قائمة السور | مواضيع القرآن الكريم مرتبة حسب الآيات :آيات القرآن الكريم مقسمة حسب كل موضوع و فئة | لقراءة سورة كاملة اختر من : فهرس القرآن | - للاستماع للقراء : القرآن الكريم mp3
آيات قرآنية عن السير والنظر في عاقبة الماضين في القرآن الكريم
✅ مواضيع القرآن الكريم
﴿قَدۡ خَلَتۡ مِن قَبۡلِكُمۡ سُنَنٞ فَسِيرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَٱنظُرُواْ كَيۡفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلۡمُكَذِّبِينَ ﴾ [آل عمران: 137]
ما أحسنَ أن نعتبرَ بتاريخ الغابرين، لمعرفة سُنن الله في عباده أجمعين؛ كيف يُهلِك العصــاةَ المكــذِّبين، ويجعــل العاقبةَ للمتَّقين. |
﴿ٱلَّذِينَ يَذۡكُرُونَ ٱللَّهَ قِيَٰمٗا وَقُعُودٗا وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمۡ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلۡقِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ رَبَّنَا مَا خَلَقۡتَ هَٰذَا بَٰطِلٗا سُبۡحَٰنَكَ فَقِنَا عَذَابَ ٱلنَّارِ ﴾ [آل عمران: 191]
اللبيب هو المتَّصل بالله تعالى في كلِّ أحواله، الذاكرُ له أبدًا في جميع ساعاته، وكيف يغفُل عن الاتِّصال بشيءٍ به قِوامُ حياته؟! ذِكرُ الله هو النُّور الهادي للفكر، فمَن أكثرَ منه فُتحَ عليه من أنوار المعرفة، وأضواء الفهم والدراية. يحفظ على المرء عقلَه اشتغالُه بالعلم طلبًا وتحصيلًا، وبالقرآن تلاوةً وتعليمًا، ويُحيي قلبَه ذكرُه لله قيامًا وقعودًا. مَن زادت معرفتُه بربِّه زاد خوفُه منه وضَراعته إليه، ألا ترى المخلصين الذاكرين الطائعين، المتفكِّرين في عظمة الله تعالى، يسألونه العافيةَ من النار؟ |
﴿أَلَمۡ يَرَوۡاْ كَمۡ أَهۡلَكۡنَا مِن قَبۡلِهِم مِّن قَرۡنٖ مَّكَّنَّٰهُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ مَا لَمۡ نُمَكِّن لَّكُمۡ وَأَرۡسَلۡنَا ٱلسَّمَآءَ عَلَيۡهِم مِّدۡرَارٗا وَجَعَلۡنَا ٱلۡأَنۡهَٰرَ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهِمۡ فَأَهۡلَكۡنَٰهُم بِذُنُوبِهِمۡ وَأَنشَأۡنَا مِنۢ بَعۡدِهِمۡ قَرۡنًا ءَاخَرِينَ ﴾ [الأنعام: 6]
العاقل مَن اتَّعظ بغيره، والجاهلُ مَن اتَّعظَ بنفسه، فاللبيبُ إذا قرأ تاريخَ مَن غَبَر كان له منه مُعتَبَر، فوجدَ أن موالاةَ النِّعَم على المعرضين، تعجِّل لهم النِّقَمَ في أقرب حين. إنما التمكينُ بتيسير الله تعالى، فهو مَن يَمُدُّ بأسبابه ليبلوَ عباده؛ أيقومون بعهده فيعبدونه، أم يجعلون من أنفسهم طواغيتَ فيجحدونه؟ الذنوب مِنجَلُ حصاد، يستأصلُ الظالمين من العباد، وقد جرَت سنَّةُ الله تعالى بذلك في كلِّ عصر، فهلَّا من توبةٍ قبل حلولِ العقوبة. إذا انقرضت الأمَّةُ الظالمة فجاءت بعدها أمَّةٌ أخرى، فإن كانت عاقلةً لم تسلُك مسلكَ الأمَّة الهالكة، وإن جمَحَت بها الأهواءُ فسارت سَيرَها فلترتقب مصيرَ سلفِها، ولو طال بها الزمن. |
