الآيات المتضمنة كلمة علموا في القرآن الكريم
عدد الآيات: 44 آية
الزمن المستغرق1.06 ثانية.
الزمن المستغرق1.06 ثانية.
﴿وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ﴾ [البقرة: 102]
سورة البقرة الآية 102, الترجمة, قراءة البقرة مدنية
واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاق ولبئس ما شروا به أنفسهم لو كانوا يعلمون
﴿علموا﴾: عرفوا وأدركوا. «they knew»
قوله تعالى : ( واتبعوا ) يعني اليهود ( ما تتلو الشياطين ) أي : ما تلت ، والعرب تضع المستقبل موضع الماضي ، والماضي موضع المستقبل ، وقيل: ما كنت تتلو أي تقرأ ، قال ابن عباس رضي الله عنه : تتبع وتعمل به ، وقال عطاء تحدث وتكلم به ( على ملك سليمان ) أي : في ملكه وعهده .وقصة الآية أن الشياطين كتبوا السحر والنيرنجيات على لسان آصف بن برخيا هذا ما علم آصف بن برخيا سليمان الملك ، ثم دفنوها تحت مصلاه حتى نزع الله الملك عنه ولم يشعر بذلك سليمان فلما مات استخرجوها وقالوا للناس : إنما ملكهم سليمان بها فتعلموه فأما علماء بني إسرائيل وصلحاؤهم فقالوا : معاذ الله أن يكون هذا من علم الله وأما السفلة ، فقالوا : هذا علم سليمان ، وأقبلوا على تعلمه ، ورفضوا كتب أنبيائهم ، وفشت الملامة على سليمان فلم يزل هذا حالهم وفعلهم حتى بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم وأنزل عليه براءة سليمان ، هذا قول الكلبي .وقال السدي : كانت الشياطين تصعد إلى السماء ، فيسمعون كلام الملائكة فيما يكون في الأرض من موت وغيره ، فيأتون الكهنة ويخلطون بما يسمعون في كل كلمة سبعين كذبة ويخبرونهم بها [ فكتب ذلك ] وفشا في بني إسرائيل أن الجن يعلمون الغيب ، فبعث سليمان في الناس وجمع تلك الكتب وجعلها في صندوق ودفنه تحت كرسيه وقال : لا أسمع أحدا يقول إن الشيطان يعلم الغيب إلا ضربت عنقه ، فلما مات سليمان وذهب العلماء الذين كانوا يعرفون أمر سليمان ودفنة الكتب ، وخلف من بعدهم خلف ، تمثل الشيطان على صورة إنسان فأتى نفرا من بني إسرائيل فقال : هل أدلكم على كنز لا تأكلونه أبدا قالوا : نعم فذهب معهم فأراهم المكان الذي تحت كرسيه ، فحفروا فأقام ناحية فقالوا له : ادن وقال : لا أحضر ، فإن لم تجدوه فاقتلوني ، وذلك أنه لم يكن أحد من الشياطين يدنو من الكرسي إلا احترق ، فحفروا وأخرجوا تلك الكتب ، فقال الشيطان لعنه الله : إن سليمان كان يضبط الجن والإنس والشياطين والطير بهذا ، ثم طار الشيطان عنهم ، وفشا في الناس أن سليمان كان ساحرا ، وأخذوا تلك الكتب ( واستعملوها ) فلذلك أكثر ما يوجد السحر في اليهود ، فلما جاء محمد صلى الله عليه وسلم برأ الله تعالى سليمان من ذلك ، وأنزل في عذر سليمان : ( وما كفر سليمان ) بالسحر ، وقيل: لم يكن سليمان كافرا بالسحر ويعمل به ( ولكن الشياطين كفروا ) قرأ ابن عباس رضي الله عنه والكسائي وحمزة ، " لكن " خفيفة النون " والشياطين " رفع ، وقرأ الآخرون ولكن مشددة النون " والشياطين " نصب وكذلك " ولكن الله قتلهم " ( 17 - الأنفال ) ومعنى لكن : نفي الخبر الماضي وإثبات المستقبل .( يعلمون الناس ) قيل: معنى السحر العلم والحذق بالشيء قال الله تعالى " وقالوا يا أيها الساحر ادع لنا ربك ( 49 - الزخرف ) أي العالم ، والصحيح : أن السحر عبارة عن التمويه والتخييل ، والسحر وجوده حقيقة عند أهل السنة ، وعليه أكثر الأمم ، ولكن العمل به كفر ، حكي عن الشافعي رضي الله عنه أنه قال : السحر يخيل ويمرض وقد يقتل ، حتى أوجب القصاص على من قتل به فهو من عمل الشيطان ، يتلقاه الساحر منه بتعليمه إياه ، فإذا تلقاه منه استعمله في غيره ، وقيل: إنه يؤثر في قلب الأعيان فيجعل الآدمي على صورة الحمار ويجعل الحمار على صورة الكلب ، والأصح أن ذلك تخييل قال الله تعالى : " يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى ( 66 - طه ) لكنه يؤثر في الأبدان بالأمراض والموت والجنون ، وللكلام تأثير في الطباع والنفوس وقد يسمع الإنسان ما يكره فيحمى ويغضب وربما يحم منه ، وقد مات قوم بكلام سمعوه فهو بمنزلة العوارض والعلل التي تؤثر في الأبدان .قوله عز وجل ( وما أنزل على الملكين ببابل ) أي ويعلمون الذي أنزل على الملكين [ أي إلهاما وعلما ، فالإنزال بمعنى الإلهام والتعليم ، وقيل: واتبعوا ما أنزل على الملكين ] وقرأ ابن عباس والحسن الملكين بكسر اللام ، وقال ابن عباس : هما رجلان ساحران كانا ببابل ، وقال الحسن : علجان ؛ لأن الملائكة لا يعلمون السحر .وبابل هي بابل العراق سميت بابل لتبلبل الألسنة بها عند سقوط صرح نمرود أي تفرقها ، قال ابن مسعود : بابل أرض الكوفة ، وقيل جبل دماوند ، والقراءة المعروفة على الملكين بالفتح . فإن قيل كيف يجوز تعليم السحر من الملائكة ؟ قيل: له تأويلان : أحدهما ، أنهما لا يتعمدان التعليم لكن يصفان السحر ويذكران بطلانه ويأمران باجتنابه ، والتعليم بمعنى الإعلام ، فالشقي يترك نصيحتهما ويتعلم السحر من صنعتهما .والتأويل الثاني : وهو الأصح : أن الله تعالى امتحن الناس بالملكين في ذلك الوقت فمن شقي يتعلم السحر منهما ويأخذه عنهما ويعمل به فيكفر به ، ومن سعد يتركه فيبقى على الإيمان ، ويزداد المعلمان بالتعليم عذابا ، ففيه ابتلاء للمعلم [ والمتعلم ] ولله أن يمتحن عباده بما شاء ، فله الأمر والحكم .قوله عز وجل ( هاروت وماروت ) اسمان سريانيان وهما في محل الخفض على تفسير الملكين إلا أنهما نصبا لعجمتهما ومعرفتهما ، وكانت قصتهما على ما ذكر ابن عباس والمفسرون أن الملائكة رأوا ما يصعد إلى السماء من أعمال بني آدم الخبيثة في زمن إدريس عليه السلام فعيروهم وقالوا : هؤلاء الذين جعلتهم في الأرض خليفة واخترتهم فهم يعصونك فقال الله تعالى : لو أنزلتكم إلى الأرض وركبت فيكم ما ركبت فيهم لركبتم مثل ما ركبوا فقالوا : سبحانك ما كان ينبغي لنا أن نعصيك قال لهم الله تعالى : فاختاروا ملكين من خياركم أهبطهما إلى الأرض ، فاختاروا هاروت وماروت وكانا من أصلح الملائكة وأعبدهم ، وقال الكلبي : قال الله تعالى لهم : اختاروا ثلاثة فاختاروا عزا وهو هاروت وعزايا وهو ماروت - غير اسمهما لما قارفا الذنب - وعزائيل ، فركب الله فيهم الشهوة وأهبطهم إلى الأرض وأمرهم أن يحكموا بين الناس بالحق ونهاهم عن الشرك والقتل بغير الحق والزنا وشرب الخمر ، فأما عزائيل فإنه لما وقعت الشهوة في قلبه استقبل ربه وسأله أن يرفعه إلى السماء ، فأقاله فسجد أربعين سنة لم يرفع رأسه ، ولم يزل بعد مطأطئا رأسه حياء من الله تعالى .وأما الآخران : فإنهما ثبتا على ذلك وكانا يقضيان بين الناس يومهما ، فإذا أمسيا ذكرا اسم الله الأعظم وصعدا إلى السماء ، قال قتادة : فما مر عليهما شهر حتى افتتنا . قالوا جميعا إنه اختصمت إليهما ذات يوم الزهرة وكانت من أجمل النساء ، قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : وكانت من أهل فارس وكانت ملكة في بلدها فلما رأياها أخذت بقلوبهما فراوداها عن نفسها فأبت وانصرفت ثم عادت في اليوم الثاني ففعلا مثل ذلك فأبت وقالت : لا إلا أن تعبدا ما أعبد وتصليا لهذا الصنم وتقتلا النفس وتشربا الخمر فقالا لا سبيل إلى هذه الأشياء فإن الله تعالى قد نهانا عنها ، فانصرفت ثم عادت في اليوم الثالث ومعها قدح من خمر ، وفي أنفسهما من الميل إليها ما فيها فراوداها عن نفسها فعرضت عليهما ما قالت بالأمس فقالا : الصلاة لغير الله عظيم ، وقتل النفس عظيم ، وأهون الثلاثة شرب الخمر ، فشربا الخمر فانتشيا ووقعا بالمرأة ، فزنيا فلما فرغا رآهما إنسان فقتلاه ، قال الربيع بن أنس وسجدا للصنم فمسخ الله الزهرة كوكبا - وقال بعضهم : جاءتهما امرأة من أحسن الناس تخاصم زوجها فقال أحدهما للآخر : هل سقط في نفسك مثل الذي سقط في نفسي ( من حب هذه ) ؟ قال : نعم فقال : وهل لك أن تقضي لها على زوجها بما تقول ؟ فقال له صاحبه : أما تعلم ما عند الله من العقوبة والعذاب ؟ فقال له صاحبه : أما تعلم ما عند الله من العفو والرحمة فسألاها نفسها ، فقالت : لا إلا أن تقتلاه فقال أحدهما : أما تعلم ما عند الله من العقوبة والعذاب ؟ فقال صاحبه : أما تعلم ما عند الله من العفو والرحمة فقتلاه ثم سألاها نفسها ، فقالت : لا إن لي صنما أعبده ، إن أنتما صليتما معي له : فعلت ، فقال : أحدهما لصاحبه مثل القول الأول فقال صاحبه مثله ، فصليا معها له فمسخت شهابا .قال ابن أبي طالب رضي الله عنه والكلبي والسدي : إنها قالت لهما حين سألاها نفسها : لن تدركاني حتى تخبراني بالذي تصعدان به إلى السماء فقالا باسم الله الأكبر ، قالت : فما أنتم تدركاني حتى تعلمانيه ، فقال أحدهما لصاحبه : علمها فقال : إني أخاف الله رب العالمين ، قال الآخر : فأين رحمة الله تعالى ؟ فعلماها ذلك فتكلمت ، فصعدت إلى السماء فمسخها الله كوكبا ، فذهب بعضهم إلى أنها الزهرة بعينها وأنكر الآخرون هذا وقالوا : إن الزهرة من الكواكب السبعة السيارة التي أقسم الله بها فقال " فلا أقسم بالخنس الجواري الكنس " ( 15 - التكوير ) والتي فتنت هاروت وماروت امرأة كانت تسمى الزهرة لجمالها فلما بغت مسخها الله تعالى شهابا ، قالوا : فلما أمسى هاروت وماروت بعدما قارفا الذنب هما بالصعود إلى السماء فلم تطاوعهما أجنحتهما ، فعلما ما حل بهما ( من الغضب ) فقصدا إدريس النبي عليه السلام ، فأخبراه بأمرهما وسألاه أن يشفع لهما إلى الله عز وجل وقالا له : إنا رأيناك يصعد لك من العبادات مثل ما يصعد لجميع أهل الأرض فاستشفع لنا إلى ربك ففعل ذلك إدريس عليه السلام فخيرهما الله بين عذاب الدنيا وعذاب الآخرة ، فاختارا عذاب الدنيا إذ علما أنه ينقطع فهما ببابل يعذبان .