1. التفسير الميسر
  2. تفسير الجلالين
  3. تفسير السعدي
  4. تفسير البغوي
  5. التفسير الوسيط
تفسير القرآن | باقة من أهم تفاسير القرآن الكريم المختصرة و الموجزة التي تعطي الوصف الشامل لمعنى الآيات الكريمات : سبعة تفاسير معتبرة لكل آية من كتاب الله تعالى , [ الأنفال: 9] .

  
   

﴿ إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ﴾
[ سورة الأنفال: 9]

القول في تفسير قوله تعالى : إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين ..


تفسير الجلالين التفسير الميسر تفسير السعدي
تفسير البغوي التفسير الوسيط تفسير ابن كثير
تفسير الطبري تفسير القرطبي إعراب الآية

التفسير الميسر : إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف


اذكروا نعمة الله عليكم يوم "بدر" إذ تطلبون النصر على عدوكم، فاستجاب الله لدعائكم قائلا إني ممدُّكم بألف من الملائكة من السماء، يتبع بعضهم بعضًا.

المختصر في التفسير : شرح المعنى باختصار


واذكروا يوم بدر حين طلبتم الغوث من الله بالنصر على عدوكم، فاستجاب الله لكم بأنه ممدكم - أيها المؤمنون - ومعينكم بألف من الملائكة، متتابعين يتبع بعضهم بعضًا.

تفسير الجلالين : معنى و تأويل الآية 9


اذكر «إذ تستغيثون ربَّكم» تطلبون منه الغوث بالنصر عليهم «فاستجاب لكم أني» أي بأني «مُمدُّكم» معينكم «بألف من الملائكة مردفين» متتابعين يردف بعضهم بعضا وعدهم بها أوَّلا ثم صارت ثلاثة آلاف ثم خمسة كما في آل عمران وقرئ بآلُف كأفُلس جمع.

تفسير السعدي : إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف


أي: اذكروا نعمة اللّه عليكم، لما قارب التقاؤكم بعدوكم، استغثتم بربكم، وطلبتم منه أن يعينكم وينصركم فَاسْتَجَابَ لَكُمْ وأغاثكم بعدة أمور:.
منها: أن اللّه أمدكم بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ- أي: يردف بعضهم بعضا.

تفسير البغوي : مضمون الآية 9 من سورة الأنفال


قوله تعالى : ( إذ تستغيثون ربكم ) تستجيرون به من عدوكم وتطلبون منه الغوث والنصر .
روي عن ابن عباس قال : قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : لما كان يوم بدر نظر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المشركين ، وهم ألف وأصحابه ثلاثمائة وبضعة عشر رجلا دخل العريش هو وأبو بكر الصديق رضي الله عنه ، واستقبل القبلة ومد يده فجعل يهتف بربه - عز وجل - : اللهم أنجز لي ما وعدتني ، اللهم إنك إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام لا تعبد في الأرض ، فما زال يهتف بربه - عز وجل - مادا يديه حتى سقط رداؤه عن منكبيه ، فأخذ أبو بكر رداءه فألقاه على منكبيه ، ثم التزمه من ورائه وقال : يا نبي الله كفاك مناشدتك ربك فإنه سينجز لك ما وعدك .
فأنزل الله - عز وجل - " إذ تستغيثون ربكم " ( فاستجاب لكم أني ممدكم ) مرسل إليكم مددا وردءا لكم ، ( بألف من الملائكة مردفين ) قرأ أهل المدينة ويعقوب " مردفين " بفتح الدال ، أي : أردف الله المسلمين وجاء بهم مددا .
وقرأ الآخرون بكسر الدال ، أي : متتابعين بعضهم في إثر بعض ، يقال : أردفته وردفته بمعنى تبعته .
يروى أنه نزل جبريل في خمسمائة وميكائيل في خمسمائة في صورة الرجال على خيل بلق عليهم ثياب بيض وعلى رءوسهم عمائم بيض ، قد أرخوا أطرافها بين أكتافهم .
وروي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما ناشد ربه - عز وجل - وقال أبو بكر : إن الله منجز لك ما وعدك فخفق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خفقة وهو في العريش ثم انتبه ، فقال : " يا أبا بكر أتاك نصر الله ، هذا جبريل آخذ بعنان فرس يقوده على ثناياه النقع " .
أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أنا محمد بن يوسف ، ثنا محمد بن إسماعيل ، ثنا إبراهيم بن موسى ، ثنا عبد الوهاب ، ثنا خالد ، عن عكرمة عن ابن عباس : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال يوم بدر : " هذا جبريل آخذ برأس فرسه عليه أداة الحرب " .
وقال عبد الله بن عباس رضي الله عنهما : كانت سيما الملائكة يوم بدر عمائم بيض ويوم حنين عمائم خضر ، ولم تقاتل الملائكة في يوم سوى يوم بدر من الأيام ، وكانوا يكونون فيما سواه عددا ومددا .
وروي عن أبي أسيد مالك بن ربيعة قد شهد بدرا أنه قال بعدما ذهب بصره : لو كنت معكم اليوم ببدر ومعي بصري لأريتكم الشعب الذي خرجت منه الملائكة .

التفسير الوسيط : ويستفاد من هذه الآية


قال القرطبي: قوله-تبارك وتعالى-: إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ الاستغاثة: طلب الغوث والنصر، يقال: غوّث الرجل، أى: قال وا غوثاه، والاسم الغوث والغواث، واستغاثني فلان فأغثته، والاسم الغياث .
وقوله مُمِدُّكُمْ من الإمداد بمعنى الزيادة والإغاثة، وقد جرت عادة القرآن أن يستعمل الإمداد في الخير، وأن يستعمل المد في الشر والذم.
قال-تبارك وتعالى-: وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُمْ بِما تَعْلَمُونَ، أَمَدَّكُمْ بِأَنْعامٍ وَبَنِينَ، وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ .
وقال-تبارك وتعالى-: ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْناكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً .
قال-تبارك وتعالى-: قُلْ مَنْ كانَ فِي الضَّلالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمنُ مَدًّا .
وقال-تبارك وتعالى-: اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ .
وقوله: مُرْدِفِينَ من الإرداف بمعنى التتابع.
قال الفخر الرازي: قرأ نافع وأبو بكر عن عاصم مُرْدِفِينَ- بفتح الدال- وقرأ الباقون بكسرها، والمعنى على الكسر، أى: متتابعين يأتى بعضهم في إثر البعض كالقوم الذين أردفوا على الدواب.
والمعنى على قراءة الفتح، أى: فعل بهم ذلك، ومعناه أن الله-تبارك وتعالى- أردف المسلمين وأمدهم بهم أى جعلهم خلف المسلمين لتقويتهم.
والمعنى: اذكروا- أيها المؤمنون- وقت أن كنتم- وأنتم على أبواب بدر- تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ أى: تطلبون منه الغوث والنصر على عدوكم فَاسْتَجابَ لَكُمْ دعاءكم، وكان من مظاهر ذلك أن أخبركم على لسان نبيكم صلى الله عليه وسلم بأنى مُمِدُّكُمْ أى: معينكم وناصركم بألف من الملائكة مردفين، أى: متتابعين، بعضهم على إثر بعض، أو أن الله-تبارك وتعالى- جعلهم خلف المسلمين لتقويتهم وتثبيتهم.
ويروى الإمام مسلم عن ابن عباس قال: حدثني عمر بن الخطاب قال: كان يوم بدر، نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المشركين وهم ألف، وأصحابه ثلاثمائة وبضعة عشر رجلا، فاستقبل نبي الله صلى الله عليه وسلم القبلة، ثم مد يديه فجعل يهتف بربه ويقول: اللهم أنجز لي ما وعدتني، اللهم أنجز لي ما وعدتني، اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام لا تعبد في الأرض، فما زال يهتف بربه مادا يديه حتى سقط رداؤه عن منكبيه.
فأتاه أبو بكر، فأخذ رداءه، فألقاه على منكبيه، ثم التزمه من ورائه، وقال: يا نبي الله!! كفاك مناشدتك ربك، فإنه سينجز لك ما وعدك.
فأنزل الله- عز وجل -: إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجابَ لَكُمْ الآية فأمده الله بالملائكة .
وروى البخاري عن ابن عباس قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر، اللهم أنشدك عهدك ووعدك، اللهم إن شئت لم تعبد، فأخذ أبو بكر بيده، فقال حسبك، فخرج صلى الله عليه وسلم وهو يقول: «سيهزم الجمع ويولون الدبر» .
وروى سعيد بن منصور عن طريق عبيد الله بن عبد الله بن عتبة قال: لما كان يوم بدر نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المشركين وتكاثرهم، وإلى المسلمين فاستقلهم، فركع ركعتين وقام أبو بكر عن يمينه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في صلاته: «اللهم لا تودع منى، اللهم لا تخذلني، اللهم لا تترنى- أى لا تقطعني عن أهلى وأنصارى- أو لا تنقصني شيئا من عطائك- اللهم أنشدك ما وعدتني- أى: أستنجزك وعدك» .
وروى ابن إسحاق في سيرته أنه صلى الله عليه وسلم قال: اللهم هذه قريش قد أقبلت بخيلائها وفخرها تحادك وتكذب رسولك، اللهم فنصرك الذي وعدتني .