﴿قُلۡ سِيرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ ثُمَّ ٱنظُرُواْ كَيۡفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلۡمُكَذِّبِينَ ﴾ [الأنعام: 11]
انظري أيتها الأمَّة في حال الأمم السابقة نظرَ تأمُّل واعتبار؛ فإنهم وإن رحلوا فقد خلَّفوا من ورائهم الأخبارَ والآثار، وفيها عِبرةٌ لمَن اعتبَر، وذكرى واعظةٌ لمَن ادَّكر. العِبَر المشاهَدة تَعضُدُ العِبرَ المُتصوَّرة، وقراءة مشاهدِ الحياة بعين البصر والبصيرة من أعظم المواعظ. |
﴿إِنَّمَا مَثَلُ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا كَمَآءٍ أَنزَلۡنَٰهُ مِنَ ٱلسَّمَآءِ فَٱخۡتَلَطَ بِهِۦ نَبَاتُ ٱلۡأَرۡضِ مِمَّا يَأۡكُلُ ٱلنَّاسُ وَٱلۡأَنۡعَٰمُ حَتَّىٰٓ إِذَآ أَخَذَتِ ٱلۡأَرۡضُ زُخۡرُفَهَا وَٱزَّيَّنَتۡ وَظَنَّ أَهۡلُهَآ أَنَّهُمۡ قَٰدِرُونَ عَلَيۡهَآ أَتَىٰهَآ أَمۡرُنَا لَيۡلًا أَوۡ نَهَارٗا فَجَعَلۡنَٰهَا حَصِيدٗا كَأَن لَّمۡ تَغۡنَ بِٱلۡأَمۡسِۚ كَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ ٱلۡأٓيَٰتِ لِقَوۡمٖ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [يونس: 24]
إنها دنيا لا أمنَ فيها ولا اطمئنان، ولا ثباتَ ولا استقرار، وما يملك الناسُ من أمرها شيئًا إلا بمقدار، فكيف يضيِّع عاقلٌ آخرتَه لأجلها؟ مَن عرَف الدنيا عرف أنها قابلةٌ للزوال في كلِّ آن، ولم يأمن ذهابَها في ليلٍ ولا نهار. كما يحتاج المرء إلى الماء ليحيا، كذا يحتاجُ إلى الدنيا، ولكن حسْبُه أن يأخذ من دنياه بمقدار ما يرويه من الماء ولا يزيد، فالماء إذا أخذت منه فوق حاجتك تضرَّرت، وإذا أخذت قدر الحاجة انتفعت، وكذلك الدنيا. لو تمَّ لُبُّ الإنسانِ لرأى أن هذه الحياةَ لا تستحقُّ كلَّ ما يُبذلُ لها، وإنما تستحقُّه حياةٌ أخرى، تبقى ولا تفنى، وتطولُ ولا تزول. أهلُ الفكر هم أهلُ التمييز بين الأمور، والفحصِ عن حقائق ما يُعرَضُ من الشُّبَه في الصدور، فطوبى لمن تفكر في نظامِ الكون، واعتبر بسُننه ونواميسه. |
﴿قُلِ ٱنظُرُواْ مَاذَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ وَمَا تُغۡنِي ٱلۡأٓيَٰتُ وَٱلنُّذُرُ عَن قَوۡمٖ لَّا يُؤۡمِنُونَ ﴾ [يونس: 101]
هذا الكون كتابٌ مفتوح، تَلوحُ على صفحاتِه صورُ عظمةِ الخالق وجلالِه، وآياتُ إبداعه وكمالِه، فالمؤمن ينظر فيجدِّد إيمانه وينمِّيه، والكافر يرى فيجدِّد إعراضَه وجُحوده. ما أيسرَ دلائلَ الهدى لمن رغبَ فيه! فإنه لو نظرَ إلى أقربِ الأشياء منه فسيجدُها واضحةَ البرهان، داعيةً إلى الإيمان. استجابة القلبِ للآيات والعظات من أدلة قوة الإيمان، فإذا ضعُفت الاستجابةُ فليستشفِ المرءُ لقلبه، وإن انعدمت فليبحث له عن قلبٍ، فإنه لا قلبَ له. |
﴿وَمَآ أَرۡسَلۡنَا مِن قَبۡلِكَ إِلَّا رِجَالٗا نُّوحِيٓ إِلَيۡهِم مِّنۡ أَهۡلِ ٱلۡقُرَىٰٓۗ أَفَلَمۡ يَسِيرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَيَنظُرُواْ كَيۡفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡۗ وَلَدَارُ ٱلۡأٓخِرَةِ خَيۡرٞ لِّلَّذِينَ ٱتَّقَوۡاْۚ أَفَلَا تَعۡقِلُونَ ﴾ [يوسف: 109]
أرسل الله رسُلًا من أهل الحَضَر؛ لأن القُرى أوسع في المدعوِّين، وأعظم تأثيرًا في غيرها، وأجمع لموارد العلم ومصادره، وقد بُعث صفوةُ الرسُل في أمِّ القرى. تبصَّر السبيلَ الذي سلكه الأقوامُ من قبلك، فأيُّ طريقٍ أفضى إلى هلاكِ أصحابه فلا تَرِده، فالعاقل من اعتبرَ بما جرى لغيره، والجاهل من لا يعتبرُ إلا بنفسه. يا بشرى المتَّقين بالمستقبل المشرقِ الذي ينتظرُهم في الدار الآخرة! أحوال الأمم السالفة، وما أعدَّه اللهُ للأبرار في الآخرة، كلاهما مما يَبعثُ الناسَ على استعمالِ عقولهم، والتفكيرِ في مآلهم. |
﴿وَهُوَ ٱلَّذِي مَدَّ ٱلۡأَرۡضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَٰسِيَ وَأَنۡهَٰرٗاۖ وَمِن كُلِّ ٱلثَّمَرَٰتِ جَعَلَ فِيهَا زَوۡجَيۡنِ ٱثۡنَيۡنِۖ يُغۡشِي ٱلَّيۡلَ ٱلنَّهَارَۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّقَوۡمٖ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [الرعد: 3]
انظر أيها الإنسانُ إلى فضلِ الله عليك فيما رزقَك من الثمرات، كيف سخَّرها ونوَّعها، فلم تكن بعيدةَ المنال، ولا على صِنفٍ واحد فتضيقَ حالك لقلة أشكالها. العاقل يجعلُ من مرور الليل والنهار مثارَ تأملٍ وتفكيرٍ في ناموسِ هذا الكون، وفي قدرةِ الله المبدعة التي ترعاه، ولا يدَعُ إلفَ رؤيةِ هذه الآية يُبعدُه عن ذلك الاعتبار. |
﴿وَلَقَدۡ بَعَثۡنَا فِي كُلِّ أُمَّةٖ رَّسُولًا أَنِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ وَٱجۡتَنِبُواْ ٱلطَّٰغُوتَۖ فَمِنۡهُم مَّنۡ هَدَى ٱللَّهُ وَمِنۡهُم مَّنۡ حَقَّتۡ عَلَيۡهِ ٱلضَّلَٰلَةُۚ فَسِيرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَٱنظُرُواْ كَيۡفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلۡمُكَذِّبِينَ ﴾ [النحل: 36]
أوجبُ الواجباتِ على الأمم التوحيد، فمتى فرَّطت فيه أمَّةٌ فقد فرَّطت في رأس الأمر الذي أُرسل به رسولُها. يزوِّد الله تعالى العبدَ بمعالم الطريق؛ في نفسه وفي الآفاق، وله مشيئتُه الحرَّة في الاختيار، والأمر لله تعالى في هدايته أو تركه. كما أن الغذاءَ الصالح ينفع المزاجَ السَّويَّ ويُقوِّيه، ويضُرُّ المزاجَ المنحرف ويُفنيه، فكذلك ما بُعث به الأنبياءُ يقبلُه السعَداء، ولا يستسيغُه الأشقياء. سَلِ اللهَ تعالى التوفيقَ وألا يَكلَك إلى نفسك، فإنه مَن لجأ إلى الله هداه، ومَن وَكَله إلى نفسه وكلَه إلى عجزٍ وضَيعةٍ وجهل. مَن تأمَّل آثارَ الأمم الغابرة وعرَف أخبارَها زادته بأخبارِ القرآن يقينًا، وبقصصه اعتبارًا. |
﴿أَوَلَمۡ يَرَوۡاْ إِلَىٰ مَا خَلَقَ ٱللَّهُ مِن شَيۡءٖ يَتَفَيَّؤُاْ ظِلَٰلُهُۥ عَنِ ٱلۡيَمِينِ وَٱلشَّمَآئِلِ سُجَّدٗا لِّلَّهِ وَهُمۡ دَٰخِرُونَ ﴾ [النحل: 48]
هذا الكونُ برُمَّته منقادٌ لخالقه، طائعٌ لأوامره، فكلُّ عصيان وكلُّ تكذيب فإنما هو شذوذٌ عن ذلك النهج القويم. مشهد الظِّلال وهي تمتدُّ وتتراجع وتثبُت وتتمايل، مشهدٌ موحٍ لمَن يفتح قلبَه ويوقظ حِسَّه ويتجاوبُ مع الكون حوله، يُستدَلُّ به على مُدبِّره العظيم، فيا خسارةَ مَن استمتع بنِعَمه ثم كفرها! ما سجد لله جلَّ جلاله مَن أظهرت جوارحُه التذلُّلَ بين يديه، في حين قلبُه قد مُلئ كِبْرًا، ونفسُه أُشبِعَت عُجبًا. يَرقى الموحِّدُ بتوحيده إلى أشرف المراتب، وينزلُ المشركُ بشِركه إلى ما دون رتبةِ البهائم. لو أنفق المؤمن التقيُّ عُمرَه كلَّه في الطاعة لخشيَ التقصيرَ في جنب الله، وحُقَّ لمَن عرَف مقامَ الله أن يخافَه. |
﴿أَوَلَمۡ يَرَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ أَنَّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ كَانَتَا رَتۡقٗا فَفَتَقۡنَٰهُمَاۖ وَجَعَلۡنَا مِنَ ٱلۡمَآءِ كُلَّ شَيۡءٍ حَيٍّۚ أَفَلَا يُؤۡمِنُونَ ﴾ [الأنبياء: 30]
مَن فتق السماء عن الأرض، ورفع السماء بغير عمَد، وجعل الأرض مستقرة على هذه الحال، أليس بقادر عليم؟! الكون مشحون بدلائل الإيمان، فهو مشحون بالآيات الدالة على قدرة الله، ومنها آية الماء الذي حيَّ منه الحيوانُ والنبات، وبه يُبعث الناس للحساب. |
﴿أَفَلَمۡ يَسِيرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَتَكُونَ لَهُمۡ قُلُوبٞ يَعۡقِلُونَ بِهَآ أَوۡ ءَاذَانٞ يَسۡمَعُونَ بِهَاۖ فَإِنَّهَا لَا تَعۡمَى ٱلۡأَبۡصَٰرُ وَلَٰكِن تَعۡمَى ٱلۡقُلُوبُ ٱلَّتِي فِي ٱلصُّدُورِ ﴾ [الحج: 46]
عِظِ الناسَ إن استطعتَ بحوادث التاريخ وأحوال الأمم، وتدبَّر آيات الله تعالى في الآفاق والأنفس؛ ففي ذلك عِبرٌ لمَن كان له قلبٌ أو ألقى السمع وهو شهيد. العمى إنما هو عمى القلب لا عمى البصر، فمَن أبصر قلبُه فما ضرَّه أن يعمى بصره، ومَن عميَ قلبُه فما الذي تنفعه بعد ذلك رؤية الأشياء من حوله؟ قال قَتادةُ رحمه الله: (البصر الظاهر بُلغةٌ ومتعة، وبصر القلب هو البصر النافع). |
﴿وَجَحَدُواْ بِهَا وَٱسۡتَيۡقَنَتۡهَآ أَنفُسُهُمۡ ظُلۡمٗا وَعُلُوّٗاۚ فَٱنظُرۡ كَيۡفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلۡمُفۡسِدِينَ ﴾ [النمل: 14]
الكِبْر من أعظم أسباب جحْد الحقِّ وإن كان كالشمس في رائعة النهار ظاهرًا، فما أعظمَ فسادَ المتكبِّر، وما أسوأ عاقبته! إذا كان المكذِّبون بموسى عليه السلام قد استحقُّوا العذاب، فكيف بمَن كذَّب بمحمَّد ﷺ وما جاء به، وهو أشرف الخلق، وأبينُ من موسى حجَّةً، وأكثر برهانًا؟ |
﴿قُلۡ سِيرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَٱنظُرُواْ كَيۡفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلۡمُجۡرِمِينَ ﴾ [النمل: 69]
يوجِّه القرآن الناس إلى البحــث عـن الســنن المطردة، وتدبــر خطواتهــا وحلقاتهـا، ليعيشوا حياة متصلة الأوشاج متسعة الآفاق، غير غافلة عن عواقب المجرمين، ولا لاهيةٍ بالدنيا عن حقائق الدين. لا ينبغي للإنسان العاقل أن ينظر في أخبار الأمم وعواقبها، وكأنها سِير قد انقضت، ونهايات لا تتكرر، بل عليه أن يعتبر بأحداثها، ويتعظ بأيام الله فيها، مهما تباعد زمانها ومكانها. |
﴿قُلۡ سِيرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَٱنظُرُواْ كَيۡفَ بَدَأَ ٱلۡخَلۡقَۚ ثُمَّ ٱللَّهُ يُنشِئُ ٱلنَّشۡأَةَ ٱلۡأٓخِرَةَۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ ﴾ [العنكبوت: 20]
تأمَّل انتشار الخلائق كلَّ صباح من رُقادها، وحياةَ النباتات كلَّ سنةٍ بعد ذبولها، تتيقَّن أن الله تعالى باعثٌ عباده بعد أن يصيروا رِمَمًا. لا شيء على الله تعالى عسير، فالبدء في قدرته كالإعادة، ولكن للبشر مقياس يعتقدون به أن الإعادة أهون من البدء، وبهذا المقياس يخاطبهم. أنعِم نظرَك في الأرض وما فيها، وأرسل طَرْفك للتأمُّل فيما عليها، تجِد أن مَن أنشأ هذا الخلق المتقن البديع قادرٌ على إعادة خلقه عقِب فنائهم، وبعثِهم بعد موتهم. ليس في قدرة الله ما يُعجز عن النشأة الآخرة بعد أن سُبقت بالنشأة الأولى من العدم، فمَن خلق خلقه بلا مثال قادرٌ على إعادته. مَن كان على شيء قديرا، صار كلُّ شيء في مُكنَته يسيرا. |
﴿أَوَلَمۡ يَتَفَكَّرُواْ فِيٓ أَنفُسِهِمۗ مَّا خَلَقَ ٱللَّهُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ وَمَا بَيۡنَهُمَآ إِلَّا بِٱلۡحَقِّ وَأَجَلٖ مُّسَمّٗىۗ وَإِنَّ كَثِيرٗا مِّنَ ٱلنَّاسِ بِلِقَآيِٕ رَبِّهِمۡ لَكَٰفِرُونَ ﴾ [الروم: 8]
طبيعة تكوين الناس، وطبيعةُ هذا الكون توحي بأن هذا الوجود قائمٌ على الحق، له غايةٌ من ورائه، وله أجلٌ ينتهي إليه، وليس الشأن في مجرَّد معرفة ذلك، بل بالإيمان به والعمل له. |
﴿أَوَلَمۡ يَسِيرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَيَنظُرُواْ كَيۡفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡۚ كَانُوٓاْ أَشَدَّ مِنۡهُمۡ قُوَّةٗ وَأَثَارُواْ ٱلۡأَرۡضَ وَعَمَرُوهَآ أَكۡثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا وَجَآءَتۡهُمۡ رُسُلُهُم بِٱلۡبَيِّنَٰتِۖ فَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيَظۡلِمَهُمۡ وَلَٰكِن كَانُوٓاْ أَنفُسَهُمۡ يَظۡلِمُونَ ﴾ [الروم: 9]
يا مَن يقف عند النظر في ظاهر الملك ببصره، ويقصر عن الاعتبار في باطن الملكوت بفكره؛ هلا امتطيت هذه الدرجة العليَّة، التي تدعوك إليها هذه الآية الجليَّة؟ الأرض مجال رحْب للتأمل والتفكر، والاعتبار والتدبر، فمَن سار فيها، وجال في نواحيها، وقرأ ببصيرته عِبرها عاد متَّعظًا بما رأى منها، وبما جرى لأهلها عليها. سنة الله تعالى جارية على الجميع، ثابتة يقوم عليها هذا الوجود، لا تحابي أمة، ولا تجامل جيلًا. مَن نظر في آثار السابقين وجد أممًا بائدة، وخلقًا مُهلَكين، ومنازل موحشة، وكل ذلك إشارة إلى حياة أخرى يكون فيها الحساب والجزاء. إن كان العرب الأوائل قد اغترُّوا بدنيا، إنما هي جبالٌ سوداء، وفيافٍ غبراء، فلقد أهلك الله قبلهم مَن شقَّ الصُّخور وبنى العمَد، ورفع الصَّواري والأهرام، فما أغنت عنهم من عذاب الله شيئًا. لقد ظلم نفسه مَن لم يستعمل عقله فيما خُلق له، ولم يقبل من الهُداة ما جاؤوا به، وانتقل من الغفلة إلى العناد، ولم يعتبر بآيات الله الباهرات المبثوثة بين العباد. من رحمة الله وحِلمه أنه يُمهل عباده الظالمين، وإن تكرر منهم الظلم وتجدد، فإذا لم يُقلعوا مع تتالي النُّذر والعِبر أخذهم أخذ عزيز مقتدر. |
﴿ثُمَّ كَانَ عَٰقِبَةَ ٱلَّذِينَ أَسَٰٓـُٔواْ ٱلسُّوٓأَىٰٓ أَن كَذَّبُواْ بِـَٔايَٰتِ ٱللَّهِ وَكَانُواْ بِهَا يَسۡتَهۡزِءُونَ ﴾ [الروم: 10]
مَن أساء إلى رسُل الملك العظيم سبحانه عذَّبه الملك بما يسوءه؛ جزاءً وِفاقًا. يستحقُّ أسوأ العواقب مَن جمع بين التكذيب بما حقُّه التصديق، والاستهزاء بما حقُّه التوقير. |
﴿وَمِنۡ ءَايَٰتِهِۦٓ أَنۡ خَلَقَ لَكُم مِّنۡ أَنفُسِكُمۡ أَزۡوَٰجٗا لِّتَسۡكُنُوٓاْ إِلَيۡهَا وَجَعَلَ بَيۡنَكُم مَّوَدَّةٗ وَرَحۡمَةًۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّقَوۡمٖ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [الروم: 21]
المرأة هي السكن الآمن الرحيب لزوجها وأسرتها، وهذا مقصِدٌ سامٍ من مقاصد العَلاقة بين الزوجين في الإسلام، وهدفٌ نبيل لبناء الأسَر عند الأنام. ليس لفاجرٍ وبغيٍّ كرامةُ المودة والرحمة التي يُنعم الله بها على الزوج والزوجة اللذين أقاما العلاقة بينهما وَفْق شرع الله تعالى. متى ما اضطربت بين الزوجين أعمدة المودة والرحمة، فاعلم أن ما في البيت من سكن بدأ يتداعى، وقد يؤول إلى الانهيار. تفكَّر في حكمة الله سبحانه في خلقه كلا الجنسين موافقًا للآخر، ملبِّيًا لحاجته الفِطرية، من نفسيَّة وجسديَّة، بحيثُ يجد كل شريك مع شريكه الراحة والطُّمَأنينة والاستقرار. |
﴿قُلۡ سِيرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَٱنظُرُواْ كَيۡفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلُۚ كَانَ أَكۡثَرُهُم مُّشۡرِكِينَ ﴾ [الروم: 42]
طوبى لعبد نظر في آثار القوم المعذَّبين فاستنارت بصيرته وحضره تأمُّله وتدبُّره، فكان له من تلك الأطلال البالية عبرة أصلح بها نفسه وقوَّم بها سَيره. أي عاقل يسير في الأرض، فيرى مصارع المكذبين وعواقبهم ونهاية الطريق الذي سلكوه فأهلكهم ثم يسلك ذلك الطريق؟! |
﴿أَوَلَمۡ يَرَوۡاْ أَنَّا نَسُوقُ ٱلۡمَآءَ إِلَى ٱلۡأَرۡضِ ٱلۡجُرُزِ فَنُخۡرِجُ بِهِۦ زَرۡعٗا تَأۡكُلُ مِنۡهُ أَنۡعَٰمُهُمۡ وَأَنفُسُهُمۡۚ أَفَلَا يُبۡصِرُونَ ﴾ [السجدة: 27]
يا له من مشهد يفتح نوافذَ القلب للاعتبار بهذه الحياة النامية، والإحساس بإنعام واهبها، وذلك ما يزيد القلب حبًّا له، وإيمانًا بقدرته وحكمته وإتقانه. منظر السحاب يجتمع، والغيث ينهمر، والماء يأتي إلى الأرض العطشى فيرويها، والنبات يشقُّ الأرض، والبهائم ترعى في خمائلها، نعمة منظورة تملأ البصر حسنًا، والقلب بهجة وفرحًا، وإيمانًا بالله تعالى. |
﴿أَوَلَمۡ يَسِيرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَيَنظُرُواْ كَيۡفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡ وَكَانُوٓاْ أَشَدَّ مِنۡهُمۡ قُوَّةٗۚ وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُعۡجِزَهُۥ مِن شَيۡءٖ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَلَا فِي ٱلۡأَرۡضِۚ إِنَّهُۥ كَانَ عَلِيمٗا قَدِيرٗا ﴾ [فاطر: 44]
السير في الأرض بعينٍ مفتوحة وقلبٍ يقظ، والوقوف على مَصارع الغابرين، وتأمُّل ما كانوا فيه وما صاروا إليه، يكسو القلبَ بالاعتبار والاتِّعاظ. يا مَن ينظر إلى أعداء الدين بعين الاستعظام وإلى الإسلام بعين الاسترحام فيذوب خنوعًا وخضوعًا؛ أعدِ النظر واقرأ القرآن وأجِل بصرَك في تاريخ الأمم، لتعلم أن قوَّة الله تعالى لا تقف أمامها أيُّ قوَّة. قوَّة الله عزَّ وجلَّ لا يغلبها شيءٌ ولا يُعجزها، فقد أخذ الله بقوَّته الغابرين، وهو قادرٌ على أخذ الآخرين كالأوَّلين. كمُلَت قدرة الله تعالى وعلمه، فما أعجزَه شيء ولا خفيَ عنه، فأين المَهرَب لمن عصاه وهذه قدرته وعلمه؟! |
﴿ٱللَّهُ يَتَوَفَّى ٱلۡأَنفُسَ حِينَ مَوۡتِهَا وَٱلَّتِي لَمۡ تَمُتۡ فِي مَنَامِهَاۖ فَيُمۡسِكُ ٱلَّتِي قَضَىٰ عَلَيۡهَا ٱلۡمَوۡتَ وَيُرۡسِلُ ٱلۡأُخۡرَىٰٓ إِلَىٰٓ أَجَلٖ مُّسَمًّىۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّقَوۡمٖ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [الزمر: 42]
إنه تنبيهٌ لكلِّ ذي لُبٍّ أن الله وحدَه المستحِقُّ لتمام العبوديَّة وكمال الألوهيَّة، فهو الذي يُحيي ويُميت، ويفعل ما يشاء، فإيَّاك أن تَصرِفَ شيئًا من العبوديَّة لسواه. لمَّا كان نومُنا مَوتةً صُغرى أوصانا نبيُّنا ﷺ إذا أوينا إلى فرُشنا أن ندعوَ: (باسمك ربِّي وضعتُ جنبي، وبك أرفعه، إن أمسكتَ نفسي فارحمها، وإن أرسلتَها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين). آيات الله الدالَّةُ على كمال قدرته وشمول رحمته كثيرةٌ وافرة، ولو أننا تأمَّلنا في نومنا ويقظتنا لأدركنا آيةً منها، ما أعظمَها وأجلَّها! مع كلِّ نومة تنامها تفكَّر أنها ربما تكون آخرَ عهدك بالدنيا، فاستقبِل النومَ بطهارة الظاهر والباطن، فما يُدريك لعلَّك لا تقوم بعدها إلا للحشر! |
﴿۞ أَوَلَمۡ يَسِيرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَيَنظُرُواْ كَيۡفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلَّذِينَ كَانُواْ مِن قَبۡلِهِمۡۚ كَانُواْ هُمۡ أَشَدَّ مِنۡهُمۡ قُوَّةٗ وَءَاثَارٗا فِي ٱلۡأَرۡضِ فَأَخَذَهُمُ ٱللَّهُ بِذُنُوبِهِمۡ وَمَا كَانَ لَهُم مِّنَ ٱللَّهِ مِن وَاقٖ ﴾ [غافر: 21]
طوبى لمَن اتَّعظ بمصير الظالمين المشركين من السابقين الأوَّلين، وما حلَّ بهم في الدنيا من هلاك وفناء. لم تَقِ الظالمين قوَّتُهم التي بقي ذكرُها، ولا آثارهم التي ما زالت من بعدهم، فلا واقيَ إلا الإيمانُ والعملُ الصالح، ونُصرة الحقِّ وأهله. |
﴿ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ كَانَت تَّأۡتِيهِمۡ رُسُلُهُم بِٱلۡبَيِّنَٰتِ فَكَفَرُواْ فَأَخَذَهُمُ ٱللَّهُۚ إِنَّهُۥ قَوِيّٞ شَدِيدُ ٱلۡعِقَابِ ﴾ [غافر: 22]
إن المستكبرين لا ينفكُّون للرسالات جاحدين، ولرسُل ربِّهم معاندين، وإن الله لم يزَل بقوَّته وبطشه لهم بالمرصاد. ما أبلغَه من درسٍ للدعاة اليوم؛ إنكم مهما أتيتم من حُجج، ومهما دحضتُم من شُبَه، سيبقى طَغامٌ من أهل الباطل حاقدين معاندين، فاصبِروا وصابروا. |
﴿أَفَلَمۡ يَسِيرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَيَنظُرُواْ كَيۡفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡۚ كَانُوٓاْ أَكۡثَرَ مِنۡهُمۡ وَأَشَدَّ قُوَّةٗ وَءَاثَارٗا فِي ٱلۡأَرۡضِ فَمَآ أَغۡنَىٰ عَنۡهُم مَّا كَانُواْ يَكۡسِبُونَ ﴾ [غافر: 82]
لنعتبِر بحال الأمم من قبلنا؛ لقد بلغت أوجَ القوَّة والسلطان، حتى اغترَّت بما وصلت إليه، فلم يَعصِمها ذلك من عقوبة الله تعالى. |
﴿فَلَمَّا رَأَوۡاْ بَأۡسَنَا قَالُوٓاْ ءَامَنَّا بِٱللَّهِ وَحۡدَهُۥ وَكَفَرۡنَا بِمَا كُنَّا بِهِۦ مُشۡرِكِينَ ﴾ [غافر: 84]
آلآنَ تُقرُّون بالحقِّ، وتتبرَّؤون ممَّا كنتم عليه من ضلال؟! إن سنَّة الله جرَت ألا تُقبلَ توبةُ الفزع؛ لأنها توبةٌ فات زمانها. |
﴿۞ أَفَلَمۡ يَسِيرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَيَنظُرُواْ كَيۡفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡۖ دَمَّرَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِمۡۖ وَلِلۡكَٰفِرِينَ أَمۡثَٰلُهَا ﴾ [محمد: 10]
هكذا يسير المؤمنُ في دروب الحياة، متأمِّلًا ما يعرض أمامه، مستلهمًا الدروسَ من كلِّ حادثة، فيجد عِبرًا تثبِّته على الطريق المستقيم. إذا أظلم القلبُ عن مشاهدة ضياء الآيات، وما فيها من عظات، لجَّ في ظلمات المعاصي. وعدٌ صادق -ولا يُخلِف الله وعده- لكلِّ مَن كفر به وحارب رسُله، أن سُنَّته فيهم ماضية كما أهلكَ مَن كان قبلهم. مَن كان اللهُ مولاه فهو في كَنَف القويِّ يدفع عنه، فلا قلقَ يساوره، ولا مَخاوفَ تلاحقه. إذا قطع الله حبله عن عبد فإنه لن تنفعَه الإنس والجنُّ ولو اجتمعوا لنفعه، فهو مُضيَّع عاجز خاسر ولو اجتمعت له كلُّ أسباب الحماية. |
مواضيع أخرى في القرآن الكريم
أوامر الله الإخلاص لله السّموم السرقة أخلاق الرسول وصفاته الذين خرجوا حذر الموت اليأس والقنوط حياة الشهيد القتال في الحرم عبادة الملائكة لله
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Thursday, December 26, 2024
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب