قائمة السور | مواضيع القرآن الكريم مرتبة حسب الآيات :آيات القرآن الكريم مقسمة حسب كل موضوع و فئة | لقراءة سورة كاملة اختر من : فهرس القرآن | - للاستماع للقراء : القرآن الكريم mp3
آيات قرآنية عن الله أعلم في القرآن الكريم
✅ مواضيع القرآن الكريم
﴿فَلَمَّا وَضَعَتۡهَا قَالَتۡ رَبِّ إِنِّي وَضَعۡتُهَآ أُنثَىٰ وَٱللَّهُ أَعۡلَمُ بِمَا وَضَعَتۡ وَلَيۡسَ ٱلذَّكَرُ كَٱلۡأُنثَىٰۖ وَإِنِّي سَمَّيۡتُهَا مَرۡيَمَ وَإِنِّيٓ أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ ٱلشَّيۡطَٰنِ ٱلرَّجِيمِ ﴾ [آل عمران: 36]
على العبد أن يرضى بالقضاء، وإن جاء على خلاف الدعاء، وليشتغل بصيانة ما اختاره له سيِّده، ليبلغَ به ما أمكنَ من حاجته. قضَـت الشريعــة والطبيعــة باختــلاف الجنسَين؛ إن الرجل يصلُح للعمل والجهاد، والمرأة تصلُح للتربية والإعداد، ولكلٍّ وظيفةٌ تليق به. لا تنتظر ولادةَ طفلك حتى تشرعَ في تربيته، ولكن أصلح نيَّتك منذ إرادتك إيَّاه، ثم حُفَّه بالدعاء حتى يقيَه الله تعالى من كلِّ سوء، ويُقرَّ عينك بصلاحه وهُداه. لنُحصِّن أولادنا من شرِّ الشيطان الرجيم، ولنُباعد بينهم وبين طريقه، ولنسأله سبحانه أن يحميَهم من كيده. |
﴿وَلِيَعۡلَمَ ٱلَّذِينَ نَافَقُواْۚ وَقِيلَ لَهُمۡ تَعَالَوۡاْ قَٰتِلُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ أَوِ ٱدۡفَعُواْۖ قَالُواْ لَوۡ نَعۡلَمُ قِتَالٗا لَّٱتَّبَعۡنَٰكُمۡۗ هُمۡ لِلۡكُفۡرِ يَوۡمَئِذٍ أَقۡرَبُ مِنۡهُمۡ لِلۡإِيمَٰنِۚ يَقُولُونَ بِأَفۡوَٰهِهِم مَّا لَيۡسَ فِي قُلُوبِهِمۡۚ وَٱللَّهُ أَعۡلَمُ بِمَا يَكۡتُمُونَ ﴾ [آل عمران: 167]
بَوحُ المنافقين كان نعمةً من الله على المؤمنين، لقد سمعوه وسمعوا جوابَ الله عنه، وعرَفوا كيف يحرم النفاقُ صاحبه سعادةَ الدنيا والآخرة. حين تضعفُ في القلب دواعي الصِّدق والإيمان، تقوى أساليبُ الاعتذار والتقاعُس عن القيام بمقتضَياتهما في المَيدان. القلوب بين إصبَعَين من أصابع الرحمن يقلِّبها كيف يشاء، فترى الرجلَ في حالٍ أقربَ إلى الكفر، وفي حالٍ أقربَ إلى الإيمان، فاسأل الله الهدايةَ والثبات. كلَّما تباعدَت المسافة بين قول العبد وفعله في واقع الحياة، دنا من النفاق واقترب من فُسطاط المنافقين. إن كان الناسُ لا يعلمون من الألفاظ إلا حقائقَها الظاهرة، فإن الله تعالى عالمٌ بنيَّات أصحابها، وما تُخفيه الصدور. |
﴿وَمَن لَّمۡ يَسۡتَطِعۡ مِنكُمۡ طَوۡلًا أَن يَنكِحَ ٱلۡمُحۡصَنَٰتِ ٱلۡمُؤۡمِنَٰتِ فَمِن مَّا مَلَكَتۡ أَيۡمَٰنُكُم مِّن فَتَيَٰتِكُمُ ٱلۡمُؤۡمِنَٰتِۚ وَٱللَّهُ أَعۡلَمُ بِإِيمَٰنِكُمۚ بَعۡضُكُم مِّنۢ بَعۡضٖۚ فَٱنكِحُوهُنَّ بِإِذۡنِ أَهۡلِهِنَّ وَءَاتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِٱلۡمَعۡرُوفِ مُحۡصَنَٰتٍ غَيۡرَ مُسَٰفِحَٰتٖ وَلَا مُتَّخِذَٰتِ أَخۡدَانٖۚ فَإِذَآ أُحۡصِنَّ فَإِنۡ أَتَيۡنَ بِفَٰحِشَةٖ فَعَلَيۡهِنَّ نِصۡفُ مَا عَلَى ٱلۡمُحۡصَنَٰتِ مِنَ ٱلۡعَذَابِۚ ذَٰلِكَ لِمَنۡ خَشِيَ ٱلۡعَنَتَ مِنكُمۡۚ وَأَن تَصۡبِرُواْ خَيۡرٞ لَّكُمۡۗ وَٱللَّهُ غَفُورٞ رَّحِيمٞ ﴾ [النساء: 25]
لا يُغفل الإسلامُ فطرةَ الإنسان ولا طاقتَه، ولا واقعَه ولا حاجاتِه، بل يلبِّي الصالحَ منها؛ ليسموَ به إلى معارج الطُّهر وآفاق النقاء. يتشوَّف الإسلامُ إلى الحرية، ويدعو إلى نكاح الحرائر، ولا يرخِّص في زواج الإماء إلا عند مَسيس الحاجة؛ لئلَّا يسريَ في الذرِّية الرِّقُّ الذي يسعى إلى إنهائه. أزاحَ الإسلامُ عن الأَمَة المؤمنة أحكامَ الجاهليَّة التي كانت تغُضُّ من شأن الإماء، وتجعلهنَّ للمتعة فحسب، فرفعها بإيمانها عن أن تكونَ أداةً يُستمتَع بها ثم يُستغنى عنها. سمَّاهنَّ ﴿المؤمنات﴾ لأن الأحكام تجري على الظواهر، ثم قال: ﴿واللهُ أعلمُ بإيمانِكِم﴾ لأن البواطنَ إلى الله. الآصِرةُ الإنسانيَّة والإيمانيَّة هما محورُ الارتباط في العَلاقات الإنسانيَّة التي تقوم بين الأحرار والرقيق في المجتمع المسلم. الزواج في الإسلام تكريمٌ للمرأة، حيث تخرُج المرأة المؤمنةُ إلى بيت زوجها بإذن أهلها موفورةَ الاحترام، وتُعطى من المال ما يُرضيها على وجه الحقِّ والإكرام. شتَّان بين الدُّرِّ الثمين والمتاع المَهين؛ فالعفيفة تمنع نفسَها وتصون عِرضَها، فيُبذَل لأجلها الغالي والنفيس، وتُرخِصُ البَغِيُّ نفسَها فتُشترى بالبخس والخسيس. ما تفعلُه الحرَّة بنفسها وقومها إذا ارتكبَت جُرمًا هو فوقَ ما تفعله الأَمَة، والمقاماتُ تُراعى في العقوبات. |