فإن قيل: إن هذه النصوص يؤخذ منها أن هذه الاستغاثة كانت من رسول الله صلى الله عليه وسلم فلماذا أسندها القرآن إلى المؤمنين؟فالجواب: أن المؤمنين كانوا يؤمنون على دعائه صلى الله عليه وسلم ويتأسون به في الدعاء، إلا أن الروايات ذكرت دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم، لأنه هو قائد المؤمنين، وهو الذي يحرص الرواة على نقل دعائه، أكثر من حرصهم على نقل دعاء غيره من أصحابه.
وقيل: إن الضمير في قوله تَسْتَغِيثُونَ للرسول صلى الله عليه وسلم، وجيء به مجموعا على سبيل التعظيم، ويعكر على هذا القيل أن السياق بعد ذلك لا يلتئم معه، لأنه خطاب للمؤمنين بالنعم التي أنعم بها- سبحانه - عليهم.
وعبر- سبحانه - بالمضارع تَسْتَغِيثُونَ مع أن استغاثتهم كانت قبل نزول الآية- استحضارا للحال الماضية، حتى يستمروا على شكرهم لله، ولذلك عطف عليه.
فاستجاب لكم، بصيغة الماضي مسايرة للواقع.
وكان العطف بالفاء للإشعار بأن إجابة دعائهم كانت في أعقاب تضرعهم واستغاثتهم وهذا من فضل الله عليهم، ورحمته بهم، حيث أجارهم من عدوهم، ونصرهم عليه- مع قلتهم عنه- نصرا مؤزرا.
والسين والتاء في قوله: «تستغيثون» للطلب، أى: تطلبون منه الغوث بالنصر.
فإن قيل: إن الله-تبارك وتعالى- ذكر هنا أنه أمدهم بألف من الملائكة، وذكر في سورة آل عمران أنه أمدهم بأكثر من ذلك فكيف الجمع بينهما؟.
فالجواب أن الله-تبارك وتعالى- أمد المؤمنين بألف من الملائكة في يوم بدر، كما بين هنا في سورة الأنفال، ثم زاد عددهم إلى ثلاثة آلاف كما قال-تبارك وتعالى- في سورة آل عمران: وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ.
إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلاثَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُنْزَلِينَ ...
، ثم زاد عددهم مرة أخرى إلى خمسة آلاف، قال-تبارك وتعالى- بَلى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هذا، يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُسَوِّمِينَ .
وقد صبروا واتقوا وأتاهم المشركون من مكة فورا حين استنفرهم أبو سفيان لإنقاذ العير..فكان المدد خمسة آلاف..واختار ابن جرير أنهم وعدوا بالمدد بعد الألف، ولا دلالة في الآيات على أنهم أمدوا بما زاد على ذلك، ولا على أنهم لم يمدوا، ولا يثبت شيء من ذلك إلا بنص.
وهذا بناء على أن المدد الذي وعد الله به المؤمنين في آيات سورة آل عمران كان خاصا بغزوة بدر.
أما على الرأى القائل بأن هذا المدد الذي بتلك الآيات كان خاصا بغزوة أحد فلا يكون هناك إشكال بين ما جاء في السورتين.
وقد بسط القول في هذه المسألة الإمام ابن كثير فقال ما ملخصه:«اختلف المفسرون في هذا الوعد هل كان يوم بدر أو يوم أحد على قولين:أحدهما: أن قوله-تبارك وتعالى-: إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلاثَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ متعلق بقوله: وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ.
وهذا قول الحسن والشعبي والربيع بن أنس وغيرهم..، فإن قيل فكيف الجمع بين هذه الآيات- التي في سورة آل عمران وبين قوله في سورة الأنفال-: إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ.
فالجواب: أن التنصيص على الألف هنا، لا ينافي الثلاثة الآلاف فما فوقها لقوله-تبارك وتعالى- مُرْدِفِينَ بمعنى يردفهم غيرهم ويتبعهم ألوف أخر مثلهم.
قال الربيع بن أنس: أمد الله المسلمين بألف ثم صاروا ثلاثة آلاف، ثم صاروا خمسة آلاف» .
والقول الثاني يرى أصحابه أن هذا الوعد- وهو قوله-تبارك وتعالى-: إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلاثَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ.
متعلق بقوله- قبل ذلك- وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقاعِدَ لِلْقِتالِ.
وذلك يوم أحد.
وهو قول مجاهد، وعكرمة، والضحاك، وغيرهم.
لكن قالوا: لم يحصل الإمداد بالخمسة الآلاف، لأن المسلمين يومئذ فروا.

إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف: تفسير ابن كثير


ال الإمام أحمد : حدثنا أبو نوح قراد ، حدثنا عكرمة بن عمار ، حدثنا سماك الحنفي أبو زميل ، حدثني ابن عباس حدثني عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال : لما كان يوم بدر نظر النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى أصحابه ، وهم ثلاثمائة ونيف ، ونظر إلى المشركين فإذا هم ألف وزيادة ، فاستقبل النبي - صلى الله عليه وسلم - القبلة ، ثم مد يديه ، وعليه رداؤه وإزاره ، ثم قال : اللهم أين ما وعدتني ، اللهم أنجز لي ما وعدتني ، اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام فلا تعبد في الأرض أبدا ، قال : فما زال يستغيث ربه [ عز وجل ] ويدعوه حتى سقط رداؤه ، فأتاه أبو بكر فأخذ رداءه فرداه ، ثم التزمه من ورائه ، ثم قال : يا رسول الله ، كفاك مناشدتك ربك ، فإنه سينجز لك ما وعدك ، فأنزل الله - عز وجل - : { إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين } فلما كان يومئذ والتقوا ، فهزم الله المشركين ، فقتل منهم سبعون رجلا وأسر منهم سبعون رجلا واستشار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبا بكر وعليا وعمر فقال أبو بكر : يا رسول الله ، هؤلاء بنو العم والعشيرة والإخوان ، وإني أرى أن تأخذ منهم الفدية ، فيكون ما أخذناه منهم قوة لنا على الكفار ، وعسى أن يهديهم الله فيكونوا لنا عضدا ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ما ترى يا ابن الخطاب ؟ قال : قلت : والله ما أرى ما رأى أبو بكر ، ولكني أرى أن تمكنني من فلان - قريب لعمر - فأضرب عنقه ، وتمكن عليا من عقيل فيضرب عنقه ، وتمكن حمزة من فلان - أخيه - فيضرب عنقه ، حتى يعلم الله أن ليس في قلوبنا هوادة للمشركين ، هؤلاء صناديدهم وأئمتهم وقادتهم ، فهوى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما قال أبو بكر ، ولم يهو ما قلت ، وأخذ منهم الفداء ، فلما كان من الغد - قال عمر - غدوت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وهما يبكيان ، فقلت : يا رسول الله ، [ أخبرني ] ما يبكيك أنت وصاحبك ، فإن وجدت بكاء بكيت ، وإن لم أجد بكاء تباكيت لبكائكما ! قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : للذي عرض علي أصحابك من أخذهم الفداء ، قد عرض علي عذابكم أدنى من هذه الشجرة - لشجرة قريبة ، وأنزل الله [ عز وجل ] { ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض } إلى قوله : { لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم } [ الأنفال : 67 ، 68 ] من الفداء ، ثم أحل لهم الغنائم ، فلما كان يوم أحد من العام المقبل ، عوقبوا مما صنعوا يوم بدر ، من أخذهم الفداء فقتل منهم سبعون ، وفر أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وكسرت رباعيته ، وهشمت البيضة على رأسه ، وسال الدم على وجهه ، فأنزل الله [ عز وجل ] { أو لما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم إن الله على كل شيء قدير } [ آل عمران : 165 ] بأخذكم الفداء . .
ورواه مسلم ، وأبو داود ، والترمذي ، وابن جرير ، وابن مردويه ، من طرق عن عكرمة بن عمار ، به . وصححه علي بن المديني والترمذي ، وقالا لا يعرف إلا من حديث عكرمة بن عمار اليماني .
وهكذا روى علي بن أبي طلحة والعوفي ، عن ابن عباس : أن هذه الآية الكريمة قوله : { إذ تستغيثون ربكم [ فاستجاب لكم ] } أنها في دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - وكذا قال يزيد بن يثيع ، والسدي ، وابن جريج .
وقال أبو بكر بن عياش ، عن أبي حصين ، عن أبي صالح قال : لما كان يوم بدر ، جعل النبي - صلى الله عليه وسلم - يناشد ربه أشد النشدة يدعو ، فأتاه عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - فقال : يا رسول الله ، بعض نشدتك ، فوالله ليفين الله لك بما وعدك .
وقال البخاري في " كتاب المغازي " ، باب قول الله - عز وجل - : { إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم } إلى قوله : { فإن الله شديد العقاب } حدثنا أبو نعيم ، حدثنا إسرائيل ، عن مخارق ، عن طارق بن شهاب قال : سمعت ابن مسعود يقول : شهدت من المقداد بن الأسود مشهدا لأن أكون صاحبه أحب إلي مما عدل به : أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يدعو على المشركين ، فقال : لا نقول كما قال قوم موسى لموسى : { اذهب أنت وربك فقاتلا } [ المائدة : 24 ] ولكن نقاتل عن يمينك وعن شمالك ، وبين يديك وخلفك ، فرأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - أشرق وجهه وسره - يعني قوله .
وحدثنا محمد بن عبد الله بن حوشب ، حدثنا عبد الوهاب ، حدثنا خالد الحذاء ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم بدر : اللهم أنشدك عهدك ووعدك ، اللهم إن شئت لم تعبد ، فأخذ أبو بكر بيده ، فقال : حسبك ! فخرج وهو يقول : (سيهزم الجمع ويولون الدبر } [ القمر : 45 ] .
ورواه النسائي عن بندار عن عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي .
وقوله تعالى : { بألف من الملائكة مردفين } أي: يردف بعضهم بعضا ، كما قال هارون بن عنترة عن ابن عباس : { مردفين } متتابعين .
ويحتمل أن [ يكون ] المراد } مردفين } لكم ، أي: نجدة لكم ، كما قال العوفي ، عن ابن عباس : { مردفين } يقول : المدد ، كما تقول : ائت الرجل فزده كذا وكذا .
وهكذا قال مجاهد ، وابن كثير القارئ ، وابن زيد : { مردفين } ممدين .
وقال أبو كدينة ، عن قابوس ، عن أبيه ، عن ابن عباس : { ممدكم بألف من الملائكة مردفين } قال : وراء كل ملك ملك .
وفي رواية بهذا الإسناد : { مردفين } قال : بعضهم على أثر بعض . وكذا قال أبو ظبيان ، والضحاك ، وقتادة .
وقال ابن جرير : حدثني المثنى ، حدثنا إسحاق ، حدثنا يعقوب بن محمد الزهري ، حدثني عبد العزيز بن عمران ، عن الزمعي ، عن أبي الحويرث ، عن محمد بن جبير ، عن علي - رضي الله عنه - قال : نزل جبريل في ألف من الملائكة عن ميمنة النبي - صلى الله عليه وسلم - وفيها أبو بكر ، ونزل ميكائيل في ألف من الملائكة عن ميسرة النبي - صلى الله عليه وسلم - وأنا في الميسرة .
وهذا يقتضي - لو صح إسناده - أن الألف مردفة بمثلها ؛ ولهذا قرأ بعضهم : مردفين بفتح الدال ، فالله أعلم .
والمشهور ما رواه علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس قال : وأمد الله نبيه - صلى الله عليه وسلم - والمؤمنين بألف من الملائكة ، فكان جبريل في خمسمائة من الملائكة مجنبة ، وميكائيل في خمسمائة مجنبة .
وروى الإمام أبو جعفر بن جرير ، ومسلم ، من حديث عكرمة بن عمار ، عن أبي زميل سماك بن وليد الحنفي ، عن ابن عباس ، عن عمر ، الحديث المتقدم . ثم قال أبو زميل حدثني ابن عباس قال : بينا رجل من المسلمين يشتد في أثر رجل من المشركين أمامه ، إذ سمع ضربة بالسوط فوقه ، وصوت الفارس يقول : " أقدم حيزوم " إذ نظر إلى المشرك أمامه ، فخر مستلقيا قال : فنظر إليه ، فإذا هو قد خطم أنفه ، وشق وجهه كضربة السوط ، فاخضر ذلك أجمع ، فجاء الأنصاري فحدث ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : صدقت ، ذلك من مدد السماء الثالثة ، فقتلوا يومئذ سبعين وأسروا سبعين .
وقال البخاري : " باب شهود الملائكة بدرا " : حدثنا إسحاق بن إبراهيم ، حدثنا جرير ، عن يحيى بن سعيد ، عن معاذ بن رفاعة بن رافع الزرقي ، عن أبيه - وكان أبوه من أهل بدر - قال : جاء جبريل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : ما تعدون أهل بدر فيكم ؟ قال : من أفضل المسلمين - أو كلمة نحوها - قال : وكذلك من شهد بدرا من الملائكة .
انفرد بإخراجه البخاري وقد رواه الطبراني في المعجم الكبير من حديث رافع بن خديج ، وهو خطأ والصواب رواية البخاري ، والله [ تعالى ] أعلم .
وفي الصحيحين : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لعمر لما شاوره في قتل حاطب بن أبي بلتعة : إنه قد شهد بدرا ، وما يدريك لعل الله قد اطلع على أهل بدر فقال : اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم .

تفسير القرطبي : معنى الآية 9 من سورة الأنفال


قوله تعالى إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفينقوله تعالى : إذ تستغيثون ربكم الاستغاثة : طلب الغوث والنصر .
غوث الرجل قال : واغوثاه .
والاسم الغوث والغواث والغواث .
واستغاثني فلان فأغثته ; والاسم الغياث ; عن الجوهري .
وروى مسلم عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : لما كان يوم بدر نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المشركين وهم ألف وأصحابه ثلاثمائة وسبعة عشر رجلا ; فاستقبل نبي الله صلى الله عليه وسلم القبلة ، ثم مد يديه ، فجعل يهتف بربه : اللهم أنجز لي ما وعدتني .
اللهم ائتني ما وعدتني .
اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام لا تعبد في الأرض .
فما زال يهتف بربه مادا يديه مستقبل القبلة حتى سقط رداؤه عن منكبيه .
فأتاه أبو بكر فأخذ رداءه فألقاه على منكبيه ، ثم التزمه من ورائه وقال : يا نبي الله ، كفاك مناشدتك ربك ، فإنه سينجز لك ما وعدك .
فأنزل الله تعالى : إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين فأمده الله بالملائكة .
وذكر الحديث .
" مردفين " بفتح الدال قراءة نافع .
والباقون بالكسر اسم فاعل ، أي متتابعين ، تأتي فرقة بعد فرقة ، وذلك أهيب في العيون .
و " مردفين " بفتح الدال على ما لم يسم فاعله ; لأن الناس الذين قاتلوا يوم بدر أردفوا بألف من الملائكة ، أي أنزلوا إليهم لمعونتهم على الكفار .
فمردفين بفتح الدال نعت لألف .
وقيل : هو حال من الضمير المنصوب في ممدكم .
أي ممدكم في حال إردافكم بألف من الملائكة ; وهذا مذهب مجاهد .
وحكى أبو عبيدة أن ردفني وأردفني واحد .
وأنكر أبو عبيد أن يكون أردف بمعنى ردف ; قال لقول الله عز وجل : تتبعها الرادفة ولم يقل المردفة .
قال النحاس ومكي وغيرهما : وقراءة كسر الدال أولى ; لأن أهل التأويل على هذه القراءة يفسرون .
أي أردف بعضهم بعضا ، ولأن فيها معنى الفتح على ما حكى أبو عبيدة ، ولأن عليه أكثر القراء .
قال سيبويه : وقرأ بعضهم " مردفين " بفتح الراء وشد الدال .
وبعضهم " مردفين " بكسر الراء .
وبعضهم " مردفين " بضم الراء .
والدال مكسورة مشددة في القراءات الثلاث .
فالقراءة الأولى تقديرها عند سيبويه مرتدفين ، ثم أدغم التاء في الدال ، وألقى حركتها على الراء لئلا يلتقي ساكنان .
والثانية كسرت فيها الراء لالتقاء الساكنين .
وضمت الراء في الثالثة إتباعا لضمة الميم ; كما تقول : رد ورد ورد يا هذا .
وقرأ جعفر بن محمد وعاصم الجحدري : " بآلف " جمع ألف ; مثل فلس وأفلس .
وعنهما أيضا بألف .
وقد مضى في آل عمران ذكر نزول الملائكة وسيماهم وقتالهم .
وتقدم فيها القول في معنى قوله : وما جعله الله إلا بشرى .
والمراد الإمداد .
ويجوز أن يكون الإرداف .

﴿ إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين ﴾ [ الأنفال: 9]

سورة : الأنفال - الأية : ( 9 )  - الجزء : ( 9 )  -  الصفحة: ( 178 )

English Türkçe Indonesia
Русский Français فارسی
تفسير انجليزي اعراب

تفسير آيات من القرآن الكريم

  1. تفسير: قالوا ياأيها العزيز إن له أبا شيخا كبيرا فخذ أحدنا مكانه إنا نراك من المحسنين
  2. تفسير: وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه
  3. تفسير: ولا تصعر خدك للناس ولا تمش في الأرض مرحا إن الله لا يحب كل مختال
  4. تفسير: ولا تخزني يوم يبعثون
  5. تفسير: ثم يطمع أن أزيد
  6. تفسير: يأتوك بكل ساحر عليم
  7. تفسير: اقرأ باسم ربك الذي خلق
  8. تفسير: فلا تطع الكافرين وجاهدهم به جهادا كبيرا
  9. تفسير: قال قرينه ربنا ما أطغيته ولكن كان في ضلال بعيد
  10. تفسير: وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها فعجل لكم هذه وكف أيدي الناس عنكم ولتكون آية للمؤمنين

تحميل سورة الأنفال mp3 :

سورة الأنفال mp3 : قم باختيار القارئ للاستماع و تحميل سورة الأنفال

سورة الأنفال بصوت ماهر المعيقلي
ماهر المعيقلي
سورة الأنفال بصوت سعد الغامدي
سعد الغامدي
سورة الأنفال بصوت عبد  الباسط عبد الصمد
عبد الباسط
سورة الأنفال بصوت أحمد العجمي
أحمد العجمي
سورة الأنفال بصوت محمد صديق المنشاوي
المنشاوي
سورة الأنفال بصوت محمود خليل الحصري
الحصري
سورة الأنفال بصوت مشاري راشد العفاسي
مشاري العفاسي
سورة الأنفال بصوت ناصر القطامي
ناصر القطامي
سورة الأنفال بصوت فارس عباد
فارس عباد
سورة الأنفال بصوت ياسر لدوسري
ياسر الدوسري

,

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب