سورة يوسف | للقراءة من المصحف بخط كبير واضح
استماع mp3 | الجلالين&الميسر | تفسير الشوكاني |
إعراب الصفحة | تفسير ابن كثير | تفسير القرطبي |
التفسير المختصر | تفسير الطبري | تفسير السعدي |
تفسير السعدي تفسير الصفحة 241 من المصحف
وهذا جزم منهم بما لا يعلمون، وتعذر منهم، [ بما ليس بعذر ] ثم قالوا: ( وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الأحْلامِ بِعَالِمِينَ ) أي: لا نعبر إلا الرؤيا، وأما الأحلام التي هي من الشيطان، أو من حديث النفس، فإنا لا نعبرها.
فجمعوا بين الجهل والجزم، بأنها أضغات أحلام، والإعجاب بالنفس، بحيث إنهم لم يقولوا: لا نعلم تأويلها، وهذا من الأمور التي لا تنبغي لأهل الدين والحجا، وهذا أيضا من لطف الله بيوسف عليه السلام. فإنه لو عبرها ابتداء - قبل أن يعرضها على الملأ من قومه وعلمائهم، فيعجزوا عنها - لم يكن لها ذلك الموقع، ولكن لما عرضها عليهم فعجزوا عن الجواب، وكان الملك مهتما لها غاية، فعبرها يوسف- وقعت عندهم موقعا عظيما، وهذا نظير إظهار الله فضل آدم على الملائكة بالعلم، بعد أن سألهم فلم يعلموا. ثم سأل آدم، فعلمهم أسماء كل شيء، فحصل بذلك زيادة فضله، وكما يظهر فضل أفضل خلقه محمد صلى الله عليه وسلم في القيامة، أن يلهم الله الخلق أن يتشفعوا بآدم، ثم بنوح، ثم إبراهيم، ثم موسى، ثم عيسى عليهم السلام، فيعتذرون عنها، ثم يأتون محمدا صلى الله عليه وسلم فيقول: « أنا لها أنا لها » فيشفع في جميع الخلق، وينال ذلك المقام المحمود، الذي يغبطه به الأولون والآخرون.
فسبحان من خفيت ألطافه، ودقَّت في إيصاله البر والإحسان، إلى خواص أصفيائه وأوليائه.
( وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا ) أي: من الفتيين، وهو: الذي رأى أنه يعصر خمرا، وهو الذي أوصاه يوسف أن يذكره عند ربه ( وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ ) أي: وتذكر يوسف، وما جرى له في تعبيره لرؤياهما، وما وصاه به، وعلم أنه كفيل بتعبير هذه الرؤيا بعد مدة من السنين فقال: ( أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ ) إلى يوسف لأسأله عنها.
فأرسلوه، فجاء إليه، ولم يعنفه يوسف على نسيانه، بل استمع ما يسأله عنه، وأجابه عن ذلك فقال: ( يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ ) أي: كثير الصدق في أقواله وأفعاله. ( أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنْبُلاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ لَعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ ) فإنهم متشوقون لتعبيرها، وقد أهمتهم.
فعبر يوسف، السبع البقرات السمان والسبع السنبلات الخضر، بأنهن سبع سنين مخصبات، والسبع البقرات العجاف، والسبع السنبلات اليابسات، بأنهن سنين مجدبات، ولعل وجه ذلك - والله أعلم - أن الخصب والجدب لما كان الحرث مبنيا عليه، وأنه إذا حصل الخصب قويت الزروع والحروث، وحسن منظرها، وكثرت غلالها، والجدب بالعكس من ذلك. وكانت البقر هي التي تحرث عليها الأرض، وتسقى عليها الحروث في الغالب، والسنبلات هي أعظم الأقوات وأفضلها، عبرها بذلك، لوجود المناسبة، فجمع لهم في تأويلها بين التعبير والإشارة لما يفعلونه، ويستعدون به من التدبير في سني الخصب، إلى سني الجدب فقال: ( تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا ) أي: متتابعات.
( فَمَا حَصَدْتُمْ ) من تلك الزروع ( فَذَرُوهُ ) أي: اتركوه ( فِي سُنْبُلِهِ ) لأنه أبقى له وأبعد من الالتفات إليه ( إِلا قَلِيلا مِمَّا تَأْكُلُونَ ) أي: دبروا أيضا أكلكم في هذه السنين الخصبة، وليكن قليلا ليكثر ما تدخرون ويعظم نفعه ووقعه.
( ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ ) أي: بعد تلك السنين السبع المخصبات. ( سَبْعٌ شِدَادٌ ) أي: مجدبات جدا ( يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ ) أي: يأكلن جميع ما ادخرتموه ولو كان كثيرا. ( إِلا قَلِيلا مِمَّا تُحْصِنُونَ ) أي: تمنعونه من التقديم لهن.
( ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ ) أي: بعد السبع الشداد ( عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ ) أي: فيه تكثر الأمطار والسيول، وتكثر الغلات، وتزيد على أقواتهم، حتى إنهم يعصرون العنب ونحوه زيادة على أكلهم، ولعل استدلاله على وجود هذا العام الخصب، مع أنه غير مصرح به في رؤيا الملك، لأنه فهم من التقدير بالسبع الشداد، أن العام الذي يليها يزول به شدتها،.ومن المعلوم أنه لا يزول الجدب المستمر سبع سنين متواليات، إلا بعام مخصب جدا، وإلا لما كان للتقدير فائدة، فلما رجع الرسول إلى الملك والناس، وأخبرهم بتأويل يوسف للرؤيا، عجبوا من ذلك، وفرحوا بها أشد الفرح.
فـ ( قَالَ ) للرسول: ( ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ ) يعني به الملك. ( فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ ) أي: اسأله ما شأنهن وقصتهن، فإن أمرهن ظاهر متضح ( إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ ) .
فأحضرهن الملك، وقال: ( مَا خَطْبُكُنَّ ) أي: شأنكن ( إِذْ رَاوَدْتُنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ ) فهل رأيتن منه ما يريب؟
فبرَّأنه و ( قُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ ) أي: لا قليل ولا كثير، فحينئذ زال السبب الذي تنبني عليه التهمة، ولم يبق إلا ما عند امرأة العزيز، فـ ( قَالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ الآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ ) أي: تمحض وتبين، بعد ما كنا ندخل معه من السوء والتهمة، ما أوجب له السجن ( أَنَا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ ) في أقواله وبراءته.
( ذَلِكَ ) الإقرار، الذي أقررت [ أني راودت يوسف ] ( لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ )
يحتمل أن مرادها بذلك زوجها أي: ليعلم أني حين أقررت أني راودت يوسف، أني لم أخنه بالغيب، أي: لم يجر منِّي إلا مجرد المراودة، ولم أفسد عليه فراشه، ويحتمل أن المراد بذلك ليعلم يوسف حين أقررت أني أنا الذي راودته، وأنه صادق أني لم أخنه في حال غيبته عني. ( وَأَنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ ) فإن كل خائن، لا بد أن تعود خيانته ومكره على نفسه، ولا بد أن يتبين أمره.
قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلامٍ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الأَحْلامِ بِعَالِمِينَ ( 44 ) وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ ( 45 ) يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنْبُلاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ لَعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ ( 46 ) قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلا قَلِيلا مِمَّا تَأْكُلُونَ ( 47 ) ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلا قَلِيلا مِمَّا تُحْصِنُونَ ( 48 ) ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ ( 49 ) .
و ( قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلامٍ ) أي أحلام لا حاصل لها، ولا لها تأويل.وهذا جزم منهم بما لا يعلمون، وتعذر منهم، [ بما ليس بعذر ] ثم قالوا: ( وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الأحْلامِ بِعَالِمِينَ ) أي: لا نعبر إلا الرؤيا، وأما الأحلام التي هي من الشيطان، أو من حديث النفس، فإنا لا نعبرها.
فجمعوا بين الجهل والجزم، بأنها أضغات أحلام، والإعجاب بالنفس، بحيث إنهم لم يقولوا: لا نعلم تأويلها، وهذا من الأمور التي لا تنبغي لأهل الدين والحجا، وهذا أيضا من لطف الله بيوسف عليه السلام. فإنه لو عبرها ابتداء - قبل أن يعرضها على الملأ من قومه وعلمائهم، فيعجزوا عنها - لم يكن لها ذلك الموقع، ولكن لما عرضها عليهم فعجزوا عن الجواب، وكان الملك مهتما لها غاية، فعبرها يوسف- وقعت عندهم موقعا عظيما، وهذا نظير إظهار الله فضل آدم على الملائكة بالعلم، بعد أن سألهم فلم يعلموا. ثم سأل آدم، فعلمهم أسماء كل شيء، فحصل بذلك زيادة فضله، وكما يظهر فضل أفضل خلقه محمد صلى الله عليه وسلم في القيامة، أن يلهم الله الخلق أن يتشفعوا بآدم، ثم بنوح، ثم إبراهيم، ثم موسى، ثم عيسى عليهم السلام، فيعتذرون عنها، ثم يأتون محمدا صلى الله عليه وسلم فيقول: « أنا لها أنا لها » فيشفع في جميع الخلق، وينال ذلك المقام المحمود، الذي يغبطه به الأولون والآخرون.
فسبحان من خفيت ألطافه، ودقَّت في إيصاله البر والإحسان، إلى خواص أصفيائه وأوليائه.
( وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا ) أي: من الفتيين، وهو: الذي رأى أنه يعصر خمرا، وهو الذي أوصاه يوسف أن يذكره عند ربه ( وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ ) أي: وتذكر يوسف، وما جرى له في تعبيره لرؤياهما، وما وصاه به، وعلم أنه كفيل بتعبير هذه الرؤيا بعد مدة من السنين فقال: ( أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ ) إلى يوسف لأسأله عنها.
فأرسلوه، فجاء إليه، ولم يعنفه يوسف على نسيانه، بل استمع ما يسأله عنه، وأجابه عن ذلك فقال: ( يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ ) أي: كثير الصدق في أقواله وأفعاله. ( أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنْبُلاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ لَعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ ) فإنهم متشوقون لتعبيرها، وقد أهمتهم.
فعبر يوسف، السبع البقرات السمان والسبع السنبلات الخضر، بأنهن سبع سنين مخصبات، والسبع البقرات العجاف، والسبع السنبلات اليابسات، بأنهن سنين مجدبات، ولعل وجه ذلك - والله أعلم - أن الخصب والجدب لما كان الحرث مبنيا عليه، وأنه إذا حصل الخصب قويت الزروع والحروث، وحسن منظرها، وكثرت غلالها، والجدب بالعكس من ذلك. وكانت البقر هي التي تحرث عليها الأرض، وتسقى عليها الحروث في الغالب، والسنبلات هي أعظم الأقوات وأفضلها، عبرها بذلك، لوجود المناسبة، فجمع لهم في تأويلها بين التعبير والإشارة لما يفعلونه، ويستعدون به من التدبير في سني الخصب، إلى سني الجدب فقال: ( تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا ) أي: متتابعات.
( فَمَا حَصَدْتُمْ ) من تلك الزروع ( فَذَرُوهُ ) أي: اتركوه ( فِي سُنْبُلِهِ ) لأنه أبقى له وأبعد من الالتفات إليه ( إِلا قَلِيلا مِمَّا تَأْكُلُونَ ) أي: دبروا أيضا أكلكم في هذه السنين الخصبة، وليكن قليلا ليكثر ما تدخرون ويعظم نفعه ووقعه.
( ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ ) أي: بعد تلك السنين السبع المخصبات. ( سَبْعٌ شِدَادٌ ) أي: مجدبات جدا ( يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ ) أي: يأكلن جميع ما ادخرتموه ولو كان كثيرا. ( إِلا قَلِيلا مِمَّا تُحْصِنُونَ ) أي: تمنعونه من التقديم لهن.
( ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ ) أي: بعد السبع الشداد ( عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ ) أي: فيه تكثر الأمطار والسيول، وتكثر الغلات، وتزيد على أقواتهم، حتى إنهم يعصرون العنب ونحوه زيادة على أكلهم، ولعل استدلاله على وجود هذا العام الخصب، مع أنه غير مصرح به في رؤيا الملك، لأنه فهم من التقدير بالسبع الشداد، أن العام الذي يليها يزول به شدتها،.ومن المعلوم أنه لا يزول الجدب المستمر سبع سنين متواليات، إلا بعام مخصب جدا، وإلا لما كان للتقدير فائدة، فلما رجع الرسول إلى الملك والناس، وأخبرهم بتأويل يوسف للرؤيا، عجبوا من ذلك، وفرحوا بها أشد الفرح.
وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ ( 50 ) قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدْتُنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ قُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ قَالَتِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ الآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ ( 51 ) ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ ( 52 ) .
يقول تعالى: ( وَقَالَ الْمَلِكُ ) لمن عنده ( ائْتُونِي بِهِ ) أي: بيوسف عليه السلام، بأن يخرجوه من السجن ويحضروه إليه، فلما جاء يوسف الرسول وأمره بالحضور عند الملك، امتنع عن المبادرة إلى الخروج، حتى تتبين براءته التامة، وهذا من صبره وعقله ورأيه التام.فـ ( قَالَ ) للرسول: ( ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ ) يعني به الملك. ( فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ ) أي: اسأله ما شأنهن وقصتهن، فإن أمرهن ظاهر متضح ( إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ ) .
فأحضرهن الملك، وقال: ( مَا خَطْبُكُنَّ ) أي: شأنكن ( إِذْ رَاوَدْتُنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ ) فهل رأيتن منه ما يريب؟
فبرَّأنه و ( قُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ ) أي: لا قليل ولا كثير، فحينئذ زال السبب الذي تنبني عليه التهمة، ولم يبق إلا ما عند امرأة العزيز، فـ ( قَالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ الآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ ) أي: تمحض وتبين، بعد ما كنا ندخل معه من السوء والتهمة، ما أوجب له السجن ( أَنَا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ ) في أقواله وبراءته.
( ذَلِكَ ) الإقرار، الذي أقررت [ أني راودت يوسف ] ( لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ )
يحتمل أن مرادها بذلك زوجها أي: ليعلم أني حين أقررت أني راودت يوسف، أني لم أخنه بالغيب، أي: لم يجر منِّي إلا مجرد المراودة، ولم أفسد عليه فراشه، ويحتمل أن المراد بذلك ليعلم يوسف حين أقررت أني أنا الذي راودته، وأنه صادق أني لم أخنه في حال غيبته عني. ( وَأَنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ ) فإن كل خائن، لا بد أن تعود خيانته ومكره على نفسه، ولا بد أن يتبين أمره.
الصفحة رقم 241 من المصحف تحميل و استماع mp3