واختلفوا في كيفية عذابهما فقال عبد الله بن مسعود : هما معلقان بشعورهما إلى قيام الساعة ، وقال عطاء بن أبي رباح : رءوسهما مصوبة تحت أجنحتهما ، وقال قتادة ( كبلا ) من أقدامهما إلى أصول أفخاذهما ، وقال مجاهد : جعلا في جب ملئت نارا ، وقال عمر بن سعد : منكوسان يضربان بسياط من الحديد .وروي أن رجلا قصد هاروت وماروت لتعلم السحر فوجدهما معلقين بأرجلهما ، مزرقة أعينهما ، مسودة جلودهما ، ليس بين ألسنتهما وبين الماء إلا أربع أصابع وهما يعذبان بالعطش ، فلما رأى ذلك هاله مكانهما فقال : لا إله إلا الله ، فلما سمعا كلامه قالا له : من أنت ؟ قال : رجل من الناس ، قالا من أي أمة أنت ؟ قال : من أمة محمد صلى الله عليه وسلم قالا أوقد بعث محمد صلى الله عليه وسلم ؟ قال : نعم ، قالا : الحمد لله ، وأظهر الاستبشار فقال الرجل : ومم استبشاركما ؟ قالا إنه نبي الساعة وقد دنا انقضاء عذابنا .قوله تعالى : ( وما يعلمان من أحد ) أي أحدا ، و " من " صلة ( حتى ) ينصحاه أولا و ( يقولا إنما نحن فتنة ) ابتلاء ومحنة ( فلا تكفر ) أي لا تتعلم السحر فتعمل به فتكفر ، وأصل الفتنة : الاختبار والامتحان ، من قولهم : فتنت الذهب والفضة إذا أذبتهما بالنار ، ليتميز الجيد من الرديء وإنما وحد الفتنة وهما اثنان ؛ لأن الفتنة مصدر ، والمصادر لا تثنى ولا تجمع ، وقيل: إنهما يقولان " إنما نحن فتنة فلا تكفر " سبع مرات .قال عطاء والسدي : فإن أبى إلا التعلم قالا له : ائت هذا الرماد ( وأقبل عليه ) فيخرج منه نور ساطع في السماء فذلك نور المعرفة ، وينزل شيء أسود شبه الدخان حتى يدخل مسامعه وذلك غضب الله تعالى ، قال مجاهد : إن هاروت وماروت لا يصل إليهما أحد ويختلف فيما بينهما شيطان في كل مسألة اختلافة واحدة ، ( فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه ) أن ( يؤخذ ) كل واحد عن صاحبه ، ويبغض كل واحد إلى صاحبه قال الله تعالى : ( وما هم ) قيل أي السحرة وقيل: الشياطين ( بضارين به ) أي بالسحر ( من أحد ) أي أحدا ، ( إلا بإذن الله ) أي : بعلمه وتكوينه ، فالساحر يسحر والله يكون .قال سفيان الثوري : معناه إلا بقضائه وقدرته ومشيئته ، ( ويتعلمون ما يضرهم ) يعني : أن السحر يضرهم ( ولا ينفعهم ولقد علموا ) يعني اليهود ( لمن اشتراه ) أي اختار السحر ( ما له في الآخرة من خلاق ) أي في الجنة من نصيب ( ولبئس ما شروا به ) باعوا به ( أنفسهم ) حظ أنفسهم ، حيث اختارواالسحر والكفر على الدين والحق ( لو كانوا يعلمون ) فإن قيل: أليس قد قال ولقد علموا لمن اشتراه فما معنى قوله تعالى " لو كانوا يعلمون " بعدما أخبر أنهم علموا قيل: أراد بقوله " ولقد علموا " يعني الشياطين . وقوله " لو كانوا يعلمون " يعني اليهود وقيل: كلاهما في اليهود يعني : لكنهم لما لم يعلموا بما علموا فكأنهم لم يعلموا
تفسير الجلالين التفسير الميسر تفسير السعدي تفسير البغوي التفسير الوسيط تفسير ابن كثير تفسير الطبري تفسير القرطبي إعراب الآية
الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم واتقوا الله واعلموا أن الله مع المتقين
﴿واعلموا﴾: واعرفوا. «and know»
قوله تعالى : ( الشهر الحرام بالشهر الحرام ) نزلت في عمرة القضاء وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج معتمرا في ذي القعدة فصده المشركون عن البيت بالحديبية فصالح أهل مكة على أن ينصرف عامه ذلك ويرجع العام القابل فيقضي عمرته فانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم عامه ذلك ورجع في العام القابل في ذي القعدة وقضى عمرته سنة سبع من الهجرة فذلك معنى قوله تعالى ( الشهر الحرام ) يعني ذا القعدة الذي دخلتم فيه مكة وقضيتم فيه عمرتكم سنة سبع ( بالشهر الحرام ) يعني ذا القعدة الذي صددتم فيه عن البيت سنة ست ( والحرمات قصاص ) جمع حرمة وإنما جمعها لأنه أراد حرمة الشهر الحرام والبلد الحرام وحرمة الإحرام والقصاص المساواة ، والمماثلة وهو أن يفعل بالفاعل مثل ما فعل وقيل هذا في أمر القتال معناه إن بدءوكم بالقتال في الشهر الحرام فقاتلوهم فيه فإنه قصاص بما فعلوا فيه ( فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه ) وقاتلوهم ( بمثل ما اعتدي عليكم ) سمي الجزاء باسم الابتداء على ازدواج الكلام كقوله تعالى " وجزاء سيئة سيئة مثلها " ( 40 - الشورى) ( واتقوا الله واعلموا أن الله مع المتقين ) .
تفسير الجلالين التفسير الميسر تفسير السعدي تفسير البغوي التفسير الوسيط تفسير ابن كثير تفسير الطبري تفسير القرطبي إعراب الآية
﴿وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾ [البقرة: 196]
سورة البقرة الآية 196, الترجمة, قراءة البقرة مدنية
وأتموا الحج والعمرة لله فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي ولا تحلقوا رءوسكم حتى يبلغ الهدي محله فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك فإذا أمنتم فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملة ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام واتقوا الله واعلموا أن الله شديد العقاب
﴿واعلموا﴾: واعرفوا. «and know»
قوله عز وجل ( وأتموا الحج والعمرة لله ) قرأ علقمة وإبراهيم النخعي ( وأقيموا الحج والعمرة لله ) واختلفوا في إتمامهما فقال بعضهم هو أن يتمهما بمناسكهما وحدودهما ، وسننهما وهو قول ابن عباس وعلقمة وإبراهيم النخعي ومجاهد وأركان الحج خمسة . . الإحرام والوقوف بعرفة وطواف الزيارة والسعي بين الصفا والمروة وحلق الرأس أو التقصير وللحج تحللان وأسباب التحلل ثلاثة رمي جمرة العقبة يوم النحر وطواف الزيارة ، والحلق فإذا وجد شيئان من هذه الأشياء الثلاثة حصل التحلل الأول وبالثلاث حصل التحلل الثاني وبعد التحلل الأول يستبيح جميع محظورات الإحرام إلا النساء وبعد الثاني يستبيح الكل وأركان العمرة أربعة الإحرام والطواف بالبيت والسعي بين الصفا والمروة ، والحلق وقال سعيد بن جبير وطاوس : تمام الحج والعمرة أن تحرم بهما مفردين مستأنفين من دويرة أهلك وسئل علي بن أبي طالب عن قوله تعالى ( وأتموا الحج والعمرة لله ) قال أن تحرم بهما من دويرة أهلك ومثله عن ابن مسعود ، وقال قتادة : تمام العمرة أن تعمل في غير أشهر الحج [ فإن كانت في أشهر الحج ] ثم أقام حتى حج فهي متعة وعليه فيها الهدي إن وجده أو الصيام إن لم يجد الهدي وتمام الحج أن يؤتى بمناسكه كلها حتى لا يلزم عامله دم بسبب قران ولا متعة وقال الضحاك : إتمامها أن تكون النفقة حلالا وينتهي عما نهى الله عنه وقال سفيان الثوري : إتمامها أن تخرج من أهلك لهما ولا تخرج لتجارة ولا لحاجةقال عمر بن الخطاب : الوفد كثير والحاج قليل واتفقت الأمة على وجوب الحج على من استطاع إليه سبيلا واختلفوا في وجوب العمرة فذهب أكثر أهل العلم إلى وجوبها وهو قول عمر وعلي وابن عمر ، وروى عكرمة عن ابن عباس أنه قال والله إن العمرة لقرينة الحج في كتاب الله قال الله تعالى : " وأتموا الحج والعمرة لله " وبه قال عطاء وطاوس وقتادة وسعيد بن جبير وإليه ذهب الثوري والشافعي في أصح قوليه وذهب قوم إلى أنها سنة وهو قول جابر وبه قال ( الشافعي ) وإليه ذهب مالك وأهل العراق ، وتأولوا قوله تعالى ( وأتموا الحج والعمرة لله ) على معنى أتموهما إذا دخلتم فيهما أما ابتداء الشروع فيها فتطوع واحتج من لم يوجبهما بما روي عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سئل عن العمرة أواجبة هي فقال : ( لا وأن تعتمروا خير لكم ) والقول الأول أصح ومعنى قوله ( وأتموا الحج والعمرة لله ) أي ابتدئوهما فإذا دخلتم فيهما فأتموهما فهو أمر بالابتداء والإتمام أي أقيموهما كقوله تعالى : " ثم أتموا الصيام إلى الليل " ( 187 - البقرة ) أي ابتدئوه وأتموهأخبرنا عبد الواحد المليحي أخبرنا أبو منصور السمعاني أخبرنا أبو جعفر الرياني أخبرنا حميد بن زنجويه أخبرنا ابن أبي شيبة أخبرنا أبو خالد الأحمر عن عمرو بن قيس عن عاصم عن شقيق عن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : تابعوا بين الحج والعمرة فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد والذهب ، والفضة وليس للحج المبرور جزاء إلا الجنة " وقال ابن عمر : ليس من خلق الله أحد إلا وعليه حجة وعمرة واجبتان إن استطاع إلى ذلك سبيلا كما قال الله تعالى ( وأتموا الحج والعمرة لله ) زاد بعد ذلك فهو خير وتطوع واتفقت الأمة على أنه يجوز أداء الحج والعمرة على ثلاثة أوجهالإفراد والتمتع ، والقران فصورة الإفراد أن يفرد الحج ثم بعد الفراغ منه يعتمر وصورة التمتع أن يعتمر في أشهر الحج ثم بعد الفراغ من أعمال العمرة يحرم بالحج من مكة فيحج في هذا العام وصورة القران أن يحرم بالحج والعمرة معا أو يحرم بالعمرة ثم يدخل عليها الحج قبل أن يفتتح الطواف فيصير قارنا واختلفوا في الأفضل من هذه الوجوه فذهب جماعة إلى أن الإفراد أفضل ثم التمتع ثم القران وهو قول مالك والشافعي لما أخبرنا أبو الحسن السرخسي أخبرنا زاهر بن أحمد أخبرنا أبو إسحاق الهاشمي أخبرنا أبو مصعب عن مالك عن أبي الأسود محمد بن عبد الرحمن بن نوفل عن عروة بن الزبير عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أنها قالت : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام حجة الوداع فمنا من أهل بعمرة ومنا من أهل بحج وعمرة ومنا من أهل بحج وأهل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحج فأما من أهل بالعمرة فحل وأما من أهل بالحج أو جمع بين الحج والعمرة فلم يحلوا حتى كان يوم النحر .أخبرنا عبد الوهاب بن محمد الخطيب أخبرنا عبد العزيز بن أحمد الخلال أخبرنا أبو العباس الأصم أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مسلم عن ابن جريج عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر رضي الله عنه وهو يحدث عن حجة النبي صلى الله عليه وسلم قال : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ننوي إلا الحج ولا نعرف غيره ولا نعرف العمرة ، وروي عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم أفرد الحج وذهب قوم إلى أن القران أفضل وهو قول الثوري وأصحاب الرأي واحتجوا بما أخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي أخبرنا أبو سعيد محمد بن موسى الصيرفي أخبرنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم أخبرنا محمد بن هشام بن ملاس النميري أخبرنا مروان بن معاوية الفزاري أخبرنا حميد قال قال أنس بن مالك رضي الله عنه أهل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لبيك بحج وعمرة .وذهب قوم إلى أن التمتع أفضل وهو قول أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه واحتجوا بما أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي أخبرنا محمد بن يوسف أخبرنا محمد بن إسماعيل أخبرنا يحيى بن بكير أخبرنا الليث عن عقيل عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : تمتع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع بالعمرة إلى الحج فساق معه الهدي من ذي الحليفة وبدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم فأهل بالعمرة ثم أهل بالحج فتمتع الناس مع النبي صلى الله عليه وسلم بالعمرة إلى الحج فكان من الناس من أهدى فساق الهدي ومنهم من لم يهد فلما قدم النبي صلى الله عليه وسلم مكة قال للناس من كان منكم أهدى فإنه لا يحل من شيء حرم منه حتى يقضي حجه ومن لم يكن منكم أهدى فليطف بالبيت ويسعى بين الصفا والمروة وليقصر ، وليتحلل ثم ليهل بالحج فمن لم يجد هديا فليصم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله فطاف حين قدم مكة واستلم الركن أول شيء ثم خب ثلاثة أطواف ومشى أربعا فركع حين قضى طوافه بالبيت عند المقام ركعتين ثم سلم فانصرف فأتى الصفا فطاف بالصفا والمروة سبعة أطواف ثم لم يتحلل من شيء حرم منه حتى قضى حجه ونحر هديه يوم النحر وأفاض فطاف بالبيت ثم حل من كل شيء حرم منه وفعل مثل ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهدى وساق الهدي من الناس .وعن عروة أن عائشة رضي الله عنها أخبرته عن النبي صلى الله عليه وسلم في تمتعه بالعمرة إلى الحج فتمتع الناس معه بمثل الذي أخبرني سالم عن ابن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .قال شيخنا الإمام رضي الله عنه قد اختلفت الرواية في إحرام النبي صلى الله عليه وسلم كما ذكرنا وذكر الشافعي في كتاب اختلاف الأحاديث كلاما موجزا أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كان منهم المفرد والقارن ، والمتمتع وكل كان يأخذ منه أمر نسكه ويصدر عن تعليمه فأضيف الكل إليه على معنى أنه أمر بها وأذن فيها ويجوز في لغة العرب إضافة ( الشيء ) إلى الآمر به كما يجوز إضافته إلى الفاعل له كما يقال بنى فلان دارا وأريد أنه أمر ببنائها وكما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم رجم ماعزا وإنما أمر برجمه واختار الشافعي الإفراد لرواية جابر وعائشة وابن عمر ، وقدمها على رواية غيرهم لتقدم صحبة جابر النبي صلى الله عليه وسلم وحسن سياقه لابتداء قصة حجة الوداع وآخرها ولفضل حفظ عائشة رضي الله عنها وقرب ابن عمر من النبي صلى الله عليه وسلمومال الشافعي في اختلاف الأحاديث إلى التمتع ، وقال ليس شيء من الاختلاف أيسر من هذا وإن كان الغلط فيه قبيحا من جهة أنه مباح لأن الكتاب ثم السنة ثم ما لا أعلم فيه خلافا على أن التمتع بالعمرة إلى الحج وإفراد الحج والقران واسع كله ، وقال من قال إنه أفرد الحج يشبه أن يكون قاله على ما لا يعرف من أهل العلم الذين أدرك دون رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أحدا لا يكون مقيما على الحج إلا وقد ابتدأ إحرامه بالحج قال الشيخ الإمام رحمه الله ومما يدل على أنه كان متمتعا أن الرواية عن ابن عمر وعائشة متعارضة وقد روينا عن ابن شهاب عن سالم عن ابن عمر رضي الله عنهما ، قال تمتع رسول الله صلى الله عليه وسلم في [ حجة الوداع بالعمرة إلى الحج وقال ابن شهاب عن عروة أن عائشة أخبرته عن النبي صلى الله عليه وسلم ] في تمتعه بالعمرة إلى الحج فتمتع الناس معه بمثل الذي أخبرني سالم عن ابن عمر ، وقال ابن عباس : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " هذه عمرة استمتعنا بها " .وقال سعد بن أبي وقاص في المتعة صنعها رسول الله صلى الله عليه وسلم وصنعناها معهقال الشيخ الإمام وما روي عن جابر أنه قال خرجنا لا ننوي إلا الحج لا ينافي التمتع لأن خروجهم كان لقصد الحج ثم منهم من قدم العمرة ومنهم من أهل بالحج إلى أن أمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يجعله متعة قوله تعالى : ( فإن أحصرتم ) اختلف العلماء في الإحصار الذي يبيح للمحرم التحلل من إحرامه فذهب جماعة إلى أن كل مانع يمنعه عن الوصول إلى البيت الحرام والمعنى في إحرامه من عدو أو مرض أو جرح أو ذهاب نفقة أو ضلال راحلة يبيح له التحلل وبه قال ابن مسعود وهو قول إبراهيم النخعي والحسن ومجاهد وعطاء وقتادة وعروة بن الزبير وإليه ذهب سفيان الثوري وأهل العراق وقالوا لأن الإحصار في كلام العرب هو حبس العلة أو المرض وقال الكسائي وأبو عبيدة ما كان من مرض أو ذهاب نفقة يقال منه أحصر فهو محصر وما كان من حبس عدو أو سجن يقال منه حصر فهو محصور وإنما جعل هاهنا حبس العدو إحصارا قياسا على المرض إذ كان في معناه واحتجوا بما روي عن عكرمة عن الحجاج بن عمرو الأنصاري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من كسر أو عرج فقد حل وعليه الحج من قابل " .قال عكرمة : فسألت ابن عباس وأبا هريرة فقالا : صدق وذهب جماعة إلى أنه لا يباح له التحلل إلا بحبس العدو وهو قول ابن عباس وقال لا حصر إلا حصر العدو وروي معناه عن ابن عمر وعبد الله بن الزبير وهو قول سعيد بن المسيب وسعيد بن جبير وإليه ذهب الشافعي وأحمد وإسحاق وقالوا الحصر والإحصار بمعنى واحدوقال ثعلب : تقول العرب حصرت الرجل عن حاجته فهو محصور وأحصره العدو إذا منعه عن السير فهو محصر واحتجوا بأن نزول هذه الآية في قصة الحديبية وكان ذلك حبسا من جهة العدو ويدل عليه قوله تعالى في سياق الآية ( فإذا أمنتم ) والأمن يكون من الخوف وضعفوا حديث الحجاج بن عمرو بما ثبت عن ابن عباس أنه قال لا حصر إلا حصر العدو وتأوله بعضهم على أنه إنما يحل بالكسر والعرج إذا كان قد شرط ذلك في عقد الإحرام كما روي أن ضباعة بنت الزبير كانت وجعة فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم : حجي واشترطي وقولي اللهم محلي حيث حبستني " .ثم المحصر يتحلل بذبح الهدي وحلق الرأس والهدي شاة وهو المراد من قوله تعالى ( فما استيسر من الهدي ) ومحل ذبحه حيث أحصر عند أكثر أهل العلم لأن النبي صلى الله عليه وسلم ذبح الهدي عام الحديبية بها وذهب قوم إلى أن المحصر يقيم على إحرامه ويبعث بهديه إلى الحرم ويواعد من يذبحه هناك ثم يحل وهو قول أهل العراق .واختلف القول في المحصر إذا لم يجد هديا ففي قول لا بدل له فيتحلل والهدي في ذمته إلى أن يجد والقول الثاني له بدل فعلى هذا اختلف القول فيه ففي قول عليه صوم التمتع وفي قول تقوم الشاة بدراهم ويجعل الدراهم طعاما فيتصدق به فإن عجز عن الإطعام صام عن كل مد من الطعام يوما كما في فدية الطيب ، واللبس فإن المحرم إذا احتاج إلى ستر رأسه لحر أو برد أو إلى لبس قميص أو مرض فاحتاج إلى مداواته بدواء فيه طيب فعل وعليه الفدية وفديته على الترتيب والتعديل فعليه ذبح شاة فإن لم يجد يقوم الشاة بدراهم والدراهم يشتري بها طعاما فيتصدق به فإن عجز صام عن كل مد يوما ثم المحصر إن كان إحرامه بغرض قد استقر عليه فذلك الغرض في ذمته وإن كان بحج تطوع فهل عليه القضاء اختلفوا فيه فذهب جماعة إلى أنه لا قضاء عليه وهو قول مالك والشافعي وذهب قوم إلى أن عليه القضاء وهو قول مجاهد والشعبي والنخعي وأصحاب الرأيقوله تعالى ( فما استيسر من الهدي ) [ أي فعليه ما تيسر من الهدي ] ومحله رفع ، وقيل ما في محل النصب أي فاهدي ما استيسر والهدي جمع هدية وهي اسم لكل ما يهدى إلى بيت الله تقربا إليه وما استيسر من الهدي شاة قاله علي بن أبي طالب وابن عباس لأنه أقرب إلى اليسر ، وقال الحسن وقتادة : أعلاه بدنة وأوسطه بقرة وأدناه شاةقوله تعالى : ( ولا تحلقوا رءوسكم حتى يبلغ الهدي محله ) اختلفوا في المحل الذي يحل المحصر ببلوغ هديه إليه فقال بعضهم هو ذبحه بالموضع الذي أحصر فيه سواء كان في الحل أو في الحرم ومعنى محله حيث يحل ذبحه فيه ، وأكلهأخبرنا عبد الواحد المليحي أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي أخبرنا محمد بن يوسف أخبرنا محمد بن إسماعيل أخبرنا عبد الله بن محمد أخبرنا عبد الرزاق أخبرنا معمر أخبرني الزهري أخبرني عروة بن الزبير عن المسور بن مخرمة في قصة الحديبية قال فلما فرغ من قضية الكتاب قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه : قوموا فانحروا ثم احلقوا فوالله ما قام رجل منهم حتى قال ذلك ثلاث مرات فلما لم يقم منهم أحد دخل على أم سلمة فذكر لها ما لقي من الناس فقالت أم سلمة يا نبي الله أتحب ذلك ، فاخرج ثم لا تكلم أحدا منهم بكلمة حتى تنحر بدنك وتدعو حالقك فيحلقك فخرج ولم يكلم أحدا منهم حتى فعل ذلك نحر بدنه ودعا حالقه فحلقه فلما رأوا ذلك قاموا فنحروا وجعل بعضهم يحلق بعضا حتى كاد بعضهم يقتل بعضا غما " وقال بعضهم محل هدي المحصر الحرم فإن كان حاجا فمحله يوم النحر وإن كان معتمرا فمحله يوم يبلغ هديه الحرم قوله تعالى ( فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ) معناه لا تحلقوا رءوسكم في حال الإحرام إلا أن تضطروا إلى حلقه لمرض أو لأذى في الرأس من هوام أو صداع ( ففدية ) فيه إضمار ، أي فحلق فعليه فدية نزلت في كعب بن عجرة .أخبرنا عبد الواحد المليحي أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي أخبرنا محمد بن يوسف أخبرنا محمد بن إسماعيل أخبرنا الحسن بن خلف أخبرنا إسحاق بن يوسف عن أبي بشر ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال حدثني عبد الرحمن بن أبي ليلى عن كعب بن عجرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رآه وقمله يسقط على وجهه فقال أيؤذيك هوامك قال : نعم فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يحلق وهو بالحديبية ولم يبين لهم أنهم يحلون بها وهم على طمع أن يدخلوا مكة فأنزل الله الفدية فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يطعم فرقا بين ستة مساكين أويهدي شاة أو يصوم ثلاثة أيام .قوله تعالى ( ففدية من صيام ) أي ثلاثة أيام ( أو صدقة ) أي ثلاثة آصع على ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع ( أو نسك ) واحدتها نسيكة أي ذبيحة أعلاها بدنة وأوسطها بقرة وأدناها شاة أيتها شاء ذبح فهذه الفدية على التخيير والتقدير ويتخير بين أن يذبح أو يصوم أو يتصدق وكل هدي أو طعام يلزم المحرم يكون بمكة ويتصدق به على مساكين الحرم إلا هديا يلزم المحصر فإنه يذبحه حيث أحصر وأما الصوم فله أن يصوم حيث شاء قوله تعالى : ( فإذا أمنتم ) أي من خوفكم وبرئتم من مرضكم ( فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي ) اختلفوا في هذه المتعة فذهب عبد الله بن الزبير إلى أن معناه فمن أحصر حتى فاته الحج ولم يتحلل فقدم مكة يخرج من إحرامه بعمل عمرة واستمتع بإحلاله ذلك بتلك العمرة إلى السنة المستقبلة ثم حج فيكون متمتعا بذلك الإحلال إلى إحرامه الثاني في العام القابل وقال بعضهم معناه : ( فإذا أمنتم ) وقد حللتم من إحرامكم بعد الإحصار ولم تقضوا عمرة وأخرتم العمرة إلى السنة القابلة فاعتمرتم في أشهر الحج ثم حللتم فاستمتعتم بإحلالكم إلى الحج ثم أحرمتم بالحج فعليكم ما استيسر من الهدي وهو قول علقمة وإبراهيم النخعي وسعيد بن جبير وقال ابن عباس وعطاء وجماعة هو الرجل يقدم معتمرا من أفق من الآفاق في أشهر الحج فقضى عمرته وأقام حلالا بمكة حتى أنشأ منها الحج فحج من عامه ذلك فيكون مستمتعا بالإحلال من العمرة إلى إحرامه بالحج فمعنى التمتع هو الاستمتاع بعد الخروج من العمرة بما كان محظورا عليه في الإحرام إلى إحرامه بالحجولوجوب دم التمتع أربع شرائط أحدها : أن يحرم بالعمرة في أشهر الحج والثاني : أن يحج بعد الفراغ من العمرة في هذه السنة والثالث أن يحرم بالحج في مكة ولا يعود إلى الميقات لإحرامه الرابع : أن لا يكون من حاضري المسجد الحرام فمتى وجدت هذه الشرائط فعليه ما استيسر من الهدي وهو دم شاة يذبحه يوم النحر فلو ذبحها قبله بعدما أحرم بالحج يجوز عند بعض أهل العلم كدماء الجنايات وذهب بعضهم إلى أنه لا يجوز قبل يوم النحر كدم الأضحيةقوله تعالى : ( فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج ) أي صوموا ثلاثة أيام يصوم يوما قبل التروية ويوم التروية ويوم عرفة ولو صام قبله بعدما أحرم بالحج يجوز ولا يجوز يوم النحر ولا أيام التشريق عند أكثر أهل العلم وذهب بعضهم إلى جواز صوم الثلاث أيام التشريق .يروى ذلك عن عائشة وابن عمر وابن الزبير وهو قول مالك والأوزاعي وأحمد وإسحاق .قوله تعالى ( وسبعة إذا رجعتم ) أي صوموا سبعة أيام إذا رجعتم إلى أهليكم وبلدكم فلو صام السبعة قبل الرجوع إلى أهله لا يجوز وهو قول أكثر أهل العلم روي ذلك عن ابن عمر وابن عباس وقيل يجوز أن يصومها بعد الفراغ من أعمال الحج وهو المراد من الرجوع المذكور في الآيةقوله تعالى ( تلك عشرة كاملة ) ذكرها على وجه التأكيد وهذا لأن العرب ما كانوا يهتدون إلى الحساب فكانوا يحتاجون إلى فضل شرح وزيادة بيان ، وقيل فيه تقديم وتأخير يعني فصيام عشرة أيام ثلاثة في الحج وسبعة إذا رجعتم فهي عشرة كاملة وقيل كاملة في الثواب والأجر ، وقيل كاملة فيما أريد به من إقامة الصوم بدل الهدي وقيل كاملة بشروطها وحدودها ، وقيل لفظه خبر ومعناه أمر أي فأكملوها ولا تنقصوها ( ذلك ) أي هذا الحكم ( لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام ) واختلفوا في حاضري المسجد الحرام فذهب قوم إلى أنهم أهل مكة وهو قول مالك وقيل هم أهل الحرم وبه قال طاوس من التابعين وقال ابن جريج : أهل عرفة والرجيع وضجنان ، ونخلتان وقال الشافعي رحمه الله كل من كان وطنه من مكة على أقل من مسافة القصر فهو من حاضري المسجد الحرام وقال عكرمة : هم من دون الميقات وقيل هم أهل الميقات فما دونه وهو قول أصحاب الرأي ودم القران كدم التمتع والمكي إذا قرن أو تمتع فلا هدي عليه قال عكرمة : سئل ابن عباس عن متعة الحج فقال أهل المهاجرون والأنصار ، وأزواج النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع وأهللنا فلما قدمنا مكة قال رسول الله : " اجعلوا إهلالكم بالحج عمرة إلا من قلد الهدي " . فطفنا بالبيت وبالصفا والمروة وأتينا النساء ولبسنا الثياب ثم أمرنا عشية التروية أن نهل بالحج فإذا فرغنا فقد تم حجنا وعلينا الهدي فجمعوا نسكين في عام بين الحج والعمرة فإن الله أنزله في كتابه وسنة نبيه وأباحه للناس من غير أهل مكة قال الله تعالى : ( ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام ) .ومن فاته الحج وفواته يكون بفوات الوقوف بعرفة حتى يطلع الفجر يوم النحر فإنه يتحلل بعمل العمرة وعليه القضاء من قابل والفدية وهي على الترتيب والتقدير كفدية التمتع والقرانأخبرنا أبو الحسن السرخسي أخبرنا زاهر بن أحمد أخبرنا أبو إسحاق الهاشمي أخبرنا أبو مصعب عن مالك عن نافع عن سليمان بن يسار أن هناد بن الأسود جاء يوم النحر وعمر بن الخطاب ينحر هديه فقال يا أمير المؤمنين أخطأنا العدد كنا نظن أن هذا اليوم يوم عرفة فقال له عمر : اذهب إلى مكة فطف أنت ومن معك بالبيت واسعوا بين الصفا والمروة وانحروا هديا إن كان معكم ثم احلقوا أو قصروا ثم ارجعوا فإذا كان عام قابل فحجوا واهدوا فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم .( واتقوا الله ) في أداء الأوامر ( واعلموا أن الله شديد العقاب ) على ارتكاب المناهي .
تفسير الجلالين التفسير الميسر تفسير السعدي تفسير البغوي التفسير الوسيط تفسير ابن كثير تفسير الطبري تفسير القرطبي إعراب الآية
واذكروا الله في أيام معدودات فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه لمن اتقى واتقوا الله واعلموا أنكم إليه تحشرون
﴿واعلموا﴾: واعرفوا. «and know»
قوله تعالى ( واذكروا الله ) يعني التكبيرات أدبار الصلاة وعند الجمرات يكبر مع كل حصاة وغيرها من الأوقات ( في أيام معدودات ) الأيام المعدودات هي أيام التشريق وهي أيام منى ورمي الجمار سميت معدودات لقلتهن كقوله : " دراهم معدودة " ( 20 - يوسف ) والأيام المعلومات عشر ذي الحجة آخرهن يوم النحر هذا قول أكثر أهل العلم وروي عن ابن عباس المعلومات يوم النحر ويومان بعده والمعدودات أيام التشريق وعن علي قال المعلومات يوم النحر وثلاثة أيام بعده وقال عطاء عن ابن عباس المعلومات يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق وقال محمد بن كعب : هما شيء واحد وهي أيام التشريق وروي عن نبيشة الهذلي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أيام التشريق أيام أكل ، وشرب وذكر الله " .ومن الذكر في أيام التشريق : التكبير واختلفوا فيه فروي عن عمر وعبد الله بن عمر أنهما كانا يكبران بمنى تلك الأيام خلف الصلاة وفي المجلس وعلى الفراش والفسطاط وفي الطريق ويكبر الناس بتكبيرهما ويتأولان هذه الآية . والتكبير أدبار الصلاة مشروع في هذه الأيام في حق الحاج وغير الحاج عند عامة العلماء واختلفوا في قدره فذهب قوم إلى أنه يبتدأ التكبير عقيب صلاة الصبح من يوم عرفة ويختتم بعد العصر من آخر أيام التشريق يروى ذلك عن علي رضي الله عنه وبه قال مكحول وإليه ذهب أبو يوسف رضي الله عنه وذهب قوم إلى أنه يبتدأ التكبير عقيب صلاة الصبح من يوم عرفة ويختتم بعد العصر من يوم النحر يروى ذلك عن ابن مسعود رضي الله عنه وبه قال أبو حنيفة وقال قوم يبتدأ عقيب صلاة الظهر من يوم النحر ويختتم بعد الصبح من آخر أيام التشريق يروى ذلك عن ابن عباس وبه قال مالك والشافعي قال الشافعي لأن الناس فيه تبع للحاج وذكر الحاج قبل هذا الوقت التلبية ويأخذون في التكبير يوم النحر من صلاة الظهر ولفظ التكبير كان سعيد بن جبير والحسن يقولان الله أكبر الله أكبر الله أكبر ثلاثا نسقا وهو قول أهل المدينة وإليه ذهب الشافعي وقال وما زاد من ذكر الله فهو حسن وعند أهل العراق يكبر اثنتين يروى ذلك عن ابن مسعود .قوله تعالى : ( فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ) أراد أن من نفر من الحاج في اليوم الثاني من أيام التشريق ( فلا إثم عليه ) وذلك أن على الحاج أن يبيت بمنى الليلة الأولى والثانية من أيام التشريق ويرمي كل يوم بعد الزوال إحدى وعشرين حصاة عند كل جمرة سبع حصيات ورخص في ترك البيتوتة لرعاء الإبل وأهل سقاية الحاج ثم كل من رمى اليوم الثاني من أيام التشريق وأراد أن ينفر فيدع البيتوتة الليلة الثالثة ورمى يومها فذلك له واسع لقوله تعالى ( فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ) ومن لم ينفر حتى غربت الشمس فعليه أن يبيت حتى يرمي اليوم الثالث ثم ينفر قوله تعالى ( ومن تأخر فلا إثم عليه ) يعني لا إثم على من تعجل فنفر في اليوم الثاني في تعجيله ومن تأخر حتى ينفر في اليوم الثالث ( فلا إثم عليه ) في تأخره . وقيل: معناه ( فمن تعجل ) فقد ترخص ( فلا إثم عليه ) بالترخص ( ومن تأخر فلا إثم عليه ) بترك الترخص وقيل معناه رجع مغفورا له لا ذنب عليه تعجل أو تأخر كما روينا من " حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه " وهذا قول علي وابن مسعود .قوله تعالى : ( لمن اتقى ) أي لمن اتقى أن يصيب في حجه شيئا نهاه الله عنه كما قال : من حج فلم يرفث ولم يفسق " قال ابن مسعود : إنما جعلت مغفرة الذنوب لمن اتقى الله تعالى في حجه وفي رواية الكلبي عن ابن عباس معناه ( لمن اتقى ) الصيد لا يحل له أن يقتل صيدا حتى تخلو أيام التشريق وقال أبو العالية ذهب إئمه إن اتقى فيما بقي من عمره ) واتقوا الله واعلموا أنكم إليه تحشرون ) تجمعون في الآخرة فيجزيكم بأعمالكم ] .
تفسير الجلالين التفسير الميسر تفسير السعدي تفسير البغوي التفسير الوسيط تفسير ابن كثير تفسير الطبري تفسير القرطبي إعراب الآية
فإن زللتم من بعد ما جاءتكم البينات فاعلموا أن الله عزيز حكيم
﴿فاعلموا﴾: فاعرفوا. «then know»
( فإن زللتم ) أي ضللتم وقيل: ملتم يقال : زلت قدمه تزل زلا وزللا إذا دحضت قال ابن عباس : يعني الشرك قال قتادة : قد علم الله أنه سيزل زالون من الناس فتقدم في ذلك وأوعد فيه ليكون له به الحجة عليهم ( من بعد ما جاءتكم البينات ) أي الدلالات الواضحات ( فاعلموا أن الله عزيز ) في نقمته ) ( حكيم ) في أمره فالعزيز : هو الغالب الذي لا يفوته شيء والحكيم : ذو الإصابة في الأمر .
تفسير الجلالين التفسير الميسر تفسير السعدي تفسير البغوي التفسير الوسيط تفسير ابن كثير تفسير الطبري تفسير القرطبي إعراب الآية
من : 1 - إلي : 5 - من مجموع : 44