﴿وَٱللَّهُ أَعۡلَمُ بِأَعۡدَآئِكُمۡۚ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ وَلِيّٗا وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ نَصِيرٗا ﴾ [النساء: 45]
مهما أضمر أهلُ الشرِّ للمؤمنين من سوء وكانوا ذوي عَددٍ وعُدد، فإن الله وليُّ عبادِه يهديهم وينصرهم ويتولَّى أمورهم، ومَن كان الله وليَّهُ فمعه القوَّةُ التي لا تُغلَب. |
﴿وَيَقُولُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَهَٰٓؤُلَآءِ ٱلَّذِينَ أَقۡسَمُواْ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَيۡمَٰنِهِمۡ إِنَّهُمۡ لَمَعَكُمۡۚ حَبِطَتۡ أَعۡمَٰلُهُمۡ فَأَصۡبَحُواْ خَٰسِرِينَ ﴾ [المائدة: 53]
حلاوة الأقوال تكذِّبها مرارةُ الأفعال، فلا تغترَّ بمَن يعطيك من لسانِه الرضا، وقلبُه وأفعاله مع عدوِّك؛ فالمنافقون يُقسِمون بالله ويُظهرون تعظيمَه، وهم يوالون أعداءه ويحاربون أولياءه. خسِـر المنافقون واللهِ وما ربحـــوا، فأعمالُهــم حابطــة، ومراتبُهــم ساقطــة، وأفعالُهـم غادرت الطَّيَّ إلى الانتشار، ولا ينتظرُهم في الآخرة إلا النار. |
﴿وَإِذَا نَادَيۡتُمۡ إِلَى ٱلصَّلَوٰةِ ٱتَّخَذُوهَا هُزُوٗا وَلَعِبٗاۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ قَوۡمٞ لَّا يَعۡقِلُونَ ﴾ [المائدة: 58]
حين يعجِز أعداءُ الحقِّ عن إبطاله، وصدِّ الناس عن امتثاله، يلجؤون إلى حرب الاستهزاء لزعزعة مَن اعتنقَه، وردِّ مَن أراد الوصولَ إليه. لو ذاق الجاحدُ حلاوةَ الصلاة ولذَّتها، وعرَف شرفها وعظمَتها، واغتسل قلبُه بنَمِير راحتِها، وتطهَّر لسانُه بعذب أذكارها، لما استهزأ بها. |
﴿وَإِذَا جَآءُوكُمۡ قَالُوٓاْ ءَامَنَّا وَقَد دَّخَلُواْ بِٱلۡكُفۡرِ وَهُمۡ قَدۡ خَرَجُواْ بِهِۦۚ وَٱللَّهُ أَعۡلَمُ بِمَا كَانُواْ يَكۡتُمُونَ ﴾ [المائدة: 61]
ظلام الضلال إذا تغلغل في القلب حجبَ عنه أنوارَ الهداية؛ فالمنافقُ قد يعيش بين أهل الحقِّ الصادقين، ولكنَّه يبقى على خُبث المنافقين. عِلمُ اللهِ بما يكتُم أعداؤه فيه تطمينٌ لأوليائه الذين سيحفظُهم من كيد الكائدين، ومكر الماكرين. |
﴿وَإِذۡ قَالَ ٱللَّهُ يَٰعِيسَى ٱبۡنَ مَرۡيَمَ ءَأَنتَ قُلۡتَ لِلنَّاسِ ٱتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَٰهَيۡنِ مِن دُونِ ٱللَّهِۖ قَالَ سُبۡحَٰنَكَ مَا يَكُونُ لِيٓ أَنۡ أَقُولَ مَا لَيۡسَ لِي بِحَقٍّۚ إِن كُنتُ قُلۡتُهُۥ فَقَدۡ عَلِمۡتَهُۥۚ تَعۡلَمُ مَا فِي نَفۡسِي وَلَآ أَعۡلَمُ مَا فِي نَفۡسِكَۚ إِنَّكَ أَنتَ عَلَّٰمُ ٱلۡغُيُوبِ ﴾ [المائدة: 116]
ما كان عيسى عليه السلام ليأمرَ قومَه بغير ما أمرَه الله به، فما حصل من قولٍ باطل فهو ممَّن زعموا أنهم على دينه، وهو منهم بَراء. يا طاهرَ العِرض ويا عليَّ المقام، إذا رُميتَ بأوابد الزور والبهتان، فهوِّن عليك، فقد رُميَ بالبَهت مَن هو خيرٌ منك، واتُّهِمَ مَن هو أعلى مقامًا من مقامك. حين يبلغ التوحيدُ في القلب غايةً عُليا يُصبح همُّ صاحبه تنزيهَ الله عمَّا لا يليق به، فيقدِّمه على تنزيه نفسه وتبرئةِ ساحتها. إنها لَعظيمةٌ من العظائم تقعُ على النفس يوم يُنسَب لبريءٍ ما ليس منه، فكيف برسولٍ يدعو إلى التوحيد يُفترى عليه ما يناقض التوحيد؟! إن لم يكن للرسُل حقٌّ في الأُلوهيَّة فإن مَن دونَهم من باب أولى؛ فلا أحدَ يستحقُّ أن يكونَ إلهًا يُعبد من دون الله عزَّ وجلَّ. إنه الأدبُ الجمـيل في حضـرة الربِّ الجليـل، وغـايةُ الخضـوعِ والتواضع، وحسنُ تفويضِ الأمور بالكليَّة إلى الحقِّ جلَّ جلاله. |
﴿مَا قُلۡتُ لَهُمۡ إِلَّا مَآ أَمَرۡتَنِي بِهِۦٓ أَنِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمۡۚ وَكُنتُ عَلَيۡهِمۡ شَهِيدٗا مَّا دُمۡتُ فِيهِمۡۖ فَلَمَّا تَوَفَّيۡتَنِي كُنتَ أَنتَ ٱلرَّقِيبَ عَلَيۡهِمۡۚ وَأَنتَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ شَهِيدٌ ﴾ [المائدة: 117]
كيف سيلاقي اللهَ عبدٌ أعرضَ عن أوامره، بإعراضه عن أوامر أنبيائه الذين لا يَحيدون عن قول ربِّهم قِيدَ أنمُلة؟ ما أشقَّها على النفس يوم القيامة! أن يكونَ الرسول حَجيجَ المرء، يقول له: ألم أبلِّغك رسالةَ ربِّك؟ من لطف عيسى عليه السلام بأمَّته أن ذكرَ رعايته أمرَ توحيدهم حتى رفعَه الله تعالى، ثم أعرض عمَّا سوى ذلك وفوَّض الأمر إليه سبحانه. بؤسًا لمن جمعَ على نفسه شهادةَ الله وشهادةَ رسولِه، فأين يذهب بنفسه يوم القيامة؟ |
﴿وَمِنۡهُم مَّن يُؤۡمِنُ بِهِۦ وَمِنۡهُم مَّن لَّا يُؤۡمِنُ بِهِۦۚ وَرَبُّكَ أَعۡلَمُ بِٱلۡمُفۡسِدِينَ ﴾ [يونس: 40]
لا يزالُ القرآنُ باقيًا وهاديًا ما كانَ الإنسانُ في الأرض، ولا يزالُ هنالك مَن يؤمنُ به ويجدِّدُ به إيمانَه حتى في حالكاتِ الأيام. لا إصلاحَ إلا بالقرآنِ، علمًا وعملًا، فمَن حادَ عنه فقد سلكَ سبيلَ الإفساد. |
﴿وَلَآ أَقُولُ لَكُمۡ عِندِي خَزَآئِنُ ٱللَّهِ وَلَآ أَعۡلَمُ ٱلۡغَيۡبَ وَلَآ أَقُولُ إِنِّي مَلَكٞ وَلَآ أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزۡدَرِيٓ أَعۡيُنُكُمۡ لَن يُؤۡتِيَهُمُ ٱللَّهُ خَيۡرًاۖ ٱللَّهُ أَعۡلَمُ بِمَا فِيٓ أَنفُسِهِمۡ إِنِّيٓ إِذٗا لَّمِنَ ٱلظَّٰلِمِينَ ﴾ [هود: 31]
ما كانتِ الرسالاتُ يومًا بحاجة إلى مزيد قِيَم، ولا هالات مبتكَرة؛ حتى يقبلَها الناس، فإنها قويةٌ بذاتها، مقنعةٌ بحُجَجها ودلائلها. لا تجعل عينَك طريقًا للاحتقار، وسُلَّمًا يُرتقى بها إلى الاستصغار، فأقدارُ الناس لا تُقاس بمجرد الظواهر. سبحان من يعلمُ ما في نفوسِ عباده، فيؤهِّلُ مَن شاءَ لقَبول دِينه وتوحيده، وتصديقِ رُسله! ابنِ أحكامَك على ظاهر الخَلق، ودع سرائرَهم لعلَّام الغيوب؛ إذ لا يعلمُ ما في النفوس سواه. من احتقرَ مؤمنًا لضعفه وقِلةِ حيلته، وسلبَ عنه الفضلَ لاعتباراتٍ دنيوية، فقد أمعنَ في الظلم. |
﴿۞ قَالُوٓاْ إِن يَسۡرِقۡ فَقَدۡ سَرَقَ أَخٞ لَّهُۥ مِن قَبۡلُۚ فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفۡسِهِۦ وَلَمۡ يُبۡدِهَا لَهُمۡۚ قَالَ أَنتُمۡ شَرّٞ مَّكَانٗاۖ وَٱللَّهُ أَعۡلَمُ بِمَا تَصِفُونَ ﴾ [يوسف: 77]
لم يلتمسوا لأخيهم العذرَ ويبحثوا له عن البراءة؛ إذ قد يكون مغلوبًا على أمره، بل رمَوه بالتُّهَمة من غير مراجعة! وهذه زلَّةٌ أخرى لهم ينبغي للمؤمنين التنزُّه منها. يُعرَف الكريمُ الكبير القدرِ بصبره على أذى من يقدرُ على عقابه وتأديبه. سبحانَ العليم الخبير الذي علِم ما في نفس يوسفَ عليه السلام من القول، حتى أخبر به وأطلع عليه! |
﴿وَإِذَا بَدَّلۡنَآ ءَايَةٗ مَّكَانَ ءَايَةٖ وَٱللَّهُ أَعۡلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوٓاْ إِنَّمَآ أَنتَ مُفۡتَرِۭۚ بَلۡ أَكۡثَرُهُمۡ لَا يَعۡلَمُونَ ﴾ [النحل: 101]
المسلم الموقنُ بكمال علم الله وحكمته يُدركُ أن نسخَ الآية أو تبديلَها لا يصدُر إلا عن علم تامٍّ، وحكمة بالغة. الجاهل قد يطعَنُ فيما يجهلُه، ولكن لا عبرةَ عند ذوي العقول بطعنِ مَن لا علمَ له. |
﴿ٱدۡعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِٱلۡحِكۡمَةِ وَٱلۡمَوۡعِظَةِ ٱلۡحَسَنَةِۖ وَجَٰدِلۡهُم بِٱلَّتِي هِيَ أَحۡسَنُۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعۡلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِۦ وَهُوَ أَعۡلَمُ بِٱلۡمُهۡتَدِينَ ﴾ [النحل: 125]
ادعُ إلى سبيل ربِّك، لا إلى نفسك، فما أثمرت دعوةٌ بمثل إخلاص أصحابها، وكم من داعٍ لنفسه، وهو يحسَب أنه يدعو إلى الله! لا يُكتفى بالعلم في الدعوة، بل لا بدَّ من حكمةٍ وموعظة حسَنة، وإن الناس إلى قليلٍ من الحكمة أحوجُ منهم إلى كثيرٍ من العلم. من الحكمة الدعوةُ بالعلم، والبداءةُ بالأهمِّ والأقربِ إلى الفهم، ومن الموعظة الحسنة التنويعُ بين الترغيب والترهيب. الدعوة إلى الله كالدواء، وحاملُها كالطبيب، فعلى الطبيب أن يَرفُقَ بمرضاه، ويعطيَهم من الدواء ما يناسب حالَهم. أيها الداعيةُ، لا تظُنَّ أنك ستهدي كلَّ مَن تدعوه، وأن تلك مهمَّتُك، فاللهُ أعلم بالضالِّين والمهتدين، وهو من يَجزيهم أجمعين. |
﴿رَّبُّكُمۡ أَعۡلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمۡۚ إِن تَكُونُواْ صَٰلِحِينَ فَإِنَّهُۥ كَانَ لِلۡأَوَّٰبِينَ غَفُورٗا ﴾ [الإسراء: 25]
ليحذرِ الإنسانُ من أن يُظهر لوالديه البرَّ ويُضمر لهما الكراهة؛ فإن الله عليم بما يخفيه. مَن كان صالحًا منيبًا، محبًّا ما يقرِّب إلى ربه، فإنه -وإن جرى منه أحيانًا قصور- فإن الله يعفو عنه إن رجَع إليه من معصيته. |
﴿نَّحۡنُ أَعۡلَمُ بِمَا يَسۡتَمِعُونَ بِهِۦٓ إِذۡ يَسۡتَمِعُونَ إِلَيۡكَ وَإِذۡ هُمۡ نَجۡوَىٰٓ إِذۡ يَقُولُ ٱلظَّٰلِمُونَ إِن تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلٗا مَّسۡحُورًا ﴾ [الإسراء: 47]
ما لم يكن السماعُ لطلب الحقِّ، فهو سماعٌ لا ينفع، بل تقومُ على صاحبه به الحجَّة. لولا أن المشركين وجدوا في القرآن ما ليس لبشرٍ أن يأتيَ بمثله ما نسبوا قائلَه إلى السحر، ولكنَّهم أدركوا تميُّزَه وتفوُّقَه. |
﴿رَّبُّكُمۡ أَعۡلَمُ بِكُمۡۖ إِن يَشَأۡ يَرۡحَمۡكُمۡ أَوۡ إِن يَشَأۡ يُعَذِّبۡكُمۡۚ وَمَآ أَرۡسَلۡنَٰكَ عَلَيۡهِمۡ وَكِيلٗا ﴾ [الإسراء: 54]
يخوض بعضُ الناس في حالِ غيره ومآله، في هدايته وضلاله، وإنما أمرُ ذلك كلِّه إلى الله الذي يملك القلوب، ويعلم الغيوب، فلندَع الأمرَ لصاحب الأمر. ليس الداعيةُ ربًّا على الخلائق، ولا رقيبًا عليهم، وهو لا يدري عاقبة نفسه، وهو مسؤولٌ عن دعوته لا عن حال مدعوِّيه، ولقد ارتاحت نفسٌ أدَّت ما عليها، وتركت همَّ ما ليس لها. |
﴿وَرَبُّكَ أَعۡلَمُ بِمَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۗ وَلَقَدۡ فَضَّلۡنَا بَعۡضَ ٱلنَّبِيِّـۧنَ عَلَىٰ بَعۡضٖۖ وَءَاتَيۡنَا دَاوُۥدَ زَبُورٗا ﴾ [الإسراء: 55]
الموصي بالحِكَم، والقاضي بين العباد، ومدبِّر الأمر كلِّه، هو من وَسِعَ علمُه كلَّ شيء في السماوات والأرض، وفي ذلك أعظمُ داع للرضا والتسليم. من مظاهر علمه سبحانه وقوعُ التفضيل منه بين عباده، فالناسُ يعلمون ظاهرًا من الأمر، وهو يعلم ظاهرَ الأمر وباطنَه. العلم بالله وبدينه خيرٌ من الدنيا وما فيها، فإن داود عليه السلام مع ما ناله من المُلك، لم يُفضَّل هنا به، وإنما فُضِّل بالعلم الذي أُوتيَه. |
﴿قُلۡ كُلّٞ يَعۡمَلُ عَلَىٰ شَاكِلَتِهِۦ فَرَبُّكُمۡ أَعۡلَمُ بِمَنۡ هُوَ أَهۡدَىٰ سَبِيلٗا ﴾ [الإسراء: 84]
العمل الظاهرُ قبيحُه وحسنُه دليلٌ على قبح الهيئة الباطنة للعامل أو حسنِها. إلى علم الله ينتهي الحُكمُ على الأعمال بالصلاح أو الفساد، والقَبول أو الرد، فاحرِص على صواب العمل وإخلاصه، تظفَر بصلاحه وقَبوله. |
﴿وَكَذَٰلِكَ بَعَثۡنَٰهُمۡ لِيَتَسَآءَلُواْ بَيۡنَهُمۡۚ قَالَ قَآئِلٞ مِّنۡهُمۡ كَمۡ لَبِثۡتُمۡۖ قَالُواْ لَبِثۡنَا يَوۡمًا أَوۡ بَعۡضَ يَوۡمٖۚ قَالُواْ رَبُّكُمۡ أَعۡلَمُ بِمَا لَبِثۡتُمۡ فَٱبۡعَثُوٓاْ أَحَدَكُم بِوَرِقِكُمۡ هَٰذِهِۦٓ إِلَى ٱلۡمَدِينَةِ فَلۡيَنظُرۡ أَيُّهَآ أَزۡكَىٰ طَعَامٗا فَلۡيَأۡتِكُم بِرِزۡقٖ مِّنۡهُ وَلۡيَتَلَطَّفۡ وَلَا يُشۡعِرَنَّ بِكُمۡ أَحَدًا ﴾ [الكهف: 19]
لقد جعل الله هؤلاء الفتيةَ آيةً شاهدة لأنفسهم ولغيرهم ببعثهم بعد هذه المدَّة الطويلة، وهم لنا آيةٌ إلى قيام الساعة، تستوجب التأمُّلَ والاعتبار. كم مضَت من أجيال، وتصرَّمت من أعمار، ودالت من دُول، وانقضَت من أزَمات، ولم يشعُر بها هؤلاء الفتية، فسبحان مَن أراحهم من كلِّ هذا العناء! على المرء إذا عرض عليه أمرٌ غيرُ واضح الأدلة ألا يَجزِم به، بل يفوِّض علمه إلى بارئه. فإياك أن تخوضَ فيما لا تعلم، فإنك يوم المعاد موقوف، وعن أقوالك مسؤول. العملُ بالأسباب لا ينافي صدقَ التوكُّل على الله تعالى، ولكنَّه من تمام التوكُّل والتسليم، فلا تَواكُلَ في الإسلام، ولا اعتمادَ على الأسباب دون رب الأرباب. أحلَّ الله لعباده الطيِّبات، وحرَّم عليهم الخبائث والمنكرات، فلا جُناحَ على مَن تخيَّر من الطيِّبات أطيبَها، ومن مُتَع الدنيا أحلَّها وخيرَها. قضاء الحوائج العظيمة في الأحوال المتغيِّرة يحتاج إلى تلطُّف وكِتمان، وبُعدٍ عن الإظهار والإعلان؛ خوفًا على فوات الحاجات، أو نزولِ ضرر بأهلها. المؤمن كيِّسٌ حذِر؛ يتلطَّف في تدبير شؤونه، ويُحسن التأتِّيَ مع أعدائه وخصومه، يغلِّب العقل، ويتوخَّى الحكمة. |
﴿وَكَذَٰلِكَ أَعۡثَرۡنَا عَلَيۡهِمۡ لِيَعۡلَمُوٓاْ أَنَّ وَعۡدَ ٱللَّهِ حَقّٞ وَأَنَّ ٱلسَّاعَةَ لَا رَيۡبَ فِيهَآ إِذۡ يَتَنَٰزَعُونَ بَيۡنَهُمۡ أَمۡرَهُمۡۖ فَقَالُواْ ٱبۡنُواْ عَلَيۡهِم بُنۡيَٰنٗاۖ رَّبُّهُمۡ أَعۡلَمُ بِهِمۡۚ قَالَ ٱلَّذِينَ غَلَبُواْ عَلَىٰٓ أَمۡرِهِمۡ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيۡهِم مَّسۡجِدٗا ﴾ [الكهف: 21]
كم لله تعالى في تصاريف الأمور من حِكم، وكم له في ثنايا أقداره من ألطافٍ خفيَّة وكرم! خيرٌ للمسلمين أن يردُّوا ما يتنازعون فيه إلى الله تعالى، وإلى رسوله الكريم ﷺ؛ فإن ذلك هو الأسلم والأحكم. تعظيم الصالحين يكون بتعظيم منهج الحقِّ الذي سلكوه، واتِّباع الهدي الذي أمُّوه، لا في الغلوِّ فيهم، وبناء القِباب على قبورهم! |
﴿سَيَقُولُونَ ثَلَٰثَةٞ رَّابِعُهُمۡ كَلۡبُهُمۡ وَيَقُولُونَ خَمۡسَةٞ سَادِسُهُمۡ كَلۡبُهُمۡ رَجۡمَۢا بِٱلۡغَيۡبِۖ وَيَقُولُونَ سَبۡعَةٞ وَثَامِنُهُمۡ كَلۡبُهُمۡۚ قُل رَّبِّيٓ أَعۡلَمُ بِعِدَّتِهِم مَّا يَعۡلَمُهُمۡ إِلَّا قَلِيلٞۗ فَلَا تُمَارِ فِيهِمۡ إِلَّا مِرَآءٗ ظَٰهِرٗا وَلَا تَسۡتَفۡتِ فِيهِم مِّنۡهُمۡ أَحَدٗا ﴾ [الكهف: 22]
إن كان لا يجوز التخرُّص في أمور الناس وأخبار الأمم، أفيجوز في قضايا الدين وأحكام الشريعة؟! مَن كان من البشر يعلم، فإن الله جلَّ شأنه هو الأعلم، ولا يماثلُ اللهَ تعالى في صفاته ولا علومه أحدٌ. إنما أُنزل القرآنُ لتَدبُّر آياته وفهم مقاصده، واستجلاء عِبَره والعمل بإرشاداته، لا للخوض فيما لا يضُرُّ الجهلُ به من قصصه، والسؤال عمَّا لا ينفع العلم به من أخباره. المجادِل ينبغي ألا يجادلَ إلا بالعلم؛ قال قَتادة: (حَسبُك ما قصَصنا عليك من شأنهم). مَن كان مستفتيًا فلا يستفتِ إلا عالمًا صالحًا، ولا يسألُه إلا عمَّا ينفعه ويفيده. |
﴿قُلِ ٱللَّهُ أَعۡلَمُ بِمَا لَبِثُواْۖ لَهُۥ غَيۡبُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ أَبۡصِرۡ بِهِۦ وَأَسۡمِعۡۚ مَا لَهُم مِّن دُونِهِۦ مِن وَلِيّٖ وَلَا يُشۡرِكُ فِي حُكۡمِهِۦٓ أَحَدٗا ﴾ [الكهف: 26]
اختصَّ اللهُ تعالى نفسَه بعلم الغيب، وأطلعَ مَن اختاره من رسله على شيء منه، فمَن ادَّعى من البشر سواهم معرفتَه فلا تصدِّقه، فإنه دجَّال كذَّاب. تعجَّب ما شئت أن تتعجَّبَ من كمال بصر الله تعالى وسمعه، وتمام إحاطته وعلمه، واجمع إلى العجب العمل، فحذارِ أن يرى منك أو يسمعَ ما لا يرضيه، فهو لا يحجُبه شيء، ولا يحول دونه حائل. ويلٌ لمَن علم أن الله وحده هو مَن يتولَّى أمور الخلق ويرعى شؤونهم، ثم يأبى إلا أن يتخذَ من دونه شريكًا في حُكمه وندًّا في تشريعه! |
﴿ثُمَّ لَنَحۡنُ أَعۡلَمُ بِٱلَّذِينَ هُمۡ أَوۡلَىٰ بِهَا صِلِيّٗا ﴾ [مريم: 70]
إذا كان جبابرةُ الخلق يعذِّبون الناسَ ظلمًا، ويسومونهم النكال عسفًا؛ فإن الملِك العدل سبحانه لا يعذِّب إلا عن عدل وحكمة، وعلم وقدرة. |
﴿نَّحۡنُ أَعۡلَمُ بِمَا يَقُولُونَ إِذۡ يَقُولُ أَمۡثَلُهُمۡ طَرِيقَةً إِن لَّبِثۡتُمۡ إِلَّا يَوۡمٗا ﴾ [طه: 104]
ما أطولَ الدنيا عند المجرمين اليوم، ولكن ما أقصرها عندهم يوم القيامة! فهل من عبرة؟ |
﴿وَإِن جَٰدَلُوكَ فَقُلِ ٱللَّهُ أَعۡلَمُ بِمَا تَعۡمَلُونَ ﴾ [الحج: 68]
شريعة الله تراعي اختلاف الأمــم، وأحوالهــا وأوقاتهــا، فكل ذلك منظور غير مغفل في التشريعات السابقة، ولا الشريعة الخاتمة، فلا يعترضن أحد عليها بروح العصر! فإنما وضعت يوم وضعت لكل عصر يأتي بعدُ إلى قيام الساعة. لا تلتفت إلى مَن ينازعونك في الحق وينتصرون للباطل، وعاملهم بالإغفال ما داموا مصرين على الجدال، حتى ينقادوا للحق ويستسلموا له ويتركوا المنازعة فيه، ويا حبذا المتاركة بالوعيد والإنذار الصادر في قالبِ رفقٍ ولين. اطمئنانُك إلى أن ما أنت فيه من الهدى هو الحقُّ يعينك في الثبات عليه والدعوة إليه. إنما يجدي الجدل مع القلوب المستعدة للهدى، التي تطلب المعرفة، وتبحث بصدق عن الدليل، لا مع القلوب المصرة على الضلال والمكابرة، فليَكلِ الداعي في نهاية الأمر حالهم إلى الله تعالى. |
﴿ٱدۡفَعۡ بِٱلَّتِي هِيَ أَحۡسَنُ ٱلسَّيِّئَةَۚ نَحۡنُ أَعۡلَمُ بِمَا يَصِفُونَ ﴾ [المؤمنون: 96]
مما يعينك على أن تدفع بالتي هي أحسن علمُك بأن الله تعالى عالمٌ ومطَّلعٌ على عملك، وأنه لا يدع أولياءه نهبة لأعدائه. |
﴿قَالَ رَبِّيٓ أَعۡلَمُ بِمَا تَعۡمَلُونَ ﴾ [الشعراء: 188]
ما أحلمَ الأنبياء وما أرحمهم بأقوامهم! فشعيبٌ لم يدعُ على قومه وقد كذَّبوه وتحدَّوه، وأساؤوا إليه وعاندوه، بل فوَّض أمرهم إلى ربِّهم العليم بعملهم، ونوح لم يدع على قومه إلا بعد أن مكث دهرًا طويلًا في دعوتهم. |
﴿وَقَالَ مُوسَىٰ رَبِّيٓ أَعۡلَمُ بِمَن جَآءَ بِٱلۡهُدَىٰ مِنۡ عِندِهِۦ وَمَن تَكُونُ لَهُۥ عَٰقِبَةُ ٱلدَّارِۚ إِنَّهُۥ لَا يُفۡلِحُ ٱلظَّٰلِمُونَ ﴾ [القصص: 37]
جواب الأنبياء عن افتراء المعاندين الجهلاء مملوءٌ بالأدب الجمِّ، ونصاعة البرهان وحسن البيان، والثقة بالله والطُّمَأنينة إلى العاقبة الحسنة للحقِّ وأهله. من فضل الله تعالى على أهل الهدى أنه يوفِّقهم ويحسن عاقبتَهم؛ لأن الهدى هداه، والعاقبة له دون سواه. ما من امرئ إلا وهو يرجو حسن العاقبة، ولكن لا يبلغها إلا مَن عمل لها على النحو الذي يرضي مولاه جلَّ جلاله. من أعظم ما يطَمئن المؤمنين ويثبتهم على الحق في مواجهة الكافرين أن الله كتب الفلاح لهم، ونفى الفلاح عن أعدائهم الظالمين. |
﴿إِنَّكَ لَا تَهۡدِي مَنۡ أَحۡبَبۡتَ وَلَٰكِنَّ ٱللَّهَ يَهۡدِي مَن يَشَآءُۚ وَهُوَ أَعۡلَمُ بِٱلۡمُهۡتَدِينَ ﴾ [القصص: 56]
هداية القلوب بيد الله، والحرص على هداية امرئ لا يُدخل الإيمان في قلبه، فقد آمن برسول الله بُعداء، ولم يؤمن به أقرباء! أكثِر من سؤال الله الهداية فإنها بيده لا بيد غيره، وهو أعلم بمَن يستحقها ممَّن لا يستحق. |
﴿إِنَّ ٱلَّذِي فَرَضَ عَلَيۡكَ ٱلۡقُرۡءَانَ لَرَآدُّكَ إِلَىٰ مَعَادٖۚ قُل رَّبِّيٓ أَعۡلَمُ مَن جَآءَ بِٱلۡهُدَىٰ وَمَنۡ هُوَ فِي ضَلَٰلٖ مُّبِينٖ ﴾ [القصص: 85]
ما أحسنَ التطمينَ من الربِّ الكريم لرسوله الأمين بأنه سيعود إلى مكةَ بعدما أُخرج منها! ليشيرَ بذلك إلى نصره وعلوِّ دينه حين يتحقَّق وعده الذي وعده. إذا ما أدَّى داعي الحقِّ رسالة ربِّه وبيَّنها أتمَّ البيان وأوضحَه، فلم يرَ ممَّن دعاه إلا التماديَ في العِناد والمراء فلا أحسنَ من المتاركة على تفويض أمر الاهتداء والضلال إلى الله تعالى. |
﴿وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَقُولُ ءَامَنَّا بِٱللَّهِ فَإِذَآ أُوذِيَ فِي ٱللَّهِ جَعَلَ فِتۡنَةَ ٱلنَّاسِ كَعَذَابِ ٱللَّهِۖ وَلَئِن جَآءَ نَصۡرٞ مِّن رَّبِّكَ لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمۡۚ أَوَلَيۡسَ ٱللَّهُ بِأَعۡلَمَ بِمَا فِي صُدُورِ ٱلۡعَٰلَمِينَ ﴾ [العنكبوت: 10]
كن صابرًا على إيمانك، ثابتًا على دينك، ولا يزعزعك عن ذلك أذى المؤذين، فتخشى ضررهم كما تخشى عذاب الله، بل اجعل خَشيتك لله وحده. عند الابتلاء تظهر قوة الإيمان من ضعفه، فمَن ثبت فذلك المؤمن حقًّا، ومَن خشي أذى الناس فسايرَهم في ضلالهم، ورضخَ لأمانيِّهم فذلك الذي سمى اللهُ وذمَّ. ثمةَ مَن يساير التيار الغالب، ويسفِّه مَن يعارضه من المؤمنين، حتى إذا جاء نصر الله تعالى والفتح، حاول أن يتصدر المشهد الجديد، مؤكِّدًا كذبًا ولاءه للحق وأهله. مؤمنــو الرخـــــاء والسَّعـة يُفتَضحون أيام الشدة والانهزام والضيق، حيـث ينكفئـون إلى الباطل المنتصر، فإذا ما اضمحل رجَعوا إلى المؤمنين وقالوا: ألم نكن معكم؟! الاعتبار بما في القلب، فالمنافق الذي يُظهر الإيمان ويُضمر الكفر هو كافر، والمؤمن المكرَه الذي يُظهر الكفر ويضمر الإيمان هو مؤمن. |
﴿قَالَ إِنَّ فِيهَا لُوطٗاۚ قَالُواْ نَحۡنُ أَعۡلَمُ بِمَن فِيهَاۖ لَنُنَجِّيَنَّهُۥ وَأَهۡلَهُۥٓ إِلَّا ٱمۡرَأَتَهُۥ كَانَتۡ مِنَ ٱلۡغَٰبِرِينَ ﴾ [العنكبوت: 32]
قال قَتادةُ رحمه الله: (لا تلقى المؤمنَ إلا يرحم المؤمن ويَحوطه حيثما كان). مَن عاقب وهو عادلٌ في عقوبته أخرج منها مَن لا يستحقُّها، وقصَرها على مَن هو أهلٌ لها. يلحق بفاعل الشرِّ دالُّه عليه، ومُرشده إليه، فله نصيبٌ من عقوبة الشرِّ كفاعله. |
﴿وَوُفِّيَتۡ كُلُّ نَفۡسٖ مَّا عَمِلَتۡ وَهُوَ أَعۡلَمُ بِمَا يَفۡعَلُونَ ﴾ [الزمر: 70]
قال بعضُ السلف: (صحائف الأعمال وُضعت بأيدي العمَّال) فأصلِح غرسَك، وأحسِن سقيَك، ليَطيبَ ثمرُك ويَحلوَ جَنيُك. إن الله مُحيطٌ بعملنا دقيقِه وجليله؛ حتى اللفتة والنظرة والهمزة والغمزة، ألا فلنحاسِب أنفسَنا قبل أن يحاسبَنا ربُّنا. |
﴿أَمۡ يَقُولُونَ ٱفۡتَرَىٰهُۖ قُلۡ إِنِ ٱفۡتَرَيۡتُهُۥ فَلَا تَمۡلِكُونَ لِي مِنَ ٱللَّهِ شَيۡـًٔاۖ هُوَ أَعۡلَمُ بِمَا تُفِيضُونَ فِيهِۚ كَفَىٰ بِهِۦ شَهِيدَۢا بَيۡنِي وَبَيۡنَكُمۡۖ وَهُوَ ٱلۡغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ ﴾ [الأحقاف: 8]
إن العاقل لَيَعافُ الكذب، وصاحب المروءة يترفَّع عنه، لأنه من الصفات الذميمة، التي لا تَليق بذوي الفِطَر السليمة. ما من لفظة تخرج إلا وهي في علم الله تعالى، لأنه سبحانه أحاط بعلم هذا الكون، فما من أحدٍ يفتري عليه الكذبَ إلا ناله غضبٌ منه، وذِلَّةٌ في الحياة الدنيا، فكذلك يجزي الله المفترين. |
﴿نَّحۡنُ أَعۡلَمُ بِمَا يَقُولُونَۖ وَمَآ أَنتَ عَلَيۡهِم بِجَبَّارٖۖ فَذَكِّرۡ بِٱلۡقُرۡءَانِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ ﴾ [ق: 45]
أيها الدعاةُ، إنما وظيفتكم تبليغُ رسالة الإسلام وتبيينُ شرع الله، وهو سبحانه أعلمُ بخصومكم، وعند الله تجتمعُ الخصوم. القرآن تبصرةٌ وعِظة، فيه الحجَّةُ البالغة والموعظةُ البليغة، ولكن هيهاتَ أن ينتفعَ به إلا من يخافُ الوعيد، ويطمعُ بالموعود. |
﴿ذَٰلِكَ مَبۡلَغُهُم مِّنَ ٱلۡعِلۡمِۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعۡلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِۦ وَهُوَ أَعۡلَمُ بِمَنِ ٱهۡتَدَىٰ ﴾ [النجم: 30]
مَن استكبرَ عن قَبول الحقِّ وتولَّى فلا تُعره اهتمامَك، ولا يُصيبَنَّك لأجله همٌّ ولا غمٌّ، فإن يكُن فيه خيرٌ يأتِ به الله. ما زادَ تعلُّق العبد بالدنيا إلا زادَ قلبُه انصرافًا عن ذكر ربِّه. ما الذي تأمُله ممَّن لا همَّ له إلا الحياة الدنيا وعرَضها الزائف الزائل؟! من قصَرَ علمَه وهمَّته على ما يُصلح به دنياه دون أخراه خابَ وخسر، فأكثِر أيها العبدُ من الدعاء المأثور: (اللهم لا تجعَلِ الدنيا أكبرَ همِّنا، ولا مبلغَ علمنا). |
﴿ٱلَّذِينَ يَجۡتَنِبُونَ كَبَٰٓئِرَ ٱلۡإِثۡمِ وَٱلۡفَوَٰحِشَ إِلَّا ٱللَّمَمَۚ إِنَّ رَبَّكَ وَٰسِعُ ٱلۡمَغۡفِرَةِۚ هُوَ أَعۡلَمُ بِكُمۡ إِذۡ أَنشَأَكُم مِّنَ ٱلۡأَرۡضِ وَإِذۡ أَنتُمۡ أَجِنَّةٞ فِي بُطُونِ أُمَّهَٰتِكُمۡۖ فَلَا تُزَكُّوٓاْ أَنفُسَكُمۡۖ هُوَ أَعۡلَمُ بِمَنِ ٱتَّقَىٰٓ ﴾ [النجم: 32]
مَن جعل دأبَه كفَّ نفسه عن الفواحش والمنكرات، واجتنابَ الكبائر والموبقات، كان من الصالحين المحسنين، المستحقِّين لجليل المَكرُمات. إن الله أعلمُ بعباده، فلا حاجةَ إلى أن تُعلنَ بعملك وتجهرَ بفضلك، فالزكيُّ مَن زكَّاه ربُّه لا من زكَّى نفسَه. قال الحسن: (علمَ الله من كلِّ نفسٍ ما هي عاملة، وما هي صانعة، وما هي إليه صائرة). إن وجدتَّ نفسَك على خير وطاعة فإيَّاكَ أن تغترَّ فيُصيبَك العُجب بعملك، ولكن ازدَد لله تواضعًا وشكرًا، واسأله دوامَ الثبات. |
﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَتَّخِذُواْ عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمۡ أَوۡلِيَآءَ تُلۡقُونَ إِلَيۡهِم بِٱلۡمَوَدَّةِ وَقَدۡ كَفَرُواْ بِمَا جَآءَكُم مِّنَ ٱلۡحَقِّ يُخۡرِجُونَ ٱلرَّسُولَ وَإِيَّاكُمۡ أَن تُؤۡمِنُواْ بِٱللَّهِ رَبِّكُمۡ إِن كُنتُمۡ خَرَجۡتُمۡ جِهَٰدٗا فِي سَبِيلِي وَٱبۡتِغَآءَ مَرۡضَاتِيۚ تُسِرُّونَ إِلَيۡهِم بِٱلۡمَوَدَّةِ وَأَنَا۠ أَعۡلَمُ بِمَآ أَخۡفَيۡتُمۡ وَمَآ أَعۡلَنتُمۡۚ وَمَن يَفۡعَلۡهُ مِنكُمۡ فَقَدۡ ضَلَّ سَوَآءَ ٱلسَّبِيلِ ﴾ [الممتحنة: 1]
يا له من نداء وَدود ينادي الله به عبادَه واصفًا إيَّاهم بأعظم صفة ألا وهي الإيمان، فحريٌّ بنا أن نكونَ أهلًا لها، وألا نقترفَ ما يُنافيها. لا يكون العبدُ مؤمنًا حقًّا حتى يقيمَ على إيمانه دليلًا، ومن أظهر الأدلَّة على الإيمان، مخالفةُ أهل الكفر والعصيان. مَن كان عدوًّا لله فهو بلا ريب عدوٌّ للمؤمنين، ولا ينقضي العجَب ممَّن يبَرُّ وينصر عدوَّه على نفسه وإخوانه! إذا كان أوَّلَ الضلال الجنوحُ عن الصِّراط، فإن موالاة أعداء الله قد تبدأ بالودِّ لهم والمبالغة في التودُّد إليهم. خيرٌ لك ألا تفعلَ في السرِّ ما تستحي منه في العلن، وألا تُخفيَ عن الناس ما تخشى أن يظهرَ لهم، فإن ربَّك عالمٌ بظاهرك وباطنك وبما تُعلن وتخفي. دَيدَنُ المجرمين الحاقدين، فتنةُ المؤمنين المحسنين، ولكنَّ أهل الحقِّ أبدًا في ثبات ويقين، مهما أُوذوا أو شُرِّدوا على مَدار السنين. |
﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِذَا جَآءَكُمُ ٱلۡمُؤۡمِنَٰتُ مُهَٰجِرَٰتٖ فَٱمۡتَحِنُوهُنَّۖ ٱللَّهُ أَعۡلَمُ بِإِيمَٰنِهِنَّۖ فَإِنۡ عَلِمۡتُمُوهُنَّ مُؤۡمِنَٰتٖ فَلَا تَرۡجِعُوهُنَّ إِلَى ٱلۡكُفَّارِۖ لَا هُنَّ حِلّٞ لَّهُمۡ وَلَا هُمۡ يَحِلُّونَ لَهُنَّۖ وَءَاتُوهُم مَّآ أَنفَقُواْۚ وَلَا جُنَاحَ عَلَيۡكُمۡ أَن تَنكِحُوهُنَّ إِذَآ ءَاتَيۡتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّۚ وَلَا تُمۡسِكُواْ بِعِصَمِ ٱلۡكَوَافِرِ وَسۡـَٔلُواْ مَآ أَنفَقۡتُمۡ وَلۡيَسۡـَٔلُواْ مَآ أَنفَقُواْۚ ذَٰلِكُمۡ حُكۡمُ ٱللَّهِ يَحۡكُمُ بَيۡنَكُمۡۖ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٞ ﴾ [الممتحنة: 10]
إنما يُحكم على الناس بظاهر ما يكونُ منهم، والله وحدَه يتولَّى السرائر. إيَّاك وسوءَ الظنِّ بعباد الله، فإنك لن تكشفَ عمَّا في قلوبهم وصدورهم، وحسبُك منهم ظاهرُ قولهم وفعلهم. الخير كلُّ الخير في التسليم لحُكم الله تعالى والرضا بشريعته، فإن الله سبحانه عليمٌ بما يُصلح عباده، حكيمٌ في جميع أقواله وأفعاله. |
﴿إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعۡلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِۦ وَهُوَ أَعۡلَمُ بِٱلۡمُهۡتَدِينَ ﴾ [القلم: 7]
لو بلغ زعيقُ المنافقين عَنانَ السماء في وَصم المهتدين وعَيب المتَّقين ما ضرَّهم شيئًا؛ فإنَّ الله أعلمُ بالصالح والطالح، وبالمصلح والمفسد. ليس بمفتونٍ مَن أعمل عقلَه فانتفع به وبلغ طريقَ الهُدى والرَّشاد، ولكنَّ المفتون من عطَّل عقلَه عن قَبول الحقِّ وهو أظهرُ من الشمس في كبِد السماء! |
﴿وَٱللَّهُ أَعۡلَمُ بِمَا يُوعُونَ ﴾ [الانشقاق: 23]
صدرك وعاءُ خواطرك ونيَّاتك، وإن ربَّك لا يخفى عليه ما تُودعه فيه وما تُجنُّه عن عيون خَلقه، فلا تملأه إلا بطيِّب. |
مواضيع أخرى في القرآن الكريم
الكتب السماوية اليمين الوأد التبليغ مهمة الرسل حلم الله الاستقامة والثبات أموال الكفار الكفارات الحسد جزاء الكافرين
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Thursday, November 21, 2024
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب