فقط أو على العدوان فقط.. لبيان أن تناجيهم مشتمل على كل أنواع السوء والفحشاء، فهم يتناجون بكلام هو إثم وشر في ذاته، وبأقوال مشتملة على ظلم المؤمنين والاعتداء على دينهم وعلى أعراضهم، وبأفعال هي معصية للرسول صلى الله عليه وسلم، لأنهم لم يستجيبوا لنهيه إياهم عن المناجاة بما يؤذى المؤمنين ويحزنهم.. بل استمروا في طغيانهم يعمهون.
والباء في قوله: بِالْإِثْمِ للملابسة، أى يتناجون متلبسين بالإثم وبالعدوان وبمعصية الرسول صلى الله عليه وسلم.
ثم بين- سبحانه - أن هؤلاء المنافقين ومن لف لفهم من اليهود، لم يكتفوا بتلك المناجاة القبيحة التي كانوا يديرونها فيما بينهم، لإغاظة المؤمنين، بل أضافوا إلى ذلك النطق أمام الرسول صلى الله عليه وسلم بالكلام السيئ وبالعبارات التي تدل على سوء طويتهم، فقال-تبارك وتعالى-:وَإِذا جاؤُكَ حَيَّوْكَ بِما لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ.
أى: وإذا جاء هؤلاء المنافقون واليهود إلى مجلسك- أيها الرسول الكريم- ألقوا إليك بتحية، هذه التحية لم يأذن بها الله-تبارك وتعالى- ولم يخاطبك بها.
وقد كان المنافقون عند ما يدخلون على الرسول صلى الله عليه وسلم لا يقولون له كلمة: «السلام عليكم» - وهي تحية الإسلام، إنما يقولون له: أنعم صباحا أو مساء.. متجنبين النطق بتحية الإسلام، ومستعملين تحية الجاهلية.
روى الشيخان عن عائشة: أن ناسا من اليهود، دخلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: السام- أى: الموت- عليك يا أبا القاسم.
فقال صلى الله عليه وسلم «وعليكم» .
قالت عائشة: وقلت: عليكم السام ولعنكم الله وغضب عليكم.
فقال صلى الله عليه وسلم يا عائشة إن الله لا يحب الفاحش والمتفحش.
فقلت: ألا تسمعهم يقولون: السام؟ فقال صلى الله عليه وسلم «أو سمعت قولي: عليكم» فأنزل الله-تبارك وتعالى- وَإِذا جاؤُكَ حَيَّوْكَ بِما لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ .
ثم بين- سبحانه - رذيلة أخرى من رذائلهم المتعددة فقال: وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْلا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِما نَقُولُ.
والمراد بأنفسهم هنا: أى فيما بينهم وفي مجامعهم، أو فيما بينهم وبين أنفسهم.
أى: إذا جاءك هؤلاء المنافقون ومن على شاكلتهم في الضلال، نطقوا أمامك بتحية لم يحيك بها الله-تبارك وتعالى- ولا يكتفون بذلك، بل يقولون فيما بينهم على سبيل التباهي والجحود للحق لَوْلا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِما نَقُولُ أى: هلا يعذبنا الله بسبب ما قلناه لو كان محمد صلى الله عليه وسلم رسولا من عنده-تبارك وتعالى- أى: أنهم ينكرون نبوته صلى الله عليه وسلم لأنها- في زعمهم لو كانت حقا، لعذبهم الله-تبارك وتعالى- بسبب إساءتهم إليه، وإعراضهم عن نهيه لهم.
وقد رد الله-تبارك وتعالى- عليهم بما يكبتهم، وبما يسلى نبيه صلى الله عليه وسلم فقال: حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَها فَبِئْسَ الْمَصِيرُ.
أى: لا تحزن- أيها الرسول الكريم- لمسالك هؤلاء المنافقين معك ومع أصحابك، فإن هؤلاء المنافقين ومن لف لفهم، كافيهم من العذاب جهنم يصلونها ويقاسون حرها، فبئس المصير جهنم لو كانوا يعلمون.
وبعد أن فضح الله-تبارك وتعالى- المنافقين ومن على شاكلتهم في الكفر والضلال، وبين سوء عاقبتهم بسبب مسالكهم الخبيثة.. بعد كل ذلك وجه الله-تبارك وتعالى- ثلاث نداءات إلى المؤمنين، أدبهم فيها بأدبه السامي.. فقال-تبارك وتعالى-:

ألم تر إلى الذين نهوا عن النجوى ثم: تفسير ابن كثير


قال ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قوله { ألم تر إلى الذين نهوا عن النجوى } قال : اليهود وكذا قال مقاتل بن حيان ، وزاد : كان بين النبي - صلى الله عليه وسلم - وبين اليهود موادعة ، وكانوا إذا مر بهم رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - جلسوا يتناجون بينهم ، حتى يظن المؤمن أنهم يتناجون بقتله - أو : بما يكره المؤمن - فإذا رأى المؤمن ذلك خشيهم ، فترك طريقه عليهم . فنهاهم النبي - صلى الله عليه وسلم - عن النجوى ، فلم ينتهوا وعادوا إلى النجوى ، فأنزل الله : { ألم تر إلى الذين نهوا عن النجوى ثم يعودون لما نهوا عنه } .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا إبراهيم بن المنذر الحزامي ، حدثني سفيان بن حمزة ، عن كثير ، عن زيد ، عن ربيح بن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري ، عن أبيه ، عن جده قال : كنا نتناوب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نبيت عنده ; يطرقه من الليل أمر وتبدو له حاجة . فلما كانت ذات ليلة كثر أهل النوب والمحتسبون حتى كنا أندية نتحدث ، فخرج علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : " ما هذا النجوى ؟ ألم تنهوا عن النجوى ؟ " . قلنا : تبنا إلى الله يا رسول الله ، إنا كنا في ذكر المسيح فرقا منه . فقال : " ألا أخبركم بما هو أخوف عليكم عندي منه ؟ " . قلنا : بلى يا رسول الله ، قال : " الشرك الخفي ، أن يقوم الرجل يعمل لمكان رجل " . هذا إسناد غريب ، وفيه بعض الضعفاء
وقوله : { ويتناجون بالإثم والعدوان ومعصيت الرسول } أي: يتحدثون فيما بينهم بالإثم ، وهو ما يختص بهم ، والعدوان وهو ما يتعلق بغيرهم ، ومنه معصية الرسول ومخالفته ، يصرون عليها ويتواصون بها .
وقوله : { وإذا جاءوك حيوك بما لم يحيك به الله } قال ابن أبي حاتم :
حدثنا أبو سعيد الأشج ، حدثنا ابن نمير ، عن الأعمش ، عن مسلم عن مسروق ، عن عائشة قالت : دخل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يهود فقالوا : السام عليك يا أبا القاسم . فقالت عائشة : وعليكم السام واللعنة قالت : فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " يا عائشة ، إن الله لا يحب الفحش ولا التفحش " . قلت : ألا تسمعهم يقولون : السام عليك ؟ فقال رسول الله : " أوما سمعت أقول : وعليكم ؟ " . فأنزل الله : { وإذا جاءوك حيوك بما لم يحيك به الله }
وفي رواية في الصحيح أنها قالت لهم : عليكم السام والذام واللعنة . وأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " إنه يستجاب لنا فيهم ، ولا يستجاب لهم فينا "
وقال ابن جرير : حدثنا بشر ، حدثنا يزيد ، حدثنا سعيد ، عن قتادة ، عن أنس بن مالك : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بينما هو جالس مع أصحابه ، إذ أتى عليهم يهودي فسلم عليهم ، فردوا عليه ، فقال نبي الله - صلى الله عليه وسلم - : " هل تدرون ما قال ؟ " . قالوا : سلم يا رسول الله . قال : " بل قال : سام عليكم ، أي: تسامون دينكم " . قال رسول الله : " ردوه " . فردوه عليه . فقال نبي الله : " أقلت : سام عليكم ؟ " . قال : نعم . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إذا سلم عليكم أحد من أهل الكتاب فقولوا : عليك " أي: عليك ما قلت
وأصل حديث أنس مخرج في الصحيح ، وهذا الحديث في الصحيح عن عائشة بنحوه
وقوله : { ويقولون في أنفسهم لولا يعذبنا الله بما نقول } أي: يفعلون هذا ، ويقولون ما يحرفون من الكلام وإيهام السلام ، وإنما هو شتم في الباطن ، ومع هذا يقولون في أنفسهم : لو كان هذا نبيا لعذبنا الله بما نقول له في الباطن ; لأن الله يعلم ما نسره ، فلو كان هذا نبيا حقا لأوشك أن يعاجلنا الله بالعقوبة في الدنيا ، فقال الله تعالى : { حسبهم جهنم } أي: جهنم كفايتهم في الدار الآخرة { يصلونها فبئس المصير }
وقال الإمام أحمد : حدثنا عبد الصمد ، حدثنا حماد ، عن عطاء بن السائب ، عن أبيه ، عن عبد الله بن عمرو أن اليهود كانوا يقولون لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - : سام عليك ، ثم يقولون في أنفسهم : { لولا يعذبنا الله بما نقول } ؟ ، فنزلت هذه الآية : { وإذا جاءوك حيوك بما لم يحيك به الله ويقولون في أنفسهم لولا يعذبنا الله بما نقول حسبهم جهنم يصلونها فبئس المصير } إسناد حسن ولم يخرجوه
وقال العوفي ، عن ابن عباس : { وإذا جاءوك حيوك بما لم يحيك به الله } قال : كان المنافقون يقولون لرسول الله إذا حيوه : " سام عليك " قال الله : { حسبهم جهنم يصلونها فبئس المصير } .

تفسير القرطبي : معنى الآية 8 من سورة المجادلة


قوله تعالى : ألم تر إلى الذين نهوا عن النجوى ثم يعودون لما نهوا عنه ويتناجون بالإثم والعدوان ومعصية الرسول وإذا جاءوك حيوك بما لم يحيك به الله ويقولون في أنفسهم لولا يعذبنا الله بما نقول حسبهم جهنم يصلونها فبئس المصيرفيه ثلاث مسائل :الأولى : قوله تعالى : ألم تر إلى الذين نهوا عن النجوى ثم يعودون لما نهوا عنه قيل : إن هذا في اليهود والمنافقين حسب ما قدمناه .
وقيل : في المسلمين .
قال ابن عباس : نزلت في اليهود والمنافقين ؛ كانوا يتناجون فيما بينهم ، وينظرون للمؤمنين ويتغامزون بأعينهم ، فيقول المؤمنون : لعلهم بلغهم عن إخواننا وقرابتنا من المهاجرين والأنصار قتل أو مصيبة أو هزيمة ، ويسوءهم ذلك ، فكثرت شكواهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فنهاهم عن النجوى فلم ينتهوا فنزلت .
وقال مقاتل : كان بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين اليهود موادعة ، فإذا مر بهم رجل من المؤمنين تناجوا بينهم حتى يظن المؤمن شرا ، فيعرج عن طريقه ، فنهاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم ينتهوا ؛ فنزلت .
وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : كان الرجل يأتي النبي صلى الله عليه وسلم فيسأل الحاجة ويناجيه والأرض يومئذ حرب ، فيتوهمون أنه يناجيه في حرب أو بلية أو أمر مهم فيفزعون لذلك فنزلت .
الثانية : روى أبو سعيد الخدري قال : كنا ذات ليلة نتحدث إذ خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ما هذه النجوى ألم تنهوا عن النجوى فقلنا : تبنا إلى الله يا رسول الله ، إنا كنا في ذكر المسيخ - يعني الدجال - فرقا منه .
فقال : ألا أخبركم بما هو أخوف عندي منه ؟ قلنا : بلى يا رسول الله ، قال : الشرك الخفي أن يقوم الرجل يعمل لمكان رجل ذكره الماوردي .
وقرأ حمزة وخلف ورويس عن يعقوب " وينتجون " في وزن يفتعلون وهي قراءة عبد الله وأصحابه .
وقرأ الباقون " ويتناجون " في وزن يتفاعلون ، واختاره أبو عبيد وأبو حاتم ، لقوله تعالى : إذا تناجيتم و تناجوا .
النحاس : وحكى سيبويه أن تفاعلوا وافتعلوا يأتيان بمعنى واحد ، نحو تخاصموا واختصموا ، وتقاتلوا واقتتلوا فعلى هذا يتناجون و " ينتجون " واحد .
ومعنى بالإثم والعدوان أي : الكذب والظلم .
ومعصية الرسول أي : مخالفته .
وقرأ الضحاك ومجاهد وحميد " ومعصيات الرسول " بالجمع .
الثالثة : قوله تعالى : وإذا جاءوك حيوك بما لم يحيك به الله لا خلاف بين النقلة أن المراد بها اليهود ، كانوا يأتون النبي صلى الله عليه وسلم فيقولون : السام عليك .
يريدون بذلك السلام ظاهرا وهم يعنون الموت باطنا ، فيقول النبي صلى الله عليه وسلم : عليكم في رواية ، وفي رواية أخرى : وعليكم .
قال ابن العربي : وهي مشكلة .
وكانوا يقولون : لو كان محمد نبيا لما أمهلنا الله بسبه والاستخفاف به ، وجهلوا أن الباري تعالى حليم لا يعاجل من سبه ، فكيف من سب نبيه .
وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لا أحد أصبر على الأذى من الله ، يدعون له الصاحبة والولد وهو يعافيهم ويرزقهم فأنزل الله تعالى هذا كشفا لسرائرهم ، وفضحا لبواطنهم ، معجزة لرسوله صلى الله عليه وسلم .
وقد ثبت عن قتادة عن أنس أن يهوديا أتى على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى أصحابه فقال : السام عليكم .
فرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم وقال : أتدرون ما قال هذا ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم .
قال : قال : " كذا ردوه علي " فردوه ، قال : " قلت السام عليكم " قال : نعم .
فقال النبي صلى الله عليه وسلم عند ذلك : إذا سلم عليكم أهل الكتاب فقولوا عليك ما قلت فأنزل الله تعالى : وإذا جاءوك حيوك بما لم يحيك به الله .
قلت : خرجه الترمذي وقال هذا حديث حسن صحيح .
وثبت عن عائشة أنها قالت : جاء أناس من اليهود إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا : السام عليك يا أبا القاسم .
فقلت : السام عليكم وفعل الله بكم وفعل .
فقال عليه السلام : مه يا عائشة فإن الله لا يحب الفحش ولا التفحش فقلت : يا رسول الله ألست ترى ما يقولون ؟ فقال : ألست ترين أرد عليهم ما يقولون أقول وعليكم فنزلت هذه الآية بما لم يحيك به الله أي : إن الله سلم عليك وهم يقولون السام عليك ، والسام الموت .
خرجه البخاري ومسلم بمعناه .
وفي الصحيحين من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : إذا سلم عليكم أهل الكتاب فقولوا وعليكم كذا الرواية " وعليكم " بالواو ، تكلم عليها العلماء ، لأن الواو العاطفة يقتضي التشريك فيلزم منه أن يدخل معهم فيما دعوا به علينا من الموت ، أو من سآمة ديننا وهو الملال .
يقال : سئم يسأم سآمة وسآما .
فقال بعضهم : الواو زائدة كما زيدت في قول الشاعر :فلما أجزنا ساحة الحي وانتحىأي : لما أجزنا انتحى ، فزاد الواو .
وقال بعضهم : هي للاستئناف ، كأنه قال : والسام عليكم .
وقال بعضهم : هي على بابها من العطف ولا يضرنا ذلك ، لأنا نجاب عليهم ولا يجابون علينا ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم .
روى الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول : سلم ناس من يهود على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالوا : السام عليك يا أبا القاسم ، فقال : وعليكم فقالت عائشة وغضبت : ألم تسمع ما قالوا ؟ قال : بلى قد سمعت فرددت عليهم ، وإنا نجاب عليهم ولا يجابون علينا خرجه مسلم .
ورواية الواو أحسن معنى ، وإثباتها أصح رواية وأشهر .
وقد اختلف في رد السلام على أهل الذمة هل هو واجب كالرد على المسلمين ، وإليه ذهب ابن عباس والشعبي وقتادة ، للأمر بذلك .
وذهب مالك فيما روى عنه أشهب وابن وهب إلى أن ذلك ليس بواجب فإن رددت فقل : عليك .
وقد اختار ابن طاوس أن يقول في الرد عليهم : علاك السلام أي : ارتفع عنك .
واختار بعض أصحابنا : " السلام " بكسر السين ، يعني الحجارة .
وما قاله مالك أولى اتباعا للسنة ، والله أعلم .
وروى مسروق عن عائشة قالت : أتى النبي صلى الله عليه وسلم ناس من اليهود ، فقالوا : السام عليك يا أبا القاسم ، قال : وعليكم ، قالت عائشة : قلت : بل عليكم السام والذام .
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا عائشة لا تكوني فاحشة فقالت : ما سمعت ما قالوا ؟ فقال : أوليس قد رددت عليهم الذي قالوا قلت : وعليكم .
وفي رواية قال : ففطنت بهم عائشة فسبتهم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : مه يا عائشة فإن الله لا يحب الفحش والتفحش وزاد : فأنزل الله تبارك وتعالى : وإذا جاءوك حيوك بما لم يحيك به الله إلى آخر الآية .
" الذام " بتخفيف الميم هو العيب ، وفي المثل ( لا تعدم الحسناء ذاما ) أي : عيبا ، ويهمز ولا يهمز ، يقال : ذأمه يذأمه ، مثل ذأب يذأب ، والمفعول " مذءوم " مهموزا ، ومنه مذءوما مدحورا ويقال : ذامه يذومه مخففا كرامه يرومه .
قوله تعالى : ويقولون في أنفسهم لولا يعذبنا الله بما نقول قالوا : لو كان محمد نبيا لعذبنا الله بما نقول فهلا يعذبنا الله .
وقيل : قالوا : إنه يرد علينا ويقول : وعليكم السام والسام الموت ، فلو كان نبيا لاستجيب له فينا ومتنا .
وهذا موضع تعجب منهم ؛ فإنهم كانوا أهل كتاب ، وكانوا يعلمون أن الأنبياء قد يغضبون فلا يعاجل من يغضبهم بالعذاب .
حسبهم جهنم يصلونها أي : كافيهم جهنم عقابا غدا فبئس المصير أي : المرجع .

﴿ ألم تر إلى الذين نهوا عن النجوى ثم يعودون لما نهوا عنه ويتناجون بالإثم والعدوان ومعصية الرسول وإذا جاءوك حيوك بما لم يحيك به الله ويقولون في أنفسهم لولا يعذبنا الله بما نقول حسبهم جهنم يصلونها فبئس المصير ﴾ [ المجادلة: 8]

سورة : المجادلة - الأية : ( 8 )  - الجزء : ( 28 )  -  الصفحة: ( 543 )

English Türkçe Indonesia
Русский Français فارسی
تفسير انجليزي اعراب

تفسير آيات من القرآن الكريم

  1. تفسير: وكأين من قرية عتت عن أمر ربها ورسله فحاسبناها حسابا شديدا وعذبناها عذابا نكرا
  2. تفسير: وما يفعلوا من خير فلن يكفروه والله عليم بالمتقين
  3. تفسير: الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر وفرحوا بالحياة الدنيا وما الحياة الدنيا في الآخرة إلا
  4. تفسير: وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا
  5. تفسير: قالوا تالله لقد علمتم ما جئنا لنفسد في الأرض وما كنا سارقين
  6. تفسير: وإن لكم في الأنعام لعبرة نسقيكم مما في بطونه من بين فرث ودم لبنا خالصا
  7. تفسير: فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون
  8. تفسير: وإن من قرية إلا نحن مهلكوها قبل يوم القيامة أو معذبوها عذابا شديدا كان ذلك
  9. تفسير: ويكلم الناس في المهد وكهلا ومن الصالحين
  10. تفسير: والذين كفروا بآياتنا هم أصحاب المشأمة

تحميل سورة المجادلة mp3 :

سورة المجادلة mp3 : قم باختيار القارئ للاستماع و تحميل سورة المجادلة

سورة المجادلة بصوت ماهر المعيقلي
ماهر المعيقلي
سورة المجادلة بصوت سعد الغامدي
سعد الغامدي
سورة المجادلة بصوت عبد  الباسط عبد الصمد
عبد الباسط
سورة المجادلة بصوت أحمد العجمي
أحمد العجمي
سورة المجادلة بصوت محمد صديق المنشاوي
المنشاوي
سورة المجادلة بصوت محمود خليل الحصري
الحصري
سورة المجادلة بصوت مشاري راشد العفاسي
مشاري العفاسي
سورة المجادلة بصوت ناصر القطامي
ناصر القطامي
سورة المجادلة بصوت فارس عباد
فارس عباد
سورة المجادلة بصوت ياسر لدوسري
ياسر الدوسري

,

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب