سورة الأعراف | للقراءة من المصحف بخط كبير واضح
استماع mp3 | الجلالين&الميسر | تفسير الشوكاني |
إعراب الصفحة | تفسير ابن كثير | تفسير القرطبي |
التفسير المختصر | تفسير الطبري | تفسير السعدي |
تفسير السعدي تفسير الصفحة 172 من المصحف
وفرقة اكتفت بإنكار أولئك عليهم، ونهيهم لهم، وقالوا لهم: لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا كأنهم يقولون: لا فائدة في وعظ من اقتحم محارم اللّه، ولم يصغ للنصيح، بل استمر على اعتدائه وطغيانه، فإنه لا بد أن يعاقبهم اللّه، إما بهلاك أو عذاب شديد.
فقال الواعظون: نعظهم وننهاهم مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ أي: لنعذر فيهم.
وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أي: يتركون ما هم فيه من المعصية، فلا نيأس من هدايتهم، فربما نجع فيهم الوعظ، وأثر فيهم اللوم.
وهذا المقصود الأعظم من إنكار المنكر ليكون معذرة، وإقامة حجة على المأمور المنهي، ولعل اللّه أن يهديه، فيعمل بمقتضى ذلك الأمر، والنهي.
فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أي: تركوا ما ذكروا به، واستمروا على غيهم واعتدائهم.
أَنْجَيْنَا من العذاب الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وهكذا سنة اللّه في عباده، أن العقوبة إذا نزلت نجا منها الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر.
وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا وهم الذين اعتدوا في السبت بِعَذَابٍ بَئِيسٍ أي: شديد بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ
وأما الفرقة الأخرى التي قالت للناهين: لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ فاختلف المفسرون في نجاتهم وهلاكهم، والظاهر أنهم كانوا من الناجين، لأن اللّه خص الهلاك بالظالمين، وهو لم يذكر أنهم ظالمون.
فدل على أن العقوبة خاصة بالمعتدين في السبت، ولأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرض كفاية، إذا قام به البعض سقط عن الآخرين، فاكتفوا بإنكار أولئك، ولأنهم أنكروا عليهم بقولهم: لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا فأبدوا من غضبهم عليهم، ما يقتضي أنهم كارهون أشد الكراهة لفعلهم، وأن اللّه سيعاقبهم أشد العقوبة.
وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الأَرْضِ أُمَمًا ( 168 - 170 ) أي: فرقناهم ومزقناهم في الأرض بعد ما كانوا مجتمعين، مِنْهُمُ الصَّالِحُونَ القائمون بحقوق اللّه، وحقوق عباده، وَمِنْهُمْ دُونَ ذَلِكَ أي: دون الصلاح، إما مقتصدون، وإما ظالمون لأنفسهم، وَبَلَوْنَاهُمْ على عادتنا وسنتنا، بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ أي: بالعسر واليسر.
لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ عما هم عليه مقيمون من الردى، يراجعون ما خلقوا له من الهدى، فلم يزالوا بين صالح وطالح ومقتصد، حتى خلف من بعدهم خلف. زاد شرهم وَرِثُوا بعدهم الْكِتَابَ وصار المرجع فيه إليهم، وصاروا يتصرفون فيه بأهوائهم، وتبذل لهم الأموال، ليفتوا ويحكموا، بغير الحق، وفشت فيهم الرشوة.
يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الأَدْنَى وَيَقُولُونَ مقرين بأنه ذنب وأنهم ظلمة: سَيُغْفَرُ لَنَا وهذا قول خال من الحقيقة، فإنه ليس استغفارا وطلبا للمغفرة على الحقيقة.
فلو كان ذلك لندموا على ما فعلوا، وعزموا على أن لا يعودوا، ولكنهم - إذا أتاهم عرض آخر، ورشوة أخرى - يأخذوه.
فاشتروا بآيات اللّه ثمنا قليلا واستبدلوا الذي هو أدنى بالذي هو خير، قال اللّه [ تعالى ] في الإنكار عليهم، وبيان جراءتهم: أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثَاقُ الْكِتَابِ أَنْ لا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلا الْحَقَّ فما بالهم يقولون عليه غير الحق اتباعا لأهوائهم، وميلا مع مطامعهم.
( و ) الحال أنهم قد ( دَرَسُوا مَا فِيهِ ) فليس عليهم فيه إشكال، بل قد أَتَوْا أمرهم متعمدين، وكانوا في أمرهم مستبصرين، وهذا أعظم للذنب، وأشد للوم، وأشنع للعقوبة، وهذا من نقص عقولهم، وسفاهة رأيهم، بإيثار الحياة الدنيا على الآخرة، ولهذا قال: وَالدَّارُ الآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ ما حرم اللّه عليهم، من المآكل التي تصاب، وتؤكل رشوة على الحكم بغير ما أنزل اللّه، وغير ذلك من أنواع المحرمات.
أَفَلا تَعْقِلُونَ أي: أفلا يكون لكم عقول توازن بين ما ينبغي إيثاره، وما ينبغي الإيثار عليه، وما هو أولى بالسعي إليه، والتقديم له على غيره. فخاصية العقل النظر للعواقب.
وأما من نظر إلى عاجل طفيف منقطع، يفوت نعيما عظيما باقيا فأنى له العقل والرأي؟
وإنما العقلاء حقيقة من وصفهم اللّه بقوله وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ أي: يتمسكون به علما وعملا فيعلمون ما فيه من الأحكام والأخبار، التي علمها أشرف العلوم.
ويعلمون بما فيها من الأوامر التي هي قرة العيون وسرور القلوب، وأفراح الأرواح، وصلاح الدنيا والآخرة.
ومن أعظم ما يجب التمسك به من المأمورات، إقامة الصلاة، ظاهرا وباطنا، ولهذا خصها الله بالذكر لفضلها، وشرفها، وكونها ميزان الإيمان، وإقامتها داعية لإقامة غيرها من العبادات.
ولما كان عملهم كله إصلاحا، قال تعالى: إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ في أقوالهم وأعمالهم ونياتهم، مصلحين لأنفسهم ولغيرهم.
وهذه الآية وما أشبهها دلت على أن اللّه بعث رسله عليهم الصلاة والسلام بالصلاح لا بالفساد، وبالمنافع لا بالمضار، وأنهم بعثوا بصلاح الدارين، فكل من كان أصلح، كان أقرب إلى اتباعهم.
فقال الواعظون: نعظهم وننهاهم مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ أي: لنعذر فيهم.
وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أي: يتركون ما هم فيه من المعصية، فلا نيأس من هدايتهم، فربما نجع فيهم الوعظ، وأثر فيهم اللوم.
وهذا المقصود الأعظم من إنكار المنكر ليكون معذرة، وإقامة حجة على المأمور المنهي، ولعل اللّه أن يهديه، فيعمل بمقتضى ذلك الأمر، والنهي.
فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أي: تركوا ما ذكروا به، واستمروا على غيهم واعتدائهم.
أَنْجَيْنَا من العذاب الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وهكذا سنة اللّه في عباده، أن العقوبة إذا نزلت نجا منها الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر.
وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا وهم الذين اعتدوا في السبت بِعَذَابٍ بَئِيسٍ أي: شديد بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ
وأما الفرقة الأخرى التي قالت للناهين: لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ فاختلف المفسرون في نجاتهم وهلاكهم، والظاهر أنهم كانوا من الناجين، لأن اللّه خص الهلاك بالظالمين، وهو لم يذكر أنهم ظالمون.
فدل على أن العقوبة خاصة بالمعتدين في السبت، ولأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرض كفاية، إذا قام به البعض سقط عن الآخرين، فاكتفوا بإنكار أولئك، ولأنهم أنكروا عليهم بقولهم: لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا فأبدوا من غضبهم عليهم، ما يقتضي أنهم كارهون أشد الكراهة لفعلهم، وأن اللّه سيعاقبهم أشد العقوبة.
فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ ( 166 ) أي: قسوا فلم يلينوا، ولا اتعظوا، قُلْنَا لَهُمْ قولا قدريا: كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ فانقلبوا بإذن اللّه قردة، وأبعدهم اللّه من رحمته، ثم ذكر ضرب الذلة والصغار على من بقي منهم فقال:
وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ ( 167 ) أي: أعلم إعلاما صريحا: لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ أي: يهينهم، ويذلهم.
إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ لمن عصاه، حتى إنه يعجل له العقوبة في الدنيا. وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ لمن تاب إليه وأناب، يغفر له الذنوب، ويستر عليه العيوب، ويرحمه بأن يتقبل منه الطاعات، ويثيبه عليها بأنواع المثوبات، وقد فعل اللّه بهم ما أوعدهم به، فلا يزالون في ذل وإهانة، تحت حكم غيرهم، لا تقوم لهم راية، ولا ينصر لهم عَلَمٌ. وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الأَرْضِ أُمَمًا ( 168 - 170 ) أي: فرقناهم ومزقناهم في الأرض بعد ما كانوا مجتمعين، مِنْهُمُ الصَّالِحُونَ القائمون بحقوق اللّه، وحقوق عباده، وَمِنْهُمْ دُونَ ذَلِكَ أي: دون الصلاح، إما مقتصدون، وإما ظالمون لأنفسهم، وَبَلَوْنَاهُمْ على عادتنا وسنتنا، بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ أي: بالعسر واليسر.
لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ عما هم عليه مقيمون من الردى، يراجعون ما خلقوا له من الهدى، فلم يزالوا بين صالح وطالح ومقتصد، حتى خلف من بعدهم خلف. زاد شرهم وَرِثُوا بعدهم الْكِتَابَ وصار المرجع فيه إليهم، وصاروا يتصرفون فيه بأهوائهم، وتبذل لهم الأموال، ليفتوا ويحكموا، بغير الحق، وفشت فيهم الرشوة.
يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الأَدْنَى وَيَقُولُونَ مقرين بأنه ذنب وأنهم ظلمة: سَيُغْفَرُ لَنَا وهذا قول خال من الحقيقة، فإنه ليس استغفارا وطلبا للمغفرة على الحقيقة.
فلو كان ذلك لندموا على ما فعلوا، وعزموا على أن لا يعودوا، ولكنهم - إذا أتاهم عرض آخر، ورشوة أخرى - يأخذوه.
فاشتروا بآيات اللّه ثمنا قليلا واستبدلوا الذي هو أدنى بالذي هو خير، قال اللّه [ تعالى ] في الإنكار عليهم، وبيان جراءتهم: أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثَاقُ الْكِتَابِ أَنْ لا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلا الْحَقَّ فما بالهم يقولون عليه غير الحق اتباعا لأهوائهم، وميلا مع مطامعهم.
( و ) الحال أنهم قد ( دَرَسُوا مَا فِيهِ ) فليس عليهم فيه إشكال، بل قد أَتَوْا أمرهم متعمدين، وكانوا في أمرهم مستبصرين، وهذا أعظم للذنب، وأشد للوم، وأشنع للعقوبة، وهذا من نقص عقولهم، وسفاهة رأيهم، بإيثار الحياة الدنيا على الآخرة، ولهذا قال: وَالدَّارُ الآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ ما حرم اللّه عليهم، من المآكل التي تصاب، وتؤكل رشوة على الحكم بغير ما أنزل اللّه، وغير ذلك من أنواع المحرمات.
أَفَلا تَعْقِلُونَ أي: أفلا يكون لكم عقول توازن بين ما ينبغي إيثاره، وما ينبغي الإيثار عليه، وما هو أولى بالسعي إليه، والتقديم له على غيره. فخاصية العقل النظر للعواقب.
وأما من نظر إلى عاجل طفيف منقطع، يفوت نعيما عظيما باقيا فأنى له العقل والرأي؟
وإنما العقلاء حقيقة من وصفهم اللّه بقوله وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ أي: يتمسكون به علما وعملا فيعلمون ما فيه من الأحكام والأخبار، التي علمها أشرف العلوم.
ويعلمون بما فيها من الأوامر التي هي قرة العيون وسرور القلوب، وأفراح الأرواح، وصلاح الدنيا والآخرة.
ومن أعظم ما يجب التمسك به من المأمورات، إقامة الصلاة، ظاهرا وباطنا، ولهذا خصها الله بالذكر لفضلها، وشرفها، وكونها ميزان الإيمان، وإقامتها داعية لإقامة غيرها من العبادات.
ولما كان عملهم كله إصلاحا، قال تعالى: إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ في أقوالهم وأعمالهم ونياتهم، مصلحين لأنفسهم ولغيرهم.
وهذه الآية وما أشبهها دلت على أن اللّه بعث رسله عليهم الصلاة والسلام بالصلاح لا بالفساد، وبالمنافع لا بالمضار، وأنهم بعثوا بصلاح الدارين، فكل من كان أصلح، كان أقرب إلى اتباعهم.
الصفحة رقم 172 من المصحف تحميل و استماع mp3