سورة يونس | للقراءة من المصحف بخط كبير واضح
استماع mp3 | الجلالين&الميسر | تفسير الشوكاني |
إعراب الصفحة | تفسير ابن كثير | تفسير القرطبي |
التفسير المختصر | تفسير الطبري | تفسير السعدي |
تفسير السعدي تفسير الصفحة 214 من المصحف
فإذا فسدت عقولهم وأسماعهم وأبصارهم التي هي الطرق الموصلة إلى العلم ومعرفة الحقائق، فأين الطريق الموصل لهم إلى الحق؟
ودل قوله: ( وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْظُرُ إِلَيْكَ ) الآية، أن النظر إلى حالة النبي صلى الله عليه وسلم، وهديه وأخلاقه وأعماله وما يدعو إليه من أعظم الأدلة على صدقه وصحة ما جاء به، وأنه يكفي البصير عن غيره من الأدلة.
وقوله: ( إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا ) فلا يزيد في سيئاتهم، ولا ينقص من حسناتهم.
( وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ) يجيئهم الحق فلا يقبلونه، فيعاقبهم الله بعد ذلك بالطبع على قلوبهم، والختم على أسماعهم وأبصارهم.
إما في الدنيا فتراه بعينك، وتقر به نفسك.
وإما في الآخرة بعد الوفاة، فإن مرجعهم إلى الله، وسينبئهم بما كانوا يعملون، أحصاه ونسوه، والله على كل شيء شهيد، ففيه الوعيد الشديد لهم، والتسلية للرسول الذي كذبه قومه وعاندوه.
( فَإِذَا جَاءَ ) هم ( رَسُولُهُمْ ) بالآيات، صدقه بعضهم، وكذبه آخرون، فيقضي الله بينهم بالقسط بنجاة المؤمنين، وإهلاك المكذبين ( وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ ) بأن يعذبوا قبل إرسال الرسول وبيان الحجة، أو يعذبوا بغير جرمهم، فليحذر المكذبون لك من مشابهة الأمم المهلكين، فيحل بهم ما حل بأولئك.
ولا يستبطئوا العقوبة ويقولوا: ( مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ) فإن هذا ظلم منهم، حيث طلبوه من النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه ليس له من الأمر شيء، وإنما عليه البلاغ والبيان للناس.
وأما حسابهم وإنزال العذاب عليهم، فمن الله تعالى، ينزله عليهم إذا جاء الأجل الذي أجله فيه، والوقت الذي قدره فيه، الموافق لحكمته الإلهية.
فإذا جاء ذلك الوقت لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون، فليحذر المكذبون من الاستعجال بالعذاب، فإنهم مستعجلون بعذاب الله الذي إذا نزل لا يرد بأسه عن القوم المجرمين، ولهذا قال:
( أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ آمَنْتُمْ بِهِ ) فإنه لا ينفع الإيمان حين حلول عذاب الله، ويقال لهم توبيخًا وعتابًا في تلك الحال التي زعموا أنهم يؤمنون، ( آلآنَ ) تؤمنون في حال الشدة والمشقة؟ ( وَقَدْ كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ ) فإن سنة الله في عباده أنه يعتبهم إذا استعتبوه قبل وقوع العذاب، فإذا وقع العذاب لا ينفع نفسًا إيمانها، كما قال تعالى عن فرعون، لما أدركه الغرق قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ وأنه يقال له: آلآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ .
وقال تعالى: فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وقال هنا: ( أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ آمَنْتُمْ بِهِ آلآنَ ) تدعون الإيمان ( وَقَدْ كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ ) فهذا ما عملت أيديكم، وهذا ما استعجلتم به.
( ثُمَّ قِيلَ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ) حين يوفون أعمالهم يوم القيامة: ( ذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ ) أي: العذاب الذي تخلدون فيه، ولا يفتر عنكم ساعة. ( هَلْ تُجْزَوْنَ إِلا بِمَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ ) من الكفر والتكذيب والمعاصي.
( أَحَقٌّ هُوَ ) أى: أصحيح حشر العباد، وبعثهم بعد موتهم ليوم المعاد، وجزاء العباد بأعمالهم، إن خيرًا فخير، وإن شرًا فشر؟
( قُلْ ) لهم مقسمًا على صحته، مستدلا عليه بالدليل الواضح والبرهان: ( إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ ) لا مرية فيه ولا شبهة تعتريه.
( وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ ) لله أن يبعثكم، فكما ابتدأ خلقكم ولم تكونوا شيئًا، كذلك يعيدكم مرة أخرى ليجازيكم بأعمالكم.
وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْظُرُ إِلَيْكَ أَفَأَنْتَ تَهْدِي الْعُمْيَ وَلَوْ كَانُوا لا يُبْصِرُونَ ( 43 ) إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ( 44 ) .
ثم ذكر انسداد الطريق الثاني، وهو: طريق النظر فقال: ( وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْظُرُ إِلَيْكَ ) فلا يفيده نظره إليك، ولا سبر أحوالك شيئًا، فكما أنك لا تهدي العمي ولو كانوا لا يبصرون، فكذلك لا تهدي هؤلاء. فإذا فسدت عقولهم وأسماعهم وأبصارهم التي هي الطرق الموصلة إلى العلم ومعرفة الحقائق، فأين الطريق الموصل لهم إلى الحق؟
ودل قوله: ( وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْظُرُ إِلَيْكَ ) الآية، أن النظر إلى حالة النبي صلى الله عليه وسلم، وهديه وأخلاقه وأعماله وما يدعو إليه من أعظم الأدلة على صدقه وصحة ما جاء به، وأنه يكفي البصير عن غيره من الأدلة.
وقوله: ( إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا ) فلا يزيد في سيئاتهم، ولا ينقص من حسناتهم.
( وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ) يجيئهم الحق فلا يقبلونه، فيعاقبهم الله بعد ذلك بالطبع على قلوبهم، والختم على أسماعهم وأبصارهم.
وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا إِلا سَاعَةً مِنَ النَّهَارِ يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ ( 45 ) .
يخبر تعالى، عن سرعة انقضاء الدنيا، وأن الله تعالى إذا حشر الناس وجمعهم ليوم لا ريب فيه، كأنهم ما لبثوا إلا ساعة من نهار، وكأنه ما مر عليهم نعيم ولا بؤس، وهم يتعارفون بينهم، كحالهم في الدنيا، ففي هذا اليوم يربح المتقون، ويخسر الذين كذبوا بلقاء الله وما كانوا مهتدين إلى الصراط المستقيم والدين القويم، حيث فاتهم النعيم، واستحقوا دخول النار. وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ اللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ ( 46 ) .
أي: لا تحزن أيها الرسول على هؤلاء المكذبين، ولا تستعجل لهم، فإنهم لا بد أن يصيبهم الذي نعدهم من العذاب. إما في الدنيا فتراه بعينك، وتقر به نفسك.
وإما في الآخرة بعد الوفاة، فإن مرجعهم إلى الله، وسينبئهم بما كانوا يعملون، أحصاه ونسوه، والله على كل شيء شهيد، ففيه الوعيد الشديد لهم، والتسلية للرسول الذي كذبه قومه وعاندوه.
وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَسُولٌ فَإِذَا جَاءَ رَسُولُهُمْ قُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ ( 47 ) وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ( 48 ) قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلا نَفْعًا إِلا مَا شَاءَ اللَّهُ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ إِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَلا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ ( 49 ) .
يقول تعالى: ( وَلِكُلِّ أُمَّةٍ ) من الأمم الماضية ( رَسُولٌ ) يدعوهم إلى توحيد الله ودينه. ( فَإِذَا جَاءَ ) هم ( رَسُولُهُمْ ) بالآيات، صدقه بعضهم، وكذبه آخرون، فيقضي الله بينهم بالقسط بنجاة المؤمنين، وإهلاك المكذبين ( وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ ) بأن يعذبوا قبل إرسال الرسول وبيان الحجة، أو يعذبوا بغير جرمهم، فليحذر المكذبون لك من مشابهة الأمم المهلكين، فيحل بهم ما حل بأولئك.
ولا يستبطئوا العقوبة ويقولوا: ( مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ) فإن هذا ظلم منهم، حيث طلبوه من النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه ليس له من الأمر شيء، وإنما عليه البلاغ والبيان للناس.
وأما حسابهم وإنزال العذاب عليهم، فمن الله تعالى، ينزله عليهم إذا جاء الأجل الذي أجله فيه، والوقت الذي قدره فيه، الموافق لحكمته الإلهية.
فإذا جاء ذلك الوقت لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون، فليحذر المكذبون من الاستعجال بالعذاب، فإنهم مستعجلون بعذاب الله الذي إذا نزل لا يرد بأسه عن القوم المجرمين، ولهذا قال:
قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُهُ بَيَاتًا أَوْ نَهَارًا مَاذَا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ الْمُجْرِمُونَ ( 50 ) أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ آمَنْتُمْ بِهِ آلآنَ وَقَدْ كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ ( 51 ) ثُمَّ قِيلَ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلا بِمَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ ( 52 )
يقول تعالى: ( قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُهُ بَيَاتًا ) وقت نومكم بالليل ( أَوْ نَهَارًا ) في وقت غفلتكم ( مَاذَا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ الْمُجْرِمُونَ ) أي: أي بشارة استعجلوا بها؟ وأي عقاب ابتدروه؟. ( أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ آمَنْتُمْ بِهِ ) فإنه لا ينفع الإيمان حين حلول عذاب الله، ويقال لهم توبيخًا وعتابًا في تلك الحال التي زعموا أنهم يؤمنون، ( آلآنَ ) تؤمنون في حال الشدة والمشقة؟ ( وَقَدْ كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ ) فإن سنة الله في عباده أنه يعتبهم إذا استعتبوه قبل وقوع العذاب، فإذا وقع العذاب لا ينفع نفسًا إيمانها، كما قال تعالى عن فرعون، لما أدركه الغرق قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ وأنه يقال له: آلآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ .
وقال تعالى: فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وقال هنا: ( أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ آمَنْتُمْ بِهِ آلآنَ ) تدعون الإيمان ( وَقَدْ كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ ) فهذا ما عملت أيديكم، وهذا ما استعجلتم به.
( ثُمَّ قِيلَ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ) حين يوفون أعمالهم يوم القيامة: ( ذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ ) أي: العذاب الذي تخلدون فيه، ولا يفتر عنكم ساعة. ( هَلْ تُجْزَوْنَ إِلا بِمَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ ) من الكفر والتكذيب والمعاصي.
وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ ( 53 ) .
يقول تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: ( وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ ) أي: يستخبرك المكذبون على وجه التعنت والعناد، لا على وجه التبين والرشاد ( أَحَقٌّ هُوَ ) أى: أصحيح حشر العباد، وبعثهم بعد موتهم ليوم المعاد، وجزاء العباد بأعمالهم، إن خيرًا فخير، وإن شرًا فشر؟
( قُلْ ) لهم مقسمًا على صحته، مستدلا عليه بالدليل الواضح والبرهان: ( إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ ) لا مرية فيه ولا شبهة تعتريه.
( وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ ) لله أن يبعثكم، فكما ابتدأ خلقكم ولم تكونوا شيئًا، كذلك يعيدكم مرة أخرى ليجازيكم بأعمالكم.
الصفحة رقم 214 من المصحف تحميل و استماع mp3