الآيات المتضمنة كلمة فليس في القرآن الكريم
عدد الآيات: 11 آية
الزمن المستغرق0.81 ثانية.
الزمن المستغرق0.81 ثانية.
وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون
﴿فليستجيبوا﴾: استجابة العبد لله: قبول دعوته والايمان بها واتباعها. «So let them respond»
قوله تعالى : ( وإذا سألك عبادي عني فإني قريب ) روى الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال يهود أهل المدينة : يا محمد كيف يسمع ربنا دعاءنا وأنت تزعم أن بيننا وبين السماء مسيرة خمسمائة عام وإن غلظ كل سماء مثل ذلك فنزلت هذه الآية ، وقال الضحاك : سأل بعض الصحابة النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا أقريب ربنا فنناجيه أم بعيد فنناديه فأنزل الله تعالى : " وإذا سألك عبادي عني فإني قريب " وفيه إضمار كأنه قال فقل لهم إني قريب منهم بالعلم لا يخفى علي شيء كما قال " ونحن أقرب إليه من حبل الوريد " ( 16 - ق ) .أخبرنا عبد الواحد المليحي أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي أخبرنا محمد بن يوسف أخبرنا محمد بن إسماعيل أخبرنا عبد الواحد عن عاصم عن أبي عثمان عن أبي موسى الأشعري قال : لما غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر أو قال لما توجه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى خيبر أشرف الناس على واد فرفعوا أصواتهم بالتكبير الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعوا على أنفسكم إنكم لا تدعون أصم ولا غائبا إنكم تدعون سميعا قريبا وهو معكم " .قوله تعالى : ( أجيب دعوة الداع إذا دعان ) قرأ أهل المدينة غير قالون وأبو عمرو بإثبات الياء فيهما في الوصل والباقون بحذفها وصلا ووقفا وكذلك اختلف القراء في إثبات الياءات المحذوفة من الخط وحذفها في التلاوة ويثبت يعقوب جميعها وصلا ووقفا واتفقوا على إثبات ما هو مثبت في الخط وصلا ووقفا ( فليستجيبوا ) قيل: الاستجابة بمعنى الإجابة أي فليجيبوا لي بالطاعة والإجابة في اللغة الطاعة وإعطاء ما سئل فالإجابة من الله تعالى العطاء ومن العبد الطاعة ، وقيل فليستجيبوا لي أي ليستدعوا مني الإجابة وحقيقته فليطيعوني ( وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون ) لكي يهتدوا فإن قيل فما وجه قوله تعالى : ( أجيب دعوة الداع ) ( ادعوني أستجب لكم ) وقد يدعى كثيرا فلا يجيب قلنا اختلفوا في معنى الآيتين قيل معنى الدعاء هاهنا الطاعة ومعنى الإجابة الثواب وقيل معنى الآيتين خاص وإن كان لفظهما عاما تقديرهما : ( أجيب دعوة الداع ) إن شئت كما قال : " فيكشف ما تدعون إليه إن شاء " ( 41 - الأنعام ) أو أجيب دعوة الداعي إن وافق القضاء أو أجيبه إن كانت الإجابة خيرا له أو أجيبه إن لم يسأل محالاأخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي أخبرنا أبو منصور محمد بن محمد بن سمعان أخبرنا أبو جعفر محمد بن أحمد بن عبد الجبار الرياني أخبرنا حميد بن زنجويه أخبرنا عبد الله بن صالح حدثني معاوية بن صالح أن ربيعة بن زيد حدثه عن أبي إدريس عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : يستجيب الله لأحدكم ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم أو يستعجل قالوا وما الاستعجال يا رسول الله قال : يقول قد دعوتك يا رب قد دعوتك يا رب فلا أراك تستجيب لي فيستحسر عند ذلك فيدع الدعاء " .وقيل هو عام ومعنى قوله ( أجيب ) أي أسمع ويقال ليس في الآية أكثر من إجابة الدعوة فأما إعطاء المنية فليس بمذكور فيها وقد يجيب السيد عبده والوالد ولده ثم لا يعطيه سؤله فالإجابة كائنة لا محالة عند حصول الدعوة وقيل معنى الآية أنه لا يخيب دعاءه فإن قدر له ما سأل أعطاه وإن لم يقدره له ادخر له الثواب في الآخرة أو كف عنه به سوءا والدليل عليه ما أخبرنا عبد الواحد المليحي أخبرنا أبو منصور السمعاني أخبرنا أبو جعفر الرياني أخبرنا حميد بن زنجويه أخبرنا محمد بن يوسف أخبرنا ابن ثوبان وهو عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان عن أبيه عن مكحول عن جبير بن نفير عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه حدثهم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ما على الأرض رجل مسلم يدعو الله تعالى بدعوة إلا آتاه الله إياها أو كف عنه من السوء مثلها ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم " وقيل إن الله تعالى يجيب دعاء المؤمن في الوقت ويؤخر إعطاء مراده ليدعوه فيسمع صوته ويعجل إعطاء من لا يحبه لأنه يبغض صوته وقيل إن للدعاء آدابا وشرائط وهي أسباب الإجابة فمن استكملها كان من أهل الإجابة ومن أخل بها فهو من أهل الاعتداء في الدعاء فلا يستحق الإجابة
تفسير الجلالين التفسير الميسر تفسير السعدي تفسير البغوي التفسير الوسيط تفسير ابن كثير تفسير الطبري تفسير القرطبي إعراب الآية
﴿فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ قَالُوا لَا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾ [البقرة: 249]
سورة البقرة الآية 249, الترجمة, قراءة البقرة مدنية
فلما فصل طالوت بالجنود قال إن الله مبتليكم بنهر فمن شرب منه فليس مني ومن لم يطعمه فإنه مني إلا من اغترف غرفة بيده فشربوا منه إلا قليلا منهم فلما جاوزه هو والذين آمنوا معه قالوا لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده قال الذين يظنون أنهم ملاقو الله كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين
﴿فليس﴾: ليس: فعل ناسخ للنفي. «then he is not»
فلما فصل طالوت بالجنود ) أي خرج بهم وأصل الفصل : القطع يعني قطع مستقره شاخصا إلى غيره فخرج طالوت من بيت المقدس بالجنود وهم يومئذ سبعون ألف مقاتل وقيل: ثمانون ألفا لم يتخلف عنه إلا كبير لهرمه أو مريض لمرضه أو معذور لعذره وذلك أنهم لما رأوا التابوت لم يشكوا في النصر فتسارعوا إلى الجهاد فقال طالوت : لا حاجة لي في كل ما أرى لا يخرج معي رجل بنى بناء لم يفرغ منه ولا صاحب تجارة يشتغل بها ولا رجل عليه دين ، ولا رجل تزوج امرأة ولم يبن بها ولا أبتغي إلا الشباب النشيط الفارغ فاجتمع له ثمانون ألفا ممن شرطه وكان في حر شديد فشكوا قلة الماء بينهم وبين عدوهم فقالوا : إن المياه قليلة لا تحملنا فادع الله أن يجري لنا نهرا .( قال ) طالوت ( إن الله مبتليكم ) مختبركم ليرى طاعتكم - وهو أعلم - ( بنهر ) قال ابن عباس والسدي : هو نهر فلسطين وقال قتادة نهر بين الأردن وفلسطين عذب ( فمن شرب منه فليس مني ) أي ليس من أهل ديني وطاعتي ( ومن لم يطعمه ) يشربه ( فإنه مني إلا من اغترف غرفة بيده ) قرأ أهل الحجاز وأبو عمرو " غرفة " بفتح الغين وقرأ الآخرون بضم الغين وهما لغتان قال الكسائي : الغرفة بالضم الذي يحصل في الكف من الماء إذا غرف والغرفة : بالفتح الاغتراف فالضم اسم والفتح مصدر ( فشربوا منه إلا قليلا منهم ) نصب على الاستثناء واختلفوا في القليل الذين لم يشربوا فقال السدي : كانوا أربعة آلاف وقال غيره : ثلاثمائة وبضعة عشر وهو الصحيح .أخبرنا عبد الواحد المليحي أنا أحمد بن عبد الله النعيمي أنا محمد بن يوسف أنا محمد بن إسماعيل أنا عبد الله بن رجاء أنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن البراء قال : كنا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم نتحدث أن عدة أصحاب بدر على عدة أصحاب طالوت الذين جاوزوا معه النهر ولم يجاوز معه إلا مؤمن بضعة عشر وثلاثمائة .ويروى ثلاثمائة وثلاثة عشر فلما وصلوا إلى النهر وقد ألقي عليهم العطش فشرب منه الكل إلا هذا العدد القليل فمن اغترف غرفة كما أمر الله قوي قلبه وصح إيمانه وعبر النهر سالما وكفته تلك الغرفة الواحدة لشربه وحمله ودوابه والذين شربوا وخالفوا أمر الله اسودت شفاههم وغلبهم العطش فلم يرووا وبقوا على شط النهر وجبنوا عن لقاء العدو فلم يجاوزوا ولم يشهدوا الفتح .وقيل: كلهم جاوزوا ولكن لم يحضر القتال إلا الذين لم يشربوا ( فلما جاوزه ) يعني النهر ( هو ) يعني طالوت ( والذين آمنوا معه ) يعني القليل ( قالوا ) يعني الذين شربوا وخالفوا أمر الله وكانوا أهل شك ونفاق ( لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده ) قال ابن عباس رضي الله عنهما والسدي : فانحرفوا ولم يجاوزوا ( قال الذين يظنون ) يستيقنون ( أنهم ملاقو الله ) الذين ثبتوا مع طالوت ( كم من فئة ) جماعة وهي جمع لا واحد له من لفظه وجمعه فئات وفئون في الرفع وفئين في الخفض والنصب ( قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله ) بقضائه وإرادته ( والله مع الصابرين ) بالنصر والمعونة .
تفسير الجلالين التفسير الميسر تفسير السعدي تفسير البغوي التفسير الوسيط تفسير ابن كثير تفسير الطبري تفسير القرطبي إعراب الآية
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا وَلَا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلَّا تَرْتَابُوا إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلَّا تَكْتُبُوهَا وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ [البقرة: 282]
سورة البقرة الآية 282, الترجمة, قراءة البقرة مدنية
يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه وليكتب بينكم كاتب بالعدل ولا يأب كاتب أن يكتب كما علمه الله فليكتب وليملل الذي عليه الحق وليتق الله ربه ولا يبخس منه شيئا فإن كان الذي عليه الحق سفيها أو ضعيفا أو لا يستطيع أن يمل هو فليملل وليه بالعدل واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا ولا تسأموا أن تكتبوه صغيرا أو كبيرا إلى أجله ذلكم أقسط عند الله وأقوم للشهادة وأدنى ألا ترتابوا إلا أن تكون تجارة حاضرة تديرونها بينكم فليس عليكم جناح ألا تكتبوها وأشهدوا إذا تبايعتم ولا يضار كاتب ولا شهيد وإن تفعلوا فإنه فسوق بكم واتقوا الله ويعلمكم الله والله بكل شيء عليم
﴿فليس﴾: ليس: فعل ناسخ للنفي. «then not»
قوله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى ) قال ابن عباس رضي الله عنهما لما حرم الله الربا أباح السلم وقال : أشهد أن السلف المضمون إلى أجل مسمى قد أحله الله تعالى في كتابه وأذن فيه ثم قال " يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه " .قوله : ( إذا تداينتم ) أي تعاملتم بالدين يقال : داينته إذا عاملته بالدين وإنما قال ( بدين ) بعد قوله تداينتم لأن المداينة قد تكون مجازاة وقد تكون معاطاة فقيده بالدين ليعرف المراد من اللفظ وقيل: ذكره تأكيدا كقوله تعالى : " ولا طائر يطير بجناحيه " ( 38 - الأنعام) ( إلى أجل مسمى ) الأجل مدة معلومة الأول والآخر والأجل يلزم في الثمن في البيع وفي السلم حتى لا يكون لصاحب الحق الطلب قبل محله وفي القرض لا يلزم الأجل عند أكثر أهل العلم ( فاكتبوه ) أي اكتبوا الذي تداينتم به بيعا كان أو سلما أو قرضا .واختلفوا في هذه الكتابة : فقال بعضهم : هي واجبة والأكثرون على أنه أمر استحباب فإن ترك فلا بأس كقوله تعالى " فإذا قضيتم الصلاة فانتشروا في الأرض " ( 10 - الجمعة ) وقال بعضهم كانت كتابة الدين والإشهاد والرهن فرضا ثم نسخ الكل بقوله " فإن أمن بعضكم بعضا فليؤد الذي اؤتمن أمانته " وهو قول الشعبي ثم بين كيفية الكتابة فقال جل ذكره ( وليكتب بينكم ) أي ليكتب كتاب الدين بين الطالب والمطلوب ( كاتب بالعدل ) أي بالحق من غير زيادة ولا نقصان ولا تقديم أجل ولا تأخير ( ولا يأب ) أي لا يمتنع ( كاتب أن يكتب ) واختلفوا في وجوب الكتابة على الكاتب وتحمل الشهادة على الشاهد فذهب قوم إلى وجوبها إذا طولب وهو قول مجاهد وقال الحسن تجب إذا لم يكن كاتب غيره وقال قوم هو على الندب والاستحباب وقال الضحاك كانت عزيمة واجبة على الكاتب والشاهد فنسخها قوله تعالى " ولا يضار كاتب ولا شهيد( كما علمه الله ) أي كما شرعه الله وأمره ( فليكتب وليملل الذي عليه الحق ) يعني : المطلوب يقر على نفسه بلسانه ليعلم ما عليه والإملال والإملاء لغتان فصيحتان معناهما واحد جاء بهما القرآن فالإملال هاهنا والإملاء قوله تعالى : " فهي تملى عليه بكرة وأصيلا " ( 5 - الفرقان ) ( وليتق الله ربه ) يعني الممل ( ولا يبخس منه شيئا ) أي ولا ينقص منه أي من الحق الذي عليه شيئا .( فإن كان الذي عليه الحق سفيها ) أي جاهلا بالإملاء قاله مجاهد وقال الضحاك والسدي : طفلا صغيرا وقال الشافعي رحمه الله السفيه : المبذر المفسد لماله أو في دينه .قوله ( أو ضعيفا ) أي شيخا كبيرا وقيل هو ضعيف العقل لعته أو جنون ( أو لا يستطيع أن يمل هو ) لخرس أو عي أو عجمة أو حبس أو غيبة لا يمكنه حضور الكاتب أو جهل بما له وعليه ( فليملل وليه ) أي قيمه ( بالعدل ) أي بالصدق والحق وقال ابن عباس رضي الله عنه ومقاتل : أراد بالولي صاحب الحق يعني إن عجز من عليه الحق من الإملال فليملل ولي الحق وصاحب الدين بالعدل لأنه أعلم بحقه ( واستشهدوا ) أي وأشهدوا ( شهيدين ) أي شاهدين ( من رجالكم ) يعني الأحرار المسلمين دون العبيد والصبيان والكفار وهو قول أكثر أهل العلم وأجاز شريح وابن سيرين شهادة العبيد ( فإن لم يكونا رجلين ) أي لم يكن الشاهدان رجلين ( فرجل وامرأتان ) أي فليشهد رجل وامرأتان .وأجمع الفقهاء على أن شهادة النساء جائزة مع الرجال في الأموال حتى تثبت برجل وامرأتين واختلفوا في غير الأموال فذهب جماعة إلى أنه تجوز شهادتهن مع الرجال في غير العقوبات وهو قول سفيان الثوري وأصحاب الرأي وذهب جماعة إلى أن غير المال لا يثبت إلا برجلين عدلين وذهب الشافعي رحمه الله إلى أن ما يطلع عليه النساء غالبا كالولادة والرضاع والثيوبة والبكارة ونحوها يثبت بشهادة رجل وامرأتين وبشهادة أربع نسوة واتفقوا على أن شهادة النساء غير جائزة في العقوبات .قوله تعالى : ( ممن ترضون من الشهداء ) يعني من كان مرضيا في ديانته وأمانته وشرائط [ قبول ] الشهادة سبعة : الإسلام والحرية والعقل والبلوغ والعدالة والمروءة وانتفاء التهمة فشهادة الكافر مردودة لأن المعروفين بالكذب عند الناس لا تجوز شهادتهم فالذي يكذب على الله تعالى أولى أن يكون مردود الشهادة وجوز أصحاب الرأي شهادة أهل الذمة بعضهم على بعض ولا تقبل شهادة العبيد وأجازها شريح وابن سيرين وهو قول أنس بن مالك رضي الله عنه ولا قول للمجنون حتى يكون له شهادة ولا تجوز شهادة الصبيان سئل ابن عباس رضي الله عنهما عن ذلك؟ فقال : لا تجوز لأن الله تعالى يقول : " ممن ترضون من الشهداء " والعدالة شرط وهي أن يكون الشاهد مجتنبا للكبائر غير مصر على الصغائر والمروءة شرط وهي ما يتصل بآداب النفس مما يعلم أن تاركه قليل الحياء وهي حسن الهيئة والسيرة والعشرة والصناعة فإن كان الرجل يظهر من نفسه شيء منها ما يستحي أمثاله من إظهاره في الأغلب يعلم به قلة مروءته وترد شهادته وانتفاء التهمة شرط حتى لا تقبل شهادة العدو على العدو وإن كان مقبول الشهادة على غيره لأنه متهم في حق عدوه ولا تقبل شهادة الرجل لولده ووالده وإن كان مقبول الشهادة عليهما ولا تقبل شهادة من يجر بشهادته إلى نفسه نفعا كالوارث يشهد على رجل يقتل مورثه أو يدفع عن نفسه بشهادته ضررا كالمشهود عليه يشهد بجرح من يشهد عليه لتمكن التهمة في شهادته .أخبرنا أبو عبد الله محمد بن الحسن المروزي ، أخبرنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سراج الطحان أخبرنا أبو أحمد محمد بن قريش بن سليمان ، أخبرنا علي بن عبد العزيز المكي ، أخبرنا أبو عبيد القاسم بن سلام أخبرنا مروان الفزاري عن شيخ من أهل الحيرة يقال له يزيد بن زياد عن الزهري عن عروة عن عائشة رضي الله عنها ترفعه " لا تجوز شهادة خائن ولا خائنة ولا ذي غمر على أخيه ولا ظنين في ولاء ولا قرابة ولا القانع مع أهل البيت " .قوله تعالى : ( أن تضل إحداهما ) قرأ حمزة إن تضل بكسر الألف ( فتذكر ) برفع الراء ومعناه الجزاء والابتداء وموضع تضل جزم بالجزاء إلا أنه لا يتبين في التضعيف " فتذكر " رفع لأن ما بعد فاء الجزاء مبتدأ وقراءة العامة بفتح الألف ونصب الراء على الاتصال بالكلام الأول و " تضل " محله نصب بأن " فتذكر " منسوق عليه ومعنى الآية : فرجل وامرأتان كي تذكر ( إحداهما الأخرى ) ومعنى تضل أي تنسى يريد إذا نسيت إحداهما شهادتها تذكرها الأخرى فتقول : ألسنا حضرنا مجلس كذا وسمعنا كذا؟ قرأ ابن كثير وأهل البصرة : فتذكر مخففا وقرأ الباقون مشددا وذكر واذكر بمعنى واحد وهما متعديان من الذكر الذي هو ضد النسيان وحكي عن سفيان بن عيينة أنه قال : هو من الذكر أي تجعل إحداهما الأخرى ذكرا أي تصير شهادتهما كشهادة ذكر والأول أصح لأنه معطوف على النسيان .قوله تعالى : ( ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا ) قيل أراد به إذا ما دعوا لتحمل الشهادة سماهم شهداء على معنى أنهم يكونون شهداء وهو أمر إيجاب عند بعضهم وقال قوم : تجب الإجابة إذا لم يكن غيره فإن وجد غيره ( فهو مخير ) وهو قول الحسن وقال قوم : هو أمر ندب وهو مخير في جميع الأحوال وقال بعضهم هذا في إقامة الشهادة وأدائها فمعنى الآية " ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا " لأداء الشهادة التي تحملوها وهو قول مجاهد وعطاء وعكرمة وسعيد بن جبير ، وقال الشعبي : الشاهد بالخيار ما لم يشهد وقال الحسن : الآية في الأمرين جميعا في التحمل والإقامة إذا كان فارغا .( ولا تسأموا ) أي ولا تملوا ( أن تكتبوه ) والهاء راجعة إلى الحق ( صغيرا ) كان الحق ( أو كبيرا ) قليلا كان أو كثيرا ( إلى أجله ) إلى محل الحق ( ذلكم ) أي الكتاب ( أقسط ) أعدل ( عند الله ) لأنه أمر به واتباع أمره أعدل من تركه ( وأقوم للشهادة ) لأن الكتابة تذكر الشهود ( وأدنى ) وأحرى وأقرب إلى ( ألا ترتابوا ) تشكوا في الشهادة ( إلا أن تكون تجارة حاضرة ) قرأهما عاصم بالنصب على خبر كان وأضمر الاسم مجازه : إلا أن تكون التجارة تجارة ( حاضرة ) أو المبايعة تجارة وقرأ الباقون بالرفع وله وجهان :أحدهما : أن تجعل الكون بمعنى الوقوع معناه إلا أن تقع تجارة .والثاني : أن تجعل الاسم في التجارة والخبر في الفعل وهو قوله ( تديرونها بينكم ) تقديره إلا أن تكون تجارة حاضرة دائرة بينكم ومعنى الآية إلا أن تكون تجارة حاضرة يدا بيد تديرونها بينكم ليس فيها أجل ( فليس عليكم جناح ألا تكتبوها ) يعني التجارة ( وأشهدوا إذا تبايعتم ) قال الضحاك : هو عزم من الله تعالى والإشهاد واجب في صغير الحق وكبيره نقدا أو نسيئا وقال أبو سعيد الخدري رضي الله عنه : الأمر فيه إلى الأمانة لقوله تعالى " فإن أمن بعضكم بعضا " الآية وقال الآخرون هو أمر ندب .قوله تعالى : ( ولا يضار كاتب ولا شهيد ) هذا نهي للغائب وأصله يضارر فأدغمت إحدى الرائين في الأخرى ونصبت لحق التضعيف لاجتماع الساكنين واختلفوا فيه فمنهم من قال : أصله يضارر بكسر الراء الأولى وجعل الفعل للكاتب والشهيد معناه لا يضار الكاتب فيأبى أن يكتب ولا الشهيد فيأبى أن يشهد ولا يضار الكاتب فيزيد أو ينقص أو يحرف ما أملي عليه ولا الشهيد فيشهد بما لم يستشهد عليه وهذا قول طاووس والحسن وقتادة وقال قوم : أصله يضارر بفتح الراء على الفعل المجهول وجعلوا الكاتب والشهيد مفعولين ومعناه أن يدعو الرجل الكاتب أو الشاهد وهما على شغل مهم فيقولان : نحن على شغل مهم فاطلب غيرنا فيقول الداعي : إن الله أمركما أن تجيبا ويلح عليهما فيشغلهما عن حاجتهما فنهى عن ذلك وأمر بطلب غيرهما ( وإن تفعلوا ) ما نهيتكم عنه من الضرر ( فإنه فسوق بكم ) أي معصية وخروج عن الأمر ( واتقوا الله ويعلمكم الله والله بكل شيء عليم ) .
تفسير الجلالين التفسير الميسر تفسير السعدي تفسير البغوي التفسير الوسيط تفسير ابن كثير تفسير الطبري تفسير القرطبي إعراب الآية
﴿لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ﴾ [آل عمران: 28]
سورة آل عمران الآية 28, الترجمة, قراءة آل عمران مدنية
لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء إلا أن تتقوا منهم تقاة ويحذركم الله نفسه وإلى الله المصير
﴿فليس﴾: ليس: فعل ناسخ للنفي. «then not he (has)»
قوله عز وجل : ( لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ) قال ابن عباس رضي الله عنه : كان الحجاج بن عمرو بن أبي الحقيق وقيس بن زيد ( يظنون ) بنفر من الأنصار ليفتنوهم عن دينهم ، فقال رفاعة بن المنذر وعبد الله بن جبير وسعيد بن خيثمة لأولئك النفر : اجتنبوا هؤلاء اليهود لا يفتنونكم عن دينكم ، فأبى أولئك النفر إلا مباطنتهم فأنزل الله تعالى هذه الآيةوقال مقاتل : نزلت في حاطب بن أبي بلتعة وغيره وكانوا يظهرون المودة لكفار مكة .وقال الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما نزلت في المنافقين عبد الله بن أبي وأصحابه كانوا يتولون اليهود والمشركين ويأتونهم بالأخبار ويرجون أن يكون لهم الظفر على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله عز وجل هذه الآية ، ونهى المؤمنين عن مثل [ فعلهم ] .قوله تعالى : ( ومن يفعل ذلك ) أي موالاة الكفار في نقل الأخبار إليهم وإظهارهم على عورة المسلمين ( فليس من الله في شيء ) [ أي ليس من دين الله في شيء ] ثم استثنى فقال ( إلا أن تتقوا منهم تقاة ) يعني : إلا أن تخافوا منهم مخافة ، قرأ مجاهد ويعقوب " تقية " على وزن بقية لأنهم كتبوها بالياء ولم يكتبوها بالألف ، مثل حصاة ونواة ، وهي مصدر يقال تقيته تقاة وتقى تقية وتقوى فإذا قلت اتقيت كان المصدر الاتقاء ، وإنما قال تتقوا من الاتقاء ثم قال : تقاة ولم يقل اتقاء لأن معنى اللفظين إذا كان واحدا يجوز إخراج مصدر أحدهما على لفظ الآخر كقوله تعالى : " وتبتل إليه تبتيلا " ( 8 - المزمل ) ومعنى الآية : أن الله تعالى نهى المؤمنين عن موالاة الكفار ومداهنتهم ومباطنتهم إلا أن يكون الكفار غالبين ظاهرين ، أو يكون المؤمن في قوم كفار يخافهم فيداريهم باللسان وقلبه مطمئن بالإيمان دفعا عن نفسه من غير أن يستحل دما حراما أو مالا حراما ، أو يظهر الكفار على عورة المسلمين ، والتقية لا تكون إلا مع خوف القتل وسلامة النية ، قال الله تعالى : " إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان " ( 106 - النحل ) ثم هذا رخصة ، فلو صبر حتى قتل فله أجر عظيم وأنكر قوم التقية [ اليوم ] قال معاذ بن جبل ومجاهد : كانت التقية في [ بدو ] الإسلام قبل استحكام الدين وقوة المسلمين ، وأما اليوم فقد أعز الله الإسلام فليس ينبغي لأهل الإسلام أن يتقوا من عدوهم ، وقال يحيى البكاء : قلت لسعيد بن جبير في أيام الحجاج : إن الحسن كان يقول لكم التقية باللسان والقلب مطمئن بالإيمان؟ فقال سعيد : ليس في الإسلام تقية إنما التقية في أهل الحرب ( ويحذركم الله نفسه ) أي يخوفكم الله عقوبته على موالاة الكفار وارتكاب المنهي عنه ومخالفة المأمور ( وإلى الله المصير ) .
تفسير الجلالين التفسير الميسر تفسير السعدي تفسير البغوي التفسير الوسيط تفسير ابن كثير تفسير الطبري تفسير القرطبي إعراب الآية
﴿وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا﴾ [النساء: 6]
سورة النساء الآية 6, الترجمة, قراءة النساء مدنية
وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم ولا تأكلوها إسرافا وبدارا أن يكبروا ومن كان غنيا فليستعفف ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف فإذا دفعتم إليهم أموالهم فأشهدوا عليهم وكفى بالله حسيبا
﴿فليستعفف﴾: فليطلب العفة، وليكف عن أكل مال اليتيم. «then he should refrain»
قوله تعالى : ( وابتلوا اليتامى ) الآية نزلت في ثابت بن رفاعة وفي عمه ، وذلك أن رفاعة توفي وترك ابنه ثابتا وهو صغير ، فجاء عمه إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال : إن ابن أخي يتيم في حجري ، فما يحل لي من ماله ومتى أدفع إليه ماله؟ فأنزل الله تعالى هذه الآية ( وابتلوا اليتامى ) اختبروهم في عقولهم وأديانهم وحفظهم أموالهم ، ( حتى إذا بلغوا النكاح ) أي : مبلغ الرجال والنساء ، ( فإن آنستم ) أبصرتم ، ( منهم رشدا ) فقال المفسرون يعني : عقلا وصلاحا في الدين وحفظا للمال وعلما بما يصلحه . وقال سعيد بن جبير ومجاهد والشعبي : لا يدفع إليه ماله وإن كان شيخا حتى يؤنس منه رشده .والابتلاء يختلف باختلاف أحوالهم فإن كان ممن يتصرف في السوق فيدفع الولي إليه شيئا يسيرا من المال وينظر في تصرفه وإن كان ممن لا يتصرف في السوق فيتخبره في نفقة داره ، والإنفاق على عبيده وأجرائه ، وتختبر المرأة في أمر بيتها وحفظ متاعها وغزلها واستغزالها ، فإذا رأى حسن تدبيره ، وتصرفه في الأمور مرارا =يغلب على القلب رشده ، دفع المال إليه .واعلم أن الله تعالى علق زوال الحجر عن الصغير وجواز دفع المال إليه بشيئين : بالبلوغ والرشد ، فالبلوغ يكون بأحد ( أشياء أربعة ) ، اثنان يشترك فيهما الرجال والنساء ، واثنان تختصان بالنساء :فما يشترك فيه الرجال والنساء أحدهما السن ، والثاني الاحتلام ، أما السن فإذا استكمل المولود خمس عشرة سنة حكم ببلوغه غلاما كان أو جارية ، لما أخبرنا عبد الوهاب بن محمد الخطيب ، أنا عبد العزيز بن أحمد الخلال ، أنا أبو العباس الأصم ، أنا الربيع ، أنا الشافعي ، أخبرنا سفيان بن عيينة عن عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : عرضت على رسول الله صلى الله عليه وسلم عام أحد وأنا ابن أربع عشرة سنة ، فردني ، ثم عرضت عليه عام الخندق وأنا ابن خمس عشرة سنة فأجازني ، قال نافع : فحدثت بهذا الحديث عمر بن عبد العزيز ، فقال : هذا فرق بين المقاتلة والذرية ، وكتب أن يفرض لابن خمس عشرة سنة في المقاتلة ، ومن لم يبلغها في الذرية . وهذا قول أكثر أهل العلم .وقال أبو حنيفة رحمه الله تعالى : بلوغ الجارية باستكمال سبع عشرة ، وبلوغ الغلام باستكمال ثماني عشرة سنة .وأما الاحتلام فنعني به نزول المني سواء كان بالاحتلام أو بالجماع ، أو غيرهما ، فإذا وجدت ذلك بعد استكمال تسع سنين من أيهما كان حكم ببلوغه ، لقوله تعالى : ( وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا ) وقال النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ في الجزية حين بعثه إلى اليمن : " خذ من كل حالم دينارا " .وأما الإنبات ، وهو نبات الشعر الخشن حول الفرج : فهو بلوغ في أولاد المشركين ، لما روي عن عطية القرظي قال : كنت من سبي قريظة ، فكانوا ينظرون فمن =أنبت الشعر قتل ، ومن لم ينبت لم يقتل ، فكنت ممن لم ينبت .وهل يكون ذلك بلوغا في أولاد المسلمين؟ فيه قولان ، أحدهما : يكون بلوغا كما في أولاد الكفار ، والثاني : لا يكون بلوغا لأنه يمكن الوقوف على مواليد المسلمين بالرجوع إلى آبائهم ، وفي الكفار لا يوقف على مواليدهم ، ولا يقبل قول آبائهم فيه لكفرهم ، فجعل الإنبات الذي هو أمارة البلوغ بلوغا في حقهم .وأما ما يختص بالنساء : فالحيض والحبل ، فإذا حاضت المرأة بعد استكمال تسع سنين يحكم ببلوغها ، وكذلك إذا ولدت يحكم ببلوغها قبل الوضع بستة أشهر لأنها أقل مدة الحمل .وأما الرشد : فهو أن يكون مصلحا في دينه وماله ، فالصلاح في الدين هو أن يكون مجتنبا عن الفواحش والمعاصي التي تسقط العدالة ، والصلاح في المال هو أن لا يكون مبذرا ، والتبذير : هو أن ينفق ماله فيما لا يكون فيه محمدة دنيوية ولا مثوبة أخروية ، أو لا يحسن التصرف فيها ، فيغبن في البيوع فإذا بلغ الصبي وهو مفسد في دينه وغير مصلح لماله ، دام الحجر عليه ، ولا يدفع إليه ماله ولا ينفذ تصرفه .وعند أبي حنيفة رضي الله عنه إذا كان مصلحا لماله زال الحجر عنه وإن كان مفسدا في دينه ، وإذا كان مفسدا لماله قال : لا يدفع إليه المال حتى يبلغ خمسا وعشرين سنة ، غير أن تصرفه يكون نافذا قبله . والقرآن حجة لمن استدام الحجر عليه ، لأن الله تعالى قال : ( حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم ) أمر بدفع المال إليهم بعد البلوغ وإيناس الرشد ، والفاسق لا يكون رشيدا وبعد بلوغه خمسا وعشرين سنة ، وهو مفسد لماله بالاتفاق غير رشيد ، فوجب أن لا يجوز دفع المال إليه كما قبل بلوغ هذا السن .وإذا بلغ وأونس منه الرشد ، زال الحجر عنه ، ودفع إليه المال رجلا كان أو امرأة تزوج أو لم يتزوج .وعند مالك رحمه الله تعالى : إن كانت امرأة لا يدفع المال إليها ما لم تتزوج ، فإذا تزوجت دفع إليها ، ولكن لا ينفذ تصرفها إلا بإذن الزوج ، ما لم تكبر وتجرب .فإذا بلغ الصبي رشيدا وزال الحجر عنه ثم عاد سفيها ، نظر : فإن عاد مبذرا لماله حجر عليه ، وإن عاد مفسدا في دينه فعلى وجهين : أحدهما : يعاد الحجر عليه كما يستدام الحجر عليه إذا بلغ بهذه الصفة ، والثاني : لا يعاد لأن حكم الدوام أقوى من حكم الابتداء .وعند أبي حنيفة رحمه الله تعالى : لا حجر على الحر العاقل البالغ بحال ، والدليل على إثبات الحجر من اتفاق الصحابة رضي الله عنهم ما روي عن هشام بن عروة عن أبيه أن عبد الله بن جعفر ابتاع أرضا سبخة بستين ألف درهم ، فقال علي : لآتين عثمان فلأحجرن عليك فأتى ابن جعفر الزبير فأعلمه بذلك [ فقال الزبير : أنا شريكك في بيعتك ، فأتى علي عثمان وقال : احجر على هذا ] ، فقال الزبير : أنا شريكه ، فقال عثمان : كيف أحجر على رجل في بيع شريكه فيه الزبير ، فكان ذلك اتفاقا منهم على جواز الحجر حتى احتال الزبير في دفعه .قوله تعالى : ( ولا تأكلوها ) يا معشر الأولياء ( إسرافا ) بغير حق ، ( وبدارا ) أي مبادرة ( أن يكبروا ) ( أن ) في محل النصب ، يعني : لا تبادروا كبرهم ورشدهم حذرا من أن يبلغوا فيلزمكم تسليمها إليهم ، ثم بين ما يحل لهم من مالهم فقال : ( ومن كان غنيا فليستعفف ) أي ليمتنع من مال اليتيم فلا يرزأه قليلا ولا كثيرا ، والعفة : الامتناع مما لا يحل ( ومن كان فقيرا ) محتاجا إلى مال اليتيم وهو يحفظه ويتعهده فليأكل بالمعروف .أخبرنا محمد بن الحسن المروزي ، أخبرنا أبو سهل محمد بن عمر السجزي ، أخبرنا الإمام أبو سليمان الخطابي ، أخبرنا أبو بكر بن داسة التمار ، أخبرنا أبو داؤد السجستاني ، أخبرنا حميد بن مسعدة ، أن خالد بن الحارث حدثهم أخبرنا حسين يعني المعلم عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنه أن رجلا أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إني فقير وليس لي شيء ولي يتيم؟ فقال : " كل من مال يتيمك غير مسرف ولا مبادر ولا متأثل " .واختلفوا في أنه هل يلزمه القضاء؟ فذهب بعضهم إلى أنه يقضي إذا أيسر ، وهو المراد من قوله ( فليأكل بالمعروف ) فالمعروف القرض ، أي : يستقرض من مال اليتيم إذا احتاج إليه ، فإذا أيسر قضاه ، وهو قول مجاهد وسعيد بن جبير ، قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : إني أنزلت نفسي من مال الله تعالى بمنزلة مال اليتيم : إن استغنيت استعففت وإن افتقرت أكلت بالمعروف ، فإذا أيسرت قضيت .وقال الشعبي : لا يأكله إلا أن يضطر إليه كما يضطر إلى الميتة .وقال قوم : لا قضاء عليه .ثم اختلفوا في كيفية هذا الأكل بالمعروف ، فقال عطاء وعكرمة : يأكل بأطراف أصابعه ، ولا يسرف ولا يكتسي منه ، ولا يلبس الكتان ولا الحلل ، ولكن ما سد الجوعة ووارى العورة .وقال الحسن وجماعة : يأكل من ثمر نخيله ولبن مواشيه بالمعروف ولا قضاء عليه ، فأما الذهب والفضة فلا؛ فإن أخذ شيئا منه رده .وقال الكلبي : المعروف ركوب الدابة وخدمة الخادم ، وليس له أن يأكل من ماله شيئا .أخبرنا أبو الحسن السرخسي ، أخبرنا زاهر بن أحمد ، أنا أبو إسحاق الهاشمي ، أنا أبو مصعب ، عن مالك ، عن يحيى بن سعيد ، أنه قال سمعت القاسم بن محمد يقول : جاء رجل إلى ابن عباس رضي الله عنهما قال : إن لي يتيما وإن له إبلا أفأشرب من لبن إبله؟ فقال : إن كنت تبغي ضالة إبله وتهنأ جرباها وتليط حوضها وتسقيها يوم وردها فاشرب غير مضر بنسل ولا ناهك في الحلب .وقال بعضهم : والمعروف أن يأخذ من جميع ماله بقدر قيامه وأجرة عمله ، ولا قضاء عليه ، وهو قول عائشة وجماعة من أهل العلم .قوله تعالى : ( فإذا دفعتم إليهم أموالهم فأشهدوا عليهم ) هذا أمر إرشاد ، ليس بواجب ، أمر الولي بالإشهاد على دفع المال إلى اليتيم بعدما بلغ لتزول عنه التهمة وتنقطع الخصومة ، ( وكفى بالله حسيبا ) محاسبا ومجازيا وشاهدا .
تفسير الجلالين التفسير الميسر تفسير السعدي تفسير البغوي التفسير الوسيط تفسير ابن كثير تفسير الطبري تفسير القرطبي إعراب الآية
من : 1 - إلي : 5 - من مجموع : 11